عند علامة تل سباي جلاس
بعد الإفطار، أرسلني تريلوني لمقابلة لونج جون سيلفر عند علامة تل سباي جلاس، شققت طريقي إلى هناك، ووجدت خمارة تعج بأناس يشتغلون بالبحر يتحدثون بصوت مرتفع، وقلما توقفوا عن غنائهم وضحكاتهم، رأيت رجلًا مبتور الساق من الفخذ، فعرفت أنه بالتأكيد لونج جون سيلفر.
وكان يحمل عكازًا ويقفز بسرعة رهيبة، يتهلل ويضحك وسط الزبائن. ولطالما كان يخالجني الشعور بالقلق من أن يكون هو نفسه الرجل ذا الساق الواحدة الذي كان الكابتن يخشاه بشدة، لكن الآن وبعد أن رأيته، وجدت أن الفرق شاسع بينه وبين بيو، والكابتن، وبلاك دوج. لذا دنوت منه وسلمته خطاب تريلوني، فصافحني الرجل بحفاوة وابتسم.
قال الرجل بصوت مرتفع: «إذن أنت خادمنا الجديد!»
وفجأة وثب رجل من مكانه واتجه صوب الشارع، فعرفت على الفور هذا الرجل من أصابعه المفقودة؛ فصرخت قائلًا لقد رأيت بلاك دوج الآن.
ردّ سيلفر: «لا آبه من يكون هذا الرجل، سينال جزاء أفعاله الشريرة على كل حال.» ثم أرسل رجاله في أعقابه، ثم سألني عن الرجل وقال لي إن اسمه لم يرد على مسامعه قط. وبعدئذ أمسك بتلابيب الرجل الذي كان يتحدث إلى بلاك دوج، فاعترف بأن الرجل الكفيف المتسول كان يجلس في الحانة أيضًا، وأخبرنا أن اسمه … بيو!
تحمس سيلفر حماسًا شديدًا بشأن تعقب بلاك دوج، وأكد لي أن «بن» رجله سيعثر عليه.
قال سيلفر: «أكان يتحدث عن إلقاء شخص في البحر من على ظهر السفينة؟ إنه هو من سألقيه عن ظهر السفينة إلى البحر إذا واتتني الفرصة!»
وفي الوقت الذي كان يصيح فيه مهددًا ومتوعدًا، أخذ يقفز بعكازه ويلعن بلاك دوج وأمثاله. ارتبت لرؤية بلاك دوج، لكن جون سيلفر أجاد إخفاء مشاعره. لقد كنت واثقًا تمام الثقة أنه رجل برئ، وقد كان بارعًا في إقناعي بهذا؛ وأخبرني كم يساوره القلق من أن أظن به السوء لاستضافته أمثال أولئك الرجال الوضيعين في خمارته، وقد أقنعني أنه لولا أنه وحيد القدم، لقبض على بلاك دوج بنفسه.
وقررنا أن نبلغ السيد تريلوني على الفور، ونزلنا إلى الماء. وهناك كان يضحك، ويخبرني بقصص البحر القديمة، وشرح لي أنواع القوارب المختلفة وحمولتها والطريقة التي تُصنع بها، وقد كرر على مسامعي بعض الجمل حتى حفظتها عن ظهر قلب فصرت كالبحار المحنك، وبدأت أنظر إليه على أنه أفضل الملاحين جميعًا.
وعندما وصلنا كان الطبيب ليفزي هناك، فأخبر سيلفر الرجلين القصة بطريقة مثيرة، وطلب تصديقي على ما رواه؛ فأومأت بالإيجاب على كل ما قاله، وعندما انتهينا شق طريقه عائدًا مرة أخرى إلى الخمارة، واتفقنا على أن نكون على ظهر السفينة في تمام الساعة الرابعة بعد الظهر.
قال الطبيب: «حسنًا يا تريلوني، لا أثق كثيرًا في رأيك، لكن سيلفر رجل بارع!» ثم التفت إليّ وقال: «والآن يا جيم هوكينز، لنذهب لتفقد سفينتنا!»