الملاحق

محافظة القاهرة
الإدارة الاجتماعية بالوايلي
المكتب الفني
قرار رقم ١٩ بتاريخ ٩ / ٨ / ١٩٨٣م

مدير عام الشئون الاجتماعية بالوايلي

بعد الاطلاع على أحكام القانون ٢٢ لسنة ١٩٦٤م ولائحته التنفيذية وبعد الاطلاع على رد مديرية أمن القاهرة إدارة البحث الجنائي قسم مكافحة جرائم الآداب العامة المؤرخ في ١ / ٨ / ١٩٨٣م والوارد للمديرية بتاريخ ٧ / ٨ / ١٩٨٣م، والمتضمن عدم موافقة مباحث أمن الدولة على الشهر وعدم وجود الجمعية بالعنوان المذكور، وذلك بالنسبة لجمعية تضامن المرأة العربية.

وبعد الاطلاع على مذكرة إدارة النشاط الأهلي بالمديرية، والمتضمن رفض شهر الهيئة الجديدة المقدمة للشهر باسم جمعية تضامن المرأة.

قرر

مادة ١: رفض الهيئة الجديدة المقدمة للشهر باسم جمعية تضامن المرأة العربية لعدم موافقة مباحث أمن الدولة على الشهر.

تحريرًا في ٩ / ٨ / ١٩٨٣م.

المدير العام
صادق حنا

صورة من الصفحة الأخيرة من التقرير (السري جدًّا)

… مع التحقيق معها بشأن تكوين نشاط في مصر تحت اسم جمعية لا وجود لشرعيتها وفقًا للأحكام المنظمة للجمعيات واكتسابها الشخصية الاجتماعية وتحت اسم «جمعية تضامن المرأة العربية» ذات وضع استشاري بالأمم المتحدة عجزت عن تقديم ما يثبت شهرها قانونًا. واتخاذها اسمًا يدعو إلى اللبس بينها وبين جمعية تضامن المرأة العربية المشهرة في الوزارة، واستغلال ذلك لإقامة أنشطة في مصر في غير صالح الاتجاه الوطني، مع الحصول على أموال وتبرعات من هيئات ومنظمات بالخارج باسم جمعية تضامن المرأة العربية وإيداعه لحسابات بنك مصر دون إثباتها بالسجلات المالية للجمعية العمومية الثانية، وإضافة ما تقدم على الشئون الاجتماعية وبدون الحصول على موافقة الوزارة تطبيقًا لأحكام القانون. مع إقامة مؤتمرات بالمخالفة للقواعد والتعليمات الخاصة بالمؤتمرات التي تثبتها الجهات، والاتصال بهيئات ومنظمات بالخارج دون الحصول على إذن من الشئون الإدارية المختصة بذلك وفقًا لأحكام القانون.

(٢) حل جمعية تضامن المرأة العربية لخروجها عن الأغراض المحددة بلائحة نظامها الأساسي والدخول بالجمعية في مجادلات دينية وسياسية من خلال ما تصدره من مجلات ونشرات وما تعقده من ندوات، ولارتكابها مخالفات جسيمة على نظير ما ورد بهذا التقرير.

(٣) إخطار الأمن العام المصري لمتابعة التنظيم الذي تقوده السيدة/ نوال السعداوي وتتخذ له مقرًّا دائمًا في مصر … والتستر من خلاله في عقد مؤتمرات واتخاذ مواقف ضد السياسة العامة للدولة، مع رصد ومتابعة حركة هذا النشاط في مصر والدول العربية، والمنظمات المتعاونة معها في ذلك.

والأمر معروض برجاء التفضل باتخاذ اللازم.

وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام.

رئيس اللجنة
محمد حسين حمدي
مدير عام وزارة الشئون الاجتماعية

•••

رقم ١١: بعض أجزاء من التقرير (السري جدًّا) المقدم من اللجنة التي كُلِّفت من قبل وزارة الشئون الاجتماعية بفحص أعمال الجمعية، بتوقيع محمد حسين حمدي، مدير عام وزارة الشئون الاجتماعية، بتاريخ ٥ / ١١ / ١٩٩٠م.

جاء في التقرير (السري جدًّا) ما يلي:

أولًا: عن مجلة نون والنشرة الدورية

أصدرت الجمعية مجلة نون ونشرة تضامن المرأة العربية رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة إصدارها، كما تعرضت لأفكار تتعارض مع الشرائع السماوية مثل الأحوال الشخصية، مثل الزواج والطلاق وتعدد الزوجات في الإسلام، حتى اللغة العربية لم تسلم من الهجوم عليها أيضًا، وكلها آراء وأفكار تنطوي على خروج عن قواعد الشريعة الغراء والأديان السماوية، مما يكون له أثر بالغ في تعبئة الآراء غير الناضجة وشحنها بأفكار بعيدة عن مجتمعنا الشرقي المتدين، من شأنها إثارة البلبلة وإشاعة الفوضى …

… تتعرض المجلة والنشرة لموضوعات من ذلك النوع الذي يفتح أبوابًا واسعة للجدل والنقاش والصراعات الفكرية والمذهبية الحادة، وتتناولهم بآراء وأفكار تحث على التشكيك والبلبلة في الأنظمة الاجتماعية خاصة تلك التي تستمد أحكامها من مبادئ الشرائع الدينية مع التعريض والتعرض لشخصيات دينية كبيرة بتسفيه آرائهم والنقد اللاذع …

… في إحدى الندوات التي قامت بتنظيمها الجمعية حول موضوع «المرأة والمستقبل» في ٢٤ / ٢ / ١٩٩٠م ودعت فيها السيدان محمد سيد أحمد الكاتب بجريدة الأهرام، وراجي عنايت الكاتب بمجلة المصور، وعددًا من الشباب والشابات (راجع من ص١٨–ص٢٣ من نشرة تضامن المرأة العربية)، جاءت تساؤلات في الندوة هي «إن المرأة مقهورة بسبب قانون الزواج فما هو شكل الزواج في المستقبل؟ ولمن ينسب الأطفال؟ وما هو شكل الدين في المستقبل؟ وفي ظل الديمقراطية ولا مركزية السلطة هل سوف يحدث تغيير في الرؤية الدينية والفلسفية؟

مسائل الأحوال الشخصية (زواج – طلاق – تعدد الزوجات في الإسلام – النسب – أنظمة الزواج والطلاق القائمة على العقود المكتوبة)، وصف مبادئ الشرائع الدينية إسلامية ومسيحية بأنها «أنظمة عبودية»، وبأنها «أنظمة تحكمية»، أو «أنظمة الطاعة»، أو تلك الأنظمة الجائرة التي تسلب المرأة حريتها وتحقر من مكانتها وتنال من إنسانيتها وتخل بالحقوق الإنسانية العامة.

وهذه القوانين — كما جاء بمجلة «نون» المقالة الأولى والثانية خاصة وغيرها — والتي تطلق عليها الأنظمة الطبقية الأبوية بمؤسساتها التربوية والتعليمية لا تنتج الإنسان أو الإنسانة القادرة على «الحب الحقيقي» وإنما تنتج «ذكورًا وإناثًا».

تعدد الزوجات الذي يسمح به الدين الإسلامي يصنف في عرف المجلة بمفهوم «الخيانة»، ويندرج تحت «نظم الملكية والإرث»، وهي من أسباب الفساد الاجتماعي الذي يكرسه العرف الاجتماعي ويدافع عنه رجال الفكر والدين تمامًا، كما أن مفهوم الطاعة يندرج حسب دوريات الجمعية تحت مفهوم العبودية والحط من كرامة المرأة وإنسانيتها وعدم المساواة في العلاقات الإنسانية!

أما الغاية التي يراد بلوغها من هذه التحليلات، فتشير إليها المقالة المنشورة بالمجلة تحت عنوان «الاجتهاد وتعدد الزوجات في الإسلام»، ص٤٧ من مجلة نون وهو: «يجب على أي إنسان أو إنسانة أن يتفهم الدين بعقله هو وليس بعقول رجال الدين.» وهكذا ففي تونس استطاعوا تفسير آيات تعدد الزوجات على أنها تحرم تعدد الزوجات، وهكذا تم تغيير قانون الزواج ومنع تعدد الزوجات قانونًا … لكن في مصر فسرت هذه الآيات على أنها تبيح تعدد الزوجات ولهذا ظل هذا الحق للرجل في القانون.»

وفقًا لهذا المنهج في التفكير، فإن آيات الله تصبح عرضًا مباحًا لكل من يريد أن يفسر بحسب منطقه وهواه … دون المعرفة والتقيد بقواعد التفسير وأصوله، وبعيدًا عن أهل الذكر ومتجاوزًا بل متعديًا على آيات الله، وفَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وفَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، فلا محل لذلك في ظل هذا المعنى الفكري للمدرسة العلمانية …

اللغة العربية: تحت عنوان «دونية المرأة في اللغة العربية» تعكس اللغة العربية الوضع الأدنى للمرأة في المجتمع والعائلة ولذلك تضع المؤنث العاقل وغير العاقل دون المذكر العاقل وغير العاقل. إن علامة جمع المذكر لا تكون إلا للمذكر العاقل ودون المذكر غير العاقل؛ مثلًا إن جمع «حامد» هو «حامدون»، لكن جمع «كلب» لا يمكن أن تكون «كلبون» وإنما «كلاب»، ولكن علامة جمع المؤنث العاقل هي «الألف والتاء» مثلًا «حميدة»، جمعها «حميدات» لكن هذه العلامة يمكن أن يجمع بها أيضًا المؤنث غير العاقل مثل «كلبة» فإنها تجمع على «كلبات». وهكذا نرى أن علامة الذكر العاقل لا تكون إلا للعاقل لكن علامة المؤنث العاقلة تكون للعاقلة وغير العاقلة من الحيوانات والجماد.

وتنهي المقالة بالنتيجة وهكذا نكتشف الوضع الأدنى للمرأة في «اللغة العربية»، والهدف: «زاد وعي المرأة بحقوقها وكرامتها كإنسانة، ولهذا علينا أن نعيد دراسة اللغة العربية وأن نغيرها بحيث تخاطب الرجال والنساء بالتساوي.»

سنوضح الأمر عندما ازداد الأمر جلاءً — وصراحةً — فما عرض من آراء خلال الندوة التي نظمتها تحت عنوان «المرأة والمستقبل» المنشور ملخص لها بنشرة الجمعية، ويكفي التنويه هنا بأن المستهدف أساسًا هو اللغة العربية باعتبارها «لغة القرآن» إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وقوله سبحانه: بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. فهذه اللغة التي كرمها الله ورفع منزلتها وجعلها لغة القرآن ومن شأن اللسان الناطق بها فإنه لسان مبين، لكن ينبغي التسفيه (في عرف المجلة) من شأنها …

الحجاب والنقاب وفكر دوريات الجمعية وتوجهاتها

حظي هذا الموضوع باهتمام خاص في دوريات الجمعية، ليس فقط بالتنفير منه والازدراء والسخرية بمن يتحلين به، بل بالتعرض والتعريض لفقهاء الدين الإسلامي وبالتفسيرات المتناولة للآيات حتى إن الأمر يصل في الاجتراء على مراد الله بالتساؤلات والتعجبات!

تقول رئيسة الجمعية في أول مقال منشور بنشرة تضامن المرأة العربية: «إنهن ضد العري بمثل ما هن ضد النقاب والحجاب.»

فأما أنهن ضد العري فإن الأمر لا يحتاج — بطبيعة الحال — لتبرير وجه القناعة في ذلك.

وأما أنهن ضد الحجاب والنقاب فإن فرضيته الدينية لا بد من التعرض لها بما عنى الله وعلماء الدين لتبرير وجه القناعة في الموقف الرافض للحجاب والنقاب.

والتصدي هنا — كما هو منهج التفكير السابق التنويه عنه في هامش ص٦ من هذا التقرير — يقوم على التفكير الذاتي (الشخصي) لا شأن له في ذلك بالتزام قواعد أصول التفسير، ولا استنادًا فيه لآراء الفقهاء والإجماع والقياس.
  • (١)

    وعلى ذلك تتناول الموضوع رئيسة الجمعية بنفسها فيما يتعلق بفريضة الحجاب والنقاب في الديانة الإسلامية تحت عنوان «ما العلاقة بين نقاب المرأة ومجلة بوردا الألمانية؟»

  • (٢)

    بينما تناقش كاتبة النشرة مارلين تلك الفرضية الدينية في الدين المسيحي تحت عنوان «المسيح بريء».

ففي معرض التعرض لفريضة الحجاب في الدين الإسلامي تبرر الموقف ضد الحجاب والنقاب والتعرض — بالتفسير حينًا من عندها والتساؤلات أحيانًا — للآية الكريمة … وليس على أساس كونه مظهرًا من مظاهر الاحتشام والاحترام. وحفظًّا للفضائل وصيانة للأخلاق، ودرءًا لتحريك الفتن والشهوات، وإن الإسلام كما يعنى بطهارة النفوس وتزكيتها يعنى بالمظهر والجوهر …

لكن كما سبق فإن خطورة المنهج القائم على هذا النمط الفكري هو الحرص على تشويه الشخصية الإسلامية وعقائدها والاعتراض على أوامرها ونواهيها والعلاقات الاجتماعية التي تستمد أصولها من مبادئ هذه الشريعة مع محاولة محو المظهر الإسلامي للشخصية المسلمة … شكلًا ومضمونًا.

أما بالنسبة للديانة المسيحية ففي معرض تبرير الموقف ضد الاحتشام فقد تصدت الكاتبة مارلة تادرس لذلك تحت عنوان المقالة المنشورة بنشرة تضامن المرأة العربية (ص٣٨) بعنوان «المسيح بريء» «وهي تسوق من البداية قواعدها الشخصية في التفسير» …

حيث كما هو معلوم لا اجتهاد مع النص.

وتناقش النصوص في الكتاب المقدس «في الرسالة من الرسول بولس إلى أهل كورونتوس الإصحاح» يقول: «إن رأس الرجل المسيح ورأس المرأة الرجل.» ويقول القديس بولس إن على المرأة أن تغطي رأسها لأنها تشين نفسها وإذا لم تغطِ فليُقَص شعرها، وبعد ذلك تقول: ونحن نتساءل لماذا نأخذ الجزء الأول من الآية ونقول إن هذا ينطبق على عصرنا الحالي وأما الجزء الثاني من الآية الكريمة فنتركه ونقول إنه مخالف لروح العصر؟ ثم تقول: لا بد أن نعي تمامًا أن هذه رسالة شخصية من الرسول بولس إلى كنيسة معينة وشعب بعينه، وفي ذلك الزمان كانت المرأة المحتشمة هي التي تغطي شعرها، فمن الطبيعي أن يطلب بولس منها ذلك، وكانت المرأة أيضًا غير متعلمة وجاهلة وغير مثقفة فمن الطبيعي أكثر أن يطلب الرسول بولس أن يكون الرجل هو رأسها وراعيها، لأنه هو أكثر خبرة منها …

وتقول: يختتم بولس الرسول كلامه بسؤال: «احكموا في أنفسكم هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة؟!»

ورغم أن السؤال سؤال نصي جازم، إلا أن سيادتها تخرج من هذا قائلة: وهنا يترك بولس الحكم للناس ولنا وهذا الحكم يتغير مع الزمان! أي أن كل شيء متروك بالنسبة للشريعة لروح العصر والتغيرات الزمنية وليس لاستنباط الأحكام وفقًا للأصول السليمة لقواعد التفسير والاجتهاد والرجوع في ذلك إلى أهل الذكر وهم الصفوة المتخصصة في هذه العلوم السامية.

منطلق الإقناع لكراهية الحجاب وازدراء من يتمسكن ويتحلين به

  • (أ)

    تحت عنوان «الحجاب والختان والإسلام» ص٢٢ مجلة «نون» يسوق الكاتب (زوج السيدة رئيسة الجمعية) حججه التالية للإقلاع عن الحجاب والحث على ذلك.

    … ومع ذلك فإن ارتداء الحجاب بشكل متزايد ظاهرة لها مغزاها، إنه يدل على وضع المرأة المتدني في المجتمع، لأن عددًا كبيرًا من هؤلاء النساء قد فرض عليهن ارتداء الحجاب من رجال الأسرة أو من ضغوط المجتمع، بما فيها ضغوط التيارات الإسلامية المحافظة، واقترن الحجاب بتأكيد مفاهيم عن مكانة المرأة التي شهدت تراجعًا وخصوصًا منذ بداية السبعينيات (لعل الكاتب يقصد بداية عهد الرئيس السادات)، ومن بينها الاعتقاد بأن المرأة مخلوق أدنى بالنسبة للرجل … وبالتالي فإن سيادته يرد الأمر إلى فرضية الرجل وضغوط المجتمع وليس إلى فرضية الإسلام … ثم يتابع سيادته: «إن تغطية رأس المرأة يتضمن أنها عورة فلماذا يكون الرأس بالذات. الذي يحتوي على مخ الإنسان «عورة»؟ أليس هذا ملفتًا للنظر … أم أن شعر المرأة موضوع للإثارة الجنسية فيجب أن يغطى؟ إن التغطية أو التعرية وجهان لعملة واحدة … إنهما يعنيان أن المرأة ليست إنسانًا مثل الرجل … وإنما جسم يجب أن يغطى، أو جسم يمكن أن يعرى بهدف الإثارة الجنسية.»

    ثم يبتر كاتب التقرير المقال لأن تكملة العبارة تقول الآتي:

    «… أو جسمًا يمكن أن يعرى بهدف الإثارة الجنسية كما يحدث في الإعلانات التليفزيونية.»

  • (ب)

    من وسائل التغيير من لبس الحجاب التي تستخدمها الدوريات التي تنشرها استخدام الأسلوب القصصي وتحت عنوان «وسارت الأشباح نهارًا» (تداعيات ضد النقاب والحجاب، ص٣٢، ٣٣ من النشرة).

النسب وفكر المجلة

في أكثر من موضوع تتلخص أفكار الدوريات حول مضمون «أن الرجال يستأثرون بشرف نسب الأبناء، تحمل أسماء الآباء دون النساء، وهو حق حرمت منه المرأة منذ عهود العبودية ولا زالت تحت الضغوط المجتمعية تحرم من حمل هذا الشرف مما يخل بمبادئ العدالة الإنسانية.»

ونحن لا ندري أمام هذا الفكر ذلك الربط بين حمل الأبناء أسماء الآباء وبين مفهوم الشرف هذا، هل انتقص تنسيب مريم إلى آل عمران من شرفها التي أنزلها القرآن منزلة لم تنزل امرأة من قبل «خير نساء العالمين» …

التعرض والتعريض برجال الدين

سبق الإشارة بالمقال المعنون «ما العلاقة بين نقاب المرأة ومجلة بوردا الألمانية» الذي تصدت فيه رئيسة الجمعية (كاتبة المقال) للشيخ ابن باز وكتابه «الحجاب والسفور في الكتاب والسنة»، دار الكتب السلفية، القاهرة، ١٩٨٦م، ولم يتعرض كاتب التقرير لهذا المقال أكثر من هذا.

أما حظ «بابا» الكنيسة الكاثوليكية ومنصب البابوية فقد نزل المقال المعنون «البابا أو الماما» إلى الدرك السوقي من النقد والابتذال. العنوان يعكس على الفور ذلك التهكم الممجوج، ويتهم البابا بالعمالة للغرب ويشيد المقال بالحركة النسائية الإيطالية التي تسعى إلى تغيير الكتاب المقدس.

التعريض عن الزنا للمرأة في الإسلام

ويوصف موت الزانية رجمًا بالحجارة والذي يشترطه قانون العقوبات الإسلامي بالعقوبة المتناهية في قسوتها، حيث يشترط قانون العقوبات الإسلامي ألا تكون الحجارة كبيرة حتى لا يموت الشخص بحجر أو حجرين (مقال النساء وحقوق الإنسان).

الإطار الفكري لما تقدم عرضه من موضوعات

في إجابة على السؤال الذي تفضلت السيدة رئيسة الجمعية بطرحه في الندوة التي قامت الجمعية بتنظيمها حول موضوع «المرأة والمستقبل» … هو شكل الدين في المستقبل؟ وفي ظل الديمقراطية ولا مركزية السلطة وهل سوف يحدث تغيير في الرؤية الدينية والفلسفية؟ وفي الإجابة التي حرصت النشرة على العناية بإبراز مضمونها على لسان أحد المتحدثين بالمؤتمر (لم يذكر كاتب التقرير اسمه وهو الأستاذ محمد سيد أحمد): «إنني أرى أن مشكلة الدين ليست هي إيجاد تفسير مقابل متخلف سائد لأن هناك دائمًا عملية «تبرير»، أي أن هناك نصًّا دينيًّا قابلًا للتبرير وتفسيره تفسيرًا متخلفًا أو تفسيرًا تقدميًّا، ومَن سوف يكسب عملية التبرير هذه … إن التفكير التقدمي ليست له شرعية أكثر من التفسير المتخلف، فكل من التفسيرين له نفس الشرعية وله مبرراته الخاصة … ولذلك من الضروري أن نضع الدين بشكل علماني والعلمانية لا تعني الإلحاد أو «اللادينية» (!) بل هي اشتقاقيًّا تعني الزمانية … وتعني كضرورة اجتماعية الفصل بين الدين والدولة أو الدين والسياسة بحيث يصبح الدين اختيارًا شخصيًّا فقط وليس اختيارًا عامًّا اجتماعيًّا. بدون ذلك سوف نظل دائرين في فلك النص الديني، وبالتالي سوف نكبل العقل ونحاصره بالنص! وحتى عندما يقتضي الأمر اجتهادًا فإنه يكون في حدود النص، فضلًا على أنه لا اجتهاد مع النص، ونحن نعرف أن إبداع العقل يقتضي انطلاقه وليس تكبله أو حصاره … أقول إذن إنه من الضروري أن يظل الدين كاختيار شخصي.»

تبنت تركيا في عهد كمال أتاتورك مفهوم العلمانية ذلك فأُلغي من الدستور النص على أن دين الدولة الرسمي هو الدين الإسلامي، ثم عمل على محاصرة وخنق اللغة العربية لغة القرآن وفقدت أنقرة وإسطنبول مركزًا من مراكز العبادة الإسلامية وضعف الشخصية — ولا يزال — هذا الشعب يعاني من جراء هذا الموقف من اللغة ومن عزل الدين عن الحياة السياسية والاجتماعية …

تلك هي القضايا الأساسية التي تعني كل من المجلة والنشرة التي تصدرها الجمعية، وجميعها من المسائل الجدلية في الأمور السياسية والدينية التي حظر المشرع على أنه لا يجوز للجمعية أن تجادل في الأمور الدينية والسياسية …

ثانيًا: مؤتمر الصحافة النسائية في مصر

  • (١)

    (أ) تقدم مندوبا الإدارة الاجتماعية بغرب القاهرة، بمذكرة بتاريخ ٦ / ٩ / ١٩٩٠م تفيد بانعقاد مؤتمر الصحافة النسائية والنشر في البلاد العربية خلال الفترة من ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م بمقر الجمعية.

    (ب) اتخذت رئيسة الجمعية السيدة نوال السعداوي موقفًا مناهضًا للموقف الرسمي المعلن للدولة (مصر) بخصوص قضية احتلال العراق للكويت وضمها إليه. بالإعلان في المؤتمر عن عزمها على تشكيل لجنة من الحاضرين لمقابلة الملك فهد، ومطالبته بالعمل على سحب القوات الأجنبية وكذلك مقابلة الرئيس بوش لذات الموضوع لإيجاد حل سلمي للمشكلة.

    (ﺟ) حضر المؤتمر جمع كبير من وفود الدول العربية، وأجنبي واحد غير المصريين.

    (د) قام التليفزيون الجزائري بتصوير المؤتمر.

    (ﻫ) قيام الجمعية بتوزيع نسخ من مجلة «نون» ونشرة تضامن المرأة على الأعضاء وعرضها للبيع بسعر «١ جنيه» للمجلة.

  • (٢)

    قامت المديرية بإخطار الجمعية ضمن كتابها رقم ٤٣٤٦ بتاريخ ٢٢ / ٩ /  ١٩٩٠م بالمخالفات الخاصة بانعقاد هذا المؤتمر.

  • (٣)

    قامت إدارة غرب القاهرة بإخطار السيد وكيل الوزارة مدير الشئون الاجتماعية بالقاهرة ردًّا على كتاب سيادته باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الجمعية بأن رئيسة الجمعية قد أفادت بأن المؤتمر المذكور لم تنظمه الجمعية المشهرة بالشئون، وأنه توجد جمعية دولية باسم جمعية تضامن المرأة العربية، وهي ذات وضع استشاري لدى الأمم المتحدة ومسجلة لديها (وذلك طبقًا لكتاب إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية) في هذا الشأن، وأرفق صورة من كتاب الخارجية.

  • (٤)

    وعلى أثر تشكل اللجنة، فقد قمنا بمطالبة رئيسة الجمعية بالتقدم بمذكرة توضح العلاقة بين الجمعية الدولية والجمعية المشهرة بالشئون … وتسلمنا رد الجمعية في كتابنا الأخير والمستندات التي تقدمت بها رئيسة الجمعية.

يذكر كاتب التقرير هذه المستندات والرسائل المتبادلة بين الجمعية الدولية ووزارة الخارجية، لكنه يصر على أن الجمعية الدولية لا يمكن أن توجد دون تسجيل بوزارة الشئون حسب قانون رقم ٣٢ لعام ١٩٦٤م، ثم يقول الآتي:

وما تقدَّم يُعد تحليلًا واضحًا من السيدة رئيسة الجمعية للتستر، خلال ما يقع من مخالفات تحت اسم الجمعية لا وجودَ لها في سجلات شهر الجمعيات، وما ينبغي أن يكون لها وجود في ظل الأحكام الآتية:
  • (١)

    تنص المادة «٥٥» من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في ١٢ / ٩ /  ١٩٧١م على: «للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديًا لنظام المجتمع أو سريًّا أو ذات طابع عسكري.»

  • (٢)

    تنص المادة «٥٢» فقرة ٦ من القانون المدني رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨م على: «كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال، تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص في القانون.»

  • (٣)

    تنص المادة «٨» من قانون الجمعيات رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م: «لا تثبت الشخصية الاعتبارية للجمعية إلا إذا أشهر نظامها وفقًا لأحكام هذا القانون.»

  • (٤)

    تنص المادة «١١» من قانون الجمعيات رقم ٣٢ لعام ١٩٦٤م:

    «تقوم الجمعية الإدارية المختصة بإجراء الشهر، وقد حدد القرار الجمهوري رقم ٢٢٢٢ لسنة ١٩٦٧م الجهة الإدارية بحسب الفقرة من المادة «٤٤» من هذا القرار في مديرية الشئون الاجتماعية.»

    ثم يؤكد كاتب التقرير أن الجمعية الدولية ليس لها كيان قانوني، لأنها غير مشهرة حسب قانون الجمعيات ٣٢ لعام ١٩٦٤م، وأن مكاتبات وزارة الخارجية وإثبات مركزها الاستشاري لدى الأمم المتحدة لا يعد إشهارًا رسميًّا قانونيًّا.

وبالتالي لا توجد جمعية إلا تلك المشهرة بوزارة الشئون. وهكذا يسجل كاتب التقرير ما يلي:

وحيث يستبين مما تقدم عدم وجود جمعية تضامن المرأة العربية غير جمعية واحدة هي تلك التي تم شهر نظامها بإدارة غرب القاهرة رقم ٣٢٨٢ لسنة ١٩٨٥م فإن محاولات السيدة رئيسة الجمعية لا تبرر لها إلا محاولة النأي عن المساءلة بشأن المخالفات التي ترتكب باسم الجمعية، بما في ذلك مخالفتها في الخروج عن أغراض الجمعية المشهرة، ومجادلتها في الأمور الدينية والسياسية وعدم اتباعها للأنظمة والإجراءات والقوانين المنظمة للأعمال التي تباشرها الجمعيات.

وإما أن تكون ذات نشاط تحرص رئيسة الجمعية على عدم وضعه تحت نظر الأجهزة الرقابية المعنية، مما يحرم الدستور قيام مثل هذه الجمعيات على نحو ما سبق أيضًا بالمادة «٢٥» من أحكام الدستور، وفي كل ما تقدم مما يستوجب التحقيق نرى إحالته إلى النيابة المختصة.

ثالثًا: النواحي المالية والإدارية

يصر كاتب التقرير على اعتبار جميع الأنشطة والأموال الخاصة بالجمعية الدولية هي للجمعية المصرية المشهرة بالشئون، وبالتالي يعتبر جميع هذه الأنشطة مخالفات إدارية ومالية جسيمة، وأن رئيسة الجمعية تعمدت إخفاءها عن وزارة الشئون عن طريق ادعاء وجود جمعية دولية.

كما يؤكد أنه وفقًا للمادة ٢٣ من القانون ٣٢ لعام ١٩٦٤م لا يجوز لأية جمعية أن تنتسب أو تشترك أو تنضم إلى جمعية أو هيئة أو نادي مقره خارج مصر قبل إبلاغ الجهة الإدارية المختصة بذلك … كما لا يجوز لأية جمعية أن تحصل على أموال من شخص أو جهة أجنبية. إلا بإذن من الجهة الإدارية المختصة.

وأخيرًا يقرر كاتب التقرير الآتي:
  • (١)

    إحالة الأمر إلى النيابة المختصة للتحقيق مع رئيسة الجمعية بشأن المبالغ التي قامت في الحسابين المفتوحين باسم الجمعية في بنك مصر، فرع مصطفى كامل. مع التحقيق معها بشأن تكوين نشاط في مصر تحت اسم جمعية لا وجود لشرعيتها وفقًا لأحكام للجمعيات … واستغلال ذلك لإقامة أنشطة في مصر في غير صالح الاتجاه الوطني، مع الحصول على أموال وتبرعات من هيئات ومنظمات بالخارج. مع إقامة مؤتمرات بالمخالفة للقواعد والتعليمات الخاصة بالمؤتمرات، والاتصال بهيئات ومنظمات بالخارج بعد الحصول على إذن من الجهة الإدارية.

  • (٢)

    حل جمعية تضامن المرأة العربية لخروجها عن الأغراض المحددة بلائحة نظامها الأساسي، والدخول بالجمعية في مجادلات دينية وسياسية من خلال ما تصدره من مجلات ونشرات، وما تعقده من ندوات ولارتكابها مخالفات جسيمة.

  • (٣)

    إخطار الأمين العام المصري لمتابعة التنظيم الذي تقوده السيدة نوال السعداوي وتتخذ له مقرًّا دائمًا في مصر … والتستر من خلاله في عقد مؤتمرات واتخاذ مواقف ضد السياسة العامة للدولة مع فرض ومتابعة حركة هذا النشاط في مصر والدول العربية والمنظمات المتعاونة معها في ذلك.

والأمر معروض برجاء التفضل باتخاذ اللازم.

رئيس اللجنة
محمد حسين حمدي
٥ / ١١ / ١٩٩٠م
مدير عام، وزارة الشئون الاجتماعية

•••

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة، محكمة القضاء الإداري
دائرة الأفراد «ب»
بالجلسة المنعقدة علنًا في يوم الخميس الموافق ٧ / ٥ / ١٩٩٢م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن غربي، نائب رئيس المجلس
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ السيد محمد العوضي، نائب رئيس المجلس
والسيد الأستاذ المستشار/ عبدالفتاح صبري أبو الليل
وحضور الأستاذ المستشار المساعد/ أحمد عبد الراضي محمد، مفوض الدولة
سكرتارية السيد/ محمد إبراهيم أحمد، أمين السر
«أصدرت الحكم الآتي»،
في الدعوى رقم ٦٦٨٤ لسنة ٤٥ق
المقامة من

الدكتورة نوال السعداوي بصفتها رئيسة مجلس إدارة جمعية تضامن المرأة العربية

ضد

الدكتورة وزيرة الشئون الاجتماعية بصفتها، السيد/ محافظ القاهرة وبصفته، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية بصفتها، مدير عام إدارة غرب القاهرة الاجتماعية بصفته.

الإجراءات

أقامت المدعية بصفتها هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ ١٤ / ٧ / ١٩٩١م، طلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم ١٩ الصادر في ١٢ / ٦ / ١٩٩١م من نائب محافظ القاهرة للمنطقة العربية بحل جمعية تضامن المرأة العربية وأيلولة أموالها إلى جمعية نساء الإسلام وتعيين مصفيًا لها.

وقالت المدعية شرحًا لدعواها إن جمعية تضامن المرأة العربية أنشئت وفقًا لأحكام القانون رقم ٣٢ / ١٩٦٤م وتم إشهارها تحت رقم ٣٢٨٢ في ٧ / ١ / ١٩٨٥م بمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة بعد استيفاء سائر الشروط والأوضاع التي يتطلبها القانون، وأن الغرض من إنشائها هو العمل في ميدان الخدمات الثقافية والعلمية والدينية للمرأة طبقًا لأحكام اللائحة الخاصة بهذه الجمعية وبتاريخ ١١ / ٧ / ١٩٩١م فوجئت بخطاب موصى عليه مرفق به القرار المطعون فيه.

وأضافت المدعية أن القرار المطعون فيه لم يتضمن أسباب الحل، وقد صدر باطلًا شكلًا وموضوعًا بالمخالفة لأحكام المادة «٥٧» من القانون رقم ٣٢ / ١٩٦٤م بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وأن في تنفيذ هذا القرار ما يرتب نتائج يتعذر تداركها مستقبلًا، وطلبت الحكم بالطلبات الموضحة بمحاضر الجلسات.

وقد تداولت المحكمة نظر الشق العاجل من الدعوى على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وقدم الأساتذة المحامون عن المدعية عشر حوافظ مستندات، وأربع مذكرات طلبوا في ختامها الحكم بالطلبات الموضحة سلفًا. كما قدم الحاضر عن الجهة الإدارية خمس حوافظ مستندات ومذكرة طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى بجلسة ٢٠ / ٣ / ١٩٩٢م. قررت المحكمة إصدار الحكم في الشق العاجل بجلسة اليوم، حرمت لمن يشاء بتقديم مذكرات خلال أربعة أسابيع قدم خلالها الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة بدفاع الجهة الإدارية طلب فيها الحكم برفض الدعوى، وبجلسة اليوم حرمت لمن يشاء تقديم مذكرات خلال أربعة أسابيع قدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة بدفاع الجهة الإدارية طلب فيها الحكم برفض الدعوى، وبجلسة اليوم صدر الحكم التالي مشتملًا على أسبابه التي أودعت عند النطق به.

المحكمة
  • بعد الاطلاع على الأوراق واكتمال المرافعة والمداولة.

  • من حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية وبالتالي فهي مقبولة شكلًا.

  • ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فإن مناط الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار يتطلب ضرورة توافر ركني الجدية والاستعجال.

  • ومن حيث عن ركن الجدية فإن البادي من مظاهر الأوراق بالقدر اللازم الفصل في الغالب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادر بالقانون رقم ٣٢/ ١٩٦٤م ينص في المادة الأولى منه على: «تعتبر جمعية في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعية لا يقل عددهم عن عشر من أشخاص اعتبارية لغرض غير المشمول على ربح مادي.»

وتنص المادة الثالثة من القانون سالف الذكر على أن مع مراعاة القواعد والشروط التي يصدر بها قرار من الجهة الإدارية المختصة يجب أن يشتمل نظام الجمعية على البيانات الآتية:

اسم الجمعية ونوع نشاطها ونطاق عملها الجغرافي ومركز إدارتها.

تنص المادة الرابعة من ذات القانون على أن لا يجوز للجمعية أن تعمل في أكثر من ميدان واحد من الميادين التي تحددها اللائحة التنفيذية إلا بعد رأي الاتحادات المختصة وموافقة الجمعية الإدارية المختصة.

كما تنص المادة «٢٧» من القانون المشار إليه على أن تخضع الجمعيات لرقابة الجهة الإدارية المختصة وتناول هذه الرقابة فحص أعمال الجمعية والتحقيق من مطابقتها للقوانين ونظام الجمعية وقرارات الجمعية العمومية، ويتولى هذه الرقابة مفتشون تعينهم الجمعية الإدارية المختصة.

وتنص المادة «٥٧» من القانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م المشار إليه على أن يجوز حل الجمعية بقرار مسبب من وزير الشئون الاجتماعية بعد أخذ رأي الاتحاد المختص في الأحوال الآتية:
  • (١)

    إذا ثبت عجزها عن تحقيق الأغراض التي أنشئت من أجلها.

  • (٢)

    إذا تصرفت في أموالها في غير الأوجه المحددة لها طبقًا لأغراضها.

  • (٣)

    إذا تعذر انعقاد جمعيتها العمومية عامين متتاليين.

  • (٤)

    إذا ارتكبت مخالفة جسيمة للقانون، وإذا خالفت النظام العام والأدب.

ويبلغ قرار الحل للجمعية بخطاب موصى عليه بعلم الوصول للجمعية، وتنص المادة «٩٣٢» لسنة ١٩٦٦م باللائحة التنفيذية للقانون رقم ٣٢ / ١٩٦٤م على أن تحدد الميادين الرئيسية التي تعمل فيها الجمعيات والمؤسسات الخاصة على الوجه الآتي:
  • (١)

    رعاية الطفولة والأمومة.

  • (٢)

    رعاية الأسرة …

ويجوز لوزير الأوقاف والشئون الاجتماعية أن يضيف بقرار منه ميادين عمل جديدة للجمعيات والمؤسسات الخاصة، ولا يجوز للجمعية أن تعمل في أكثر من بعد واحد رئيسي من الميادين المذكورة إلا بعد أخذ رأي الاتحاد المختص وموافقة مجلس المحافظة.

ومن حيث إن المستفاد من جماع النصوص المتقدمة أن الجمعيات والمؤسسات الخاصة تقوم بدور أساسي ورئيسي في ميدان الرعاية الاجتماعية وحماية الطفولة والأسرة، وقد حدد النص الميادين الرئيسية لعمل هذه الجمعيات، وجميعها ينحصر في ميدان الرعاية الاجتماعية بصورها وأشكالها المختلفة، وواجب أن يشتمل النظام الأساسي لكل جمعية على تحديد ميدان النشاط الذي أنشئت من أجله الجمعية المختصة، وحظر على الجمعية أن تعمل في أكثر من ميدان من الميادين التي حددتها اللائحة التنفيذية والاشتراك أو الانتساب أو الانضمام ثلاثين يومًا من تاريخ الإبلاغ دون اعتراض منها (المادة «٣٢» من القانون رقم ٣٢ / ١٩٦٤م) كما لا يجوز لأي جمعية الحصول على أموال من شخص أجنبي أو جهة أجنبية وأي منظمة في الخارج إلا بإذن من الجهة الإدارية، كما أناط المشرع الجهة الإدارية المختصة مراقبة أعمال هذه الجمعيات وفحص أعمالها لتتحقق من مطابقة أعمالها للقوانين واللوائح وقرارات الجمعية العمومية، وأجاز المشرع للجهة الإدارية حل الجمعية بعد أخذ رأي الاتحاد المختص إذا ما ارتكبت الجمعية مخالفة جسيمة للقانون أو للنظام العام أو الآداب العامة.

ومن حيث إن البادي من ظاهر أوراق الدعوى أن جمعية تضامن المرأة العربية التي ترأس مجلس إدارتها المدعية قد أنشئت للعمل في ميدان الخدمات الثقافية العلمية والدينية للمرأة، وأنه بناءً على شكوى من إحدى عضوات هذه الجمعية للجهة الإدارية بارتكاب هذه الجمعية لعدة مخالفات، فقد قامت الجهة الإدارية بتشكيل لجنة لفحص أعمال هذه الجمعية لتتحقق مما جاء بهذه الشكوى، وقد انتهت هذه اللجنة إلى أن الجمعية قد ارتكبت المخالفات الآتية:
  • أولًا: إصدار مجلة «نون» و«نشرة تضامن المرأة العربية»، وذلك رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة الموافقة على إصدارها، وقد تضمنت المجلة المشار إليها والنشرة سالفة الذكر الهجوم والتشكيك في الأنظمة الاجتماعية والدينية وبصفة خاصة أنظمة الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وتعدد الزوجات والتعرض لشخصيات دينية كبيرة، والتجريح والهجوم مما يهدد النظام والآداب العامة في مصر (يراجع التقرير المشار إليه بحافظة مستندات الجمعية الإدارية) فضلًا عن الهجوم على سياسة الدولة، وذلك بالمخالفة لأحكام النظام الأساسي للجمعية (والمادة «٣» والتي تحظر الخوض في النواحي الدينية والسياسية).
  • ثانيًا: عقد مؤتمر الصحافة النسائية في مصر خلال الفترة من ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م، عقد الجمعية المؤتمرات المشار إليها بمقر الجمعية، وقد تناول هذا المؤتمر الهجوم على سياسة مصر بالنسبة لأزمة الخليج دون حصانة الموقف الرسمي للدولة فيما يتعلق باحتلال العراق لدولة الكويت، وذلك دون إخطار الجهة الإدارية المختصة قبل عقد هذا المؤتمر والحصول على موافقة هذه الجهة.
  • ثالثًا: أسفر تقرير اللجنة التي قامت بالتفتيش على أعمال الجمعية من اتصال هذه الجمعية ببعض الهيئات والمنظمات الأجنبية ومحاولة الزج باسم هيئة الأمم المتحدة باعتبار أن هذه الجمعية ذات وضع استشاري للأمم المتحدة، وقيام هذه الجمعية بفتح حساب آخر خلاف حسابها الثابت لدى الجهة الإدارية المختصة، وهذا الحساب في بنك مصر، فرع مصطفى كامل، يحتوي على حساب بالعملة الأجنبية وحساب بالعملة المصرية بالمخالفة لأحكام المادة «١٨» من القانون رقم ٣٢ / ١٩٦٤م. ودون إثبات ذلك بسجلات الجمعية المالية.

ومن حيث إن البادي مما تقدم أن الجمعية قد خالفت أحاكم القانون والنظام العام والآداب العامة لارتكابها المخالفات المشار إليها باعتبار أنها خرجت على النظام الأساسي بمباشرة نشاط سياسي وديني من خلال المجلة والنشرة المشار إليها بتقرير الجهة الإدارية، وعقد المؤتمرات السياسية دون الحصول على تصريح بذلك من الجهة الإدارية المختصة، والاتصال بالمنظمات الدولية وفتح حسابات بالعملة الأجنبية في بعض البنوك دون إخطار الجهة الإدارية المختصة للحصول على موافقتها على ذلك بما لا يتفق مع المصالح العامة للبلاد وتضر بالعلاقات بين مصر وبعض الدول الأجنبية والعربية الشقيقة، الأمر الذي يشكل مخالفة ويهدد السلام والنظام السياسي والاجتماعي للدولة والعمل على نشر أفكار ومعتقدات مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية والدين الإسلامي، والأمر الذي يشكل مخالفة جسيمة للقانون وخروجًا على مقتضى الغرض الذي أنشئت الجمعية من أجل تحقيقه، فضلًا على إخلاله بالنظام الأساسي للجمعية والذي يحظر عليها المجادلة في الأمور السياسية والدينية، ومن ثم ماذا؟ أصدر نائب المحافظ للمنطقة الغربية القرار المطعون بناء على تفويضه من محافظة القاهرة بموجب قرار التفويض رقم ٣١ لسنة ١٩٨١م الصادر ٢٤ / ١٢ / ١٩٨١م هذا القرار يكون قد صدر ممن يملك سلطة إصداره طبقًا لأحكام القانون رقم ٣٢ / ١٩٦٤م والمشار إليه بالقانون رقم ٤٢ / ١٩٧٩م بشأن الإدارة المحلية ولائحة التنفيذ.

(يراجع في هذا الشأن حكم المحكمة الإدارية في الطعن رقم ٦٩٩ لسنة ٣١ بجلسة ٢٤ من أكتوبر سنة ١٩٨٧م) وبعد إنذار الجمعية بتاريخ ٧ / ١ / ١٩٩١م بضرورة إزالة المخالفات المشار إليها دون جدوى ما عدا أصدرت الجمعية الإدارية قرار المطعون فيه كل الجمعية المشار إليها، فإن هذا القرار بحسب الظاهر من أوراق يكون قد صدر متفقًا وصحيح حكم القانون ولا ينال من ذلك القول إن هذا القرار لم يتضمن بيانًا بالأسباب التي قام عليها، ذلك أن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قد أشار في ديباجة إلى مذكرة مديرية الشئون الاجتماعية، كما لا يقدح في ذلك القول بأن الجمعية المذكورة غير الجمعية التي حصلت على الوضع الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى الأمم المتحدة، وذلك لأن البادي من مكاتبات الجهة الإدارية مع وزارة الخارجية ليس لديها علم عن الجمعية الثانية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة، ولا يوجد في الأوراق ما يؤكد قيام هذه الجمعية داخل جمهورية مصر العربية.

ومن حيث إنه لما تقدم ونظرًا لأن القرار المطعون فيه قد صدر متفقًا وحكم القانون مما يتخلف معه ركن الجدية الملزم لوقف تنفيذه، مما يتعين مع الحكم برفض هذا الطلب وذلك دون حاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.

ومن حيث إنه من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات.

فلهذه الاسباب …

حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلًا، وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعية بمصروفات هذا الطلب، وأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

رئيس المحكمة
سكرتير المحكمة

•••

هيئة قضايا الدولة
قسم القضاء الإداري
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة منازعات الأفراد والهيئات
مذكرة بدفاع

السيدة/ وزيرة الشئون الاجتماعية وآخرين بصفتهم «مدعى عليهم».

ضد

الدكتورة/ نوال السعداوي بصفتها رئيسة مجلس إدارة جمعية تضامن المرأة المصرية، «مدعية».

في الدعوى رقم ٦٦٨٤ لسنة ٤٥ق

والمحدد لنظرها جلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م … «مرافعة».

الموضوع

يوجز في أن إحدى عضوات مجلس إدارة الجمعية المدعية تقدمت بتاريخ ٣ / ١٠ / ١٩٩٠م بعدة شكاوى — إلى الجهة الإدارية — متضمنة وجود مخالفات في جانب تلك الجمعية، تمثلت في إيداعها أموالًا بالعملة الأجنبية في بنك غير بنك الجمعية الرئيسي المعلن من جانبها، ودون إخطار وزارة الشئون الاجتماعية بذلك كما يقضي نص المادة «١٨» من القانون رقم ٣٢ بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، إلى جانب عديد من المخالفات الأخرى.

تم تشكيل لجنة بموجب القرار رقم ٥٩٧ في ٢٠ / ١١ / ١٩٩٠م لفحص أعمال الجمعية المدعية والتحقق مما ورد بالشكاوى، فأسفر الفحص وفق الثابت بمستنداتنا عن صحة جميع المخالفات المنسوبة للجمعية، وإزاء ذلك كان لزامًا على جهة الإدارة أن تصدر قرارها رقم ١٩ لسنة ١٩٩١م — المحامون فيه — بحل الجمعية وأيلولة أموالها إلى جمعية نساء الإسلام، وتعيين المحاسب فاروق علي حميه، مدير عام الإدارة الاجتماعية مصفيًا قانونيًّا لها.

طعنت المدعية بصفتها على هذا القرار بالدعوى الماثلة ابتغاء الحكم بوقف تنفيذه ثم إلغائه …

الدفاع
هيئة قضايا الدولة
قسم القضاء الإداري

أولًا: عن مشروعية القرار المطعون فيه

ليس من شك في أن القرار الطعين يجد سند مشروعيته في صحيح أحكام القانون، إذ نصت المادة «١٨» من القانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م المشار إليه أنه: «على الجمعية أن تودع أموالها النقدية باسمها التي اشتهرت به لدى مصرف أو صندوق التوفير وعليها أن تنظر الجهة الإدارية المختصة عن تغيير جهة الإيداع خلال أسبوع من تاريخ حصوله …»

وقد ورد ذات النص أيضًا في البند ٦ من اللائحة الأساسية للجمعية المدعية ونصت المادة «٢٣» من القانون المشار إليه على أنه: «لا يجوز لأية جمعية أن تنتسب أو تشترك أو تنضم إلى جمعية أو هيئة أو نادٍ مقره خارج الجمهورية العربية المتحدة قبل إبلاغ الجهة الإدارية المختصة بذلك، وانقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ الإبلاغ دون اعتراض منها.

كما لا يجوز لأية جمعية أن تحصل على أموال من شخص أجنبي أو جهة أجنبية، ولا أن ترسل شيئًا مما ذكر إلى أشخاص أو منظمات في الخارج إلا بإذن من الجهة الإدارية المختصة، وذلك فيما عدا المبالغ الخاصة بثمن الكتب والمنشورات والمجلات العلمية والفنية.»

وتنص المادة «٩» من اللائحة الأساسية للجمعية على أن: «تحتفظ الجمعية في مقرها بدفاتر الحسابات يبين فيها الإيرادات والمصروفات.»

كما تنص المادة «٢٢» من ذات اللائحة على أنه: «على الجمعية إبلاغ كل من مديرية الشئون الاجتماعية والاتحاد المختص بكل اجتماع للجمعية العمومية قبل انعقاده بخمسة عشر يومًا على الأقل وبصورة خطاب الدعوة والمسائل الواردة في جدول الأعمال والأوراق المرفقة، ولكل منها أن يندب من يحضر إليها.»

وبتطبيق ما سبق بيانه من نصوص قانونية على واقعات التداعي وعلى الثابت بالمستندات يتضح أن الجمعية المدعية قد خالفت أحكام القانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م، وأيضًا أحكام اللائحة الأساسية لها، وذلك على الوجه التالي:

قامت الجمعية بإصدار مجلة «نون» والنشرة الدورية، وقد صدر العدد الأول في مايو ١٩٩٠م رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة إصدارها، كما قامت بعقد مؤتمر للصحافة النسائية والنشر في البلاد العربية في الفترة من ٧ / ٩ / ١٩٩٠م بمقر الجمعية، حيث اتخذت موقفًا مناهضًا للموقف الرسمي المعلن عنه للدولة بخصوص قضية احتلال العراق للكويت، ولما اعترضت الإدارة الاجتماعية على ذلك بررت موقفها بأن المؤتمر المشار إليه لم يقم بتنظيمه، وإنما نظمته — وعلى حد قولها — جمعية أخرى باسم جمعية تضامن المرأة الدولية ذات وضع استشاري لدى الأمم المتحدة، فإنه وبمخاطبة إدارة الهيئات بوزارة الخارجية المصرية عن حقيقة الجمعية التي أشارت إليها المدعية، أفادت الوزارة بكتابها المرسل إلى مديرية الشئون الاجتماعية — مقدم صورته بالحافظة مستند رقم «٢» — إدارة غرب القاهرة، بأنه ليس مدرجًا بميزانية وزارة الخارجية أية اشتراكات وإعانات تتعلق بوجود هيئة مشهرة (مسجلة) بالإدارة باسم جمعية تضامن المرأة العربية الدولية.

كذلك تمثلت أيضًا مخالفات الجمعية في قيامها بإبعاد معظم النشاط وما يتصل به من أموال عن رقابة الشئون الاجتماعية، وعدم إظهاره بسجلات الجمعية التابعة للشئون الاجتماعية، فضلًا عن إنشاء نادٍ نسائي لم يستدل على إيراداته أو مصروفاته، كل ذلك بالمخالفة لنص المادة «٩» من اللائحة الأساسية المذكورة.

خالفت الجمعية نص المادة «٢٣» من القانون لسنة ١٩٦٤م سالف البيان، والتي تقضي بعدم قبول أموال أجنبية إلا بعد الحصول على موافقة الجهة الإدارية، حيث تبين للجمعية حسابين، أحدهما بالعملة المصرية في بنك مصر، فرع مصطفى كامل، والآخر بالعملة الأجنبية بالبنك الأهلي، فرع جاردن سيتي، لم يخطر عنه، مما يعد مخالفة لنص المادة «١٨» من القانون المشار إليها والمادة «٦» من لائحة الجمعية، لكن تلك المخالفات وهي تمثل وقائع مادية دعت جهة الإدارة وأوجبت عليها ضرورة التدخل لإصلاح الوضع الخاطئ المتمثل في خروج الجمعية المتكرر على نصوص القانون، حتى جعلت من هذا الخروج الغرير المنشود الذي تهدف إليه، وأنه إعمالًا لنص المادة «٥٧» من القانون سالف الإشارة الذي قضى بأن يجوز حل الجمعية بقرار مسبب من وزير الشئون الاجتماعية بعد أخذ رأي الاتحاد المختص في الأحوال الآتية: (١) … (٢) … (٣) … (٤) إذا ارتكبت مخالفة جسيمة للقانون أو إذا خالفت النظام العام أو الآداب، فقد أصدرت جهة الإدارة القرار رقم ١٩ لسنة ١٩٩١م بحل الجمعية وأيلولة أموالها إلى جمعية نساء الإسلام وتعيين معينًا قانونيًّا لها، وعليه يكون القرار الطعين قد صدر من مختص بإصداره قانونًا وقام على كامل سببه في الواقع والقانون، مستخلصًا من أصول ثابتة بالأوراق تؤيد النتيجة التي خلص إليها مبرأً من عيب عدم المشروعية مستهدفًا المصلحة العامة المتمثلة في الحفاظ على النظام العام وحماية المال العام والخاص على السواء.

ولا يجدي المدعية نعيها على القرار المطعون فيه صدوره دون تسبب فالثابت وبحق أن ثمة درعًا أرغمت جهة الإدارة على التدخل لإصدار هذا القرار بتلك الدعوى، هذه والتي تمثلت في المخالفات التي ارتكبتها الجمعية، وهي تلك التي تمثل الأسباب الواقعية التي صدر عليها القرار المطعون فيه مستندًا إليها!

أما عن كون المادة «٥٧» قد أجازت الحل في الأحوال المبينة بها، فإن تلك الأحوال لم ترد على سبيل الحصر، وإنما على سبيل المثال، فضلًا عن أن الثابت بالمستندات أن المخالفات المرتكبة لا شك جسيمة كما تضمن الخروج على النظام العام من حيث نشر آراء مناهضة لموقف الدولة.

وإذا لم تطعن المدعية بصفتها على القرار محل الطعن بأي مطعن آخر يمكن بالرد القانوني عليه، وإذا أقيمت الدعوى على هذا النحو فاقدة السند والدليل مما يجعلها جديرة بالرفض.

ثانيًا: عن طلب وقف التنفيذ

من المقرر قضاء مجلس الدولة أنه طبقًا لنص المادة «٤٩» من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢م لا يقضى بوقف تنقذ قرار إداري إلا إذا تحقق ركنان: الأول الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني جدية الأسباب التي يرجع معها الحكم بإلغائه بحسب الظاهر من الأوراق …

(حكم المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم ٦٨٨ س٢٧ق جلسة ٢٧ / ٢ / ١٩٨٤م مج س٢٩ —x استنسل المكتب الفني بمجلس الدولة في المدة من ١ / ١٠ / ١٩٨٣–٣٠ / ٩ / ١٩٨٤م …)

ولما كان الثابت أن هذين الركنين قد تخلفا منذ البداية، إذ إن ركن الجدية قد تخلف نظرًا لصدور القرار المطعون فيه وفق ما تقضي به نصوص القانون مما يجعله مشروعًا، كما أن ركن الاستعجال متخلف بدوره، لأنه ليس في تنفيذ القرار الطعين ما يترتب عليه أضرار يتعذر تداركها فيما لو قضي بعد ذلك بإلغائه، لا سيما وأن الجمعية المدعية لا تقوم على تلبية ضرورة ملحة حتى يتوافر ركن الاستعجال.

(يراجع حكم إدارية عليا الطعن رقم ٢٦٧٧ جلسة ٦ / ٤ / ١٩٨٥م، وحكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم ٩٢٩ لسنة ٤١ق جلسة ١٣ / ٦ / ١٩٨٧م، غير منشور.)

ويتخلف هذان الركنان معًا، مما يجعل طلب وقف تنفيذ القرار الطعين حليفًا بالرفض.

بناءً عليه

نطلب الحكم برفض الدعوى في شقيها العاجل والموضوعي وإلزام رافعها المصروفات والأتعاب …

عن الدولة
حمدي رحومة

•••

جريدة الأخبار
٢٣ أكتوبر ١٩٨٣م
فكرة!

منذ عام اجتمع عدد من السيدات، بعضهن أساتذة في الجامعة ومدرسات بها وصحفيات وشاعرات وكاتبات وربات بيوت، واتفقن على تأليف جمعية «تضامن المرأة»، مهمتها النهوض بالمرأة والدفاع عن حقوقها والارتفاع بها.

واعترض البعض بأنها حركة عنصرية رجعية تعمل على تكتيل النساء ضد الرجال، وتفصل بين مشاكل المرأة ومشاكل المجتمع. ولكن جمعية تضامن المرأة كانت تفادت هذا الاعتراض عندما فتحت عضويتها للرجال، وفعلًا اشترك بعض الرجال في نشاط الجمعية.

ومنذ بداية العام والجمعية في نشاط مستمر، تجتمع مرة كل أسبوعين، وتقيم ندوات ثقافية وفنية وأدبية، تناقش بعض الكتب التي ترتبط بأهداف الجمعية، ونظمت دراسات عن مشاكل المرأة العاملة ونظرة الصحافة والتليفزيون والإذاعة والسينما إلى المرأة المصرية.

وتقدمت الجمعية إلى وزارة الشئون الاجتماعية لشهرها، وإذا بالجمعية تتلقى خطابًا من إدارة مكافحة جرائم الآداب العامة ترفض قيام هذه الجمعية!

ودهشت عضوات الجمعية، ما علاقة بوليس الآداب بجمعية هدفها المساهمة في رفع المستوى الاجتماعي والثقافي للمرأة في مختلف المجالات وربط مشاكلها بمشاكل المجتمع، وفتح مجالات جديدة أمام المرأة في العمل، وتنمية الشخصية الأصلية للمرأة المصرية؟

هل الحديث عن الحرية قلة أدب؟ هل الكلام عن الديمقراطية عمل فاضح في الطريق العام؟ هل مطالبة المرأة بمزاولة حقها الانتخابي قلة حياء؟ نفهم أن يكون عمل بوليس الآداب محاربة الفساد؟ ولكن ما علاقة بوليس الآداب بأساتذة الجامعة والمثقفات والمؤلفات والشاعرات؟ أي شيء في أهداف الجمعية فيه قلة أدب أو قلة حياء؟!

إن رئيسة الجمعية هي الدكتورة نوال السعداوي الكاتبة المعروفة وصاحبة المؤلفات العديدة التي ترجمت إلى عدة لغات، وآخر كتاب لها هو «الإنسان». اثنتا عشرة امرأة في زنزانة واحدة، وهو مهدى «إلى كل من عرف القهر في البيت أو في السجن» وهي رواية عن حياة ١٢ سيدة قبض عليهن في ٥ سبتمبر سنة ١٩٨١م بتهمة أنهن خصوم الحكومة! وبينهن عدد من أبرز أساتذة الجامعة ومدرساتها والصحفيات والكاتبات.

فهل اعتبر بوليس الآداب أن هذا الكلام قلة أدب وقلة حياء، ولهذا رفض أن تكون جمعية رئيستها مثل هذه الدكتورة طويلة اللسان؟

وسكرتيرة الجمعية هي الدكتورة منى أبو سنة الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس. ومن أعضاء الجمعية الدكتورة لطيفة الزيات والدكتورة ليلى عنان والدكتورة عواطف عبد الرحمن والدكتورة عفاف محفوظ وإنجي رشدي المحررة بالأهرام وعائشة أبو النور الكاتبة بأخبار اليوم والأستاذات عطيات الأبنودي وشهيرة محرز ومنى حلمي والدكتورة سهى عبد القادر …

يقولون إن الدولة تحيل كل شيء يتعلق بالمرأة إلى بوليس الآداب.

وإذا كان هذا صحيحًا، فهو أمر لا يمكن السكوت عليه في الوقت الذي أصبح فيه في مصر وزيرات وسفيرات ووكيلات وزارات وعضوات في مجلس الشعب!

صدق … أو لا تصدق!

مصطفى أمين

•••

جريدة الأخبار
٢١ يوليو ١٩٩١م
فكرة!

في يوم ١٥ يونيو ١٩٩١م أصدر نائب محافظ القاهرة لمنطقة غرب القاهرة قرارًا بحل جمعية لتضامن المرأة العربية.

ونحن نشجع قيام الجمعيات في بلادنا، وندهش لأن نائب المحافظ يغلق جمعية لتضامن المرأة العربية وينقل أموالها إلى جمعية أخرى بغير أن يذكر سبب هذا الإغلاق.

والذي نعرفه أن هذه الجمعية قامت منذ سنوات طويلة … ومنذ إنشائها وهي تلقى المعاكسات، بالرغم من أن الدكتور محمود شريف، وزير الحكم المحلي، ألقى محاضرة في هذه الجمعية وفي الوقت نفسه صدر قرار «يحظر على الجمعيات بدائرة غرب القاهرة أن تجادل في الأمور السياسية»، ولا نعرف مثل هذا القرار في أي بلد ديمقراطي، وقد عشنا طوال عمرنا نرى نقابة المحامين ونقابة الأطباء وغيرهما من الجمعيات والنقابات تشتغل بالسياسة، وفي ثورة ١٩١٩م كانت جمعية المرأة الجديدة تصدر قرارات تهاجم الاحتلال ولم يحلها الإنجليز.

إننا ندهش أن تحل جمعية بغير تحقيق، وبغير أن يوجه إليها تنبيه إذا أخطأت.

نفهم أن تحل جمعية بسبب الآداب العامة، أو لأنها تدعو إلى قلب نظام الحكم بالقوة، ولكن لا نفهم أن تحل جمعية لأن رئيستها أو أحد أعضائها يعارض الحكومة، وخاصة أن رئيسة هذه الجمعية الدكتورة نوال السعداوي كانت تلقي الخطب والمحاضرات علنًا تعارض فيها سياسة الحكومة، وكانت الصحف العالمية تعتبر هذه المعارضة دليلًا على أن في مصر ديمقراطية تسمح بحرية الرأي.

هذا القرار أزعج كثيرًا من الجمعيات، فإذا اعترضت جمعية ما على حالة التموين في البلاد فهذا تدخل في السياسة! وإذا طالبت جمعية بالإكثار من زراعة البرسيم فهذا تدخل في السياسة! وإذا طالبت جمعية بمنع استيراد الحمير إلى مصر فهذه سياسة؛ بل صميم السياسة، كل شيء في البلد سياسة، ولهذا فمن واجب كل الجمعيات في مصر أن تسأل ما هي حدود السياسة المسموح بها.

إن الذين أصدروا هذا القرار لم يعلموا حتى الآن أن مصر ديمقراطية.

مصطفى أمين

•••

جريدة الأخبار
١٧ أغسطس ١٩٩١م
أوراق وزارة «الجماعات»!

عندي «للإسلاميين» في مصر خبر سعيد:

وزارة الشئون الاجتماعية قررت أن تنوب عنهم، وتنفذ برنامجهم، دون ما حاجة إلى استيلائهم على الحكم!

وقد اختارت الوزارة أن تبشر الأمة المصرية بهذا الفتح العظيم منذ حوالي أسبوعين، وبدأت بقرار لن يصدقه القارئ، وإن كنت أقسم بالله العظيم ثلاثًا إنه صدر.

موضوع القرار جمعية اسمها «تضامن المرأة المصرية».

وهي جمعية ترأسها الطبيبة الكاتبة الأدبية نوال السعداوي، ولا أحد يجهل من هي نوال السعداوي. وأنا شخصيًّا لا أميل إلى نزعتها المعادية للرجال. فهي ترى أن تحرير المرأة يعني الصراع ضد الرجل، وهي في هذه المعركة بالغة التطرف، لكن في بلادنا تيارًا نسائيًّا، وثقافيًّا، يرى نفس الرأي. وفي العالم أيضًا مثل هذا التيار … بدليل أن الأمم المتحدة ساندته، وأنشأت جمعية موازية تتآخى مع جمعية نوال السعداوي.

المهم، على أية حال، هو أن هذه الجمعية تعمل في مصر منذ سنوات، ولها مقر، ولها صفة اعتبارية، بناء على قرار صادر من وزارة الشئون الاجتماعية.

لكن شيئًا ما حدث فجأة في الوزارة.

شخص ما — في الوزارة — لم تعد تروق له هذه الجمعية. وقد يكون السبب أنه يكره النساء المتمردات، أو أن زوجته التحقت بالجمعية وعادت تناقشه بلهجة لم يألفها، أو أنه مسئول عن مراجعة حسابات آلاف من الجمعيات … ويريد أن يختصر العدد، أو أن السيد البدوي زاره في المنام راكبًا حصانًا أبيض، وقال له: «قم واشطب هذه الجمعية»!

المهم، على أية حال، هو أنه فعل.

وفي الصباح التالي صدر قرار من الدكتورة آمال عثمان الممثلة الوحيدة للمرأة في مجلس الوزراء، بإلغاء جمعية «تضامن المرأة المصرية».

ولم يكن في القرار أسباب، لأن القوانين في مصر لا تلزم صاحب أي قرار بأن يشرح أسبابه.

لكن هذا لا يهم.

إنما المهم أن القرار فرض على الجمعية أن تسلم بيتها، وأدواتها وأموالها، لجمعية أخرى في ضاحية المعادي … اسمها «جمعية نساء الإسلام»!

وهذا هو ما يستحق أن نتوقف عنده.

فجمعية «نساء الإسلام» هذه بحكم اسمها جمعية للمسلمات فقط … والجمعية التي تقرر حلها جمعية لكل المصريات، فكيف تسلم جمعية قومية ممتلكاتها وفلوس عضواتها، لجمعية لا تقبل في عضويتها غير فريق المسلمات؟

وإذا كانت جمعية نوال السعداوي ضارة، وغير مرغوب فيها ونخشى إذا تركناها أن تلوث البيئة، أو تثير حربًا عالمية ثالثة. فلمَ لا تحل وتئول أموالها إلى أعضائها. وما معنى اغتصاب ممتلكاتها كما فعل صدام حسين بالكويت؟

إن شيئًا كهذا لا يمكن أن يحدث في بلد متحضر.

وأمام القضاء المصري الآن دعوى رفعتها هذه الجمعية وستكسبها. لأن القضاء المصري لا يزال متحضرًا والحمد لله.

لكن ما يهمنا هو السؤال الخطير: من الذي قرر — حين رأت الوزارة حل الجمعية — أن تلتهم فلوسها جمعية دينية؟

قيل لي عندما سألت: إن المسالة أبسط كثيرًا مما توهمت، وأن الرجل المكلف بتصفية جمعية نوال السعداوي كان بالصدفة الرجل الذي أسس جمعية نساء الإسلام … فاختار على سبيل الكسل أن يضم الجمعية المحلولة إلى الجمعية التي أسسها.

وفي اعتقادي أن هذا عذر أقبح من الذنب.

فمعناه أن مصائر الجمعيات في بلادنا أصبحت رهنًا بمدى راحة بعض الصغار من كبار الموظفين في أجهزة الدولة، وأن حكوماتنا لم تدرك بعد برغم آلاف الدروس أهمية الجمعيات الأهلية في بناء المجتمع والنظام، وأنها بإهدار كرامة العمل الاجتماعي الأهلي تنهي إلى الأبد إمكان التوحد ما بين الناس ونظام الحكم، وتلغي المبادرة الشعبية، والإرادة الجماهيرية، وكل ابتكار يمكن أن يساند أجهزة البيروقراطية البلهاء المتعفنة.

ثم يبقى بعد ذلك السؤال …

من الذي أصبح يحكم هذه الأجهزة البلهاء؟ إلى أي مدى اصبحت تديرها «الجماعات»؟

وهو سؤال أشفق على الدكتورة آمال عثمان من مواجهته، لكنني أدعوها أن تفعل.

فهي بالنسبة لي نموذج لنجاح المرأة في المناصب الكبرى، ونجاحها ينصف موقفي من المرأة عمومًا، وسيؤلمني كثيرًا أن تقفل عينيها عن مثل هذه الفضيحة في وزارتها، وأن يخرج علينا غدًا من يعيرنا قائلًا: هذه وزيرتكم ضحكوا عليها، ولا يفلح قوم ولوا أمورهم امرأة!

مع خالص حبي، وتأييدي واحترامي للدكتورة آمال …

صلاح حافظ

•••

جريدة الشعب
٢٢ نوفمبر ١٩٨٣م
دولتنا بوليسية

تفضلت الأديبة الكاتبة الدكتورة نوال السعداوي، فأطلعتني على خطاب أُرسل إليها من السيد المدير العام للمكتب الفني بالإدارة الاجتماعية بالوايلي بمنطقة القاهرة، مؤرخ في ٩ / ٨ / ١٩٨٢م يتضمن قرارًا صادرًا من سيادته يقضي برفض طلب شهر جمعية «تضامن المرأة»، وقد ذكر في الخطاب المشار إليه كجزء من قرار الرفض وسبب له ما نصه: لعدم موافقة مباحث أمن الدولة.

والحق أنني تولاني عجب لا نهاية له من أن إدارة من إدارات الحكومة، لا تجد حرجًا في أن تعلن ببساطة أنها تعمل لحساب مباحث الدولة، وأنها تتلقى صراحة أوامر وتوجيهات من هذه المباحث فتعمل بها وتطيعها، وتعلن للناس ذلك؛ أي تعلن للناس أنها لا تجد بأسًا في أن تكون ذيلًا لإدارة مباحث أمن الدولة، وهذا شيء خطير من كل جانب، فمباحث أمن الدولة هي جهاز من أجهزته العديدة المكونة لجهاز أكبر كثيرًا وأضخم، هو جهاز الدولة الشامل العظيم، ومن ثم فإن هذا الجهاز الجزئي، مهما بلغ من خوف الناس منه، وخشيتهم من قدرته على إيذائهم ولا سيما في ظل قوانين الطوارئ، إلا أنه ليس سيد الحكومة، ولا صاحب الأمر والنهي فيها.

فإذا كانت وزارة الشئون الاجتماعية قد قبلت أن تخضع في المسائل الخاصة بتأليف جمعيات لتوجيهات إدارة مباحث أمن الدولة، وأن تتلقى الأوامر منها فتطيع وتنفذ الأمر، وكأن هذه الوزارة عسكري من عساكر الشرطة، يوجه فيتجه ويؤمر فيذعن، فقد كان ممكنًا أن يتم هذا الأسلوب من الخضوع والطاعة، في تستر، فرسول الله قال لنا: «إذا بُليتم فاستتروا.» والستر الذي نريد أن نسدله على الوزارة يقتضيها أن تتلقى خطابات إدارة مباحث الأمن، فتنفذ ما جاء فيها وتتحمل مسئولية القرار الذي أصدرته إدارة المباحث دون أن تعلن أنها تلقت هذا الأمر، تلقت الخطاب الصادر من الوزارة إلى الجمهور المتعامل بوضع هذا الاعتراف المؤذي، في صدر هذا الخطاب فيعرف الناس جميعًا أن علاقتنا هي حكومة بوليسية، وأن صاحب السلطة الحقيقية في تصريف البلاد هو مخبر المباحث الذي يكتب التقرير لإدارة المباحث التابع لها مقترحًا عدم التصريح بتأليف تكوين الجمعية التي يطلب تشكيلها عدد من أفاضل أساتذة الجامعة أو عدد من أفاضل السيدات الطبيبات والكاتبات وصاحبات الرأي ممن لهن عدد ضخم من التلاميذ والمريدين، بدعوى أن هذه الجمعية جمعية شيوعية.

والحكومة البوليسية هي حكومة مكروهة في العالم كله، وبعض الحكومات البوليسية تخفي «بوليسيتها» تحت ستار من المدنية والحرية، ولا تفعل ما تفعله وزارة الشئون الاجتماعية علنًا وبلا خجل.

فقد سبق أن أخبرني وكيل تعليم من كليات الجامعة أنه فكر وعدد من زملائه الأساتذة في تأليف جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في إحدى عواصم الصعيد، فجاءهم خطاب مماثل تمامًا للخطاب الذي وصل السيدات اللواتي فكرن في تكوين جمعية تضامن المرأة.

والمؤسف حقًّا أن هذا التصرف السيئ يصدر من وزارة ترأسها أستاذة للقانون وهي بحكم ثقافتها، ومهنتها، وعلمها تعرف الحكومة البوليسية؟ وتعرف ما يقوله وقاله علماء القانون في استهجانها، والدعوة إلى وضع حد لخصائصها في كل بلد.

والطريف الذي يحول الأمر — في موضوع دس المباحث أنفها في نشاط الوزارات والمصالح الحكومية — إلى مهزلة مبكية ومأساة مضحكة، أن خطاب وزارة الشئون الاجتماعية يقول: إن اقتراح منع التصريح بتكوين جمعية تضامن، صدر من إدارة البحث الجنائي لمكافحة جرائم الآداب العامة … ومعنى ذلك بعبارة واضحة أن تعنيف النشاط الاجتماعي في وزارة الشئون الاجتماعية أضاف تأليف الجمعيات إلى إدارة تكافح الانحطاط الخلقي، وترويج الفاحشة والعمل على ممارستها، وهو شيء آخر يرينا العقلية التي يحكم بها على نشاط أصحاب الرأي والراغبين في الخدمة.

فبماذا ننصح السيدات اللواتي أردن أن يدافعن عن حقوق المرأة التي هي فرع — أو ربما أصل — لحقوق الإنسانية؟!

أننصحهن بالكف عن هذه المحاولة الشريفة السامية، وأن يدعن مجتمعنا بلا محاولة لرفع مستواه.

أم ننصحهن بإنشاء جمعيتهن دون مراعاة قواعد القانون التي تحتم على من تسول له نفسه تكوين جمعية أن يعرض أمره على إدارة تكافح عيوب الآداب وآفاتها.

إنه مصاب يُبكي ويضحك، ولكن لا تجد له حلًّا، إلا أن تدعو له أن يأخذ بيد هذا البلد، وأن نقول للسيدة آمال عثمان وزير الشئون الاجتماعية إنها لا تخدم السيد اللواء حسن أبو باشا الوزير المشرف على إدارة مكافحة جرائم الآداب العامة، ولا تتلقى منه الأوامر، بل إنها لا تخدم السيد رئيس الجمهورية، إنما هي تخدم القانون الذي تعلمته وأصبحت أستاذة فيه، وبفضل هذه الأستاذية اختيرت للوزارة، وأنها بسبب تبعيتها للقانون وانتسابها إلى أسرته يجب أن تراجع قواعد وأساليب العمل في وزارتها لتمنع صدور خطاب بهذه الصورة المؤذية الجارحة التي نقلنا صيغتها بالحرف الواحد، ولنمنع من باب أولى، صدور قرار مؤسف محزن كالقرار المانع من تكوين جمعية تضامن المرأة!

فتحي رضوان

•••

جريدة الأهالي
٣١ يوليو ١٩٩١م
دبوس
وزارة الشئون و«الخلفاء» الراشدون

لا يستطيع أحد مهما بلغت جرأته على الحق أن يقنعنا بأن في مصر حكومة واحدة.

لدينا حكومة تتحدث عن الانفتاح والتعددية والشرعية، ولدينا حكومة أو حكومات أخرى تعتقد أن أعظم مظاهر الديمقراطية والتعددية والشرعية هي تطبيق القانون العثمانلي أو على أحسن الفروض مبادئ الحكم المملوكي.

ولا يستطيع أحد أن يشكل جمعية لممارسة أي نشاط اجتماعي (دعك من النشاط السياسي) إلا بعد إجراءات وتحريات تستدعي تدخل الأمم المتحدة وربما قوات «الحلفاء» الراشدين لدى صاحبة العظمة وزارة الشئون الاجتماعية.

ويبدو أن الوزارة وافقت في ظروف دولية غير مواتية على تسجيل جمعية تضامن المرأة (المصرية)، كما سجلت إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية جمعية أخرى دولية بنفس الاسم ذات وضع استشاري في المجلس الاقتصادي الاجتماعي بالأمم المتحدة.

وما إن بدأت تباشير النظام العالمي الجديد حتى رأت وزارة الشئون الاجتماعية والسيد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية أن الفرصة أصبحت مواتية لتأديب رئيسة الجمعية المصرية الدكتورة نوال السعداوي والخلط بين الجمعيتين ومصادرة ممتلكاتهما وتسليمهما إلى «محتسب» موظف في وزارة الشئون يرأس هو نفسه جمعية نسائية مع الاحتفاظ له شخصيًّا بعشرة في المائة من هذه الممتلكات جزاء المشقة التي سيعانيها في عملية الاستيلاء على أموال الغير.

ونشر نائب المحافظ بيانًا يعتمد فيه على بلاغ لسيدة تزعم فيه أن الجمعية المصرية تحتفظ في بنك مصري بأموال أخرى لم تبلغ عنها، وهي في الحقيقة أموال الجمعية الدولية وزعم المسئول أنه راجع وزارة الخارجية، فأبلغته أنها لا تعرف شيئًا عن الجمعية الدولية مع أن لها ملفًا منذ تسجيلها في الأمم المتحدة، والمدهش هو أن رجالًا مسئولين يعتقدون أن من يريد إخفاء أموال عن مراقبة وزارة الشئون الاجتماعية يقوم بإيداعها في بنك مصري باسم الجمعية في عاصمة مصر، مع أن تهريب مثل هذه الأموال يمكن أن يتم بغاية اليسر إلى بنوك في الخارج لو كان الهدف هو خداع وزارة الشئون والسيد المحافظ كما حدث لما يزيد على ١٠٠ مليار دولار في الخارج، والأكثر إثارة للدهشة هو أن السيد نائب المحافظ استفسر عن حقيقة الجمعية في وزارة الخارجية تعرف منها أنه ليست هناك جمعية بهذا الاسم رغم الوثائق الرسمية التي تقدمها الدكتورة نوال السعداوي.

ولما كان من المستحيل أن تجهل إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية اسم جمعية دولية ذات ملف رسمي لديها، فقد يكون سؤال محافظة القاهرة عن طريق الخطابات الرسمية المعروفة قد وجه إلى وزارة أخرى أو ربما لوزارة الخارجية في عاصمة أخرى، أو ربما لم يستدل مندوب المحافظة على عنوان وزارة الخارجية كما حدث منذ أسبوعين عندما سجل أحد «المحضرين» على إنذار موجة لوزارة الصناعة لتنفيذ حكم لصالح عمال المحلة، بأنه لم يستدل على عنوان وزارة الصناعة بالقاهرة.

وهكذا استطاعت وزارة الشئون مع السيد نائب المحافظ أن يعيدا إلى ذاكرة المصريين والقاهرة بعض تقاليد مصر الزاهرة في عصور العثمانيين والمماليك حتى لا يتوهم أحد أن مبادئنا السياسية والاجتماعية تنبع من خارج بلادنا في قضية إنشاء الجمعيات بالذات.

وهذا عمل من جلائل الأعمال يمكن أن يبعد الناس ولو لأيام معدودة عن مناقشة أمور كئيبة مثل الارتفاع الصاروخي للأسعار وضريبة الرأس (أو المبيعات) وما يتعرض له العرب من الخليج إلى المحيط دون استثناء من إذلال وإهانة لم يسبق لهما مثيل.

مأساة الصحفي النظيف الذي لا يرتشي ولا يجامل في الحق هو التقدير العميق الذي يغمره به الناس بعد موته، والإحساس بالخسارة الفادحة لفقده.

وهذا هو ما خرج به زميلنا وصديقنا الأستاذ سامي السلاموني من العالم. وليرحمنا الله.

فيليب جلاب

•••

جريدة الجمهورية
٨ ديسمبر ١٩٨٣م
دليل المرأة الذكية في التعامل مع الحكومة المصرية

ليس مصدر هذا الدليل خيالي المريض.

وليس هدفه التشهير بمصر مجانًا أو بالعملة الصعبة.

إنما المصدر هو الحكومة نفسها، وأوراقها المختومة بختم النسر … وكلها الآن أمامي … مع بالغ الأسف!

الورقة الأولى

طلب بإشهار جمعية ثقافية للمرأة المصرية، تؤدي أربع مهام على سبيل الحصر:
  • محو أمية النساء.

  • إصدار مجلة علمية تدرس قضاياهن.

  • إنشاء مكتبة لتراثهن الثقافي.

  • عقد ندوات وبحوث ومؤتمرات محلية وعالمية.

والطلب مقدم إلى الشئون الاجتماعية ومختوم بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الورقة الثانية

قائمة بأسماء مؤسسات الجمعية، طالبات التصريح بإشهارها:
  • خمس عشرة مثقفة مصرية.

  • سبعة أساتذة في الجامعة.

  • مدرسة جامعية.

  • مديرة كاتبة.

  • طبيبة كاتبة.

  • صحفية كاتبة

  • مخرجة.

  • رسامة.

  • باحثة اجتماعية.

  • مديرة برعاية الشباب.

والقائمة تقول بوضوح إن أكثر من نصف مؤسسات الجمعية يتولين تعليم أولادنا في الجامعات والباقيات يثقفن الرأي العام في بلادنا بالكلمة والفيلم واللوحة، ويلجأ إليهن طالبو المشورة والمعونة من شبابنا وفقراء أهالينا.

الورقة الثالثة

خطاب رسمي إلى السيدة التي اختارتها الجمعية رئيسًا لها (الدكتورة نوال السعداوي).

والخطاب من المجلس الأعلى للثقافة، يقول للسيدة الدكتورة إنه قد وقع الاختيار عليها — بمناسبة يوم المرأة العالمي — لتكريمها كإحدى الرائدات المصريات … من أجل جهودها البناءة في سبيل نهضة مصر ورفعتها، ودعم الثقافة المصرية.

تاريخ الخطاب ٢١ فبراير ١٩٨٣م، والموقع عليه رئيس الثقافة الجماهيرية (د. سمير سرحان).

الورقة الرابعة

شهادة من الدولة إلى السيدة نفسها محاطة ببرواز جليل، ومكتوبة بالخط الفارسي الجميل، وموقع عليها باسم وزير ثقافتنا الطيب المتحمس: محمد عبد الحميد رضوان، وتاريخ الشهادة ٨ مارس ١٩٨٣م.

ويقول نصها: يسر وزارة الثقافة منح الأستاذة نوال السعداوي هذه الشهادة تقديرًا لريادتها في المجال الأدبي، مع أصدق التمنيات بدوام التوفيق.

الورقة الخامسة والأخيرة

دش بارد على أم رأس الجميع: المثقفات والأساتذة اللاتي أسسن الجمعية، والدكتور الذي «تشرف» بإبلاغ رئيستها نبأ اختيارها كرائدة، والوزير الذي وقع بخطه على شهادة تقدير الدولة لها …

والدش تدفق ماؤه من قرار مختوم بختم النسر، صادر عن محافظة القاهرة، يعلن رفض شهر الجمعية التي طلبت هؤلاء السيدات التصريح بها.

لماذا؟

يجيب صلب القرار، بالحرف الواحد: لعدم موافقة مباحث أمن الدولة!

ولماذا لا توافق المباحث؟ هل هؤلاء السيدات يساريات؟ هل لهن اتصال بالدول المعادية؟ هل تشتبه الدولة في مؤامرة لقلب نظام الحكم وهن طرف فيها؟

حاشا الله!

ينفي القرار عنهن هذه الاحتمالات جميعًا، ويحرص في ديباجته على إيضاح السبب … فيقول بالنص:

«بعد الاطلاع على أحكام القانون رقم … إلخ.»

«وبعد الاطلاع على رد مديرية أمن القاهرة، إدارة البحث الجنائي، قسم مكافحة جرائم الآداب العامة» … وبس!

لا يورد القرار أي سبب آخر لرفض إشهار الجمعية بعد هذا السبب البليغ المقنع!

ما بعد الفضيحة!

هذه هي الأوراق الرسمية التي نقلت عنها دليلي للمرأة الذكية في مصر، ولا يزعجني — الآن — سوى أن هذه الأوراق ما تزال على مكتبي … تلوثه!

نعم، تلوثه.

فلا شيء ينقض الوضوء في اعتقادي قدر ما تنقضه ورقة تقول لنساء يُعلِّمن أولادنا في الجامعة: أحلنا أمركن إلى بوليس الآداب!

ولا شيء يهين مصر، ويلوثها، ويمتهن ثقافتها وحضارتها، ويشهر بها في العالم كله … قدر ما يفعل قرار — مختوم بختم الدولة — يعترف بأن الجهة المختصة بالتعامل مع الأساتذة والمديرات والكاتبات في مصر هي بوليس الآداب! صحيح أن في مصر عقولًا ومنظمات تعتبر مجرد تعليم المرأة فسقًا ودعارة … ومجرد وجودها في حقل العمل العام ضلالة وانحلالًا. لكن الدولة لا تكف في دعايتها عن اتهام هؤلاء الناس بالجهل والضلال فما بالها تتبنى نفس أفكارهم، وتجعل التعامل مع المثقفات والرائدات من اختصاص البوليس المتخصص في مقاومة الفسق والدعارة؟!

هل تسللت هذه العقول، وتلك المنظمات، إلى داخل جهاز الدولة؟ وهل سيطرت إلى الحد الذي جعل الثقافة والدعارة في بلادنا وجهين لعملة واحدة، حسابها ورصيدها عند بوليس الآداب؟

كنت أتصور — حتى الآن — أن الرأي في شئون الجمعيات الثقافية للجهات الثقافية في الدولة. ولكن … ها هو «رئيس قطاع الثقافة الجماهيرية» يبشر رئيسة الجمعية باختيارها رائدة تستحق التكريم، فيجيء بوليس الآداب يهنيها ويقول لسيادته: اسكت أنت!

وها هو وزير الثقافة يمنحها شهادة تقدير في الريادة، ويوقعها باسمه … فيهزأ بوليس الآداب بالشهادة والتوقيع، وتحترمه محافظة القاهرة أكثر مما تحترم الوزير!

ولو كنت مكان الرجلين لقدمت استقالتي اليوم.

لا على سبيل الاحتجاج الشخصي، ولكن لأن هذه الاستقالة تضمن على الأقل بقاء سمعة مصر الثقافية والحضارية، وتعفي بلادنا من اتهام الأجيال القادمة باأنها خانت تراث آلاف السنين، وسلمت الحكم في عالم الثقافة للمخبرين.

وما دام النشاط الثقافي في مصر قد أصبح من اختصاص بوليس الآداب، فالطبيعي هو أن ينسحب الوزير الحالي من الميدان، ويحتل منصبه معالي رئيس مكافحة الآداب العامة في وزارة الداخلية!

لقد تخلفنا كثيرًا فيما يبدو، ودون أن نشعر.

ولن ينقذنا من هذا التخلف إلا أن ننسى بعض الوقت الذين يشهرون بنا في الخارج، ونتلفت بعض الوقت إلى الذين يشهرون بنا في الداخل.

الذين يلطخون وجه مصر على راحتهم. ويزينون اللطخ بالتوقيعات وأختام النسر. ويقدمون للدنيا كلها وثائق تثبت أننا قوم نكره الثقافة كراهية الدعارة، ولا نميز بينهما.

ومتى؟

على مشارف القرن الواحد والعشرين. وبعد سبعة آلاف سنة من الحضارة نفاخر بها العالم الذي نزعم أننا نحن الذين علمناه وربيناه!

تخلصوا من هؤلاء يا سادة.

وثقوا أن مصر بعدهم ستستعيد ريادتها، وقيادتها، ودورها الحضاري في العالم، وأنها ستقهر كل الصعاب التي تواجهها.

فالمشكلة ليست عجز مصر وإنما إجهاض حماس شعبها، وقدراته الخلاقة، وفرض التخلف عليها فرضًا بأمثال هذه النظم التي لا تطالب راقصات الهرم إلا بدفع الضرائب … بينما تحيل الكاتبات وأساتذة الجامعات إلى بوليس الآداب!

احفظي هذا الدليل جيدًا، وعلقيه حلقة في أذنك، حتى تحسني التعامل مع الحكومة المصرية.

توكئي على عصا، واطرقي باب وزارة الشئون الاجتماعية، وقدمي لها شهادة فقر، ستحترم الحكومة فقرك وشيخوختك، وتمنحك معاش السادات.

أخلصي لذكرى زوجك الراحل … واعملي مربية أو خادمة للإنفاق على أولادك، ستحترم الحكومة صبرك وتفانيك، وتختارك أمًّا مثالية.

تألقي في الغناء أو الرقص، أو المسرح، أو المسلسلات، ستحترم الحكومة مواهبك، وتجاملك، وتسمح لك بأن تسوي حسابك الضريبي بالتقسيط.

تفوقي في دراستك، واعملي طبيبة أو كاتبة أو أستاذة في الجامعة، وفوزي بشهادة تقدير من الدولة، وتقدمي بمشروع ثقافي لتنوير المرأة المصرية … ستعرض الحكومة أمرك على بوليس الآداب!

صلاح حافظ

الطعن

بسم الله الرحمن الرحيم

إنه في يوم … الموافق …/…/١٩٩٢م الساعة أمامي أنا

الموظف بسكرتارية المحكمة الإدارية العليا.

حضر أمامي الأستاذ/ … المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا من قبل الأستاذة الدكتور/ نوال السيد السعداوي بصفتها رئيسًا لمجلس إدارة جمعية تضامن المرأة العربية والمقيمة … بموجب التوكيل الرسمي العام رقم …

ضد
  • (١)

    السيد الدكتور/ وزير الشئون الاجتماعية بصفتها.

  • (٢)

    السيد محافظ القاهرة بصفته.

  • (٣)

    السيد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية بصفته.

  • (٤)

    السيد/ مدير عام إدارة غرب القاهرة الاجتماعية بصفته.

وذلك طعنًا في حكم المحكمة الإداري بمجلس الدولة دائرة الأفراد «ب» بجلسة ٧ / ٥ / ١٩٩٢م في الدعوى رقم ٦٦٨٤ لسنة ٤٥ق والمتضمن: «حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلًا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه وألزمت الإدارة بمصروفات هذا الطلب.»

الوقائع

أقامت الطاعنة ابتداء الدعوى رقم ٦٦٨٤ سنة ٤٥ق ضد المطعون ضدهم أمام محكمة القضاء الإداري بطلب تقدمت به إلى السيد المستشار رئيس المحكمة، وطلبت في ختامه بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وببطلان وإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وتسبيبًا لطلباتها أوردت أنه قد تم إنشاء جمعية تضامن المرأة العربية وفقًا لأحكام القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م وتم إشهارها تحت رقم ٣٢٨٢ في ٧ / ١ / ١٩٨٥م بمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة … وقد استوفت تلك الجمعية سائر الإجراءات والأوضاع التي يتطلبها القانون غير أنها فوجئت يوم ١١ / ٧ / ١٩٩١م بخطاب موصى عليه مرفق به القرار رقم ١٩ الصادر في ١٥ / ٦ / ١٩٩١م من السيد نائب محافظة القاهرة للمنطقة الغربية متضمنًا حل الجمعية وأيلولة أموالها إلى جمعية نساء الإسلام … وقد صدر القرار دون أسباب.

وبعد أن أوردت الطاعنة أسباب طعنها على القرار ختمت بطلباتها.

وقد تفضل السيد المستشار رئيس مجلس الدولة فحدد جلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م لنظر الدعوى وتأجل نظرها لجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م ثم ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م حيث قررت المحكمة حجزها للحكم لجلسة ٧ / ٥ / ١٩٩٢م … وبالجلسة المذكورة قضت بحكمها السابق إبراءه بصدر هذه الصحيفة والمتضمن حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلًا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه … إلخ.

وإذا كان هذا الحكم قد عاره الخطأ في تطبيق القانون مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستناد بأن الطاعنة تخاصمه لدى المحكمة الإدارية العليا للأسباب الآتية:

أسباب الطعن
تمهيد

يشكل هذا الحكم سابقة خطيرة في مجال تفسير نصوص القوانين المقيدة للحريات والتي استقر قضاء مجلس الدولة على تفسيرها تفسيرًا ضيقًا وعلى الانحياز فيها لمبادئ الحرية ضد قيود جهة الإدارة وتعسفها.

والقانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م الخاص بالجمعيات هو من تلك القوانين التي ما عادت صالحة لمواكبة نص المادة «٥٥» من الدستور وهي التي أطلقت حق تكوين الجمعيات للمواطنين … وبذلك كان يجب على المحكمة حين تصديها لنظر الدعوى أن تراعي في أية ظروف ولد القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م وألا تغلو في تفسير نصوصه هذا الغلو الذي أدى إلى تبني مفهوم ضيق للمدى المتاح للجمعية الحركة فيه وجعل هذا الحكم يبدو وكأنه لم يقرأ إلا دفاع جهة الإدارة فقط ولم يدرس إلا ما تقدمت به من مستندات … وكأن الطاعنة لم يكن لها دفاع ولم تتقدم بأية مستندات … فما كان لدفاعها من أثر يمس في الحكم وما كان لما تقدمت به من مستندات من صدى يسمع في الأسباب.

وقد عار الحكم خطأ في القانون ومخالفة للثابت بالأوراق على نحو ما سوف نوضحه:

السبب الأول

«خطأ في تطبيق القانون أصاب الحكم حيث اعتبر أن إحالة القرار المطعون عليه على مذكرة صادرة من مديرية الشئون الاجتماعية كان بداية لتسبيب القرار المطعون عليه.»

في معرض رده على دفاع الطاعنة بأن القرار المطعون عليه جاء معيبًا يعيب الشكل لعدم تسبيبه أو رد الحكم المطعون عليه:

«ولا ينال من ذلك القول بأن القرار لم يتضمن بيانًا بالأسباب التي قام عليها لأن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قد أشار في ديباجته إلى مذكرة الشئون الاجتماعية.»

وإذا كان هذا القول غير سديد ذلك أنه من المقرر أنه متى اشترط القانون تسبيب القرار الإداري وعندئذٍ يصبح ذكر السبب في صلب القرار شرطًا من شروط الصحة الشكلية (د. طعيمة الجرف، قضاء الإلغاء، طبعة ١٩٧٧م، ص٢٧٣؛ د. سليمان الطماوي، القضاء الإداري، الكتاب الأول قضاء الإلغاء، طبعة ١٩٨٩م، ص٧٧٠). وفي ذلك تقول محكمة القضاء الإداري:

«إنه إذا تطلب القانون تسبيب القرارات الصادرة بالترقية فإن إحالة القرارات إلى القانون وإلى الملفات والوظائف التي تقلدها المرشحون للترقية لا تعد تسبيبًا وإنما يقوم التسبيب في هذا المجال بذكر الأسباب التي دعت المجلس إلى تفضيل من رقوا وترجيحهم على من تخطوا في الترقية أو بالقليل بذكر الأسباب التي حملته على تخطي من تخطاه في الترقية، وأن تكون هذه الأسباب أو تلك واردة في صلب القرار حتى يخرج القرار حاملًا بذاته كل أسبابه أما الإحالة إلى أوراق أو وثائق أخرى فلا تكفي لقيام التسبيب» (حكم في ٢٩ / ١ / ١٩٨٥م السنة ١٢، ١٣، ص٨٤).

(وراجع د/ ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، طبعة ١٩٧٧م، ص٣٣١ والأحكام المذكورة بهامش الصفحة.)

وإذا كان ذلك وكانت المادة «٥٧» من القانون ٣٢ لسنة ١٩٦٤م قد أوجبت حل الجمعية بقرار مسبب … وقد ورد القرار المطعون عليه خاليًا من الأسباب … فإن إحالته إلى مذكرة مديرية الشئون الاجتماعية لا تكفي لتسبيبه خاصة أن تلك المذكرة لم ترفق به ويكون الحكم إذا خالف هذا النظر قد أخطأ القانون مما يجعله حقيقيًّا بالإلغاء.

ثانيًا

قصور في التسبب بعدم الرد على دفاع جوهري للطاعنة، وهو عيب الشكل وذلك لتجاهل جهة الإدارة أخذ رأي الاتحاد المختص قبل صدور القرار المطعون عليه … وقد نتج عن ذلك خطأ في تطبيق القانون أصاب الحكم لرفضه طلب وقف التنفيذ رغم أن القرار جاء معيبًا شكلًا.

من المقرر أن الدفاع الجوهري هو ذلك الدفاع الظاهر التعلق بموضوع الدعوى وأن يكون الفصل منه لازمًا للفصل في الموضوع ذاته … إلزام المحكمة بالرد على الدفاع الجوهري ينبع من واجب احترامها لحقوق الدفاع فضلًا عن واجبها نحو تسبيب الأحكام.

(د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات، ج٣، طبعة ١٩٨٠م، ص٢٢٣-٢٢٤.)

وإذا كان ما تقدم وكانت الطاعنة قد دفعت في مذكرتها المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م (مقدمة من مكتب كريمة علي حسين ونجاد البرعي محامون) ص٤ بأن القرار المطعون عليه قد جاء متجاهلًا اتخاذ إجراء هام يسبق صدوره هو ضرورة أخذ رأي الاتحاد الإقليمي للجمعيات، وهو إجراء يفرضه نص المادة «٥٧» من القانون ٣٢ لسنة ١٩٩١م، وأن هذا التجاهل قد وصم القرار المطعون عليه بعيب الشكل باعتبار أنه إذا ألزم القانون جهة الإدارة باتخاذ إجراءات بعد أو قبل إصدار القرار وذلك كإجراء تحقيق أو كأخذ رأي جهة معينة في موضوع القرار فإن تجاهل الإدارة لهذا الإجراء يصم قرارها بعيب ويجعله قابلًا للإلغاء (د. ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، ص٢٣١).

وإذا كان الحكم المطعون عليه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري لا بالرفض ولا بالقبول، ولم يورد أي أثر له في أسبابه فإن حكمه يكون قاصرًا في التسبيب لعدم رده على مثل هذا الدفاع الجوهري.

على أن الأمر لا يقف هنا عند القصور في التسبيب لأن الحكم المطعون عليه بتجاهله لهذا الدفاع ثم قضاءه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه يكون قد ساقه قرارًا باطلًا لعيب في شكله مما يشكل مخالفة للقانون لأنه من المقرر وفق نص المادة «٥٧» من القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م: «يجوز حل الجمعية بقرار مسبب من وزير الشئون الاجتماعية بعد أخذ رأي الاتحاد المختص.»

ومفاد ما تقدم أنه لا يجوز اتخاذ قرار حل الجمعية دون أخذ رأي الاتحاد الإقليمي للجمعيات الذي هو الاتحاد المختص وفق نص القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م.

فإذا ما اتخذت جهة الإدارة قرار الحل دون أخذ رأي الاتحاد المختص فإن قرارها يكون قابلًا للإلغاء لإصابته بعيب من عيوب الشكل ذلك لأنه من المقرر أن قد يفرض المشرع على الإدارة قبل إصدار قرار معين استشارة فرد أو هيئة من الهيئات وحينئذٍ يتعين القيام بهذه الشكلية قبل إصدار القرار حتى لو كان الرأي في ذاته غير ملزم للإدارة (د. سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص٧٧٦؛ د. طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص٢٧٤).

وعلى ذلك استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا ومجلس الدولة (حكم ١٦ / ٤ / ١٩٥٣م مجموعة أحكام المجلس السنة ٧، ص٩٢١، وحكم ١٥ / ٦ / ١٩٥٥م مجموعة الأحكام السنة ٩، ص٤٤٦، ومجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا السنة ٨، ص٨٩١، حكم في ٢٣ / ٣ / ١٩٦٣م).

وإذا كان ما تقدم وكان القرار المطعون عليه لم يتضمن أن من قام بإصداره قد استطلع رأي الاتحاد المختص، كما أن جهة الإدارة لم يقدم طوال مراحل التقاضي ما يفيد قيام جهة الإدارة باستطلاع رأي الاتحاد المختص … فإن هذا القرار يكون باطلًا لعيب في شكله ويكون الحكم المطعون عليه إذا التفت عن ذلك قد خالف القانون فضلًا عن قصور في تسبيبه مما يجعله في كل الأحوال بإذن الله حقيقًا بالإلغاء.

ثالثًا

قصور في التسبيب بعدم الرد على دفاع جوهري يتعلق به عيب مخالفة القانون لأن الحكم الطعين لم يرد على دفاع الطاعنة بعدم مشروعية قرار التفويض لعدم نشره نشرًا سليمًا وقد أدى التفاته عن هذا الدفع إلى خطئه في تطبيق القانون.

كانت الطاعنة قد دفعت في مذكرة مقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م (مقدمة من الأستاذ/ عادل أمين) بعدم مشروعية القرار رقم ١٩ سنة ١٩٩١م لصدوره من نائب محافظ القاهرة الذي لم ينشر القرار رقم ٣١٠ سنة ١٩٨١م الذي فوضه في اختصاصات المحافظة في الوقائع المصرية … وانتهت الطاعنة إلى أن: «القرار رقم ٣١٠ سنة ٨١ قد تضمن تفويضًا في اختصاص نص عليه في قانون الجمعيات وأسند للمحافظة في قانون نظام الحكم المحلي فيلزم الأمر كذلك أن ينشر متى يصل إلى علم الكافة ويصبح نافذًا ولا يستطيع نائب المحافظ ممارسة السلطات المفوضة فيها بناء على هذا القرار إلا بعد النشر.»

وأضافت الطاعنة أن الثابت من مراجعة أعداد الوقائع المصرية الصادر منذ هذا التاريخ أن القرار ٣١٠ سنة ١٩٨١م لم ينشر.

وإذا كان ذلك وكان الحكم المطعون عليه قد تجاهل هذا الدفاع فلم يرد عليه واكتفى بالقول بأن القرار صادر ممن يملك سلطة إصداره بموجب قرار التفويض ٣١٠ سنة ٨١ وذلك طبقًا لأحكام القانونين ٣٢ سنة ٦٤، و٤٣ سنة ١٩٧٩م.

وإذا كان القول من الحكم المطعون عليه لا يصلح ردًّا على دفاع الطاعنة الجوهري من ناحية ومن ناحية أخرى فإنه من المقرر «أن الأحكام العامة للتفويض في مصر مقررة على الوجة السائد في فرنسا» (د. سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص٧٢٨).

وكان من المقرر في فرنسا أن القرار المجيز للتفويض يجب أن ينشر نشرًا سليمًا وإلا كان باطلًا (د. سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص٧٢٦؛ والأحكام المذكورة بالهامش رقم ١ بدأت الصفحة).

وإذا كان ما تقدم وكان الثابت من مراجعة أعداد الوقائع المصرية منذ ٢٤ / ١٢ / ١٩٨١م وحتى الآن أن القرار رقم ٣١٠ سنة ١٩٨١م والصادر بتفويض نائب محافظ القاهرة في بعض اختصاصات المحافظ لم يتم نشره نشرًا سليمًا، وهو ما لم تجادل فيه جهة الإدارة فإنه يكون غير نافذ حتى يتم نشره، ويكون القرار المطعون عليه إذ بني على قرار تفويض لم ينشر قد وقع باطلًا مستحقًّا للإلغاء.

رابعًا

خطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق حيث استخلص الحكم المطعون فيه أن مكاتبات وزارة الخارجية المصرية تقطع بعدم وجود جمعية دولية مسجلة لديها باسم جمعية تضامن المرأة العربية حين أن الثابت من الأوراق هو خلاف ذلك.

استقرت المحكمة الإدارية العليا على أن الحكم القائم على أسباب منتزعة من أصول تخالف الثابت من الأوراق يتعين إلغاؤه لأنه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه (إدارية عليا ٢٣ / ١١ / ١٩٥٧م، السنة ٣، ص٧٠).

وإذا كان ما تقدم وكان الحكم الطعين قد أورد في مدوناته وبعد أن استعرض ما زعم أنه مخالفات قارفتها الجمعية المنحلة. «كما لا يقدح في ذلك القول بأن الجمعية المذكورة هي غير الجمعية التي حصلت على الوضع الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى الأمم المتحدة ذلك لأن البادي من مكاتبات الجهة الإدارية مع وزارة الخارجية أن وزارة الخارجية ليس لديها علم عن الجمعية الثانية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة، ولا يوجد في الأوراق ما يؤكد قيام هذه الجمعية داخل جمهورية مصر العربية.»

وهذا الذي قال به الحكم الطعين ليس له أصول في الأوراق فضلًا عن أنه يخالف ما هو ثابت فيها … ولو عني الحكم بدارسة مستندات الطاعنة أو حتى قراءة ما قدمته جهة الإدارة من مستندات لخرج بنتيجة مخالفة.

وابتداءً فإن أمر وجود جمعية دولية تحمل ذات اسم الجمعية المنحلة وتباشر ذات النشاط ولكن على مستوى العالم العربي كله ما كان ليهمنا في كثير أو قليل لولا أن كل ما تزعم الجهة الإدارية أنها مخالفات كانت سببًا لصدور قرار حل جمعية تضامن المرأة المحلية إنما هي أعمال قامت بها جمعية تضامن المرأة العربية الدولية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة … كما سنوضح بعد ذلك.

فهل توجد جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية؟ تتبع وزارة الخارجية؟

في ١١ / ٩ / ١٩٩٠م وجهت رئيس مجلس إدارة جمعية تضامن المرأة العربية الدولية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة خطابًا إلى د/ محمد منير زهران مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية قالت فيها بحصر اللفظ:

«السيد الأستاذ مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية … نرسل لسيادتكم محضر الجمعية العمومية بتاريخ ٦ / ٩ / ١٩٩٠م الخاصة بجمعية تضامن المرأة العربية ذات الوضع الاستشاري بالأمم المتحدة والتابعة لإدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية … ويتضمن المحضر أسماء عضوات مجلس الإدارة الجديد وأسماء عضوات المكتب التنفيذي المنتخب، برجاء التكرم باعتماد المحضر وختمه بخاتم الدولة حتى يمكن إرساله إلى بنك مصر فرع مصطفى كامل.»

(الخطاب مستند رقم ١، الحافظة المرفقة بصحيفة المرأة).

وفي هذا الخطاب تسجل جمعية تضامن المرأة العربية الدولية ثلاثة أمور:
  • الأول: أنها تابعة لإدارة الهيئات بوزارة الخارجية.
  • الثاني: أن محضر اجتماع جمعيتها العمومية يتم اعتماده وختمه بختام النسر من وزارة الخارجية.
  • الثالث: أن هذا المحضر بعد اعتماده من وزارة الخارجية سوف يرسل إلى بنك مصر فرع مصطفى كامل … لماذا؟ طبعًا لفتح حساب باسم الجمعية الدولية.

وقد كان يمكن أن ترفض وزارة الخارجية هذا الخطاب وأن ترد على رئيس مجلس إدارة جمعية تضامن المرأة العربية الدولية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة بأنها ليست جهة تسجيل جمعيات … إلا أن ما حدث كان عكس ذلك. فقد تم اعتماد المحضر وقائمة أسماء أعضاء مجلس الإدارة الجديد والمكتب التنفيذي وأمينة الصندوق ومرفق المحضر واعتماد إدارة الهيئات بوزارة الخارجية في ١٩ / ٩ / ١٩٩٠م وأرسلت صورة إلى مدير بنك مصر فرع مصطفى كامل ومختوم بخاتم شعار الجمهورية، وثابت هذا كله في المستند رقم ٢ الحافظة المرفقة بصحيفة الطعن.

وأكثر من ذلك ومنذ ٢٨ / ٩ / ١٩٨٦م وزارة الخارجية تتعامل مع الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية ذات الصفة الاستشارية على أنها جمعية دولية مستقلة وثابت هذا من خطاب موجه من السفير محمود أبو النصر وقت أن كان مديرًا لإدارة الهيئات الدولية إلى مدير بنك مصر فرع مصطفى كامل يحيطه علمًا بالصفة الدولية لجمعية تضامن المرأة العربية ووضعها الاستشاري لدى الأمم المتحدة (مستند رقم ٣، الحافظة المرفقة).

وأكثر من ذلك فإن الحكم المطعون عليه والذي ادعى خلو الأوراق أمامه مما يفيد وجود جمعية دولية ذات وضع استشاري لدى الأمم المتحدة وتحمل ذات اسم الجمعية المنحلة فاته أن يقرأ مستندات الطاعنة التي قدمت بحافظتها بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م وبالذات المستند من أرقام ٢، ٥، ٦.

فعندما صدر قرار بحل جمعية المرأة العربية المحلية وبات واضحًا أن الشئون الاجتماعية تتعمد الخلط بين الجمعية المحلية والجمعية الدولية مستغلة وحدة الاسم ووحدة شخص الرئيسة، مستهدفة الاستيلاء على أموال الجمعية الدولية توجهت الطاعنة بصفتها رئيس الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة بخطاب في ٥ / ٨ / ١٩٩١م إلى مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية تطلب منه موافاتها بخطاب يوضح أمرين:
  • (أ)

    أن جمعية تضامن المرأة العربية الدولية تتمتع بالوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة.

  • (ب)

    وأنها تتعامل مع إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية باعتبارها إحدى الهيئات الدولية (الخطاب مستند رقم ٥ حافظة الطاعنة أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

ولم تخيب وزارة الخارجية ظن الطاعنة فردت عليها بخطاب مؤرخ ١٠ / ٨ / ١٩٩١م يفيد بوضوح أن جمعية تضامن المرأة العربية تتعامل مع إدارة الهيئات كإحدى الهيئات الدولية وأنها تحمل الصفة الاستشارية من الفئة الثانية لدى الأمم المتحدة (مستند رقم ٦ حافظة الطاعنة أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

كما أن الحكم المطعون عليه لو كلف نفسه عناء قراءة مستندات الطاعنة لوجد أن أولى مستنداتها والتي قدمتها بحافظة مستنداتها بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م كان النظام الأساسي لجمعية تضامن المرأة العربية الدولية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة وهو بالقطع يخالف النظام الأساسي للجمعية المنحلة والذي قدمته جهة الإدارة بحافظة مستنداتها رقم ٤ دوسيه، مستند رقم ٣ … وواضح الاختلاف من مجرد قراءة الوثيقتين فإحداهما — أي الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية — تعمل في كل أرجاء الوطن العربي والأخرى — أي الجمعية المحلية — تعمل على مستوى الجمهورية فقط (نلتمس مراجعة الوثيقتين المشار إليهما).

مما يؤكد أن هناك جمعيتين فعلًا واحدة محلية والأخرى عمومية دولية ذات وضع استشاري لدى الأمم المتحدة.

على أن الأوراق ذاتها سواء تلك التي كانت تحد نظر محكمة القضاء الإداري أو المقدمة الآن تؤكد وجود جمعيتين بذات الاسم وليس جمعية واحدة، فالمؤسسون للجمعية المحلية (المنحلة) جميعهم من المصريين (يراجع لائحة النظام الأساسي للجمعية المنحلة المقدمة بحافظة الحكومة ٤ دوسيه، رقم ٣ مستند). في حين أن أعضاء الجمعية العمومية ومجلس الإدارة للجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة من جنسيات عربية مختلفة (مستند رقم ٢، ٣ الحافظة المرفقة بصحيفة الطعن).

إذًا فقد بات من المؤكد أن هناك جمعيتين واحدة ذات صفة استشارية دولية والأخرى محلية وإن كانتا تشتركان في الاسم وفي شخص الرئيس.

على أننا لا نحب أن نغادر تلك النقطة دون أن نستعرض تلك المكاتبات التي ترددت بين الجهة الإدارية ووزارة الخارجية والتي رأى فيها الحكم المطعون عليه أنها تنبئ أن وزارة الخارجية ليس لديها علم عن الجمعية الثانية ذات الوضع الاستشاري.

أما عن أن وزارة الخارجية لديها علم بالجمعية الدولية ذات الوضع الاستشاري وتتعامل معها فإن المستندات المقدمة منا رفق صحيفة الطعن والمستندين ٥، ٦ بحافظة المدعية أمام محكمة القضاء الإداري تقطع بهذا وتؤكده … فما هو إذن فحوى تلك الخطابات ومتى صدرت.

يلاحظ أن تلك الخطابات المقدمة بحافظة الحكومة قد تم استصدارها من وزارة الخارجية لتعزيز موقف وزارة الشئون الاجتماعية في دفاعها في الدعوى حين أن ما قدمته الطاعنة من مستندات سواء رفق صحيفة هذا الطعن أو أمام محكمة القضاء الإداري سابق على نظر الدعوى … ولكننا في هذا المقام لا نحاول ولا نريد أن نصم وزارة الخارجية بوصمة تضليل العدالة فقط سوف نحاول رفع التناقض في موقفها بين مستندات قدمناها صادرة من وزارة الخارجية تثبت أن هناك جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية مسجلة لدى وزارة الخارجية، بل وتم فتح حسابها في البنك بترخيص من وزارة الخارجية ومستندات قدمتها الحكومة ونسبتها إلى وزارة الخارجية ورأى فيها الحكم المطعون عليه أنها تؤكد عدم علم وزارة الخارجية أو تعاملها من الجمعية الدولية.

الملحوظة الأهم

إن كل الخطابات المنسوبة إلى وزارة الخارجية والتي قدمتها الجهة الإدارية بحوافظ مستنداتها تؤكد على أمر واحد هو أنه:

«ليس مدرجًا بميزانية وزارة الخارجية أية اشتراكات أو إعانات تتعلق بهذه الجمعية.»

(مستند رقم ٢، حافظة الحكومة ٤ دوسيه، جلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م).

وبعبارة أخرى في خطاب آخر بأن:

«هذه الجمعية ليست مدرجة بميزانية وزارة الخارجية ولا توجد أية اشتراكات أو إعانات تتعلق بها» (الفقرة الأخيرة من المستند رقم ١، حافظة الحكومة بجلسة ٧ / ٥ / ١٩٩٢م).

وفي هذه النقطة بالتحديد لا يوجد خلاف بيننا وبين جهة الإدارة فالجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة لا تحصل على أية إعانات من وزارة الخارجية المصرية لسبب في منتهى البساطة هو أن مثل تلك الجمعيات غير الحكومية ذات الصيغة الدولية تتحرج من تلقى إعانة من أية حكومة خوفًا من أن يؤثر هذا الأمر على استقلال قرارها.

ولكن يبقى السؤال الأساسي وهو: «هل من المنطق السليم أن يستخلص من قول وزارة الخارجية أنها لا تعطي إعانات لجمعية معينة عدم وجود مثل هذه الجمعية؟»

الإجابة نفيًا … فلا بد لنا إذن أن نسأل من أين جاء الحكم المطعون عليه بما أورده من أن: «وزارة الخارجية ليس لديها علم عن الجمعية الثانية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة.»

لا شك أن الحكم قد خلص إليه بعد أن اطلع على الخطاب المقدم من جهة الإدارة بحافظة مستنداتها أثناء حجز الدعوى للحكم بجلسة ٧ / ٥ / ١٩٩٢م والمنسوب صدوره لوزارة الخارجية … ولكن ماذا يقول هذا الخطاب؟ وهل ينفي وجود جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية الدولية؟

قبل أن ندخل في الموضوع … لنا وقفة مع الشكل … فهذا الخطاب قدم بعد حجز الدعوى للحكم بجلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م لجلسة ٧ / ٥ / ١٩٩٢م حيث لم تكن المحكمة قد صرحت بتقديم مستندات فقط كان قرارها التصريح بالمذكرات وبالاطلاع على ما قدم من مستندات فعلًا بجلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م … أي أن المحكمة لم تأذن بتقديم أية مستندات إبان فترة حجز الدعوى للحكم ولكنها أذنت بتبادل المذكرات وبأن يطلع الخصوم على المستندات التي قدمت فعلًا بجلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م.

وإذا كان ذلك فإن استناد الحكم الطعين على هذا الخطاب يعيبه ويبطله بحسبان أن تكوينه لعقيدته يجب أن يستمد من أدلة طرحت بالجلسة وتناضل فيها الخصوم ومكنتهم المحكمة من الاطلاع عليها ومناقشتها (نقض ٣٠ / ٥ / ١٩٥٠م، مجموعة القواعد ح١ق، ص١١٢، رقم ١٥٢).

بعد تلك الملاحظة الشكلية نعود إلى موضوع ذلك الخطاب الذي استخلص منه الحكم المطعون فيه أن وزارة الخارجية ليس لديها علم عن الجمعية الثانية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة.

ويؤكد الخطاب المذكور على ثلاثة مبادئ:
  • الأول: إن إدارة الهيئات الدولية ليست جهة تسجيل للجمعيات ذات الصيغة الدولية … وأن جمعية تضامن المرأة العربية الدولية كان يجب أن تسجل نفسها لدى وزارة الشئون الاجتماعية إذا كان مقرها القاهرة.
  • الثاني: إن حصول جمعية تضامن المرأة العربية على الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة قد تم دون الرجوع لوزارة الخارجية وأن هذا الوضع الاستشاري لا يمنحها وضعًا دوليًّا تفرضه على السلطات الرسمية المحلية دون أن تسجل نفسها لدى هذه السلطات.
  • الثالث: إن الموافقة التي تبديها وزارة الخارجية على تنظيم مؤتمر أو ندوة لا يعتبر اعترافًا بوضع الجمعية أو الجهة التي تنظم هذا المؤتمر.

وانتهى الخطاب بذلك التأكيد التقليدي بأن وزارة الخارجية لا تمنح الجمعية أية إعانات أو ميزانيات … إلخ (الخطاب مستند رقم ١، حافظة ٧ / ٥ / ١٩٩٢م، رقم ٧ دوسيه).

إن هذا الخطاب وتلك صيغته لا يمكن أن يستخلص منه ما استخلصه حكم محكمة القضاء الإداري بل يمكن القول بأنه يؤكد ضمنيًّا وجود جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية وهو ما يدل عليه قوله إن الجمعية الدولية كان يجب أن تسجل نفسها لدى وزارة الشئون الاجتماعية إذا كان مقرها القاهرة، وتبلغ وزارة الخارجية بذلك … وهذا لم يتم.

فهذه الفقرة تتحدث عن جمعية لم تسجل نفسها لدى وزارة الشئون الاجتماعية وقت أن كان مقرها القاهرة … وهذه الجمعية طبعًا غير الجمعية المنحلة المسجلة لدى وزارة الشئون الاجتماعية رقم ٣٢٨٢.

فهي تتحدث عن جمعيتين واحدة دولية لم تسجل نفسها لدى الشئون الاجتماعية وقت أن كان مقرها القاهرة والثانية محلية سجلت نفسها وتم حلها وهي مثار هذا النزاع.

وفيما عدا ما تقدم فإن كل ما أورده الخطاب بعد ذلك أقوال مرسلة لا خلاف عليها وليست هي محل البحث ولا يمكن أن يستخلص منها أن وزارة الخارجية لا تعلم بوجود الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية فلم يقل أحد إن وزارة الخارجية هي جهة تسجيل جمعيات أو أن حصول أية جمعية على وضع استشاري لدى الأمم المتحدة يجعلها تفرض نفسها على السلطات المحلية أو أن تصريح الخارجية بمؤتمر ما هو اعتراف منها بالجهة المنظمة له.

كل ما سبق لا خلاف عليه ولكن لا ينفي أبدًا وجود جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية ولا يمكن أن يستخلص منه هذا النفي.

كما لا ينفي وجودها قول الخطاب في نهايته أنه: «ليس هناك أي إشراف أو اعتراف من وزارة الخارجية بهذه الجمعية» فعدم وجود إشراف أو اعتراف من الخارجية بالجمعية لا يعني أنها غير موجودة وإن كنا نحيل وزارة الخارجية إلى مستنداتنا رفق الصحيفة وبها اعتماد إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية لمحضر اجتماع الجمعية العمومية للجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية، وتصريح لها بفتح حساب في البنك (المستندات رفق صحيفة الطعن)، ولا نظن أنه بعد ذلك إشراف أو اعتراف.

فمن كل ما سبق يكون الحكم أن مكاتبات الجهة الإدارية مع وزارة الخارجية أكدت أن وزارة الخارجية ليس لديها علم عن الجمعية الثانية، هو قول مخالف للثابت من الأوراق فالخارجية تزعم — حتى وإن كان الزعم كافيًا — أنها لا تشرف على الجمعية الدولية ولا تعترف بها وهو أمر لا يمكن أن يستخلص منه أنه ليس لديها علم عن الجمعية الدولية.

فمن كل ذلك يغدو قيام جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية ذات وضع استشاري لدى الأمم المتحدة أمرًا مؤكدًا ويكون الحكم إذا انتهى إلى غير ذلك قد خالف ما هو ثابت بالأوراق. واستخلص من مستندات جهة الإدارة ما لا يمكن استخلاصه عقلًا منها ويكون بذلك حقيقيًّا بالإلغاء.

خامسًا

انعدام الأسباب القانونية التي بني عليها القرار المطعون عليه وخطأ حكم محكمة أول درجة في تطبيق القانون بتخليه عن رقابته على أسباب القرار ومتابعته لأقوال جهة الإدارة دون دليل يؤيد تلك الأقوال في الأوراق.

من المقرر أن لمحكمة القضاء الإداري بحث الوقائع التي بني عليها القرار الإداري بقصد التحقيق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وعلى المحكمة أن تتحقق من حدوث الوقائع المادية والتي استندت إليها الإدارة في إصدار القرار المطعون عليه (د. سليمان الطماوي، القضاء الإداري، قضاء الإلغاء، طبعة ٨٦، ص٨٥٧).

وقد كان هذا شأن محكمة القضاء الإداري، ودائمًا تبسط رقابتها على سبب القرار الإداري لتتأكد من أن الوقائع المادية التي استند عليها لها أصول ثابتة في الأوراق … وفي هذا تقول: إذا كان القرار قد أخطأ في استظهار بعض الوقائع واستخلص من بعضها ثبوت الاتهام في حق المدعي مع أنه غير مقطوع بصحتها بل إن منها ما لا سند له في أوراق الدعوى ومنها ما هو عاطل من الدليل … لذلك يكون القرار غير قائم على أساس من القانون (حكم ٢٢ / ٣ / ١٩٥٣م، مجموعة الأحكام السنة ٧، ص٧١٧).

ولكن الحكم المطعون عليه خرج على هذه المبادئ المستقرة وبدلًا من أن يتأكد من صحة الوقائع التي نسبتها جهة الإدارة إلى الجمعية المنحلة وعما إذا كان لها أصل ثابت في الأوراق من عدمه تابع جهة الإدارة في أقوالها المرسلة وأصبح لها بمثابة الصدى للصوت … على أننا لا ننزعج كثيرًا من ذلك لأن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمامها لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنًا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة «١٥»، فإذا كانت محكمة القضاء الإداري قد أخطأت في فهم الوقائع، فإن من سلطة المحكمة العليا وقد طرح أمامها النزاع برمته أن تسلط رقابتها عليه وترد الأمر إلى نصابه الصحيح (حكم ٢٣ / ٣ / ١٩٦٣م، مجموعة أحكام الإدارة العليا لسنة ٨، ص٨٦٦، د. سليمان الطماوي، القضاء الإداري، ج٢، طبعة ٨٦، ص٦٤٥).

ويهمنا هنا أن نؤكد أن على حكم المحكمة الإدارية العليا صدر في ١٣ / ٤ / ١٩٥٧م وانتهى إلى أن: «سبب القرار يجب أن يكون حقيقيًّا لا وهميًّا ولا صوريًّا وصحيحًا ومستخلصًا استخلاصًا سائغًا من أصول ثابتة نتيجة، وقانونيًّا لتحقق فيه الشرائط والصفات الواجب توافرها فيه قانونًا.»

فهل توافر ذلك لسبب القرار المطعون عليه؟ وهل أعمل الحكم المطعون عليه رقابته على تلك الأسباب؟

الإجابة بالنفي فجهة الإدارة لم تقدم دليلًا واحدًا على صحة الاتهامات التي كالتها إلى الجمعية المنحلة … والحكم المطعون عليه خلف تلك الأقوال المرسلة ليؤيد القرار المطعون عليه ويقرر أنه قد صدر متفقًا مع القانون!

تلخص أسباب القرار المطعون عليه في الآتي:
  • (١)

    إصدار مجلة نون ونشرة تضامن المرأة العربية رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة الموافقة على إصدارها وقد تضمنت المجلة المشار إليها والنشرة سالفة الذكر الهجوم والتشكيك في الأنظمة الاجتماعية والدينية وأنظمة الأموال الشخصية فضلًا عن الهجوم على سياسة الدولة.

  • (٢)

    عقد مؤتمر الصحافة النسائية في مصر من الفترة من ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م وتناول المؤتمر الهجوم على سياسة مصر بالنسبة لأزمة الخليج.

  • (٣)

    أسفر تقرير اللجنة عن اتصالها ببعض الهيئات والمنظمات الدولية، ومحاولة الزج باسم هيئة الأمم المتحدة وقيام هذه الجمعية بفتح حساب خاص بالعملة المحلية وآخر بالعملة الأجنبية في بنك مصر فرع مصطفى كامل بخلاف حسابها الثابت لدى الجهة الإدارية، ودون إثبات ذلك في سجلات الجمعية (نلتمس مراجعة الحكم ص٤، ٥).

ولنا هنا بعض الملاحظات:

أولًا

إن الحكم المطعون فيه أو حتى تقرير التفتيش المقدم من الجهة الإدارية لم يذكر من هي تلك الجهات الأجنبية التي اتصلت بها الجمعية المنحلة ولا سبب الاتصال ولا تاريخه ولا الشخص الذي كان معه الاتصال ودوره في قيادة الجمعية المنحلة … مما يجعلنا لا نستطيع أن نرد على هذا الاتهام المرسل، أما موضوع الصفة الاستشارية لدى الأمم المتحدة فقد أوضحنا في الجزء الرابع من الصحيفة أن هناك جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية الدولية هي التي تحمل هذه الصفة الاستشارية، وأنها كانت تتعامل مع وزارة الخارجية المصرية (نلتمس مراجعة القسم وأيضًا ذلك الجزء من هذه الصحيفة) والمستندات المرفقة بصحيفة الطعن والمستندات المقدمة أمام محكمة القضاء الإداري.

ثانيًا

أما عن فتح حساب بالعملة الحرة وآخر بالعملة المحلية في بنك مصر فرع مصطفى كامل فقد أوضحنا أيضًا في الجزء الرابع من تلك الصحيفة أن هذا الحساب مفتوح باسم جمعية تضامن المرأة العربية الدولية ذات الوضع الاستشاري لدى الأمم المتحدة وأنه مفتوح بتصريح من وزارة الخارجية بعد اعتمادها بنتيجة انتخاب أعضاء مجلس الإدارة لتلك الجمعية وأغلبهم من العرب. المستندات رفق هذه الصحيفة وبالتالي فلا علاقة للجمعية المنحلة بهذا الحساب فأمينة الصندوق في الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية سودانية الجنسية وهي التي لها حق التوقيع على الشيكات … (نلتمس مراجعة القسم وأيضًا من هذه الصحيفة والمستندات المشار إليها فيه.)

ثالثًا

أسندت جهة الإدارة إلى الجمعية المنحلة أنها أقامت مؤتمرًا باسم مؤتمر الصحافة النسائية في الفترة من ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م وتناول هذا المؤتمر بالهجوم سياسة مصر بالنسبة لأزمة الخليج … وقد تابع الحكم المطعون جهة الإدارة في هذه المزاعم.

والغريب أن جهة الإدارة لم تقدم ما يفيد صحة قولها وكل ما قدمته كان خاصًّا بمؤتمر أقامته الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية في الفترة من ١–٣ سبتمبر ١٩٨٦م في مبنى جامعة الدول العربية، وقد تم هذا المؤتمر بموافقة وزارة الخارجية ووزارة الشئون الاجتماعية وهذا ثابت من حافظة جهة الإدارة المستند رقم ١، حافظة الحكومة ٥ دوسيه، جلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م.

وبالطبع فإنه في عام ١٩٨٦م لم تكن هناك أزمة في الخليج ولا احتلال عراقي للكويت مما يلقي بظلال من الشك على مزاعم جهة الإدارة … ولو كان الحكم الطعين قد درس حتى مستندات جهة الإدارة بعناية لاكتشف هذه المفارقة المدهشة بمنتهى السهولة.

رابعًا

لا يبقى من الأسباب التي أشارت إليها جهة الإدارة إلا إصدار الجمعية المنحلة لمجلة نون ونشرة تضامن المرأة العربية رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة ثم ما تضمنته تلك المجلة من مجادلة في المسائل الدينية والسياسية.

وهنا يجدر بنا أن نسأل هل إصدار أية جمعية لمجلة أو نشرة داخلية توزع بالمجان على أعضائها عملًا يستوجب إصدار قرار بحلها؟

حددت المادة «٥٧» من القانون ٣٢ ص٩٤ أسباب حل الجمعية وحددته في أربعة أسباب:
  • (١)

    إذ ثبت عجزها عن تحقيق غرضها.

  • (٢)

    إذ تصرفت في أموالها في غير الأوجه المحددة طبقًا لأغراضها.

  • (٣)

    إذ تعذر انعقاد جمعيتها عامين متتاليين.

  • (٤)

    إذ ارتكبت مخالفة جسيمة للقانون أو خالفت النظام العام أو الإداري.

وواضح أن مجرد إصدار نشرة غير دورية توزع على أعضاء الجمعية لا يمكن بذاته أن يعتبر مخالفة جسيمة للقانون فهو أمر لم تحرمه إطلاقًا مواد القانون ٣٢ ص٦٤ كما أنه لا تنطبق عليه مواد القانون ١٤٨ س١٩٨٠م والتي تنطبق فقط على الصحف والمجلات التي توزع على الأفراد بغير تمييز من ناحية والتي تصدر بصفة دورية منتظمة كل يوم أو أسبوع من ناحية أخرى (يُراجع نص المادة «١٩» من القانون ١٤٨ س١٩٨٠م).

فإذا أضفنا إلى كل ذلك أن جمعية تضامن المرأة العربية كان من ضمن أهدافها التي أشهرت طبقًا لها «إصدار مجلة اجتماعية وعلمية للمرأة في إطار أهداف الجمعية» (نلتمس مراجعة لائحة النظام الأساسي للجمعية المنحلة والمقدمة من الحكومة بحافظتها ٤ دوسيه، جلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م، مستند رقم ٣).

تقول إنه بكل ما سبق لا نتصور أن إصدار نشرة غير دورية توزع على أعضاء الجمعية يمكن أن يشكل مخالفة جسيمة تستدعي حل الجمعية خاصة إن كانت تلك النشرة توزع بالمجان ولا تقبل إعلانات وهو ما لم تقل بغيره جهة الإدارة.

ويجرنا هذا إلى النقطة التالية:

ربما كان ما ينشر في هذه المجلة أو النشرة الدورية يشكل جدلًا في السياسة أو الدين أو مخالفة للآداب العامة وللنظام العام في مصر! أو يسيء إلى العلاقات بين مصر والدول الأخرى أو يضر المصالح السياسية للبلاد.

وهنا يجب أن نتوقف قليلًا عند هذا الاتهام الذي جاء في تقرير جهة الإدارة ثم تردد على لسان الحكم المطعون عليه … وهو مخالفة الجمعية المنحلة للآداب العامة.

مخالفة الآداب العامة تعني مخالفة الأسس الخلقية التي ينهض عليها كيان الجماعة، وهي تضمن أعمال الدعارة والمقامرة أو العلاقة الجنسية خارج نطاق الزواج (د. محمود جمال الدين زكي، الوجيز في النظرية العامة للالتزامات، ص١٩٠).

وعلى ذلك تكون التهمة مخالفة الآداب العامة، وهي التهمة التي رددها الحكم المطعون عليه خلف جهة الإدارة تهمة تستنكر أن يرمي حكم قضائي له حجيته الجمعية المنحلة بمثلها خاصة وأن الأوراق جاءت خالية من أي مستند يؤكد أن الجمعية — وهي جمعية علمية ثقافية — قد خالفت الآداب العامة بالمفهوم الذي أوردناه أو حتى بغيره إن كان هناك غيره، وإن كانت جهة الإدارة والحكم المطعون عليه قد رددا هذه التهمة بغير تبصر ولا روية فإننا نعف عن الرد عليها ونترك الرد على تلك التهمة لقضاة المحكمة الإدارية العليا …

وهنا نعود لنسأل هل تضمنت تلك النشرة غير الدورية التي كانت تصدرها الجمعية المنحلة جدلًا في الدين أو السياسة؟ أو أنها تضمنت تشكيكًا في الأنظمة الاجتماعية والدينية وبصفة خاصة أنظمة الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وتعدد زوجات؟ أو أنها تعرضت لشخصيات دينية كبيرة بالتجريح والهجوم؟ أو أنها ذهبت إلى الهجوم على سياسة الدولة؟

وتلك هي التهم الواردة في الحكم المطعون عليه ص٤ بند أولًا، والتي استقاها من تقرير الجهة الإدارية والتي أعاد الحكم صياغتها بعبارات أخرى في ص٥ الفقرة الثانية منه، إذ نسب إليها أنها قامت بمباشرة نشاط سياسي وديني من خلال المجلة والنشرة المشار إليهما بتقرير الجهة الإدارية … والعمل على نشر الأفكار والمعتقدات المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية والدين الإسلامي.

ولا بد أن نلاحظ أمرًا هامًّا وهو أن جهة الإدارة لم تقدم أعداد مجلة نون أو نشرة تضامن المرأة العربية والتي تزعم أنها احتوت على مجادلات سياسية ودينية أو تشكيك في أنظمة الزواج والطلاق حتى يستطيع القضاء مراقبة جهة الإدارة فيما إذا كان ما استنتجته من الموضوعات الواردة في تلك النشرات صحيحًا أو لا … وقد حددت جهة الإدارة في تقريرها أن تلك المخالفات المزعومة قد وردت في عددين فقط هما العدد الأول من مجلة نون في مايو ١٩٩٠م والعدد الأول من نشرة تضامن المرأة العربية في مايو ١٩٩٠م (نلتمس مراجعة تقرير التفتيش الواردة بحافظة الإدارة ٦ دوسيه، مستند ٤، جلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م، ص٣) … وقد كان بوسع جهة الإدارة أن تقدم هذين العددين كما كان بوسع محكمة القضاء الإداري أن تأمر جهة الإدارة بتقديمها ولكنها لم تفعل …

وكل ما قدمته الحكومة في مستنداتها لا يعدو أن يكون صورة ضوئية من غلاف مكتوب عليه نشرة تضامن المرأة العربية العدد الأول وغلاف آخر مكتوب عليه نون وصورة ضوئية من مقال باسم «الحجاب والختان والإسلام» لا نعرف في أي مكان نشر ولا بأي قلم كتب.

ولا يمكن الجزم بأنه نشر في أي من نشرتي نون وتضامن المرأة العربية لأنه ليس به ما يشير إلى مكان نشره (تراجع حافظة مستندات الحكومة ٦ دوسيه، مستند ٤، جلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م).

وهذه المستندات طبعًا لا يمكن معها الجزم بأن ما نسبته جهة الإدارة إلى نشرتي نون وتضامن المرأة العربية من موضوعات منتزع من أصول ثابتة بالأوراق …

وقد كان هذا يكفينا دفاعًا في تلك النقطة لولا أن الحكم المطعون عليه قد تبنى ما ورد في مذكرة التفتيش على الجمعية من أقوال مرسلة واعتبرها كافية ليقيم عليها قضاءه ولا يمكننا هنا أن نتابع ما ورد في تقرير جهة الإدارة من افتراءات ذلك لأن بعضها لم ينشر على الإطلاق في نشرتي نون وتضامن المرأة العربية وبعضها محرف عن قصد … على أننا نورد بعض الملاحظات السريعة:
  • الملحوظة الأولى: إن جهة الإدارة لم تنسب في تقريرها المقدم منها بحافظة مستنداتها ٦ دوسيه، مستند رقم ٤ … أن النشرة تضمنت أي جدل في الأمور السياسية على الإطلاق … فكل ما أخذته جهة الإدارة على النشرة أنها ناقشت مسائل الأحوال الشخصية من أنظمة زواج وطلاق وتعدد زوجات والحجاب والنقاب والتعريف ببعض رجال الدين (التقرير المذكور ص٤–٩) أو أنها تدعو إلى الفكر العقلاني العلماني (ص١٠ من التقرير) وهي أشياء لا علاقة لها بالأمور السياسية.

    وهذا في حد ذاته كفيل بأن يؤكد أن كل ما ورد في الحكم المطعون عليه من أن الجمعية تجادل عن طريق النشرة في السياسة أو تسيء للعلاقات بين مصر والدول الشقيقة … إلخ لم يثبت حتى في تقرير الإدارة فضلًا عن عدم وجود أية مستندات تؤيده.

  • الملحوظة الثانية: إن مناقشة أمور الزواج والطلاق وقوانين الأحوال الشخصية والحجاب والنقاب جميعها كانت تناقش بطريقة تتفق مع أهداف الجمعية الواردة في نظامها الأساسي المشهر والمقدم بحافظة مستندات الحكومة رقم ٤ دوسيه، جلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م، مستند رقم ٣، وجميعه يهدف إلى تحسين وضع المرأة في المجتمع ومناقشة ما يعترض طريق مشاركتها الفعالة في خدمة مجتمعاتها من قضايا وتشريعات.
  • الملحوظة الثالثة: إن كل ما نسبته جهة الإدارة في تقريرها المشار إليه حتى لو صح أنه نشر في نشرتي تضامن المرأة العربية ونون إنما يدخل في عداد البحث العلمي والذي كفله الدستور للمواطنين في المادة «٤٩» منه حيث يقول: «تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي وتوفر وسائل التشجيع اللازم لتحقيق ذلك.»

    وهذه المادة من المواد القليلة في الدستور التي لم يقرن تطبيقها بأن تكون في صدور القانون مما يعني أن حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي حرية مطلقة لا تحددها أية قيود في أي قانون بل إن قانونًا يتناقض مع تلك الحرية يغدو غير دستوري … ومن المعلوم أنه متى كانت القاعدة الدستورية صالحة للتطبيق الفوري فلا مشامة من تطبيقها فورًا ودون انتظار لأي تشريع قانوني لاحق.

    فإذا أضفنا إلى ذلك أن نشرتي نون وتضامن المرأة العربية لم تكونا مخصصتين للبيع للجمهور، وإنما فقط لأعضاء الجمعية ليتبين لنا أن ما ينشر فيهما إنما هو لأغراض المناقشة بين الأعضاء فقط.

    ودليلنا على صحة ما نقول مستمد من مستند قدمته جهة الإدارة في حافظة مستنداتها رقم ٦ دوسيه، جلسة ٢٠ / ٢ / ١٩٩٢م، مستند رقم ٣، وفيه يقال زعمت أنه نشر بمجلة نون أن جهة الإدارة لم تقدم دليلًا لهذا النشر إلا أن هذا المقال هو بحث علمي عن ظاهرة تزايد ارتداء الحجاب في المجتمع المصري وكيف أنه تمسك بالمظهر دون الجوهر ثم كيف أن الحجاب نشأ مرادفًا للديانة اليهودية … إلخ (نلتمس مراجعة هذا المقال).

    فإذا كان ما ينشر في نشرتي نون وتضامن المرأة العربية على مثال ذلك المقال فهو دليل على أن هاتين النشرتين مخصصتان لأغراض البحث العلمي، وهو ما يتفق مع هدف الجمعية المنحلة فضلًا عن المادة «٤٩» من الدستور.

  • الملحوظة الرابعة: إنه بنص المادة الثالثة من لائحة النظام الأساسي للجمعية فإنه لا يجوز لها أن تجادل في العقائد الدينية … وليس في الدين. والفرق بين اللفظين كبير … ذلك أنه لا يجوز للجمعية أن تناقش المسائل التي تؤدي إلى ازدراء عقيدة دينية معينة وتفضيل عقيدة منافسة عليها أو تناقش المسائل التي تؤدي إلى خلاف وصدام بين العقائد الدينية المختلفة مما يؤدي إلى وقوع الفتن الدينية ويهدد السلام الاجتماعي، ولم تدع جهة الإدارة أن الجمعية المنحلة قد قارفت هذا الأمر، فهي لم تناقش الإسلام لتطعن به ديانة أخرى أو لتفضيل ديانة أخرى عليه أو تفضيله على غيره من الديانات …

    أما مناقشة الأمور الدينية أو الأحكام الخاصة بأمر الديانات فهي مسائل مسموح بها باعتبار أن ميدان عمل الجمعية المشهرة هو الخدمات الثقافية والعلمية والدينية (نلتمس مراجعة حافظة الحكومة رقم ٤ دوسيه، جلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م، مستند رقم ٣ ح١، وبه لائحة النظام الأساسي للجمعية).

    كما أن اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٩٣٢ س٦٦ فقد حددت في المادة الأولى بند ٦ أن ضمن ميدان عمل الجمعيات «الخدمات الثقافية والعلمية والدينية».

    ولا معنى أن تعمل جمعية في مجال الخدمات الدينية دون أن يكون من حقها مناقشة بعض الأحكام الخاصة بدين معين والدعوة لتطويره خاصة أن كلمة «الدينية» في النص اقترنت بالثقافة والعلم.

    فبذلك كله يكون القرار المطعون عليه قد بني على غير أسباب مقبولة وجاءت كل اتهاماته للجمعية المنحلة عارية من الدليل وإذا تابعه الحكم المطعون عليه يكون قد أخطأ القانون ويتحتم — وهذا شأنه — إلغاؤه.

خامسًا

خطأ في تطبيق القانون أصاب القرار المطعون عليه لعدم ملاءمته للوقائع التي بني عليها وقد تابع الحكم المطعون عليه القرار في ذات العيب تتعلق به وجعلها — الحكم والقرار — مستحقين للإلغاء.

أسلفنا في سابق القول أن كل ما نسبته جهة الإدارة إلى الجمعية أكثره وأشده خطورة قامت به جمعية دولية باسم تضامن المرأة العربية الدولية وهي تتعامل فيه مع وزارة الخارجية، ولم يبقَ من مخالفات تنسب إلى الجمعية المنحلة سوى إصدار نشرتي نون وتضامن المرأة العربية وقد أثبتنا أن مجرد إصدار تلك النشرات وهي لا توزع إلا على الأعضاء لا يشكل مخالفة كما أن كل ما ورد فيها هو من قبيل البحث العلمي المتفق مع أغراض الجمعية من ناحية ومع نص الدستور من ناحية ثانية … ولكن على فرض أن ما نشر في النشرتين يخالف أهداف الجمعية فهل يكون الجزاء هو حلها؟ الجواب نفيًا باعتبار أن القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م يأخذ بفكرة تدرج الجزاء الإداري نص المادة «٢٨» منه.

«لوزير الشئون الاجتماعية أن يعين بقرار مسبب منه ولمدة محدودة مديرًا أو مجلس إدارة مؤقت … ويجوز له هذا التعيين إذا ارتكبت الجمعية من المخالفات ما يستوجب هذا الإجراء.»

كما أن المادة «٣٢» من نفس القانون تبيح للجهة الإدارية أن تقرر حرمان من تثبت مسئوليتهم من أعضاء مجلس الإدارة القديم عن وقوع المخالفات التي دعت إلى تعيين مديرًا أو مجلس إدارة مؤقت من ترشيح أنفسهم لعضوية مجلس الإدارة الجديد لمدة أقصاها أربع سنوات.

أي إنه كان في إمكان جهة الإدارة حل المجلس المسئول عن هذه المخالفات — إن وجدت — بل ومنع أعضائه المسئولين من ترشيح أنفسهم.

كما أن الواضح أن نص المادة «٥٧» من القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م لا يجيز الحل إلا لمخالفة جسيمة.

ولا يمكن القول إن مجرد إصدار نشرتين أيًّا كان ما يكتب فيهما مخالفة جسيمة.

وإذا كان ما تقدم وكان من المقرر أنه:

«لئن كان للسلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها كشأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره نفي هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملاءمة الظاهرة مع الهدف الذي تغياه القانون» (القضية ٦٥٣ س ص ق مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة الإدارية العليا لسنة ٧ ص١٧ جلسة ١١ / ١١ / ١٩٦١م).

وإذا كان ذلك وكانت جهة الإدارة قد أنزلت عقوبة الحل بالجمعية وهي عقوبة لم تصب فقط على مجلس إدارتها بل على المجتمع والأعضاء وكان يمكن تلافيها بحل مجلس الإدارة وتعيين غيره … فإن القرار يكون مستحقًّا للإلغاء من هذه الناحية ويكون الحكم المطعون عليه وقد التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي أثير أمامه قد أخطأ بدوره مما يجعله بإذن الله حقيقًا بالإلغاء.

سادسًا

عيب مخالفة القانون أصاب القرار المطعون عليه وانتقل منه إلى الحكم المطعون عليه يخالفه نص المادة «٦٠» من القانون ٣٢ لسنة ١٩٦٤م.

كانت الطاعنة قد أثارت أمام محكمة القضاء الإداري مخالفة القرار المطعون عليه لنص المادة «٦٠» من القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م والذي تذهب إلى أنه «بعد تمام التصفية يقوم المصفي بتوزيع الأموال الباقية وفقًا للأحكام المقررة في نظام الجمعية … فإذا لم يوجد نص في نظام الجمعية على ذلك أو وجد ولكن أصبحت طريقة التوزيع المنصوص عليها غير ممكنة وجب على الجهة الإدارية بعد أخذ رأي الاتحادات المختصة أن تقرر توجيه أموال الجمعية المنحلة إلى الهيئات الاجتماعية التي تراها.»

وهذا النص صريح في أن توجه أموال الجمعية المنحلة إلى هيئة اجتماعية أخرى مشروط بشرطين:
  • الشرط الأول: أن تتم التصفية بشكل نهائي.
  • الشرط الثاني: أن يتم توزيع الناتج وفقًا للأحكام المقررة في نظام الجمعية فإذا لم يوجد وجب على جهة الإدارة بعد أخذ رأي الاتحاد المختص أن تقرر توجيه أموال الجمعية المنحلة إلى أية هيئة اجتماعية تراها.

وإذا كانت جهة الإدارة لم تنتظر إتمام التصفية ولم تأخذ رأي الاتحاد الإقليمي للجمعيات في كيفية توجه أموال الجمعية المنحلة ونصت في ذات قرار الحل على توجيه الأموال إلى نساء الإسلام فإنها بذلك تكون خالفت نص المادة «٦٠» من القانون ٣٢ سنة ١٩٦٤م مما يجعل قرارها حقيقًا بالإلغاء هو والحكم الذي أيده، وجدير بالذكر أن محكمة القضاء الإداري قد التفتت عن هذا الدفاع الجوهري فلم تورده أو ترد عليه.

فمن كل ما سبق

يكون قول الحكم إن القرار المطعون عليه جاء موافقًا لصحيح القانون وإن طلب الطاعنة بوقف تنفيذه جاء مفتقدًا لركن الجريمة قولًا مردودًا.

وبعد
إن تلك القضية لم تعد قضية جمعية تضامن المرأة العربية المنحلة إنما هي كانت كذلك يوم أن كانت محكمة القضاء الإداري أما اليوم فهي قضية حكم صادر من محكمة القضاء الإداري، حكم صدر وقد تخلى عن دوره كرقيب على الأسباب التي تبديها الجهة الإدارية لاتخاذ قرارها عما إذا كان لها أجل ثابت في الأوراق أم لا … وبالتالي تحول ليس فقط إلى صدى لصوت جهة الإدارة بل إلى منافس لها في إسناد الاتهامات إلى الجمعية المنحلة دون أن يكون أمامه دليل واحد يسند تلك الاتهامات أو يعززها … إننا لا زلنا مؤمنين بأن قضاء مجلس الدولة هو قضاء الحريات وهو ملاذ الأفراد ضد عسف الإدارة وإن لقضاته من تنوع الثقافة ورحابة الفكر ما يقف أمام انغلاق الإدارة وتعسفها. وإننا نطمع في أن يكون الحكم الذي تصدره المحكمة الإدارية العليا مؤكدًا على أن حكم محكمة القضاء الإداري — وقد صدر بشكله هذا — أمر عارض في مسيرة الفخر والحرية لذلك القضاء الشامخ فلذلك نلتمس:
  • أولًا: قبول الطعن شكلًا.
  • ثانيًا: في الموضوع بتحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بإحالة القضية إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي:
    • (أ) بإلغاء الحكم المطعون فيه.
    • (ب) بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه.

مع إلزام جهة الإدارة بالمصاريف والأتعاب …

والله الموفق ومنه العون.

•••

١٧ شارع كمال الدين صلاح، قصر الدوبارة، القاهرة، تليفون: ٢١٩٦٨
مكتب عادل أمين المحامي
حافظة
بالمستندات المقدمة من الدكتورة/ نوال السيد السعداوي … المدعية،
في القضية رقم ٦٦٨٤ لسنة ٤٥ قضائية،
المحدد لها جلسة الخميس ٥ ديسمبر ١٩٩١م،
أمام محكمة القضاء الإداري، دائرة منازعة الأفراد.
رقم عدد تاريخ المستند موضوع المستند
١ ٤ ورقات النظام الأساسي للجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية.
٢ ورقة واحدة ٥ / ٨ / ١٩٩١م خطاب المدعية إلى مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية.
٣ ورقة واحدة ١٠ / ٨ / ١٩٩١م خطاب مدير إدارة الهيئات الدولية إلى المدعية.
٤ ورقة واحدة ١٨ / ٧ / ١٩٩١م خطاب مدير إدارة الهيئات الدولية إلى المدعية بخصوص انعقاد المؤتمر الدولي الثالث لجمعية تضامن المرأة العربية في القاهرة بتاريخ ٢٤ / ٧ / ١٩٩١م.
٥ ورقتان ١٥ / ٩ / ١٩٩٠م خطاب المدعية إلى رئيسة المنظمات غير الحكومية بهيئة الأمم المتحدة بخصوص أعضاء مجلس إدارة الجمعية الجديد.
٦ ورقتان ٥ / ٥ / ١٩٨٥م خطاب رئيسة وحدة المنظمات الدولية بهيئة الأمم المتحدة الخاص باعتبار جمعية تضامن المرأة العربية منظمة غير حكومية.
٧ ورقة واحدة ١٨ / ٧ / ١٩٩١م خطاب المدعية إلى مدير البنك الأهلي فرع جاردن سيتي.
٨ ورقة واحدة ٢١ / ٧ / ١٩٩١م رد مدير البنك الأهلي، فرع جاردن سيتي، إلى المدعية بخصوص حساب الجمعية بالبنك.
٩ ورقة واحدة ٢ / ٦ / ١٩٩١م خطاب إدارة الجمعيات إلى مدير عام بنك ناصر، فرع مصطفى كامل، بخصوص حساب الجمعية المصرية.
١٠ ورقة واحدة ١٧ / ٧ / ١٩٩١م خطاب المدعية إلى مدير عام الشئون القانونية ببنك مصر.
١١ ورقة واحدة ٤ / ٧ / ١٩٩١م تأشيرة مدير عام الشئون القانونية ببنك مصر.
١٢ ورقة واحدة البيان الصادر عن الندوة التي عقدتها الجمعية الدولية عن أزمة الخليج العربي.
١٣ ورقتان ١٥ / ١ / ١٩٩١م خطاب المدعية إلى مدير عام إدارة غرب القاهرة لشئون الجمعيات ردًّا على خطابها المؤرخ ٦ يناير ١٩٩١م بشأن المخالفات.
١٤ ورقتان ٤ / ٩ / ١٩٩١م خطاب المدعية إلى مدير إدارة الهيئات الدولية بخصوص نقل مقر الجمعية الدولية إلى الجزائر.
أربعة عشر مستندًا في واحد وعشرين ورقة. 
وكيل المدعية

•••

مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة منازعات الأفراد

مذكرة بدفاع: الدكتورة/ نوال السعداوي.

بصفتها رئيسة مجلس إدارة جمعية تضامن المرأة العربية … مدعية.

ضد

الدكتورة/ وزيرة الشئون الاجتماعية بصفتهم … مدعى عليهم.

في الدعوى رقم ٦٦٨٤ لسنة ٤٥ قضائية.

المحدد لنظرها جلسة الخميس ٥ ديسمبر ١٩٩١م.

الدفع بعدم مشروعية القرار رقم ١٩ لسنة ١٩٩١م الصادر من نائب محافظة القاهرة لصدوره من غير ذي صفة.

حق حل الجمعيات بقرار مسبب خُوِّل لوزير الشئون الاجتماعية طبقًا للمادة «٥٧» من القانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م بشأن الجمعيات.

وقد خول هذا الحق للمحافظين بموجب المادة «٢» من القانون رقم ٤٣ لسنة ١٩٧٩م بنظام الحكم المحلي.

القرار المطعون فيه صادر من محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، وقد جاء في ديباجة هذا القرار أنه صدر بعد الاطلاع على قرار القاهرة رقم ٣١٠ لسنة ١٩٨١م، بشأن تحديد المسئولية والاختصاص والتفويض في السلطات الصادر بتاريخ ٢٤ / ١٢ / ١٩٨١م.

ولما كان الثابت من مراجعة أعداد الوقائع المصرية الصادرة منذ هذا التاريخ فتبين عدم وجود أثر لهذا القرار، إذ إنه لم ينشر ضمن القرارات الصادرة من محافظة القاهرة.

ولما كان القرار رقم ٣١٠ لسنة ١٩٨١م قد تضمن تفويضًا في اختصاص نص عليه في قانون الجمعيات، وخُوِّل للمحافظ في قانون نظام الحكم المحلي، فيلزم الأمر كذلك أن ينشر حتى يصل إلى علم الكافة ويصبح نافذًا، ولا يستطيع نائب المحافظ ممارسة السلطات المفوض فيها بناء على هذا القرار.

ولذلك فإننا ندفع بعدم مشروعية القرار رقم ١١ لسنة ١٩٩١م بشأن حل جمعية تضامن المرأة العربية لصدوره من غير ذي صفة.

مبررات الجهة الإدارية لصدور القرار المطعون فيه

استندت الجهة الإدارية في إصدارها للقرار المطعون فيه طبقًا لما جاء بمذكرة إدارة الجمعيات بدائرة الشئون الاجتماعية بمحافظة القاهرة، والمذكرة المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م إلى الأسباب الآتية:
  • (١)

    أن الجمعية قامت بإصدار مجلة «نون» وقد صدر العدد الأول في مايو ١٩٩٠م. رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة.

  • (٢)

    أن الجمعية قامت بعقد مؤتمر للصحافة النسائية والنشر في البلاد العربية في الفترة من ٤–١٧ / ٩ / ١٩٩٠م بمقر الجمعية، حيث اتخذت موقفًا مناهضًا للموقف الرسمي المعلن عنه بخصوص قضية احتلال العراق لدولة الكويت.

  • (٣)

    خالفت الجمعية نص المادة «٢٣» من قانون الجمعيات، والتي تقضي بعدم قبول أموال أجنبية إلا بعد الحصول على موافقة الجهة الإدارية، وأضافت مذكرة هيئة قضايا الدولة أنه تبين وجود حسابين أحدهما بالعملة المصرية في بنك مصر فرع مصطفى كامل والآخر بالعملة الأجنبية بالبنك الأهلي فرع جاردن سيتي.

    في حين أنه جاء بمذكرة الجهة الإدارية (مستند رقم ٤، حافظة المستندات المقدمة من المدعى عليهم بجلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م) أنه تبين وجود حسابين أحدهما باسم الجمعية ببنك مصر فرع مصطفى كامل بالعملة الأجنبية ورقمه (٨ / ٠٠ / ٢٠٧ / ٠ / ٠ / ٣٧ / ١٠٥) ورصيده الحالي ٤٠٢٧٠٠ دولار، ٦٠٠١٠٤ دولارات كندية، ٤٠٩٩٩٦٠ فلورينًا هولنديًّا.

  • (٤)

    إنشاء نادٍ نسائي لم يستدل على إيراداته أو مصروفاته ودار نشر.

الخلط بين الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية والجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية

خلطت جهة الإدارة بين الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية والجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية، ولعل سبب هذا الخلط أن بعض أعضاء الجمعية المصرية هن أعضاء في الجمعية الدولية، فالجمعية المصرية هي الجمعية المكونة طبقًا للقانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م، والتي أشهر نظامها بمديرية الشئون الاجتماعية تحت رقم ٣٢٨٢ بتاريخ ٧ / ١ / ١٩٨٥م، والتي تقدمت هيئة قضايا الدولة بلائحة نظامها الأساسي بحافظة مستنداتها المقدمة بجلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م (تحت رقم ٣)، وبين منها أن الغرض من إنشائها هو العمل على رفع المستوى الثقافي والعلمي للمرأة، ومناقشة مشاكل المرأة والارتفاع بالمستوى الصحي للأسرة من خلال توعية المرأة صحيًّا واجتماعيًّا، وإنشاء مكتبة ثقافية، وتوثيق الروابط الاجتماعية والعلمية بين النساء العربيات.

ويتبين من النظام الأساسي المذكور أن كل الأعضاء المؤسسين لهذه الجمعية هن من المصريات اللائي يشغلن وظائف مختلفة أو يمارسن مهن متعددة، ويدير هذه الجمعية سبع سنوات تنتخبهن الجمعية العمومية.

أما الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية، فهي هيئة تكونت من ممثلين للنساء في مختلف البلاد العربية، وهي طبقًا لما جاء بنظامها الأساسي هيئة عربية دولية غير حكومية تهدف إلى رفع الوعي بحقوق المرأة العربية، والدفاع عن هذه الحقوق، والسعي إلى تطويرها وتنظيم المرأة لتصبح قوة سياسية فعالة كما تسعى إلى تمكين المرأة العربية من المشاركة الفعالة في نضال الشعوب العربية من أجل الاستقلال القومي والتنمية والديمقراطية والوحدة (مستند رقم ١، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

وقد نص في المادة التاسعة عشر من النظام الأساسي للجمعية الدولية على أن يكون مقر المنظمة القاهرة، فإن تعذر ذلك يقوم مجلس الإدارة باختيار مقر مؤقت في إحدى الدول العربية.

وقد قدمت هيئة قضايا الدولة بحافظة مستنداتها تحت رقم «٢» الخطاب الصادر من إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية الموجه إلى مدير عام الشئون الاجتماعية إدارة غرب القاهرة الاجتماعية والذي نصه:

«بالإشارة إلى كتاب سيادتكم رقم ١٠٤٣ في ٢١ / ٢ / ١٩٩١م بشأن طلب الإفادة عن مدى وجود هيئة مشهرة (مسجلة) بالإدارة باسم جمعية تضامن المرأة العربية الدولية من عدمه.»

«أرجو الإحاطة بأنه ليس مدرجًا بميزانية وزارة الخارجية اشتراكات أو إعانات تتعلق بهذه الجمعية، ويمكن لسيادتكم الرجوع في شأن هذه الجمعية إلى وزارة الشئون الاجتماعية للإفادة.»

ونود في هذا الخصوص أن نوضح أن المدعية أو غيرها من أعضاء الجمعية الدولية لم تدع في أي وقت من الأوقات أن هذه الجمعية مشهرة أو مسجلة بإدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية، أو أن وزارة الخارجية المصرية تقوم بإدراج اشتراكات أو إعانات بميزانيتها، وإنما قررت المدعية بصفتها أن الجمعية الدولية قد حصلت على الوضع الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وأنها تتعامل مع إدارة الهيئات الدولية فيما يتعلق بعقد المؤتمرات لهذه الجمعية.

ولا شك أن رد وزارة الخارجية المذكور قد جاء نتيجة للصياغة المغرضة التي حرر بها خطاب إدارة غرب القاهرة الاجتماعية الذي لم تقدم الإدارة صورة منه في الدعوى ضمن حافظة مستنداتها.

ولبيان وضع الجمعية الدولية ومركزها القانوني، نتقدم بالخطاب الصادر من المدعية بصفتها رئيسة الجمعية الدولية المحدد في «أغسطس ١٩٩١م» والموجه إلى مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية، والذي تطلب فيه موافاتها بما يفيد أن جمعية تضامن المرأة العربية قد حصلت على الوضع الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة حسب خطاب الأمم المتحدة الموجود بملف الجمعية رقم ١٦٢/ ٩/ ٣، وأنها تتعامل مع إدارتكم كإحدى الهيئات الدولية، وقد أرفق هذا الخطاب بعد المكاتبات التي حصلت فيها الجمعية على موافقة وزارة الخارجية على عقد مؤتمراتها الدولية عام ١٩٨٦م، ١٩٨٨م، ١٩٩١م (مستند رقم ٢، حافظة المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

وهذه المرفقات هي:
  • (١)

    خطاب السفير محمود أبو النصر مدير إدارة الهيئات الدولية بتاريخ ٤ / ٥ / ١٩٨٦م.

  • (٢)

    خطاب د. عمرو موسى مدير إدارة الهيئات الدولية بتاريخ ٢ / ١١ / ١٩٨٧م.

  • (٣)

    خطاب د. منير زهران مدير إدارة الهيئات الدولية بتاريخ ١٨ / ٧ / ١٩٩١م.

  • (٤)

    خطاب الأمم المتحدة يفيد حصول الجمعية على الوضع الاستشاري بالأمم المتحدة بتاريخ ٢٣ / ٥ / ١٩٨٥م.

  • (٥)

    خطاب د. عصمت عبد المجيد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية إلى المدعية بصفتها رئيسة الجمعية رقم ٣٤٨ بتاريخ ٢٧ / ٨ / ١٩٨٦م.

  • (٦)

    خطاب المدعية إلى د. أسامة الباز وكيل أول وزارة الخارجية بتاريخ ٢٧ / ١٠ / ١٩٨٦م.

وقد رد مدير إدارة المؤتمرات على هذا الخطاب بتاريخ ١٠ / ٨ / ١٩٩١م، جاء به أنه: «يتشرف بالإفادة أنه بمراجعة مستندات الأمم المتحدة المتضمنة قوائم المنظمات غير الحكومية المسجلة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تبين أن جمعيتكم تتمتع بالصفة الاستشارية من الفئة الثانية، على أساس أن أهدافها المعلنة تتفق مع أهداف وقرارات الأمم المتحدة، وذلك بموجب قرار المجلس في دور انعقاده العادي في عام ١٩٨٥م.

وتهمني الإشارة إلى أن عدم ممانعة وزارة الخارجية بعقد الجمعية لمؤتمراتها في القاهرة ترتبط ببحث كل حالة على حدة، حيث تتم مراجعة موضوع المؤتمر للتأكيد على عدم تعارضه مع السياسة العامة للدولة فضلًا عن الدول المشاركة فيه، وعلى ضوء ذلك يتم اتخاذ قرار الوزارة في هذا الشأن.

كما أورد إلى أنه بموجب قرار المجلس (المجلس الاقتصادي والاجتماعي لهيئة الأمم المتحدة) رقم ١٢٩٦ الذي يحدد الترتيبات الخاصة بمنح المنظمات غير الحكومية الصفة الاستشارية، فإن الجزء الثامن منه يتضمن دواعي إيقاف أو سحب الوضع الاستشاري من المنظمات غير الحكومية» (الفقرة ٣٦).

ومن هذا الخطاب الصادر من مدير إدارة الهيئات الدولية يتبين أن الجمعية الدولية لتضامن المرأة المصرية تتمتع بالصفة الاستشارية للمجلس الاقتصادي بالأمم المتحدة، وأنها تعقد اجتماعاتها الدولية بالقاهرة بعد موافقة وزارة الخارجية المصرية، وأن إيقاف أو سحب وضعها الاستشاري هو من اختصاص المجلس الاقتصادي والاجتماعي لهيئة الأمم المتحدة (مستند رقم ٣، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

ومما يؤكد خلط جهة الإدارة بين الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية والجمعية الدولية لتضامن المرأة المصرية، أنه رغم صدور قرار الحل المطعون فيه بتاريخ ١٠ / ٦ / ١٩٩١م، فقد وافقت إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية بتاريخ ١٨ / ٧ / ١٩٩١م على قيام جمعية تضامن المرأة العربية بتنظيم مؤتمرها الدولي الثالث في القاهرة في الفترة من ٢٤–٢٧ نوفمبر ١٩٩١م حول موضوع المرأة والديمقراطية والتنمية في البلاد العربية، فقد جاء بخطاب مدير هذه الهيئة الموجه إلى المدعية أنه «لا مانع لدينا من الناحية السياسية من الموافقة على تنظيم هذا المؤتمر طالما أنه لن يترتب عليه أية التزامات مالية، واستبعاد كلمة الديمقراطية من العنوان لاستبعاد شبهة التدخل في الشئون الداخلية التي قد تثور لدى الدول التي يشارك ممثلوها أو مواطنوها في هذا الاجتماع» (مستند رقم ٤، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

ومما يؤكد أن المنظمة الدولية لتضامن المرأة العربية هي منظمة خلاف الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية، أن أعضاء مجلس إدارة الجمعية المصرية يضم عضوات جميعهن مصريات، في حين أن أعضاء مجلس إدارة الجمعية الدولية يتكون من خمسة عشر عضوًا تشكيلهن كالتالي:

٤ عضوات من السودان، عضوين من مصر، عضوين من الأردن، سبعة من كل من ليبيا وسوريا والجزائر ومراكش واليمن والكويت ولبنان، وذلك طبقًا للبيان المرفق بالخطاب إلى رئيسة المنظمات غير الحكومية بهيئة الأمم المتحدة بتاريخ ١٥ / ٩ / ١٩٩٠م (مستند رقم ٥، حافظة مستندات المدعية بجلسة ٥ / ٢ / ١٩٩١م).

كما أن خطاب رئيسة وحدة المنظمات غير الحكومية بهيئة الأمم المتحدة، يؤكد الصفة الاستشارية لجمعية تضامن المرأة العربية الدولية، وذلك لموافقة المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدورته العادية في ١٠ مايو سنة ١٩٨٥م (مستند رقم ٦، حافظة مستندات المدعية بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

وجوب التفرقة بين حساب الجمعية الدولية ببنك مصر فرع مصطفى كامل وحساب الجمعية المصرية بالبنك الأهلي فرع جاردن سيتي

أوضحنا أن جهة الإدارة قد خلطت بين الحساب البنكي للجمعية المصرية والحساب البنكي للجمعية الدولية، وأدعت أن الجمعية المصرية قد خالفت نص المادة «٢٣» من قانون الجمعيات، التي تقضي بعدم قبول أموال أجنبية إلا بعد الحصول على موافقة جهة الإدارة.

ولما كان الثابت أن الجمعية المصرية ليس لها أي حساب في أي من البنوك سوى حسابها رقم «٠١٠٠٠١٥٠١٩٢» بالبنك الأهلي المصري فرع جاردن سيتي فقد أرسلت المدعية خطاباها المؤرخ ١٨ / ٧ / ١٩٩١م إلى مدير هذا البنك تطلب فيه موافاتها بما يفيد ذلك وعما إذا كانت محافظة القاهرة أو وزارة الشئون الاجتماعية قد طلبت التحفظ على أموال هذه الجمعية طرف البنك (مستند رقم ٧، حافظة مستندات المدعية بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

وقد جاء خطاب رد مدير البنك الأهلي المصري فرع جاردن سيتي بتاريخ ٢١ / ٧ / ١٩٩١م، يؤكد أن الحساب رقم «٠١٠٠٠١٥٠١٩٢» قد تم فتحه بالعملة المصرية فقط بناء على موافقة وزارة الشئون الاجتماعية رقم ٣٢٨٢ لسنة ١٩٨٥م، وتم فتح الحساب بتاريخ ٢٩ / ٤ / ١٩٨٧م ولا يوجد أية تحفظات على الحساب (مستند رقم ٨، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

ومن هذا نتبين أن وزارة الشئون الاجتماعية كانت على علم تام بأن حساب الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية قد تم فتحه بالعملة المصرية بالبنك الأهلي المصري فرع جاردن سيتي، إذ إن هذا الأمر تم بعد موافقتها.

ومما يؤكد عدم سلامة تصرفات الجهة الإدارية وهي بصدد اتخاذ إجراءات حل هذه الجمعية أنها لم تعمد إلى التحفظ على أموالها بالبنك الذي وافقت على فتح حساب لها به، وإنما عهدت إلى طلب التحفظ على حساب الجمعية الدولية ببنك مصر فرع مصطفى كامل، فأرسلت خطابها المؤرخ في ٢ / ٦ / ١٩٩١م (أي قبل صدور قرار التحفظ في ١٥ / ٦ / ١٩٩١م) إلى مدير عام بنك مصر (فرع مصطفى كامل) تحيطه فيه بأن إدارة الجمعيات بمحافظة القاهرة قامت باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحل جمعية تضامن المرأة العربية المشهرة بدائرة عمل الإدارة تحت رقم ٣٢٨٢ لسنة ١٩٨٥م، والتي لديها حساب باسمها طرفكم تحت رقم ٨ / ٠٠ / ٢٠٧/ ١٠ / ٣٧ / ١٠٥ وذلك لوجود العديد من المخالفات المالية، وأن الإدارة رأت — كإجراء مؤقت — التحفظ على أموال الجمعية المذكورة طرفكم لحين صدور قرار الحل، وذلك طبقًا لأحكام المادة «٥٩» من القانون ٣٥ لسنة ١٩٦٤م والتي تنص على أنه: «يمتنع على القائمين على إدارة الجمعية، وعلى الجهة المودع لديها أموال الجمعية والمدينين لها التصرف في أي شأن من شئون الجمعية أو حقوقها» (مستند رقم ٩، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

وقد تضمن هذا الخطاب مغالطة تثبت عدم سلامة تصرفات جهة الإدارة، إذ إنها في إيرادها لنص المادة «٥٩» من القانون رقم ٣٢ لسنة ١٩٦٤م، لم تورد الجزء الأول من المادة والذي ينص على أنه «إذا حلت الجمعية …» أي أن إجراء التحفظ أو الامتناع عن التصرف المنصوص عليه في هذه المادة لا يتم إلا بعد حل الجمعية، إلا أن جهة الإدارة أرسلت هذا الخطاب إلى البنك المذكور قبل صدور قرار الحل، كما أوردت نص المادة «٥٩» إيرادًا مبتورًا حتى تستطيع أن تحقق أغراضها المشبوهة.

وعندما علمت المدعية بأمر هذا الخطاب، تقدمت إلى مدير عام الشئون القانونية ببنك مصر بكتابها المؤرخ ١٧ / ٧ / ١٩٩١م. تذكر فيه أنها توجهت إلى بنك مصر فرع مصطفى كامل لصرف مبالغ من حساب جمعية تضامن المرأة العربية رقم «٣ / ٠١١٤٧٨٠٠ / ١١/ ١٠٥» العملة الأجنبية، ففوجئت بوجود تحفظ على الحسابين المصري والأجنبي صادر من الشئون القانونية بالبنك بناء على طلب محافظة القاهرة، وأوضحت المدعية أن الجمعية المسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية تحت هذا الاسم برقم ٣٢٨٢ مفتوح حسابها بالبنك الأهلي المصري فرع جاردن سيتي تحت رقم «٠١٠٠٠١٥٠١٩٢» ليست في الجهة الدولية العربية ذات الوضع الاستشاري بالأمم المتحدة، والتي فتح حسابها ببنك مصر فرع مصطفى كامل تحت رقمي:

٣ / ٠١١٤٧٨٠٠ / ١١/ ١٠٥ بالعملة الأجنبية
٨ / ٠٠ / ٠١٠٢٠٧ / ٣٧ / ١٠٥ بالعملة المصرية

وأوضحت المدعية في خطابها المذكور أن هذا الحساب قد فتح بناء على خطاب من إدارة الهيئات بوزارة الخارجية إلى البنك، ويمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى الملف الخاص بهذا الحساب.

كما أرفقت المدعية المستندات الدالة على ذلك، وطلبت رفع التحفظ على هذا الحساب حتى تتمكن من صرف الأموال الخاصة بالجمعية الدولية (مستند رقم ١٠، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

وقد قامت إدارة الشئون القانونية ببنك مصر بالرجوع إلى الملف الخاص بهذا الحساب ثم قرر مدير هذه الإدارة ما يلي:

«بعد الاطلاع على أوراق فتح الحساب الموجودة طرفكم باسم جمعية تضامن المرأة العربية (الخاضعة لإشراف وزارة الخارجية)، وبعد الاطلاع على المادة «٥٩» من قانون الجمعيات وكذا خطاب البنك الأهلي فرع جاردن سيتي في ٢١ / ٧ / ١٩٩١م المرفق، نخطركم بأن التحفظ الصادر عن محافظة القاهرة قاصر على الجمعية الخاضعة لإشراف وزارة الشئون الاجتماعية المشهرة تحت رقم ٣٢٨٢ لسنة ١٩٨٥م وهي جمعية مغايرة للجمعية عميلتكم، ومن ثم لا ينصرف التحفظ للحساب المفتوح طرفكم الخاص بالجمعية الخاضعة لإشراف وزارة الخارجية. توقيع: مدير الشئون القانونية» (مستند رقم ١١، حافظة مستندات المدعية بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

ومن هذا يتبين أن المخالفة المنسوبة للجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية والخاصة بقبول أموال أجنبية دون الحصول على موافقة الجهة الإدارية طبقًا لما تنص عليه المادة «٣٢» من قانون الجمعيات لا تقوم على أساس صحيح، إذ ثبت أن الحساب الموجود ببنك مصر فرع مصطفى كامل بالجمعية الدولية ذات الصفة الاستشارية لدى هيئة الأمم المتحدة، والتي قامت بفتح الحساب المذكور بعد موافقة وزارة الخارجية المصرية، كما أن المادة السادسة عشرة من نظامها الأساسي، تنص في فقرتها الثانية على أن أحد مصادر مالية المنظمة: التبرعات غير المشروطة المقدمة من أشخاص أو جهات لا تتعارض أهدافها مع أهداف الجمعية، أو أية موارد أخرى ترتبط بنشاط الجمعية.

مؤتمر الصحافة النسائية والنشر في البلاد العربية

استندت الجهة الإدارية في إصدارها قرار حل الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية إلى أنها قامت بعقد مؤتمر للصحافة النسائية والنشر في البلاد العربية في الفترة من ٤ إلى ٧ سبتمبر سنة ١٩٩٠م بمقر الجمعية، حيث اتخذت موقفًا مناهضًا للموقف الرسمي المعلن عنه بخصوص قضية احتلال العراق للكويت.

ونود أن نوضح بداءة أن هذا المؤتمر عقد بمعرفة الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية وبمقرها، لا مقر الجمعية المصرية.

أما عما ذكرته الجهة الإدارية من أن الجمعية قد اتخذت موقفًا مناهضًا للموقف الرسمي بخصوص قضية احتلال العراق للكويت، فهذا يكذبه نص البيان الذي صدر عن هذا المؤتمر والذي نورده فيما يلي:

بيان عن أزمة الخليج العربي

نحن النساء المشاركات في الندوة الدولية عن الصحافة النسائية والنشر التي تقيمها جمعية تضامن المرأة العربية بالتعاون مع اليونسكو في الفترة ما بين ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م نتوجه إلى الهيئات الشعبية والحكومية في العالم العربي بأن نتكاتف معًا ضد الحل العسكري لأزمة الخليج، ونطالب بإنهاء التدخل الأمريكي المسلح، وانسحاب جميع القوات الأجنبية من المنطقة، كما نطالب بانسحاب القوات العراقية المسلحة من الكويت، والسعي نحو إيجاد حل سلمي للأزمة يضع في اعتباره مصالح الشعبين العراقي والكويتي، وكذلك مصالح الشعوب العربية الأخرى للاستفادة من الثروات البترولية التي ما زالت تخدم أهدافًا لا علاقة لها بمصالح الأغلبية الساحقة من الجماهير العربية نساءً ورجالًا، كما نطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، واستمرار المساندة المادية والمعنوية للثورة الفلسطينية والانتفاضة في الأرض المحتلة، كما أنه سيتم تشكيل وفد من المشاركات في الندوة للسفر إلى بغداد وواشنطن للقاء الرئيسين صدام حسين وجورج بوش للمطالبة بحل سلمي للأزمة (مستند رقم ١٢ حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

مجلة نون أو النشرة الداخلية

من بين الأسباب التي أوردتها الجهة الإدارية لتبرير قرار الحل محل الطعن أنها قامت بإصدار مجلة «نون»، وأن العدد الأول صدر منها في مايو سنة ١٩٩٠م رغم رفض المجلس الأعلى للصحافة.

ومجلة «نون» أو النشرة الداخلية التي حلت محلها بعد العدد الرابع تصدرها الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية لا الجمعية المصرية، وهي تشبه الدوريات التي تصدرها الجمعيات الدولية الأخرى مثل منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي واتحاد الكتاب الآسيوي الأفريقي، ومنظمة البلاد الأفريقية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب، وقد حاولت الجمعية الدولية الحصول على ترخيص بإصدارها من المجلس الأعلى للصحافة حتى تستطيع أن توزعها على الكافة، وعندما رفض المجلس منحها هذا الترخيص حولتها إلى نشرة داخلية بدون اسم، ويقتصر توزيعها على الأعضاء.

دار نشر تضامن المرأة العربية

أما عن مقولة أن الجمعية المصرية قد أنشأت دار نشر تحت هذا الاسم، فنود أن نوضح أن دار النشر المذكورة لها سجل تجاري باسم الأشخاص المالكين لها، وتحاسبهم مصلحة الضرائب بصفتهم الشخصية، وتخضع للنظام المحاسبي المتبع في مثل هذه الحالات، ونظرًا لذلك فإن حساباتها لا تدرج في ميزانية حسابات الجمعية.

النادي النسائي

أما عن النادي النسائي فقد اتخذ مجلس إدارة الجمعية المصرية قرارًا بافتتاح نادي نسائي بتاريخ ٢٠ / ٣ / ١٩٨٩م يقوم على فكرة عمل يوم اجتماعي تلتقي فيه العضوات بالمقر للتحدث معًا، وعقدت أول جلسة للنادي بعد ذلك بشهر، ولكن نظرًا لعدم وجود إقبال على هذه الفكرة فلم يستمر في نشاطه بعد ذلك، وبالتالي فليست له أية مصاريف أو إيرادات.

وقد أوضحت المدعية هذه الأمور جميعًا لمدير عام إدارة غرب القاهرة لشئون الجمعيات في خطابها المؤرخ ١٥ / ١ / ١٩٩١م ردًّا على خطاب الإدارة المؤرخ ٦ يناير سنة ١٩٩١م (مستند رقم ١٣، حافظة المستندات المقدمة من المدعية بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

من هذا نتبين أن معظم المخالفات المنسوبة إلى الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية لم تصدر عنها، وأنه ما بقي من مخالفات نسبته الإدارة إلى هذه الجمعية لا يقوم على أساس سليم، الأمر الذي يتوافر فيه ركن جدية الأسباب التي تستند إليها المدعية في وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه.

أما عن ترتب نتائج يتعذر تداركها عن تنفيذ القرار المطعون فيه فهو أمر متوافر أيضًا، إذ قد ترتب على صدور هذا القرار أن اجتمع المكتب التنفيذي للجمعية الدولية واتخذ قرارًا بعقد مؤتمرها الدولي القادم في مدينة الجزائر، ونقل مقرها الرئيسي إلى فرع تضامن المرأة العربية بالجزائر، وذلك تطبيقًا لنص المادة «١٩» من النظام الأساسي للجمعية الدولية، والذي ينص على أنه «يكون مقر المنظمة بالقاهرة، فإن تعذر ذلك، يقوم مجلس الإدارة باختيار مقر مؤقت في إحدى الدول العربية.»

وقد أشير إلى هذا الأمر في الخطاب الصادر من المدعية ٤ / ٩ / ١٩٩١م إلى مدير إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية (مستند رقم ١٤، حافظة مستندات المدعية المقدمة بجلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م).

ولا شك أن اتخاذ هذا الإجراء قد تولد نتيجة للخلط الذي مارسته الجهة الإدارية بين الجمعية المصرية والجمعية الدولية، الأمر الذي يوجب سرعة إزالته حتى لا تتأثر سمعة مصر في البلاد العربية وفي العالم أجمع.

إن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه سوف يعيد الأمور إلى نصابها، ويشجع الجمعية الدولية على العودة إلى مقرها الرئيسي والتخلي عن مقرها المؤقت الذي نقلت إليه.

وقد ورد بخطاب المدعية إلى مدير إدارة الهيئات الدولية:

«نحن نأسف أن يحدث كل هذا مع جمعية دولية لها سمعة طيبة على نطاق العالم نتيجة عملها المستمر من أجل إعلاء شأن المرأة العربية، وتأكيد أهمية التضامن العربي في مواجهة المتربصين به، لكن يبدو أن المسئولين الذين اتخذوا هذه الخطوات تركت لهم فرصة التصرف في أمور لا يدركون كل الأبعاد المتعلقة بها.

ويهمنا أن نسجل هذا الموقف الايجابي والتعاون المستمر من إدارة الهيئات الدولية والمؤتمرات بوزارة الخارجية، مما يجعلنا حريصين على استمرار التشاور معكم في أية أمور تخص نشاط الجمعية الدولية التي تعمل في نطاق البلاد العربية بما فيها مصر وتسعى إلى تدعيم التعاون بين الشعوب العربية والنهوض بالمرأة.

ونحن على ثقة بأن هذا الوضع لن يستمر طويلًا، وأن جمعية تضامن المرأة العربية ذات الوضع الاستشاري لدى هيئة الأمم المتحدة ستعود عن قريب إلى المدينة التي احتضنتها وأعطتها التشجيع منذ إنشائها.»

بناءً عليه

نلتمس الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقديم تقريرها في الموضوع.

وكيل المدعية بصفتها
المحامي
٥ / ١٢ / ١٩٩١م

•••

بسم الله الرحمن الرحيم
محكمة القضاء الإداري
دائرة منازعات الأفراد والهيئات
مذكرة بدفاع

الدكتورة/ نوال السيد السعداوي بصفتها رئيسة مجلس إدارة جمعية تضامن المرأة العربية المصرية (مدعية).

ضد

السيدة الدكتورة/ وزيرة الشئون الاجتماعية وآخرين (بصفتهم مدعى عليهم).

في الدعوى رقم ٦٦٨٤، لسنة ٤٥ق، جلسة ٥ / ١٢ / ١٩٩١م.

الموضوع

سبق عرضه وإيضاحه تفصيلًا بعريضة الدعوى.

ونرجو أن نورد فيما يلي بهذه المذكرة ما يعزز طلباتنا بعريضة الدعوى، ويفند ما جاء بمذكرة دفاع الجهة الإدارية المدعى عليها على النحو التالي:

الدفاع

جمعيتان إحداهما مصرية والأخرى دولية

يهمنا أن نوضح منذ البداية أن وزارة الشئون قد تجاهلت وجود جمعية دولية لا تخضع لإشرافها، وهي لذلك قد خلطت بين جمعيتين إحداهما مصرية والأخرى دولية، لقد ظلت الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية تعمل بموافقة وزارة الخارجية المصرية منذ عام ١٩٨٦م حتى اليوم، وقد حصلت أيضًا على موافقة الخارجية على عقد مؤتمرها الدولي الثالث لجمعية تضامن المرأة العربية بالقاهرة خلال نوفمبر ١٩٩١م، وحصلت على هذه الموافقة في ١٨ يوليو ١٩٩١م أي بعد صدور قرار وزارة الشئون لحل الجمعية المصرية، فكيف يمكن أن تكون الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية غير موجودة؟! (يراجع مستند الحافظة رقم ٨.)

وما يؤكد أن هذه الجمعية الدولية مختلفة عن الجمعية المصرية، أن مجلس إدارة الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية معتمد من وزارة الخارجية، وهو مغاير تمامًا لمجلس إدارة الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية، إذ إن عضوات مجلس إدارة الجمعية المصرية كلهن مصريات، أما عضوات مجلس إدارة الجمعية الدولية فينتمين إلى بلاد عربية متعددة (ليبيا – الجزائر – اليمن – سوريا – لبنان – مصر – السودان … إلخ) مستند الحافظة رقم ٦، ٧.

وتؤكد الصفة الدولية للجمعية الدولية المراسلات المتبادلة بينها وبين وزارة الخارجية، وهي ثابتة بالخارجية ولها ملف رقم ١٦٢ / ٩ / ٣٠ بإدارة الهيئات الدولية لوزارة الخارجية، كما أرسلت هذه الإدارة إلى الجمعية الدولية في ١٠ / ٨ / ١٩٩١م ما يفيد أن الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية، تتمتع بالصفة الاستشارية بالأمم المتحدة (مرفق صورة من هذا الخطاب بالحافظة مستند رقم ٤) من ذلك يتضح مدى تعسف الجهة الإدارية، وعدم مشروعية القرار المطعون فيه، ولعل تأشيرة السيد مدير عام بنك مصر برفع التحفظ عن حساب الجمعية الدولية بالعملة الأجنبية والمصرية، ما يوضح ويؤكد سلامة ما أسلفناه من أن الجهة الإدارية قد تعمدت الخلط بين الجمعية الدولية والجمعية المصرية.

وقد حاولت وزارة الشئون التحفظ على حساب الجمعية الدولية في بنك مصر قبل صدور قرار حل الجمعية المصرية في ١٥ يونيو ٩١، ولم تتحفظ وزارة الشئون على حساب الجمعية المصرية في البنك الأهلي المصري، فرع جاردن سيتي، وهكذا خلطت الجهة الإدارية بين حساب الجمعية الدولية، وحساب الجمعية المصرية، وادعت الوزارة أن هناك حسابًا بالعملة الأجنبية بالبنك الأهلي، فرع جاردن سيتي، في حين أن الحساب في هذا البنك بالعملة المصرية فقط، لأنه تابع للجمعية المصرية ووزارة الشئون وليس تابعًا للجمعية الدولية.

وقد رفضت الإدارة القانونية في بنك مصر طلب وزارة الشئون التحفظ على حساب الجمعية الدولية في بنك مصر — كما هو ثابت من قرار مدير عام الإدارة القانونية في بنك مصر — برفع التحفظ عن الحساب (مرفق حافظة المستندات رقم ١٤).

لقد أخطأت الجهة الإدارية خطأً جسيمًا بإجراء التحفظ على أموال الجمعية الدولية في حساب بنك مصر، وهذه أموال تخص عضوات بالبلاد العربية وليس مصر وحدها، وكيف تئول أموالها إلى جمعية نساء الإسلام في حين أن الجمعية الدولية بها عضوات عربيات مسلمات وغير مسلمات ومن بلاد متعددة؛ كذلك فروع جمعية تضامن المرأة العربية في البلاد الأجنبية مثل أستراليا وغيرها؟

ثم كيف يكون المصفي القانوني للجمعية هو نفسه المدير التنفيذي لجمعية نساء الإسلام، التي تئول إليها الأموال؟

هذا وتجدر الإشارة إلى أنه تقرر تأجيل عقد المؤتمر الدولي الثالث لتضامن المرأة العربية الذي كان مزمعًا عقده بالقاهرة من ٢٤–٢٧ نوفمبر ١٩٩١م وذلك بناء على طلب الأستاذة المستشارة فاطمة حسين بإدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية.

ولهذا اجتمع المكتب التنفيذي للجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية وقرر عقد هذا المؤتمر بالجزائر في مارس ١٩٩٢م، كما قرر أيضًا نقل المقر الرئيسي للجمعية الدولية من القاهرة إلى الجزائر، حيث الفرع الجزائري لتضامن المرأة العربية — مرفق صورة من خطابنا إلى الخارجية — إلى أن يوضع قانون ينظم أعمال الجمعيات الدولية في مصر وينتهي هذا التناقض بين وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الخارجية المصرية، هذا ولا يفوت المدعية أن تشير إلى جميع المخالفات الإدارية أو المالية التي وردت في مذكرة الحكومة منسوبة إلى الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية، في حين أن هذه المخالفات ليست مخالفات لأن الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية لا تخضع للقانون ٣٢ لسنة ١٩٦٤م، أو وزارة الشئون الاجتماعية، وجميع معاملات الجمعية الدولية كانت مع وزارة الخارجية المصرية بما في ذلك فتح الحساب في بنك مصر، فرع مصطفى كامل، بالعملة الأجنبية.

الأخطاء المنسوبة ظلمًا إلى الجمعية المصرية

ليس صحيحًا ما جاء بمذكرة دفاع الجهة الإدارية المقدمة بجلسة ٣١ / ١٠ / ١٩٩١م. إذ إن الوزارة انساقت وراء شكوى كيدية من إحدى عضوات الجمعية الدولية لتضامن المرأة المصرية، والتي قررت الجمعية العمومية لهذه الجمعية بتاريخ ٦ / ٩ / ١٩٩٠م فصلها من عضوية الجمعية ومجلس إدارتها، نظرًا لما قامت به من محاولات لتخريب الندوة الدولية للصحافة النسائية العربية، التي تنظمها الجمعية من ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م، ووزعت منشورات ضد الجمعية خلال الندوة وقد أخطرت بهذا الفصل في ٦ / ٩ / ١٩٩٠م … وإثر ذلك قدمت العضوة المفصولة شكواها الكيدية إلى وزارة الشئون الاجتماعية بتاريخ ٣ / ١٠ / ١٩٩٠م.
  • (١)

    إن ما زعمته الجهة الإدارية من أن الجمعية قامت بإصدار مجلة «نون»، هذا الزعم يجافي الحقيقة. إذ إن حقيقة هذه المجلة «نون» أنها نشرة تضامن المرأة العربية، فهي نشرة للأعضاء والعضوات، ولم يكن مصرحًا ببيعها في السوق أو الحصول على إعلانات، وبالتالي لم تخالف القانون لأنها ليست مجلة في مفهوم الصحف والمجلات.

  • (٢)

    أما عن النادي النسائي فلم يكن إلا فكرة نظرية لم تتحول إلى أي عمل أو مشروع وكانت مجرد فكرة عمل يوم اجتماعي تلتقي فيه العضوات بالمقر للتحدث معًا، ولم تتحقق أبدًا وبالتالي ليست له أية مصاريف أو إيرادات.

  • (٣)

    إن الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية لم تتخذ مواقف سياسية، ولم تنظم أية ندوة دولية، أما الندوة الدولية للصحافة النسائية العربية التي نظمتها الجمعية الدولية لتضامن المرأة العربية من ٤–٧ سبتمبر ١٩٩٠م، فلم تتخذ أيضًا أية مواقف مناهضة للموقف الرسمي المعلن عنه للدولة بخصوص قضية احتلال العراق لدولة الكويت، بل أصدرت المشاركات العربيات في الندوة بيانًا واضحًا يعبر عن رأي المشاركات العربيات في الندوة، ويدين التدخل الأجنبي، ويطالب بانسحاب القوات العراقية من الكويت وانسحاب القوات الأجنبية من الخليج (مرفق صورة رقم ١٠ بالحافظة). غير أن الجهة الإدارية انساقت وراء شكوى كيدية تقدمت بها عضوة مفصولة موتورة فأصدرت قرارها الطعين بحل الجمعية المصرية لتضامن المرأة العربية بلا أسباب مقنعة، محاولة أن تلفق بعض المخالفات الإدارية والمالية والسياسية بناء على شكوى فردية مغرضة لم يحقق فيها على الإطلاق، وكيف تحل جمعية دون تحقيق مع مجلس إدارتها المسئول؟ ولماذا لا يقتصر الأمر على حل مجلس الإدارة إذا ثبت أنه ارتكب خطأ؟ أوتحل الجمعية بأسرها وتعاقب كل العضوات بلا ذنب فعلنه؟

وما كانت الجهة الإدارية لتصدر هذا القرار الطعين لو أنها تحرت وجه الحقيقة وأجرت تحقيقًا محايدًا عادلًا في تلك الشكوى الكيدية التي تقدمت بها إحدى عضوات الجمعية التي كانت قد فصلت من الجمعية لسوء تصرفاتها. إن المخالفات التي قيلت في سبيل تبرير إصدار هذا القرار المطعون فيه كان من الممكن تلافيها ومعالجتها لو أن الجهة الإدارية قامت ببحثها وملابساتها، ورجعت إلى المسئولين عن الجمعية لتتبين الحقيقة، ولو أنها فعلت لاستبان لها أن هذه المخالفات على افتراض وقوعها، فإنها أبسط من أن توصف بالجسامة التي تذرعت بها الجهة الإدارية لتشتط وتغلو في إعمال سلطتها في إنزال هذا العقاب الساحق الماحق للجمعية عضوات مجلس إدارتها، وأخذهن على حين غره دون أن تتيح لهن فرصة الدفاع عن أنفسهن وعن جمعيتهن.

ولا يغيب عن عدالة هيئة المحكمة الموقرة أن القرار المطعون فيه تترتب عليه أضرار جسيمة تلحق بالجمعية المذكورة ونشاطها، وبعضواتها، وتمسهن داخليًّا وخارجيًّا، ويتعذر تداركها.

بناءً عليه

نصمم على الطلبات الواردة بعريضة الدعوى ونلتمس من عدالة الهيئة الموقرة الحكم بها.

وكيل المدعية
دكتور محمد عصفور
المحامي

•••

مجلة نون
مايو ١٩٨٩م
«نون» ممنوعة

أخيرًا أردنا أن نحقق الحلم ونصدر مجلة للمرأة العربية نخاطبها كإنسان له عقل، وليس كجسد لا يشغله إلا الزينة والأزياء والموضات.

في ١٤ يناير ١٩٨٩م أرسلنا طلبًا رسميًّا إلى المجلس الأعلى للصحافة، نطلب التصريح لنا بإصدار مجلة علمية ثقافية متخصصة تصدر أربع مرات في السنة عن جمعية تضامن المرأة العربية، وتحقق أهدافها المسجلة في قانونها الأساسي.

وفي ١٣ مارس ١٩٨٩م (أي بعد ٥٩ يومًا) وصلنا الرد الرسمي موقعًا من رئيس المجلس الأعلى للصحافة (د. علي لطفي) يرفض أن نصدر المجلة، لعدم توافر الشروط القانونية التي تستلزمها الفقرة الثانية من المادة «١٩» من القانون رقم ١٤٨ لسنة ١٩٨٠م بشأن سلطة الصحافة.

وبالرجوع إلى هذه المادة وجدنا أنها تشترط رأس مال قدره ٢٥٠ ألف جنيه مصري لإصدار صحيفة يومية و١٠٠ ألف جنيه مصري إذا كانت صحيفة أسبوعية، ويودع هذا المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة في أحد البنوك المصرية.

لكن المجلة التي طلبنا إصدارها لم تكن يومية ولا أسبوعية، وإنما هي فصلية تصدر ٤ مرات في السنة.

وعلى هذا فإن المجلس الأعلى للصحافة قد أخطأ في تطبيقه هذه المادة.

ونصحنا بعض الناس بأن نبحث عن واسطة لها نفوذ في الدولة، أو نسعى إلى مقابلة رئيس المجلس الأعلى للصحافة، ورفضنا هذه النصيحة لأننا ضد أسلوب الوساطة، ونؤمن بأن الحق يجب أن يصل إلى أصحابه دون الذهاب إلى ذوي السلطة.

ونصحنا بعض الناس أن نرفع قضية في المحكمة، لأن من حق الجمعيات المسجلة بالقانون أن تصدر مجلاتها العلمية المتخصصة.

ولكننا نعرف كم يمكن أن تكلفنا مثل هذه القضية من مال ووقت وجهد، وقد نكسبها أو لا نكسبها حسب «القاضي» وشجاعته في الوقوف ضد قرار صادر عن مجلس أعلى في الدولة.

وقال لنا خبراء القانون إن من حق أي جمعية أن تصدر مجلاتها الداخلية وتوزعها على الأعضاء، نظير اشتراكات معينة أو ثمن يدفع لكل عدد، لكن القانون يمنع بيع هذه المجلات في السوق لجماهير الناس.

كنا نعمل من أجل إصدار العدد الأول من مجلتنا «نون»، وأعددنا معظم المواد والرسومات حين جاءنا ذلك الرد بالرفض من المجلس الأعلى للصحافة.

وقررنا إصدار العدد الأول ليوزع على عضواتنا وأعضائنا فحسب.

وما نكتبه الآن ليس إلا تسجيلًا للتاريخ، وليعرف الناس لماذا لم نستطع أن نوزع هذه المجلة للجماهير.

ونقول الآتي:
  • (١)

    كيف تقاوم الدولة التيارات الدينية المتطرفة المتخلفة ثم ترفض إصدار مجلات علمية ثقافية متخصصة تقدم الثقافة والفكر؟!

  • (٢)

    كيف تقاوم الدولة القوى الرجعية التي تشد المرأة إلى الوراء، ثم ترفض إصدار مجلة علمية هدفها النهوض بالمرأة؟

  • (٣)

    كيف تشدو الدولة بالديمقراطية وحرية التعبير، ثم تحاول إغلاق أحد منابر التعبير الحر؟

  • (٤)

    كيف يخطئ المجلس الأعلى للصحافة في تطبيقه للمادة ١٩ من قانون الصحافة، ومن هي السلطة في بلادنا التي تراقب وتصحح أخطاء المجلس الأعلى للصحافة؟

  • (٥)

    إن الشروط الواردة في هذه المادة (رأس مال قدره ٢٥٠ ألف جنيه لإصدار صحيفة يومية، ١٠٠ ألف جنيه للمجلة الأسبوعية) يعني أن حرية التعبير والنشر لا تشمل «الفقراء» مع أنهم الأغلبية، وهل يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بدون الأغلبية؟! وكيف يصدر الفقراء مجلاتهم وليس لديهم ذلك من رأس مال؟!

  • (٦)

    لو فرضنا جدلًا أن هذه الشروط تنطبق علينا وأنها شروط ضرورية قانونًا، فإن المادة «١٩» تنص على أنه يجوز للمجلس الأعلى للصحافة أن يستثني من كل أو بعض هذه الشروط، فهل مارس المجلس الأعلى للصحافة هذا الاستثناء في الماضي أو الحاضر؟!

وما هي معايير هذا الاستثناء؟

ألا تكون أولى هذه المعايير هي حاجة المجتمع إلى هذه المجلة؟!

وهل هناك أكبر من حاجة مجتمعنا لمجلة علمية ثقافية جادة تخاطب عقول النساء وسط هذا السيل من المجلات التجارية التي تنشر التفاهات، وتعتمد على صور الإغراء والخلاعة أو الإعلانات العارية عن البضائع الاستهلاكية؟!

عبودية الجمال المصنوع

أعترف بأنني امرأة لا أستطيع أن أواجه العالم بوجه مغسول … تعودت منذ بلغت سن الرشد أن أخفي بشرتي الحقيقية تحت مسحوق أبيض كانت أمي تسميه «البودرة».

إن ثمن علبة البودرة اليوم يساوي ثمن ثلاثة كيلوات من البرتقال … وأنا أحرم نفسي من البرتقال، لأخفي وجهي بهذا اللون الأبيض.

بشرتي الحقيقية سمراء … وكانت جدتي تردد دائمًا أن الرجال يفضلون الشقراوات …

وجميع المجالات النسائية تحتوي على إعلانات لمساحيق التجميل وعلى رأسها «البودرة»، وصور النساء الشقراوات تغطي أغلفة المجلات، وهذا كله يزيد من رغبتي في إخفاء لوني الأسمر.

أحيانًا أشعر أنني «عبدة» لهذا المسحوق الأبيض، فإذا نفدت علبة البودرة أهرع إلى أقرب صيدلية لأشتري علبة جديدة.

تمامًا مثل المدمنين الذين لا يستطيعون الحياة بغير علبة الأقراص أو الحقن … وأحيانًا أحرم نفسي من الطعام لأشتري مساحيق الوجه، فإن البودرة وحدها لا تكفي وإنما لا بد من ظلال العين، وأحمر الشفتين، والخدين وقلم الحواجب.

لقد تمردت يومًا على هذه العبودية، وتشجعت واستجمعت كل قوتي، وخرجت إلى عملي (أنا أستاذة بكلية الآداب)، فإذا بزملائي وزميلاتي يسألونني في قلق: هل أنت مريضة اليوم؟

•••

لست وحدك في هذه العبودية لمساحيق التجميل، وحيث إنك امرأة متعلمة فسوف أسوق إليك بعض المعلومات الجديدة عن الأضرار الخطيرة لمساحيق الوجه، وخاصة تلك المساحيق التي تجعل البشرة السمراء بيضاء، أو «البودرة»:
  • (١)

    إضعاف شخصية المرأة، وفقدانها الثقة في نفسها، وهويتها الحقيقية، والتقليد الأعمى وتمجيد البشرة البيضاء وازدراء السمراء.

  • (٢)

    تحتوي البودرة ومعظم مساحيق التجميل على مادة «الزئبق»، وقد ثبت ضررها البالغ إلى حد أن القوانين في إنجلترا ومعظم البلاد الأوروبية قد منعت استخدام مادة «الزئبق» في مستحضرات التجميل وأنواع الصابون التي تباع في إنجلترا أو أوروبا، لكن الشركات الرأسمالية (في أوروبا وأمريكا) ترسل هذه المستحضرات إلى بلاد العالم الثالث (ومنها بلادنا) رغم أنها تحتوي على الزئبق وغيره من المواد الضارة الخطرة …

  • (٣)

    إن مادة «الزئبق» سامة، وقد تؤدي إلى تهتك خلايا الكلية والمخ، وقد تؤدي أحيانًا إلى الوفاة أو تشويه الجنين.

  • (٤)

    إن الزئبق وغيره من المواد الكيماوية في هذه المساحيق ومستحضرات التجميل يسبب للبشرة السمراء أضرارًا بالغة، إذ ينزع عنها بالتدريج الطبقة الخارجية الواقية للبشرة والتي تحتوي على المادة الطبيعية التي تكسب البشرة سمرتها وحمايتها من تغيرات الطقس وذرات الغبار … وبهذا تصبح البشرة أقل تحملًا لأشعة الشمس، وخاصة الأشعة فوق البنفسجية. كما تصبح البشرة أكثر امتصاصًا للعناصر السامة الموجودة في الهواء، خاصة الهواء الملوث في المدن الكبيرة مثل القاهرة أو غيرها من العواصم.

  • (٥)

    بالإضافة للأضرار الصحية والنفسية، هناك أيضًا الأضرار الاقتصادية، فهذه المساحيق والمستحضرات تكلف المرأة من جميع الطبقات ما يزيد على ٢٠٪ من دخل الأسرة. حتى النساء الفلاحات قد بدأن يشاركن في هذا الاستهلاك للكماليات الضارة بسبب دخول جهاز التليفزيون إلى القرى، ومشاهدتهن الإعلانات التجارية عن هذه المستحضرات والمساحيق على الشاشة.

  • (٦)

    تتعمد الشركات الرأسمالية التجارية أن تخفي عن النساء المعلومات الطبية التي تثبت أضرار هذه المساحيق بمثل ما حدث بالنسبة لبعض عقاقير منع الحمل مثل الديبوبريفيرا أو النيوروبلانت، ويلعب الاستعمار الجديد دورًا في ترويج هذه المنتجات في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية مستغلًّا غياب القوانين الصحية التي تمنع تداولها، أو جهل المسئولين عن الصحة في عالمنا الثالث بأضرارها.

  • (٧)

    لقد تنبهت بعض البلاد في العالم الثالث أخيرًا إلى هذا، وقد منعت الحكومة في بعض البلاد الأفريقية مثل «زيمبابوي» جميع أنواع البودرة أو المساحيق التي تبيض البشرة السوداء والتي يدخل في تركيبها مادة الزئبق.

  • (٨)

    وتنبهت الشركات الرأسمالية في أوروبا وأمريكا إلى هذا، وبدأت تغير من أسماء هذه المستحضرات لتخفي احتوائها على الزئبق.

إنها لعبة تجارية هدفها الربح وضحيتها المرأة.

ولن ينقذ المرأة من هذه الخدعة إلا نفسها ووعيها بأضرار هذه المساحيق، ووعيها بأن الجمال الطبيعي هو الصحة، وهو الذكاء، وهو الصدق والشجاعة، وهو الرياضة في الهواء الطلق، وهو قوة الشخصية وأصالتها وإبداعها، وليس التقليد.

إن أول خطوة هي:
  • (١)

    الامتناع تمامًا عن استخدام أي شيء من هذه المساحيق على اختلاف أنواعها.

  • (٢)

    نشر هذه الحقائق والمعلومات على جميع النساء.

إلى مذيعات التليفزيون:
  • (١)

    باروكة الشعر الأنيق أو تسريحة الرأس الرائعة تتلاشى بسرعة ويضيع جمالها إذا جعلت رأسك ثقيل الحركة كأنك تحملين فوق رأسك أبا الهول.

  • (٢)

    وهي تفسد جمال وجهك الطبيعي إذا صاحبها سؤال بلا معنى، أو ابتسامة بلا معنى، أو أخطاء واضحة في اللغة أو المعلومات العامة أو البديهيات.

  • (٣)

    بدلًا من إضاعة وقت الفراغ والفلوس عند الكوافير، لماذا لا تشترين بهذه الفلوس كتابًا قيمًا وتنفقين وقت فراغك في القراءة.

لجنة مصرية للدفاع عن الوحدة الوطنية

حينما وقعت أحداث أبو قرقاص بالمنيا، دعت جمعية تضامن المرأة العربية والجمعية المصرية للتنوير إلى اجتماع عقد في ٢٢ مارس سنة ١٩٩٠م، وحضره ٣٥ شخصية على اختلاف انتماءاتها الفكرية والسياسية والدينية، لبحث الموقف، والتدارس فيما يمكن عمله لمقاومة النزاع المتزايد بين المسلمين والمسيحيين في بلادنا، واتفق الحاضرون على أهمية عقد اجتماعات أخرى، مع دعوة عدد أكبر من مختلف قطاعات المجتمع، وذلك بهدف تكوين قوة شعبية ضاغطة لها وزن وتأثير على الرأي العام.

هكذا تم اللقاء الثاني ليلة الخميس ٢٩ مارس ١٩٩٠م، وفي هذه المرة زاد عدد الحاضرين بشكل ملحوظ ليصلوا إلى ما يزيد على المائة … وقد اتفق على اعتبار جميع الموجودين أعضاء في الهيئة التأسيسية للجنة، وعلى تسميتها باللجنة المصرية للدفاع عن الوحدة الوطنية، كما اتفق على اعتبار هذه الهيئة التأسيسية تحت التكوين، بحيث تظل مفتوحة لانضمام أعضاء جدد إليها … وناقش الحاضرون البيان الذي نشر في الصحف يوم الأربعاء ٤ مايو ووقع عليه عدد كبير من الشخصيات العامة، والكتاب، والفنانين، والصحفيين، وقيادات الأحزاب.

وفي الاجتماع الثالث الذي عقد مساء الخميس ٥ أبريل، حضر مائة وأحد عشر عضوًا، انضموا جميعًا إلى الهيئة التأسيسية تحت التكوين، ليصبح عددها مائة وتسعة وأربعين عضوًا، وتشكلت سكرتارية لمباشرة العمل، وثلاث لجان هي لجنة البحوث وتقصي الحقائق، ولجنة الإعلام، ولجنة الاتصال والعمل الجماهيري.

وتسهيلًا للعمل، اقترح الحاضرون عقد اجتماعات الهيئة في الخميس الأول من كل شهر، وقد قررت اللجنة إعداد ميثاق يعبر عن رؤية اللجنة المصرية للدفاع عن الوحدة الوطنية لقضية النزاع الطائفي المتزايد بين المسلمين والمسيحيين، ويرسم سياسات ملائمة لمواجهة هذا النزاع وإيقافه، ويصبح أرضية فكرية لتوحيد صفوف المثقفين حتى يمكن النهوض بالأمة ومواجهة الأخطار التي تتربص بها وتهدد مستقبلها.

وأجمع الحاضرون على ضرورة عقد مؤتمر علمي في أقرب فرصة ممكنة لبحث جذور الفتنة الطائفية ووسائل علاجها.

اللجنة المصرية للوحدة الوطنية

أسماء أعضاء الهيئة التأسيسية

  • (١)

    أبو سيف يوسف

  • (٢)

    أشرف حلمي محمود

  • (٣)

    إنجي سيزار فهمي

  • (٤)

    آمال سعد زغلول

  • (٥)

    آن ماري بركات

  • (٦)

    أحمد عز الدين

  • (٧)

    أحمد حسين الأهواني

  • (٨)

    أشرف زكي

  • (٩)

    أشرف سوريال نسيم

  • (١٠)

    أمير عزيز ميخائيل

  • (١١)

    أمينة شفيق

  • (١٢)

    إبراهيم سعد الدين

  • (١٣)

    إيزيس وديع حنا

  • (١٤)

    أحمد عبد الله

  • (١٥)

    أحمد بدران

  • (١٦)

    أحمد مجاهد

  • (١٧)

    أمين محمد

  • (١٨)

    تامر جلال أمين

  • (١٩)

    ثروت باسيلي

  • (٢٠)

    جلال أحمد أمين

  • (٢١)

    جميلة محمد إسماعيل

  • (٢٢)

    جورج جريس

  • (٢٣)

    جليلة الفاقي

  • (٢٤)

    حسن حنفي

  • (٢٥)

    حازم علي حافظ

  • (٢٦)

    رشدي راشد

  • (٢٧)

    راندا عبد الرحمن

  • (٢٨)

    رأفت خالد

  • (٢٩)

    رانية جلال أمين

  • (٣٠)

    رجب البنا

  • (٣١)

    رابحة عطاف

  • (٣٢)

    رفعت السعيد

  • (٣٣)

    رانية أمين

  • (٣٤)

    رأفت يوسف أبو سيف

  • (٣٥)

    رجاء منصور

  • (٣٦)

    زينب منتصر

  • (٣٧)

    زاهر عياد باسيلوس

  • (٣٨)

    زينب شاهين

  • (٣٩)

    سونيا دبوس

  • (٤٠)

    سعيد صادق

  • (٤١)

    سامية كمال علام

  • (٤٢)

    سهير فهمي

  • (٤٣)

    سعاد منسي

  • (٤٤)

    سمير مرقص عبد المسيح

  • (٤٥)

    سعد حماد

  • (٤٦)

    سهير الإمام

  • (٤٧)

    سمير نعيم أحمد

  • (٤٨)

    سعد الدين إبراهيم

  • (٤٩)

    سعد هجرس

  • (٥٠)

    شهيدة الباز

  • (٥١)

    شريف محمد الرفاعي

  • (٥٢)

    شريف حتاتة

  • (٥٣)

    شوقي خالد

  • (٥٤)

    شريف حسن قاسم

  • (٥٥)

    صلاح عبد المتعال

  • (٥٦)

    صلاح المراغي

  • (٥٧)

    طارق حجي

  • (٥٨)

    طلعت عبد الحميد

  • (٥٩)

    عاصم الدسوقي

  • (٦٠)

    علاء قاسم

  • (٦١)

    عاطف شريف حتاتة

  • (٦٢)

    عادل عازر

  • (٦٣)

    عبد اللطيف وهبة

  • (٦٤)

    عائشة عبد الغفار

  • (٦٥)

    علي الدين هلال

  • (٦٦)

    عبد الحافظ هريدي

  • (٦٧)

    عبد العظيم أنيس

  • (٦٨)

    عبد الباسط عبد المعطي

  • (٦٩)

    عادل كامل غبريال

  • (٧٠)

    علي فهمي

  • (٧١)

    علاء فكري منصور

  • (٧٢)

    عماد علي

  • (٧٣)

    عادل حافظ

  • (٧٤)

    عبد اللطيف وهبة

  • (٧٥)

    عدلي عزيز عياد

  • (٧٦)

    غادة محمد طلعت

  • (٧٧)

    فرج فودة

  • (٧٨)

    فهمي ناشد

  • (٧٩)

    فيليب جلاب

  • (٨٠)

    فؤاد فهمي

  • (٨١)

    فيفيان فؤاد فهمي

  • (٨٢)

    قطب العربي

  • (٨٣)

    كمال الإبراشي

  • (٨٤)

    كمال مغيث

  • (٨٥)

    كريمة حافظ

  • (٨٦)

    ليلى إسماعيل أحمد

  • (٨٧)

    ليلى عبد الوهاب

  • (٨٨)

    ليلى أحمد

  • (٨٩)

    ليلى الشربيني

  • (٩٠)

    ماري سلامة

  • (٩١)

    مواهب المويلحي

  • (٩٢)

    مرسي سعد الدين

  • (٩٣)

    موسى صبري

  • (٩٤)

    محمد أبو العينين

  • (٩٥)

    مجدي الدرجلي

  • (٩٦)

    ميلاد حنا

  • (٩٧)

    مصطفى معوض

  • (٩٨)

    محمد جلال يحيى

  • (٩٩)

    محروس سليمان حنا

  • (١٠٠)

    ماجد عطية

  • (١٠١)

    منى قرشي

  • (١٠٢)

    محمد رشدي سعد

  • (١٠٣)

    مرفت محمود السعدني

  • (١٠٤)

    محمد عودة

  • (١٠٥)

    مديحة دوس

  • (١٠٦)

    مها نادر جلال

  • (١٠٧)

    مجدي يوسف

  • (١٠٨)

    محمد فتوح

  • (١٠٩)

    مراد نبيل

  • (١١٠)

    منير فخري عبد النور

  • (١١١)

    محمود التهامي

  • (١١٢)

    مكرم مرقص يعقوب

  • (١١٣)

    محمود أمين العالم

  • (١١٤)

    محمد حسن العزازي

  • (١١٥)

    ملك زعلوك

  • (١١٦)

    محمد أبو الغار

  • (١١٧)

    محمد فائق

  • (١١٨)

    مصطفى عبد العال

  • (١١٩)

    ممدوح فرج محمد

  • (١٢٠)

    منى حلمي

  • (١٢١)

    مجدي محمد سلامة

  • (١٢٢)

    منال رفاعي أحمد

  • (١٢٣)

    محمود سامي شريف

  • (١٢٤)

    نوال السعداوي

  • (١٢٥)

    نجوى محمد نظمي

  • (١٢٦)

    نجوى نصيف مرقص

  • (١٢٧)

    نسرين عبد الباقي

  • (١٢٨)

    ناهد رمزي

  • (١٢٩)

    نعم الباز

  • (١٣٠)

    نادية حافظ خيري

  • (١٣١)

    نادية صالح

  • (١٣٢)

    نجيب فخري

  • (١٣٣)

    ناجي جورج

  • (١٣٤)

    نادية رمسيس فرح

  • (١٣٥)

    هبة عاصم الدسوقي

  • (١٣٦)

    هدى رزيق

  • (١٣٧)

    وحيد رأفت زكي

  • (١٣٨)

    وحيد غازي

  • (١٣٩)

    وسيم محروس سليمان

  • (١٤٠)

    وليم سليمان قلادة

  • (١٤١)

    وفيق محمود شلبي

  • (١٤٢)

    وليد صلاح الدين مغيث

  • (١٤٣)

    يونان لبيب رزق

  • (١٤٤)

    يحيى محمد بشير

  • (١٤٥)

    يوسف حلمي المصري

  • (١٤٦)

    يونان بطرس

أعضاء لجنة البحوث والمؤتمرات وتقصي الحقائق

  • (١)

    أ. أبو سيف يوسف

  • (٢)

    أ. ليلى الشربيني

  • (٣)

    د. محمود أمين العالم

  • (٤)

    د. نادية رمسيس فرح

  • (٥)

    د. صلاح عبد المتعال

  • (٦)

    د. محمد أبو العينين

  • (٧)

    د. عبد الباسط عبد المعطي

  • (٨)

    د. عاصم الدسوقي

  • (٩)

    د. شريف حتاتة

  • (١٠)

    د. وليم سليمان قلادة

  • (١١)

    د. نوال السعداوي

  • (١٢)

    د. فرج فودة

  • (١٣)

    د. طلعت عبد الحميد

  • (١٤)

    م. زاهر عياد باسيلوس

  • (١٥)

    د. ناهد رمزي

  • (١٦)

    د. صلاح المراغي

  • (١٧)

    أ. سهير فهمي

  • (١٨)

    د. مصطفى عبد العال

  • (١٩)

    م. سمير مرقص عبد المسيح

  • (٢٠)

    أ. كريمة حافظ

  • (٢١)

    د. يونان لبيب رزق

  • (٢٢)

    سمير نعيم

  • (٢٣)

    م. سهير لطفي

  • (٢٤)

    أ. رءوف عباس

  • (٢٥)

    د. حسن حنفي

  • (٢٦)

    ماجد عطية

أعضاء لجنة العمل الجماهيري والاتصال

  • (١)

    عادل عازر

  • (٢)

    نجوى محمد نظمي

  • (٣)

    راندا عبد الرحمن

  • (٤)

    ملك الحسيني زعلوك

  • (٥)

    منى قرشي

  • (٦)

    شوقي خالد

  • (٧)

    حازم شريف

  • (٨)

    يونان بطرس

  • (٩)

    مكرم الله مرقس

  • (١٠)

    أمير عزيز ميخائيل

  • (١١)

    ليلى عبد الوهاب

  • (١٢)

    محمود سامي أحمد شريف

  • (١٣)

    علاء قاسم

  • (١٤)

    فرج فودة

  • (١٥)

    رفعت السعيد

  • (١٦)

    شهيرة الباز

  • (١٧)

    سعاد منسي

  • (١٨)

    وحيد رأفت زكي

  • (١٩)

    علي فهمي

  • (٢٠)

    سهير الأمين

أعضاء لجنة الإعلام

  • (١)

    نادية خيري

  • (٢)

    منال رفاعي محمد

  • (٣)

    رجب البنا

  • (٤)

    نعم الباز

  • (٥)

    سعد هجرس

  • (٦)

    رأفت خالد

  • (٧)

    قطب العربي

  • (٨)

    عبد اللطيف وهبة

  • (٩)

    زينب منتصر

  • (١٠)

    أحمد عز الدين

  • (١١)

    ماجد عطية

  • (١٢)

    فيليب جلاب

  • (١٣)

    محمد عودة

  • (١٤)

    رفعت السعيد

الحجاب، والختان، والإسلام

الحجاب نشأ قبل الإسلام

في السنين الأخيرة زاد عدد النساء اللائي يرتدين الحجاب، وعلى الأخص بين الطبقات المتوسطة في المدن، وبين الفئات الاجتماعية المختلفة النازحة من الريف، والتي تعيش في أغلب الأحوال ظروفًا صعبة للغاية، وتشكل قطاعات هامشية لم تجد لنفسها مكانًا مستقرًّا في حياة المدينة … ومع ذلك فإن النساء المحجبات لا يزلن أقلية … فالطرحة التي تضعها المرأة في الريف حول رأسها ليست حجابًا بالمعنى الصحيح، لأنها متعلقة بالعرف أكثر من تعلقها بالرغبة في تنفيذ ما قد يظن أنه جزء من تعاليم الإسلام … وهي دليل على الحشمة أكثر منها دليلًا على الإيمان …

وهناك عدد كبير من النساء العربيات لا يعتبرن أن محاكاة الغرب في اللباس دليل تقدم، أو انعكاسًا للحداثة في التفكير، فمن حق الإنسان أن يرتدي ما يريحه، والمهم في النهاية هو ما يوجد في رأسه، امرأةً كانت أم رجلًا.

ومع ذلك فإن ارتداء الحجاب بشكل متزايد ظاهرة لها مغزاها، إنه يدل على وضع المرأة المتدني في المجتمع؛ لأن عددًا كبيرًا من هؤلاء النساء قد فرض عليهن ارتداء الحجاب من رجال الأسرة، أو من ضغوط المجتمع، بما فيها ضغوط التيارات الإسلامية المحافظة، واقترن الحجاب بتأكيد مفاهيم عن مكانة المرأة التي شهدت تراجعًا متصلًا منذ بداية السبعينيات ومن بينها الاعتقاد بأن المرأة مخلوق أدنى بالنسبة للرجل، عليها أن تلتزم جدران البيت حتى تكرس حياتها لخدمة الزوج والأسرة دون أن تنشغل بالتعليم والعمل والإنتاج الذهني أو المادي، وأشياء أخرى، أن تعتبر نفسها عورة، أو موضوعًا للإثارة الجنسية يخشى عليها، ويجب أن يتم إخفاؤها على قدر الإمكان، سواء بالحجاب أو بوسائل أخرى أكثر قسرًا …

هكذا صار الحجاب رمزًا لأشياء لها تأثيرها على تقدم المجتمع، وعلى المرأة نفسها … والرجل … وقد يحدث أن تلجأ المرأة أو الفتاة لارتداء الحجاب كوسيلة لمواجهة ضغوط المجتمع … فالمرأة المحجبة لا تتعرض لمضايقات الرجال بالقدر الذي تعاني منه السافرات، والحجاب قد ييسر للمرأة الخروج للدراسة، والعمل في مجتمعات لا زالت تحافظ على تقاليد موروثة من عهود مضت … أو قد يكون الدافع توفير مصروفات تصفيف الشعر، والموضات المتغيرة … والحصول على مساعدات وعون، وخدمات من بعض التنظيمات والهيئات الإسلامية، أو الرغبة في التميز عن مجتمعات الغرب، حيث تسود القيم المادية، والحرية الجنسية الضارة، أو في إظهار نوع من التميز القومي، والاستقلال والمقاومة لغزو الاستعمار القديم، والجديد لحياتنا.

ولكن ما إذا حللنا ارتداء الحجاب وفقًا لهذه الدوافع سنجد أنها ظاهرة ضارة … فلماذا؟!

إن تغطية رأس المرأة يتضمن أنها «عورة». لماذا يكون الرأس بالذات … الذي يحوي على مخ الإنسان «عورة» في المرأة … أليس هذه ملفتًا للنظر … أم أن شعر المرأة موضوع للإثارة الجنسية فيجب أن يغطى؟ إن التغطية أو التعرية وجهان لعملة واحدة … إنهما يعنيان أن المرأة ليست إنسانًا مثل الرجل … وإنما جسم يجب أن يغطى … أو جسم يمكن أن يعرى بهدف الإثارة الجنسية كما يحدث في الإعلانات التليفزيونية. جسم بلا عقل تحركه الغرائز، والشهوات، فتتحرك فيمن يراه … وكل هذا ضار للغاية لأنه يبث في النساء والرجال على حد سواء نظرة خاطئة لوضع المرأة، وكيانها كإنسان، ويكرس المفاهيم التي ترى فيها مخلوقًا أدنى قد يقترب من الحيوان، إنه يساعد على تأكيد أساليب التغطية، والتستر، والنفاق.

ويهتم بشكل الأخلاق أكثر مما يهتم بالجوهر، والفساد يجنح بطبيعته إلى الإخفاء والتستر … بينما الاستقامة تظل واضحة … ارتداء الحجاب قد يبدو تصرفًا أخلاقيًّا … ولكن أخلاقيته تتوقف عند الشكل، ولا تمتد بالضرورة إلى مضمون الإنسان وجوهره … والاهتمام بالشكل أحد مظاهر فساد المجتمعات … المهم دائمًا هو القلب واللب، والمعدن. والفساد له منابع مختلفة … فارتداء الحجاب قد يكون خضوعًا للضغط دون اقتناع خصوصًا في ظل أشكال الإرهاب المادي والمعنوي الذي يمارس الآن … وهو في الوقت نفسه تأكيد الصورة المشبوهة عن المرأة كجسم تحكمه الشهوات وينقصه العقل … وكمخلوق أدنى من الرجل … وهذا بدوره يشوه تفكير الرجل … ويضعف ثقة المرأة في قدراتها الذهنية، والإبداعية فتصبح عنصرًا سلبيًّا لا يصلح حتى للعناية بالأسرة … وتربية أطفالها، وهو يتضمن نظرة إلى المرأة كموضوع للجنس بينما الغرض المعلن من ارتداء الحجاب هو الحيلولة دون إثارة الرجال.

الدليل على التناقض الكامن في ظاهرة انتشار الحجاب هي تلك «الموضات الإسلامية» التي نراها في كل مكان، سائرة في شوارع المدينة، أو جالسة في السيارات أو مختالة في براويز الإعلانات … فمن المشاهد المعتادة في عصر الانفتاح أولئك النساء، والفتيات اللائي يتأرجحن فوق كعوبهن العالية، وتتموج أجسامهن في الأثواب الهفهافة، وتطل عيونهن المكحلة، من تحت حجاب أشبه ما يكون بغطاء الرأس الذي كانت ترتديه الجواري والمحظيات في حريم الخلفاء، والسلاطين، والمماليك الأتراك.

أما حجة التمسك باللباس القومي كأحد السمات المميزة للمرأة في مواجهة غزو الاستعمار الغربي فهو كلام شكلي قيمته تظل محدودة في أحسن الأحوال. فالتميز القومي مسألة تتعلق بجوهر الإنسان، بلغته وأرضه وتمسكه بالوطن واستقامته وإنتاجه وسلوكه، فالقومية ليست جواز سفر، ولا رداء وإنما موقف. قبل السنين الأخيرة أصيب الكثيرون بداء التخفي خلف الشكل وتجاهل الجوهر … فالجوهر هو دائمًا الأصعب.

وفيما يتعلق بالحجاب علينا أن نتذكر حقيقة تغيب عن كثير من الناس … وهو أنه لم ينشأ أصلًا في الإسلام. إنه ولد مع الديانة اليهودية، فقد طلب «التلمود» من المرأة أن تغطي رأسها أثناء الصلاة، لأن شعر المرأة مثل جسدها العاري.

والنساء اليهوديات كن يتشحن بالحجاب منذ أقدم الأزمنة … ثم جاءت المسيحية، وظلت عادة ارتداء الحجاب قائمة بين النساء المسيحيات والراهبات في الكنائس، والأديرة. يخفين رءوسهن في حجاب طويل من القماش الأبيض، والنساء في قرى البلدان الأوروبية يغطين رءوسهن بالطرح أو الشيلان السوداء أو الملونة.

الحجاب إذن سابق على الإسلام، وفي رأي الكثيرين لا يوجد بالنسبة إليه نص قاطع … إنه جزء من النظرة التي تعتبر المرأة جزءًا من ملكية الرجل، لذلك يجب ألا يراهن رجال آخرون خوفًا من الإثارة، ومن حدوث ما هو محظور فيؤدي إلى اختلاط النسب، والنسب مرتبط بالميراث … والميراث هو انتقال الملكية من الآباء للأبناء.

الحجاب ليس حماية للأخلاق، وهو لا ينفصل عن الدعوة للحيلولة دون خروج المرأة من جدران البيت لتشترك في العمل، وفي النشاط العام الذي يستهدف تقدم المجتمع ويحقق مصالح النساء والرجال، حتى ينقضي الظلم، والقهر، وتتحقق الحرية والكرامة في الحياة.

الختان عادة وثنية

عند مناقشة وضع النساء في البلاد العربية يجب أن نفرق بين حقيقة الدين وتعاليمه وبين ما يمكن اعتباره من قبيل العرف، أو التقاليد.

وتتضح أهمية هذه التفرقة بشكل واضح عندما نتأمل ما يقال أو يكتب عن ختان البنات، وكأنه مستمد من تعاليم الإسلام … وهذا ليس صحيحًا على الإطلاق، ولا يعتمد على أي سند في القرآن … أو في أحاديث النبي محمد، أو في حياة المسلمين الأول، الذين لم يأخذوا بعادة ختان البنات … وحتى اليوم، فإن هذه العادة لا تمارس في عدد من البلاد الإسلامية، ومنها المملكة العربية السعودية التي كانت في الأصل الأرض التي بدأت فيها الدعوة الإسلامية.

لقد آن الأوان لكي نبحث في معتقداتنا بعقل مفتوح حتى نتبين ما هو مفيد، وباعث على التقدم، وما يعتبر من قبيل التقاليد البالية الضارة بالمجتمع وبالناس، وهذا ينطبق بالذات على النساء، لأنهن يخضعن لكثير من الآراء والقيم والعادات التي تحافظ على وضعهن الأدنى في المجتمع.

ومن بين العمليات الضارة التي تمارس مع البنات تلك العادة التي تسمى بالختان، وأغلب الناس لا يدركون الأضرار الجسيمة الناتجة عن الختان … فهي عملية مشوهة. كثيرًا ما تؤدي إلى النزيف، والالتهابات … وهي تسبب صدمة عميقة للفتيات في سن مبكرة، وقد اتضح هذا من سؤال البنات، ومن ذكرياتهن المرتبطة بالختان. ومن الدراسات التي أجريت بواسطة عدد من أساتذة الطب في جامعة القاهرة وعين شمس. ومن المعروف أنها تحول دون حدوث الإشباع الجنسي عند المرأة مما يلعب دوره في توتر العلاقات بين الأزواج.

وإذا بحثنا عن أصل «الختان» في التاريخ، سنجد أنها عادة وثنية نشأت قبل الإسلام، وعلى الأخص في عدد من البلاد الأفريقية … وأنها كانت تمارس على نطاق واسع في المجتمعات الفرعونية، والختان الفرعوني هو الذي يمارس حتى الآن في السودان، وهو أقسى أنواع الختان لأنه يعتمد على إزالة كل الأجزاء الظاهرة للجهاز التناسلي في المرأة تاركًا فقط فتحة للمهبل … مما يصيب الفتاة بأضرار جسمية، ونفسية، وجنسية فادحة.

والدراسة التاريخية لعادة ختان البنات تبين أن الهدف الأساسي منه هو إضعاف الرغبة والشبق الجنسي في الفتاة كوسيلة لضمان إخلاصها لرجل واحد، والحفاظ عليها من الاتصال بالرجال قبل الزواج، وأثناء الزواج، وكأن الإخلاص والوفاء والأخلاق يمكن ضمانهما ببتر جزء من جسم الإنسان … والمجتمع يعتبر أنه من حق الرجل أن يكون متعدد العلاقات الجنسية، وتعدد الزوجات الذي يمارس في بعض الديانات ومنها الإسلام جزء من هذا المنظور الاجتماعي … وهنا يثور السؤال: إذا كان الرجل يسمح لنفسه بتعدد العلاقات الجنسية، فمع من؟ سؤال مهم نتهرب عادة من الإجابة عنه، لأن السؤال يتضمن التمرد على اللاأخلاقية السائدة في المجتمعات والتي تسمح بها النظرة غير المتساوية للذكور والإناث.

أما المرأة فمطلوب منها أن ترتبط برجل واحد حتى لا يختلط نسب الأولاد، وهذا ينبع من نظام الملكية والميراث، فالأب يريد أن يعرف من هم أولاده حتى لا تذهب أمواله في غير المسار المحدد له.

هذه الازدواجية هي أحد أسس الفساد في مجتمعاتنا سواء كانت شرقية أو غربية. وهو فساد يكرسه العُرف الاجتماعي ويدافع عنه رجال الفكر، والدين … العلاقات السوية بين الرجال والنساء لا يمكن أن تنشأ إلا إذا كانت قواعد الأخلاق والسلوك واحدة، تنطبق على كل الأطراف رجالًا كانوا أو نساءً … والازدواجية الخلقية لا تؤدي سوى إلى انهيار القيم، والأخلاق حتى إذا استخدمت كل أنواع القهر لفرضها على الناس، والقهر نفسه مفسد للأخلاق … لأن المسئولية، والاستقامة اختيار حر للإنسان، فإذا حاولنا فرض الإخلاص الجنسي مثلًا على طرف دون الآخر انعدمت العدالة، وضاعت فرص إقامة العلاقات بين الرجال والنساء على الاحترام، والمصارحة، والمسئولية المشتركة، وأصبح التحايل، والنفاق، والفساد جزءًا من ممارسات الحياة اليومية.

لذلك فمن المهم كشف كل أنواع التضليل وخصوصًا إذا تمت باسم الدين، فللدين تأثير عميق في حياتنا. والختان ليس من الإسلام في شيء، ولا يمت بصلة إلى تعاليمه، إنه وليد العلاقات غير المتكافئة بين الرجال والنساء.

شريف حتاتة

•••

المسيح بريء
مارلين تادرس

لا بد أن نتفق أولًا على أن الإنجيل يؤخذ بالروح ولا يؤخذ بالكلمة الحرفية، ومعنى هذا أن روح الموضوع وجوهره هو المهم وليس مطلقًا حرفية الكتاب المقدس، فلنعطِ مثالًا حتى نتفق، فالمسيح حينما طلب منا بيع كل ما نملك ونتبعه لم يعنِ حرفية الموقف ولكنه كان يعني أن يوضح لنا شرور المال، أو حينما طلب منا أن نحمل الصليب ونتبعه فليس معنى هذا أن يصنع كل منا صليبًا، ونضعه فوق ظهورنا ونمشي وراءه والأمثلة من هذا النوع كثيرة، ولذلك سوف أتركها للقراء للتفكير فيها حتى أدخل في الموضوع مباشرة.

وقد جلست أبحث وأنقب في الإنجيل عما قاله السيد المسيح عن المرأة، وعن مواقفه تجاهها، فلم أجد نصًّا واحدًا يؤيد فكرة خضوع جنس إلى جنس آخر أو أي شيء من هذا القبيل، بل على العكس، فإن ما قاله المسيح كان دائمًا ينفي أي تفرقة من أي نوع، سواء الرجل والمرأة أو الغني والفقير، أو السيد والعبد … فشروط المسيحية عنده هي الإيمان فقط، أما في رسائل بولس الرسول والبعض القليل من التلاميذ فنجد هذه التفرقة ولكن إذا نظرنا لها نظرة موضوعية وشمولية وبدون انفعال واستنكار، لوجدنا الموضوع كله قابلًا للمناقشة ولنمسك الآيات كلها الواحدة تلو الأخرى لكي نرى معًا.

طبيعة العصر المتغيرة

(١) في الرسالة من الرسول بولس إلى أهل كورنثوس الإصحاح ١١ يقول:

«إن رأس الرجل المسيح ورأس المرأة الرجل.»

في نفس الجملة يقول إن على المرأة أن تغطي رأسها لأنها تشين نفسها وإذا لم تغطِ فليقص شعرها. ونحن نتساءل الآن لماذا نأخذ الجزء الأول من الآية، ونقول إن هذا ينطبق على عصرنا الحالي وأما الجزء الثاني من الآية فنتركه ونقول إنه مخالف لروح العصر؟ لا بد أن نعي تمامًا أن هذه رسالة شخصية من الرسول بولس إلى كنيسة معينة وشعب بعينه، وفي ذلك الزمان كانت المرأة المحتشمة هي التي تغطي شعرها، فمن الطبيعي أن يطلب بولس منها ذلك، وكانت المرأة أيضًا غير متعلمة، وجاهلة وغير مثقفة، فمن الطبيعي أكثر أن يطلب الرسول بولس أن يكون الرجل هو رأسها وراعيها، لأنه هو أكثر خبرة منها.

ولكن الرسول بولس يعود في نفس الإصحاح ليؤكد أن في النهاية، القصد من كل هذه المطالب أن تكون الكنيسة في نظر المجتمع بلا عيب، أي لا ينظر أحد إلى نساء الكنيسة ويقول إنهن سافرات، وإني أتساءل هنا: لماذا نأخذ الجزء الأول من الآية ونترك الثاني؟ لأن روح العصر هي المتحكمة، وأن تظل الكنيسة بلا عيب.

المرأة من الرجل والرجل من المرأة والاثنان من الله

(٢) يعود الرسول بولس في نفس الإصحاح فيؤكد:

«الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب.»

ويوضح نظريته أنه «كما أن المرأة هي من الرجل هكذا الرجل أيضًا هو بالمرأة ولكن جميع الأشياء هي من الله»، أي إذا كانت حواء من ضلع آدم فآدم اليوم يولد من بطن حواء … «وما فيش حد أحسن من حد». فهو إذن يعرف هذا جيدًا، وعلى هذا فحينما يقول إن المرأة تغطي شعرها، فهذا بسبب العصر والزمن الذي يعيشه.

ترك الحكم للناس

(٣) يختتم بولس الرسول كلامه بسؤال هام جدًّا:

«احكموا في أنفسكم، هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة؟»

وهنا يترك بولس الرسول الحكم للناس ولنا، وهذا الحكم متغير مع الزمان، أفلا نفعل هذا الآن؟ أفلا نصلي دون حرج وشعورنا غير مغطاة؛ فالحكم إذن ليس حكمًا مطلقًا، وإنما خاضع للتغيرات الزمنية.

ويسأل الرسول بولس في نفس الآية: «هل يليق بالرجل أن يطيل شعره؟» ولهذا السؤال دلالة خاصة إذ إن الرد عليه يعتمد اعتمادًا كليًّا على الزمان والمكان أيضًا، فهناك عصور كاملة في أوروبا كان الرجال يطيلون شعورهم، أو يرتدون الباروكات، واليوم أيضًا يفعل البعض هذا، فهل هذا خطيئة في شرع الله؟ نحن نعلم أنه بالرغم من أسئلة بولس الاستنكارية هذه فإنه اليوم ليس عيبًا، ولا نلقي على الكنيسة باللوم أو بالخطيئة إذا فعلنا هذا.

صمت المرأة

(٤) أما في الإصحاح ١٤ من نفس الرسالة يقول الرسول بولس المقولة الجدلية الشهيرة:

«لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا.»

ويعود فيقول:

«إنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة.»

هذا الكلام واضح وصريح، بالطبع في ذلك الوقت كان قبيحًا للنساء أن يتكلمن في الكنيسة، ولكنا نعلم اليوم أن المرأة المتعلمة القائدة تستطيع دون عيب أو لوم أن تتكلم في الكنيسة، وهذا ما تفعله وتصرح به الكنائس اليوم، ومن غير المعقول أيضًا أن تلتزم النساء بما يقوله بولس من أنه إذا أرادت المرأة أن تسأل سؤالًا فلتسأل زوجها حينما يعودان إلى المنزل ولا تسأل في الكنيسة، من منا يفعل هذا اليوم؟ وفي أي كنيسة؟ ربما كنائس الفقراء في الأحياء الفقيرة فقط، وهذا لأن المجتمع يحتم عليهن هذا، إذن فالقضية قضية مجتمع وليست قضية دين وتدين، فنحن نعلم أن بولس كان يكلم أبناء عصره في تلك الآية، فلماذا نختار الآيات التي تعجبنا فقط، ونتناسى روح العصر، ويقول بولس (كما يقول الناموس أيضًا) ألم يأتِ المسيح ليحررنا من الناموس.

معرفة الحكمة

(٥) يقول الرسول بولس في رسالته إلى تيطس في الإصحاح الثاني:

«إنه ينبغي على النساء أن يكن متعقلات، عفيفات، ملازمات بيوتهن، صالحات، خاضعات لرجالهن لكي لا يجدف على كلمة الله.»

لاحظوا أن الهدف الأول والأخير هو أن لا يجدف على كلمة الله. ونحن نسأل الآن: هل خروج المرأة للعمل وعدم ملازمتها البيت حرام؟ أهو عيب؟ هل يجدف على كلمة الله حينما تفعل ذلك؟ لماذا لا تلتزم المرأة المسيحية بهذه الآية؟ لماذا تلتزم المرأة المسيحية والكنيسة بكلمة «خاضعات لرجالهن»، وتترك الكلمة التي قبلها مباشرة «ملازمات بيوتهن»؟ أليست روح العصر مرة أخرى هي المتحكمة؟ فكيف إذن تكون المرأة اليوم خاضعة للرجل وتقبل هذا على نفسها وهي المتعلمة المثقفة؟ إذا أرادت الالتزام بكلمات بولس فلتلتزم بها كلها وتصمت وتجلس في البيت وتتغطى ثم تخضع، فهل تفعل؟

الحب وليس الخضوع

(٦) في الرسالة إلى أهل أفسس يقول الرسول بولس في الإصحاح الخامس: «أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة.»

فنلاحظ أولًا أن هذه الإعادة لما قاله مسبقًا إنما هي تأكيد لأنه اجتهاد ذاتي وهو شخصيًّا يقول هذا ودائمًا تتمسك الكنيسة بهذا الجزء من الآية، وتنسى أيضًا الجزء التالي:

«أيها الرجال أحبوا نساءكم، كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها … كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم، من يحب امرأته يحب نفسه.»

وهنا نجد أن الأساس في العلاقة هو الحب، وليس الخضوع، فأنا أعتقد أنه إذا أحبني زوجي حتى أنه فداني بنفسه، واعتنى بي كجسده تمامًا، فالإحساس سيكون متبادلًا رغمًا عني، والمحبة ستظل موجودة رغمًا عني، دونما الحاجة إلى خضوع كالعبيد، ودونما فكرة من له صنع القرار، ومن عليه الخضوع والموافقة. فالمسيح كان خادمًا للكنيسة، وأعطى حياته فداءً لها وهي أيضًا كذلك، فهل يكون الرجل خادمًا للمرأة وفاديًا لها؟

(٧) في الرسالة إلى تيموثاوس فيقول في الإصحاح الثاني من رسالته الأولى: «إن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة.»

ونحن معه في هذا لأن التبرج ليس من سماتنا وهذا ما تمليه علينا أخلاقيات اجتماعية مقبولة، ولكنه يوضح أن الحشمة بالنسبة له هو في ذلك الزمان هي ألا يكون للمرأة «ضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن».

هل هذه هي الحشمة في هذا العصر؟ هل ألَّا يكون للمرأة ضفائر وذهب من الحشمة في شيء؟ واليوم نتغاضى عن هذه الآية، لأن روح العصر تختلف اليوم عن زمن تيموثاوس.

أما الآية التالية مباشرة فتقول: «لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع، ولكن لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت.»

فنقول في هذا شيئين: الأول أن بولس هو شخصيًّا الذي لا يأذن، أي أنه اجتهاد ذاتي منه، والثانية أن المرأة كما ذكرنا من قبل تتكلم في الكنائس ولا تكون في سكوت، فنعود ونقول روح العصر، روح العصر.

العقل وروح العصر

(٨) ومما يؤكد مسألة روح العصر هذه، أن بولس ينصح ويقول في رسالته: «أما الأرامل الحدثات فأرفضهن.» فما هذا المنطلق؟ هل يعقل أن ترفض الكنيسة الأرامل الصغيرات في السن؟ ولكننا نعلم أن بولس يوجه كلامه إلى كنيسة محددة وشعب معين من واقع تجربة شخصية، فكان يرى هؤلاء النسوة يترددن على البيوت ويتحدثن بالنميمة، وما إلى ذلك فطلب في هذا الموقف رفضهن، فهل معنى هذا أن ترفضهن الكنيسة إلى اليوم؟ بالطبع لا، وبالطبع لا تفعل الكنيسة هذا، لأنها تعلم روح العصر المختلفة.

المساواة أمام الرب

أما الشيء الرائع حقًّا والذي يحدد عقلانية كلامي هنا، أن المسيح ذاته لم يقل أي شيء من هذا الكلام. المسيح لم يفرق بين الرجل والمرأة، لم يأتِ بمعنى واحد يشير إلى وجوب الخضوع من طرف إلى طرف آخر، ولكن على العكس تمامًا، كان يتكلم بروح المساواة في الرب. هل نذكر جميعًا أنهم حينما أتوا له بالسيدة الزانية — وبالطبع لم يأتوا بالرجل الذي زنت معه — وكادوا يرجمونها فقال مقولته الشهيرة: «من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.»

وكانوا كلهم رجالًا فانصرف الواحد تلو الآخر، لم يفرق المسيح مطلقًا بين كونها رجلًا أو امرأة.

لماذا الإصرار على خضوع المرأة؟

والغريب حقًّا أن الكنيسة البروتستانتية التي كانت أول من بشر بعدم حرفية الكتاب المقدس، وراعت في كل الأمور مسألة روح العصر، ظلت على احتفاظها بمسألة خضوع المرأة للرجل فقط وتركت كل الآيات الأخرى. ألا يثبت هذا أن المجتمع الذي يضع قوانينه الرجال هو الذي يفرض على المرأة فكرة الخضوع؟ لماذا تصر الكنيسة في جميع اجتماعات السيدات أن تظل تعلم وتؤكد فكرة خضوع الزوجة لزوجها؟ من أين جاءت الفكرة؟ لماذا لم تتغير مع باقي المتغيرات؟ لم يستطع أحد منهم أن يقول إن الرب أمرنا بهذا، لأنه لم يفعل. حينما ذكر المسيح المرأة والرجل تكلم فقط عن فكرة الطلاق ورفضه لها سواء من المرأة أو من الرجل، فقانون المسيح هو المساواة، فلماذا نفترض فكرة الخضوع ونتمسك بها؟

يا سيدي وسي السيد

أما الكنيسة الأرثوذكسية الأكثر التزامًا بحرفية الكتاب، فقد بدأت في التنازل عن الكثير من هذه القوانين الاجتماعية. ولكن الشيء الغريب حقًّا هو احتفاظها بجملة تقال دائمًا في العهود بالكنيسة أثناء عقد مراسم الزفاف، فيقول القس للعروس إنها ينبغي أن تقول لزوجها «يا سيدي» على وزن «سي السيد» لنجيب محفوظ، كما كانت سارة تقول لأبينا إبراهيم، حقًّا إنه شيء غريب. أولًا لأنه حتى في طلب الخضوع لم يقل بولس أبدًا أن تقول المرأة للرجل هذا، والغريب أيضًا أن سارة وأبانا إبراهيم كانا يعيشان منذ عدة آلاف من القرون، وكان من الطبيعي آنذاك أن تخاطبه هكذا. فلماذا تصر الكنيسة اليوم على مثل هذه الجملة الشاذة وسط العهود التي تأخذها العروس على نفسها؟ إن هذا العهد منقوض والكنيسة تعلم جيدًا هذا، فلماذا تضعنا في مأزق أن تقول عهدًا سوف ننقضه في نفس الساعة؟ والكنيسة تعلم أيضًا كم يضحك الجميع عند هذه الجملة، حتى بعض القساوسة ذاتهم، فلماذا الإصرار على الاحتفاظ بهذه الجملة المتهالكة، والتي لا أساس لها؟

مسئولية النساء أيضًا

وأخيرًا أود أن أعلق على بعض النماذج من السيدات اللاتي رأيتهن وعاشرتهن ممن يؤمن بفكرة الخضوع، فكلهن يؤكدن أن خضوعهن لرجالهن إنما من باب التقوى والإيمان ويقلن بكل ثقة إنها إرادة الله، والحقيقة أن هناك اختلافًا حقيقيًّا ودائمًا بين ما يطالب به الله فعلًا، وبين ما تتطلبه ظروف اجتماعية خاصة، ولكن الكل يعمل تحت ستار الدين والتدين. فالمرأة التي تحب رجلها لا حاجة لها لأن تخضع، ولا حاجة له لأن يطلب منها الخضوع. فالخضوع أساسًا أمر غير وارد بين المحبين، إنه فقط الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة في الآراء. والنساء اللاتي رأيتهن يحببن أزواجهن في الكنيسة رأيتهن يقلن إن هذا هو الإيمان، هذا الخضوع من أجل الرب ومن أجل الدين، وهو في الحقيقة أمر جاء سهلًا عليهن بسبب الحب الموجود أصلًا.

أما المرأة التي لا تحب زوجها فهي تأخذ أحد طريقين: إما أن تخضع له بالفعل لأنها لا تستطيع أن تفعل سوى ذلك بحكم العادات والتقاليد الاجتماعية، أو بحكم تركيبة شخصيتها فتقول ببساطة إن خضوعها هو عين الإيمان، مع أنه في الحقيقة عين الضعف، وفي هذه الحالة تكون المرأة ماسوشية؛ أي تهوى تعذيب ذاتها وكله في اسم الرب، أو تكون لا حيلة لها سوى أن تقبل وتخضع، لأنها لا تستطيع أن تفعل غير ذلك. أما الطريق الثاني الذي تتبعه المرأة التي لا تحب زوجها فهو التمرد والثورة وعادة ما ينتهي هذا بالطلاق.

ندوة العدد

المرأة والمستقبل

يوم السبت ٢٤ فبراير … دعت جمعية تضامن المرأة العربية الأستاذ «راجي عنايت» والأستاذ «محمد سيد أحمد» في ندوة حول موضوع «المرأة والمستقبل»، وفيما يلي ملخص لهذه الندوة.

الأستاذ راجي عنايت

بادئ ذي بدء، أود أن أشير إلى أن حركة المرأة في الغرب، وقضية تلوث البيئة، وقضية معاداة الحرب (كما حدث في فيتنام) تعد جميعها من القضايا أو النشاطات التي عجلت بظهور المجتمع الجديد وانقضاء الأسس التي قام عليها المجتمع الصناعي.

وفيما يتعلق بمستقبل المرأة بشكل عام، ونتيجة لتغير الظروف الموضوعية والأسس التي يقوم عليها المجتمع الصناعي، فإننا نلاحظ ما يلي:

أن الأحلام الجميلة تظل أحلامًا جميلة حتى يظهر احتياج اقتصادي لها، فتوضع عندئذٍ هذه الأحلام موضع التطبيق، ووجهة نظري هي أن الاحتياج الاقتصادي لمجتمع ما بعد الصناعي — ولأول مرة في تاريخ الجنس البشري — يعطي للمرأة فرصة كبرى، تنهي قضيتها كامرأة، ولا أقول تنهي وجودها كامرأة، ولا تميزها كأنثى، بل تلغي فقط قضيتها، وتحولها إلى إنسان شأنها شأن الرجل، لقد عاشت المرأة أوضاعًا قهرية مفروضة عليها، وقد ساعد على هذا قصورها البيولوجي الذي منعها من احتلال نفس المكانة التي احتلها الرجل، ورغم كل المكاسب العظمى التي حصلت عليها المرأة، ورغم كل الظلم الذي رفع نسبيًّا عن كاهلها، فإن المرأة بقيت في مكانة متراجعة عن مكانة الرجل في أكثر من شكل من أشكال الحياة، سواء في نوع العمل المقبولة فيه أو في الأجر، أو في ظروفها الخاصة والاجتماعية التي كان يقتضى الأمر مراعاتها.

إن المجتمع القادم سوف يجعل المرأة تتجاوز هذا الوضع لأسباب خاصة بالمجتمع وتطوره منها:
  • أولًا: التحول من العمالة اليدوية البدنية إلى العمالة الذهنية، ونظرًا إلى أن عقل المرأة لا يختلف عن عقل الرجل، فإن أي حديث عن قصور بيولوجي سوف ينتفي، وسوف تصبح المرأة مؤهلة لتولي أي عمل من الأعمال ما دام أن هذا العمل عمل ذهني.
  • ثانيًا: تطور وسائل منع الحمل، وتنوع وسائل الإنجاب حاليًّا ومستقبلًا، وهذا سوف يجعل المرأة تحدد وقت إنجابها، بحيث تتحكم تحكمًا تامًّا ودقيقًا في عملية الإنجاب، وبحيث لا يعوقها هذا عن أداء مهامها.
  • ثالثًا: التحول «بنسبة عالية» من العمل إلى البيت نتيجة تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال، ولذلك يمكن للمرأة أن تمارس عملها الذهني في بيتها حتى في يوم الولادة.
  • رابعًا: إن توقيت العمل سوف يخضع لتنظيم معين، بحيث ينشأ نوع من الزمن المرن في العمل يتلاءم مع ظروف المرأة الخاصة.

تلك هي بعض النقاط الأساسية التي تجعلني أقول إن كل المؤشرات تفيد أن التغييرات الأساسية في المجتمع البشري، تحدث لحساب تعديل وضع المرأة، وإعادة تقييمه تقييمًا صحيحًا. وشكرًا.

د. نوال السعداوي

شكرًا للأستاذ «راجي عنايت»، والحقيقة أن الأستاذ راجي عنايت قدم بعض النقاط الهامة جدًّا، ولكن كنت أود أن يركز الضوء على بعض النقاط الأخرى، وسوف أثير هذه النقاط، وربما يحب الأستاذ «محمد سيد أحمد» أن يعقب عليها، مثال ذلك، أن المرأة مقهورة في مجتمعنا بسبب الزواج، فما هو شكل قانون الزواج في المستقبل؟ ولمن سوف ينسب الأطفال؟ وما هو شكل الدين في المستقبل؟ في ظل الديمقراطية ولا مركزية السلطة، هل سوف يحدث تغير في الرؤية الدينية والفلسفية؟ ومن المعروف أنه قبل وجود المجتمع العبودي والزراعي، كان هناك مجتمع لم تكن فيه المرأة مقهورة، فكيف تعالج في المستقبل شتى الأسباب التي أدت إلى قهر المرأة؟

الأستاذ راجي عنايت

ربما تكون هناك فرصة للإجابة عن مثل هذه التساؤلات عندما يحين أوان مناقشة الحاضرين في الندوة، ولكني أرى بصفة مبدئية أن هناك أحد التحولات الهامة في المستقبل، ألا وهو التحول من النمطية أو الشكل الثابت الأحادي في الأسرة، فسوف يكون هناك أكثر من شكل للأسرة، وسوف يكون تعدد أشكال الأسرة أمرًا مقبولًا. أما كون هذا التعدد أمرًا أخلاقيًّا أو غير أخلاقي، فهذا ليس له علاقة بالموضوع، ولا يهمني. فلم يعد من الضروري أو المفيد للمجتمع أن يكون للأسرة هذا الشكل المحدد الواحد، إن العلاقات الأسرية سوف تتسم بالتنوع الواسع. كما أن المجتمع لن يتحمل هذا فقط، بل سوف يستفيد من هذا أيضًا.

ما هي الحركة النسائية؟

الأستاذ محمد سيد أحمد

قد يبدو موضوع «المرأة والمستقبل» موضوعًا سهلًا، لكنه في الحقيقة ليس سهلًا. بالطبع فإن ما يخطر على البال أن هناك حركة نسائية عظم شأنها في منتصف القرن العشرين. وفي اعتقادي أن الحركة النسائية هي إعادة هيكلة (إعادة بناء) للعلاقات التقليدية القديمة بين الرجال والنساء.

دعوات ضد التلوث الاجتماعي

فيما يتعلق بالعلاقة التقليدية بين المرأة والرجل، فيمكن أن نشاهدها في مجتمعنا هذا — وخاصة في فترة الانفتاح التي شهدت كثيرًا من التدهور الأخلاقي — في الدعوة إلى التحشم والعودة إلى القيم المتوارثة، وعودة المرأة إلى البيت من أجل استقرار الأسرة أمام تهديد المخدرات، وضياع النشء والشباب، وانهيار العائلة، كل هذا ما هو إلا شكل من أشكال التأمين أو التحصين ضد التلوث الاجتماعي. إن الأمر يبدو وكأن هناك غريزة تحصن ضد الأخطار، وذلك من خلال العودة إلى أشكال أكثر أمانًا، والرجوع إلى الماضي، بحيث لا نغامر في عالم متغير.

طلب الأمان يدفع للاستسلام

وفي اعتقادي أن فكرة التحصين هذه — أو الأمان أو الاستقرار في ظرف غير مستقر — تفسر لنا قبول المرأة طواعية التخلي عن فرص متاحة وحقوق متاحة، أي أن ظاهرة تخلي المرأة عن حقوقها هذه تحدث باعتبارها شكلًا من أشكال التحصن ضد أخطار ليس متحكمًا فيها بالطبع. علينا أن نتساءل: إلى أي حد يعتبر هذا صحيحًا عمومًا؟ أنا أقرب إلى الاعتقاد بأن هذا يحدث في مواقع معينة من المجتمع، وأميل إلى الاعتقاد بأن هذا يعتبر ظاهرة مؤقتة، ومرتبطة بإحباطات معينة، وبأوضاع اقتصادية اجتماعية معينة، والخروج من هذه الانتكاسة سوف يتطلب مراعاة أسباب البعد الحضاري.

مجتمع جديد لا يخسر فيه أحد

وفيما يتعلق بفكرة الازدواجية (أو الثنائية القبطية) بين الرجل والمرأة، فإنها تعني أن طرفًا منهما يكسب، في حين أن الطرف الآخر يخسر، والخروج من مأزق الازدواجية هذا يقضي أن يكسب الاثنان معًا (أو يخسر الاثنان معًا). ولنتأمل قليلًا فيما يحدث اليوم في العالم. إن مفهوم الصراع التقليدي بين الاشتراكية والرأسمالية، كان يقتضي القول إن الاشتراكية إذا كسبت، فسوف تخسر الرأسمالية، وأن الرأسمالية إذا كسبت، فسوف تخسر الاشتراكية، وأن المعسكر الأول إذا اتسع، فسوف ينكمش المعسكر الثاني. ويدور التفكير اليوم حول نوع من التداخل والتركيب بين الاشتراكية والرأسمالية. فإذا طبقنا هذا على ازدواجية الرجل والمرأة، لكان هذا يعني أن الرجل ببساطة هو كل شيء، فهو الطرف الذي يكسب في حين أن المرأة هي الطرف الذي يخسر. ولذلك فإن إعادة الهيكلة أو البناء تعني التعود على مجتمعات يكسب فيها كل من الاثنين (الرجل والمرأة) بحيث لا يكسب طرف على حساب الطرف الثاني.

وأخيرًا فإننا إذا كنا بصدد مجتمع يتجاوز كلًّا من المجتمع الأمومي (الذي احتلت فيه المرأة مكانة عالية على حساب الرجل)، والمجتمع الأبوي (الذي احتل فيه الرجل مكانة عالية على حساب المرأة)، فإن السؤال الهام هو كيف نحقق هذا التجاوز من موقعنا هنا أي في مصر سنة ١٩٩٠م، وشكرًا.

الفكر العنصري والتسلطي … لماذا؟

د. نوال السعداوي

هذه النقطة الأخيرة هامة جدًّا، فعندما نتكلم في جمعية تضامن المرأة العربية عن المرأة وننقد النظام الأبوي، يتساءل البعض في خبث: ماذا تريدون بالضبط؟ ويبدو أن تركيبتهم الفكرية تركيبة مركزية أحادية، فإذا كنا نطالب بإلغاء النظام الأبوي، فإن بعض الأصوات تعلو قائلة: إذن أنتم تطالبون بالنظام الأمومي!

وإذا ناقشنا حقوق المرأة، فإن هذه الأصوات أيضًا تعلو قائلة: إذن أنتم أعداء للرجل أو عندما نفكر في الأديان بشكل عقلاني، تصرخ هذه الأصوات قائلة: إذن فأنتم تدعون إلى اللادينية، وإنني لأتساءل: لماذا يكون إله المسيحية أبًا؟

ولماذا يجري تصور المسيح على أنه أبيض وليس أسود؟ ولماذا يكون الإله ذكرًا؟ المفروض أن الإله لا يكون ذكرًا ولا أنثى، ولا أبيض ولا أسود، لماذا يتغلغل الفكر العنصري إلى الدين؟ ومن المعروف أنه قد ظهرت في العالم بعض الحركات التي تنادي بأنسنة الله، وذلك من أجل تنقية الدين من الطابع العنصري والتسلطي الذي تسلل إليه، حسنًا، سوف نبدأ الآن في تلقي الأسئلة والآراء.

سعيد صادق (بالجامعة الأمريكية)

هل الحركة النسائية في مصر سوف تنتهي بعد تحقيق أهدافها العائلية؟

محاربة طواحين الهواء

نبيل علوبة (طبيب جراح)

لقد استفدت جدًّا من التحليل العميق للأستاذ «محمد سيد أحمد»، ومن النظرة المستقبلية المتفائلة للأستاذ راجي عنايت، إنني متفائل لأنني أرى أن بلدنا يتقدم إلى الأمام — فالوضع اليوم يختلف عما كان عليه الوضع منذ خمسين سنة — عندما أدخل مدرج الجامعة، أجد أن نصف الطلاب من البنات، كما أن السيدات يمثلن نسبة كبيرة من هيئة التدريس، وأرى أن صورة «سي السيد» القديمة في طريقها إلى الاختفاء في كثير من الأسر، كما أن تعليم المرأة يسير جنبًا إلى جنب مع تعليم الرجل، وفيما يتعلق بقانون الميراث، فإنني أعرف عائلات كثيرة تورث الأولاد بالطرق الموجودة والتي يسمح بها الدين. إن المرأة هي الركيزة والقوة في الحدود القائمة سواء أكانت هذه الحدود دينًا أو نظامًا أسريًّا. وآمل أن المرأة عندما تحارب للحصول على حقوقها، لا تحارب «طواحين الهواء»، وتبتعد بحريتها عن مسألة الدين والأسرة، وفي اعتقادي أن النظرة الذكية المتحررة للدين تسمح بإعطاء المرأة حقوقًا كثيرة جدًّا.

أثر التغيرات في أوروبا الشرقية

عبد الحليم غزالي (صحفي)

في الحقيقة، لقد تمنيت من الأستاذ «محمد سيد أحمد» أن يتحدث بالتحديد عن تأثير التغيرات الحادثة في أوروبا الشرقية على شرقنا العربي ومصرنا. وكان من الممكن أن نتحدث عن المرأة من خلال هذه التغيرات، ما هو مثلًا الدور الذي يجب أن تبادر به الحركة النسائية، ليس من أجل ملاحقة هذه التغيرات، بل من أجل ألا يجرفنا طوفان هذه التغيرات؟

تحطيم التبرير والتغذية المرتدة

د. عماد إسماعيل (أستاذ علم النفس)

في الحقيقة، إنني أود أن أنبه إلى نقطتين هامتين للغاية، بالطبع تحليل الأستاذ «راجي عنايت» والأستاذ «محمد سيد أحمد» تحليل عميق وطيب، ولكني أريد أن ننزل إلى أرض الواقع. النقطة الأولى التي أود التنبيه إليها هي استخدام الدين كلافتة تختفي وراءها أشياء كثيرة جدًّا. فمثلًا، يدعي كثير من رجال الدين أنهم يريدون الحفاظ على كرامة المرأة، في حين أنهم في حقيقة الأمر يريدون إهدار كرامتها. ويبدو أن الإنسان لديه قدرة فائقة على «التبرير»، تبرير أية أفكار وسلوكيات متخلفة وجعلها تبدو وكأنها أفكار وسلوكيات إنسانية وتقدمية، ومن هنا أمكن للأب أن يتسلط على ابنته بحجة المحافظة على مصلحتها الحقيقية، وأمكن للسياسي أن يظل في وضعه السلطوي المركزي، بحجة المحافظة على مصلحة الشعب الذي لم يدرك بعد مصلحته الحقيقية، والمشكلة هي أن أناسًا كثيرين يقعون فريسة لمثل هذا التبرير، والنقطة الثانية: يبدو أن هناك «تغذية مرتدة» Feed back تتعلق بالسلوك المتخلف الذي يؤدي إلى راحة نفسية مؤقتة، ولعل الأمر عندما أقول إننا قمنا في بعض الدول العربية بعمل بحث مفاده باختصار شديد السؤال التالي: هل أنت تحبذ المساواة بين الولد والبنت أو لا؟

المفاجأة أننا اكتشفنا أن نسبة معارضة البنات للمساواة كانت أكثر من نسبة معارضة البنين. هناك إذن «تغذية مرتدة ترتبط بالسلوك المتخلف، الأمر الذي يجعلنا نقع في حلقة مفرغة. وإنني لأتساءل: كيف نحطم هذه الحلقة المفرغة الخاصة بالتبرير، والتغذية المرتدة؟»

المرأة في الدول الاشتراكية

د. شريف حتاتة (طبيب وروائي)

عندما نطرح موضوع «المستقبليات» نجد أن البعض يطالبنا بالتوقف عن طرح هذا الموضوع، وبالنزول إلى أرض الواقع بحجة أن لدينا اليوم ما يكفي من المشاكل الواقعية التي تقتضي بالضرورة حلًّا. في اعتقادي أن هذه النظرة جزء من التخلف، لأن العالم، سواء في الغرب أو الشرق، يعطي أهمية كبيرة جدًّا لمحاولة التنبؤ بالتغيرات الحادثة في المستقبل، ولأن الإنسان أيًّا كان لا يستطيع أن يدرك إدراكًا حقيقيًّا حركته واتجاهه في الحاضر إلا إذا كان مدركًا لحركته واتجاهاته في المستقبل.

وأود أن أطرح سؤالًا على الأستاذ «محمد سيد أحمد»: لماذا احتلت المرأة مكانة متخلفة في البيروسترويكا؟ فمن المعروف أن جورباتشوف قد أعلن في البيروسترويكا، وفي بعض خطبه، أن المرأة يجب أن تعود إلى البيت وتأخذ دورها التقليدي لترعى الأطفال، وما هي ملاحظات الأستاذ «محمد سيد أحمد» عن مسألة المرأة في البلاد الاشتراكية بصفة عامة؟ ولماذا لم ينعكس التغيير الجوهري، الذي يحدث اليوم في العالم الاشتراكي، على موضوع المرأة، ألا يمكن تفسير هذا التناقض؟

وفيما يتعلق بالأسرة الجديدة، فإنها فيما أعتقد سوف تكون هذه الأسرة التي تكلم عنها الأستاذ «محمد سيد أحمد» وهو بصدد حديثه عن واقعة الثنائية القطبية فسوف يكون هناك قطبان متعاونان في الأسرة، بحيث يستفيد كل منهما من علاقته بالآخر.

لاهوت التحرر والثورة

وأود أن أضيف هنا قولي: إنني ألاحظ أن إثارة موضوع الأسرة والدين تزعج البعض … ولكنني أود أن أقول أيضًا إن شتى الأشكال التي تتحدث عنها — وسواء أكانت دينًا أو أسرة — ليست أمرًا ثابتًا، وأنا لا أتصور أبدًا أن الممارسات الدينية منذ ألف سنة، فيما يتعلق بالعلاقات البشرية، هي نفسها الممارسات الدينية اليوم. ولذلك قالت الدكتورة نوال إننا نريد تنقية الدين من جوانبه العنصرية التسلطية، وهذه مسألة هامة جدًّا لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون قوة معنوية … فالقوة المعنوية الدينية التي تخلصت من الشوائب، تغدو قوة معنوية جبارة، ولذلك ظهرت مثلًا في أمريكا اللاتينية حركات تحررية، أو لاهوت التحرير للنضال ضد الأنظمة الدكتاتورية.

وهذه الحركات متقدمة جدًّا، لأنها ترتبط بالتراث الديني الموجود في أمريكا اللاتينية، فضلًا عن نظرتها المتقدمة التي تبدت في الجمع بين التاريخ والحاضر والمستقبل، الأمر الذي أكسبها قوة عجيبة وهائلة.

تقدم التكنولوجيا لا يعني تقدم الفكرة

أحمد رفاعي (محامٍ)

طرح الأستاذ راجي عنايت أن التقدم التكنولوجي سوف يحرر المرأة …

ولكن من الملاحظ أن هناك تقدمًا خطيرًا في التكنولوجيا في العشرين سنة الأخيرة.

ورغم هذا لا يزال الواقع هو الواقع. النقطة الثانية: كان للمرأة في المجتمع البدائي، الذي كان يعتمد على العمل البدائي، نفس الحقوق التي كان يتمتع بها الرجل … والمسألة التي تحتاج إلى تفسير هي: كيف فقدت المرأة عنصر المساواة ودورها القيادي في ظل هذا العمل البدني، النقطة الثالثة: في اعتقادي أن الدين طرح إنساني عظيم جدًّا، ولكننا مع الأسف تركنا أمر تفسير الدين لأناس يفسرونه كيفما شاءوا، رغم أنه توجد عندنا في الدين تفسيرات حسنة وملائمة تمكن الاستفادة منها …

الأستاذ راجي عنايت

أريد أن أتحفظ على جملة وردت في كلام «أحمد رفاعي» … فأنا لم أقل إن التكنولوجيا هي التي سوف تحرر المرأة، ولكن قلت إن المجتمع الجديد الذي يتشكل الآن، هو حصيلة قوة تكنولوجية واقتصادية واجتماعية … إلخ، فالمجتمع الجديد لا يبزغ من تكنولوجيا فقط أو اقتصاد فقط، بل يبزغ من تفاعل عدة عوامل وقوى تؤدي به إلى هذا المجتمع.

من يحدد لنا المستقبل

منى حلمي (كاتبة)

عندما نتحدث عن المستقبل، فإننا لا بد أن نتساءل: من الذي يحدد هذا المستقبل، سواء اتفقنا أو اختلفنا على بعض المفردات الخاصة بهذا المستقبل؟ وبعبارة أخرى من في مصر سنة ١٩٩٠م يملك صنع المستقبل أو يملك أن يمد خطوط الحاضر إلى المستقبل؟

حقوق الإنسان وليس المصلحة الاقتصادية

وفي الحقيقة، فإنني لا أتفق مع نبرة التفاؤل التي سادت إلى حد ما في الندوة …

فأنا كامرأة أرفض أن يقال الحاجة الاقتصادية أو العوامل التكنولوجية يمكن أن تحل جزءًا كبيرًا من مشكلة المرأة، أو أنها هي التي أدت إلى الاعتراف بي كإنسان، إذ إن التغيرات الاقتصادية أو التكنولوجية يمكن أن تكون عارضة ومؤقتة، وبالتالي يمكن أن تؤدي إلى تراجع المرأة إلى الوراء، إنني أريد أن يكون التغير في قضية المرأة نابعًا من إيمان جاد بحقوق الإنسان، وليس نابعًا من مصلحة اقتصادية أو قوة تكنولوجية.

وفي اعتقادي أن تنوير القوى الدينية التقدمية، وإيجاد تفسير مستنير للدين يمكن أن يثيرا ويطرحا قضية التغير في مصر سنة ١٩٩٠م.

عرض وتلخيص
مصطفى معوض

•••

ما العلاقة بين نقاب المرأة ومجلة «بوردا» الألمانية؟!

من الكتب التي قرأتها في الفترة الأخيرة عن نقاب المرأة … كتاب الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز «الحجاب والسفور في الكتاب والسنة» (دار الكتب السلفية، القاهرة، ١٩٨٦م)، وهالني ما ورد في الكتاب من تناقض، إذ إن المؤلف يسعى في حوالي ٢٣٠ صفحة إلى أن يؤكد على أن وجه المرأة عورة، ويجب أن يغطى بالنقاب تمامًا فيما عدا عينًا واحدة أو نصف عين، لكنه في نهاية الكتاب يناقض نفسه ويطالب المؤسسات الإسلامية الرسمية وغير الرسمية أن تشتري صفحة أو أكثر من مجلة «بوردا» الألمانية للأزياء، وذلك لعرض موديلات الأزياء الإسلامية المتعددة!

وفي هذه الدراسة سوف نتعرض لهذا الكتاب بطريقة موضوعية علمية، لنكشف عن هذا التناقض، ولنقف على الطريقة التي يفكر بها رجال الدين في بلادنا.

الآيات القرآنية عن تحجب النساء
يسرد الشيخ «باز»، الآيات القرآنية التي يمكن أن نفهم منها أن تحجب النساء جاء بأمر من الله، ويحاول فصل هذه الآيات عن ظروفها التي جاءت من أجلها، وينزلها في غير منازلها، ويستشهد بها فيما لم تأتِ للشهادة فيه، ويعتمد في فرضه النقاب على المرأة هذه الآيات القرآنية:
  • (١)
    يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى.

    يقول الشيخ باز: إنه إذا كان الله يحذر أمهات المؤمنين من التبرج مع صلاحهن وطهارتهن، فغيرهن أولى بالتحذير. وهو يفسر كلمة التبرج على أنها إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق (ص١٠)، ومن هذا التفسير يرى أن وجه المرأة عورة ويجب أن يغطى بالنقاب.

  • (٢)
    وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.

    يرى الشيخ باز أن هذه الآية نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم منعًا للفحشاء وأسبابها.

  • (٣)
    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا.

    في هذه الآية يرى الشيخ باز أن جلابيب جمع جلباب وهو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب به والتستر به.

    وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة (حجاب المرأة المسلمة، ص٤١).

    وأن عبيدة السلماني سأل عن معنى هذه الآية يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى (ص١١).
  • (٤)
    وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

    إن القواعد من النساء هن العجائز اللاتي لا يرجون نكاحًا، ولذلك فهو يفسر هذه الآية على أن المرأة العجوز أيضًا يجب أن تتغطى لأن التبرج يفضي إلى الفتنة حتى ولو كانت المرأة عجوزًا، لأن كل ساقطة ولها لاقطة (ص١٢).

  • (٥)
    قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الذينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

    في هذه الآية يأمر الله الرجال والنساء على السواء بغض الأبصار وحفظ الفروج من أجل الحفاظ على العفة والأخلاق ومنع الفتنة، وكان المفروض أن يطيع الرجال والنساء هذه الآية فلا تكون هناك فتنة أو فساد، لكن الرجال لا يطيعون هذه الآية ولا يفرض عليهم أحد أن يطيعوا هذه الآية، لأنه لو أطاع الرجال هذه الآية فلن تكون هناك حاجة إلى تحجب النساء.

عين المرأة الواحدة

لكن الشيخ باز لا يقول هذا، وإنما يكتفي بالقول إن غض الأبصار وحفظ الفروج واجب على المؤمنين والمؤمنات لمنع الزنا والفساد، وإن غض البصر من أسباب السلامة، لكنه لا يذهب إلى أكثر من ذلك، فيطالب بتحجيب الرجال الذين لا يطيعون أمر الله وينظرون إلى النساء ولا يغضون البصر ولا يحفظون فروجهم.

ويفسر المؤلف كلمة «الخمار» في هذه الآية على أنه ما غطى الرأس والوجه جميعًا، ويستند في ذلك إلى حديث الرسول محمد: «المرأة عورة» (رواه الترمذي) (ص٦٦، ٦٧)، وقال ابن عباس في تفسير الآية يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ، قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة (ص٥٧).

حديث الرسول لأسماء ضعيف السند

ويثبت الشيخ باز أن حديث الرسول لأسماء بنت أبي بكر والذي يبيح فيه كشف الوجه والكفين إنما هو حديث مكذوب، وكانت أسماء قد دخلت على النبي وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا» وأشار إلى وجهه وكفيه، قال الشيخ باز إن هذا الحديث سنده ضعيف «لأن خالد بن بريك لم يسمع من عائشة» (ص٣٧).

ثم يقول المؤلف (ص٧٨، ٧٩) (نقلًا عن الشيخ محمد علي الصابوني في كتابه «روائع البيان»، تحت عنوان بدعة «كشف الوجه»، ص١٧١): «وظهرت في هذه الأيام الحديثة دعوة تطورية جديدة تدعو المرأة إلى أن تسفر عن وجهها وتترك النقاب … بحجة أن الوجه ليس بعورة … دعوة جديدة وبدعة حديثة من أناس يدعون العلم ويزعمون الاجتهاد … لاقت هذه الدعوة (بدعة كشف الوجه) رواجًا بين صنوف كثير من الشباب … لا لأنها (دعوة حق) ولكن لأنها تلبي داعي الهوى … وتسير مع الشهوة … وهم يدعون المرأة إلى أن تطرح هذا النقاب عن وجهها وتسفر عن محاسنها في مجتمع يتأجج بالشهوة، ويصطلي بنيران الهوى ويتبجح بالدعارة والفسق والفجور؟!» (ص٧٩.)

ثم يقول المؤلف الشيخ باز (ص٨٠، ٨١) عن لسان الشيخ الصابوني: فهل يعقل أن يأمرهم الإسلام بأن تستر المرأة شعرها وقدميها، وأن يسمح لها أن تكشف وجهها ويديها؟ وأيهما تكون فيه الفتنة أكبر … الوجه أم القدم؟ فإذا كان الإسلام لا يبيح للمرأة أن تدق برجلها الأرض لئلا يسمع صوت الخلخال وتتحرك قلوب الرجال أو يبدو شيء من زينتها، فهل يسمح لها أن تكشف عن الوجه الذي هو أصل الجمال … ومنبع الفتنة ومكمن الخطر؟! (ويقول هنا راجع كتاب روائع البيان ص١٧١، ١٧٢، ١٧٣، ج٢.)

لماذا لا يرتدي الرجال النقاب؟

ثم يقول المؤلف الشيخ باز عن الشيخ محمد البيانوني في كتابه الفتن، إن مذهب أبي حنيفة يقول إنه إذا علمت المرأة بأن أحدًا من الرجال ينظر إليها، وجب عليها ستر وجهها لئلا توقع غيرها في الإثم وتعرضه للفتنة وإثارة الشهوة (ص٨١).

ولا ندري لماذا لا يفرض على الرجل أن يرتدي هو النقاب فوق عينيه حتى لا ينظر إلى المرأة ويقترف الإثم ويعرض نفسه للفتنة والشهوة؟ أليس هذا هو المنطق الأسلم؟

إن الرجل هو الذي يقوم بفعل الاعتداء على المرأة بالنظر إليها، فهو المسئول عن إثمه، والعدالة تقتضي عقابه أو علاجه أو منعه من النظر إليها بارتدائه النقاب.

إن المرأة هنا بريئة فهي لم تنظر إلى الرجل، وبالتالي لماذا نفرض عليها هي أن تخفي عينيها ووجهها؟!

لنفرض أن فعل الرجل تطور من مجرد النظر إلى المرأة إلى اللمس مثلًا في الطريق العام، فهل نحجر على النساء ونحرمهن من الخروج تمامًا؟! أم نعاقب هذا الرجل الذي يلمس المرأة؟!

إن ألف باء العدالة والقانون غائبة عن عقل هؤلاء الذين يفرضون النقاب أو الحجاب على المرأة بحجة أن شهوة الرجل متأججة.

لماذا لا تبذل الجهود لعلاج شهوة بعض الرجال المرضى بدلًا من تحجب نصف المجتمع من النساء، إن في العالم كله ملايين الرجال الأسوياء والذين لا تثيرهم وجوه النساء في الشوارع! ويستشهد المؤلف (في ص٨٢) بحديث عائشة: «لو عاش رسول الله إلى وقتنا هذا لمنعهن من الخروج إلى المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل.» يتساءل المؤلف ما الذي أحدثته النساء في زمن عائشة بالنسبة لما عليه المرأة اليوم من تهتك وانحلال وسفور وفجور … حتى منعت من المسجد؟! أفلا يكون ذلك دليلًا كافيًا بمفرده على وجوب الستر الكامل في عصرنا هذا (عن الشيخ البيانوني في كتابه الفتن).

ثم يقول المؤلف إن تفسير ابن الجوزي للآية: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ أن يغطين رءوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر (ابن الجوزي، زاد المسير، ج٦، ص٤٢٢) لأن الآية القرآنية تقول: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ كلمة «يعرفن» هنا تعني أن يعرفن أنهن حرائر ويميزن عن الإماء أو الجواري.

الإماء والحرائر

لكن كيف يوافق الإسلام على كشف النساء الجواري لأعين الرجال المتأججة بالشهوة؟! كيف يتفق ذلك مع حرص الإسلام على طهارة المجتمع ومحاربة الفساد والفحشاء؟!

لكن المؤلف يخرج من هذا المأزق برأي «الصابوني» في روائع البيان (ج٢، ص٣٧٩)، حيث جعل الأمر بالحجاب موجهًا إلى جميع النساء، سواء منهن الحرائر أو الإماء، وفسر قول الله أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ أن يعرفن بالعفة والتستر والصيانة فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد، ويقول إن قول الله وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يشمل الحرائر والإماء.

إماء الاستخدام والابتذال وإماء التسري

ثم ينقل عن كتاب «الصارم المشهور» لابن القيم الذي قال: «وأما تحريم النظر إلى العجوز الحرة الشوهاء القبيحة وإباحته إلى الأمة البارعة الجمال فكذب على الشارع، فأين حرم الله هذا وأباح هذا؟ نشأت الشبهة أن الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب، وأما الإماء فلم يوجب عليهن ذلك، لكن هذا في إماء الاستخدام والابتذال، وأما إماء التسري اللاتي جرت العادة على صونهن وحجبهن، فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في الأسواق والطرقات، ومجامع الناس، وأذن للرجال في التمتع بالنظر إليهن؟! فهذا غلط محض على الشريعة.»

(عن كتاب «الصارم المشهور» لابن القيم، المؤلف ص١٠٢.)

ولا نعرف ما هو الفرق بين جواري الاستخدام وجواري التسري؟ وكيف يوافق الإسلام الذي أمر بالطهر ومحاربة الفساد والفحشاء، على أن تكون هناك فئة من النساء المؤمنات يكشفن عن عوراتهن لإمتاع نظر الرجال اسمهن «إماء الاستخدام»؟!

من يستخدم هؤلاء الإماء؟ أليسوا هم الرجال؟ كيف يوافق الإسلام على هذا؟! ولماذا لا تكون كل النساء عفيفات طاهرات، وكل الرجال طاهرين يطيعون الآية: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ.

وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه

وإذا كان الله في الآية: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ يمنع النظر إلى العجوز الحرة الشوهاء القبيحة، فهو يبيحه للجارية البارعة الجمال من فئة إماء الاستخدام؟!

يقول الشيخ الباز (ص١٠٦) إنه إذا كان صوت الخلاخيل في أرجل النساء محرمًا حسب الآية وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ، فكيف يجوز للمسلم أن يقول إن وجه المرأة وكفيها ليسوا من العورة؟!

وقال ابن تيمية (في حجاب المرأة ولباسها في الصلاة، ص٣٦) إن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن (الشيخ الباز، ص١١٣) وأن ابن القيم قال في «تهذيب السنن» إن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه، وبالتالي يجب أن يغطى تمامًا بالنقاب والقفازين.

المرأة لا تنكشف على المرأة أيضًا

في «ص١١٧» يعتمد الشيخ الباز على الحديث النبوي: «لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها، كأنه ينظر إليها» (رواه البخاري)، ومعنى ذلك أنه محرم على النساء أن ينكشفن أمام النساء الأخريات اللاتي قد يذهبن إلى أزواجهن فيصفن هؤلاء النساء فيصبح الأزواج وكأنهم نظروا إليهن.

لا ندري كيف يمكن أن ترى امرأة ما امرأة أخرى جميلة مثلًا، فتذهب إلى زوجها وتصف له جمال هذه المرأة، فيصبح هذا الزوج كأنما رأى هذه المرأة، وبالتالي يحرم على المرأة أن تنكشف أمام المرأة الأخرى!

يتساءل الشيخ الباز (في ص١٧١) لماذا فرض الإسلام على المرأة زيًّا محتشمًا ساترًا لمواطن الفتنة فيها.

يقول في جوابه: إنه فعل ذلك صيانة لصحة الرجل النفسية، وإبقاء على العلاقات الاجتماعية النظيفة والمحافظة على الثروة القومية.

خلايا الرجل الجنسية والثروة القومية

ثم يشرح أن مفاتن جسد المرأة تهيج الخلايا الجنسية في دماغ الرجل هياجًا شديدًا، ويتعرض لإغراءات جنسية ممثلة في أجساد ملتهبة شبه عارية تتشنج معها أعصابه، فيأخذ مواقف قد تؤدي إلى إلحاق أفدح الأضرار بالحياة الاجتماعية، قد يضعف إيمانه ويترك الصلاة، أو يفكر في الطلاق والزواج من ثانية مما هو خطير على حياة الأسرة (ص١٧٣).

أما الثروة القومية والتي يجب أن توجه إلى البناء والتعمير فإن قسمًا كبيرًا منها يوجه إلى زينة المرأة بإخراج نماذج جديدة من الأقمشة والملابس النسائية المتنوعة (ص١٧٨)، فضلًا عن مئات الملايين التي تصرف على المساحيق المتنوعة والعطور الفاخرة (١٧٩).

تغطية كاملة أو تعرية ومساحيق

ولا ندري كيف تحول الأمر الآن من تغطية وجه المرأة وكفيها إلى تعرية الجسد والمساحيق والعطور؟! أليست هناك إلا حالتان اثنتان للنساء؟! التغطية الكاملة من الرأس إلى الظفر أو التعرية والتبرج والمساحيق والعطور؟!

إن ملايين النساء في بلادنا لا هذا ولا ذاك. فهل المرأة العاملة العادية البسيطة في ملابسها العملية، غير المعطرة وغير المستخدمة للمساحيق هي الأغلبية من نسائنا؟!

إن جميع النساء المطالبات لتحرير المرأة يطالبن بتحريرها من المساحيق والتبرج والعطور والجواهر والكعب العالي والشخلعة، واستعراض جسمها، لأن المرأة إنسانة لها عقل وليست مجرد جسد أو متاع للرجل.

لم يكتب الشيخ الباز شيئًا عن هؤلاء النساء اللائي يرتدين الحجاب ومن فوقه اللؤلؤ والجواهر، ويرتدين أثوابًا لامعة ويتأرجحن على كعوب عالية رفيعة.

لم يشر بكلمة واحدة إلى بيوت أزياء المحجبات التي انتشرت في بلادنا والتي تعرض نماذج كثيرة لأحدث موضات الحجاب.

مجلة «بوردا» الألمانية للأزياء والإصلاح الإسلامي

بل إنه يشترك في الدعاية إلى مجلة أجنبية هي مجلة «بوردا» العالمية الألمانية للأزياء، فيقدم اقتراحًا (في ص١٨٦) إلى أغنياء المسلمين والحكومات الإسلامية وغيرهم أن يحجزوا في هذه المجلة الألمانية للأزياء صفحة واحدة أو صفحتين من كل عدد تعرض فيهما تصاميم مختلفة للأزياء الإسلامية، وهي تمثل أرقى مجلة للأزياء في العالم. فظهور هذه التصميمات الإسلامية في هذه المجلة يزيل عقدة النقص والخوف من الاتهام بالتأخر عند كثير من نسائنا المسلمات، وقد ذهب صديق فاضل قبل سنوات إلى إدارة مجلة «بوردا» في ألمانيا وتباحث معهم في هذا الأمر، فأظهروا الاستعداد لصنع «الموديلات» حسب المواصفات الإسلامية ونشرها في صفحة أو أكثر من كل عدد نظير مبالغ لا يقوى على تحملها إلا أغنياء المسلمين أو مؤسساتهم الإسلامية الرسمية وغير الرسمية. إن ألوف الدنانير التي ستصرف سنويًّا على هذه الفكرة ستساعد في دفع المرأة المسلمة إلى التمسك بقيم الإسلام وإنقاذها من الخوف والشعور بالنقص والاستحياء، وستؤثر على القريب والبعيد في حركة إصلاح العالم الإسلامي (ص١٨٧).

هذا هو كلام الشيخ باز، وهكذا نرى التناقض الصارخ الذي يقع فيه الشيخ الباز، الذي كان يعترض منذ صفحات قليلة على ضياع الثروة القومية في زينة النساء والموديلات … إذا به هنا ينفق آلاف الدنانير لمجرد نشر موديلات إسلامية متعددة لأزياء النساء، وتستفيد من ذلك مجلة ألمانية هي «بوردا» التي تنشر الصفحات لترويج العطور والجواهر والمساحيق التي نهى عنها الشيخ منذ قليل.

إننا النساء العربيات الواعيات لا ننفق مليمًا واحدًا لقراءة مجلة «بوردا» أو أي مجلة نسائية للأزياء، ولكننا نقرأ المجلات التي تخاطب عقل المرأة وليس ملابسها وجسدها، نحن لا نرى أية علاقة بين مجلة «بوردا» والإصلاح الإسلامي.

ثم إننا لا نشعر بالخوف أو النقص حين نرتدي ملابس بسيطة محتشمة خالية من الموديلات والتصميمات الحديثة.

ثم إذا كان الإسلام حسب قول الشيخ الباز يغطي وجه المرأة وكفيها منعًا للفتنة، فلماذا تعدد الأزياء والموديلات الإسلامية؟ ثم لماذا تنشر هذه الموديلات الإسلامية في مجلة أجنبية؟ ثم هل يمكن أن يكون هذا هو الطريق إلى الإصلاح الإسلامي؟!

أليس هذا الكتاب دليلًا على التناقض الصارخ الذي يقع فيه بعض رجال الدين الإسلامي الذين يفرضون على المرأة النقاب وتغطية وجهها وكفيها، ثم يشجعونها على إنفاق الدنانير جريًا وراء الموديلات الإسلامية في المجلات الأجنبية.

نحن لا ننشر أية موديلات للأزياء

في مجلتنا «نون» نحن لا ننشر أية موديلات لأزياء المرأة؛ لأن الاهتمام بعقل المرأة عندنا أهم، ولأن الفساد في رأينا يبدأ بهذه الأزياء وهذه الموديلات المتعددة التي تضيع عمر المرأة ومالها، وتحولها من إنسانة إلى جسد يُعرَض، سواء كان محجبًا أو عاريًا.

ولهذا السبب نحن ضد العري مثل ما نحن ضد النقاب والتحجب.

إننا مع الأخلاق القوية والعفة النابعة من عقل المرأة وسلوكها، أما العفة السطحية المتعلقة بقطعة قماش فوق الوجه فلا علاقة لها بالعفة الحقيقية، فما فائدة أن تُغطي المرأة وجهها، وعقلها مشغول طوال الوقت بإغراء الرجل عن طريق الموديلات والأزياء المتعددة؟!

وما فائدة أن تُغطي المرأة وجهها والرجل منطلق في فساده واستهتاره. لا أحد يطبق عليه الآية التي تدعوه إلى العفة وغض البصر، ولا تنعكس هذه الآية في قوانين الأحوال الشخصية التي تعطي للرجل الحرية المطلقة للطلاق والزواج بأربع، أي إطلاق العنان لنزواته وأهوائه، مع أن الإسلام ضد الهوى وضد النزوات؟!

وفي الوقت الذي يغطي فيه الشيخ الباز وجوه النساء حتى لا يؤدي إلى الإضرار بالأسرة، فإنه يسن قانونًا للأسرة يمنح الرجل حرية الفوضى في الطلاق، وتعدد الزوجات، وهما من الأسباب الرئيسية في بلادنا لفساد الأسرة وتشرد الأطفال.

أي تناقض هذا الذي يحدث تحت اسم الإسلام!

نوال السعداوي
حملة عالمية للتضامن مع تضامن المرأة العربية

تكوَّنت لجنة عالمية للتضامن مع المرأة العربية التي ترأسها الكاتبة د. نوال السعداوي، من أجل إلغاء قرار الحل التعسفي الذي صدر من وزارة الشئون الاجتماعية في يوليو الماضي. تضم اللجنة عددًا من الشخصيات العالمية، رجالًا ونساءً وأدباء وكتابًا وصحفيين وعلماء منهم المؤرخ العالمي ماكسيم ردونسون، المحامية العالمية جيزيل حلمي رئيسة منظمة «شوازير»، أنطوانيت فوكيه رئيسة حركة تحرير المرأة في فرنسا، ماري أنجليك سافانيه رئيسة الاتحاد العالمي للنساء في جينيف، مارك نيرفين رئيس المؤسسة الدولية للتنمية البديلة في فرنسا، ماري جوزيه سكرتير عام حركة تحرير النساء في الولايات المتحدة، وزعيمات حركة تحرير النساء في الباكستان والهند وغيرها من بلاد العالم.

هذا وقد نظمت حركة تحرير النساء في الولايات المتحدة مظاهرة كبيرة من النساء والرجال الأمريكيين والعرب توجهت إلى السفارة المصرية في واشنطن يوم ٨ أكتوبر ١٩٩١م، تضامنًا مع جمعية تضامن المرأة العربية وأصدرت بيانًا تدعو فيه إلى إلغاء قرار حل الجمعية وإعادة نشاطها. وقد صدرت الكثير من البيانات المماثلة في باريس ولندن وبيرو وماليزيا ونظمت مظاهرات متعددة مماثلة.

الرابطة النسائية الدولية من أجل السلام والحرية
١٨ فبراير ١٩٩١م
السيد خافيير بيريز دي كويار
الأمين العام للأمم المتحدة
نيويورك

السيد الأمين العام

إن «جولة الأم شجاعة من أجل السلم» التي تنظمها جماعة MADRE، وهي جماعة للنساء الأمريكيات المعنيَّات بالسلم، ستقوم باستقبال وفود نسائية من بلدان متعددة (فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والعراق والكويت والأردن وتركيا وفلسطين وإسرائيل ومصر) للحديث في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة في الفترة بين ٢٥ فبراير و١٢ مارس، وسيكون حديثهن بمثابة أوركسترا دولية من الأصوات النسائية الداعية إلى وقف إطلاق النار على الفور، والوصول إلى تسوية سلمية لأزمة الخليج عن طريق التفاوض.
وسيكون من أعضاء هذا الوفد نوال السعداوي (مصر)، ليلى شرف (الأردن)، جلوريا الزبيري (العراق)، سيمونا شاروني (إسرائيل)، فاطمة يوسف العلي (الكويت)، جوان دريك (الولايات المتحدة)، نهلة العسالي (الضفة الغربية المحتلة)، فيفيان سترومبرج، المدير التنفيذي لجماعة MADRE. وسيكون من دواعي سرورهن أن تتاح لهن فرصة الالتقاء بكم شخصيًّا لمناقشة هذا الموضوع ودور الأمم المتحدة في عمليات صنع السلام، في الموعد الذي يناسبكم في أحد الأيام التالية: ٧، ٨، ١١، ١٢ مارس. نرجو إرسال الرد على هذا الطلب إلى جيل ليرنو (٢١٢) ٨٥٥٤-٦٦٦.

وإني أكتب لكم لأن الرابطة الدولية للمرأة من أجل السلم والحرية، وهي منظمة غير حكومية لها وضع استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، هي القائمة بتسهيل أعمال هذا الوفد. أرجو التكرم بإجابة هذا الطلب للالتقاء بكم لمناقشة هذه المسالة العاجلة.

أديث بلانتين
الأمينة العامة

•••

لجنة تأييد جمعية تضامن المرأة العربية ونوال السعداوي

باريس ١٨ أكتوبر ١٩٩١م
نداء لمساندة جمعية تضامن المرأة العربية ونوال السعداوي

أصدرت سلطات الحكومة المصرية في ١٥ يونيو ١٩٩١م قرارًا بحل جمعية تضامن المرأة العربية، وهي منظمة نسائية مصرية كما أنها منظمة دولية لها وضع استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وتعمل في مصر بموافقة وزارة الشئون الاجتماعية المصرية.

وتهدف الجمعية إلى الدفاع عن حقوق المرأة، وإلغاء التمييز القانوني والاجتماعي ضدها، وإجراء حوار في كافة أنحاء البلد، ونشر كتابات بقلم نساء الشرق الأوسط.

ونحن لا نرضى عن إلزام النساء المصريات بالصمت، ونحن بالتوقيع على هذا النداء نعبر عن مساندتنا لجمعية تضامن المرأة العربية والكاتبة نوال السعداوي مؤسسة الجمعية ورئيستها، ونطالب بإلغاء القرار الصادر بحل هذه الجمعية ومنع صدور مجلتها، كما أننا نتابع عن كثب أي تهديد قد تتعرض له نوال السعداوي.

جنيفيف وروبير البريخت (كيميائيان، باحثان في معهد CNAM)، هيئة ALERTE، وتحالف النساء من أجل الديمقراطية (باريس)، كلودي أمادوا (مؤرخة)، بياتريس أندرادي (صحفية)، لويز أندريه (مدرسة)، مونيك أنطوان (محامية) جوسين أركو (بوكالة SNCF) جمعية الدفاع عن الديمقراطية في شيلي (باريس)، جمعية المساواة (باريس) اليسيا أوجييه، إيزابيلا أفران (جمعية فرنسا-فلسطين) أ. عزال (U.G.E.T) فرانسواز واتيين باليبار (أستاذتان بجماعة باريس) جري بانارجي (معنية) تيري بودوان (باحثة CNRS)، ب. بارديه، بيير بييه (باحث أنثروبولوجي CNRS) ريتشارد بيم (أخصائي مكتبات) ميريام بن يونس (U.G.E.T) نيكول بيرجو، ماري جان بيرنا، جان بول باسيت، سوزان بليز (كاتبة) لويز بلنكار، جاكلين بلوخ (كاتبة سيناريو) أوجستر بول ومسرح الأوبريم (باريس) دومينيك بوم (أستاذة) كوسيما بي بواسودي (مخرجة إذاعة) فرانسواز بوسو، هوجيت بوشاردو (عضوة برلمان) هاييت بودجيما (نائبة رئيس جمعية مكافحة العنصرية) جان بوجا، لويز بوزيدي (مصححة) دانيلا بري (مهندسة ماكيت) ناتالي بروجيزا، أوديت بون، آنيت بوكين، ميشيل يورنين (طالب جامعي)، ماريان كيزي (صحفي) جوسيان ونيكول كلمار، ج. كمبانا، جاك كابين، أ. كستيلو، آن شانو، جاك شاربي (ممثل) ميشيل شيفانس (كيميائي) المواطنون من أجل السلام، (باريس) أليس جولاني (حوار النساء) «جمعية الأفكار والأعمال النسائية» (باريس) ميشيل كولين (باحثة بمعهد CNRS) فاني كولونا (باحثة اجتماعية) أوجو وفرانسواز كولونا (مؤرخ وفنانة) سيلفي كوبيه، مونيك كرينو، هيلين كوينا (مدربة) أنيك دابيت، نيكول دارمون (كيميائية) ميشيل ديجان، أورلندو ديلار (مدرس) ﻫ. ديلافو «دار النشر النسائية» (باريس) مونيك دنتال. جيروم تيسير، دومينيك دفودج (طالبة) هارلم ديزير (رئيسة جمعية مكافحة العنصرية) استيل ديويا (استشارية) ليونيل دوناديو (طالب جامعي) جيزل بونار (HPJMO) فاطمة دوخان (طبيبة نفسية) جمعية «من ناحية المرأة» (ليل)، مارتين دوهامل (مدرسة)، أنطوان ديفرينيه (فنان)، جمعية «التعبير المغربي عن المرأة» (باريس)، إيزابيلا إينارد أمين سلفيان فالكتا، فريال فاتس، ديدار فوزي روسانو (مؤرخة) «الاتحاد الفوضوي» (باريس)، جمعية «المرأة والتغيير» (باريس)، جمعية «نساء لنجو بوك روسيلون»، (فرونتينان) فرانسوا فلامان (أخصائي اتصالات) أوليفيه فلوميان، أنطوانيت فوكيه (مديرة دار نشر) «أديسيون دي فيم» مورييل فوركاد، باتريك فرانجو، ج. فرش.

•••

فخامة السيد حسني مبارك
رئيس جمهورية مصر العربية
عناية معالي السفير حمد شرارة
سفارة جمهورية مصر العربية
لاهاي
١٥ أكتوبر ١٩٩١م

يا صاحب الفخامة

نحن نكتب للتعبير عن قلقنا الشديد بشأن القرار الصادر مؤخرًا بحل جمعية تضامن المرأة العربية. وقد بلغنا أن حكومتكم أمرت بحل الجمعية بدون إجراء أي تحقيق رسمي، وأن نشاط الجمعية قد أوقف، وأن أموالها في البنك قد جمدت.

figure

وقد كانت جمعية تضامن المرأة العربية التي ترأسها الدكتورة نوال السعداوي تعمل بنشاط في الدفاع عن حقوق المرأة في مصر وكافة أنحاء العالم العربي منذ عام ١٩٨٥م، بالإضافة إلى نشاط الجمعية في مصر فقد حظيت باعتراف دولي، كما منحت وضع العضو الاستشاري لدى الأمم المتحدة.

وقد لقي عمل الجمعية اعترافًا في أنحاء العالم، لا بوصفها تنظيمًا نسائيًّا فحسب بل أيضًا كتنظيم ديمقراطي ومعني بحقوق الإنسان، وفي اعتقادنا أن هذا الحل يتعارض مع حق التعبير وحق تكوين الجمعيات، وأنه يستهدف بالذات منظمة معروفة بعملها من أجل حقوق الإنسان للمرأة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه مصر، يضمن التمتع بالحقوق المدنية والسياسية لكافة الأفراد بغض النظر عن جنسيتهم.

ونحن على بينة من أن دفاع جمعية تضامن المرأة العربية في المحاكم عن حقها في الكلام والعمل من أجل حقوق المرأة، هو في نفس الوقت دفاع أيضًا عن الحق في حرية تكوين الجمعيات، ولذا فإن القضية التي يبدأ نظرها في القاهرة في ٣١ أكتوبر حاسمة بالنسبة للديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر، والواقع أن النساء والديمقراطيين في مختلف أنحاء العالم سوف يتابعون هذه الأحداث متابعة دقيقة.

إننا نعارض قرار حكومتكم بحل جمعية تضامن المرأة العربية، ونحثكم باسم حقوق المرأة وحقوق الإنسان، وباسم حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، أن تعيدوا النظر في هذا القرار، وأن تعيدوا إلى جمعية تضامن المرأة العربية حقوقها المشروعة.

وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.
جماعة تأييد منظمة تضامن المرأة العربية في هولندا

•••

لجنة تأييد جمعية تضامن المرأة العربية
بعناية اتحاد نساء البلدان العربية
٨ سيتي بروست
٧٥٠١١ باريس
باريس في ١٤ أكتوبر ١٩٩١م

الصديقات العزيزات

نرسل لكن مع هذا الخطاب نص الخطاب الذي وجهناه إلى وزيرة الشئون الاجتماعية في مصر لطلب إعادة النظر في قرارها على ضوء المعلومات التي بلغتني منكن.

وليس لديَّ أي مانع من نشر رسالتي هذه.

واسمحوا لي أن أتقدم لكن بأفضل تمنياتي.

دانييل جاكوبي

ملحوظة: أرجو الإعراب عن تضامني الكامل مع السيدة نوال السعداوي التي أكن لها شخصيًّا إعجابي الشديد.

•••

figure
السيدة وزيرة الشئون الاجتماعية في مصر
باريس ١٤ أكتوبر ١٩٩١م

السيدة الوزيرة

بلغنا أنه بمقتضي قرار صادر في ١٥ يونيو ١٩٩١م تم حل الفرع المصري لجمعية تضامن المرأة العربية الذي أسسته وتديره السيدة نوال السعداوي، وذلك دون إخطار مسبق أو مبرر.

والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان على معرفة وثيقة بالسيدة نوال السعداوي التي وجهت إليها الدعوة للمشاركة في الاجتماع العام بشأن حقوق الإنسان الذي عقد في باريس في أوبرا الباستيل في يونيو ١٩٨٩م، وحضرته السيدة دانييل ميتران، وخمس عشرة من السيدات المعروفات بارتباطهن بحقوق الإنسان وكانت من بينهن السيدة نوال السعداوي.

وبالإضافة إلى كون السيدة نوال السعداوي كاتبة معروفة على المستوى الدولي، وواحدة من أهم الشخصيات في الحركة النسائية المصرية، فإن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان تعتبرها في مقدمة المكافحات من أجل تحرر المرأة.

ولذا كان علمنا بقرار حل الجمعية مصدرًا لأسفنا الشديد.

ونحن نطلب منكم إعادة النظر في هذا القرار، والسماح للفرع المصري لجمعية تضامن المرأة العربية بمواصلة العمل من أجل تحرير المرأة المصرية.

وأرجو أن تتقبلي يا سيدتي الوزيرة أسمى التقدير.

دانييل جاكوبي

•••

figure
٣٠ سبتمبر ١٩٩١م
الرئيس حسني مبارك
مكتب الرئاسة الاتحادية، هليوبوليس
القاهرة، جمهورية مصر العربية
باسم أكثر من ٢٥٠٠ كاتب من أعضاء مركز PEN الأمريكي نكتب للإعراب عن قلقنا البالغ للقرار الذي أصدرته حكومتكم في ١٥ يونيو بحل جمعية تضامن المرأة العربية، وهي الجمعية التي أسستها في ١٩٨٢م الدكتور نوال السعداوي الكاتبة المعروفة والرائدة في الحركة النسائية العربية. وقد كانت جمعية تضامن المرأة العربية منذ إنشائها في ١٩٨٢م في مقدمة القوى الساعية إلى التقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي للمرأة العربية، وكان لها دورها في تشجيع الحوار بين مناصري حقوق المرأة في مختلف بلدان العالم العربي ونظرائهم في أنحاء العالم عن طريق عقد المؤتمرات التي تناقش قضايا المرأة من خلال برامج التبادل الدولي.
ولمعالجة المشاكل المتعددة التي تواجهها المرأة العربية بدأت جمعية تضامن المرأة العربية أيضًا في إصدار المجلة الفصلية «نون» في ١٩٨٩م، غير أن هذا العمل قوبل على الفور تقريبًا بمقاومة من جانب السلطات المصرية، فالطلب الذي تقدمت به الجمعية إلى المجلس الأعلى للصحافة للحصول على ترخيص بطبع المجلة من أجل البيع العام قوبل بالرفض مرة بعد أخرى (وقد احتج مركز PEN الأمريكي على هذا القرار في ثلاثة نداءات وجهت إلى السلطات المصرية في العام الماضي)، ونظرًا لأن مجلة «نون» كانت مضطرة إلى رفض نشر الإعلانات مدفوعة الأجر، ورفض اشتراكات القراء، لم يكن في الوسع إصدارها بصورة قانونية إلا بوصفها نشرة داخلية، وبذلك حرمت من الوصول إلى جمهور أوسع.

ولقي تشكيل جمعية تضامن المرأة العربية أيضًا معارضة من جانب السلطات المصرية، فالفرع المصري للجمعية لم يحصل على اعتراف وزارة الشئون الاجتماعية بوجوده القانوني إلا في ١٩٨٥م، وحتى بعد أن حصلت الجمعية أخيرًا على الاعتراف بوضعها القانوني، وجدت نفسها، حسب أقوال الدكتورة نوال السعداوي، تحت المراقبة الحكومية المستمرة.

وفي سنة ١٩٨٥م أيضًا حصلت جمعية تضامن المرأة العربية على وضع العضو الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، كما اعترفت بها وزارة الخارجية المصرية كمنظمة دولية غير حكومية.

واستنادًا إلى ما استقيناه من مصادرنا، فإن قرار حل جمعية تضامن المرأة المصرية صدر بمقتضى قانون صادر في ١٩٦٤م، يتيح لوزارة الشئون الاجتماعية أن تطلع على سجلات الجمعيات غير الحكومية، وأن تراقب شئونها، وتتيح لها حلها بدون إبداء أسباب محددة لقرار الحل، وقد رأى الحقوقيون والمدافعون عن حقوق الإنسان في مصر والخارج منذ أمد طويل أن هذا القانون أداة تتخلص بها الحكومة من المنظمات التي ترى أن نشاطها ذو طابع سياسي. ومنذ أكثر من سنة، يقال إن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان شرعت في اتخاذ الإجراءات القانونية للاعتراض على هذا القانون أمام المحاكم. كما أن منظمة تضامن المرأة العربية تقدمت بدعوى ضد قرار حلها، تقرر البدء في نظرها في ٣١ أكتوبر ١٩٩١م.

ونحن بوصفنا منظمة دولية ملتزمة بالدفاع عن حقوق الأفراد في حرية التعبير، نرى أن القرار الذي أصدرته حكومتكم بحل جمعية تضامن المرأة العربية هو انتهاك لهذا الحق، ولحق تكوين الجمعيات المعترف به دوليًّا، وهما حقان تحميهما أيضًا المادتان ٤٧ و٥٥ من الدستور المصري، ونحن نخشى أن يكون الغرض من هذا الحل هو قمع الأصوات والتحركات المعارضة. ونحن ندعوكم بكل احترام إلى تحري حقيقة قرار الحل وإعادة جمعية تضامن المرأة العربية إلى وضعها القانوني في مصر.

وسوف يسعدنا أن يلقى هذا الموضوع اهتمامكم العاجل، كما يسعدنا أن نتلقى أية تعليقات من جانبكم.

وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.
رئيس الجمعية
إدموند كيلي
روز ستايرون
لجنة حرية الكتابة

صورة: إلى السفير السيد عبد الرءوف الريدي؛ سفير جمهورية مصر العربية.

صورة: إلى وزير الخارجية جيمس بيكر، وزارة الخارجية الأمريكية.

•••

figure
السيدة نوال السعداوي
جمعية تضامن المرأة العربية
٢٢ مايو ١٩٨٥م

يسرنا أن نبلغكم أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي قرر في دورته العادية الأولى لعام ١٩٨٥م بتاريخ ١٠ مايو، أن يمنح الفئة الثانية من الوضع الاستشاري لدى المجلس إلى جمعية تضامن المرأة العربية.

وبذلك يجوز لمنظمتكم أن تعين ممثلين رسميين لدى الأمم المتحدة لدى المقر الرئيسي في نيويورك ومكتب الأمم المتحدة في جينيف ومكتبها في فيينا. وقد أرفقنا بهذا الخطاب استمارة تمكن الاستعانة بها في هذا الصدد. ويمكن تعيين ممثليكم العاديين لمدة سنة واحدة أو سنتين، ويكون عليهم أن يتسلموا تصريح الدخول الخاص بهم شخصيًّا في الموقع الذي يعينون فيه، ولسنا في حاجة إلى القول بأن وجود ممثليكم بصورة منتظمة سيتيح لمنظمتكم أن تنفذ بطريقة فعالة ومثمرة أحكام هذه العلاقة الاستشارية … وقد أرسلنا لكم صورة من القرار ١٢٩٦ (د. ٤٤) لتدرسوه بعناية، ونطلب منكم أن تهتموا على الأخص بالأجزاء: رابعًا وخامسًا وسادسًا وسابعًا وثامنًا وتاسعًا وعاشرًا، فهذه الأجزاء تبين الإجراءات والمميزات المرتبطة بعلاقتكم الاستشارية بالمجلس.

وتقوم الأمم المتحدة بإصدار بيان بالاجتماعات والمؤتمرات التي تعقدها، ويمكن أن يحصل عليها ممثلوكم من مكاتب الأمم المتحدة، وسوف تحصلون من مكتبنا هذا كل ثمانية أو تسعة أشهر بالتقريب على قائمة باجتماعات الأمم المتحدة المفتوحة أمام مشاركة المنظمات غير الحكومية، وهي الاجتماعات التي يجوز فيها للمنظمات غير الحكومية أن توزع الوثائق الخاصة بها، كما يجوز لها أن تتكلم فيها، ونرسل لكم مع هذا نسخة من آخر بيان عن هذه الاجتماعات للإحاطة به.

كما نسترعي انتباهكم إلى الجزء: تاسعًا، الفقرة ٤٠ «ب»، من قرار المجلس رقم ١٢٩٦ (د. ٤٤)، الذي يتطلب إرسال تقرير موجز عن أنشطتكم المتعلقة بالأمم المتحدة مرة كل أربع سنوات. وقد يكون من المفيد في التحضير لهذا التقرير الرباعي، أن تحتفظوا لديكم بملخص للأنشطة السنوية.

وتجدون رفق هذا أيضًا قائمة بالوثائق، ينبغي أن تعيدوها إلينا مشفوعة بأسماء وعناوين الأشخاص الذين ترغبون منا أن نرسل إليهم وثائق الأمم المتحدة، ولكن مع رجاء الإحاطة بأن جميع الوثائق ترسل حاليًا بالبريد العادي مما يتسبب في تأخير في الاستلام. وسيكون ممثلوكم في مكاتب الأمم المتحدة في أفضل وضع يتيح لهم الحصول على وثائق الأمم المتحدة، وإرسالها إليكم لاستخدامها بلا تأخير.

وإذا رغبتم في توضيح مركزكم لدى الأمم المتحدة في البيانات المتعلقة بكم في مطبوعاتكم، نرجو أن تستخدموا العبارة التالية:

«لها وضع استشاري من الفئة الثانية، لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة.»

ولا يجوز استخدام الرمز الرسمي للأمم المتحدة إلا بعد موافقة مكتب الشئون القانونية بالأمم المتحدة وهي موافقة لا تعطى لوضع الرمز على أوراق منظمتكم أو أية مواد أخرى تصفون فيها أنشطتها.

ونحن ندعوكم لزيارة مكتبنا في أي وقت توجدون فيه في نيويورك، أو أن تتصلوا بنا إذا كانت لديكم أية أسئلة، أو احتجتم إلى أية مساعدة، وإذا كنتم في جينيف سوف ترحب بكم الآنسة ريموند مارتينو، وهي المسئولة عن الاتصال بالمنظمات غير الحكومية بقصر الأمم. وفي فيينا يتولى هذه المسئولية السيد إدوارد دروجوي بالمركز الدولي بفيينا، ومهمة مكاتبنا هي خدمة وتسهيل علاقتكم الاستشارية معنا، وتقديمكم إلى موظفي الأمانة العامة المعنيين بالمجالات الموضوعية لأعمال منظمتكم.

ونحن نتطلع إلى علاقة مثمرة مع منظمتكم وممثليها.

المخلصة
فرجينيا سوروين
رئيسة وحدة المنظمات غير الحكومية
بإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية الدولية

•••

فخامة الرئيس محمد حسني مبارك
قصر العروبة، شارع العروبة، هليوبوليس، القاهرة
جمهورية مصر العربية
٢٦ نوفمبر ١٩٩١م

صاحب الفخامة

عقدت جمعية PEN الدولية، وهي جمعية عالمية للكتاب تضم نحو ١٢٥٠٠ عضو ينتمون إلى ١٠٧ مراكز في ٧٦ بلدًا، منذ وقت قريب مؤتمرها الدولي السادس والخمسين في فيينا، ونحن نكتب إليكم لنسترعي انتباهكم إلى القرار المرفق الذي اعتمده المؤتمر بالإجماع.
المخلص
جورجي كونراد
الرئيس الدولي
ألكسندر بلوخ
الأمين الدولي
figure

القرار الذي اتخذته بالإجماع الوفود الحاضرة في المؤتمر الدولي رقم ٥٦ لجمعية PEN الدولية المنعقد في فيينا في نوفمبر ١٩٩١م

إن جمعية المندوبين المجتمعة في فيينا في نوفمبر ١٩٩١م إذ يساورها القلق لحل جمعية تضامن المرأة العربية، وتصفية ممتلكاتها، وإغلاق مجلتها «نون» بعد صدور قرار من وزارة الشئون الاجتماعية في مصر بتاريخ ١٥ يونيو ١٩٩١م، تدعو الحكومة المصرية إلى العدول عن قرارها لأنه يتعارض مع الحقوق المدنية والسياسية التي يضمنها الدستور المصري.

وتدعو الحكومة المصرية تبعًا لذلك إلى إعادة جمعية تضامن المرأة العربية، وإعادة ممتلكاتها، وأن تحمي من الآن فصاعدًا عمل الجمعية بوصفها منظمة غير حكومية، محلية ودولية، لها صفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وبذلك تضمن حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية عدم التمييز على أساس من الجنس أو الأفكار، بما يتفق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدقت عليه حكومة مصر.

figure

المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
تحت التأسيس

بيان المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بشأن حل جمعية تضامن المرأة العربية

أقدمت سلطات الحكومة المصرية على حل جمعية تضامن المرأة العربية بقرار من نائب محافظ القاهرة في ١٥ يونيو ١٩٩١م، مما يشكل اعتداءً جديدًا على حرية التجمع وتكوين الجمعيات، المقيدة أصلًا في مصر.

وكانت جمعية تضامن المرأة العربية وترأسها الكتابة المعروفة السيدة نوال السعداوي، وهي من أبرز رموز الحركة النسائية في مصر، قد حصلت على ترخيص قانوني من وزارة الشئون الاجتماعية برقم ٣٢٨٢ لسنة ١٩٨٥م، بعد رفض دام أكثر من عامين.

وتقول الجمعية إنها تعرضت منذ شهرها لعديد من المضايقات من الإدارة المختصة بوزارة الشئون الاجتماعية، بدعوى انعماسها في نشاطات لا يسمح بها القانون، على حين قامت بهذه النشاطات جمعية دولية تحمل نفس الاسم وتعمل في إطار موافقة وزارة الخارجية المصرية وحاصلة على الصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة.

وإنها قد أجابت على كل استفسارات وزارة الشئون الاجتماعية بشكل مرضٍ، ومع ذلك صدر قرار الحل دون تحقيق مع الجمعية، أو إنذارها.

وقد قامت جمعية تضامن المرأة العربية برفع قضية عاجلة أمام مجلس الدولة لإلغاء قرار الحل.

وليس حل جمعية تضامن المرأة العربية المثل الوحيد على إهدار الحكومة المصرية لحرية تكوين الجمعيات. ففي عام ١٩٨٨م، صدر قرار بحل جمعية «نادي أصدقاء الإعلام العربي» وإيقاف جريدة «صوت العرب» التي كانت تصدر عنها، بحجة خوضها في أمور سياسية.

وجدير بالذكر أن الإطار القانوني الوحيد الذي ينظم إنشاء منظمات غير حكومية في مصر هو القانون ٣٢ لعام ١٩٦٤م الذي ينظم أوضاع جمعيات النفع العام، ويحظر عليها الخوض في الأمور السياسية، ويخضع لتحكيم الإدارة الحكومية ممثلة في وزارة الشئون الاجتماعية، بما في ذلك رفض إشهار الجمعيات أساسًا، وفرض الرقابة على تلك المشهرة منها، بل وحلها.

وفي إطار هذا القانون ترفض وزارة الشئون الاجتماعية التصريح بإنشاء عدد من المنظمات غير الحكومية ومن بينها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.

وترى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن القانون ٣٢ لسنة ١٩٦٤م، وممارسات أجهزة الإدارة الحكومية القائمة على تطبيقه، تشكل انتهاكًا خطيرًا لحرية التجمع وتكوين الجمعيات بما يتعارض مع نصوص الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها الحكومة المصرية. بل ويخالف أحكام الدستور المصري، وقد دفعت المنظمة المصرية في قضية رفعتها على الحكومة بعدم دستورية القانون المذكور، وما زال الأمر منظورًا أمام القضاء.

إن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ترى في حل جمعية تضامن المرأة العربية، انتهاكًا خطيرًا لحرية التجمع وتكوين الجمعيات. وبدلًا من أن تسعى الحكومة لاحترام تعهداتها الدولية وأحكام الدستور المصري وتستجيب للرأي العام فتوسع من نطاق الحريات عامة، ومن حرية تكوين المنظمات غير الحكومية بوجه خاص، فإنها تسلك سبيل التضييق المتزايد على الحقوق والحريات الأساسية في مصر، بحل تضامن المرأة العربية.

لذلك تدين المنظمة قرار حل جمعية تضامن المرأة العربية، وتدعو الحكومة المصرية إلى إلغائه، وإعادة النظر في التنظيم القانوني لإنشاء وعمل المنظمات غير الحكومية بما يضمن احترام حقوق الإنسان في مصر.

جمعية تضامن المرأة العربية ARAB WOMEN SOLIDARITY ASSOCIATION INC.

سيادة الدكتور محمد الجمل/ رئيس مجلس الدولة المحترم

تحية واحترامًا وبعد،

أذهلنا سماع خبر القرار الذي أصدرته مديرية الشئون الاجتماعية لغرب القاهرة بتاريخ ١٥ يونيو ١٩٩١م، بحل جمعية تضامن المرأة العربية (المصرية) المشهرة بوزارة الشئون الاجتماعية رقم ٣٢٨٢ لسنة ١٩٨٥م، دون سابق إنذار أو ذكر الأسباب.

ونحن كفرع للجمعية في أستراليا، نطالب مديرية الشئون بأن تعلن عن التهمة القانونية المنسوبة لجمعيتنا الأم، على الشعب المصري، وعلى الجاليات المصرية في الخارج وخاصة على المرأة العربية الواعية في الداخل والخارج، لنعتبرها قضية قضائية يجب النظر فيها وتحكيم القانون والعدالة. وإلا سنعتبره إجراءً تعسفيًّا لا مبرر له سوى الوقوف في وجه المرأة العربية وتعطيل نهضتها الحضارية والثقافية، لمجرد أنها امرأة.

ونود أن نذكر مديرية الشئون ووزارة الشئون بأننا على أبواب القرن الواحد والعشرين، وأن قفل جمعية نسائية اجتماعية، بعد أن سبق وصدر قرار بمنع مجلتها من التداول سلوك منتقد جدًّا في المجتمعات الإنسانية المتحضرة في الشرق والغرب، مهما كانت الأسباب و«دون سابق إنذار أو إبداء الأسباب».

نحن نعلم أن نظام الدولة المصرية نظام ديمقراطي، وأن لها مجلس شعب منتخب. هذا علاوة على أنها تسمح بحرية الأحزاب. فلماذا نراها الآن تكذِّب كل هذا، وتسكت على قفل جمعية نسائية اجتماعية ثقافية مكونة من نخبة من النساء المصريات، ومن حوالي ألف عضو من جميع أنحاء العالم العربي وأستراليا، ورئيستها الدكتورة نوال السعداوي، التي تعتبر من أكبر المفكرات العربيات وأنشطهن، في مصر والخارج، ولها احترامها في المحافل الدولية، وأولها هيئة الأمم. ناهيك بأن كتبها النفسية والأدبية والاجتماعية تملأ أرفف المكتبات، ومنها ما ترجم إلى لغات أجنبية، وبذلك نعتبرها ثروة ثقافية ودعائية لمصر والوجه المشرف للمرأة المسلمة في العالم العربي التي لا يعرف عنها الغرب سوى الجوانب المظلمة. هذا علاوة على أن الدكتورة نوال السعداوي تسعى إلى العواصم الغربية لحضور مناسبات الكتاب والمؤلفين، ومن البلاد التي دعيت إليها أستراليا، حيث اهتمت بزيارتها وسائل الإعلام والجمعيات النسائية على أعلى المستويات.

أخيرًا، نحن أعضاء جمعية تضامن المرأة العربية/ فرع أستراليا، نطالب وبشدة بإلغاء هذا القرار المهين لإعطاء الصورة الصادقة عن ديمقراطية ترفض تكميم أفواه النساء الواعيات، في بلد توالت على كراسي الحكم فيه أسماء نسائية عديدة، لا زال التاريخ البشري يحفظها حتى يومنا هذا.

أفرجوا عن جمعيتنا الأم، وخذوا بيدها لتتمكن من نشر الوعي في عالم المرأة العربية الذي كان وما زال ضحية للعصبية والمتعصبين. وكفانا معاناة، وكفاهم محاربة للمرأة التي هي نصف المجتمع والمدرسة الأولى لأجيالنا القادمة.

أملنا كبير برعاية سيادتكم والعمل على إعادة الحق لجمعيتنا الأم بفتح أبوابها وإصدار مجلتها، والتحرك بحرية ككل الجمعيات النسائية في المجتمعات الديمقراطية.

وتقبلوا سيادتكم فائق الاحترام.
نجاة فخري مرسي
رئيسة

•••

جريدة الأمة الإسلامية
٢٦ يوليو ١٩٩١م
حل جمعية نوال السعداوي

صالح عبد الفتاح (القاهرة)

أصدر اللواء عبد الرءوف عبد الرحيم، نائب محافظ القاهرة، قرارًا بحل جمعية «تضامن المرأة» التي ترأسها الدكتورة نوال السعداوي المعروفة بفكرها المخالف للإسلام.

وتضمن قرار نائب محافظ القاهرة أيلولة أموال جمعية نوال إلى جمعية «نساء الإسلام» بالقاهرة.

وقد تلقت الأوساط الإسلامية في مصر القرار بالتأكيد على أن الإسلام قادر على مقارعة الحجة بالحجة وعلى مواجهة أي فكر منحرف.

ففي حين أوضح الدكتور سيد رزق الطويل — عميد كلية الدراسات الإسلامية بالأزهر — أن الإسلام لا يغره وجود مثل هذه الجمعية التي عرفت بأنها ميدان لفكر منحرف.

وقال الدكتور الطويل ﻟ «الأمة الإسلامية»: إن الإسلام بقيمه العالية ومبادئه الراسخة قادر على مطاردة كل ضلالة بالحوار والإقناع والموعظة الحسنة.

واتفق معه الدكتور عبد الصبور مرزوق — الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية — حين قال ﻟ «الأمة الإسلامية»: نحن لا يشغلنا كثيرًا حل أو إنشاء مثل هذه الجمعية لأن الإسلام قادر على دحض أي رذيلة قد تمس الدين.

والتقت «الأمة الإسلامية» بالكاتبة الإسلامية صافيناز كاظم — التي طالما حرصت على تعقب أفكار الدكتورة نوال السعداوي وتفنيدها — حيث قالت:

«لا شك أن فكر نوال السعداوي غير إسلامي بل إنه يحارب الإسلام والمسلمين … لكني أتساءل لماذا تركت هذه الجمعية تعمل كل هذه المدة وهي ثماني سنوات ولم يتغير فيها خطها الفكري؟!»

وفي خطوة تراجع دافعت الدكتورة نوال السعداوي عن جمعيتها حين التقت بها «الأمة الإسلامية» وزعمت قائلة:

نحن نحترم الأديان فلماذا يتم إغلاق الجمعية دون سابق إنذار؟ وأضافت: لقد فوجئت بقرار حل الجمعية … وادعت أن ذلك يمثل هجمة على الحريات.

التقرير القطري للمادة ١٩، أكتوبر ١٩٩١م
العربية السعودية

(١٣) الرقابة السعودية في الخارج

تمارس حكومة العربية السعودية الرقابة على وسائل الإعلام خارج حدودها الإقليمية، وبموجب معاهدة إقليمية وقعت عام ١٩٨٥م، أطلق عليها اسم «ميثاق الشرف الإعلامي» وقعتها جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي … تمنع جميع الصحف والمجلات الصادرة في أي من الدول الأعضاء من نشر أي انتقاد لسياسات الدول الأخرى أو لقادتها. ولا يجوز نشر أي مادة من شأنها الإساءة إلى كرامتهم أو التشكيك في سلامة موقفهم. كما تحرم المعاهدة استيراد أي صحف أو مجلات أجنبية تصنف على أنها معادية أو حتى تحتوي على انتقادات للدول الأعضاء.

ويزعم أن السعودية تمارس عبر سفاراتها في الخارج، الضغوط على حلفائها لمنع نشر المطبوعات والأعمال الفنية المنتقدة للعربية السعودية.

وتسعى الحكومة السعودية باستمرار إلى التأثير على المطبوعات العربية الصادرة في بيروت والقاهرة وغيرها من العواصم، سواء عن طريق الإغراءات المالية، أو من خلال نفوذها في سوق الإعلام التجاري. فالعربية السعودية ودول الخليج الأخرى هي أفضل أسواق الإعلان في العالم العربي، بسبب القدرة الشرائية العالية فيها، ولهذا فإن المصدرين والمعلنين يشجعون على نشر الإعلانات في وسائل الإعلام المقبولة لدى الحكومة السعودية، والتي توزع في جميع مناطقها.

تستغل وزارة الإعلام السعودية هذا الوضع للتأثير على الصحافة الأجنبية كي تتفق مع السياسات السعودية. وإن الصحف والمجلات التي تحظى بالدعم السعودي تكافأ بكميات كبيرة من الإعلانات. أما المطبوعات التي لا تتمتع برضى السعودية فإنها تحرم من الإعلانات.

والوقائع التالية أمثلة على أساليب التدخل السعودي:

أثار عرض قناة التليفزيون المستقلة للفيلم البريطاني «موت أميرة» يوم ٩ أبريل ١٩٨٠م، عاصفة من الاحتجاج من قبل العائلة المالكة السعودية، أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يوم ٢٣ أبريل، حين طردت السلطات السعودية السفير البريطاني، وقد وجهت للفيلم، الذي صور عملية إعدام أميرة سعودية وعشيقها من العوام لارتكابهما الزنا، تهمة «مهاجمة الشريعة الإسلامية، وقيم وتقاليد الشعب السعودي»، وقد استؤنفت العلاقات الدبلوماسية عام ١٩٨١م.

في ٨ مارس ١٩٨٦م نشرت صحيفة «أبرار» الإيرانية أن مسئولي السفارة السعودية في طهران اتصلوا بمسئول الصحيفة المالي، وعرضوا عليه رشوة بمليون تومان، مقابل إغلاق الزاوية النقدية لمسلكيات شيوخ السعودية والتي تحمل عنوان «كل مولا». وأضافت الصحيفة في مقال كتبه رئيس التحرير، أن السفارة السعودية في طهران، اتصلت مرتين يوم ٥ مارس ١٩٨٦م لذات العرض، وعرضت تقديم مبالغ مالية لنشر تحقيق دعائي لصالح الحكومة السعودية، وقالت الصحيفة إنها تحتفظ بشريط مسجل للمكالمتين.

في منتصف أكتوبر عام ١٩٨٦م، سربت نسخة من تقرير سري أعده السير جيمس كرين، السفير البريطاني لدى العربية السعودية، والذي تقاعد في تلك الفترة، سربت إلى صحيفة السبكتيتر، وقد ضم التقرير تحليل السفير ووجهات نظره حول الأوضاع في العربية السعودية، والطريقة التي تدير بها العائلة المالكة — التي وصفها بالغباء والخمول والفساد — ذلك البلد، وقد التقى السفير السعودي في لندن بالسير جيفري هاو، وزير الخارجية حينذاك، وقيل إنه هدد بقطع العلاقات ما لم يحظر نشر التقرير، وقد حاولت الحكومة البريطانية ثني الصحافة البريطانية عن عزمها على نشر التقرير، مذكرة بالمصالح البريطانية، حتى إنها حاولت استصدار قرار من المحكمة في الساعة الرابعة صباحًا، لمنع عدد الغلاسجو هيرالد المؤرخ في ١٦ أكتوبر، والذي نشر مقتطفات من التقرير، من الصدور، ولكن جميع نسخ الصحيفة كانت قد أرسلت للتوزيع حين استلم رئيس تحرير الصحيفة حكم المحكمة في الساعة الخامسة والنصف صباحًا. وعلى الرغم من التهديد باستصدار أحكام مصادرة ضد بقية الصحف البريطانية، فقد نشرت تفاصيل التقرير في صحف أخرى، بما فيها صحيفة الإندبندنت.

في عام ١٩٨٦م رفضت القنصلية السعودية في بمباي إعطاء رئيس تحرير صحيفة «كهكشات الجديد» بشارت شيكو، تأشيرة دخول للمملكة من أجل العمرة وزيارة الأماكن المقدسة، وذلك بسبب كتاباته النقدية للسياسة السعودية … والمعلوم أن عددًا من المثقفين ورجال الدين في العالم الإسلامي ممنوعون من دخول المملكة حتى لأداء فريضة الحج، لأسباب تتعلق بمواقفهم المعارضة للعائلة المالكة … ومن بين هؤلاء: الشيخ محمد العاص، مدير وإمام المركز الإسلامي في واشنطن سابقًا، والدكتور كليم صديقي، مدير المعهد الإسلامي في لندن، الذي يصدر صحيفتين أسبوعيتين «كرسنت انترناشيونال»، بالإنجليزية و«الهلال الدولي» بالعربية وكلتاهما ممنوعتان من التوزيع في المملكة، وكذلك إمام مسجد الأقصى السابق الشيخ أسعد التميمي، وابنه الشيخ نادر الذي طرد من المملكة في صيف ١٩٨٢م، وأنهي عقد عمله في إحدى الجامعات السعودية، لأنه انتقد موقف المملكة من قضية الغزو الإسرائيلي للبنان.

وفي يناير ١٩٨٨م، صدر في القاهرة كتاب «رسائل جهيمان العتيبي: قائد المقتحمين للمسجد الحرام بمكة» لمؤلفه رفعت سيد أحمد الباحث في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية … وقد تدخلت السفارة السعودية بالقاهرة، وبالتعاون مع أجهزة الأمن المصرية، تمت مصادرة جميع نسخ الكتاب، وقرر منع عرضه في معرض الكتاب الدولي الذي أقيم في القاهرة في فبراير ١٩٨٨م … وعلق المؤلف في رسالة وجهها إلى اللجنة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان في الخليج والجزيرة العربية على الحادث بقوله: «لقد تمت مصادرة كتاب مصري بأوامر من آل سعود» … ونشرت صحيفتان مصريتان خبر المصادرة وهما: صحيفة «الأهالي» الصادرة في ١٦ مارس ١٩٨٨م، وصحيفة «صوت العرب» الصادرة في ١٣ مارس ١٩٨٨م، اللتان اتهمتا السفارة السعودية في القاهرة بأنها وراء الأمر كله. أغلقت الحكومة المصرية بضغط من الحكومة السعودية، صحيفة «صوت العرب» الأسبوعية الصادرة في القاهرة، وذلك بعد أن نشرت في ١٤ أغسطس ١٩٨٨م مقالًا حول انتهاك الطائرات الإسرائيلية للأجواء السعودية ثلاث مرات في نهاية شهر يوليو من العام نفسه، نقلًا عن مجلة جينز، العسكرية البريطانية … ولكن وكالة الأنباء السعودية سارعت إلى تكذيب ما نشرته الصحف المصرية، التي نشرت في العدد التالي الصادر في الحادي والعشرين من أغسطس ١٩٨٨م في افتتاحية كتبها رئيس التحرير، الأستاذ عبد العظيم مناف، خبر النفي السعودي، وتمنت لو أن وكالة الأنباء السعودية سارعت بتكذيب «مجلة جينز»، وما تزال صحيفة «صوت العرب» مغلقة حتى الآن.

أغلقت الحكومة الكويتية بضغط من الحكومة السعودية، مجلة «الطليعة» التي تمثل المعارضة الكويتية قبيل الغزو العراقي للكويت، لأنها انتقدت الحكومة السعودية. وقد أشارت المجلة الأسبوعية قبل توقفها إلى أن «الشقيقة الكبرى» — أي العربية السعودية — كانت وراء قرار الإغلاق.

كما تعرضت صحف كويتية يومية أخرى للإغلاق مددًا تتراوح بين يومين وأسبوعين للأسباب ذاتها. وحظر دخول بعض الصحف الكويتية — ومنها صحيفة الوطن — إلى السعودية في عدة مناسبات، على الرغم من النص الوارد في الاتفاقية الإعلامية بين دول مجلس التعاون الخليجي التي وقعها البلدان، والتي تسمح بتداول هذه الصحف وتوزيعها داخل السعودية.

مجلة «الأزمنة العربية» التي كانت تصدر في دولة الإمارات العربية المتحدة، عطلت أكثر من مرة ثم أغلقت بسبب ضغوط سعودية متكررة، فانتقلت في بداية الثمانينيات إلى لندن، ثم انتقلت إلى قبرص لتعود مرة ثانية إلى لندن بعد الاجتياح العراقي للكويت، ولتصدر كل أسبوعين مرة، ولا يُخفي القائمون على هذه المجلة، وهم مجموعة من المثقفين المعروفين، لا يخفون قناعاتهم الصريحة والمنشورة بأن الحكومة السعودية كانت وراء خنق صوت مجلتهم، ويتهمونها بأنها تقف بالمرصاد لأي نفس تغييري إصلاحي في الخليج.

(١٤) الرقابة على وسائل الإعلام أثناء أزمة الخليج

لقد حُجبت عن المواطنين السعوديين المعلومات حول الأحداث التي قادت إلى أزمة الخليج. في السابع عشر من يوليو ١٩٩٠م هدد الرئيس العراقي صدام حسين دولتين خليجيتين هما: الكويت والإمارات العربية المتحدة، واتهمهما بشن حرب اقتصادية على العراق، وقد نشرت الصحف الكويتية تغطية كاملة للموضوع، بما في ذلك أقوال المسئولين العراقيين وردود الحكومة الكويتية عليها … إلا أن الصحافة السعودية امتنعت حتى عن الإشارة إلى التوتر الذي كان يستعر بين البلدان الثلاثة.

وقبيل اندلاع الحرب، صرح الأمير سلطان وزير الدفاع، بأن العربية السعودية على استعداد، تفاديًا للحرب، أن تُناقش قضايا الحدود مع العراق. ولكن الملك سارع إلى إصدار نفي للتصريح، وأصدر تعليماته إلى جميع المسئولين بألا يتحدثوا إلى الصحافة قبل عرض مضمون مقابلاتهم الصحفية المزمعة وأقوالهم على الديوان الملكي، لأخذ موافقة الملك الشخصية عليها.

كما أصدرت وزارة الإعلام تعليماتها إلى الصحافة المحلية، بأن تمتنع عن نشر أي شيء عن الأمة، واستمر هذا الأمر نافذ المفعول حتى الرابع من أغسطس، أي بعد يومين من غزو الكويت، حين قرأ مذيع التليفزيون السعودي بيانًا صادرًا عن الحكومة، شجب فيه الغزو العراقي، وفي اليوم التالي، كانت عناوين الصفحات الأولى في كل الصحف المحلية عن الغزو، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يسمع فيها الكثير من السعوديين بالأزمة.

وبالإضافة إلى ذلك، أصدر وزير الإعلام أوامره إلى موظفي وزارته وجميع الصحافيين السعوديين منعهم بموجبها من التحدث إلى المراسلين الأجانب حول أي موضوع، أو حتى الرد على المكالمات الهاتفية الخارجية، إذا كان المتكلم يرغب في مناقشة موقف الحكومة من الأزمة أو مضاعفاتها، وأثرها على السياسة السعودية الداخلية.

النتيجة الإيجابية الوحيدة لأزمة الخليج على الصعيد الإعلامي، كانت قرار الحكومة إصدار عدد كبير نسبيًّا من تأشيرات الدخول للمراسلين الأجانب الذين توافدوا لتغطية تطورات الأزمة. فقد منح قرابة اﻟ ١٥٠٠ مراسل ومصور تأشيرات دخول إلى السعودية، وهو رقم هائل إذا ما قورن بالعدد القليل من هؤلاء الذين سمح لهم بدخول البلاد في السابق.

غير أن قيودًا جديدة فرضت على الصحافة المحلية على الرغم من أن مجلس الوزراء السعودي لم يعلن حالة الطوارئ، وهو التبرير الوحيد لفرض الرقابة على الصحف قبل طبعها، طبقًا لقانون الصحافة والمطبوعات (المادة ٢٤) (انظر صفحة ١٥).

وفي شهر يناير ١٩٩١م، أمرت وزارة الإعلام الصحف المحلية بالامتناع عن نشر أي خبر عن ضرب العراق لتل أبيب بالصواريخ حتى بعد ٢٤ ساعة من وقوع الحادثة. كما اضطرت شبكة الإذاعة والتليفزيون للانتظار أكثر من ١٢ ساعة قبل أن تذيع الخبر.

أرسل الوفد النسائي العالمي الذي زار بغداد قبل ١٥ يناير مباشرةً عددًا من البرقيات إلى مجلس الأمن وزعماء العالم لإيقاف الحرب في الخليج العربي حقنًا لدماء الأبرياء من المدنيين والجنود.

كما أرسل الوفد عددًا من البرقيات إلى الرئيس الأمريكي بوش، فيما يلي نص البرقية الأخيرة التي أرسلها الوفد إلى جورج بوش بعد اندلاع الحرب.

نص البرقية التي أرسلها الوفد النسائي العالمي من أجل السلام إلى الرئيس جورج بوش

الرئيس بوش

نحن الوفد النسائي العالمي وقد قضينا عدة أيام في بغداد قبل ١٥ يناير مباشرةً، وهو تاريخ انتهاء المهلة التي قررها مجلس الأمن، وكنا نعتقد بإخلاص أنه ما زال يوجد مجال للتفاوض، ولذلك أفزعنا قراركم بالحرب.

إن علاج الخطأ بخطأ لا يؤدي أبدًا إلى الصواب، وإن هجومكم على العراق أشد خطأً وأفدح نتائج من غزو العراق للكويت الذين تدينه. وإن الثمن الإنساني لهذا الهجوم الذي تشنونه على العراق سيكون خطيرًا وفادحًا على العالم والإنسانية كلها.

كيف تبيح الإدارة الأمريكية لنفسها استعمال القوة في وقت تعلنون فيه أنكم تبدءُون عهدًا جديدًا للسلام؟!

إن الولايات المتحدة ستخسر كثيرًا لأنها فشلت في الاهتداء إلى سبب مقنع لخوض هذه الحرب وللتدخل في نزاع عربي لا يخصها، لأنه نزاع حول بترول العرب، وكان يمكن للولايات المتحدة أن تحصل على البترول من مكان آخر وبطرق إنسانية عادلة.

وكيف تريق الولايات المتحدة كل هذه الدماء للأبرياء من الجنود والمدنيين في البلاد المختلفة، وللشباب الأمريكي.

إننا نلح عليك بالتحرك سريعًا لإعلان وقف القتال والوصول إلى حل للنزاع يوقف إراقة الدماء.

عن الوفد النسائي العالمي
مارجريت بابا ندريو – نوال السعداوي – فلورا عبد الرحمن – جون دريك مود بالرو – فتحية سعودي – كاترين كامب

•••

وزارة الخارجية
إدارة الهيئات الدولية
تحريرًا في: ١٨ / ٧ / ١٩٩١م

السيدة الدكتورة/ نوال السعداوي
رئيس جمعية تضامن المرأة العربية

تحية طيبة وبعد،

بالإشارة إلى كتابي بتاريخ ٣ / ٤ و١٣ / ٤ / ١٩٩١م، بشأن قيام جمعية تضامن المرأة العربية بتنظيم مؤتمرها الدولي الثالث في القاهرة في الفترة من ٢٤–٢٧ نوفمبر ١٩٩١م حول موضوع المرأة والديمقراطية والتنمية في البلاد العربية، أتشرف بالإفادة بأنه لا مانع لدينا من الناحية السياسية من الموافقة على تنظيم هذا المؤتمر طالما أنه لن تترتب عليه أية التزامات مالية، واستبعاد كلمة «الديمقراطية» من العنوان لاستبعاد شبهة التدخل في الشئون الداخلية التي قد تثور لدى الدول التي يشارك ممثلوها أو مواطنوها في هذا الاجتماع.

مع وافر الاحترام.
مدير إدارة الهيئات الدولية
د. منير زهران

•••

وزارة الخارجية
إدارة الهيئات الدولية
تحريرًا في: ١٠ / ٨ / ١٩٩١م

السيدة الدكتورة/ نوال السعداوي
رئيس جمعية تضامن المرأة العربية

تحية طيبة وبعد،

إيماءً إلى كتاب سيادتكم بتاريخ ٥ أغسطس ١٩٩١م بشان طلب موافاتكم بما يفيد أن جمعيتكم حصلت على الوضع الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

أتشرف بالإفادة أنه بمراجعة مستند الأمم المتحدة B/87/INF/ في ٢٤ / ١١ / ١٩٨٧م المتضمن قوائم المنظمات غير الحكومية المسجلة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي تبين أن جمعيتكم تتمتع بالصفة الاستشارية من الفئة الثانية، على أساس أن أهدافها المعلنة تتفق مع أهداف وقرارات الأمم المتحدة، وذلك بموجب قرار المجلس في دور انعقاده العادي في عام ١٩٨٥م.

وتهمني الإشارة إلى أن عدم ممانعة وزارة الخارجية بعقد الجمعية لمؤتمراتها في القاهرة ترتبط ببحث كل حالة على حدة، حيث يتم مراجعة موضوع المؤتمر للتأكد من عدم تعارضه مع السياسة العامة للدولة فضلًا عن الدول المشاركة فيه، وعلى ضوء ذلك يتم اتخاذ قرار الوزارة في هذا الشأن.

كما أود الإشارة إلى أنه بموجب قرار المجلس رقم 1296 (XLIV) الذي يحدد الترتيبات الخاصة بمنح المنظمات غير الحكومية الصفة الاستشارية فإن الجزء الثامن منه يتضمن دواعي إيقاف أو سحب الوضع الاستشاري من المنظمات غير الحكومية (الفقرة ٣٦).

برجاء التفضل بالإحاطة.

وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.
مدير إدارة الهيئات الدولية
د. منير زهران

•••

وزارة الخارجية
إدارة الهيئات الدولية
تحريرًا في: ٢٨ / ٩ / ١٩٨٦م

السيد مدير بنك مصر
فرع مصطفى كامل

تحية طيبة وبعد،

أتشرف بالإفادة أن جمعية تضامن المرأة العربية قد حصلت على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بموجب القرار الصادر عن المجلس خلال دورته العادية الأولى عام ١٩٨٥م. ومرفق مع هذا صورة الكتاب الموجه من إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية الدولية بالأمم المتحدة إلى الجمعية العربية المذكورة في هذا الخصوص.

برجاء التكرم بالإحاطة.

مع وافر الاحترام.
مدير إدارة الهيئات الدولية
سفير/ محمود أبو النصر

•••

وزارة الخارجية
إدارة الهيئات الدولية
تحريرًا في: ٢ / ١١ / ١٩٨٧م

السيدة الدكتورة/ نوال السعداوي
رئيسة جمعية تضامن المرأة العربية

تحية طيبة وبعد،

بالإشارة إلى كتاب سيادتكم بتاريخ ٢٧ / ١١ / ١٩٨٧م الخاص بالمؤتمر الدولي حول الفكر العربي المعاصر وقضايا المرأة، والذي سوف تنظمه جمعية تضامن المرأة العربية بالقاهرة في الفترة من ١ حتى ٤ أكتوبر ١٩٨٨م.

أتشرف بالإفادة بأنه لا مانع لدينا من الناحية السياسية من عقد هذا المؤتمر.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
مدير إدارة الهيئات الدولية
عمرو موسى

•••

الأمم المتحدة
١٠ يونيو

السيدة نوال السعداوي

أود أن أؤكد أن جمعية تضامن المرأة العربية حصلت على الوضع الاستشاري من الفئة الثانية، بمقتضى القرار ١٩٨٥/ ١١٨ للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الصادر في ١٠ مايو ١٩٨٥م، وأنكم قد احتفظتم بهذا الوضع منذ عام ١٩٨٥م. كما أود أن أذكر أن جمعية تضامن المرأة العربية تقدمت بطلب للاعتراف بها كمنظمة دولية غير حكومية، وقد تم الاعتراف لها بذلك (انظر المرفق).

ونرجو الإحاطة بأن الجمعيات الوطنية التي لا يتجاوز عملها النطاق المحلي، لا تحصل على وضع العضو الاستشاري، وذلك بمقتضى القرار ١٢٩٦ (د. ٤٤) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

وأرجو قبول فائق الاحترام.
فريدة أيوب
رئيسة وحدة المنظمات غير الحكومية
إدارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية

•••

السيدة نوال السعداوي
رئيسة جمعية تضامن المرأة العربية

جمعية تضامن المرأة العربية
التصنيف المطلوب: الفئة الثانية
  • (١)

    تاريخ التأسيس:

    • ١٥ ديسمبر ١٩٨٢م.

  • (٢)

    دولية أم وطنية:

    • دولية.

  • (٣)

    الارتباط بالمنظمات غير الحكومية التي سبق حصولها على وضع استشاري:

    • كلا.

  • (٤)

    الأغراض:

    • توثيق الروابط بين المثقفات العربيات المشتغلات في المجالات الاجتماعية والثقافية والتربوية بغرض رفع المستوى الثقافي والاجتماعي للمرأة العربية، عن طريق المؤتمرات والندوات والمحاضرات والبحوث والنشرات والمجلات.

  • (٥)

    الهيكل التنظيمي:

    • الجمعية العامة (تتألف حاليًّا من ١٢٠ عضوة) تجتمع مرتين في السنة وتنتخب المجلس التنفيذي بالأغلبية، ويتألف المجلس التنفيذي من أحد عشر عضوًا يكون انتخابهم لمدة أربع سنوات. ويعقد المجلس اجتماعاته مرتين شهريًّا ويكون اجتماعه صحيحًا بحضور نصف عدد أعضائه على الأقل، ويتخذ المجلس التنفيذي قراراته بالأغلبية. وينتخب المجلس مكتبًا يتألف من الرئيسة ونائبة الرئيسة والأمينة العامة ومساعدة الأمينة العامة، وأمينة الصندوق، وتقوم الجمعية العامة بتحديد برنامج عمل الجمعية ويتولى المجلس التنفيذي تنفيذه.

  • (٦)

    التوزيع الجغرافي للأعضاء:

    • الجزائر: ثمانية أفراد، مصر: ستون فردًا، العراق: ستة أفراد، الأردن: ثمانية أفراد، الكويت: ٤ أفراد، لبنان: ٨ أفراد، المغرب: ٦ أفراد، تونس: ١٠ أفراد.

  • (٧)

    نوع العضوية:

    • باب العضوية مفتوح أمام الأفراد من النساء من جميع الأعمار ممن يشتغلن بالبحوث النسائية وينتجن أعمالًا إبداعية في المجالات الاجتماعية والثقافية والتربوية والمشتغلات بالعمل الاجتماعي. كما أن باب العضوية مفتوح أمام الجمعيات الوطنية المماثلة.

نص المذكرة التي قدمها رامزي كلارك رئيس لجنة التحقيق للمحكمة الدولية عن جرائم الحرب في الخليج (والنائب العام السابق للولايات المتحدة).

وقد قدم هذه المذكرة في لجنة الاستماع الأولى التي عقدت في مدينة نيويورك يوم السبت ١١ مايو ١٩٩١م، والتي حضرتها د. نوال السعداوي، وهذا هو نص المذكرة (ترجمته عن الإنجليزية د. نوال السعداوي).

مقدمة تاريخية

منذ الحرب العالمية الأولى سيطرت إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على منطقة الخليج العربي وموارده من البترول. حدثت هذه السيطرة بالقوة العسكرية والعنف والاستغلال والتحكم الاقتصادي، ومن خلال الحكومات العربية التابعة وجيوشهم المحلية. ومن ١٩٥٣م حتى ١٩٧٩م أصبحت هذه السيطرة أساسًا من الولايات المتحدة الأمريكية وتحكمها في مشايخ الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وشاه إيران.

من ١٩٥٣م حتى ١٩٧٩م لعب شاه إيران دور الشرطي في المنطقة لحساب البنتاجون والمخابرات الأمريكية المركزية، بعد سقوط الشاه واحتجاز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران بدأت الولايات المتحدة في إعداد العراق عسكريًّا للحرب ضد إيران، وأرسلت إليه الأسلحة، وشجعت بلاد العالم على تزويد العراق بالسلاح المدمر، كما دفعت السعودية والكويت ودول الخليج إلى تقديم مساعدات للعراق ضد إيران.

ولخص هنري كيسنجر خطة أمريكا خلال السنوات الثمانية لحرب العراق وإيران حين قال: «أتمنى أن يقتل بعضهم البعض.»

منذ غزو بريطانيا للعراق في بداية الحرب العالمية الأولى حتى تدمير العراق في حرب الخليج الأخيرة عام ١٩٩١م بواسطة القوة العسكرية الأمريكية، لم يكن هناك أي اهتمام بهذه الكلمات التي يتشدق بها جورج بوش مثل حقوق الإنسان أو الديمقراطية أو رعاية الأماكن المقدسة أو التاريخية.

ساندت الولايات المتحدة شاه إيران ٢٥ عامًا. باعت له ما يزيد عن ٢٠ مليون دولار من الأسلحة المتقدمة في فترة ست سنوات فقط (من ١٩٧٢–١٩٧٨م).

خلال هذه الفترة انتهك الشاه وجهازه الوحشي «السافاك» جميع الحقوق الإنسانية ضد الشعب الإيراني. كذلك ساندت الولايات المتحدة العراق في حربة الخاطئة ضد إيران وتجاهلت انتهاكه الحقوق الإنسانية ضد معارضيه داخل العراق.

وحين أممت الحكومة العراقية الشركات البترولية في العراق عام ١٩٧٢م، قادت إدارة نيكسون حملة للإطاحة بالحكومة العراقية، وحينئذٍ بدأت الولايات المتحدة في تسليح الأكراد ثم تجاهلتهم من بعد وتسببت في مقتل الآلاف منهم، واستخدمت الولايات المتحدة الأكراد بواسطة مخابراتها المركزية (CIA) لضرب العراق ولتحتفظ لإيران بتفوقها العسكري على حساب أرواح الأكراد دون أن تضمن لهم أي منافع ولا استقلال كردستان.

وقد ساندت الولايات المتحدة الحكومة السعودية والكويت، رغم غياب الديمقراطية فيهما وانتهاكهما لجميع الحقوق الإنسانية لأنهما ضمنا لها استغلال البترول لصالحها ضد مصالح الشعبين السعودي والكويتي، وضد مصالح الشعوب العربية.

وساندت الولايات المتحدة دولة إسرائيل، رغم خرقها المتكرر لقرارات الأمم المتحدة، واعتداءاتها الوحشية على الشعب الفلسطيني، واحتلالها لأراضي أربعة بلاد عربية.

وخرقت الولايات المتحدة القانون الدولي عدة مرات باحتلالها جرينادا، وضرب ليبيا بالقنابل، وتمويل أعداء الثورة في نيكاراجوا، ومساندة الحركة المعادية لشعب أنجولا التي عرفت باسم «أونيتا»، ومساندة الدكتاتورية العسكرية في ليبيريا وشيلي والسلفادور، وجواتيمالا والفلبين وغيرها من البلاد.

وفي ديسمبر ١٩٨٩م قامت الولايات المتحدة باحتلال بنما بالقوة المسلحة خارقة بذلك القانون الدولي الذي اتهمت العراق بخرقه حين احتلت الكويت، وقتلت من أرواح الشعب في بنما ما يقارب ٤٠٠٠ نسمة خلاف تدمير المنازل والممتلكات.

وحسب تقديرات منظمات حقوق الإنسان في العالم، فإن عدد القتلى من جراء احتلال العراق للكويت كان يتراوح ما بين ٣٠٠ إلى ٦٠٠ شخص.

وبعد أن عادت أسرة الصباح تحكم الكويت بعد حرب الخليج، فإن التقارير تدل على أن فرق الموت في الكويت قامت بقتل ٦٢٨ من الفلسطينيين المقيمين بالكويت.

وفي أواخر الثمانينيات غيرت الولايات المتحدة خططها العسكرية لتواصل تحكمها في البترول ومصالحها الأخرى في المنطقة العربية، فقد اتضح لها أن المشاكل الاقتصادية في الاتحاد السوفييتي قد بدأت تضعف من قدرته العسكرية ومما أدى إلى انسحابه من أفغانستان، وبعد ذلك الحين أصبحت خطة الولايات المتحدة هي السيطرة العسكرية على منطقة الخليج.

ومع انخفاض معدل إنتاج البترول في الولايات المتحدة خلال عام ١٩٨٩م فقد تنبأ الخبراء الأمريكيون بزيادة استيراد البترول من الخليج بنسبة تتراوح بين ١٠٪ إلى ٢٥٪ في عام ٢٠٠٠م.

أما اليابان وألمانيا والبلاد الأوروبية الأخرى، فإن اعتمادها على البترول العربي. أكثر دعاوى الاتهام «تسعة عشر اتهامًا».

الاتهام الأول

بدأت الولايات المتحدة خطتها من قبل عام ١٩٨٩م لدفع العراق إلى الحرب من أجل أن تبرر هجومها العسكري عليه، وتواجدت قوات أمريكية عسكرية دائمة بالخليج العربي.

وفي عام ١٩٨٩م فإن الجنرال كولين باول رئيس القيادات الأمريكية المتحدة والجنرال نورمان شوارزكوف القائد العسكري للقوة المركزية، أعادا مراجعة الخطط العسكرية في الخليج العربي للإعداد لحرب ضد العراق. وساعدت المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وقادت الحكومة الكويتية لتخرق قرارات الأوبك لإنتاج البترول، وبدأت الكويت تزيد من ضخها لحقول البترول المشتركة معها والعراق، وطالبت برد الديون التي أعطتها للعراق خلال حربه مع إيران، وسدت جميع طرق التفاوض مع العراق لحل هذه المشاكل، وبدأت تحرض العراق ضد الكويت حتى تبرر تدخلها العسكري.
وفي عام ١٩٨٩م أعلن مدير المخابرات المركزية (CIA) «ويليم ويستر» أمام الكونجرس عن خطورة زيادة استيراد البترول العربي، مما رفع نسبة استهلاك البترول داخل الولايات المتحدة من ٥٪ عام ١٩٧٣م إلى ١٠٪ عام ١٩٨٩م، وتنبأ بزيادة الاستهلاك ليصل إلى ٢٥٪ من البترول العربي في عام ٢٠٠٠م.

وفي بداية عام ١٩٩٠م أعلن الجنرال شوارزكوف في مجلس الشيوخ أمام لجنة الخدمات العسكرية عن الخطة الحربية الجديدة في الخليج العربي من أجل حماية التحكم الأمريكي في البترول العربي في حالة حدوث صراع في الخليج.

وفي يوليو ١٩٩٠م أجرى الجنرال شوارزكوف ومساعديه تجربة حرب بالكمبيوتر مستخدمًا ١٠٠٠٠٠ جندي أمريكي.

ولم تظهر الولايات المتحدة أية اعتراضات حين تزايد تهديد العراق للكويت. وكانت الشركات الأمريكية تسعى لعمل عقود كبرى مع العراق، ووافق الكونجرس على إرسال قروض زراعية للعراق، بلغت مئات الملايين من الدولارات لصالح الفلاحين العراقيين. لكن في ربيع ١٩٩٠م أوقفت الولايات المتحدة جميع القروض الخاصة بالطعام مثل الأرز والقمح والشعير وغيرها من الأغذية الأساسية للشعب والتي يستوردها العراق من الولايات المتحدة، مما سبَّب نقصًا في هذه المواد، وكانت الأسلحة تباع للعراق بواسطة المصانع الأمريكية.

وحين طلب صدام حسين من سفيرة الولايات المتحدة في العراق «أبريل جلاسبي» أن توضح موقف الحكومة الأمريكية من تهديدات العراق ضد الكويت أكدت له أن الولايات المتحدة تعتبر هذا الصراع إقليميًّا ولن تتدخل فيه … بهذه التصرفات عمدت الإدارة الأمريكية إلى دفع العراق إلى الحرب لتبرر هجومها العسكري عليه.

وفي ٢ أغسطس ١٩٩٠م احتلت العراق الكويت دون مقاومة تذكر. وفي يوم ٣ أغسطس ودون أي دليل على تهديد العراق للسعودية وتأكيد الملك فهد على أن العراق لا ينوي احتلال السعودية، رغم ذلك أقسم الرئيس الأمريكي «بوش» على حماية السعودية، وأرسل إليها مساعديه ابتداءً من تشيني إلى الجنرال باول والجنرال شوارزكوف، وفي ٦ أغسطس أعلن الجنرال شوارزكوف للملك فهد أن الولايات المتحدة تدرك أن صدام حسين يمكنه احتلال السعودية في أقل من ٤٨ ساعة، وسعت الولايات المتحدة أيضًا إلى ضرب أية مبادرة عربية لحل الصراع العراقي الكويتي بطرق سلمية. ولم يهاجم العراق السعودية على الإطلاق كما رأينا، وانتظر أكثر من خمسة شهور، بينما كانت الولايات المتحدة تزيد من قواتها العسكرية في الخليج إلى ما يزيد عن ٥٠٠٠٠٠ جندي ثم بدأت الحرب المدمرة على العراق بواسطة القنابل والصواريخ.

في أكتوبر ١٩٩٠م كان الجنرال باول قد أشار إلى الخطة العسكرية الجديدة منذ ١٩٨٩م. وبعد الحرب ضد العراق أشار الجنرال شوارزكوف إلى أن هذه الخطة العسكرية دامت ١٨ شهرًا.

وحتى اليوم تحتفظ الولايات المتحدة بقواتها العسكرية في العراق وفي منطقة الخليج كلها، وقد أعلنت أنها سوف تحتفظ بقوات عسكرية دائمة في المنطقة.

هذه التصرفات كلها تشكل جريمة ضد السلام.

الاتهام الثاني

ابتداءً من ٢ أغسطس ١٩٩٠م منع الرئيس بوش أية محاولات لإجهاض خطته لتحطيم العراق عسكريًّا واقتصاديًّا.

دون التشاور مع الكونجرس أصدر الرئيس بوش أمرًا بإرسال ٤٠٠٠٠ جندي أمريكي إلى السعودية في الأسبوع الأول من أغسطس ١٩٩٠م. استخرج من السعودية طلبًا بالمساعدة الأمريكية العسكرية، وفي ٨ أغسطس أكد بوش للعالم أن حركته «دفاعية فقط». ثم انتظر حتى انتهت انتخابات نوفمبر ١٩٩٠م ليعلن عن أمره السابق وأرسل ما يزيد عن ٢٠٠٠٠٠ جندي آخرين دون أي مشاورة مع الكونجرس. وتأخر حتى ٩ يناير ١٩٩١م في عرض الأمر على الكونجرس ليحصل على سلطة دستورية للحرب ضد العراق.

بينما هو يخفي نواياه واصل الرئيس بوش بناء قوته العسكرية في الخليج بهدف تدمير العراق. وحث القوات المسلحة على الإسراع للحرب، وحين أعلن الجنرال «دوجان» إلى وسائل الإعلام يوم ١٦ سبتمبر ١٩٩٠م عن الخطة لتدمير اقتصاد العراق الأساسي الذي تقوم عليه حياة الشعب أعفي من منصبه.

واستخدم الرئيس بوش مجلس الأمن بالأمم المتحدة لإصدار قرارات لم تحدث في التاريخ، وضغط على جميع الدول في العالم ليحصل على أصواتها بالموافقة على هذه القرارات التعسفية، مستخدمًا في ذلك بلايين الدولارات كرشاوى، أو صفقات سلاح لشن حروب إقليمية أو التخفيف من بعض أعباء الديون، أو التهديد بقطع المساعدات الاقتصادية أو العسكرية، أو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول دكتاتورية تنتهك حقوق الإنسان، أو تقديم مساعدات جديدة … إلخ. بمعنى آخر سعى الرئيس بوش إلى إفساد الحكومات والدول من أجل الحصول على موافقتها لشن الحرب ضد العراق، وليخلق صورة زائفة عن أن العالم كله يجمع على حرب العراق.

وكانت «اليمن» من البلاد التي عارضت الولايات، فخسرت بذلك ملايين الدولارات إذ قطعت عنها المساعدات المقررة لها من قبل.

وقد رفض الرئيس بوش طول الوقت محاولات العراق لإيجاد حل سلمي للمشكلة، ابتداءً من محاولة العراق في ١٢ أغسطس لحل الصراع العربي سلميًّا، إلى محاولة العراق للسلام في منتصف فبراير. لقد أصر الرئيس بوش على أنه لا تنازلات ولا حفظ ماء وجه، ولا مكافأة للمعتدي. بمعنى آخر لا مفاوضات. ثم أعلن «بوش» أن صدام حسين هو الذي يرفض المفاوضات.

وقاد «بوش» حملة إعلامية مدروسة لتحويل صدام حسين إلى «شيطان» وأطلق عليه اسم «هتلر»، مكررًا حكاية قتل مئات الأطفال داخل الأجهزة (incubators) والتي يعرف أنها كاذبة، متهمًا العراق باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب العراقي والشعب الإيراني وهو يعلم من المخابرات الأمريكية أنها اتهامات غير صحيحة.

وبعد قتل جميع محاولات الحلول السلمية، بدأ بوش حربه المدمرة للعراق معلنًا عدم الانتظار، وأن العالم لن ينتظر أكثر من ذلك.

هذا التصرف جريمة ضد السلام.

الاتهام الثالث

أمر الرئيس بوش بتحطيم مرافق الحياة الضرورية للشعب العراقي والحياة المدنية، كما أمر بتحطيم القوة الاقتصادية والإنتاجية في جميع أنحاء العراق.

أصدر بوش الأمر بضرب العراق بالقنابل المكثفة والصواريخ ابتداءً من الساعة ٦٫٣٠ مساء يوم ١٦ يناير ١٩٩١م، أي بعد ١٨٫٣٠ ساعة فقط من ساعة الإنذار التي حددها بوش على شاشات التليفزيون. واستمر الضرب بالقنابل والصواريخ بصورة مكثفة (لم يسبق لها نظير في التاريخ) لمدة ٤٢ يومًا. ولم يلقَ هذا الاعتداء الجوي الوحشي مقاومة من الطيران العراقي أو المدفعية المضادة للطيران والصواريخ. لقد كان العراق بلا دفاع تمامًا أمام هذه القوة الرهيبة.

كان عدد الغارات الجوية ضد العراق حسب تقارير الولايات المتحدة ١١٠٠٠٠ غارة جوية، ألقت ٨٨٠٠٠ طن من القنابل، أي ما يساوي سبعة أمثال ما ألقي على هيروشيما من قنابل، ٩٣٪ من هذه القنابل سقطت عشوائيًّا، ومعظمها ألقي من ارتفاع ٣٠٠٠٠ قدم، وإن ٧٪ الباقية كان لها جهاز إلكتروني يوجه مسيرتها، وأكثر من ٢٥٪ من هذه القنابل ضلت الطريق عن أهدافها، وسببت جميعها تقريبًا أضرارًا بالغة تجاوزت الأهداف المحددة، وأصابت في معظمها البيوت والمنشآت المدنية وقتلت المدنيين ودمرت المرافق الحيوية الأساسية للشعب العراقي.

وكان الهدف من تدمير الحياة المدنية العراقية ومنشآتها الحيوية هو تحطيم البناء الأساسي للعراق ليعود إلى الوراء إلى ما قبل العصر الصناعي. ويعتمد الشعب العراقي في حياته المدنية على الإنتاج الصناعي، لكن الاعتداء الأمريكي على العراق تركه في حالة أقرب إلى عهود ما قبل المدنية أو apocalyptic كما جاء في تقرير الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب. ومن ضمن المرافق الحيوية التي دمرت الآتي:
  • محطة توليد الكهرباء الرئيسية، أجهزة التوليد وتوزيع الكهرباء.

  • محطات تنقية مياه الشرب، والمضخات وأجهزة توزيع المياه وتخزينها.

  • محطات التوصيل والاتصال من تليفونات وراديو وأبراج الإرسال والاستقبال.

  • منشآت تصنيع الأغذية وحفظها وتوزيعها وتسويتها، ومنشآت تصنيع لبن الأطفال والأغذية الأساسية والتطعيمات ضد الأمراض، ومنشآت الري وتوزيع المياه.

  • محطات السكك الحديدية ووسائل المواصلات من قطارات وأتوبيسات وكباري وجسور والطرق الرئيسية بين المدن، ومحطات إصلاح الطرق والقطارات والأتوبيسات وغيرها من وسائل النقل العامة والخاصة … التجارية والمدنية.

  • آبار البترول ومحطات الضخ وأنابيب البترول ومحطات تنقية البترول وتخزينه، ومحطات شحن الجازولين وتوزيع الطاقة ووسائل نقلها ومخازن الكيروسين.

  • أجهزة المجاري والصرف الصحي.

  • المصانع المنتجة للحاجات المدنية مثل مصانع النسيج وورش تجميع قطع السيارات.

  • الآثار التاريخية للحضارة العراقية والأماكن الأثرية القديمة وثقافاتها.

وبسبب ذلك التدمير كله قتلت مئات الآلاف من الأرواح التي ماتت بسبب الجفاف ونقص المياه، أو الدوسنتاريا والأمراض الناتجة عن تلوث المياه والأغذية أو العجز عن الحصول على الدواء أو الرعاية الطبية اللازمة أو الجوع ونقص الغذاء، أو البرد، أو الصدمة العصبية أو الضغوط النفسية بسبب الغارات الجوية المستمرة ورعب الحرب. وسوف يتزايد عدد الموتى حتى يتوافر للشعب العراقي الحد الأدنى من الغذاء والمياه النقية وغيرها من ضرورات الحياة، وهناك مخاطر انتشار الأوبئة والكوليرا والتيفود، والالتهاب الكبدي الوبائي، وغيرها من الأوبئة، وكذلك ضحايا المجاعات وسوء التغذية خلال صيف ١٩٩١م وحتى تتوافر ضرورات الحياة لهؤلاء البشر.

وإنها الولايات المتحدة وحدها هي التي قادت هذه الحرب لتدمير العراق. وهذا سلوك يخرق ميثاق الأمم المتحدة وقرارات جينيف والهيج وميثاق نوريمبرج وقوانين العمل العسكري.

الاتهام الرابع

دمرت الولايات المتحدة عن قصد بالقنابل الحياة المدنية في العراق والضواحي التجارية والصناعية، والمدارس، والمستشفيات، والجوامع، والكنائس، والمخابئ والمنازل والأحياء والمتاحف، والأماكن التاريخية، والسيارات الخاصة، والمكاتب الحكومية المدنية.

هذا التدمير قد ترك الشعب العراقي بلا مرافق أساسية، بلا وقود للتدفئة أو الطبخ، بلا ثلاجات للتبريد، ولا مياه نقية للشرب، ولا تليفونات، ولا كهرباء للراديو أو التليفزيون ولا مواصلات عامة، ولا بترول لتمويل السيارات الخاصة، ولا أغذية إلا القليل المحدود، والمدارس أغلقت، والبطالة انتشرت، وانخفضت الأنشطة الاقتصادية إلى درجة كبيرة وسببت إغلاق المستشفيات وتوقفت الخدمات الصحية، وبالإضافة إلى ذلك فإن الأحياء السكنية، في كل مدينة كبيرة وفي معظم المدن والقرى تعرضت للقنابل ودمرت تمامًا، بل إن خيام البدو أيضًا هوجمت بالغارات الجوية الأمريكية، تم تدمير من ١٠٠٠٠ إلى ٢٠٠٠٠ منزل خلاف أعداد القتلى والجرحى، آلاف المطاعم والفنادق والمحلات التجارية والمكاتب دمرت بالكامل، وأيضًا المساجد والكنائس والمستشفيات وآلاف السيارات المدنية في الطرق الرئيسية، والشوارع والجراجات دمرت، وهذا يشمل وسائل النقل العامة من أتوبيس ومركبات أخرى ولوري وجرارات كلها دمرت والقنابل كانت تلقى فوق الممتلكات الخاصة والمدنيين لتضعف روح الشعب وتدفعه إلى الإطاحة بصدام حسين.

ويزيد عدد القتلى عن ٢٥٠٠٠٠ رجل وامرأة وطفل، وقدر الصليب الأحمر بالأردن عدد القتلى ﺑ ١١٣٠٠٠ قتيل، ٦٠٪ منهم أطفال، هذا قبل نهاية الحرب بأسبوع.

هذا التصرف هو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الهيج وجينيف وميثاق نوريمبرج وقوانين العمل العسكري.

الاتهام الخامس

ضربت الولايات المتحدة بالقنابل عن قصد العراق كله دون تمييز بين هدف عسكري وهدف مدني.

ثبت أن الغارات الجوية قد ضربت بالقنابل العراق كله بجميع مرافقه المدنية والعسكرية، وكانت القنابل تسقط دون تحديد الهدف عسكريًّا أو مدنيًّا، وكان غرض الضرب هو التدمير الكامل المادي والمعنوي للشعب العراقي رجالًا ونساءً وأطفالًا من جميع الجنسيات، حتى المهاجرين والأمريكيين والأكراد والكلدانيين والشيعة والسنة والمسيحيين واليهود.

وقد جسد الجنرال كولين باول عدم احترام الولايات المتحدة لأرواح البشر من المدنيين أو العسكريين حين رد على سؤال صحفي عن عدد الضحايا من الغارات الجوية وفوق الأرض إذ قال: «إنه رقم لا أهتم به كثيرًا»!

هذا السلوك يخرق بروتوكول «إضافي، مادة ٤–٥١ في ميثاق جينيف عام ١٩٧٧م».

الاتهام السادس

عمدت الولايات المتحدة عن قصد ضرب وتحطيم جنود العراقيين المنسحبين من المعركة بلا دفاع يحميهم، وقتلت الجنود الذين رفعوا رايات السلام والمجردين من السلاح بعد وقف إطلاق النار ودمرت المباني والمعسكرات.

منذ الساعات الأولى للغارات الجوية بالقنابل والصواريخ دمرت الولايات المتحدة معظم الاتصالات العسكرية، وبدأت عملية القتل والإبادة المنظمة للجنود العراقيين غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم أو الهروب، وتدمير المنشآت والمعدات العسكرية.

وعلى امتداد ٤٢ يومًا قتلت الولايات المتحدة عشرات الآلاف من الجنود غير المسلحين وقطعت عنهم موارد الطعام والمياه وتركتهم في حالة بين الحياة والموت. قتلت الولايات المتحدة على الأقل ١٠٠٠٠٠ جندي عراقي دون أن تخسر من جنودها إلا ١٢٠ فقط حسب تقارير الحكومة الأمريكية.

وحين أيقنت الولايات المتحدة أنه تم لها تدمير كل شيء تريده من المنشآت العسكرية والمدنية، بدأت قواتها الأرضية المسلحة تتحرك نحو الكويت والعراق لتهاجم الجنود العراقيين الهاربين بحياتهم دون سلاح ودون تنظيم ودون أي شيء، وقتلت منهم الآلاف الأخرى ودمرت كل ما تجده من معدات في الطريق، واستمرت المذبحة بعد قرار وقف إطلاق النار، وعلى سبيل المثال يوم ٢ مارس، فإن الفرقة الأمريكية رقم ٢٤ اشتبكت في معركة مسلحة لمدة أربع ساعات ضد العراقيين غرب مدينة البصرة، وحطمت أكثر من ٧٥٠ عربة وقتلت الآلاف دون خسارة واحدة في أرواح الأمريكيين. وأعلن أحد القيادات الأمريكية قائلًا: «نحن فعلًا جعلنا منهم عجينة.» وأطلق عليها اسم Turkey shoot، وصرخ أحد الطيارين الأمريكيين وهو يلقي بقنبلة بها صاروخ موجه بالليزر من طائرة الهليوكوبتر: «قل هالو لألاه» (كلمة ألاه تطلق على الله أو إله المسلمين الذي لا يعترف به المسيحيون أو اليهود) [المترجمة].

كان الغرض هو إلغاء وجود العراقيين في الكويت، وكان لتدمير العراق. وفي العملية تحطمت كثير من الممتلكات في الكويت. وكانت نسبة الخسارة التي وقعت على العراق في معركة غير متكافئة هي نسبة ١٠٠٠ إلى ١ فقط (خسارة الأمريكيين).

وأعلن الجنرال توماس كيلي يوم ٢٣ فبراير أنه حين تبدأ المعركة الأرضية «فلن يبقى منهم الكثير.» وقدر الجنرال نورمان شوارزكوف ضحايا الجنود العراقيين بعدد ١٠٠٠٠٠. وكان الهدف هو تدمير كل القوة العسكرية العراقية أينما وجدت وقتل أكبر عدد من الجنود وأكبر عدد من الذكور في سن الشباب القادر على حمل السلاح، وبذلك يعجز العراق عن بناء قوته الدفاعية عددًا من السنين.

هذا التصرف هو خرق لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الهيج وجينيف وميثاق نوريمبرج وقوانين العمل العسكري.

الاتهام السابع

استخدمت الولايات المتحدة في هذه الحرب الأسلحة الممنوعة والقادرة على الإبادة الجماعية وإحداث القتل والإصابة لأهداف مدنية وعسكرية.

ضمن الأسلحة الممنوعة التي استخدمتها الولايات المتحدة ما يلي:
  • مفرقعات وقنابل جوية بعيدة المدى تقتل من مسافات بعيدة.

  • النابالم.

  • قنابل من نوع Cluster and antipersonnel fragmentation bombs.
  • قنابل من نوع «سوبر بومب» ٢١–٢ طن كان الهدف منها اغتيال زعماء الحكومة.

ومن القنابل المستخدمة ضد الأهداف المدنية والعسكرية والجنود الهاربين كانت من نوع BIU 82 تزن ١٥٠٠٠ رطل قادرة على تدمير وتفتيت كل شيء من بعد مئات الياردات.

وفي طريق الموت ألقيت هذه القنابل على الآلاف من البشر الفارين بحياتهم من الموت وقتلت الآلاف من المدنيين، ومنهم بالإضافة إلى العراقيين كويتيون وفلسطينيون ومصريون وأردنيون وغيرهم. وفي يوم ٢٥ فبراير — بعد واحدة من هذه المذابح — أعلنت وسائل الإعلام أن لا أحد نجا من الموت. ودمرت عربة تحمل تسعة من البشر، حرق شعرهم وملابسهم وجلودهم حرقت من شدة الحرارة التي أذابت حديد العربة.

واستخدم النابالم ضد المدنيين والجنود ومن أجل إحداث الحرائق. وقد احترقت آبار البترول في العراق والكويت بواسطة الولايات المتحدة، التي ألقت عليها النابالم والقنابل المحرقة.

وفي البصرة ألقيت قنابل Cluster and antipersonnel Fagmentation bombs وفي مدن أخرى أيضًا، وكذلك CBU-72 حاملات ١٨٠٠ ombletsb تسمى Sadeyes إن واحدة من Sadeyes يمكن أن تنفجر قبل أن تصل إلى الأرض في أي مكان، وكل bomblet يحتوي على ٦٠٠ سكين حاد حديدي قاتل إلى ٢٠٠ قدم، وهذه bomblet الحاملة ١٨٠٠ من CBU-72 تستطيع أن تغطي ١٥٧ ملعب كرة قدم بالموت الحاد.

وألقيت السوبر بومب على المخابئ المحصنة بهدف قتل صدام حسين. وقد لجأت الولايات المتحدة إلى قتل القذافي زعيم ليبيا بواسطة قنبلة موجهة بالليزر خلال أبريل ١٩٨٦م.

وقد قتلت هذه الأسلحة الممنوعة آلاف المدنيين والجنود.

وهذا التصرف يخرق قرارات الهيج وجينيف وميثاق نوريمبرج وقوانين العمل العسكري المسلح.

الاتهام الثامن

هاجمت الولايات المتحدة المنشآت العراقية التي تحتوي على مواد خطرة، بالرغم من أن العراق لم يستخدم أية أسلحة كيماوية أو نووية، لكن الولايات المتحدة هاجمت المنشآت الصناعية الكيماوية والعسكرية، قتل من جرائها بعض المدنيين، لكن الخطر لم يكن كبيرًا حيث إن المنشآت التي ضربت لم يكن بها أسلحة كيماوية أو مواد بيولوجية خطرة.

لكن تصرف الولايات المتحدة هذا يخرق بروتوكول رقم ١ إضافي، والمادة «٥٦» من قرارات جينيف ١٩٧٧م.

الاتهام التاسع

أمر الرئيس بوش قواته العسكرية باحتلال بنما، وأدى ذلك إلى قتل من ١٠٠٠ إلى ٤٠٠٠ شخص، وتدمير آلاف المباني والمنازل والمنشآت العامة والتجارية.

إن احتلال الولايات المتحدة لبنما يخرق القوانين الدولية نفسها التي خرقها العراق باحتلال الكويت. لكن عدد القتلى من شعب بنما بواسطة الولايات المتحدة، يزيد عن عدد القتلى من الكويتيين بواسطة العراقيين.

الاتهام العاشر

سد الرئيس بوش الطرق أمام العدالة، وأفسد عقل الأمم المتحدة كوسيلة لحفظ السلام ومنع الحرب.

ضغط الرئيس بوش بكل قواه على الأمم المتحدة لتخرق قانونها، وليحصل بوش على غطاء وشرعية من الأمم المتحدة لضرب العراق. وحتى يحصل «بوش» على أصوات مجلس الأمن دفع للحكومات الأعضاء بلايين الدولارات، أو مدهم بالسلاح، أو خفض ديونهم، أو سحب اعتراضه على قروض البنك الدولي لهم، أو وافق على إعادة العلاقات مع أسوأ الحكومات سلوكًا مع شعوبها. وعوقبت «اليمن»، لأنها لم تقف بجانب الولايات المتحدة وخسرت ملايين الدولارات.

لقد دفعت الولايات المتحدة ١٨٧ مليون دولار لتخفض ديونها للأمم المتحدة، ومن أجل أن تحول دون نقد سلوكها العدواني. وأصبحت الأمم المتحدة أداة حرب بدلًا من أن تكون أداة سلام.

هذا التصرف هو خرق لميثاق الأمم المتحدة ودستور الولايات المتحدة وقوانينها.

الاتهام الحادي عشر

تجاهل الرئيس بوش الكونجرس من أجل أن يشن جريمة الحرب ضد العراق.

عن عمد تجاهل بوش سلطة الكونجرس ورفض التشاور معه قبل إرسال القوات العسكرية إلى الخليج، وعمد إلى إخفاء الحقائق وتزييفها وليمنع الكونجرس من ممارسة حريته الدستورية. وأصدر بوش قراراته المنفردة بإرسال قوات عسكرية وبحرية إلى الخليج.

الاتهام الثاني عشر

شنت الولايات المتحدة حربًا ضد البيئة.

سببت الولايات المتحدة تلوثًا في بيئة العراق بسبب إلقاء ٨٨٠٠٠ طن من القنابل، وصواريخ بلا عدد، ومفرقعات وحرائق بفعل ١١٠٠٠٠ غارة جوية على العراق، بمعدل غارتين كل دقيقة لمدة ستة أسابيع، سببت تلوثًا كبيرًا في الهواء والماء والغذاء والبيئة المحيطة كلها، وسببت هذه الغارات إحراق آبار البترول في الخليج، مما أدى إلى تلوث هائل في البيئة وعرض حياة البشر إلى مخاطر كثيرة.

الاتهام الثالث عشر

شجع الرئيس بوش الشيعة من المسلمين والأكراد ليتمردوا ضد الحكومة العراقية، مما أدى إلى زيادة العنف والقتل والهجرة الجماعية والمجاعات والأمراض وقتل الآلاف، وبعد أن فشل هذا التمرد، احتلت الولايات المتحدة أجزاء من العراق دون حق حتى تضمن زيادة الانقسام والتمرد داخل العراق.

الاتهام الرابع عشر

حرم الرئيس بوش عن عمد الشعب العراقي من الرعاية الطبية الضرورية والمياه النقية والغذاء وضرورات الحياة الأخرى، وذلك عن طريق:
  • فرض المقاطعة على العراق ومنع السفن الحاملة للدواء ولبن الأطفال والغذاء من الوصول إلى الشعب العراقي.

  • أصدر بوش أمرًا منفردًا بدون موافقة الكونجرس بفرض الحصار البحري على العراق لحرمان الشعب العراقي من ضرورات الحياة.

  • تجميد أموال العراق، وإرغام الدول الأخرى على عمل ذلك أيضًا ليحرم العراق من قدرته على شراء الدواء أو الغذاء أو غيرها من ضرورات الحياة.

  • السيطرة على الإعلام والمعلومات عن الحاجة الملحة للشعب العراقي للحصول على هذه الأدوية لمنع الأمراض والأوبئة والموت الذي يهدد الجميع.

  • منع الهيئات الدولية من إرسال معونات إلى العراق لسد هذه الحاجات الضرورية.

  • الفشل في سد الحاجات الملحة للمهاجرين من العراق ومنهم مصريون وهنود وباكستانيون ويمنيون وسودانيون وأردنيون وفلسطينيون وسريلانكيون وفلبينيون ومنع محاولات الدول الأخرى لمساعدة هؤلاء المهاجرين.

  • العمل المستمر على منع هذه المعلومات وتحويل الأنظار عن مشاكل الصحة والأوبئة في العراق حتى بعد إعلان مآسي الأكراد على الحدود التركية.

  • الضرب بالقنابل لمحطات الكهرباء، مما أدى إلى إغلاق المستشفيات والمعامل وضياع الدواء والسوائل وكميات الدم اللازمة.

  • الضرب بالقنابل لمخازن الطعام والأسمدة والبذور وغيرها.

وبسبب هذا فقد مات الآلاف، ومرض الآلاف الآخرون. وكان العراق على سبيل المثال يستهلك من لبن الأطفال ٢٥٠٠ طن شهريًّا خلال الشهور السبعة الأولى من عام ١٩٩٠م. ولكن من أول نوفمبر ٩٠ حتى ٧ فبراير ١٩٩١م لم يستطيع العراق أن يستورد إلا ١٧ طنًّا، وقد دمرت قدرته لإنتاج لبن الأطفال داخليًّا، واعتقد كثير من العراقيين أن الرئيس بوش يتعمد قتل الأطفال. لأنه ركز على تدمير موارد أغذية الأطفال، وقدر الصليب الأحمر بالعراق أن وفيات الأطفال بلغت ٣٠٠٠ طفل حتى ٧ فبراير ١٩٩١م من نقص اللبن والدواء.

الاتهام الخامس عشر

استمرار الولايات المتحدة في هجومها على العراق بعد قرار وقف إطلاق النار، واحتلت أجزاءً من أراضي العراق دون وجه حق.

الاتهام السادس عشر

انتهكت الولايات المتحدة مواثيق حقوق الإنسان كلها والحقوق المدنية وقوانين الولايات المتحدة بدخولها الكويت والسعودية العربية لتحقيق سيطرتها العسكرية عليها. ومن أفعال الولايات المتحدة غير القانونية:
  • الاعتقال غير القانوني والإساءة إلى العرب الأمريكيين والعراقيين والأمريكيين والعرب الذين يعيشون في الولايات المتحدة.

  • الاعتقال غير القانوني وإساءة معاملة أسرى الحرب من العراقيين.

  • مساعدة فرق الموت في الكويت بعد عودة الصباح إليها لقتل وتعذيب الفلسطينيين وغيرهم من سكان الكويت بعد الاحتلال الأمريكي.

  • تعذيب أو قتل الجنود الأمريكيين، الذين رفضوا الاشتراك في حرب الخليج أو نقدوا تصرفات الولايات المتحدة.

الاتهام السابع عشر

بعد أن دمرت الولايات المتحدة الأساس الاقتصادي للعراق، فهي تطالب بدفع تعويضات الحرب التي سوف تفقر العراق بصفة دائمة، وتهدد شعبه بالمجاعات والأوبئة.

رفض الولايات المتحدة دفع تعويضات الحرب عن الخسائر التي حدثت للكويت، والتي حدثت أساسًا بسبب الولايات المتحدة.

هذه التعويضات ليست إلا نوعًا من الاستعمار الجديد تفرضه الولايات المتحدة لتستولي على بترول العراق وموارده الطبيعية وقواه البشرية.

الاتهام الثامن عشر

عمد الرئيس بوش إلى سوء استخدام وسائل الإعلام من أجل تشويه المعلومات وإخفائها، ومن أجل أن يحقق دعاية مكذوبة ليكسب تأييدًا لأهدافه العسكرية والسياسية.

قادت الإدارة الأمريكية حملة إعلامية تجارية لترويج فكرة الحرب في الخليج، وترويج معلومات مكذوبة لإيهام الناس بعدالة الحرب وشيطنة صدام حسين، وأكدت للناس أن الحرب ستكون نظيفة بلا ضحايا من المدنيين، وبالغت في قوة العراق العسكرية ودموية صدام حسين، وقد تلقت أجهزة الإعلام معلوماتها بتصريح من البنتاجون، ومنعت أية معلومات تعبر عن وجهات النظر الأخرى، وصوَّر وجود CNN في بغداد أنها دعاية عراقية، وحذفت كل الصور والمعلومات التي تصور آثار القنابل على الشعب العراقي. وتعاون في ذلك كل من يملكون وسائل الإعلام لإظهار عظمة بوش وصحة قراراته.

وحرم الشعب الأمريكي (وشعوب العالم) من المعلومات الأساسية عن الحرب، ودفعوا إلى مساندة حرب استعمارية رغم إرادتهم عن طريق عملية غسيل المخ الإعلامية، وقد حدث ذلك بالنسبة لعدوان الولايات المتحدة على جرينادا وليبيا وبنما، لكنه كان في حالة الحرب ضد العراق أشد وطأة.

وهذا التصرف يخرق دستور الولايات المتحدة، ويمثل اتجاهًا لخلق مساندة للعدوان وجرائم الحرب.

الاتهام التاسع عشر

عمدت الولايات المتحدة عن طريق القوة إلى تواجد قوات عسكرية أمريكية دائمة في الخليج من أجل السيطرة على منابع البترول، وإخضاع المنطقة سياسيًّا وجغرافيًّا للهيمنة الأمريكية.

وهذا التصرف يخرق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ودستور الولايات المتحدة وقوانينها.

مجال التحقيق

سوف تركز لجنة التحقيق على جرائم الحرب التي اقترفتها الولايات المتحدة ونتج عنها مقتل على الأقل ١٢٥٠٠٠ شخص، وتدمير العراق، بينما تعلق أن خسارتها لم تزد عن ١٢٠ شخصًا، لأنها حطمت الأساس الاقتصادي للعراق، ولأن آثار عدوانها لا زال حتى اليوم يسبب مزيدًا من الموت والدمار لمئات الآلاف من البشر في العراق.

وسوف تتلقى لجنة التحقيق أية دلائل أو شهادات من أي فرد أو هيئة أو حكومة تكشف عن هذه الحقائق، لأنها تعتقد أن القانون الدولي لا بد أن يسري على الجميع ويكون له مقياس واحد.

وقد نادت المجموعة الأوروبية ووزراء خارجيتها وكذلك الإعلام الغربي؛ بل وحتى ممثلو الاتهام في محاكمة نوريمبرج بأن صدام حسين يجب أن يقدم للمحاكمة لما تسببه من جرائم حرب، بل إن زوجة الرئيس بوش «باربرا بوش» قالت إنها تود أن ترى صدام حسين مشنوقًا بلا محاكمة.

ترى لجنة التحقيق أن واجبها الأساسي على الأقل، هو التركيز على الجرائم التي اقترفتها الولايات المتحدة، حتى يظهر الوجه الآخر من الحقيقة، ويكون هناك نوع من القوانين والعدل في معاقبة جميع المسئولين — بالتساوي وبلا تفرقة — عن هذه المأساة الإنسانية الخطيرة التي عرفت باسم حرب الخليج.

رامزي كلارك
٩ مايو ١٩٩١م

•••

السيد خافيير بيريز دي كويار
الأمين العام للأمم المتحدة
نيويورك
١٠ مارس ١٩٩١م

السيد الأمين العام

ستقوم زميلاتي بتسليم هذه الرسالة إليكم في غيابي، لأني مضطرة إلى مغادرة نيويورك قبل موعد التقائكم بنا.

لقد قرر المؤتمر الدولي للمرأة الذي عقد في جينيف في يومي ٢، ٣ فبراير ١٩٩١م أن يرسل إليكم وفدًا ليطلب منكم الاستقالة من منصبكم. وقد اتخذنا هذا القرار ونحن نعرف جيدًا أنكم تشغلون أعلى منصب في العالم تقوم بالتعيين فيه الحكومات وأنكم تتحملون المسئوليات التي ينص عليها الميثاق الذي يبدأ بعبارة (نحن شعوب الأمم المتحدة)، وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب.

ونحن نطلب منكم أن تستقيلوا من منصبكم للأسباب الآتية:
  • (١)

    إنكم لم تنهضوا بتلك المسئوليات في الأزمة بين العراق والكويت، وكان ثمن ذلك عشرات الآلاف من الأرواح المدنية والعسكرية على السواء، والتدمير الوحشي والمتعمد للبنية الأساسية المدنية والإنمائية في العراق، والأضرار البيئية التي لم يسبق لها مثيل، والتي سبق أن تنبأ بها العلماء على نطاق واسع.

  • (٢)
    إنكم لم تتقاعسوا فقط عن استخدام مساعيكم الحميدة لتسوية أزمة كان في الوسع تسويتها بالتفاوض، بل إنكم لم تقوموا بدوركم أيضًا كحارس للميثاق ومنع انتهاكه من جانب قادة متعددين، لم يكن في نيتهم أبدًا أن يعطوا فرصة للدبلوماسية أو حتى للعقوبات أن تحدث أثرها.
    • (أ)

      وقد كنتم على بينة تمامًا، كما كنا نحن وعدد كبير من البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة على بينة من أن حكومة العراق قد قدمت المرة تلو الأخرى أسسًا سليمة لتسوية الأزمة، بما في ذلك الانسحاب من الكويت؛ وأن الكثيرين من القادة، ومن بينهم الملك حسين عاهل الأردن والرئيس الجزائري ورئيس الاتحاد السوفييتي، قد أعلنوا عن ثقتهم بأن الأزمة يمكن أن تحل بالوسائل السلمية، لكنكم طوال الوقت لم تستخدموا منصبكم لتيسير هذه المبادرات. كما أنكم لم تتخذوا مبادرات من جانبكم، بل أعطيتم العالم انطباعًا قويًّا بأنكم خاضعون لسيطرة أولئك الساعين إلى حرب وحشية، كما أنكم لم تبدوا اعتراضًا علنيًّا عندما رفضت الولايات المتحدة، في انتهاك صارخ آخر لالتزاماتها بوصفها البلد المضيف لمقر الأمم المتحدة، أن تسمح لوزير خارجية العراق بالحضور وتقديم اقتراحاته.

    • (ب)

      وبوصفكم حارسًا على الميثاق، فإنكم لم تتخذوا أية مبادرة عندما اقترحت الدول الساعية إلى الحرب في ٢٩ نوفمبر ١٩٩٠م ونجحت في استصدار قرار مجلس الأمن رقم ٦٧٨ الذي تزعم فيه أنها «تتصرف بمقتضى الفصل السابع من الميثاق» ومع ذلك فهي تنتهك ذلك الفصل في أكثر من موضع. فالمجلس لم يتبع الإجراءات الصحيحة عندما اتخذ القرار ٦٧٨، فهو لم يذكر حتى أن المجلس نظر في كفاية أو عدم كفاية العقوبات الواردة من القرار ٦٦١ وفوق ذلك فإن القرار ينتهك صراحة المادة «٤٦» من الميثاق عندما «أذن» بتحركات للقوات المسلحة لم تضعها أو تخطط لها بأي شكل الأمم المتحدة. بل إن اسم منظمتنا قد اغتصب من أجل تحقيق أهداف مذبحة همجية.

    • (جـ)

      وفي الساعة الحادية عشرة، عندما التقيتم برئيس العراق في بغداد في ١٣ يناير ١٩٩١م، وقدم لكم المزيد من الاقتراحات التي لم تقدموا عنها تقريرًا وافيًا إلى مجلس الأمن، وقد طلب منكم القيام بمبادرة فعالة، ولكنكم بدلًا من ذلك لم تتقدموا بأي اقتراح للمجلس. وكان إحجامكم عن التحرك دعوة عملية للقوى الراغبة في الحرب لأن تمضي في طريقها.

    • (د)

      وقد وقع الهجوم بعد ذلك مباشرة نتيجة لعدم مواصلتكم المناقشات التي أجريتموها في بغداد. وعندما أصبح من الواضح أن المدنيين في العراق ووسائل الحياة العادية وسبل التنمية في البلد يجري تدميرها بصورة منهجية، بعيدًا تمامًا عن الأهداف الأصلية الواردة في القرار ٦٦٠، كان ينبغي عند ذلك أن تتحلوا بالشجاعة على الأقل، وتخاطبوا جميع شعوب الأمم المتحدة، وأن تقدموا استقالتكم إذا لزم الأمر، ولكنكم لم تفعلوا، وسمحتم لقتل وتشويه الآلاف من النساء والأطفال والرجال أن يستمر بصورة مفزعة، وحتى اليوم، ما زال الأمين العام للأمم المتحدة يلزم الصمت تقريبًا بشأن الاستخدام الهمجي للتكنولوجيا العسكرية ضد إحدى الأمم الأعضاء.

  • (٣)

    وعلى امتداد هذه الأزمة، عندما كان قادة عالميون كثيرون يشيرون إلى الكيل بمكيالين بصورة صارخة في مواجهة مسألة غزو العراق للكويت وضمه، بعد أن انقضت عشرات السنين على استخدام حق الفيتو لمنع قرارات ترمي إلى تحريك نفس النصوص في الميثاق ضد إسرائيل، فإنكم لم تستخدموا منصبكم الرفيع للتمسك بتطبيق الميثاق بصورة متوازنة، ومرة أخرى فعندما استخدمت اتفاقيات جينيف بشأن مسلك الدولة المحتلة ضد العراق في الكويت، فإنكم لم تطالبوا باتخاذ إجراء حازم ضد ما تقوم به إسرائيل من وضع ١٫٧ مليون فلسطيني في حالة منع للتجول تستمر ٢٤ ساعة (وقد بدأت قبل حرب الخليج). لقد فقدت الأغلبية الساحقة من البلدان الأعضاء ثقتها فيما كانت تتوقعه من إنصاف الأمم المتحدة وإمكانية الاعتماد عليها، نتيجة لما رأته من هذا التحيز الصارخ والذي لم تحاولوا وقفه.

  • (٤)

    وأخيرًا فإننا ندعوكم يا سيادة الأمين العام إلى الاستقالة، لأنكم فشلتم خلال عشر سنوات في إعمال ديباجة الميثاق والمادة «٨» منه، فيما يتعلق بإعطاء حقوق متساوية للنساء في وظائف الأمم المتحدة، وخاصة عند مستويات اتخاذ القرار، وإنه لأمر مشين لكم ولإدارتكم أن هذا الموقف جعل الجميع غير راغبين في الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في ٨ مارس ١٩٩١م في الموقع نفسه الذي تقوم فيه الأمم المتحدة.

وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.
نوال السعداوي
رئيسة الجمعية

•••

مذكرة عن المكانة الأدبية والعلمية للدكتورة نوال السعداوي قدمها المحامون للمحكمة

الدكتورة نوال السعداوي شخصية عالمية وعربية مصرية معروفة بمؤلفاتها الأدبية والعلمية ومواقفها الشجاعة ودورها الرائد في مجال تحرير الإنسان العربي، الرجل والمرأة على حد سواء. إنها طبيبة وروائية وباحثة في شئون المرأة. تخرجت في كلية الطب جامعة القاهرة عام ١٩٥٥م، وحصلت على درجة الماجستير في الصحة العامة من جامعة كولومبيا بأمريكا عام ١٩٦٥م، وشغلت منصب مدير عام الثقافة الصحية بوزارة الصحة حتى عام ١٩٧٢م، ثم انتدبت للعمل بالمجلس الأعلى للثقافة والعلوم والآداب حتى عام ١٩٧٨م، ثم اختارتها الأمم المتحدة لتعمل مستشارة لبرامج المرأة والتنمية في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بأديس أبابا عام ١٩٧٩م، وفي اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا بيروت عام ١٩٨٠م، ودعيت لحضور المؤتمر العالمي الذي نظمته الأمم المتحدة عام ١٩٨٠م، في كوبنهاجن بالدانمارك، وألقت في هذا المؤتمر العالمي بحثًا عن المرأة نال التقدير والإعجاب، ومنذ عام ١٩٨٠م حتى هذا العام ١٩٩١م دعيت الدكتورة نوال السعداوي إلى أهم المؤتمرات الدولية عن المرأة في جميع أنحاء العالم، ومنها المؤتمر العالمي للمرأة الذي نظمته الأمم المتحدة في نيروبي عام ١٩٨٥م، والمؤتمر النسائي العالمي في فيينا عام ١٩٨٢م، وفي لندن عام ١٩٨٣م، وفي أمستردام عام ١٩٨٤م، وفي روما ١٩٨٦م، وفي باريس ١٩٨٨م، وفي بون ١٩٩٠م، وفي جينيف ١٩٩١م، هذا عدا المؤتمرات العربية التي دعيت إليها في الجزائر والمغرب وتونس وسوريا والعراق والسودان واليمن ولبنان وليبيا خلال هذه الأعوام السابقة.

وقد تفرغت الدكتورة نوال السعداوي للتأليف الأدبي والكتابة في مصر منذ عام ١٩٨١م، وصدر لها منذ بدأت الكتابة في نهاية الخمسينيات (حتى ١٩٩١م) سبعة وعشرين كتابًا باللغة العربية، ومنذ كتابها الأول «مذكرات طبيبة» الذي صدر عام ١٩٥٦م صعد اسمها في مجال الأدب، وبعد ذلك تلاحقت أعمالها الأدبية ما بين القصة القصيرة والرواية والمسرحية والمذكرات وأدب الرحلات. وانتشرت مؤلفاتها الأدبية في البلاد العربية وأعيد طبعها عدة مرات، وأصبح لها جمهور واسع من القراء والقارئات وصل إلى مئات الآلاف، واعتبرت كتاباتها علامة إبداعية وفكرية مميزة، وتصدر اسمها كشف توزيع الكتب في البلاد العربية عدة سنوات. ومن مؤلفاتها الروائية: مذكرات طبية، امرأتان في امرأة، الغائب، الأغنية الدائرية، موت الرجل الوحيد على الأرض، الخيط وعين الحياة، سقوط الإمام، مذكرات طفلة اسمها سعاد، وغيرها.

ومن مؤلفاتها القصصية القصيرة: لحظة صدق، حنان قليل، كانت هي الأضعف، موت معالي الوزير سابقًا، تعلمت الحب.

ومن مؤلفاتها المسرحية: اثنتا عشرة امرأة في زنزانة. إيزيس، الزرقاء، الحاكم بأمر الله.

ومن أدب الرحلات والمذكرات: رحلاتي حول العالم، مذكرات في سجن النساء.

أما مؤلفاتها العلمية عن المرأة فقد ظهرت خلال السبعينيات، وصدر لها منذ عام ١٩٧١م حتى عام ١٩٩١م خمس مؤلفات رائدة في هذا المجال، لتصبح الكاتبة الأولى المعروفة على نطاق البلاد العربية.

ومن مؤلفاتها الاجتماعية والنفسية عن المرأة والرجل في المجتمع العربي: المرأة والصراع النفسي، الوجه العاري للمرأة العربية، المرأة والتنمية، الأنثى هي الأصل. المرأة والجنس، الرجل والجنس، قضية المرأة السياسية والجنسية، وكتاب «عن المرأة».

وفي عام ١٩٨٠م قامت دار النشر «زيد» في لندن بنشر أول ترجمة لأحد مؤلفاتها عن المرأة تحت عنوان «الوجه الخفي لحواء». وقد أثار هذا الكتاب اهتمام الدوائر الثقافية والفكرية في غرب أوروبا، وصدرت منه حتى اليوم ثماني طبعات، وتوالت بعد ذلك ترجمات لمؤلفاتها الروائية والقصصية بالإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية واليابانية والأردية والإندونيسية والسويدية والنرويجية والفنلندية والدانماركية واليونانية والتركية وغيرها من لغات العالم.

وقد ترتب على ذلك أن اشتهر اسم الكاتبة د. نوال السعداوي، ليس على النطاق العربي فحسب ولكن أيضًا في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا وألمانيا والسويد والنرويج، وكذلك في عدد من بلدان آسيا وأفريقيا. وأصبحت لها مكانة من النادر أن تتمتع بها امرأة عربية، واعتبرت مفكرة رائدة وأديبة مبدعة وأصبحت تدعى إلى عديد من المؤتمرات وإلقاء المحاضرات في أكبر الجامعات منها هارفارد في بوسطن بالولايات المتحدة وأكسفورد وكامبريدج في إنجلترا، والسوربون في فرنسا، وجامعة محمد الخامس في المغرب، وجامعة الجزائر وتونس والخرطوم ودمشق وبني غازي وغيرها، وأصبحت بعض مؤلفاتها تدرس في هذه الجامعات على نطاق العالم، ويعمل عنها دراسات لنيل درجات الماجستير والدكتوراه، وأصبح الكثيرون من طلاب العلم والأدب يتوافدون عليها في بيتها لإجراء الأحاديث معها، وكذلك أيضًا الصحفيون ومعدو البرامج الإذاعية والتلفزيونية من مختلف البلاد.

ويقوم حاليًّا أربعة من المخرجين السينمائيين العالميين بعمل أربعة أفلام مستمدة من رواياتها كالآتي:
  • رواية امرأة عند نقطة الصفر، يخرجها سيد صدر زاده، وهو مخرج كندي إيراني.

  • رواية موت الرجل الوحيد على الأرض، تخرجها نوشكا فان براكيل، مخرجة هولندية.

  • رواية الأغنية الدائرية، تخرجها سارة هوبسون، إنجلترا.

  • رواية سقوط الإمام، تخرجها ماي زترلنج، مخرجة سويدية.

كما تحولت بعض رواياتها إلى مسرحيات تم عرضها في باريس وفيينا وأمستردام في الأعوام ١٩٨٦م، ١٩٨٨م، ١٩٩٠م، وعرض عن حياتها الشخصية والعامة ثلاثة من الأفلام التليفزيونية في لندن وأمستردام وبروكسل، وحصلت على عدة جوائز أدبية منها جائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب عام ١٩٧٤م. وجائزة الصداقة العربية الفرنسية عام ١٩٨٢م، ووسام الجماهيرية الليبية من الدرجة الأولى عام ١٩٨٩م.

وإلى جانب مجهودها الفكري، فإن للدكتورة نوال السعداوي جهودًا في عدة مجالات عامة لها أهميتها منذ بداية الستينيات، في عام ١٩٦٢م انتخبت عضوًا في المؤتمر الشعبي للقوى الوطنية، وشاركت في إصدار ميثاق العمل الوطني (١٩٦٢م). وفي المجال الطبي والصحي قامت بتأسيس جمعية الثقافة الصحية عام ١٩٦٨م، ورأست تحرير مجلة الصحة من عام ١٩٦٨م حتى عام ١٩٧٣م، وكان لها نشاط نقابي بارز خلال الستينيات، نجحت في انتخابات الأطباء عدة مرات بأغلبية ساحقة، وحصلت على منصب السكرتير العام المساعد لنقابة الأطباء وسكرتير تحرير مجلة الأطباء من عام ١٩٦٨م حتى ١٩٧١م. وقامت بتأسيس جمعية الكاتبات المصريات عام ١٩٧١م، وبتأسيس جمعية تضامن المرأة العربية عام ١٩٨٢م، وهي المنظمة العربية النسائية الوحيدة التي حظيت بالمركز الاستشاري للمجلس الاجتماعي والاقتصادي بالأمم المتحدة بنيويورك منذ أبريل ١٩٨٥م، باعتبارها منظمة عربية دولية تسعى للنهوض بالمرأة العربية فكريًّا واجتماعيًّا، وقد انضم إلى هذه الجمعية عدد كبير من النساء من مختلف البلاد العربية، وعقدت منذ تأسيسها حتى اليوم ثلاثة مؤتمرات نسائية عربية دولية كالآتي:
  • (١)

    التحديات التي تواجه المرأة العربية في نهاية القرن العشرين (القاهرة، سبتمبر ١٩٨٦م).

  • (٢)

    المرأة والفكر العربي المعاصر (القاهرة، نوفمبر ١٩٨٨م).

  • (٣)

    مؤتمر الصحافة النسائية العربية (القاهرة، سبتمبر ١٩٩٠م).

وقد طبعت أبحاث هذه المؤتمرات باللغة العربية والإنجليزية، وتدرس في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، وتم إشهار الفرع المصري لهذه الجمعية في يناير ١٩٨٥م تحت اسم المنظمة الأم.

وشاركت الدكتورة نوال السعداوي في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان عام ١٩٨٣م وكتبت العديد من المقالات في الصحف والمجلات المصرية والعربية دفاعًا عن حقوق الإنسان العربي وانتخبت ضمن ثلاث عشرة شخصية نسائية عالمية لحضور احتفالات الثورة الفرنسية في باريس عام ١٩٨٩م، ونزلت ضيفة على زوجة الرئيس الفرنسي ميتران. وتنشر صورها في بعض الأحيان على غلاف المجلات باعتبارها شخصية بارزة عربيًّا وعالميًّا تركت بصماتها على الثقافة العربية والثقافة الإنسانية عامة.

والدكتورة نوال السعداوي متزوجة من الطبيب الروائي الدكتور شريف حتاتة الذي له عدة مؤلفات روائية باللغة العربية. ترجم منها اثنان إلى اللغة الإنجليزية والروسية، هما: «الشبكة والعين ذات الجفن المعدني»، وللدكتورة نوال السعداوي ابنة وابن من أنجح الشباب في مجال الأدب والإبداع. ابنتها هي الكاتبة منى حلمي التي أصدرت حتى الآن أربعة مؤلفات قصصية باللغة العربية، وتكتب القصص والمقالات في مجلة روز اليوسف وصباح الخير ومجلة إبداع وصحف أخرى منها جريدة الأهرام، وتشارك في برنامج إذاعي يوميًّا، وابنها المخرج السينمائي الشاب عاطف حتاتة، وقد حصل على جائزة القصة في جامعة القاهرة عام ١٩٧٤م حين كان طالبًا في التاسعة عشرة من عمره، وأخرج فيلمه الفيولينا عام ١٩٩٠م.

هذا عرض مختصر عن مكانة ودور الدكتورة نوال السعداوي في عالم الفكر، والإبداع، والتحول الاجتماعي المعاصر، لا يفيها حقها بعد أربعين عامًا من النضال المتواصل الذي لم يتوقف رغم العقبات. سجل مشرف وعظيم كان يجب ألا تناله افتراءات قوة متخلفة في مجتمعنا تريد أن تجرنا إلى الوراء لنعيش الإرهاب والتطرف والتعصب والجهل.

قائمة مؤلفات نوال السعداوي

(أ) المؤلفات الأدبية

روايات

  • (١)

    مذكرات طفلة اسمها سعاد (١٩٤٤م).

  • (٢)

    مذكرات طبيبة (١٩٥٨م).

  • (٣)

    الغائب (١٩٦٩م).

  • (٤)

    امرأة عند نقطة الصفر (١٩٧٣م).

  • (٥)

    موت الرجل الوحيد على الأرض (١٩٧٥م).

  • (٦)

    أغنية الأطفال الدائرية (١٩٧٦م).

  • (٧)

    سقوط الإمام (١٩٨٧م).

  • (٨)

    امرأتان في امرأة (١٩٧١م).

  • (٩)

    جنات وإبليس (١٩٩٢م).

مجموعة قصص قصيرة

  • (١)

    تعلمت الحب (١٩٥٧م).

  • (٢)

    لحظة صدق (١٩٥٩م).

  • (٣)

    حنان قليل (١٩٦٠م).

  • (٤)

    الخيط والجدار (١٩٧٢م).

  • (٥)

    كانت هي الأضعف (١٩٧٧م).

  • (٦)

    موت معالي الوزير سابقًا (١٩٧٨م).

  • (٧)

    الخيط وعين الحياة (١٩٧٦م).

مسرحيات

  • (١)

    إيزيس (١٩٨٥م).

  • (٢)

    الإنسان (اثنتا عشرة امرأة في زنزانة) (١٩٨٤م).

مذكرات شخصية

  • (١)

    مذكراتي في سجن النساء (١٩٨٣م).

  • (٢)

    رحلاتي حول العالم (١٩٨٦م).

(ب) المؤلفات العلمية

  • (١)

    المرأة والجنس (١٩٦٩م).

  • (٢)

    الأنثى هي الأصل (١٩٧١م).

  • (٣)

    الرجل والجنس (١٩٧٣م).

  • (٤)

    الوجه العاري للمرأة العربية (١٩٧٤م).

  • (٥)

    المرأة والصراع النفسي (١٩٧٥م).

  • (٦)

    عن المرأة (١٩٨٨م).

الترجمات إلى لغات أخرى

ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية والسويدية والأردية والإيطالية والهولندية والفنلندية والإندونيسية واليابانية، وغيرها من لغات العالم عدد من المؤلفات هي:
  • (1)
    The Hidden Face of Eve (non-fiction) (1980).
  • (2)
    Woman at Point Zero (Novel) (1982).
  • (3)
    God Dies by the Nile (Novel) (1984).
  • (4)
    Circling Song (Novel) (1986).
  • (5)
    Searching (Novel) (1989).
  • (6)
    The Fall of the Imam (Novel) (1988).
  • (7)
    Death of An x Minister (Collection of Short Stories) (1985).
  • (8)
    She has no place in paradise (Collection of Short Stories) (1987).
  • (9)
    My travels around the world (non-fiction) (1991).
  • (10)
    Memoires from the women’s Prison (non-fiction) (1985).
  • (11)
    Douze femmes Dans Kanatir (play) (1988).
  • (12)
    La Femme et la nevrose (non-fiction) (1989).
  • (13)
    Tow women in one (Novel) (1984).
  • (14)
    Memoires of a Women Doctor (Novel) (1985).
  • (15)
    The Spring of Life (Two Novellas) (1992).
  • (16)
    The Innocence of the Devil (Novel) (1993).

النشاط العام

  • (١)

    أسست جمعية الكاتبات المصريات عام ١٩٧١م، وانتخبت نائبة رئيسة مجلس الإدارة عام ١٩٧١م.

  • (٢)

    أسست جمعية الثقافة الصحية عام ١٩٦٨م، وانتخبت نائبة رئيس مجلس الإدارة عام ١٩٦٨م.

  • (٣)

    أسست جمعية تضامن المرأة العربية الدولية عام ١٩٨٢م، وانتخبت رئيسة للجمعية عام ١٩٨٢م.

  • (٤)

    أسست جمعية تضامن المرأة (الفرع المصري) عام ١٩٨٥م، وانتخبت رئيسة للجمعية عام ١٩٨٥م.

  • (٥)

    أسست مجلة الصحة عام ١٩٦٨م.

  • (٦)

    أسست مجلة «نون» عام ١٩٨٩م.

  • (٧)

    شاركت في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان (١٩٨٣م).

الجوائز

  • عام ١٩٧٤م: جائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب في القصة القصيرة عن مجموعتها الخيط والجدار (القاهرة ١٩٧٤م).
  • عام ١٩٨٢م: جائزة الصداقة الفرنسية العربية عن روايتها «امرأة عند نقطة الصفر»، وكتابها «الوجه الخفي لحواء» (باريس ١٩٨٢م).
  • عام ١٩٨٨م: جائزة جبران الأدبية منحتها لها رابطة إحياء التراث العربي بأستراليا.
  • عام ١٩٨٩م: وسام الجماهيرية الليبية من الدرجة الأولى للريادة في مجال تحرير المرأة ومواقفها الوطنية.

مؤتمرات

دعيت إلى عديد من المؤتمرات العالمية والعربية في مجال المرأة والأدب والطب، في مختلف أنحاء العالم. وألقت المحاضرات في كثير من جامعات العالم. ومؤلفاتها تدرس بكثير من الجامعات العربية والأجنبية.

•••

جريدة الأهرام
٤ أبريل ١٩٩٢م
سلاح الفتاة المصرية

لم يفزعني حادث فتاة العتبة بمثل ما أفزعتني الطريقة التي تناولته الصحافة المصرية وكثير من أصحاب وصاحبات الأقلام. كأنما كان الجميع في انتظار هذا الحدث ليشقوا الجيوب ويلطموا الخدود ويندبوا الأموات منذ عصر الفراعنة. وقد ظهر التناقض واضحًا والتخبط في علاج مثل هذا الحادث. أغرب ما في الأمر تلك الآراء التي نادت بفصل الجنسين فصلًا كاملًا في المواصلات والمدارس والجامعات والشوارع. وفرض الحجاب على كل من خرجت من بيتها، وأن تحمل كل فتاة أو امرأة داخل حقيبتها مطواة قرن غزال مثلًا.

وفي جلسة مع بعض الأمهات والآباء تساءل واحد منهم كيف أحمي ابنتي من هذه المخاطر في الطريق؟ هل أمنعها من الخروج تمامًا وأغلق عليها الأبواب؟

ردت إحدى الأمهات: بالعكس، إن حبس البنات والنساء داخل الجدران لا يعالج المشكلة، والاختفاء وراء الجدار لا يحمي الفتاة أبدًا.

وقال الأب: وكيف أحميها؟ هل أشتري لها مطواة قرن غزال تدافع بها عن نفسها؟

قالت الأم: قد تحمل البنت مطواة ومع ذلك تعجز عن الدفاع عن نفسها إذا كانت ضعيفة الشخصية تخاف من المواجهة، أما الفتاة القوية الشخصية الشجاعة الواثقة في نفسها فيمكنها حماية نفسها وإن لم تحمل مطواة. سأحكي لك حادثًا وقع لي وأنا تلميذة، ولولا الشجاعة والثقة بالنفس التي تربيت عليهما لتعرضت للحادث نفسه الذي وقع لفتاة العتبة. وكان أبي يقول لي دائمًا: سلاح البنت هو شخصيتها القوية وثقتها بنفسها. إنه سلاحها الوحيد الذي يحميها من المشاكل من هذا النوع، وأية مشاكل أخرى. فالحياة لا تخلو من المشاكل وقد يكون الإنسان في بيته ويعتدي عليه آخرون، والمسألة أيضًا تتعلق بالفتيان. وحوادث الاغتصاب قد تحدث للفتى بمثل ما تحدث للفتاة، والسلاح الوحيد هو أن يتربى الإنسان منذ الطفولة على الثقة بالنفس والمواجهة والشجاعة وليس الخوف والذعر.

وقالت الأم: المأساة أن معظم الآباء والأمهات يربون أبناءهم وبناتهم على الخوف وفقدان الثقة بالنفس.

وقال الأب: المأساة هي حوادث الاغتصاب هذه! لماذا تحدث؟

قالت الأم: حوادث الاغتصاب موجودة في جميع بلاد العالم، حيث إن «القوة» هي التي تحكم، ومنطق «القوة» هو الذي يسود. فالأقوى يغتصب حقوق الأضعف أو الأصغر، وإن كنت وطنًا أو أرضًا أو جسدًا أو مالًا … ألا ترى أن القوة العسكرية النووية هي التي تتحكم في العالم اليوم؟ إن الاغتصاب الجسدي الفردي ليس إلا جزءًا من ظاهرة عالمية سياسية، وهناك ترابط بين مختلف أنواع الاغتصاب دوليًّا ومحليًّا وعائليًّا وعلى مستوى الأفراد.

وضحك الأب ساخرًا: إن أمريكا تهدد ليبيا الآن بالحرب. فهل هناك علاقة بين هذا الاعتداء وحادث الاغتصاب في العتبة؟

وقالت: كلاهما اعتداء واغتصاب. أمريكا تريد عن طريق القوة المسلحة أن تغتصب بترول ليبيا بمثل ما اغتصبت من قبل بترول الخليج، ولا أحد يستطيع أن يوقف أمريكا عند حدها لأن أحدًا لا يملك ترسانة أمريكا النووية.

وتكلم أحد الآباء الصامتين: وإسرائيل تملك ترسانة نووية أيضًا ولهذا تغتصب أراضي ثلاثة بلاد عربية وتطلب المزيد.

وقال الأب في ضيق: «أرجوكم ألا تجروني إلى بئر السياسة، فأنا أريد أن أحمي ابنتي ولا شأن لي بالسياسة! خلوني في حالي.» وتكلم الأب الذي كان صامتًا: «خلوني في حالي هذه هي المأساة يا أخي! وأنت تربي ابنتك لتصبح مثلك سلبية الشخصية لا تعرف شيئًا عما يدور في العالم ثم تسأل كيف تحميها؟»

وقالت الأم: الحماية تأتي من المعرفة، فالمعرفة قوة، وإذا عرفت ابنتك ماذا يحدث في العالم من اغتصاب بما فيه اغتصاب الرجل للمرأة فهي تكون أقدر من الجاهلة على حماية نفسها. المعرفة يا سيدي قوة، أقوى من مطواة قرن غزال، لأن الجاهلة إذا أمسكت مطواة قرن غزال قد تخطئ الهدف، أو تضرب البريء بدل الجاني. المعرفة يا سيدي تقتضي أن تفتح الفتاة عينيها جيدًا وترى الشر بمثل ما ترى الخير، لا أن تكون قطة مغمضة تتصور أن العالم ليس فيه إلا ملائكة!

وقال الأب الذي كان صامتًا: نحن نربي بناتنا ليصبحن قططًا مغمضة العيون ونتصور أن إغلاق العيون وإخفاء الوجه أو الرأس هما الأخلاق والفضيلة، في حين أن الفضيلة هي المعرفة. وإذا حرمت ابنتك من المعرفة حرمتها من الفضيلة أيضًا.

وقال الأب الذي كان يتكلم: كنت أفكر في منع ابنتي من الخروج إلى المدرسة لأحميها من المخاطر، لكن يبدو أن الأمر غير ذلك.

وقالت الأم: نعم يا سيدي الأمر غير ذلك، وسلاح الفتاة المصرية اليوم هو المعرفة والوعي وإدراك ما يحدث حولها وفي العالم أجمع.

د. نوال السعداوي

•••

جريدة الأهالي
١٥ أغسطس ١٩٩٠م
هل أصبح الرئيس الأمريكي هو البطل والمنقذ؟

أقرأ الصحف وأشعر بالغضب لماذا هذا التهليل والفرح من معظم الصحفيين في بلادنا عند وصول قوات أمريكية (ومتعددة الجنسيات) إلى السعودية لضرب العراق؟!

أنا لم أذهب إلى العراق إلا مرة واحدة منذ عشرين عامًا، ولم أكتب كلمة واحدة في مدح حاكم العراق، أو أي حاكم عربي آخر، ولكني ضد ضرب العراق، وأرى أن ضرب العراق هو ضرب لنا جميعًا.

كيف تنشر معظم الصحف في بلادنا صورة الرئيس الأمريكي بوش، وكأنه البطل المنقذ لنا؟ وكيف يهللون لعبور حاملة الطائرات الأمريكية النووية «أيزنهاور» قناة السويس، وكأنها ذاهبة لإجلاء القوات الإسرائيلية عن الأراضي العربية.

أقرأ الصحف وأشعر بالإهانة لا فرق بين ما يكتب في صحف بلادنا وبين ما تكتبه الصحف الأجنبية الاستعمارية.

أهكذا نبلغ حافة الهاوية والحضيض؟ لقد كشفت البلاد الاستعمارية بزعامة أمريكا وإنجلترا وفرنسا وإسرائيل عن وجهها الحقيقي، وعن أنها تستمد قوتها في الوطن العربي من خضوع بعض الحكام والأنظمة العربية لها، وأن لا شيء يهمها إلا بترول العرب وإن قتلت نصف الأمة العربية.

ولا يمكن لهذه القوات الأجنبية المتعددة الجنسيات أن تضرب العراق دون مساعدة بعض الدول العربية لها وإعطاء تسهيلات عسكرية وغير عسكرية.

وقد دعا الرئيس المصري حسني مبارك لعقد قمة عربية طارئة، فلماذا لم يتخذ الحكام قرارًا واحدًا للتصدي لهذه القوات الأجنبية الاستعمارية؟!

لو اتحد الحكام العرب ووقفوا وقفة رجل واحد أمام هذا الغزو الأجنبي، لاستطاعوا أن يحرروا المنطقة العربية والبترول العربي من السيطرة الأجنبية.

أليس مهينًا لنا جميعًا أن يكون البترول العربي دائمًا في خدمة الاستعمار، وليس في خدمة العرب؟!

لو توحدت كلمة العرب اليوم، فسوف يكون اليوم هو ولادة جديدة للدول والشعوب العربية المستقلة، وخروجها من قبضة الهيمنة الأجنبية الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

إن تمزق العرب خلال النصف الأخير من هذا القرن يرجع أساسًا إلى طمع هذه الدول الاستعمارية في بترول العرب، وخاصة بترول السعودية والكويت.

ألا يضيق الحكام العرب اليوم، وفي هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، ويوجهون ضربة قوية ضد هذا الغزو الاستعماري الأجنبي المتعدد الجنسيات، والذي أهاننا وأذلنا جميعًا على مدى السنين!

إن أية مساعدة من أية دولة عربية لهذه القوات الأجنبية، إنما هي ضربة كبرى للقضية العربية والوجود العربي لصالح الاستعمار.

إن الأزمة في الخليج العربي أزمة عربية ولا دخل للبلاد الأجنبية فيها، ويمكن أن يحلها العرب بأنفسهم دون حاجة إلى حماية أجنبية فهل تتوحد كلمة الحكام العرب أمام هذا الخطر الاستعماري الجديد؟

د. نوال السعداوي

•••

جمعية تضامن المرأة العربية
ذات وضع استشاري لدى
المجلس الاقتصادي الاجتماعي بالأمم المتحدة
١٨ يناير ١٩٩١م
بيان من جمعية تضامن المرأة العربية عن حرب الخليج

نحن عضوات وأعضاء تضامن المرأة العربية نناشد مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة وجميع الهيئات والقيادات السياسية والمنظمات الدولية والنسائية وغيرها في العالم أجمع، نناشدهم جميعًا أن يرفعوا صوتهم لإيقاف الحرب الدائرة في الخليج العربي، وأن تحل الصراعات في الشرق الأوسط بالطرق السلمية، والسياسية وليس عن طريق الحرب.

لقد أساءنا أن تفشل المفاوضات التي كانت قد بدأت لحل الصراع العراقي الكويتي، وكنا نتوقع أن تعطى هذه المفاوضات فرصة أطول من أجل بذل جهود مكثفة للوصول إلى حل سلمي، لكن الإسراع بإعلان الحرب، وحشد جيوش ٢٩ دولة ضد دولة واحدة (العراق)، وإلقاء هذا الكم الهائل من القنابل على بغداد في اليوم الأول للحرب، كل ذلك أفزعنا وأكد لنا أن قرار الحرب الذي أصدره جورج بوش رئيس الولايات المتحدة كان خاطئًا، وسوف تكون نتائجه فادحة على الشعوب العربية وعلى العالم أجمع، وأن الحرب تتسع وتزداد تعقيدًا، وهذا هو ما يحدث الآن، حيث إن أحدًا لا يستطيع أن يعرف إلى متى تستمر هذه الحرب الوحشية وكم يكون عدد ضحاياها من الأرواح البريئة، وكم يكون أثرها في المستقبل على الشعوب العربية وشعوب العالم في كل مكان.

لقد أساءنا أن تصدر الأمم المتحدة قرارها رقم ٦٧٨، والذي وافقت فيه على استخدام القوة ضد العراق لإجلائه عن الكويت، وكان يمكن للأمم المتحدة أن تبذل جهودًا أكثر من أجل استخدام الطرق السلمية خاصة وأنه قد سبق لدولة إسرائيل أن رفضت تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي أمرتها بالانسحاب من الأراضي العربية، ومع ذلك لم تصدر الأمم المتحدة ضد إسرائيل قرارًا باستخدام القوة كما فعلت مع دولة العراق.

فلماذا تميز الأمم المتحدة بين دولة ودولة؟! ولماذا هذه الازدواجية التي تجعل شعوب العالم تتشكك في مدى صلاحية الأمم المتحدة لأداء دورها المطلوب منها.

ولهذا فنحن نتضامن مع جميع الهيئات الدولية والعربية التي تنادي بإيقاف العرب فورًا، وأن تبدأ الأمم المتحدة في عقد مؤتمر دولي لعلاج جميع الصراعات في الشرق الأوسط، وأن تخضع هذه الصراعات جميعًا لمقياس واحد وأن ترعى فيه مصالح الشعوب العربية وليس مصالح الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى يمكن أن نبدأ فعلًا عصرًا دوليًّا جديدًا يبنى على العدالة والسلام وليس على الحرب والازدواجية والبطش بالدول والشعوب الصغيرة فيما يسمى العالم الثالث.

جمعية تضامن المرأة العربية
عنها
د. نوال السعداوي
رئيسة الجمعية

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤