نهاية الرجل الكفيف
طرد الفضول خوفي؛ فخرجت من أسفل الجسر إلى الطريق ورأيت رءوس أعدائي وهي تبزغ وسط الضباب، وكان يقودهم الرجل الكفيف، وبعد قليل بلغ سبعة أو ثمانية منهم الباب.
صرخ الرجل الكفيف: «اكسروا الباب!» وعلى الفور تدافع الرجال نحوه، واشتدت دهشتهم عندما رأوه مفتوحًا، ثم صرخ فيهم ليدخلوا. وفي لحظات كان الرجال داخل حانتنا، وفجأة سمعت صرخة فزع: «مات بيل!»
نهاهم الرجل الكفيف عن النواح، وأمرهم بالبحث عن المفتاح في جثة بيل. تدافع الرجال إلى أعلى، وبعدئذ فتحوا النافذة على مصراعيها وصرخوا قائلين: «أولد بيو! لقد سبقنا شخص ما إلى هنا، فالصندوق مفتوح، لكن المال لا يزال هنا!»
ردّ عليهم: «ملعون المال! أين «قبضة فلينت»؟ هل هي موجودة حول جثته؟»
بحث الرجال لكنهم لم يعثروا على شيء. عندئذ صرخ بيو الكفيف بصوت عظيم: «إنه الصبي، ليتني اقتلعت عينيه، لقد كان هنا منذ قليل؛ فقد كان الباب موصدًا منذ لحظات، لا بدّ أنه قريب. انتشروا واعثروا عليه!»
انتشر الرجال في كل أنحاء الحانة يقلبون كل شيء يعترض طريقهم وهم يحاولون العثور علينا، وعندئذ سمعنا صوت صفير يدوي مرتين من ناحية التل.
قال أحد الرجال: «إنهم رجال الدرك، لا بدّ أن نرحل الآن!»
لكن بيو انتهرهم وقال عن رجال الدرك إنهم جبناء، ونعت رجاله بالحمق لأنهم لا يجدُّون في البحث.
صاح بيو: «اعثروا على الولد وسنعيش ملوكًا! لقد كنتم جميعًا جبناء فلم تواجهوا بيل، إلا أنا، وأنا الكفيف!» وعندئذ أخذ بيو يلوح فيهم بعكازه مما أثار جلبة عظيمة بينهم.
وعلى الفور أخذوا يتعاركون كالقطط والكلاب. وفجأة، أوقف ضجيجهم صوت وقع حوافر الخيل وصوت دوي طلقة مسدس، فولى القراصنة الأدبار في كل الاتجاهات، ولم يتبق سوى بيو الذي أخذ ينقر بعكازه ويسبهم ويلعنهم وهو يمر إلى جانبي مباشرة. وعندما سمع صوت راكبي الخيل، استدار وأخذ يركض في هلع، وزلّ تحت أقدام خيل من خيولهم، فسقط عند أقدامهم ساكنًا بلا حراك.
لاحظت أن راكب الخيل صبيًّا من المدينة وبصحبته عدد من رجال الشرطة، وقد أدركوا على الفور ما حدث وانطلقوا لمطاردة القراصنة، ولم يقلل من سرعتهم سوى حالة الجو، والحاجة إلى الحفاظ على خيلهم لتسلق التلال الشديدة الانحدار. وعندما بلغوا مرسى السفن، وجدوا أن قاربًا صغيرًا قد انطلق بالفعل وأن القراصنة قد أفلتوا من العقاب. عادت أمي إلى وعيها في الحانة، لكن بيو الضرير لم يعد، إذ لقي حتفه.
ووجدنا الحانة خرابًا، وبعد أن أخبرتهم قصتي، أدرك رئيس الشرطة أنهم كانوا يسعون وراء لفافة الورق التي أحتفظ بها في معطفي. وقررنا في عجالة أن نشق طريقنا إلى منزل الطبيب ليفزي كي نحفظ هذه الأوراق في مأمن بعيدًا عن أيديهم. بعدها ساعدني الشرطي على امتطاء جواده، وخرجت مرة أخرى في ظلام الليل.