رحلتي البحرية في الزورق الصغير
عندما استيقظت من غفلتي كان قاربي الصغير يندفع بشدة نحو الطرف الجنوبي من جزيرة الكنز، وكنت متعبًا من شدة الظمأ، ووجدت نفسي أدخل وأخرج من أمواج عاتية تتقاذفني جيئة وذهابًا بلا توقف.
ولم يكن بمقدوري أن أجدف، ووجدت أنني إما سأغرق أو أتحطم على الصخور الحادة إن اقتربت من الشاطئ. ورأيت ما يشبه الحيوان الرخوي الضخم على الصخور، وعرفت فيما بعد أن هذا الحيوان كان أسد البحر يجلس في الشمس.
وأدركت أنني لن أستطيع الاتجاه نحو الشاطئ وأنني كنت اتجه شمالًا نحو مرسى منطقة وودز. وظننت أنه ربما بمقدوري أن أرسو هناك، وكنت لا أزال أسير وسط الأمواج عندما أدركت أنني لو جعلت القارب يسير وحده مع الأمواج، فسأحرز تقدمًا. تحرك القارب فوق الأمواج كورقة الشجر، وظننت أنني قد أصل إلى اليابسة، لكن ذلك لم يقدر لي.
ولمّا كنت أتقلب في الشمس الحارقة، حيث كان رأسي يحترق وقد جفّ حلقي، انجرفت إلى ما بعد البقعة التي يرسو عندها القارب. ترى ما الذي كان يجدر بي فعله؟
وبينما كنت أدور حول الرأس التالي، إذ بالهيسبانيولا تتجه بكامل سرعتها نحوي. في بادئ الأمر ظننتها ستتجه في الاتجاه الآخر، وعندئذ ظننت أن البحارين قد أفاقا من نومهما الثقيل وهما يتعقبانني الآن. وعندما تحركت السفينة حركة غريبة أخرى، ارتبكتُ وشُل ذهني عن التفكير.
وعندما رأيت السفينة العملاقة تتقاذفها الأمواج، أدركت أنه لا أحد يقودها؛ فإما أن الرجلين عمدا إلى الاختباء على سطح السفينة أو أنهما هجرا السفينة، وعندئذ خطر ببالي أن أحاول أخذ السفينة وأردها إلى قبطانها.
أيُعقل هذا؟ أيمكنني أن أصعد على متن السفينة وأقودها وأعود بها؟ ماذا لو أن القرصانين المرتعدين كانا لا يزالان على متنها، هل بمقدوري أن أوثقهما، وأتولى دفة السفينة؟ تحمست للفكرة، وحاولت أن أشق طريقي نحو السفينة استمرت في الإبحار نحوي وكانت الأمواج تتقاذفها والرياح تعصف بها.
اقتربت من جانب المركب، ووجدت أنه ليس لدي سوى فرصة واحدة، وكنت أستطيع أن أرى معدات السفينة المصنوعة من النحاس اللامع، وظننت أن الأمر قد يكون يسيرًا. لكن الرياح توقفت وظلت السفينة في مكانها. وعلى حين غرة، أخذت السفينة تدور وهي متجهة نحوي، وكانت نافذة الكابينة لا تزال مفتوحة. اقتربت السفينة، ورأيت أنها قد تلف حولي، وأن عمود مقدمة السفينة، الذي هو عارضة خشبية تنتأ من مقدمة السفينة؛ سيكون فوق رأسي. قفزت كالصاروخ من القارب إلى الهواء ممسكًا بالعمود، وفجأة ارتفعت السفينة إلى أعلى ثم هبطت إلى أسفل على قاربي الصغير محطمة إياه، وأدركت عندئذ أنه لا سبيل للعودة إلى الوطن إلا عن طريق الهيسبانيولا.