عن مسرحية رَجُل بِرجُل (١٩٢٤–١٩٢٦م)
أُغنية عن سُيولة الأشياء
١
مهما عاودتَ النَّظر إلى النهر
الذي يَسيل في خمول،
أبدًا لن ترى نفس الماء.
أبدًا لن يرجِع
ما ينحدِر إلى أسفل.
ما من قَطرةٍ منه
تعود ثانيةً إلى مَنبعه.
لا تتشبَّث بالمَوجة
التي تتكسَّر على قدمك،
فطالما هي في الماء
ستتكسَّر عليها أمواج جديدة.
٢
عشتُ سبعَ سنواتٍ في مكان،
كان لي سقفٌ فوقَ رأسي.
ولم أكُن وحيدة،
لكن الرَّجُل الذي كان يُطعِمني ولم يكن له نظير،
رقَد ذات يومٍ مطموس الملامِح،
تحت ملاءة الأموات.
ومع ذلك تناولتُ عشائي في ذلك المساء،
وسُرعان ما أجَّرتُ الحُجرة
التي تعانقنا فيها
والحُجرة أطعمتني.
والآن، بعد أن لم تعُد تُطعمني،
ما زلتُ آكلُ
قلت:
لا تتشبَّث بالموجة
التي تتكسَّر على قدمك،
طالما وقفَت في الماء
فسوف تتكسَّر عليها أمواج جديدة.
٣
كنتُ كذلك أحمِل اسمًا.
ومن سمِع الاسم في المدينة قال:
هذا اسم طيِّب،
لكنَّني ذات ليلةٍ شربتُ أربع كئوسٍ (من رحيق الغلال).
وفي صباح اليوم التالي
وجدتُ على بابي بالطباشير
كلمةً سيئة،
عندها أخذَ اللَّبَّان اللَّبن معه وانصرف.
واسمي قُضِيَ عليه
مِثل قماشٍ كان أبيض ثمَّ اتَّسخ.
ويُمكِن أن يَبيَضَّ من جديدٍ إذا غسلته،
لكن ضعْه في النور وانظر إليه؛
ترَهُ لم يعُد هو نفس القماش.
لا تذكُر اسمَك الحقيقيَّ بدقَّة! وما الدَّاعي لذلك؟
ما دُمتَ تذكُر اسمًا آخرَ معه باستمرار.
وما الدَّاعي لأن تُعلِن رأيك بصوتٍ مرتفع.
حاوِل جَهدَك أن تنساه!
ثم ماذا كان هذا الرأي؟ لا تُرهِق نفسك في تذكُّر شيء
مدَّةً أطولَ من هذا الشيء نفسه.
لا تتشبَّث بالمَوجة
التي تتكسَّر على قدمك.
طالَمَا وقفتْ في الماء
فسوف تتكسَّر عليها أمواج جديدة.
٤
أنا أيضًا تحدَّثتُ مع الكثيرين وأصغَيتُ إليهم جيدًا،
وسمِعتُ آراءً كثيرة،
كما سمِعتُ الكثيرين يقولون عن أشياء كثيرة: هذا شيءٌ مؤكَّد
تمامًا!
لكنَّهم حين عادوا تكلَّموا كلامًا آخر،
يختلِف عما قالوه من قبل،
وعن أشياء أخرى قالوا: هذا مؤكَّد.
عندها قلتُ لنفسي: من بين الأشياء اليَقينيَّة المؤكدة،
لا شيءَ أشدُّ يقينًا
من الشكِّ.
لا تتشبَّث بالموجة
التي تتكسَّر على قدمك.
طالَمَا وقفتْ في الماء
فسوف تتكسَّر عليها
أمواج جديدة.
مونولوج عن ألَمِ الأمِّ
أتعرِفون أيضًا، من هي الأم؟
آه! قلبُها رقيقٌ كالزُّبدة.
كذلك حمَلَكم قلبُ أمِّ رقيقٌ ذاتَ يوم،
ويدُ أمٍّ ملأت مِعدتَكم،
وعين أمٍّ نظرتْ إليكم،
وقدَم أمٍّ أزاحتِ الحَجَر من طريقكم.
فإذا غطَّى العُشب يومًا قلبَ أم،
فإنَّ رُوحًا نبيلةً سترفَعُها للسماء.
اسمعوا أُمًّا، اسمعوا أُمًّا تشكو وتقول:
هذا العِجل حملتُه يومًا تحت قلبِ الأم.