التفتيش عن الكنز
قال سيلفر: «جيم، إن كنت قد أنقذت حياتك، فأنت أنقذت حياتي أيضًا؛ لقد رأيت كيف أن الطبيب طلب منك أن تهرب، وأنت لم تفعل، وبهذا الصنيع أنقذت حياتي، والآن انظر، لقد كرهت هذه المهمة. وأنا لا أعرف ما الذي يقصده الطبيب بالرياح العاتية، كما لا أحبذ التفتيش عن الكنز اليوم. دعنا نظل قريبين أحدنا من الآخر.»
عدنا لتناول الإفطار حيث تغيرت طباع سيلفر مرة أخرى إذ صار سوقيًّا ومتبجحًا وقال إن الطبيب أخبره أن السفينة مخفية. وذكر أنه أعد خططًا مؤكدة سوف تمكنهم من العثور على الكنز سريعًا وأنهم سيبحرون في أعالي البحار وسيحتفظون بي رهينة.
ضحك الرجال وبدا عليهم أنهم مستعدون لأي شيء، وأدركت أن سيلفر ما زال يعمل لصالح الجانبين. وساورتني المخاوف من أن يكتشف أفراد طاقمه ولاءه الجديد للطبيب وعندئذ سأضطر أنا وهو أن نحاربهم معًا، يا له من مشهد مفزع ذلك الذي سيئول إليه الحال إذا حدث هذا؛ فها هو رجل ذو ساق واحدة وأنا صبي ضد خمسة قراصنة عتاة.
وساورتني المخاوف أيضًا من ألا أستطيع أن أفهم تصرفات أصدقائي؛ لماذا هجروا الحصن، وسلموا الخريطة؟ وما موضوع التحذير من الرياح العاتية؟ اجتاحت ذهني العديد من الشكوك عندما شرعنا في رحلتنا.
تسلح كل رجل بالعديد من الأسلحة، وقاد سيلفر الزمرة البائسة باستخدام بندقيتين، ومسدسين، وسيف مقوس قصير وثقيل يُسمى القطلس، وعلى كتفه ببغاؤه — كابتن فلينت — يثرثر. وكان منظرنا رائعًا ونحن في طريقنا.
اتبعنا التعليمات، وتحققنا من الخريطة واختلف الرجال حول الشجرة الطويلة الموجودة في الخريطة؛ فأخذ كل واحد ينتقي شجرته المفضلة، وقال لهم سيلفر إنهم قريبًا سيعرفون من على صواب.
واصلنا المسير في سهولة ويسر، وعندما استدرنا يسارًا وصلنا إحدى القمم. ثم انتقلنا إلى غابة أكثر كثافة، وفجأة سمعنا صوت أحد أفراد الطاقم يصرخ مذعورًا. أسرعنا كلنا في زمرة واحدة إليه ورأيناه يحدق إلى أسفل في هيكل عظمي لرجل يرقد بجانب إحدى الأشجار.
سأل سيلفر: «ما هذا الاتجاه الذي ترقد فيه العظام؟ هذا أمر غير مألوف.» نظرنا جميعًا إلى الهيكل العظمي فوجدناه يرقد مستقيمًا، مما بدا غريبًا. عندئذ أخرج سيلفر بوصلته، واتبع الاتجاه الموازي للخط المستقيم للهيكل العظمي.
قال سيلفر: «لقد ظننت ذلك، هذا هو المؤشر، لا بدّ أنها مزحة من مزاح فلينت الطريف. وهذا أحد الرجال الذين قتلهم فلينت، انظروا إلى شعره، هذا أولاردايس. أتتذكره يا توم؟»
أجاب توم: «نعم، نعم أتذكره، لقد كان يدين لي ببعض المال.»
ردّ رجل آخر: «لم أحب فلينت هذا قط؛ لم أحب طريقته عندما يثور أو يلعن أو يغني تلك الأغنية الوحيدة. لقد كان يجلب النحس …»
قال سيلفر: «هيا بنا الآن، كفى هذا النوع من الحديث، لنركز تفكيرنا على الكنز الآن ودعونا نتحرك!»
فعلنا ما أمرنا به، لكن الرجال أخذوا يسيرون مقتربين بعضهم من بعض وفي هدوء، ولم يعودوا يتحدثون حديثهم الخالي من الهموم؛ فقد أذاب قلوبهم هيكل البحّار العظمي الذي وضعه فلينت مؤشرًا.