عن مسرحيَّة الأم شجاعة وأبنائها (١٩٣٩م)١

أُغنية سليمان

١

رأيتُم سليمان الحكيم،
وتعرِفون ما جرى له.
كلُّ شيء كان واضحًا عندَه وضوح الشمس.
لعَن الساعة التي وُلِد فيها،
ورأى أن الكلَّ باطِل.
كم كان سُليمان عظيمًا وحكيمًا!
وانظروا، لم يكُن الليل قد جاء
حتى رأى العالَم النتائج:
الحِكمة قد ذهبتْ به بعيدًا جدًّا!
محسود من يَخلو منها!

٢

رأيتُم قيْصر الجسور،
وتعرِفون ما جرى له.
جلس على المَذبح كإلهٍ
وقُتِل كما سَمِعتم.
حين كان في أَوج عظمَته
صرَخ صرخَته العالية: حتى أنت يا وَلَدي!
وانظروا، لم يكن الليل قد جاء
حتَّى رأى العالَم النتائج:
الجسارة قد ذهبتْ به بعيدًا جدًّا!
محسود من يتخلَّص منها!

٣

تعرِفون سقراط المُخلِص الأمين،
الذي أعلن الحقيقة على الدَّوام:
لكنهم لم يَعترِفوا بفضله،
بل غدَر به الكِبار وتآمروا عليه،
وحكموا عليه بأن يشرَب كأس السُّم.
كم كان المُخلِص الأمين،
ابن الشعب العظيم!
وانظروا، لم يكن الليل قد جاء
حتَّى رأى العالَم النتائج:
الأمانة والإخلاص قد ذَهَبا به بعيدًا جدًّا!
وجدير بالحسد من تحرَّر منهما!

٤

القِدِّيس مارتن، كما تعلمون،
لم يكُن يحتمِل رؤية الآخرين
وهم يُقاسون المِحَن ويُعانون.
لمَح في الثَّلجِ أحد الفُقَراء
فقدَّم له نِصف مِعطفِه،
وتَجمَّد كلاهما من البردِ ومات.
لم يَنتظِر الرجُل من الأرض وأهلِها أيَّ جزاء!
وانظروا، لم يكُن الليل قد جاء
حتى رأى العالَم النتائج:
الإيثار ذهبَ به إلى البعيد البعيد!
محسود من أخلى منه قَلْبه!

٥

ها أنتُم أولاء ترَون أناسًا مُحترمين
مُتمسِّكين بالوصايا العشر.
لم ينفَعْنا ذلك حتى الآن.
يا من تجلِسون بجوار المَوقِد وتتدفَّئون،
ساعِدونا على تخفيف مِحنتِنا!
لَكَم كُنَّا مُخلِصين للصليب أتقياء صالحين!
وانظروا، لم يكن الليل قد جاء
حتَّى رأى العالم النتائج أمامه:
التقوى ذهبتْ بنا بعيدًا بعيدًا!
محسود من أفرَغ منها القلب!

أُغنِية للمَهد

آيا بويا با
ماذا في القشِّ يُخشْخِش؟
أبناء الجار يَنوحُون،
وانا أبنائي فَرِحون.
أبناء الجار عَرايا،
وثِيابك أنتَ حرير.
من مِعطف مَلك من نور.
أبناء الجار بِلا لُقمة،
وأمامك يا ولدي «التورتة».
إن لم تكُ في فَمِك طريَّة
فتكلم، أسمِعني كلِمة!
آيا بوبا با
ماذا في القشِّ يُخشخِش؟
ابنٌ يرقُد في «بولندا»،
والآخر … من يدري أين؟
١  ورَدَتْ هذه الأُغنية على الصَّفحات السابقة مع القصائد والأغاني المأخوذة من أوبرا القُروش الثلاثة، وهي ترِدُ الآن مع مقطوعتَين جديدتَين عن القِدِّيس مارتن وعلى لسان الشخصيَّات المطحونة التي تتعذَّب وتسقط ضحية حرْبِ الثلاثين في مسرحية «الأم شجاعة»؛ ولذلك تتكرَّر بالضرورة مقطوعاتٌ عرفناها من قَبلُ عن سليمان الحكيم وقَيْصر وسقراط. ولا شكَّ أن هذه الأُغنية بوجهٍ خاص — مع أغانٍ أخرى كثيرة — تُعبِّر عن حبِّ برشت للأغنيات والحكايات الشعرية الشعبية (البالاد) التي كان يردِّدها المُغنُّون المُتجوِّلون والشَّحَّاذون والصعاليك في الشوارع وتعلَّق بها الشاعِر منذ طفولته وصِباه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤