عن مَسرحيَّتَي الأمِّ والقرار (١٩٣٠-١٩٣١م)
امتِداح التعلُّم١
تعلم أبسط الأشياء.
فلم يَفُت الأوان أبدًا
لمن حانت ساعتُهم.
تَعلَّم الألف باء،
إنها لا تكفي،
ولكن تَعلَّمْها!
لا تضِق بها ذَرعًا!
ابدأ الآن!
يجِب عليك أن تعرِف كلَّ شيء!
يجِب عليك أن تتولَّى القيادة.
تَعلَّم، يا من تعيش في الملجأ!
تَعلَّم، يا من تعيش في السِّجن!
تَعلَّمي يا من تَعملِين في المطبخ!
تَعلَّمي يا من بلغتِ الستِّين!
إن عليك أن تتولَّيِ القيادة.
فتِّش عن المدرسة، يا من تسكُن في العَراء!
ابحث عن المعرِفة، يا من ترتعِش من البرد!
وأنت أيها الجائع، تشبَّث بالكِتاب، فإنه سلاح!
يجب عليك أن تتولَّى القيادة.
لا تخجَل من السؤال، أيها الصديق!
لا تَقنَع بما يقوله غيرك.
افحَص الأمر بنفسك!
إنَّ ما لا تَعرِفه بنفسك
فأنت تجهله.
افحَص قائمة الحساب
فعليك أن تدفعَ قيمتها.
ضع إصبَعَك على كلِّ رقْم.
اسأل: من أين جاء هذا؟
يجِب عليك أن تتولَّى القيادة!
امتِداح الثائر
حين يزداد الاضطهاد
تَخون الكثيرين شجاعتُهم،
لكنَّ شجاعته تزداد.
إنه يُنظِّم كفاحه
من أجل القِرش الذي يناله أجرًا على عمله،
من أجل الشاي
ومن أجل السلطة في الدولة.
إنه يسأل المِلْكية:
من أين أتيتِ؟
ويسأل الأفكار:
من الذي يستفيد منك؟
حيث يَسُود الصمت دائمًا
تراه يتكلَّم.
وحيث يعمُّ الظلم والاضطهاد
ويتحدَّث الناس عن القدَر والنصيب
تجِده يُسمِّي الناس كما يُسمِّي الأشياء بأسمائها.
حيث يجلِس إلى المائدة
يجلِس السُّخط معه.
الطعام يجِده سيِّئًا،
والحُجرَة ضيقة.
إلى حيث يطردونه
تذهب الثورة،
والبلد الذي يُغادِره
لا يترُكه الاضطراب.
امتِداح الجدَل٢
الظلم يتبَختَر اليوم بخُطواتٍ واثِقة.
الظلَمة يُعدُّون أنفسَهم للبقاء عشرة آلاف عام.
البَطش يؤكد: سيبقى الحال على ما هو عليه؛
لا صوت يُسمَع غير صوت الحكام.
وفي الأسواق يقول الاستغلال بصوتٍ عال:
سأبدأ عمَلي الآن.
لكن من بين المظلومين المُضطهَدين تتردَّد أصوات كثيرة:
لن يتحقَّق أبدًا شيء مما نبغيه.
من لا يزال حيًّا ينبغي عليه ألَّا يقول: مُستحيل!
فالشيء المؤكد ليس أكيدًا،
والحال السائد لن يبقى على ما هو عليه.
عندما ينتهي الحاكِمون من كلامِهم
سوف يتكلَّم المحكومون.
من يجرؤ أن يقول: مستحيل أبدًا؟
من المسئول عن بقاء الاضطِهاد؟ نحن.
ومن المسئول عن تحطيمه؟ نحن كذلك.
من ضُرب وسقط على الأرض، عليه أن يقِف على قدميه!
ومن أحسَّ بالضَّياع، كيف يُمكن إيقافه؟
ذلك أنَّ المهزومين اليوم
هم أصحاب النَّصر غدًا،
والمُستحيل إلى الأبد
يتحوَّل ويصير: في هذا اليوم!
١
نُشرت هذه القصيدة مع القصيدتين التاليتين في المجموعة المُختارة من
أشعار برشت التي طُبعت في باريس سنة ١٩٣٤م، أي بعد مرور عامٍ واحد على
لجوئه إلى مَنفاه في الدانمرك. والقصيدتان مأخوذتان عن مَسرحيَّتَيه «الأم»
(عن رواية جوركي الشهيرة) و«الإجراء» أو «القرار».
٢
أو الديالكتيك بالمُصطلَح الفلسفي واليوناني الأصل.