الهجوم
ما إن اختفى سيلفر، حتى التفت إلينا الكابتن وعنفنا بضرواة لتركنا مواقعنا، ولم ينج من هذا التوبيخ سوى جراي الذي ظل مكانه. وعندئذ حشونا بنادقنا وتأهبنا للآتي.
قال الكابتن: «لست في حاجة لأخبركم بالآتي. هم يفوقوننا عددًا لكننا باستطاعتنا أن نحارب لو اتبعنا خطتنا.»
انتعش كل فرد فينا باحتساء كوب ماء بارد من نبعنا، وصرنا على أهبة الاستعداد. وأطفأنا النيران لكن الدخان لا يزال يتراقص في الهواء. واتخذ كل منا موقعه، وعندئذ سأل جويس، الخادم، إن كان من المفترض أن يطلق النيران لدى رؤية أحد الرجال.
صرخ الكابتن: «قطعًا.» وبعدها جلس منتظرًا مستشيطًا غضبًا. ودون أن يهدر جويس أي وقت، أطلق النيران صوب الغابة، وجرى الرّد على ذلك بثلاث طلقات.
سأل الكابتن: «هل أصبته؟»
أجاب جويس: «لا يا سيدي، لا أظن ذلك.»
ومنذ تلك اللحظة لم ينقطع الهجوم المتواصل. وظهرت مجموعة من القراصنة تخرج من الغابة متجهة صوب سورنا مباشرة، واحتشدوا فوق السور كالقرود، فأطلقنا جميعًا النيران، فسقط منهم ثلاثة رجال، وقفز رجل خفيف الحركة ثم اختفى، واخترق أربعة رجال السور، وواصل سبعة رجال أو ثمانية التصويب نحونا دون أن يحدثوا تأثيرًا يُذكر، إذ كانت تصويباتهم تعجز عن الوصول إلينا.
لكن سرعان ما داهمنا القراصنة الأربعة بضراوة، وانقلب وضعنا جميعًا، فبعدما كنا نغطي المكان تغطية آمنة، صارت ظهورنا مكشوفة؛ إذ كانت هناك هجمات نارية في كل الأرجاء، وتأوهات، ولعنات، ودعانا الكابتن إلى أن نستل سيوفنا ونحارب وجهًا لوجه وسط السحابة الدخانية.
أحكمت قبضتي على سيفي فأصيبت أصابعي، ورأيت أحد القراصنة يمسك ببندقية هانتر ويضربه بها ضربة عنيفة، ورأيت الطبيب يصيب أحد المتمردين بجرح في وجهه، وسمعت الكابتن يتأوه تأوهات الإصابة.
التفتُ لأجد القرصان أندرسون يداهمني شاهرًا سيفه، لم يكن لدي متسع من الوقت حتى أشعر بالخوف، إذ فقدت توازني، وسقطت من أعلى التل مباشرة. وعندما استقررت على الأرض، رأيت أحد القراصنة يقفز من على السور وخنجره في فمه. وفجأة انتهى القتال.
ضرب جراي أحد القراصنة بسيفه، ومات آخر رميًا بالرصاص لدى اقتحامه المبنى، وثالث مات على يد الطبيب. وكان الرابع يلوذ بالفرار الآن من فوق السور.
صرخ الطبيب فينا جميعًا بصوت مرتفع كي نطلق النيران، لكننا لم نعد قادرين على المضي قدمًا في القتال. وفجأة بعدما ولوا جميعهم الأدبار، شاهدت خسائرنا؛ كان هانتر مرميًّا على الأرض فاقدًا الوعي، وجويس ميتًا إثر إصابته بطلق ناري في رأسه، وتريلوني ممسكًا بالكابتن الشاحب الوجه.
قال السيد تريلوني: «الكابتن جريح!»
سأل الكابتن: «كم قرصانًا قتلنا؟»
أجاب الطبيب: «خمسة.»
بالكاد شعر الكابتن بالرضا بما أنجزناه.
قال الكابتن: «حسنًا، الآن تبدو فرصنا في النجاح واعدة، فقد ارتفع عدد القتلى من أربعة إلى تسعة. وكنا نحن سبعة في مقابل تسعة عشر من قبل.»