تمهيد
عاش برتراند راسل حياة مديدة وحقق الكثير من الإنجازات، وهو من بين قلةٍ من الفلاسفة أصبحت أسماؤهم معروفة للعامة، وأصبحوا — في حياتهم وعملهم — تجسيدًا للتراث الفكري العظيم الذي يمثِّلونه. وقد قامت السمعة التي تمتَّع بها راسل بين معاصريه على تعدُّد إسهاماته — وكثيرًا ما كانت تلك الإسهامات خلافية للغاية — في النقاشات الاجتماعية والأخلاقية والسياسية والتعليمية. ولكن سبب تمتُّعه بشهرةٍ باقية يَستنِد على إسهاماته الفنية المدهشة في مجالَي المنطق والفلسفة. وفيما يلي سأقدِّم عرضًا لما أنجزه من عملٍ في كلا المجالين على مدى حياته. والهدف من ذلك العرض هو تقديم سردٍ واضح لهذين المجالين حسبما تسمح به ضرورة الإيجاز. ولمَّا لم يكن هذا مقام التقييم المُفصَّل للمناقشات الفلسفية، ولا مقام التفاصيل الفنية المتعلقة بالمنطق الرياضي، فإني أخصِّص معظم المساحة للعرض؛ وإن كنت سأُجازف بتقديم شيءٍ من المناقشة كذلك. ويمكن الاستزادة من موضوعات المناقشة بالرجوع إلى المؤلفات المذكورة في قسم القراءات الإضافية، وهو القسم الذي يرشد كلَّ من قد يودُّ التبَحُّر في موضوعٍ ما بعد أن يتعرف على نبذة سريعة عنه في هذا الكتاب. ومع ذلك يتسنَّى للقراء غير المهتمين على وجه الخصوص بنطاقات المنطق والفلسفة المتخصصة أن يغفلوا الفصلين الثاني والثالث، ويمكنهم أن يركزوا بدلًا من ذلك على سيرة حياة راسل وإسهاماته في المناقشات العامة، كما يَرِدُ في الفصلين الأول والرابع.
أشكر كيث توماس ومصحح البروفات المطبعية لدى مطبعة جامعة أكسفورد الدقيق الملاحظة لِمَا قدَّماه من تعليقات، وكين بلاكويل لمساعدته الفورية وما قدَّمه من مستندات من مؤسسة سجلات راسل، وأليكس أورينشتاين وراي مونك لِمَا شاركا به من مناقشات ذات صلة. والشكر موصول أيضًا للينا موخي لِمَا بذلته من جهد في الفهرس.
إهداء إلى سو: «أمرتني ربة الشعر أن أمتدح صوت خليلتك ليسيمنيا العذب.»