سيِّد الأسماك
١
آه! لم يكن يجيء في أوقاتٍ مُحدَّدة،
كما يجيء القمر. لكنه كان يذهَبُ كما يذهب.
ولم يكن إعداد طعامِه الرخيص
بالأمر الصَّعبِ أو المُتعِب.
٢
وعندما كان يحضُر، فَلِلَيلةٍ واحدة،
يقضيها معهم كواحدٍ منهم.
إنه يطلُب القليل، ويجلب معه شيئًا لهم.
وهو مجهولٌ من الجميع وقريبٌ من الجميع.
٣
إن ذهب، فذلك هو الشيء المُعتاد.
وإن حضَر، بدتِ الدهشة (على وجوههم).
ومع ذلك فهو يرجِع على الدَّوام
— كما يرجِع القمر — مُعتدِل المِزاج.
٤
يجلِس ويتكلَّم عن شئونهم كما يتكلَّمون،
عما تفعَل النِّساء حين يُسافِر الرِّجال،
عن أسعار الشِّباك ومكسَبِهم من الأسماك.
وقبل كلِّ شيء: عن التوفير لدفع الضرائب.
٥
أثبتَ دائمًا أنه عاجِز
عن تذكُّر أسمائهم.
لكنَّه كان دائمًا على استعدادٍ لمُساعدتهم،
بعقله ويديه، في أعمالهم.
٦
وإذا تحدَّث معهم عن أحوالهم،
سألوه أيضًا: وما أحوالك؟
ثم أخذ ينظُر حولَه في كلِّ اتجاهٍ ويبتسمُ،
ويتردَّد قبل أن يقول: لا أعرف لي أيَّ حال.
٧
وهكذا مع الكلام وردِّ الكلام،
دأب على زيارتهم والتَّعامُل معهم.
وبِغَير دعوةٍ كان يأتي على الدَّوام.
لكنَّه كان يستحقُّ ما يُقدِّمونه من طعام.
٨
سوف يسأله أحدُهم ذات يوم:
ما الذي يقودُك إلينا؟
وسوف يقِف بسرعةٍ لأنه سيُحسُّ
أنَّ مِزاجهم قد انقلَبَ عليه.
٩
من لا يملِك شيئًا يُقدِّمه سوف يخرُج من الباب،
في أدبٍ كالعبد الذي أُطلِق سراحه.
لن يبقى منه حتى الظلُّ الضئيل.
ولن يترُك على الكرسي أثرًا يدلُّ عليه.
١٠
بل سيسمَح بأن يشغَل مكانَه
إنسانٌ آخرُ يُثبِت أنه أغنى منه.
وهو في الحقيقة لا يمنع أحدًا
من أن يتكلَّم هناك حيث كان يَصمت.