حكاية حديثة (١٩١٤م)
لمَّا هبَّت أنفاس المساء على أرض المعركة،
كان الأعداء قد انهَزموا.
رنَّت أسلاك البرق،
وأعلَنَت الخبرَ للجميع.
في الطرف الأقصى للعالَم،
دَوَّى نواحٌ تكسَّر على قُبَّة السماء،
واندَفَق صراخٌ من أفواهٍ غاضبة،
أخذ يترنَّح في صعود، ويتضخَّم في جُنون.
آلافُ الشِّفاه جفَّت من صَبِّ اللَّعَنات،
وآلاف الأيدي تكوَّرت بوحشيَّة الأحقاد.
وفي الطرف الآخر من العالَم،
تلاطَمَت على قُبَّة السماء أنغام الأفراح،
وانطلَقت أصوات التهليل والضَّجيج والابتهاج،
وتمطَّت الصدور في راحةٍ وتنفسَّتِ الصعداء.
راحت آلاف الشفاه تُتمتِم بالصلَوات،
وأخذت آلاف الأيدي تتشابك في تقوى وصلاح.
في الهَزيع الأخير من الليل،
ردَّدتْ أسلاك البَرْقِ الأسماء؛
أسماء الموتى الذين سقَطوا في مَيدان الحرب.
عندئذٍ خيَّم الصمتُ على الأصدقاء والأعداء.
الأُمَّهات وحدَهنَّ بَكيْن،
هنا وهناك.