الطبيب يواصل سرده للأحداث
ركضنا الآن نحو الحصن، ومع كل خطوة كنا نسمع صوت دنو القراصنة منا. وفي الوقت الذي قصدنا فيه الأرض الخالية من الأشجار، مرر الكابتن بندقيته الجيدة إلى تريلوني الذي رفعها إلى كتفه وصوب. استدرت وأعطيت سيفي لجراي الذي يسعدني أن أقول إنه بصق على يديه، وأمسكه، وأخذ يلوح به في الهواء. لقد انضم إلى الجانب الصحيح.
وكنا نتقدم نحو الحصن عندما ظهر بعض المتمردين، لقد توقفوا فجأة، وأخذنا أنا وتريلوني نطلق النيران، وكان هانتر وجويس يطلقان النيران أيضًا من داخل الحصن، فأردينا أحد الأعداء قتيلًا على إثر إصابته برصاصة في القلب. وتفرق البقية.
وما إن بدأنا نشعر بالانتصار حتى سمعنا دوي طلقة سقط على إثرها توم ريدروث المسكين، وكان من الجلي أنه يحتضر، أما بقية المتمردين فقد تقهقروا، فحملنا ريدروث المسكين على ظهورنا إلى الحصن، وهناك بعدما طلبنا من تريلوني أن يتلو عليه الصلوات ويسأل له الغفران، مات.
وعندئذ فرّغ الكابتن جيبه من الأشياء الكثيرة الصغيرة التي كان يحملها: قلم، وحبل، وحبر، وتبغ، ودفتر السفينة. ثم صعد إلى سقف الحصن وهناك ربط علم إنجلترا إلى قمة شجرة مقطوعة، كان قد جرها إلى أعلى بعناء شديد. وبعدما انتهى من هذا نزل إلى أسفل وسألني عن توقعي لعدد الأسابيع التي يمكن أن نمضيها قبل أن تأتي سفينة أخرى للعثور علينا في حال لم نعد من حيث أتينا. أجبته أنه من المحتمل أن نمضي شهورًا وليس أسابيع قبل أن تأتي سفينة أخرى. عندئذ قال الكابتن إننا لم نجلب المؤن الكافية.
«من المؤسف أننا فقدنا الشحنة الثانية، نحن في ورطة بدونها.»
في تلك اللحظة سمعنا قذيفة مدفع مرة أخرى، وسمعنا صوت القذيفة تضرب البقعة التي وراء الحصن، فأدركنا أنهم يحاولون إطلاق النار علينا، لكننا لم نشعر بالفزع.
قال الكابتن: «استمر في القصف، لن تستطيع البتة أن تضربنا من مكانك، ولكنك ستصنع لنا معروفًا عندما تستنفد كل ما لديك من بارود.»
وبعدئذ أطلق المدفع قذيفة أخرى بلا هدف. واستمر الحال على هذا المنوال طيلة المساء. وفي وقت لاحق من هذه الليلة، تبرع جراي وهانتر بالخروج في محاولة لإنقاذ المؤن من المياه الضحلة حيث تركها المدّ المنخفض على الرمال، الأمر الذي كان بلا جدوى؛ إذ وجدوا أن رجال سيلفر قد استولوا على معظمها بالفعل، وحاصروا بقيتها، وكان كل فرد يحمل بندقية جلبوها بلا شك من مخابئ خاصة بهم.
أخذ الكابتن يدون حالتنا في دفتره: «ألكسندر سموليت: القبطان، وديفيد ليفزي: طبيب السفينة، وإبراهام جراي: معاون بحري، وجون تريلوني: مالك، وجون هانتر وريتشارد جويس: خادما المالك وفلاحان، هؤلاء هم جميع من تبقوا ومعهم مخزون من المؤن يكفي مدة عشرة أيام. أما توماس ريدروث فقد لقي مصرعه على إثر طلق ناري، وجيم هوكينز …»
وفي الوقت الذي كاد ينتهي فيه من الكتابة، سمعنا صرخة سعادة، هرعت إلى الخارج في الوقت المناسب كي أرى جيم هوكينز في وافر الصحة والأمان، يتسلق سور الحصن.