لماذا فلسفة علم الأحياء؟
لطالما تداخلَت الفلسفةُ مع العلوم الطبيعية. فقد تأثَّر العديد من أعظم الفلاسفة في الأربعمائة عام الماضية، ومن بينهم إيمانويل كانط وديفيد هيوم، بعلوم زمانهم؛ بل إن بعضَهم مثل رينيه ديكارت وجوتفريد لايبنتز كانت له إسهامات علمية. هذا التداخل ليس بالمسُتغرَب. فمنذ القِدَم تطرح الفلسفة أسئلةً عن طبيعة الكون وموضع البشر فيه ومعرفتنا به؛ وتلك مسائلُ يتناولها العلم باستفاضة. بالفعل، مع نشأة العلم الحديث في القرنَين السابعَ عشرَ والثامنَ عشرَ، كان لِزامًا أن تنتقل أسئلةٌ كانت في الماضي حِكرًا على الفلاسفة إلى ميدان العلماء. من تلك الأسئلة سؤال إذا كانت المادة بشتى صورها مُكوَّنة من ذَرَّات كما تصوَّر الفيلسوف القديم ديموقراط، أو إذا كان العقل البشري قوامه جوهر غير مادي كما تَصوَّر ديكارت. لا يستطيع أحد اليوم أن يبحث تلك الأسئلة عقلانيًّا دون الالتفات إلى قول العِلم فيها.
على الرغم من أن ميلادَ العِلم أدَّى إلى استعماره لبعض جوانب الفلسفة، فقد أدَّى أيضًا إلى نشأة نوْعٍ جديد من البحث الفلسفي يطرح أسئلةً حول مناهج العلم نفسه. هل تُثبِت التجربة صحة نظرية علمية؟ هل يمكن اختزال المعرفة العلمية كلها في بضعة مبادئ أساسية؟ إذا تناسبت فرضيتان مع البيانات، فهل من الممكن أن نختار بينهما بالمنطق؟ هذه ليست أسئلة علمية بحتة، بل هي أسئلة فلسفية عن العلم. وهذا لا يجعلها حِكرًا على الفلاسفة. فقد بحث علماء كنيوتن وأينشتاين أسئلةً كتلك. لكن في مطلع القرن العشرين، تَبلورَ بحثُ المنهج العلمي إلى تخصُّصٍ أكاديميٍّ قائم بذاته يُسمَّى بفلسفة العلم، وهو تخصُّص مزدهر في يومنا هذا. وعادةً ما يكون المشتغلون بهذا التخصص من المعاصرين قد درسوا الفلسفة والعلوم، وفي بعض الأحيان يشتغلون بكليهما.
فلسفة علم الأحياء هي فرْعٌ من فلسفة العلم نشأ في سبعينيات القرن الماضي وشهِد تطورًا سريعًا منذ ذلك الحين. وإذا تأمَّلنا تاريخها، فسنجد أنه يمكن إرجاعُ نشأتها إلى ثلاثة عوامل. أولًا، تبيَّن أن فلسفة العلم التقليدية كانت تتمحور حول الفيزياء؛ أمَّا علم الأحياء فكان مُستبعَدًا من الصورة. ثانيًا، بدأَت المسائل المفاهيمية الدائرة داخل علم الأحياء تجذب انتباهَ الفلاسفة، وكان نتاج ذلك هو تبادُلًا فكريًّا مثمرًا بين التخصُّصَين. ثالثًا، بحثًا عن الإلهام اتجهت أنظار أنصار الفلسفة «الطبيعانية»، التي تستخدم المنهج العلمي التجريبي لبحث المسائل الفلسفية، صَوْب علم الأحياء. تلك العوامل الثلاثة مناظِرة للمباحث الأساسية الثلاثة لفلسفة علم الأحياء المعاصرة؛ لذا فهي جديرة بأن نتناولها باستفاضة.
منذ أوائل القرن العشرين إلى منتصفه، كانت «الوضعية المنطقية» هي المدرسة المهيمنة في فلسفة العلوم. كان من رُوَّاد الوضعية المنطقية رودولف كارناب وهانز رايخنباخ وكارل همبل الذين هاجروا من أوروبا إلى الولايات المتحدة في فترةٍ بين الحربَين العالميتَين. كانوا قد درسوا الفيزياء فكوَّنوا صورةً للعلم اتخذت من الفيزياء إطارًا لها. شدَّد الوضعانيون المنطقيون على «قوانين الطبيعة»؛ تلك المبادئ النظرية الأساسية التي تَكمُن وراء الظواهر المُلاحَظة. وصفوا البحث العلمي بأنه البحث عن تلك القوانين، والتفسير العلمي بأنه استنباط الظواهر من القوانين. ينطبق هذا التصوُّر تمامًا على الفيزياء، إذ تشمل الكثير من القوانين، كقانون الجاذبية الكَوْنية؛ وكثير من الظواهر التي يمكن استنباطها من تلك القوانين، مثل حركة الكواكب. لكنه أقل انطباقًا على العلوم البيولوجية. إذا فتحت مرجعًا في أيٍّ مِن فروع علم الأحياء، كعلم الوراثة أو علم الأحياء الجزيئي أو علم الحيوان، فستجد العديد من الحقائق التجريبية، يفسِّرها العديد من النماذج والنظريات. ولكنها تكاد تخلو من أي «قوانين طبيعية» يمكن استنتاج تلك الحقائق منها؛ إذْ ببساطة ليست تلك هي الطريقة التي تُسرَد بها المعلومات العلمية. من هذا المُنطلَق وغيره، يَصعُب على الرؤية الوضعانية المنطقية للعلم أن تستوعب علم الأحياء.
لم يكن الوضعانيون المنطقيون هم الوحيدين الذين همَّشوا علم الأحياء. في العام ۱۹٦٢، نشر الفيلسوف والمؤرخ توماس كون كتابه «بنية الثورات العلمية» الذي انتقد فيه الوضعانية المنطقية، والذي كان أحد أسباب أفولها في نهاية المطاف. فيه ركَّز كون على كيفية تغير الأفكار العلمية بمرور الزمن. ودفع بأن أي تخصص علمي ناضج ينبني على نموذج فكري، وهو مجموعة من الفرضيات المشتركة التي يحتكم إليها العلماء في أبحاثهم العادية. تمرُّ فترة على «العلم العادي» يُقبَل فيها النموذج دون تشكُّك باعتباره أساسًا للبحث. لكن في بعض الأحيان تقع أزمةٌ تظلُّ تتفاقم حتى تؤدي إلى قيام ثورة تنتهي إلى إسقاط النموذج الفكري القائم ليحل محلَّه آخر جديد. ذهب كون إلى أن هذه التغيُّرات في النماذج ليست مدفوعةً بعواملَ منطقية بحتة، وأن النموذج الجديد ليس بالضرورة «أفضل» من سابقه، وإنما يختلف عنه ليس إلا. بالتالي يرى كون أن تاريخ العلم ليس سبيلًا مستقيمًا يؤدي إلى «الحقيقة الموضوعية».
كان عمل كون جذريًّا؛ إذْ تَعارضَ مع المعتقد السائد في فلسفة العلوم. لكن على غرار المعتقد الذي هاجمه، كان اهتمام كون منصبًّا على العلوم الطبيعية. إذ كان من الأمثلة التي استشهد بها على تغيُّر النماذج الثورة الفلكية الكوبيرنكية التي أطاحت بنموذج مركزية الأرض للنظام الشمسي ليحل محله نموذج مركزية الشمس؛ والثورة الأينشتاينية التي أطاحت بالميكانيكا الكلاسيكية لتحل محلها نظرية النسبية؛ والثورة الكيميائية التي أطاحَت بنظرية الاحتراق عن طريق الفلوجيستون لتحل محلها نظرية الأكسجين. لكن كون لم يَخُضْ كثيرًا في العلوم الحيوية، على الرغم من أنه ألَّف كتابه في ذروة الثورة الجزيئية في علم الأحياء. كما أنه لم يَتعرَّض لقضايا بديهية كنشأة نظرية داروين عن التطور، ونظرية جرثومية المرض، ونظرية مِندل عن الوراثة. على غرار فلسفة الوضعانيين المنطقيين، همَّشَت فلسفة كون العلمية علم الأحياء. كان أحد دوافع نشأة فلسفة علم الأحياء هو إدراك الحاجة لمعالجة هذا الخلل.
كان الحافز الثاني وراء نشأة فلسفة علم الأحياء نابعًا من العلم نفسه لا من الفلسفة. فقد شهِد القرن العشرين تقدمًا هائلًا في العلوم الحيوية. في النصف الأول من القرن احتلَّ علم الأحياء التطوُّري مركزَ الصدارة إذ نشأت «الداروينية الجديدة». دمجت الداروينية الجديدة نظرية داروين عن التطور، بعد أن أدخلت عليها تحديثات ملائمة، مع مجالات حيوية أخرى؛ كعلم الوراثة وعلم الإحاثة وعلم الحيوان. كانت النتيجة منظومة فكرية نظرية مثيرة للإعجاب، تقوم على فكرة أن التطوُّر مدفوع بالانتخاب الطبيعي لبعض المتغيرات الوراثية دون غيرها. في النصف الثاني من القرن تحول التركيز إلى علم الأحياء الجزيئي، الذي يدرس الأساس الجزيئي للكائنات الحيَّة ومكوناتها الخلوية. بدأ هذا المشروع في ثلاثينيَّات القرن الماضي بتجاربَ على العاثيات (هي نوع من الفيروسات التي تهاجم البكتيريا). ووثب وثبةً كبيرة في عام ۱۹٥۳ باكتشاف جيمس واتسون وفرانسيس كريك لبنية الحمض النووي؛ المادة المكونة للجينات. في العقود اللاحقة ازدهرَ علم الأحياء الجزيئي؛ إذ كشفَ علماء الأحياء عن التفاصيل المُعقَّدة لآلية عمل الجينات ونَسْخها. أدَّى ذلك بدوره إلى نشأة علم الجينوم الحديث الذي يدرس تأثير المجموع الجيني على نمو الكائن الحي.
عندما اطَّلع الفلاسفةُ على تلك التطوُّرات العلمية وجدوا فيها العديد من القضايا المفاهيمية التي تحتاج إلى التحليل الفلسفي. على سبيل المثال، عادة ما يستخدم المتخصصون في علم الأحياء التطوُّري مصطلحاتٍ وظيفية عند الحديث عن الكائنات الحيَّة وصفاتها. يتحدثون عن «وظيفة» صفات معيَّنة أو «الغرض» منها. فالغرض من خياشيم السمكة هو التنفس، ومن أشواك الصبَّار هو رَدْع آكلي الأعشاب. يبدو هذا الحديث مُحيِّرًا لأول وهلة. إذ تخلو مجالات أخرى من العلوم كالفيزياء والكيمياء من حديثٍ مُناظِر عن الوظيفة. لماذا إذَن يستعمل علماء الأحياء تلك المصطلحات، وماذا يعني ذلك؟ هل هي مُتوارَثة من حقبة ما قبل الداروينية حين كان يُنظر للكائنات الحية باعتبارها من خلق الإله؟ كيف نكتشف وظائفَ السمات؟ وهل يمكن أن يكون لسمةٍ واحدة أكثرُ مِن وظيفة؟ هذا أحد المواضيع التقليدية في فلسفة علم الأحياء نتناوله في الفصل الثالث.
نجد مثالًا آخر لذلك في عِلم الوراثة. ففي هذا المجال يَشيع استخدامُ مفاهيم مُستعارة من أنظمة التواصل البشرية مثل «التشفير» و«المعلومات» و«الترجمة». فيُقال إن الجينات تُشفِّر المعلومات وتَنقُلها من الوالد إلى الذُّرية، وتلك المعلومات «تُقرأ» خلال النمو، مُمكِّنة البويضة المُلقَّحة من أن تنموَ إلى كائن بالغ حسب ما يلائم نوعها. هنا أيضًا يبدو هذا الحديث مُحيِّرًا للوهلة الأولى. ففي نهاية المطاف، ما الجين إلا جُزيء ضخم من نوعٍ خاص، مصنوع من الحمض النووي. نحن عادةً لا ننظر إلى الجُزيئات باعتبارها حاملةً للمعلومات، ولا نَصِف أغلب التفاعلات الجزيئية من منطلق نَقْلها للمعلومات. إذَن فلماذا يَشيع استخدام المصطلحات المعلوماتية في علم الوراثة، وماذا يعني ذلك؟ هل ينبغي أن نفهمها بالمعنى الحرفي أم أنها مجازية؟ نتناول هذا الموضوع في الفصل السادس.
أكرِّر أن هذا لا يعني أن تلك الأسئلة لا تَخطُر لعلماء الأحياء. بل العكس صحيح، فالمثالان المذكوران آنفًا ناقشَهما علماء أحياء بارزون، مثل جاك مونو وإرنست ماير وجون مينارد سميث. لكن في العموم، لا ينشغل علماء الأحياء التجريبيون بالانخراط في تحليلات فلسفية لمعاني مفاهيمهم بقَدْر انشغالهم بتحقيق اكتشافات تجريبية. وهكذا ينبغي لهم. فعلى الرغم مِن أنَّ التفاعل بين الفلاسفة والعلماء أمرٌ مفيد، ينبغي أن تقف الممارسة العلمية على مسافة من التأمُّل الفلسفي. فهذا يسمح للعلماء بالتركيز على وظيفتهم اليومية، ويعطي الفلاسفة الحرية في استخدام أدواتهم — كالتحليل المنطقي والتفسير وتوضيح الفروقات — في تناول المسائل المفاهيمية التي يجدونها في العلم.
أمَّا العامل الثالث لنشأة فلسفة عِلم الأحياء فنابعٌ مِن تَوجُّهٍ أوسع في الفلسفة الأنجلوفونية (التحليلية). وهي الحركة التي نادت بأن يَنحوَ البحث الفلسفي مَنحى العلوم الطبيعية؛ وذلك من خلال محاولة دمجه مع العلوم التجريبية. في الماضي، استخدَم الفلاسفةُ منهجًا «عقلانيًّا» لبحث المسائل التي تُثير اهتمامهم، كماهية الأخلاق وحدود المعرفة الإنسانية ومعضلة الإرادة الحرَّة. والتوظيف الأمثل لهذا المنهج يكون بدراسة معنًى مفهومٍ ما وبحث عَلاقاته المنطقية بغيره من المفاهيم. حقَّق هذا المنهج نجاحات، لكن نقاده لطالما اتهموه بأنه غيرُ مثمر. في منتصف القرن العشرين، ذهَب الفلاسفةُ ذوو التوجُّه العلمي، مثل ويلارد فان أورمان كوين، إلى أن العلم التجريبي يمكن أن يُسلِّط الضوء على تلك الأسئلة الفلسفية المطروحة منذ الأزل. وجادل كوين بأنه من الخطأ أن نتعامل مع المسائل الفلسفية باعتبارها تختلف في جوهرها عن تلك العِلميَّة، وبالتالي فإنه من الخطأ أن نتطرق إليها بالمناهج العقلانية فقط. تختلف الآراء حول مزايا هذا «التحوُّل الطبيعاني» في الفلسفة، لكنه ساعد في ظهور جيلٍ من الفلاسفة لديه القدرة والاستعداد لاعتماد العلم التجريبي مرجعًا لبحث المعضلات الفلسفية.
لعِبَ علم الأحياء، وبالأخص علم الأحياء التطوُّري، دورًا رئيسيًّا في هذا التطور. فقد توقَّع داروين أن تكون لنظريته عن التطور تبعاتٌ على الفلسفة. («مَن يفهم قِرد البابون بوُسْعه أن يُقدِّم للميتافيزيقا أكثرَ مما قدَّمه لوك»، هكذا كتَب داروين في إشارة إلى فيلسوف القرن السابعَ عشرَ الإنجليزي جون لوك.) شهِد المنحنى الطبيعي الذي سلكَته الفلسفة تَحقُّق نبؤة داروين جزئيًّا؛ إذ أثرت الأفكار التطورية على مسائل فلسفية متنوعة. أحد أمثلة ذلك هو مسألة القصدية. فالقصدية في اصطلاح الفلاسفة هي سمةٌ مِن سمات الحالات العقلية كالاعتقادات أو الأحكام، وتعني أنها «موجهة إلى» أو «متعلقة» بعناصر موجودة في العالم الخارجي. أي إنني إذا كنت أعتقد أن البرازيل أكبر دولة في أمريكا الجنوبية، فاعتقادي هذا «متعلق» بدولة البرازيل. يُعبَّر عن ذلك المعنى أحيانًا بالقول: إن اعتقادي ذلك ذو «محتوًى تمثيلي»؛ إذ يُمثِّل لي العالَم في صورةٍ ما دون غيرها. أبرز سمات المحتوى التمثيلي هو احتمالية التمثيل الخاطئ. فقد يُمثِّل لي عقلي العالم بصورةٍ خلاف الحقيقية، أي إن اعتقادي قد يكون خاطئًا. لطالما اعتبر الفلاسفة القصدية ظاهرةً مُحيِّرة؛ إذ يصعب تصوُّر كيف يمكن أن تنشأ في عالَم مادي بحت. ففي نهاية المطاف يُفترض أن الحالات العقلية تعتمد في الأساس على الدماغ، وبالتبعية على الخلايا العصبية وترابطها، لكن الخلايا العصبية بحد ذاتها ليس لها مُتعلَّق خارجي أو محتوًى تمثيلي. فكيف تُفسَّر القصدية إذَن في العالم الذي يَصفُه العِلم الحديث؟
إيجازًا، نشأت فلسفةُ علم الأحياء باعتبارها مجالًا بحثيًّا قائمًا بذاته نتيجةَ ثلاثة عوامل: الاحتياج إلى رؤية عن العلم أقل ارتكازًا على الفيزياء؛ ووجود معضلات مفاهيمية في علم الأحياء نفسه؛ والمنحى الطبيعاني الذي سلكَته الفلسفة في مُجمَلها. يستعرض هذا الكتاب فلسفةَ علم الأحياء بأسلوب لا يفترض وجود معرفة متخصصة لدى القرَّاء، فلسفية كانت أو علمية. ويركز في الأساس على علم الأحياء التطوُّري وعلم الوراثة؛ إذ كانا مجالَي علم الأحياء الأكثر جذبًا للاهتمام الفلسفي في السابق. أمَّا في السنوات الأخيرة فقد تغيَّر الحال نوعًا ما، إذْ حوَّل فلاسفةُ علم الأحياء تركيزهم إلى مجالاتٍ مثل علم الأحياء النمائي وعلم المناعة وعِلم الأحياء الدقيقة. وقد فتحَت هذه التطوُّرات المثيرة آفاقًا جديدةً للبحث الفلسفي في العلوم الحيوية.
هذا الكتاب مُنظَّم على النحو التالي. يضع الفصل الثاني الخطوط العريضة لنظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي، مُفسِّرًا مكانتها الفريدة في علم الأحياء وأهميتها الفلسفية. ويبحث الفصل الثالث مفهوم الوظيفة البيولوجية ويتعرَّض للجدل المثار في علم الأحياء التطوُّري حول «التكيُّف». ويستعرض الفصل الرابع مسألةَ مستويات الانتخاب، التي تناقش ما إذا كان الانتخاب الطبيعي يعمل على مستوى الأفراد أم الجينات أم الجماعات. ويناقش الفصل الخامس التصنيف البيولوجي، مُركِّزًا على ما إذا كانت هناك طريقة «صحيحة» لإلحاق الكائنات بالأنواع، والأنواع بوحدات تصنيف الأعلى. ويستعرض الفصل السادس المسائلَ الفلسفية المتعلقة بعلم الوراثة، مع التركيز على مفهوم الجين نفسه. ويبحث الفصل السابع انعكاساتِ علم الأحياء على الإنسان، متسائلًا ما إذا كان من الممكن تفسير السلوك والثقافة الإنسانيَّين بيولوجيًّا.