عندما طُورِدتُ إلى المَنفى …
عندما طُورِدتُ إلى المنفى،
كتَبَت صُحف النقَّاش١
أن القرار اتُّخِذ لأنِّي أهنتُ في إحدى قصائدي
الجنديَّ (الذي سقَط صريعًا) في الحرب العالمية الأولى.
والحقيقة هي أنَّني في العام الذي سبَقَ نِهاية تلك الحرب،
وعندما كان النظام السابق يُحاوِل تأجيل هزيمته،
بإعادة الذين شوَّهَتْهم الحرب
مرةً أخرى إلى المَيدان
ليُحارِبوا جنبًا إلى جنبٍ مع العجائز والشباب في سنِّ السابعة عشرة،
قد وصفتُ كيف نُبِشت جُثَّة الجُندي الصريع
وأُعيدَ إلى الخِدمة في المَيدان
وسط تَهليلِ كلِّ الذين خدَعوا الشعب
وامتصُّوا دَمَه واضطهدوه.
والآن، وهم يُعدُّون العدَّة لإشعال حربٍ عالميةٍ جديدة،
مُصمِّمين على ارتكاب جرائم تفُوق (في بَشاعتِها)
جرائمَ الحرب الأخيرة،
فهم من حينٍ لآخرَ يَغتالون أناسًا مِثلي
أو يَطرُدونهم على زَعمِ أنهم خَوَنة
لمُؤامراتهم.
١
النقَّاش هو هتلر الذي كان في شبابه يَحترِف مِهنة النقَّاشين، وهي
الصِّفة التي يُطلِقها عليه برشت في مُعظم قصائده عنه. أما القصيدة
التي طُرِد بسببها من بلاده فهي «حكاية» أو خُرافة «الجُندي الميِّت»
التي مرَّت عليك ضِمن هذه القصائد المُختارة. ومع أن القصيدة التي
تقرؤها على هذه الصفحة أشبَهُ بتقريرٍ عن سبب لجوء الشاعر إلى المَنفى،
فلها بغير شكٍّ قيمة تاريخية، كما تمَسُّ أوتار القلب لصِدقِها
وشهادتها على مُعاناة الشاعر التي استمرَّت خمسة عشر عامًا طوال فترة
غُربته عن وطنه.