الصيد الكبير!
قال «أحمد»: من الخطر جدًّا أن نبقى في «روما» … سنذهب إلى نابولي الليلة!
عثمان: هل هناك أشياءُ هامَّة في الفندق أو الشَّقة؟
أحمد: بعض الملابس والأسلحة … ومهما كان فسنترك كل شيء ونذهب إلى «نابولي» الليلة، ثم نعود لأخذ الأشياء!
ركبا تاكسيًا إلى المطار الداخلي … ووجدا مكانَين في الطائرة إلى «نابولي»، وبعد ساعة ونصف كانا ينزلان في المطار … ركبا تاكسيَا واتجها إلى الميناء، واختارا فندقًا بسيطًا قضَيا فيه ما بقي من الليل، وفي الصباح قضيا بعض الوقت في شوارع «نابولي»، حتى إذا هبط المساء على الميناء اتجها للسؤال عن اليخت «سوان».
كان في انتظارهما «رشيد»، وسرعان ما كان اليخت يُبحِر مغادرًا «نابولي»، وجلس المهندس «يسري» يشرح لهم نوع الصواريخ قائلًا:
إنها ليست صواريخَ بالمعنى الدقيق … ولكنها نوعٌ من الطوربيد يعتمد على التوجيه البشري … وقد اخترع الإيطاليون هذا النوع من الطوربيد في الحرب العالمية الثانية … وسمَّوه الطوربيد الانتحاريَّ … فكان أحد المتطوعين يقوم بركوبه تحت الماء، ويظل فيه حتى يصطدم بالسفينة فتنفجر …
ولم يُصدِّق الثلاثة أن رقم «صفر» يضعهم أمام الموت بهذه البساطة، ولكنهم بالطبع كانوا مُستعدِّين للمهمة … ولكن هذا الخاطر تلاشى عندما مضى المهندس «يسري» يقول: ولكننا بالطبع لن نطلب منكم القيام بهذه المهمة الانتحاريَّة … فقد استطعنا تطوير «الطوربيد» بحيث يتم إطلاقه قبل ٣٠٠ متر من الهدف!
ونزلوا معه إلى قاع اليخت حيث كانت الطوربيدات … كان كل طوربيد يُشْبه غواصةً صغيرة … مقدِّمتها هي الصاروخ ذو الطوربيد … والجزء الثاني فيه من البلاستيك، فيها محرِّك الغواصة الصغيرة، وأجهزة التوجيه … وشَرحَ لهم «يسري» كيف يُركِّبون الطوربيد تحت الماء الذي سينطلق بهم بسرعةٍ كبيرة، حتى إذا وصلوا على مبعدة ٣٠٠ متر من الهدف أداروا أجهزة الطوربيد، فينفصل عن بقية جسم الغواصة، ويُصيب الهدف دون أي احتمالٍ للخطأ …
قام «عثمان» باستخدام جهاز اللاسلكي بالكارت البلاستيك، واستطاع أن يُحدِّد مكان السفينة الإلكترونية، وكانت تتحرَّك قرب خليج «سيموت في ليبيا» …
كان اليخت مزوَّدًا بمحركاتٍ ضخمة لا تتناسب مع حجمه، فانطلق كالصاروخ نازلًا من الشواطئ الشمالية للبحر المتوسط إلى الشواطئ الجنوبية …
نام الشياطين الثلاثة بعد أن قال لهم المهندس «يسري»: إنهم لن يصلوا إلى الهدف قبل الفجر … وعندما بدأَت خيوط الفجر تَظهَر أَيقظَهم … وسرعان ما ارتدَوا ملابس الغوص … ثم قفز كلٌّ منهم إلى «طوربيد» الذي خرج من الفتحة الواسعة إلى المياه المظلمة.
لم يعودوا في حاجة إلى جهاز اللاسلكي … فقد كانت شاشاتُ التليفزيون الدقيقة داخل الغواصات الصغيرة تُحدِّد لهم الاتجاه بدقة … وبعد نصف ساعة من الإبحار أصبحوا على بعد نحو كيلومترٍ واحد من السفينة … كانت سفينةً ضخمةً قد ارتفعَت عليها أنواعٌ من أجهزة الإيريال الضخمة، والرادارات التي تدور في كل اتجاه … وأخذ الشياطين يُهدِّئون من سرعة الغوَّاصات الصغيرة … حتى أوقفوها تمامًا عند مسافة ٣٠٠ متر من السفينة … وضغَط كلٌّ منهم على زِرِّ التوجيه، وانطلقَت الصواريخ الثلاثة تطير تحت الماء في اتجاه السفينة … بينما أدار الشياطين مُحرِّكاتهم وانطلَقوا عائدين إلى اليخت … هزَّت الانفجارات الثلاثة البحر … وتتالَت الانفجارات في السفينة، حتى إن الغواصاتِ الصغيرةَ اضطربَت تحت الماء وكادت تنقلب.
عندما صَعِد الثلاثة إلى اليخت كان في انتظارهم المهندس «يسري» وعلى وجهه ابتسامةٌ عريضة قائلًا: لقد أصبتم الهدف بدقةٍ لا مثيل لها … إن السفينة تغرق!
وقف الثلاثة على ظهر اليخت، ينظرون من خلال النظَّارات المكبِّرة … كانت السفينة الإلكترونية تغوصُ في الماء تدريجيًّا، وقد اشتعلَت فيها النيران …
ابتسم «عثمان» وهو يقول: كل هذا بالكارت البلاستيك الصغير!
أحمد: كانت صُدفةً طيبة!
وأخذ اليختُ يدور متجهًا إلى الإسكندرية … وعندما اقتربوا من الميناء كان اللاسلكي يتلقَّى برقيةً من رقم «صفر» يقول: «لم تعُد إشاراتُ المقر السري مراقَبة … ماذا حدَث؟»
ردَّ «أحمد»: لقد نسَفْنا السفينة الإلكترونية هذا الصباح!
رقم «صفر»: «تَهنِئتي القلبية … يمكنكم أن تقضوا إجازة في الإسكندرية!»
أحمد: إنني مضطرٌّ للعوة إلى روما؛ فقد تركتُ بعضَ أشيائي هناك.
رقم «صفر»: «إن روما لم تعُد مدينةً آمنة بالنسبة لكم!»
أحمد: كما ترى يا سيدي … ولكنْ هناك شخصٌ يُدعى السنيور «بنيتو» كان كريمًا معي، وأريد زيارته.
رقم «صفر»: «سنعقد اجتماعًا بعد ثلاثة أيام في المقر السري لتقييم عملنا في هذه المغامرة … فإنها لن تمر ببساطة!»
أحمد: هذا ما أتوقَّعه.
ووقَف الثلاثة ينظُرون إلى الإسكندرية الجميلة من البحر … وقد سَرَح كلٌّ منهم في خواطره.