في ضيافة السنيور «بنيتو»!
عند خروجهما من بوابة المطار لمح «أحمد» ثلاثة رجالٍ يقفون عند موقف انتظار السيارات … عرف على الفور أنهم الرجال الثلاثة الذين كانوا في السيارة «الفيراري» … فقد كان لأحدهم لحيةٌ سوداء لا تخطئها العين …
جذب «أحمد» ذراع «عثمان»، وقال: هؤلاء الرجال الثلاثة كانوا يطاردونني منذ ساعتَين في الشوارع … إن خروجنا أصبح مشكلة!
ولكن المشكلة حُلَّت في اللحظة التالية … فقد كان الرجل الذي أوصلَه بسيارته يخرج مع إحدى السيدات إلى سيارته التي كانت تقف أمام الباب مباشرةً.
أسرع «أحمد» يجذب «عثمان» إلى السيارة، وانحنى على الرجل مرةً أخرى وقال: معذرة يا سنيور … هل يمكن أن تأخذنا معك؟
صاح الإيطالي الطيب: طبعًا … يا لها من فرصة! … أُقدِّم لك زوجتي … لقد كانت في رحلة إلى القاهرة!
أحمد: وأُقدِّم لك صديقي … إنه قادم من القاهرة أيضًا!
كانت السيدة تجلس بجوار زوجها في المقعد الأمامي، فقفز «عثمان» و«أحمد» إلى الكنبة الخلفية في السيارة، وانطلقَت السيارة ومرَّت أمام الرجال الثلاثة، وأخفى «أحمد» وجهه بمنديله، وكأنه يمسح أنفه … ولم ينظر الرجال الثلاثة إلى السيارة طبعًا؛ فلم يتوقَّعوا أبدًا أن يكون بها «أحمد» …
كان «أحمد» يفكِّر أثناء الطريق في مكانٍ ثالث يقضيان الليل فيه … فمن الممكن أن يكون الفندق مُراقبًا، وكذلك الشَّقة المفروشة في شارع «لورنزو».
وقال الرجل الإيطالي والسيارة تقترب من مدينة روما: إلى أين تذهبان؟
أحمد: لم نُحدِّد مكانًا بعدُ … فهناك ظروفٌ تضطَّرنا للبحث عن مأوى!
الرجل: أرجو أن تقبلا ضيافتي.
وتحدَّث الرجل إلى زوجته التي التفتَت تنظر إلى «أحمد» ثم قالت: فعلًا … إنه يُشْبه «كارلو»!
وفهم «أحمد» أنها تُشير إلى ابنها الذي مات … وعاد الإيطالي الطيب يقول: ما رأيك أيها الشاب؟
أحمد: إنني في شدة الخجل أن أُثقل عليك!
وصلَت السيارة إلى فيلَّا مُقامةٍ وسط حديقةٍ واسعة، وانفتح باب الحديقة أُتوماتيكيًّا … ومرَّت السيارة، ثم نزل الأربعة، وقال السنيور «بنيتو»: مرحبًا بكما في منزلنا.
ودخل الأربعة الفيلَّا … كان الخدَم قد ناموا … وعَرضَت السيدة أن تُعِد طعام العَشاء، ولكن «أحمد» و«عثمان» رفضا تمامًا.
وقال «أحمد»: إنكِ متعبة من الرحلة، اسمحي لنا أن ندخل المطبخ ونُعِد طعامنا، وحدِّدي لنا مكان النوم!
ودخلا معًا المطبخ، وأخرج «عثمان» من حقيبته الصغيرة جهازًا يشبه الراديو الصغير، ثم أخرج الكارت البلاستيك ووضَعه في ثقب بالجهاز، فأضاءت بعضُ اللمبات الحمراء …
وقال «عثمان»: هذا جهازُ إرسال واستقبال دقيقٌ للغاية، من نفس النوع الذي تستخدمه العصابة، ولا يمكن تشغيله إلا بهذا الكارت!
أحمد: إنه معجزة!
عثمان: لقد تَوصَّل الباحثون في المقر السري إلى تصنيع هذه الجهاز في الشهور الأخيرة وكان موضع التجربة … وفي إمكانكَ وَضْع الجهاز في السيارة أو في أي مكان؛ فهو يعمل بالبطارية والكهرباء معًا … ويستطيع التقاط الإشارات وإرسالها من وإلى أي مكانٍ في العالم!
أحمد: وكيف نستفيد منه؟
عثمان: إن في إمكاننا الآن أن نحصل على الإشارات والتعليمات التي تدور في مقرها العائم على البحر … كما نستطيع تحديد مكان السفينة الإلكترونية!
أحمد: وهل تَمَّ وَضْع خطَّة للهجوم على هذه السفينة؟
عثمان: لقد طلبوا مني السفر فورًا إلى «روما» لمقابلتك، وسنتلقَّى تعليمات رقم «صفر» بالخطة خلال الساعات القادمة.
أحمد: إن رقم «صفر» سيتصل بنا إما في الفندق، أو في شقة شارع «لورنزو» … ولن يجدنا!
عثمان: لنتصل نحن به!
نظر «أحمد» إلى ساعته، كانت قد تجاوزَت الخامسة صباحًا … فقال «أحمد»: هيا نرتاح قليلًا، ثم نرى ما يأتي به النهارُ!
كانت الغرفة التي أشارت إليها زوجة السنيور «بنيتو» تقع في الدور الأرضي … فقاما إلى هناك، ووجدا فِراشَين جميلَين … استلقى كلٌّ منهما على سرير، واستغرقا في النوم فورًا!
عندما استيقَظ «أحمد» و«عثمان» كان النهار قد انتصف، ووجدا السنيور «بنيتو» قد غادر المنزل وزوجته، فتركا لهما رسالة شكر، ثم خرجا إلى الطريق … استوقفا سيارة تاكسي حملتهم إلى الشَّقة المفروشة … واتصلا برقم «صفر» الذي قال على الفور: «أين أنتما؟»
أحمد: إنها قصةٌ طويلة … ولكنَّا اضطُررنا لقضاء الليل في الخارج!
رقم «صفر»: «وصلت المعلومات عن طريق جهاز اللاسلكي الجديد!»
أحمد: لقد شرح لي «عثمان» كل شيء.
رقم «صفر»: «غدًا ليلًا تأخذان الطائرة إلى «نابولي»، ستجدان في الميناء يختًا سريعًا اسمه «سوان»، سيحملكما ومعكما «رشيد» إلى جنوب البحر المتوسط قرب شواطئ «ليبيا»، اليخت مزوَّد بصواريخَ عائمة، إنها صواريخُ انتحاريَّة … ويجب أن تكونوا على حذَر، سيشرح لكم المهندس المختص كيفية توجيهها …»
أحمد: سنقوم بالمهمة!
رقم «صفر»: «خذوا حذركم أنتم الثلاثة … مع تمنياتي لكم بالنجاح!»
جلس الصديقان يتحدَّثان عن المهمة القادمة …
قال «أحمد»: من الواضح أنها صواريخُ لا تُطلق من اليخت!
عثمان: إن اليخت أصغرُ من أن يُطلق صواريخ!
أحمد: سنذهب هذا المساء إلى الأوبرا لمشاهدة أوبرا عايدة، تُقدِّمها فرقةٌ مصرية، لعلنا نجد تذكرةً لك!
في الثامنة مساءً خرجا … استقلَّا تاكسيًا إلى الأوبرا، واستطاعا الحصول على تذكرة «لعثمان»، ولكن ليس بجوار «أحمد»، وقد استمتعا بالأوبرا … وخرجا قُرب منتصف الليل، والتقَيا عند المدخل …
قرَّر «أحمد» و«عثمان» أن يسيرا قليلًا إلى مطعمٍ قريب لتناوُل العشاء … وفي وسط زحام الخارجين من الأوبرا سارا … وفجأةً دفع «أحمدُ» «عثمانَ» وأسقَطه على الأرض، وارتمى هو أيضًا، وحدثَت ضجَّة بين السائرين، وسمع الناس صيحةَ ألمٍ تنطلق في وسط الزحام.
سحب «أحمدُ» «عثمانَ» من يده، ثم أخذه جانبًا بعيدًا عن الزحام … وكانت هناك حلقةٌ من الناس حول رجلٍ سقط على الأرض …
قال «أحمد»: لقد شاهدتُ الرجل الذي قتل «كارديلِّي» …!
عثمان: كيف عرفتَ؟
أحمد: إنه نفس الطبيب المزيَّف الذي تظاهَر بإسعاف «كارديلِّي»، بينما هو قد أطلَق عليه الرصاص من حقيبته … إنها حقيبةٌ بها بندقيةٌ قصيرةٌ بمجرَّد الضغط على زِرٍّ فيها ينطلق منها الرصاص الصامت للقضاء على الضحية دون أن يرى أحدٌ السلاح.