قافية الطاء
وقال: (من البسيط)
هَلْ فِي الزَّمَانِ لَنَا حُكْمٌ فَنَشْتَرِطُ
أَمْ تِلْكَ أُمْنِيَةٌ فِي طَيِّهَا قَنَطُ؟
نَبْكِي عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ ثُمَّ يُضْحِكُنَا
مَا لَيْسَ فِيهِ لَنَا بُقْيَا فَنَخْتَلِطُ
وَكَيْفَ نَرْجُو مِنَ الأَيَّامِ عَافِيَةً
وَصِحَّةُ الْمَرْءِ مَقْرُونٌ بِهَا السَّقَطُ
نَرْعَى مِنَ الدَّهْرِ غَيْثًا نَبْتُهُ أَسَفٌ
للرَّائِدِينَ وَرَوْضًا زَهْرُهُ شَطَطُ
فَلا يَغُرَّنْكَ مِنْ دَهْرٍ بَشَاشَتُهُ
فَإِنَّمَا هُوَ بِشْرٌ تَحْتَهُ سَخَطُ
لا يُدْرِكُ الْغَايَةَ الْقُصْوَى سِوَى رَجُلٍ
ثَبْتِ الْعَزِيمَةِ مَاضٍ حَيْثُ يَنْخَرِطُ
إِنْ مَسَّهُ الضَّيْمُ نَاجَى السَّيْفَ مُنْتَصِرًا
أَوْ هَمَّهُ الأَمْرُ لَمْ يَعْلَقْ بِهِ الثَّبَطُ
فَاقْذِفْ بِنَفْسِكَ فِي أَقْصَى مَطَالِبِهَا
إِنَّ النَّجَاحَ بِسَعْيِ الْمَرْءِ مُرْتَبِطُ
قَدْ يَظْفَرُ الْفَاتِكُ الأَلْوَى بِحَاجَتِهِ
وَلَيْسَ يُدْرِكُهَا الْهَيَّابَةُ الخَلِطُ
وَإِنْ شَأَتْكَ الْمُنَى فَاقْنَعْ بِأَقْرَبِهَا
فَلَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ يُدْرَكُ الْوَسَطُ
لا تَعْفُلَنَّ إِذَا أُمْنِيَّةٌ عَرَضَتْ
فَإِنَّمَا الْعَيْشُ فِي هَذَا الْوَرَى لَقَطُ
إِنِّي وَإِنْ كَانَتْ الأَيَّامُ قَدْ أَخَذَتْ
مِنِّي وَأَخْنَى عَلَيَّ الضَّعْفُ وَالشَّمَطُ
فَقَدْ أَذُودُ السَّبَنْتَى عَنْ فَرِيسَتِهِ
وَأَفْجَأُ الْبَطَلَ الْحَامِي فَأَخْتَبِطُ
وَأَصْدَعُ الْجَيْشَ وَالْفُرْسَانُ مِنْ مَرَحٍ
تَحْتَ الْعَجَاجِ بِأَطْرَافِ الْقَنَا نُخُطُ
فَمَا بِنَصْلِي إِنْ لاقَى ضَرِيبَتَهُ
نَكْلٌ وَلا فِي جَفِيرِي أَسْهُمٌ مُرُطُ
وَرُبَّ يَوْمٍ طَوِيلِ الْعُمْرِ قَصَّرَهُ
جَرْيُ السَّوَابِقِ والْوَخَّادَةُ النُّشُطُ
كأنَّمَا الْوَحْشُ مِنْ تَلْهَابِ جَمْرَتِهِ
مُبَدَّدًا تَحْتَ أَشْجَارِ الْغَضَى خَبَطُ
تَرَى بِهِ الْقَوْمَ صَرْعَى لا حَرَاكَ بِهِمْ
كَأَنَّهُمْ مِنْ عَتِيقِ الْخَمْرِ قَدْ سَقَطُوا
وَلَيْلَةٍ ذَاتِ تَهْتَانٍ وَأَنْدِيَةٍ
كأنَّمَا الْبَرْقُ فِيهَا صَارِمٌ سَلِطُ
لَفَّ الْغَمَامُ أَقَاصِيها بِبُرْدَتِهِ
وَانْهَلَّ فِي حَجْرَتَيْهَا وَابِلٌ سَبِطُ
بَهْمَاءَ لا يَهْتَدِي السَّارِي بِكَوْكَبِهَا
مِنَ الْغَمَامِ وَلا يَبْدُو بِها نَمَطُ
يَكَادُ يَجْهَلُ فِيهَا الْقَوْمُ أَمْرَهُمُ
لَوْلا صَهِيلُ جِيادِ الْخَيْلِ وَاللَّغَطُ
يَطْغَى بِهَا الْبَرْقُ أَحْيَانًا فَيَزْجُرُهُ
مُخْرَنْطِمٌ زَجِلٌ مِنْ رَعْدِهَا خَمِطُ
كَأنَّمَا الْبَرْقُ سَوْطٌ وَالْحَيَا نُجُبٌ
يَلُوحُ فِي جِسْمِها مِنْ مَسِّهِ حَبَطُ
كَأَنهُ صَارِمٌ يَرْفَضُّ مِنْ عَلَقٍ
بِالأُفْقِ يُغْمَدُ أَحْيَانًا ويُخْتَرَطُ
مَزَّقْتُ جِلْبَابَهَا بِالْخَيْلِ طَالِعَةً
مِثْلَ الْحَمَائِمِ فِي أَجْيَادِهَا الْعُلُطُ
وَقَدْ تَخَلَّلَ خَيْطُ النُّورِ ظُلْمَتَهَا
كَمَا تَخَلَّلَ شَعْرَ اللِّمَّةِ الْوَخَطُ
كَأَنَّهَا وَصَدِيعُ الْفَجْرِ يَصْدَعُهَا
مِنْ جَانِبٍ أَدْهَمٌ قَدْ مَسَّهُ نَبَطُ
وَمَرْبَعٍ لِنسِيمِ الْفَجْرِ هَيْنَمَةٌ
فِيهِ وَلِلطَّيْرِ فِي أَرْجَائِهِ لَغَطُ
كَأَنَّمَا الْقَطْرُ دُرٌّ فِي جَوَانِبِهِ
يَكَادُ مِنْ صَدَفِ الأَزْهارِ يُلْتَقَطُ
وَلِلنَّسِيمِ خِلالَ النَّبْتِ غَلْغَلَةٌ
كَمَا تَغَلْغَلَ وَسْطَ اللِّمَّةِ الْمُشُطُ
وَالرِّيحُ تَمْحُو سُطُورًا ثُمَّ تُثْبِتُهَا
فِي النَّهْرِ لا صِحَّةٌ فِيهَا وَلا غَلَطُ
وَلِلسَّماءِ خُيُوطٌ غَيْرُ وَاهِيَةٍ
تَكَادُ تُجْمَعُ بِالأَيْدِي فَتُرْتَبَطُ
كأنَّها وَأَكُفُّ الرِّيحِ تَضْرِبُهَا
سُلُوكُ عِقْدٍ تَوَاهَتْ فَهْيَ تَنْخَرِطُ
فالضَّوْءُ مُحْتَبِسٌ وَالْمَاءُ مُنْطَلِقٌ
وَالْجَوُّ مُنْقَبِضٌ وَالظِّلُّ مُنْبَسِطُ
لُذْنَا بِأَطْرَافِهِ وَالطَّيْرُ عَاكِفَةٌ
عَلَيْهِ وَالنُّورُ بِالظَّلْمَاءِ مُخْتَلِطُ
فِي فِتْيَةٍ رَضِعُوا ثَدْيَ الْوِفَاقِ فَمَا
فيهِمْ إِذَا مَا انْتَشَوْا جَوْرٌ وَلا شَطَطُ
تَحَالَفُوا فِي صَفَاءِ الْوُدِّ وَاجْتَمَعُوا
عَلَى الْوَفَاءِ طَوَالَ الدَهْرِ وَاشْتَرَطُوا
كَالْغَيْثِ إِنْ وَهَبُوا وَاللَّيْثِ إِنْ وَثَبُوا
وَالْمَاءِ إِنْ عَدَلُوا وَالنَّارِ إِنْ قَسَطُوا
تَكَشَّفَ الدَّهْرُ عَنْهُمْ بَعْدَ غُمَّتِهِ
كَمَا تَكَشَّفَ عَنْ مَكْنُونِهِ السَّفَطُ
مِيلٌ بِأبْصَارِهِمْ نَحْوِي لِيَسْتَمِعُوا
قَوْلِي وَكُلٌّ لأَمْرِي طَائِعٌ نَشِطُ
إِنْ سِرْتُ سَارُوا وإِنْ أَصْعَدْ إِلَى نَشَزٍ
كَانُوا صُعُودًا وإِنْ أَهْبِطْ بِهِمْ هَبَطُوا
يَمْشُونَ حَوْلِي كَمَا يَمْشِيِ الْقَطَا بَدَدًا
فَإِنْ مَضَى بَقَطٌ مِنْهُمْ أَتَى بَقَطُ
إِنْ يَكْنُفُونِي مِنْ حَوْلِي فَلا عَجَبٌ
لا يَسْقُطُ الطَّيْرُ إِلَّا حَيْثُ يَلْتَقِطُ
نَمْشِي بِهِ بَيْنَ أَشْجَارٍ كَأَنَّ عَلَى
أَفْنَانِهَا مِنْ بُرُودِ الْيَمْنَةِ الرِّيَطُ
مِثْلِ الطَّوَاوِيسِ فِي أَذْنَابِهَا عَجَبٌ
لِلنَّاظِرِينَ وَفِي أَجْيَادِهَا عَنَطُ
كَأنَّهُنَّ جِمَالاتٌ مُوَقَّرَةٌ
تَمُورُ مَوْرًا عَلَى أثْبَاجِهَا الْغُبُطُ
وَلِلْفَوَاخِتِ فِي أَفْنَانِها هَزَجٌ
قَدْ مَاجَ مِنْ لَحْنِهِنَّ السَّهْلُ والفُرُطُ
خُضْرُ الْجَنَاحَيْنِ وَالأَطْوَاقِ تَحْسَبُهَا
أَطْفَالَ مَلْكٍ لَهَا مِنْ سُنْدُسٍ قُمُطُ
حَتَّى إِذَا حَلَّ ضَاحِي الْيَوْمِ حَبْوَتَهُ
وَكَادَتِ الشَّمْسُ بَيْنَ الْغَرْبِ تَنْهَبطُ
رُحْنَا نَجُرُّ ذُيُولَ العِزِّ ضَافِيَةً
وَكُلُّنَا بِنَعِيمِ الْعَيْشِ مُغْتَبِطُ
يَوْمٌ مِنَ الدَّهرِ أَهْوَى لَو بَذَلْتُ لَهُ
مَا شَاءَ فِي مِثْلِهِ لَوْ كَانَ يَشْتَرِطُ
وقال: (من الطويل)
تَمَهَّلْ وَلا تَعْجَلْ إِذَا رُمْتَ حَاجَةً
فَقَدْ يَلْحَقُ الْخُسْرَانُ مَن يَتَوَرَّطُ
فَذُو الْحَزْمِ يَرْعَى الْقَصْدَ فِي كُلِّ حَالَةٍ
وَذُو الْجَهْلِ إِمَّا مُفْرِطٌ أَوْ مُفَرِّطُ