الكابتن تساوره الشكوك
على الفور شققنا طريقنا إلى الميناء حيث ترسو سفينة «الهيسبانيولا» إلى جانب السفن العملاقة، وعندئذ التقينا السيد أرو، مساعد القبطان، الذي دعانا إلى إعادة النظر إليه أقراطُ أذنه وحوَلُ عينيه. وبعدها بوقت قصير التقينا الكابتن سموليت الذي طلب التحدث مباشرة إلى تريلوني والطبيب في كابينة تريلوني.
قال تريلوني: «حسنًا كابتن سموليت، ما الذي تريد أن تقوله؟»
عبس وجه الكابتن ورفض أن يُنمِّق كلامه؛ إذ كان رجلًا صريحًا.
قال الكابتن: «لا أحب الرجال، كما لا أحب مساعد القبطان، هذا بالمختصر المفيد.»
ولم يكن لديه أي شكاوى بشأن السفينة، لكنه مضى في حديثه يشرح أنه يظن أن الرجال يعرفون الكثير بشأن مسألة الكنز، ولا يصح أن يعرف أقل مما يعرفون عن الرحلة.
– «لا أحب رحلات البحث عن الكنوز، وبالطبع لا أحب الرحلات التي يُخفى فيها شيء عني ويُخبر به ببغاء الطباخ الذي أفشى سر الكنز بالفعل. أرى الرحلة التي نحن مقبلون عليها محفوفة بالمخاطر.»
واسترسل الرجل في التأفف من الكثير من الأمور الأخرى، وسأل هل لا نزال عازمين على المضي قدمًا في هذه الرحلة سعيًا وراء الكنز؟
أجاب تريلوني: «عزيمتنا كالحديد!»
ردّ الكابتن: «حسنًا، إذن أقترح أن ننزع البارود من الأسلحة، كما أرجح أن ينام جميع رجالكم في نفس البقعة بجانب الكابينة، وأخيرًا أرجح عدم الإتيان على ذكر موضوع الكنز البتة، فالطاقم يعرف بالفعل مكان الجزيرة بالضبط.»
أكد تريلوني أنه لم يخبر أحدًا بشأن الكنز على الإطلاق، وقد صدقناه. كما أكد أن الطاقم عرف بطريقة ما بشأن رحلتنا وغايتنا، الأمر الذي كان ينذر بالخطر.
أضاف الكابتن: «لا أعرف من بحوزته الخريطة، لكني آمر بحفظها بعيدًا عن الجميع ولا سيما السيد أرو، وإلا فلن أقوم بهذه المهمة.»
كان من الواضح أن الكابتن يخشى وقوع تمرد على متن السفينة، ولم يهدئ من روعه سوى كلمات الطبيب المطمئنة. أما السيد تريلوني فقد شعر بالاستياء والامتعاض تجاه الكابتن.
قال الطبيب: «لقد سمعت ما قلت وسأنفذ ما طلبت، لكني أظن أنك خير من يقوم بهذه المهمة.»
لم يبال الكابتن بهذا، وبعد قليل صعدنا على ظهر السفينة الرائعة لنتفقدها. وقد أروني فراشي المعلق، ومجموعات البارود والأسلحة، وعلى الفور تغيرت أماكن النوم.
وصل سيلفر ورجلان آخران بعد فترة وجيزة، وقد حاولوا الاعتراض على التعديلات التي أجريناها، لكن الكابتن انتهرهم وأمرهم على نحو حاسم بالنزول إلى الجزء السفلي من المركب.
قال الطبيب: «هذا رجل صالح يا كابتن.»
لكن كان من الواضح أن الكابتن لا يريد أن يفصح عن رأيه في الطاقم بأكمله، فقد أمرني أنا الآخر بنبرة حادة أن أذهب إلى الجزء السفلي من المركب كي أساعد سيلفر، موضحًا أن كل الناس سواء على متن السفينة، فلا يوجد من هم أفضل من غيرهم. وأؤكد أنني كنت أمقته بشدة في ذلك الحين.