أُغنِية عن أمِّي (١٩٢٠م)
(١) ما عُدتُ أذكُر وجهها وكيف كان قبل أن تداهِمَها الآلام. مُتعبَة راحت
تُزيح الشَّعرات السُّود عن جبهتها النحيلة، ما زلتُ أرى يدَها أمامي.
(٢) عشرون شتاءً تضافَرَتْ على تَهديدها، آلامُها كانت فظيعة، والموت شعر
بالخَجَل منها. ثم ماتت ووجدوا جسَدها مثل أجساد الأطفال.
(٣) نشأت في الغابة.
(٤) ماتت بين وجوهٍ أطالتِ التَّحديق فيها أثناء الاحتِضار، حتى صارت وجوهًا
قاسية. غفروا لها عَذابها،
لكنَّها تاهَت بين تلك الوجوه، قبل أن تتهاوى أمامها.
(٥) كثيرون يرحَلون عنا بِغير أن نُمسِك بهم. قُلنا لهم كلَّ شيء، لم يبق شيء
بيْننا وبينهم، ووجوهُنا صارت قاسيةً أثناء الوَداع. لكنَّنا لم نقُل الشيء
المُهمَّ، وإنما ادَّخَرناه للضرورة.
(٦) آه، لماذا لا نقول ما هو مُهم؟ كان من المُمكِن أن يكون شيئًا سهلًا، ولو
لَحِقَتنا اللَّعنة بسببه. كانت كلماتٍ سَهلة،
لصقَ الأسنان مُباشرةً، تساقَطت منَّا
ونحن نَضحَك، وما زلنا نَختنِق بها إلى الآن.
(٧) ماتت أمِّي الآن، وبالأمس مساء، في اليوم الأول من مايو.
لم يَعُد في إمكان أحدٍ أن يَحكَّها بالأظافر.