بدء مغامرتي على الشاطئ
في صباح اليوم التالي، بدت الجزيرة مختلفة تمام الاختلاف؛ إذ كان يعلو غاباتها الرمادية المهيبة، وامتداداتها من الرمال الذهبية، وتلالها الثلاثة البارزة؛ تل سباي جلاس، مما بث الخوف في نفسي. تمايلت السفينة وشعرت بدوار البحر والإعياء، وخلت أن مغامرتي قد دُمرت لأنني صرت الآن أكره مجرد التفكير في جزيرة الكنز.
وطوال حر النهار اشتغلنا بلا انقطاع، لكن الطاقم فجأة بدا فظًّا وشرسًا، سيلفر وحده هو من حاول جاهدًا أن يجعلهم لا يبدون بهذه الصورة. وصار جليًّا لنا أن ثمة تمردًا علينا يوشك أن يحدث، ولمّا أخذنا نقترب من الخليج المزمع أن نرسو عنده، وكان يسود هناك صمت رهيب، كان الشيء الوحيد الذي بمقدورنا أن نسمعه هو صوت ارتطام الأمواج. وقد عرفنا نحن من تقابلنا الليلة المنصرمة في الجزء السفلي من السفينة أن مخاوف سيلفر هي أسوأ نذير. والتقينا مرة أخرى في الكابينة في محاولة لاختيار الحل الأفضل.
قال الكابتن: «إذا أصدرت أمرًا واحدًا آخر، فسيحدث تمرد. وإذا لم أصدر، فسيدرك سيلفر أنني متراجع لأنني عرفت خطته، وعندئذ سيكون قد قُضي علينا.»
قال تريلوني: «إذن ما الذي بمقدورنا أن نفعله؟»
أجاب الكابتن: «أقترح إرسال الرجال إلى الشاطئ لقضاء وقت الأصيل، فإذا انحاز الجميع إلى جانب سيلفر، فلا بدّ أن نسيطر على السفينة، أما إذا لم يفعل أحد هذا، فسنتحكم في الكابينة فحسب. لكن إذا ذهب البعض — انتبهوا إلى كلامي — فسوف يعيدهم سيلفر خاضعين مرة أخرى كالحملان.»
وعليه تقرر هذا، وأطلعنا هانتر، وجويس، وريدروث على خطتنا، وأعطينا كل واحد منهم مسدسًا. وصعد الكابتن إلى الجزء العلوي من السفينة وأعلن عن جولة حرة.
اقترح الكابتن: «من منكم يحب أن يذهب إلى الشاطئ فليذهب، ولسوف أطلق النيران من البندقية قبل مغيب الشمس بنصف ساعة كي تعرفوا موعد العودة إلى السفينة.»
وعندئذ قفز الرجال من السفينة وكأنهم سوف يعثرون على الكنز متى وطئت أرجلهم أرض الجزيرة، وانفرجت أساريرهم وصاروا مبتهجين. وسرعان ما نزل الكابتن إلى الجزء السفلي من المركب، وبالطبع نظم سيلفر الرجال وكأنه هو الكابتن الحقيقي لهم.
وكان الرجال المخلصون الذين رافقوهم حمقى، أو ربما كانوا متكاسلين أو متبلدين؛ فقد تعمد معظمهم أن يضل الطريق كي يتحاشوا أعباء العمل. لكنه أمر مختلف أن يشتركوا في مؤامرة للاستيلاء على السفينة ويقتلون الأبرياء. في نهاية الأمر، ذهب ثلاثة عشر رجلًا إلى الشاطئ ومكث ستة رجال على متن السفينة.
وعندئذ فقط سأصير إما رجلًا شجاعًا أو شخصًا أحمق، لا يمكنني أن أقرر، لكنني عزمت على أن أختبئ في أحد القوارب. ولم يكن القارب الذي نزلت فيه هو القارب الذي يوجد سيلفر على متنه، لكنه لمحني وأنا أتسلل خارج السفينة، فنادى اسمي أكثر من مرة.
وعندما رسا قاربنا على الشاطئ أولًا، قفزت منه، وركضت نحو الأشجار، واختبأت في الغابة. وبدأت أندم على قراري، لكني عدوت وظللت أعدو إلى أن خارت قوايَ.