فكاهة
كفاية!
إن تغضِ عيناك من تيه فلا عجب
عيناي ضاعفتا في حسنك النظرا
أنت الذي تطلب العينان رؤيته
فأغضِ تيهًا كما أحببت أو خفرا
إنا هنا اثنان أمسينا، وفي نظري
بلاغ إلفين! فاترك لي أنا السهرا
مفاخرة
أمسيت تفخر بالشباب وتزدهي!
وطفقت تنشر ريشه وتخايلُ
فالآن أجزيك الفخار بمثله
وأقول، والإنصاف ما أنا قائلُ
عشرون عامك هذه ألقي بها
طوعًا، وعندي بعدُ عمر كاملُ
فافخر، وألقِ بها كما ألقيتها
ماذا تكون؟ وأنت منها عاطلُ!
ناسخ النور
قد نقص النور ولم ينطفئ
لكن وجه الشؤم قد لاحا!
فعوضوا الدار وزيدوا بها
على ثريا النور مصباحا!
وراقبوا «العداد» تحصوا به
كم فاض من شؤم وكم ساحا
حديقة حيوان آدمية
هذه الحديقة لا تجمع إلا الفنان أو المحب للفنون، سُمِّي كل زميل من زملائها باسم حيوان يُلاحظ في اختياره اتفاق الشبه في الملامح والعادات.
وقد جمعها الفن كما كان أورفيوس المعروف في أساطير اليونان يجمع الأحياء حين يغني ويعزف فتقبل عليه من كل فصيلة، وهي لا تشعر بخوف أو تهم بعدوان:
أورفيوس الفن سوَّى بينها
فتلاقى الدب فيها والقرودْ
وتغنى فرس البحر بها
يا له من فرس طلق النشيدْ!
ومشى الأرنب والحوت لها
صاحبا القاعين من لج وبِيدْ
وتآخى الجدي والضبع وما
بين هذين سوى الثأر اللدودْ
وجرى «السيسي» فيها شوطه
وهو ناهيك بسيسي عنيدْ
ولغا «البطريق»١ فيها لغوه
وهو من قطب جنوبي بعيدْ
وكأني بالزرافى٢ اجتمعت
وحمير الوحش منها في صعيدْ
وأوى السنور والجرو إلى
نمر فيها، على غير الوصيدْ٣
والسلحفاة تجاري عندها
أرنب البيداء والكلب الصيودْ
فتحت أقفاصها واختلطت
لا سدود، لا قيود، ولا حدودْ
حيوانات نماها آدم
وهي من أبنائه نسل فريدْ
حيوانات ولكن بينها
كل ذي لب سماوي رشيدْ
أورفيوس الفن سوى بينها
فاستوى المنشد فيها والمعيدْ
معنى طازج!
تنشقت من فيك عطر الثما
ر، أو نكهة العنب الناضجِ
فلو قلت «أطعمتني» قبلة
لأنبأت عن صدقي «الطازجِ»!
الحب السريع
سألت: ما بالهم قد تركوا
غزل العشاق في الشعر الجديدْ؟
قلت: هل دام غرام بينهم
ريثما يُفرَغ من نظم القصيدْ؟
سنرى العهد الذي يروي لنا
كل عشرين غرامًا في نشيدْ!
زهرة القبح
من رأى زهرة الجمال فهذي
زهرة القبح أسفرت تتحدى!
طلعة الشؤم من رآها يخلها
خُلِقتْ من وجوه سبعين قردا
رثاء كلب
حزنًا على كلبِ طاهرٍ٤
فإنه طاهر الكلابْ!
تشابها في خليقة
واتفقا — شيمة الصحابْ
وربما عيَّ طاهر
وكلبه حاضر الجوابْ
فليس يوفيه حقه
من اكتئاب أو انتحابْ
إلا إذا بات نابحًا
نبح المساعير في الخرابْ
عوعو، عوووو. بلا ونى
ولا انقطاع ولا اقتضابْ
•••
لا تسألوا رحمة له
قد رحم الله واستجابْ
لعله مات قانطًا
من «أزمة» الأكل والشرابْ
منتحرًا في شبابه
وهكذا يفعل الشبابْ
أراحه الله من ضنًى
أنقذه القبر من عذابْ
فليحمد الله ربه!
من جاع فليرضَ بالترابْ
كلب ضائع أو ديوجين الكلبي
أمست كلابك شتى
وأنت يا صاح أنتا
كلب نجا وهو حي
وآخر فر ميتا
ما بين تارك دنيا
وتارك لك بيتا
قل لي بربك ماذا
على الكلاب جنيتا
حتى «ديوجين»؟٥ قل لي
يا شيخ ماذا صنعتا
والله ما كان يأبى
لو صادف الخبز بحتا
أو جدت يومًا عليه
فصادف الأدم زيتا
زعمته راح يهوى
من قومه الغر بنتا
لا تلزم الحب ذنبًا
من الصيام تأتى
فاحمل رغيفًا تجده
في أي صوب نظرتا
مصباحه٦ ليس يجدي
فلا تضع فيه وقتا
أنعم به من حكيم
إلى ديوجين متا
رأى السلامة حقًّا
ومن رأى الحق أفتى
حظ بصير
إذا كان حظ الناس أعمى فإن لي
على الغيب حظًّا لا يزال بصيرا
يظل يحاشي كل خير كأنه
يحاذر فخًّا، أو يرد مغيرا
١
هو الطير المعروف في اللغات الإفرنجية بالبنجوين.
٢
جمع زرافة.
٣
الوصيد: العتبة، وفي البيت إشارة إلى الآية: وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ
بِالْوَصِيدِ.
٤
هو الأديب محمد طاهر الجبلاوي.
٥
ديوجين الكلبي: فيلسوف يوناني. وقد سُمِّي الكلب باسمه لأنه كان
كبير الرأس، ولأنه يمت إلى الفيلسوف بصلة الكلبية.
٦
كان ديوجين الفيلسوف يحمل مصباحًا في النهار يفتش به عن رجل فلا
يجده.