المثقف والسلطة
«إن لكلِّ مُثقفٍ أو مُفكر جمهورًا وقاعدة؛ أيْ جمهورًا مُعينًا يَسمعه، والقضية هي: هل عليه أن يُرضي ذلك الجمهور، باعتباره زبونًا عليه أن يُسعِده، أم أن عليه أن يتحدَّاه؛ ومن ثَم يُحفِّزه إلى المعارضة الفورية أو إلى تعبئة صفوفه للقيام بدرجةٍ أكبر من المشاركة الديمقراطية في المجتمع؟ أيًّا كانت الإجابة على هذا السؤال، فإنه لا بد من مُواجَهة السلطان أو السلطة، ولا مَناصَ من مناقشة علاقة المُثقف بهما. كيف يُخاطب المُثقف السلطة: هل يُخاطبها باعتباره محترفًا ضارعًا إليها، أم باعتباره ضميرَها الهاوي الذي لا يَتلقى مكافأةً عما يفعل؟»
مَن هو المُثقف؟ وما دوره؟ وما علاقته بالمجتمع والسلطة؟ وما السمات التي يجب توافرها فيه؟ يُجيب عن هذه الأسئلة «إدوارد سعيد» في كتابه الذي يضم سلسلة «محاضرات ريث» التي ألقاها في محطة «بي بي سي» سنة ١٩٩٣، والتي قدَّم فيها رؤيتَه لصور المُثقف والتحديات التي تُواجِه جماعةَ المُثقفين في المجتمعات، مُستحضِرًا الكثيرَ من التجارب والنظريات والأعمال التي تناوَلت المُثقفين، مثل تعريف المُثقف عند «جرامشي» و«بندا» و«فوكو»، أو الأعمال الأدبية التي ناقشت تفاعُل المُثقف مع الواقع الاجتماعي مثل: صورة الفنان في شبابه ﻟ «جيمس جويس»، ورواية التربية العاطفية ﻟ «فلوبير»، ورواية آباء وأبناء ﻟ «تورجنيف». مع التطرُّق إلى المُثقف المَنفي وحالة الاغتراب المُلازِمة له، مع ذِكر نماذج لذلك. ويُؤكِّد على ضرورة استقلالية المُثقف عن كافةِ أشكال السلطة، والرؤيةِ النقدية التي تَستفزُّ القوالب النمطية الثابتة.
هذه النسخة من الكتاب صادرة ومتاحة مجانًا بموجب اتفاق قانوني بين مؤسسة هنداوي والسيد الدكتور محمد عناني.
تحميل كتاب المثقف والسلطة مجانا
تاريخ إصدارات هذا الكتاب
-
صدر أصل هذا الكتاب باللغة الإنجليزية
عام ١٩٩٦.
-
صدرت هذه الترجمة
عام ٢٠٠٦.
-
صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٢.
عن المؤلف
إدوارد سعيد: مُفكِّر وناقد أدبي فلسطيني أمريكي، وهو واحدٌ من أهم عشرة مُفكِّرين في القرن العشرين ومن أكثرهم تأثيرًا، لُقِّب بالصوت الأقوى في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وُلد في ١ نوفمبر ١٩٣٥م، بفلسطين لأبوَين بروتستانيَّين، وكان والده يخدم في الجيش الأمريكي، فمُنِحوا على إثر ذلك الجنسيةَ الأمريكية. درس في مدرسة القديس «جورج» الأنجليكانية بالقدس، وكلية «فيكتوريا» بمصر، و«نوثفيلد ماونت هيرمون» بالولايات المتحدة، ثم التَحق بجامعة «برينستون» وحصل على شهادة البكالوريوس في الفنون عام ١٩٥٧م، وماجستير الفنون عام ١٩٦٠م، وفي عام ١٩٦٤م حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة «هارفارد».
عمل أستاذًا ومحاضرًا للأدب المقارن في العديد من الجامعات الأمريكية مثل جامعة «هارفارد»، وجامعة «كولومبيا»، كما أصبح عضوًا في مركز الدراسات المتقدِّمة للعلوم السلوكية في جامعة «ستانفورد» للعام ١٩٧٥-١٩٧٦م، ورئيسًا لجمعية اللغات الحديثة، وعضوًا في مجلس العلاقات الخارجية، والرابطة الفلسفية الأمريكية.
أسَّس »سعيد« في كتاباته للعديد من النظريات الأدبية، ودراسات ما بعد الكولونية، والعلاقة بين الشرق والغرب، التي كان لها تأثيرٌ كبير في الأوساط الأكاديمية والثقافية في الولايات المتحدة وفي العالَم أجمع، ومن أبرز كتبه: «الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق» الذي قدَّم فيه أفكارَه عن دراسات الاستشراق الغربية المختصَّة بدراسةِ الشرق والشرقيِّين، و«تغطية الإسلام»، و«خارج المكان» (سيرة ذاتية)، و«الثقافة والإمبريالية»، و«من أوسلو إلى العراق وخريطة الطريق»، وغير ذلك من الدراسات الأكاديمية التي لا تزال محلَّ اهتمامِ الباحثين والمثقَّفين في جميع أنحاء العالم.
عُرف «إدوارد سعيد» بدفاعه المستمر عن القضية الفلسطينية؛ فكان عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني في الفترة من ١٩٧٧م حتى ١٩٩١م عندما استقال احتجاجًا على اتفاقية أوسلو، وكان من أوائل المؤيِّدين لحل الدولتَين، فصوَّت عام ١٩٨٨م لصالح إقامة دولة فلسطين، وقد تَناوَل في كتاباته الصراعَ العربي الفلسطيني مثل: «القضية الفلسطينية» ١٩٧٩م، و«سياسة التجريد» ١٩٩٤م، و«نهاية عملية السلام» ٢٠٠٠م، بالإضافة إلى كتابَين يتناولان اتفاقيةَ أوسلو، هما: «غزة أريحا: سلام أمريكي» ١٩٥٥م، و«أوسلو: سلام بلا أرض» ١٩٥٥م، فضلًا عن تسجيله فيلمًا وثائقيًّا لتليفزيون البي بي سي بعنوان «البحث عن فلسطين».
كما عُرِف عنه شغَفُه بالموسيقى ومهارتُه في عزف البيانو ببراعة، وكتابةُ العديد من المقالات والكتب حولَها، مثل: «مُتتاليات موسيقية»، و«المُتشابِهات والمُتناقِضات: استكشافات في الموسيقى والمجتمع»، و«النموذج الأخير: الموسيقى والأدب ضد التيار».
تُوفِّي «إدوارد سعيد» صباح يوم ٢٥ سبتمبر ٢٠٠٣م، بعد صراعٍ طويل مع مرض اللوكيميا استمر لمدة اثني عشر عامًا، تاركًا خلفه حياةً حافلة بالإبداع والفكر، كرَّسها لوطنه الأول فلسطين، وأكَّد على انتمائه العربي بالرغم من الغربة التي عانى منها طويلًا. وقد كان لوفاته صدًى واسعٌ في الأوساط الأكاديمية العالمية، فرثاه الكثير من مُثقَّفي العالَم ومُفكِّريه، كما أسَّست جامعة كولومبيا كرسيَّ «إدوارد سعيد» للدراسات العربية في قسم التاريخ، وأعادت جامعة بيرزيت تسميةَ مدرستها الموسيقية باسم «معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى» تكريمًا له.