جمع الطاقم
استغرق الاستعداد للرحلة وقتًا طويلًا، وكان لدى كل من الطبيب وتريلوني عمل يقوم به، ومكثت في الردهة تحت حراسة ريدروث، الحارس، أنتظر في شغف. أمضيت وقتي أدرس الخريطة وأخذت أتخيل ما ستكون عليه الرحلة؛ رحلة محفوفة بالمخاطر والأعداء ومليئة بحياكة الدسائس والمؤامرات. لكن بالطبع لم يكن شيء مما خِلتُ غريبًا ومأساويًّا كما كان الحال عندما بدأت الرحلة الفعلية.
في أحد الأيام وصل خطاب موجه إلى الطبيب ليفزي وإليّ أنا شخصيًّا. فتحته وريدروث يقف إلى جانبي، وقرأته بتمعن؛ لقد عثر تريلوني على سفينة تُدعى «هيسبانيولا»، اشتراها من رجل يُدعى بلاندلي، وقد أقر أن هذا الرجل كان يتحدث في المدينة عن الكنز الذي سنبحر من أجله. وقد التقى مصادفة ببحار قديم عرض لضيق حاله أن يكون طباخ السفينة، وذكر أن بمقدوره أن يساعد في تجميع طاقم للسفينة.
ذكر تريلوني في خطابه: «اسمه لونج جون سيلفر، وقد فقد إحدى ساقيه في سبيل الوطن، وهو لا يتقاضى معاشًا، لذا عينته على الفور، فهو رجل عظيم ونحن محظوظون لانضمامه إلينا!»
علاوة على أن لونج جون سيلفر ساعده في اختيار طاقم عمل من أجل رحلتنا، من ضمنه رجل يُدعى أرو في وظيفة مساعد أول للقبطان. أنهى تريلوني خطابه بتعبيره عن شغفه الشديد بشأن رحلتنا البحرية، واقترح أن أقضي يومين مع والدتي قبل الرحيل.
وجدتُ أمي بصحة جيدة، وسررتُ عندما رأيت أن تريلوني أصلح حانتنا وأعاد طلاءها، علاوة على أنه أرسل صبيًّا ليساعد أمي، وعندما رأيت أن هناك من حلّ محلي في حانتنا، بكيت؛ إذ لم يكن يسيطر على تفكيري طوال الفترة الماضية سوى المغامرات، والآن أدركت أنني كنت في حقيقة الأمر أبتعد عن بيتي. وفي الصباح التالي أخذت أفكر في الكابتن بيلي بونز وفي الطريقة التي كان يمشي بها على الشاطئ، وبعد قليل أصبحت حانة أدميرال بينبو بمنأى عن النظر.
وبعد ذلك أخذنا العربة إلى بريستول، ورأيت رصيف الميناء ومراسي السفن مكانًا شديد الازدحام يعج بالضوضاء والحركة، تفوح منه رائحة القار والملح. وكان هناك بحارة يرتدون أقراطًا في آذانهم، وبحارة يضفرون شعورهم، وبحارة يسيرون مختالين كالطواويس، وظننت أنني سأصير الآن واحدًا منهم فابتهجت! وبعدئذ قابلنا تريلوني الذي كان يرتدي ملابس الأميرال البحرية بكامل حليها وأناقتها.
صرخت: «سيدي، متى سنبحر؟»
أجابني: «سنبحر غدًا.»