عن مسرحية الاستثناء والقاعدة (١٩٢٩-١٩٣٠م)
أُغنية الأنا والنَّحنُ
ها هو ذا النهر.
ومِن الخَطر عُبوره.
يقِف على شاطئه رَجُلان
أحدُهما يَجتازه، والآخر يتردَّد.
هل أحدُهما شجاع؟
هل الآخر جَبان؟
وراء النَّهر يَنتظِر أحدَهما عملٌ يُنجزه.
من الخَطر يخرُج أحدهما.
إلى الشاطئ الذي غزاه وهو يتنفَّس الصعداء.
إنَّه يَطأُ الأرض التي يمتلِكُها.
يأكل أكلًا جديدًا،
لكن الآخر يخرُج من الخَطر،
لاهثَ الأنفاس، إلى العدَم،
ويتلقَّاه، وهو الضعيف،
خطرٌ جديد.
هل كلاهما شُجاع؟
هل كلاهما حكيم؟
واأسفاه!
من النهر الذي هَزَماه معًا.
لا يخرُج الاثنان مُنتصِرَين.
نحن، وأنا وأنت،
ليسا في الواقِع نفس الشيء.
ننتَصِر معًا على النهر.
وأنت تَنتصِر عليَّ.
أُغنية التاجر
المريض يموت والقوي يُقاتل.
وهذه هي سُنَّة الحياة.
القويُّ يُساعده الناس، والضَّعيف لا يُساعِده أحد.
وهذه هي سُنَّة الحياة.
ما يسقُط، دَعْه يسقط، واركُله بقدَمِك أيضًا.
لأنَّ هذه هي سُنَّة الحياة.
من ناضَلَ وانتزَع النَّصر، تبوَّأ مكانَه من المأدُبة.
وهذا شيءٌ طيِّبٌ وعلى ما يُرام.
والطبَّاخ لا يُشارك بعدَ المَعركة في إحصاء عدَدِ الموتى.
وحسَنٌ ما يَفعلُه الطبَّاخ.
والله الذي خلَق الأشياء وسواها، خلقَ السيِّد والعبد،
والخيرُ فيما فعَلَ والحِكمة فيما رآه.
ومن طابت أحواله فهو طيب، ومن ساءت أحواله فهو شرير.
وهذا شيء حسنٌ وعلى ما يُرام.
الاستِثناء
في النِّظام الذي وضعْتُموه
تُعتبَر الإنسانية استثناء.
فمن يَسلُك مَسلَك إنسانٍ
لا بُدَّ أن يدفَع الثمن.
كلُّ من يبدو محبوبًا سمِحًا
عليكم أن تَخافوا عليه.
من أراد أن يُساعِد إنسانًا
عليكم أن تَمنعوه!
بجوارِك يعطَش إنسان.
أغمِض عينيك بسرعة!
سُدَّ الأذنين!
فبجانِبك تأوَّه أحد الناس!
أمسِك خُطواتك
عمَّن يصرُخ في طلب النَّجدة!
الويلُ الويلُ لِمن ينسى نفسه!
سيَمدُّ الكأس ليروي ظمأ العَطشان،
فلا يلبَثُ أن يعرِف
أن الشارِب ذِئب!
النَّشيد الخِتامي (الإبيلوج)
على لِسان جَوقة المُمثِّلين الذين يُخاطِبون النَّظارة
هكذا تنتهي
حكاية رحلةٍ
على نحوِ ما رأيتم وسمعتم.
رأيتُم شيئًا عادِيًّا،
يقَع كلَّ يوم،
لكنَّنا نُناشِدُكم:
تبيَّنوا وجهَ الغَرابة
فيما يبدو مألوفًا!
والشيءُ المُعتاد
اكتَشِفوا أنه لا يَقبَل التفسير!
واليومي المُتكرِّر
ينبَغِي أن يُشعِركم بالدَّهشة.
وما يُعدُّ قاعدةً مقبولة، اعلموا أنه شذوذ وسوء استِخدام.
وحيثما وجدتُم الشذوذ وسوء الاستخدام
فأوْجِدوا العِلاج!١
١
سبقَ أن قمتُ بترجمة المسرحية، التي اخترتُ منها هذه المقطوعات
الأربع، عن اللغة الفرنسية ونُشرَت حوالي سنة ١٩٥٦م في مجلَّة
«الهدف» القاهريَّة ثمَّ أُعيد نشرُها مع مسرحية لوكولُّوس في سنة
١٩٦٥م في سلسلة مَسرحيَّات عالمية المحتَجِبة. وقد راجَعتُ الترجمة
القديمة على الأصل مراجعةً جذريَّة تعلَّمتُ منها أن الترجمة عن
الأصل هي الأسلَمُ والأوجَبُ في كلِّ الأحوال وبِغَير
استثناء.