مُتيَّم بكِ
نظر جيريمي إلى أرابيلا على الجهة المقابلة من الطاولة وهو ما زال لا يُصدق أنها وافقت على أن تكون زوجته. كان أسعد رجال العالم حظًّا.
عندما ظهر النادل بجانبه، كانت تبتسِم له تلك الابتسامة الخجولة الساحرة التي فتَنَته عندما الْتَقيا لأول مرَّة. قال جيريمي: «سأشرب إسبريسو، وخطيبتي — لا يزال وَقْع الكلمة غريبًا عليه — ستشرب شراب النعناع.»
«حسنًا يا سيدي.»
حاول جيريمي أن يمنع نَفْسه من النظر في أنحاء القاعة المليئة بأناسٍ «مرتاحين كأنهم في منازلهم» يعرفون بالضبط أين هم، وما يُتوقَّع منهم أن يفعلوا، بينما هو لم يَزُر فندق «ريتز» من قبل قَط. وقد بات واضحًا من التحيات والقُبلات التي أرسلها الزبائن الذين أخذوا يدخلون القاعة الصباحية ويخرجون منها أن أرابيلا تعرف الجميع، بدايةً من رئيس النُّدُل إلى العديد من أفراد «الشِّلَّة»، كما كانت تُشير إليهم في أغلب الأحيان. استرخى جيريمي في جلسته وحاول أن يُهدِّئ من توتره.
كانا قد الْتَقيا لأول مرَّة في مضمار خيل «أسكوت». كانت أرابيلا داخل الحيِّز الخاص بالعائلة الملكية تتطلَّع خارجها، بينما كان جيريمي خارجها، يُرسِل نظرَه إلى الداخل؛ هكذا كان يعتقد أن الأمور ستظل دائمًا، حتى ابتسمت له تلك الابتسامة الساحرة وهي تخرج من الحيِّز بخطواتٍ وئيدة، وهمست له عندما مرَّت بجانبه: «فلتراهن وكلك ثقة على ترامبتر.» ثم اختفت متجهةً نحو المقصورات الخاصة.
عمل جيريمي بنصيحتها، وراهنَ بعشرين جنيهًا على ترامبتر — ضِعف رهانه المعتاد — قبل العودة إلى المدرجات لرؤية الحصان يكسب السباق بسهولةٍ ويفوز هو بأضعاف ما راهنَ به. فعاد مسرعًا إلى الحيِّز الملكي لشكرها، وأملًا، في الوقت نفسه، في أن تُعطيه نصيحة أخرى للسباق التالي، لكنه لم يجِدها في أي مكان. شعر بخيبة أمل، لكنه مع ذلك راهنَ بخمسين جنيهًا من أرباحه على حصان تنبَّأ بفوزه خبير سباق الخيل في «ديلي إكسبريس». لكن اتضح أنه كان حصانًا عجوزًا سيُوصف في صحيفة اليوم التالي بأنه كان «من المُتخلفين في السباق».
عاد جيريمي إلى الحيز الملكي للمرة الثالثة على أمَل رؤيتها مرة أخرى. وبحث في حلبة الخيل التي امتلأت برجالٍ أنيقين يرتدون بدلات صباحية وقد عُلِّقت على صدر ستراتهم شارات صغيرة خاصة بالحيِّز الملكي، ويبدون كلهم مُتشابهين تمامًا. كان برفقتهم زوجاتهم وصديقاتهم اللواتي تزينَّ بفساتين من ماركات شهيرة وقبعات غريبة، وقد بذلنَ جهدهن كَيْلا يبدون مثل أي واحدة أخرى. ثم لمحها، وهي تقف بجانب رجلٍ طويل القامة ذي مظهر أرستقراطي، ينحني ويستمع باهتمام إلى فارس يرتدي زيًّا حريريًّا مُخطَّطًا أفقيًّا بالأحمر والأصفر. لم تبدُ مهتمةً بمحادثتهما وشرعت تنظر حولها. استقرَّت عيناها على جيريمي وحظِيَ بنفس تلك الابتسامة الودودة مرة أخرى. همست شيئًا للرجل الطويل، ثم عبرت الحيِّز لتنضمَّ إليه عند السياج.
وقالت له: «أتمنَّى أن تكون قد اتبعتَ نصيحتي.»
قال جيريمي: «بالطبع. ولكن كيف لكِ أن تكوني متأكدة لهذه الدرجة؟»
«إنه حصان والدي.»
«هل أراهن على حصان والدكِ في السباق القادم؟»
«بالتأكيد لا. لا ينبغي أبدًا أن تراهن على أي شيءٍ إلا إذا كنت على يقينٍ منه. هل ربحتَ ما يكفي لتصحبني لتناول العشاء الليلة، على ما أرجو؟»
لم يردَّ جيريمي على الفور، لكنَّ ذلك فقط لأنه لم يستطع أن يُصدِّق أن ما سمعه صحيح. وفي النهاية، قال متلعثمًا: «أين تودِّين الذهاب؟»
«مطعم «ذا آيفي»، الساعة الثامنة. بالمناسبة، اسمي أرابيلا ووريك.» دون أن تقول كلمةً أخرى، تولَّت عنه مسرعةً وعادت لتنضمَّ إلى رفقتها.
تعجَّب جيريمي أن أرابيلا عطفت عليه بنظرة أخرى، ناهيك عن اقتراحها أن يتناولا العشاء معًا ذلك المساء. توقَّع ألا يُسفر ذلك عن شيء، لكن بما أنها كانت قد دفعت مسبقًا ثمن العشاء، فليس لديه شيء ليخسَره.
وصلت أرابيلا بعد بضع دقائق من الساعة المحددة، وعندما دخلت المطعم، تابعتها عيون العديد من الرجال وهي تتوجَّه إلى طاولة جيريمي. كانوا قد أخبروه أن المطعم محجوز بالكامل حتى ذكر لهم اسمها. نهض جيريمي من مكانه قبل أن تصل إليه بوقتٍ طويل. وجلست في المقعد المقابل له بينما ظهر النادل بجانبها.
«المعتاد يا سيدتي؟»
أومأت برأسها إيجابًا، لكنها لم ترفع عينَيها عن جيريمي.
مع وصول شراب البيلليني الخاص بها، كان جيريمي قد بدأ يسترخي قليلًا. وهي كانت تستمع باهتمامٍ إلى كل ما يقوله، وتضحك على نكاته، بل إنها بدَت مهتمةً حتى بعمله في البنك. حسنًا، الحقُّ أنه بالغَ قليلًا في وصف منصبه وحجم الصفقات التي كان يعمل عليها.
بعد العشاء، الذي كان أغلى قليلًا مما كان يتوقع، أقَلَّها إلى منزلها في شارع بافيليون، واندهش عندما دعَتْه لتناول القهوة، واندهش أكثر عندما انتهى بهما الأمر في الفراش.
لم يكُن جيريمي قد مارس الحُب مع امرأة في أول موعد من قبلُ قَط. ما كان منه إلا أن افترض أن هذا ما تفعله «الشلة»، وعندما غادر منزلها في الصباح التالي، لم يتوقع بالتأكيد أن تتَّصل به مرَّة أخرى على الإطلاق. لكنها هاتفته في عصر ذلك اليوم ودَعَته لتناول العشاء في منزلها. ومنذ تلك اللحظة، لم يقضِ أحدهما يومًا بعيدًا عن الآخَر خلال الشهر التالي.
أكثر ما أسعد جيريمي هو أنه لم يبدُ أن أرابيلا تُبالي بأنه لا يستطيع اصطحابها إلى الأماكن التي اعتادت عليها، وكانت تبدو راضية تمامًا بتقاسُم وجبة صينية أو هندية حين يخرجان معًا لتناول العشاء، وكانت غالبًا ما تُصِرُّ على أن يتقاسما الفاتورة. لكنه لم يعتقد أن علاقتهما ستستمر، حتى قالت له ذات ليلة: «أنت تُدرك أنني أحبك، أليس كذلك يا جيريمي؟»
لم يكُن جيريمي قد أعرب عن مشاعره الحقيقية تجاه أرابيلا من قبل. كان يعتقد أن علاقتهما لا تعدو ما يمكن أن تصفه شلتها بأنه علاقة عابرة. ولا يعني ذلك أنها قدَّمَته لأي شخصٍ من شلتها من قبلُ. وعندما جثا على ركبته وطلب منها الزواج على أرضية ساحة الرقص في نادي «أنابيلز»، لم يستطع أن يُصدِّق حين وافقت.
قال، محاولًا ألا يُفكر في الحالة المتدهورة لحسابه البنكي، الذي زاد تدهورًا منذ أن الْتَقى بأرابيلا: «سأشتري خاتمًا غدًا.»
فقالت له: «لماذا تتعب نفسك وتشتري واحدًا، إذا كان بإمكانك سرقة أفضل خاتم على الإطلاق؟»
ضحك جيريمي بملء فيه، لكن سرعان ما صار واضحًا أن أرابيلا لم تكُن تمزح. كانت تلك هي اللحظة التي كان ينبغي أن يغادر فيها، لكنه أدرك أنه لا يستطيع إذا كان سيترتَّب على ذلك أن يخسرها. كان يعلم أنه يريد قضاء بقية حياته مع هذه المرأة الجميلة الساحرة، وإذا كان المقابل هو سرقة الخاتم، فقد بَدَا ثمنًا زهيدًا.
سألها، وهو لا يزال غير متأكد تمامًا إن كانت جادة: «ما هو النوع الذي سوف أسرقه؟»
أجابته: «النوع الثمين. في الواقع، لقد اخترت ما أريد بالفعل.» أعطته كتالوج مجوهرات «دي بيرز». وقالت: «الصفحة الثالثة والأربعون. إنها تُسمَّى ألماسة كانديس.»
سألها جيريمي، وهو يتأمَّل صورة الألماسة الصفراء الفريدة: «لكن هل تدبَّرتِ كيف سأسرقه؟»
قالت: «أوه، هذا هو الجزء السهل يا عزيزي. كل ما عليك فعله هو اتباع تعليماتي.»
لم ينطق جيريمي بكلمةٍ حتى انتهت من شرح خطتها.
هكذا كان قد انتهى به الحال في فندق «ريتز» في ذلك الصباح، يرتدي بدلته الوحيدة المُفصلة له خِصِّيصَى، وزوجًا من أزرار الأكمام ماركة لينكس، وساعة يد كارتييه موديل تانك، وربطة عنق خريجي جامعة «إيتون» العريقة، وكلها أشياء تعود إلى والد أرابيلا.
قالت أرابيلا: «لا بد أن أعيد كل شيءٍ الليلة، وإلا اكتشف أبي غيابها وبدأ يسأل عنها.»
قال جيريمي الذي كان مُستمتعًا بالتعرف على مظاهر ترف الأغنياء، حتى لو كانت معرفة عابرة: «مؤكد.»
عاد النادل، يحمل صينيةً فضية. لم يتحدث أيٌّ منهما عندما وضع كوبًا من شراب النعناع الساخن أمام أرابيلا وإبريق قهوة على جانب جيريمي من الطاولة.
«هل تود شيئًا آخَر يا سيدي؟»
قال جيريمي بثقةٍ اكتسبها خلال الشهر الماضي: «لا، شكرًا.»
سألته أرابيلا، ورُكبتها تمس الجانب الداخلي من ساقه وهي تبتسِم مرة أخرى نفس الابتسامة التي أسَرَته في «أسكوت»: «هل تعتقد أنك جاهز؟»
قال جيريمي، محاولًا أن يبدو مُقنِعًا: «أنا جاهز.»
«حسنًا. سأنتظر هنا حتى تعود يا عزيزي.» ابتسمَتْ له تلك الابتسامة نفسها. «أنت تعرف مدى ما يعنيه هذا الأمر لي.»
أومأ جيريمي برأسه، ثم نهض من مكانه، وخرج من القاعة الصباحية دون أن يقول كلمةً أخرى، وعَبَر الردهة، ومرَّ من خلال الأبواب الدوَّارة، ثم خرج إلى شارع بيكاديللي. وضع قطعة علكة في فمه، على أمل أن تُساعده حتى يهدأ. كانت أرابيلا لتستنكر ذلك، ولكن في هذه المناسبة كانت هي مَن أوصته بها. وقف على الرصيف متوترًا في انتظار انقطاع تيار السيارات، ثم عَبَر الطريق سريعًا، وتوقف أمام «دي بيرز»، أكبر تاجر ألماس في العالم. كانت هذه فرصته الأخيرة للتراجع. كان يعلم أنه يجب أن يستغلها، لكن مجرد التفكير في أرابيلا جعل ذلك مستحيلًا.
ضغط على جرس الباب، مما جعله يدرك أن يدَيه متعرِّقتان. كانت أرابيلا قد حذَّرَته من أنه لا يمكنه الدخول إلى متجر «دي بيرز» كما لو كان سوبر ماركت، وأنهم إذا لم يُعجبهم شكله، فلن يفتحوا له الباب من الأساس. لهذا السبب أقبل لأول مرة على تفصيل بدلةٍ واشترى قميصًا جديدًا من الحرير، وكان يرتدي ساعة والد أرابيلا، وأزرار أكمامه وربطة عنق خريجي «إيتون» الخاصة به. كانت أرابيلا قد قالت له: «ستكون ربطة العنق كفيلة بأن يُفتح الباب فورًا، وبمجرد أن يلاحظوا الساعة وأزرار الأكمام، سيدعونك إلى الصالون الخاص، لأنهم سيكونون مُقتنِعين حينئذٍ أنك واحد من الأشخاص النادرين القادرين على شراء سلعهم.»
اتضح أن أرابيلا كانت على حق، لأنه عندما ظهر الحاجب، ألقى نظرة واحدة على جيريمي وفتح الباب على الفور.
«صباح الخير يا سيدي. كيف يُمكنني مساعدتك؟»
«أود شراء خاتم خطوبة.»
«بالطبع يا سيدي. تفضل بالدخول.»
تبع جيريمي الرجل عَبْر ردهة طويلة، وهو يُلقي نظرة على الصور الفوتوغرافية المعلقة على الجدران تُصوِّر تاريخ الشركة منذ تأسيسها في عام ١٨٨٨. بمجرد أن وصلا إلى نهاية الردهة، اختفى الحاجب، ليحل محله رجل في منتصف العمر، طويل القامة، يرتدي بدلةً داكنة متقنة التفصيل، وقميصًا حريريًّا أبيض، وربطة عنق سوداء.
قال الرجل بانحناءة بسيطة: «صباح الخير يا سيدي.» وأضاف قبل أن يدعو جيريمي إلى مكانه الخاص: «اسمي كرومبي.» دخل جيريمي غرفة صغيرة مضاءة جيدًا. كان هناك في الوسط طاولة بيضاوية مُغطاة بقماش مخملي أسود، وعلى جانبَيها مقاعد جلدية تبدو مريحة. انتظر المساعد حتى جلس جيريمي قبل أن يجلس في المقعد المقابل له.
سأل كرومبي باهتمام: «هل تودُّ بعض القهوة يا سيدي؟»
قال جيريمي، الذي لم يرغب في تأخير الإجراءات أكثر من اللازم، مخافة أن يفقد شجاعته: «لا، شكرًا.»
سأله كرومبي، كما لو كان جيريمي زبونًا دائمًا: «كيف يُمكنني مساعدتك اليوم يا سيدي؟»
«لقد خطبت للتو …»
«تهانينا الحارة يا سيدي.»
قال جيريمي وقد خفَّ توتره قليلًا: «أشكرك.» ثم أضاف وهو ما زال متمسكًا بالنص الذي كتبَتْه له: «أبحث عن خاتم، شيء مميز بعض الشيء.»
قال كرومبي: «لقد جئتَ بالتأكيد إلى المكان الصحيح يا سيدي» وضغط على زر تحت الطاولة.
انفتح الباب على الفور، ودخل رجل يرتدي بدلةً داكنة مطابقة، وقميصًا أبيض، وربطة عنقٍ داكنة.
«يود السيد رؤية بعض خواتم الخطوبة يا بارتريدج.»
فأجابه العامل: «بكل سرور يا سيد كرومبي» واختفى بسرعة كما جاء.
قال كرومبي بينما كان ينتظر عودة العامل: «الطقس جيد بالنسبة لهذا الوقت من السنة.»
قال جيريمي: «لا بأس به.»
«لا شك أنك ستذهب إلى ويمبلدون يا سيدي.»
قال جيريمي: «نعم، لدينا تذاكر لمباريات قبل نهائي السيدات» شاعرًا بالرضا عن نفسه؛ إذ تذكَّر أنه انحرف عن النص.
بعد لحظة، انفتح الباب وظهر العامل مرة أخرى حاملًا صندوقًا كبيرًا من البلوط وضعه بتوقير وسط الطاولة قبل أن يُغادر دون أن ينطق بكلمة. انتظر كرومبي حتى أغلق الباب قبل أن يختار مفتاحًا صغيرًا من سلسلة مفاتيح كانت معلَّقة في حزام سرواله، ثم فتح الصندوق ورفع الغطاء ببطءٍ ليكشف عن ثلاثة صفوف من الأحجار المتنوعة التي سلبت جيريمي أنفاسه. لا شك أنها ليست من نوعية الأشياء التي اعتاد رؤيتها في نافذة متجر مجوهرات «إتش صامويل» في منطقته.
مرَّت بضع لحظات قبل أن يفيق تمامًا من انبهاره، ثم تذكر أرابيلا وهي تقول له إنه سيعرض عليه مجموعةً واسعة من الأحجار بحيث يستطيع البائع تقدير ميزانيته دون الحاجة إلى سؤاله مباشرةً.
تأمل جيريمي محتويات الصندوق بعناية، وبعد أن فكر بعض الشيء اختار خاتمًا من الصف السُّفلي مُرصعًا بثلاثة أحجار زمرد صغيرة مثالية الشكل تألقت على حلقة ذهبية.
قال جيريمي وهو يتأمَّل الأحجار بمزيدٍ من الإمعان: «بديع جدًّا. ما سعر هذا الخاتم؟»
قال كرومبي، كأنه مبلغ ليس ذا قيمة: «مائة وأربعة وعشرون ألفًا يا سيدي.»
أعاد جيريمي الخاتم في الصندوق، ووجَّه انتباهه إلى الصف الذي فوقه. هذه المرة اختار خاتمًا به دائرة من الياقوت على حلقة من الذهب الأبيض. أخرجه من الصندوق وتظاهر بتفحُّصه بشكلٍ أدق قبل أن يسأل عن السعر.
أجاب نفس الصوت المُتزلف، مصحوبًا بابتسامةٍ توحي بأن العميل يتَّجِه في الاتجاه الصحيح: «مائتان وتسعة وستون ألف جنيه.»
أعاد جيريمي الخاتم مكانه وحول انتباهه إلى ألماسةٍ كبيرة كانت وحدها في الصف العلوي، بما لم يترك مجالًا للشك في تميُّزها. أخرجها وكما فعل مع الأخريات، تفحَّصها عن كثَب. وقال رافعًا حاجبه: «وهذا الحجر رائع. هل يُمكنك أن تُخبرني قليلًا عن أصله؟»
قال كرومبي: «بالتأكيد يا سيدي. إنها ألماسة صفراء مثالية، بوزن ١٨٫٤ قيراطًا، مربعة الشكل، استُخرجت مؤخرًا من منجمِنا في رودس. وقد صدَّق المعهد الأمريكي للأحجار الكريمة على أنها ألماسة صفراء زاهية فاخرة، وقد قطَّعَها من الحجر الأصلي أحدُ حِرفيِّينا الماهرين في أمستردام. والحجر مُثبت على حلقة من البلاتين. أؤكد لك يا سيدي أنها ألماسة فريدة من نوعها، وبالتالي فإنها تليق بسيدة فريدة من نوعها.»
شعر جيريمي بأن السيد كرومبي ربما قد ألقى هذه الجملة من قبل. وقال: «لا شك أن لها سعرًا فريدًا يناسبها.» أعاد الخاتم إلى كرومبي، الذي وضعه مرة أخرى في الصندوق.
قال بصوت خافت: «ثمانمائة وأربعة وخمسون ألف جنيه إسترليني.»
سأله جيريمي: «هل لديك عدسة مكبرة؟ أودُّ أن أفحص الحجر بشكلٍ أدق.» كانت أرابيلا قد علَّمَته الكلمة التي يستخدمها تجار الألماس عند الإشارة إلى العدسة المكبرة الصغيرة، مؤكدة له أن ذلك سيجعله يبدو كما لو كان يتردَّد على هذه المنشآت بانتظام.
قال كرومبي: «نعم، بالطبع يا سيدي» وفتح درجًا على جانبه من الطاولة واستخرج عدسة مكبرة صغيرة ذات إطارٍ من صدف السلحفاة. عندما رفع بصره مرة أخرى، لم يكُن هناك أي أثر لألماسة كانديس، لا شيء سوى مكان فارغ في الصف العلوي من الصندوق.
سأله، محاولًا ألا يبدو عليه القلق: «هل ما زال الخاتم معك؟»
قال جيريمي: «لا. أعدته لك للتو.»
دون أن ينبس بكلمة أخرى، أغلق المساعد الصندوق وضغط على الزر أسفل ناحيته من الطاولة. لكنه هذه المرة لم يتسلَّ بالدردشة معه بينما كان ينتظر. بعد لحظة، دخل الغرفة رجلان ضخمان، بأنوف مسطحة، بدَوَا أهلًا لأن يكونا في حلبة ملاكمة أكثر من عامِلَين في متجر «دي بيرز». بقِي أحدهما بجانب الباب بينما وقف الآخَر على بُعد بضع بوصات خلف جيريمي.
قال كرومبي بنبرة حازمة، خلت من الانفعال والمشاعر: «أرجو أن تتفضل بإعادة الخاتم.»
قال جيريمي محاولًا أن يبدو عليه الشعور بالإهانة: «لم يسبق أن أهانني أحدٌ بهذا الشكل من قبل.»
«سأقول هذا مرة واحدة فقط يا سيدي. إذا أعدتَ الخاتم، فلن نُوجِّه لك تهمة، ولكن إذا لم تفعل …»
قال جيريمي، وهو ينهض من مقعده: «وأنا سأقول هذا مرة واحدة فقط. آخِر مرَّة رأيتُ فيها الخاتم كانت عندما أعدته إليك.»
استدار جيريمي ليرحل، لكن الرجل الذي كان خلفه وضع يده بقوة على كتفه ودفعه مرة أخرى إلى الكرسي. كانت أرابيلا قد وعدته بأنه لن يكون هناك أي تصرفاتٍ عنيفة ما دام سيتعاون ويفعل بالضبط ما يقولون له. بقي جيريمي جالسًا، دون أن يُحرك ساكنًا. نهض كرومبي من مكانه وقال: «اتبعني، رجاءً.»
فتح أحد الرجُلَين الضخام الجثة الباب واقتاد جيريمي لخارج الحجرة، بينما بقي الآخر وراءه بخطوة. في نهاية الممر، توقفوا أمام باب مكتوب عليه «سري». فتح الحارس الأول الباب ودخلوا غرفة أخرى بها هي أيضًا طاولة واحدة فقط، لكنها هذه المرة لم تكن مُغطاة بقماش مخملي. خلفها كان يجلس رجل بدا كأنه كان ينتظرهم. لم يدعُ جيريمي للجلوس، حيث لم يكُن هناك كرسي آخَر في الغرفة.
قال الرجل دون أن يبدو على وجهه تعبير: «اسمي جرينجر. إنني رئيس الأمن في «دي بيرز» منذ ١٤ عامًا، وقبل ذلك كنتُ مفتش مباحث في شرطة العاصمة. أؤكد لك أنه ليس هناك شيء لم أرَه، ولا قصة لم أسمعها من قبلُ. لذا لا تتصوَّر ولو للحظةٍ واحدة أنك ستُفلت بفعلتك، أيها الشاب.»
تأمل جيريمي كيف انتقلوا سريعًا لمخاطبته بلفظة الشاب المُهينة بعد أن كانوا يتملَّقونه بمخاطبته بالسيد.
أمسك جرينجر عن الكلام ليُعطيه الفرصة حتى يستوعب كلماته. «عليَّ أولًا أن أسألك إذا كنت مستعدًّا للتعاون معي في تحقيقاتي، أو إذا كنتَ تفضل أن نستدعي الشرطة، وفي هذه الحالة سيكون لك الحق في إحضار محامٍ.»
قال جيريمي بأنَفَة: «ليس لديَّ شيء لأُخفيه، وبالتالي فإنني مُستعد للتعاون بالطبع.» ليعود بذلك إلى النص.
قال جرينجر: «في هذه الحالة، سأرجوك أن تتفضل بخلع حذائك وسُترتك وسروالك.»
قذف جيريمي حذاءه من قدمه، فالْتَقطه جرينجر ووضعه على الطاولة. ثم خلع سترته وأعطاها لجرينجر كما لو كان خادمه. بعد أن خلع سرواله، ظلَّ واقفًا مكانه، يحاول أن يبدو مستاءً مما يلقاه من معاملة.
أمضى جرينجر وقتًا طويلًا في إخراج كل جيوب بدلة جيريمي، ثم فحص البطانة والثنيات. ولمَّا لم يعثر على أي شيء غير منديل — فلم يكُن هناك محفظة، ولا بطاقة ائتمان، ولا أي شيء يمكن أن يُحدد هوية الشخص المُشتبه فيه، مما جعله أكثر تشكُّكًا — وضع جرينجر البدلة على الطاولة مرة أخرى. ثم قال: «ربطة عنقك؟» وهو لا يزال يبدو عليه الهدوء.
فك جيريمي العقدة، ونزع ربطة عنق خريجي «إيتون» ووضعها على الطاولة. مرَّ جرينجر براحة يدِه اليُمنى على الخطوط الزرقاء، لكن مرَّة أخرى، دون أن يجد شيئًا. «قميصك.» فك جيريمي الأزرار ببطء، ثم ناوله قميصه. وظلَّ هو واقفًا يرتجِف لا يستُره سوى سرواله الداخلي وجواربه.
بينما كان جرينجر يُفتش القميص، لاحت لأول مرة بادرة ابتسامة على وجهه المليء بالتجاعيد عندما لمس الياقة. أخرج جرينجر دعامتَي الياقة الفضيتَين ماركة تيفاني. أدرك جيريمي أنها كانت حركة لطيفة من أرابيلا، في حين وضع جرينجر دعامتَي الياقة على الطاولة، غير قادر على إخفاء خيبة أملِه. أعاد القميص إلى جيريمي، الذي وضع دعامتَي الياقة في مكانهما قبل أن يرتدي قميصه وربطة عنقه مرة أخرى.
«اخلع سروالك الداخلي، إذا سمحت.»
خلع جيريمي سرواله الداخلي وناوله إياه. تفتيش آخر كان يعلم أنه لن يُفضي لأي شيء. أعاد جرينجر السروال الداخلي وانتظر حتى ارتداه جيريمي قبل أن يقول: «وأخيرًا، فلتخلع جوربيك.»
خلع جيريمي جوربَيه ووضعهما على الطاولة. بدا جرينجر حينذاك أقل ثقةً بنفسه، لكنه جعل يفحصهما بعناية رغم ذلك قبل أن يلتفت إلى حذاء جيريمي. أمضى بعض الوقت يخبط الحذاء ويشده، بل وحاول حتى أن يُمزقه، لكنه لم يجد شيئًا. ومما أدهش جيريمي، أنه طلب منه مرة أخرى أن يخلع قميصه وربطة عنقه. وبعد أن فعل ذلك، جاء جرينجر من خلف الطاولة، ووقف أمامه مباشرةً. رفع كلتا يدَيه، فظن جيريمي للحظة أن الرجل كان سيضربه. لكنه بدلًا من ذلك، تخلل بأصابعه شعر جيريمي ونكشه كما كان والده يفعل عندما كان طفلًا، لكنه لم يجنِ من ذلك سوى أن تلطَّخَت أظافره بزيت الشعر وعلق بها بعض الشعرات.
صاح به قائلًا: «ارفع ذراعَيك.» رفع جيريمي ذراعَيه عاليًا في الهواء، لكن جرينجر لم يجد شيئًا تحت إبطَيه. ثم وقف خلف جيريمي. وأمَرَه قائلًا: «ارفع ساقًا واحدة.» رفع جيريمي ساقه اليمنى. لم يكُن هناك شيء مُثبت تحت الكعب، ولا شيء بين الأصابع. قال جرينجر: «الساق الأخرى» لكنه حصل على نفس النتيجة. جاء من خلفه ليواجهه مرة أخرى. وقال له: «افتح فمك.» فتح جيريمي فمه على آخِره كما لو كان في عيادة طبيب الأسنان. سلَّط جرينجر مصباحًا بحجم القلم في تجاويف فمه، لكنه لم يجد ضرسًا ذهبيًّا حتى. لم يستطع أن يُداري اضطرابه وهو يطلب من جيريمي أن يُرافقه إلى الغرفة المجاورة.
«هل يمكنني ارتداء ملابسي مرة أخرى؟»
فجاءه الرد فوريًّا: «لا، لا يمكنك ذلك.»
تبعه جيريمي إلى الغرفة المجاورة، متوجِّسًا بشأن ما يُخبئونه له من صنوف التعذيب. كان هناك رجل يرتدي معطفًا أبيض طويلًا يقف بانتظاره بجانب ما يُشبه سريرًا للتعرُّض للشمس. قال الرجل: «هلا تفضَّلتَ بالاستلقاء حتى أتمكن من تصويرك بالأشعة السينية؟»
قال جيريمي: «بكل سرور» وصعد على السرير. بعد لحظات، جاء صوت طقطقة، وجعل الرجلان يدقِّقان في النتائج الظاهرة على الشاشة. كان جيريمي يعلم أنها لن تكشف عن أي شيء. فلم يكُن ابتلاع ألماسة كانديس جزءًا من خطتهما.
قال الرجل ذو المعطف الأبيض بطريقة مهذبة: «أشكرك» وأضاف جرينجر بتردد: «يمكنك ارتداء ملابسك الآن.»
بمجرَّد أن ارتدى جيريمي ربطة عنقه الجديدة، تبع جرينجر إلى غرفة التحقيق، حيث كان كرومبي والحارسان ينتظرونهما.
قال جيريمي بحزم: «أود المغادرة الآن.»
أومأ جرينجر، وكان واضحًا أنه يأبى أن يتركه يذهب، لكنه لم يعُد لديه أي عُذر لاحتجازه. الْتَفت جيريمي ليُواجه كرومبي، ونظر في عينَيه مباشرةً وقال: «سيُحدثكم محاميَّ.» خُيِّل له أنه رآه متجهمًا. كان السيناريو الذي وضعته أرابيلا لا تشوبه شائبة.
رافقه الحارسان ذوا الأنفَين الأفطسَين حتى خرج من المبنى، وقد بدا على وجهَيهما خيبة الأمل لأنه لم يُحاول الهروب. عندما خرج جيريمي مرَّة أخرى إلى رصيف بيكاديللي المزدحم، أخذ نفَسًا عميقًا وانتظر حتى عاد نبض قلبه لمعدلٍ شِبه طبيعي قبل عبور الطريق. ثم تمشَّى بثقة عائدًا إلى فندق «ريتز» وجلس مقابل أرابيلا.
قالت كما لو كان قد ذهب إلى دورة المياه فحسب: «لقد بردت قهوتك يا عزيزي. ربما يُستحسَن أن تطلب واحدةً أخرى.»
قال جيريمي عندما ظهر النادل بجانبه: «نفس الطلب مرَّة أخرى.»
همست أرابيلا بمجرد أن ابتعد النادل بحيث لا يستطيع سماعهما: «هل صادفَتْك أي مشاكل؟»
قال جيريمي وقد شعر فجأةً بالذنب، ولكنه في الوقت نفسه كان مبتهجًا: «لا. لقد سار كل شيءٍ وفقًا للخطة.»
قالت أرابيلا: «حسنًا. الآن حان دوري.» نهضت من مقعدها وقالت: «من الأفضل أن تُعطيني الساعة وأزرار الأكمام. عليَّ أن أعيدها لغرفة أبي قبل أن نلتقي هذا المساء.»
خلع جيريمي الساعة بتردُّد، ونزع أزرار الأكمام وأعطاها لأرابيلا. ثم همس قائلًا: «ماذا عن ربطة العنق؟»
قالت: «من الأفضل عدم خلعها هنا.» انحنَت نحوه وقبَّلَته قُبلة رقيقة على شفتَيه. « سأمرُّ عليك في منزلك حوالي الساعة الثامنة، ويمكنك أن تُعيدها لي عندئذٍ.» رمَتْه بتلك الابتسامة مرَّة أخيرة قبل أن تغادر القاعة الصباحية.
بعد لحظات، كانت أرابيلا تقف خارج «دي بيرز». وقد فتحوا لها الباب على الفور: إذ كان ما تزيَّنَت به من قلادة من «فان كليف أند آربلز»، وحقيبة من «بالنسياجا»، وساعة من «شانيل» تشير كلها إلى أن هذه السيدة ليست معتادة على الانتظار.
قالت بحياء قبل أن تدخل: «أريد الاطلاع على بعض خواتم الخطوبة.»
قال الحاجب: «على الرحب والسعة يا سيدتي» وقادها إلى آخِر الممر.
خلال الساعة التالية، أقدمت أرابيلا على نفس الخطوات التي أقدم عليها جيريمي تقريبًا، وبعد الكثير من المراوغة قالت للسيد كرومبي: «إنني محتارة، محتارة تمامًا. سأضطر لإحضار آرتشي. فهو مَن سيدفع الفاتورة، على كل حال.»
«بالطبع، يا سيدتي.»
أردفت: «سأقابله لتناول الغداء في «لو كابريس»، لذا سنعود إليكم بعد الظهر.»
قال موظف المبيعات وهو يغلق صندوق المجوهرات: «سنتطلَّع إلى رؤيتكما في ذلك الحين.»
قالت أرابيلا وهي تنهض للرحيل: «شكرًا يا سيد كرومبي.»
رافق موظف المبيعات أرابيلا إلى الباب الأمامي دون أي إشارة إلى أنها يجب أن تخلع ملابسها. بمجرد عودتها إلى بيكاديللي، أوقفت سيارة أجرة وأعطت السائق عنوانًا في ميدان لاوندز. نظرت إلى ساعتها، وهي واثقة أنها ستعود إلى الشقة قبل والدها بوقتٍ طويل، وأنه لن يكتشف أبدًا أن ساعته وأزرار أكمامه قد استُعيرت لبضع ساعات، وأنه بالتأكيد لن يلحظ غياب إحدى ربطات عنقه القديمة.
بينما كانت جالسة في المقعد الخلفي من سيارة الأجرة، راحت أرابيلا تنظر بإعجاب للألماسة الصفراء البديعة. كان جيريمي قد نفذ تعليماتها بحذافيرها. سيكون عليها بالطبع أن تشرح لأصدقائها لماذا أنهت الخطوبة. الحق أنه لم يكُن واحدًا من شلتنا، ومن ثَم لم ينسجم بيننا حقًّا. لكن كان لا بد أن تُقر بأنها ستفتقده كثيرًا. فقد ازداد ولَعُها بجيريمي، كما أنه كان مُتقد العواطف. إنه لَمؤسف أن كل ما سيتحصل عليه من ذلك هو زوج فضي من دعامات الياقة وربطة عنق قديمة لخريجي جامعة «إيتون». تمنَّت أرابيلا أن يكون لديه مال كافٍ لسداد الفاتورة في فندق «ريتز».
نحَّت أرابيلا جيريمي عن أفكارها وركزت انتباهها على الرجل الذي اختارته للانضمام إليها في ويمبلدون، الذي كانت قد أعَدَّته بالفعل لمساعدتها في الحصول على زوج من الأقراط يليق بالخاتم.
عندما غادر السيد كرومبي «دي بيرز» تلك الليلة، كان لا يزال يحاول معرفة كيف تدبَّر الرجل سرقة الخاتم. فلم يكُن لديه أكثر من بضع ثوانٍ بينما كان رأسه مُنحنيًا على كل حال.
قال وهو يمر بعاملة تنظيف كانت تكنس الممر بالمكنسة الكهربائية: «تُصبحين على خير يا دوريس.»
قالت دوريس، وهي تفتح باب غرفة العرض لتتمكن من استكمال التنظيف: «تُصبح على خير يا سيدي.» كان هذا هو المكان الذي يختار فيه العملاء أفضل الجواهر على وجه الأرض، كما أخبرها السيد كرومبي ذات مرة، لذا كان يجب أن يكون نظيفًا تمامًا. أوقفت دوريس المكنسة، وأزالت الغطاء المخملي الأسود عن الطاولة وبدأت في تلميع السطح؛ الجزء العلوي أولًا، ثم الحافة. وعندئذٍ شعرت بها.
انحنت دوريس للنظر عن كثب. نظرت بدهشة إلى قطعة العلكة الكبيرة الملصقة تحت حافة الطاولة. بدأت كشطها، ولم تتوقَّف إلا بعد أن لم يتبقَّ منها أدنى أثر، ثم ألقَتْها في كيس القمامة الملحق بعربة التنظيف قبل بسط الغطاء المخملي مرة أخرى على الطاولة.
تمتمت وهي تغلق باب غرفة العرض وتواصل تنظيف السجادة في الممر: «يا لها من عادة مقرفة.»