إهداء
صديقي
أحمد صبري إبراهيم أغا
كنتَ متشددًا في أمور الدين، وكثيرًا ما كنتَ تعترض على منهجي في تجديد قراءة التراث، وتتوقع لما أكتب هزيمةً منكرة، لكنك رحلتَ قبل أن ترى المنهج يصبح مدرسة، ولو كنتَ حيًّا لفرحتَ من قلبك، فأنا أعرفُ الناس بك، أعرف كيف كنتَ تحب الله والزهور وأفلام الكارتون، والنبي وسيدي «أبو العباس» والروايات الكلاسيكية، أعرف كيف كنتَ تحب طينَ مصر وشمَّ النسيم ورياح الخماسين والحديقة اليابانية، والمتحف المصري وأمَّ كلثوم وصديقنا التشكيلي «توران» البوذي، كذلك «بيكار».
برحيلك أيها الإنسان رحل صديقي الطفل الرائع، الأبيض الناصع، الذي آمن بالله صدقًا فأحب الأرض والناس، وعاش من أجل الناس، طبق الأصل: مصري حقيقي ممن كنا نعرفهم أيام زمان.
كنتَ تكره منظر الدماء حتى لو كانت ذبحًا حلالًا، وتفرح من قلبك عندما ترى عاشقَين، وتحزن بعمق لخبر عن كارثة أصابت بشرًا على الشاطئ الآخر من بحر الظلمات، ثم كنتَ تُنصت بكل جوارحك لمحدثك رغم أنك كنتَ تخالفه حتى النخاع، ولم تردَّ على من لا يعلم إساءته؛ لأنك كنتَ أعلم بقيمة الإنسان.
أخي يا إنسان، اسمح لي أن أقترب منك بهذا الكتاب كتبتُ نصفه وأنا بمستشفى القلب بين الموت والحياة، أحاول به التماسَ الدفءِ بالتَّماس مع ذكراك حتى آتيك أنيسًا ورفيقًا.