وقَالَ يُجِيبُ أحد شعراء الهند عَنْ قَصِيدَةٍ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ يَخْطُبُ بها
مَوَدَّتَهُ: (من الطويل)
قَلِيلٌ بِآدَابِ الْمَوَدَّةِ مَنْ يَفِي
فَمَنْ لِي بِخِلِّ أَصْطَفِيهِ وَأَكْتَفِي
بَلَوْتُ بَنِي الدُّنْيَا فَلَمْ أَرَ صَاحِبًا
يَدُومُ عَلَى وُدٍّ بِغَيْرِ تَكَلُّفِ
فَهَلْ مِنْ فَتًى يَسْرُو عَنِ الْقَلْبِ هَمَّهُ
بِشِيمَةِ مَطْبُوعٍ عَلَى الْمَجْدِ مُسْعِفِ
رَضِيتُ بِمَنْ لا تَشْتَهِي النَّفْسُ قُرْبَهُ
ومَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْدُوحَةً يَتَكلَّفِ
وَلَوْ أَنَّنِي صَادَفْتُ خِلًّا يَسُرُّنِي
عَلَى عُدَوَاءِ الدَّارِ لَمْ أتَلَهَّفِ
وَلَكِنَّنِي أَصْبَحْتُ فِي دَارِ غُرْبَةٍ
مُقِيمًا لَدَى قَوْمٍ عَلَى البُدِّ عُكَّفِ
زَعَانِفُ هَدَّاجُونَ فِي عَرَصَاتِهِمْ
كَخَيْطِ نَعَامٍ بَيْنَ جَرْدَاءَ صَفْصَفِ
حُفَاةٌ عُرَاةٌ غَيْرَ أَخْلاقِ صُدْرَةٍ
تَطِيرُ كَنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ الْمُسَدَّفِ
يَمُجُّونَ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ رَشْحَ مُضْغَةٍ
كَنَضْحِ دَمٍ يَنْهَلُّ مِنْ أَنْفِ مُرْعَفِ
إِذَا رَاطَنُوا بَعْضًا سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ
عَزِيفًا كَجِنٍّ فِي الْمَفَاوِزِ هُتَّفِ
فَهَا أَنَا مِنْهُمْ بَيْنَ شَمْلٍ مُبَدَّدٍ
وَمِنْ حَسَرَاتِي بَيْنَ شَمْلٍ مُؤَلَّفِ
أَحِنُّ إِلَى أَهْلِي وَأَذْكُرُ جِيرَتِي
وَأَشْتَاقُ خُلَّانِي وَأَصْبُو لِمَأْلَفِي
فَلا أَنَا أَسْلُو عَنْ هَوَايَ فَأَنْتَهِي
وَلا أَنَا أَلْقَى مَنْ أُحِبُّ فَأَشْتَفِي
وَإِنِّي عَلَى مَا كَانَ مِنْ سَرَفِ النَّوَى
لَبَاقٍ عَلَى وُدِّي لِمَنْ كُنْتُ أَصْطَفِي
سَجِيَّةُ نَفْسٍ لا تَمِيلُ مَعَ الْهَوَى
وَذِمَّةُ عَهْدٍ بَيْنَ سَيْفٍ وَمُصْحَفِ
وَمَا كُلُّ مَوْشِيِّ الْحَدِيثِ بِصَادِقٍ
وَلا كُلُّ مَنْسُوبٍ إِلَى الْوُدِّ بِالْوَفِي
تَشَابَهَتِ الأَخْلاقُ إِلَّا بَقِيَّةً
بِهَا يُعْرَفُ الْمَاضِي مِنَ الْمُتَخَلِّفِ
وَمَا شَرَفُ الإِنْسَانِ إِلَّا بِنَفْسِهِ
وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ تَلِيدٍ وَمُطْرِفِ
وَلَوْ كَانَ نَيْلُ الفَضْلِ سَهْلًا لَزَاحَمَتْ
رِجَالُ الْخَنَا أَهْلَ الْعُلا وَالتَّعَطُّفِ
فَإِنْ أَخْلَفَتْ نَفْسٌ طَوِيَّةَ مَا وَأَتْ
فَلِي مِنْ عَلِيٍّ صَاحِبٌ غَيْرُ مُخْلِفِ
هُمَامٌ دَعَا بِاسْمِي فَلَبَّيْتُ صَوْتَهُ
بِيَا مَرْحَباهُ مِنْ فُؤَادِ مُكَلَّفِ
وَلَوْ صَاحَ بِي فِي غَارَةٍ لَوَزَعْتُهَا
عَلَى مَتْنِ مَحْبُوكِ السَّرَاةِ بِمُرْهَفِ
وَلَكِنَّنِي لَبَّيْتُ دَعْوَةَ نَظْمِهِ
بِأَسْمَرَ مَشْقُوقِ اللِّسَانِ مُحَرَّفِ
إِذَا حَرَّكَتْهُ رَاحَتِي فَوْقَ مُهْرَقٍ
بِذِكْرِ عُلاهُ بزَّ كُلَّ مُثَقَّفِ
هُوَ البَطَلُ السَّبَّاقُ فِي كُلِّ غَايَةٍ
يَهَابُ رَدَاهَا الْمَرْءُ قَبْلَ التَّعَسُّفِ
إِذَا قَالَ لَمْ يَتْرُكْ بَيَانًا لِقَائِلٍ
وَإِنْ سَارَ لَمْ يَتْرُكْ مَجالًا لِمُقْتَفِي
لَهُ قَلَمٌ لَوْ كَانَ لِلسَّيْفِ حَدُّهُ
لَفَلَّ حَبِيكَ السَّرْدِ فِي كُلِّ مَوْقِفِ
وَشُعْلَةُ فِكْرٍ لَوْ بِمِثْلِ ضِيَائِهَا
أَنَارَ سِرَاجَ الأُفْقِ مَا كَانَ يَنْطَفِي
فَسِيحُ مَجَالِ الْفِكْرِ ثَبْتٌ يَقِينُهُ
بَعِيدُ مَنَاطِ الْهَمِّ حُرُّ التَّصَرُّفِ
أَدِيبٌ لَهُ فِي جَنَّةِ الشِّعْرِ دَوْحَةٌ
أَفَاءَتْ عَلَى الدُّنْيَا بِأَجْمَلِ زُخْرُفِ
إِذَا نَوَّرَتْ أَفْنَانُهَا غِبَّ دِيمَةٍ
مِنَ الفِكْرِ جَاءَتْ بِالْبَدِيعِ الْمُفَوَّفِ
تَرَنَّمَ فِيهَا مِنْ ثَنَائِي بُلْبُلٌ
بِلَحْنٍ لَهُ فِي السَّمْعِ نَبْرَةُ مِعْزَفِ
حَفِيتُ لَهُ بالْوُدِّ مِنِّي وَكَيْفَ لا
أُسَابِقُهُ فِي وُدِّهِ وَهْوَ بِي حَفِي
تألَّفَ نَفْسِي بَعْدَ مَا زَالَ أُنْسُهَا
وَنَوَّهَ بِاسْمِي بَعْدَ مَا كَادَ يَخْتَفِي
وَحَرَّكَ أَسْلاكَ التَّرَاسُلِ بَيْنَنَا
بِسَيَّالِ وُدٍّ لَفْظُهُ لَمْ يُحَرَّفِ
وَفِي النَّاسِ مَعْطُوفٌ عَلَى الوُدِّ قَلْبُهُ
وَمِنْهُمْ سَقِيمُ الْعَهْدِ بَادِي التَّحَرُّفِ
تَوَسَّمْتُ فِيهِ الْخَيْرَ قَبْلَ لِقَائِهِ
وَأَحْمَدْتُ مِنْهُ الْخُبْرَ بَعْدَ التَّعَرُّفِ
وَمَا حَرَكَاتُ النَّفْسِ إِلَّا دِلالَةٌ
عَلَى صِدْقِ مَا قَالُوا بِهِ فِي التَّعَيُّفِ
فَقَدْ تَكْذِبُ الْعَيْنُ الْفَتَى وَهْوَ غَافِلٌ
وَيَصْدُقُ ظَنُّ الْعَاقِلِ الْمُتَشَوِّفِ
وَفَيْتُ بِوَعْدِي فِي الثَّنَاءِ وَإِنْ يَكُنْ
مَقَالِي بِهَاتِيكَ الْفَضَائِلِ لا يَفِي
وَكَيْفَ وَإِنْ أُوتِيتُ فِي النَّظْمِ قُدْرَةً
أضُمُّ شَتَاتَ الْكَوْنِ فِي بَعْضِ أَحْرُفِ
لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ
فَمَا ضَرَّهُ لَوْ عَطَفْ
غَزَالٌ لَهُ نَظْرَةٌ
أَعَانَتْ عَلَيَّ الْكَلَفْ
تَبَسَّمَ عَنْ لُؤْلُؤٍ
لَهُ مِنْ عَقِيقٍ صَدَفْ
وَتَاهَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ
وَشَأْنُ الْجَمَالِ الصَّلَفْ
جَرَى الْبَنْدُ فِي خَصْرِهِ
عَلَى حَرَكَاتِ الْهَيَفْ
وَمَا ذَاكَ خَالٌ بَدَا
وَلَكِنْ وِسَامُ التَّرَفْ
رَآنِي بِهِ مُولَعًا
فَعَاتَبَنِي وَانْحَرَفْ
وَلَمْ يَدْرِ أَنِّي بِهِ
عَلَى جَمَرَاتِ التَّلَفْ
فَقُلْتُ لَهُ سَيِّدِي
تَرَفَّقْ بِصَبٍّ دَنِفْ
فَقَالَ أَخَافُ الْعِدَا
فَقُلْتُ لَهُ لا تَخَفْ
فَإِنَّنِي عَفِيفُ الْهَوَى
وَمَا كُلُّ صَبٍّ يَعِفْ
وَأَنْشَدْتُهُ قِطْعَةً
وَشِعْرِي إِحْدَى الطُّرَفْ
فَأَصْغَى لَهَا بَاسِمًا
وَبَانَ عَلَيْهِ الأَسَفْ
وَنَمَّتْ بِهِ خَجْلَةٌ
تَدُلُّ عَلَى مَا اقْتَرَفْ
وَقَالَ أَهَذَا الضَّنَى
جَنَاهُ عَلَيْكَ الشَّغَفْ
فَقُلْتُ نَعَمْ سَيِّدِي
وَأَبْرَحُ مِمَّا أَصِفْ
فَصَدَّقَ لَكِنَّهُ
تَجَاهَلَ لَمَّا عَرَفْ
وَقَالَ أَطَعْتَ الْمُنَى
وَبَعْضُ الأَمَانِي سَرَفْ
وَمَا كُلُّ ذِي حَاجَةٍ
يَفُوزُ بِهَا إِنْ عَكَفْ
فَأَشْفَقْتُ مِنْ قَوْلِهِ
وَلَكِنَّ رَبِّي لَطَفْ
فَلَمَّا رَأَى أَدْمُعِي
تَوَالَتْ وَقَلْبِي رَجَفْ
تَبَسَّمَ لِي ضَاحِكًا
وَمَانَعَ ثُمَّ انْعَطَفْ
فَأَغْرَمْتُهُ قُبْلَةً
«عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفْ»
بَكَرَ النَّدَى وَتَرَفَّعَ السَّدَفُ
وَأَتَتْ وُفُودُ اللَّهْوِ تَخْتَلِفُ
وَدَعَتْ إِلَى شُرْبِ الصَّبُوحِ وَقَدْ
رَقَّ الظَّلامُ حَمَائِمٌ هُتُفُ
فَانْهَضْ عَلَى قَدَمِ الرَّبِيعِ فَمَا
فِي نَيْلِ أَيَّامِ الصِّبَا سَرَفُ
وَانْظُرْ فَثَمَّ غَمَامَةٌ أُنُفٌ
تُولِي الْجَمِيلَ وَرَوْضَةٌ أُنُفُ
زَهْرٌ يَرفُّ عَلَى كَمَائِمِهِ
وَنَدًى يَشِفُّ وَمُزْنَةٌ تَكِفُ
فَالطَّلُ مُنْتَشِرٌ وَمُنْتَظِمٌ
وَالْغُصْنُ مُفْتَرِقٌ وَمُؤْتَلِفُ
وَالرَّوْضُ يَرْفُلُ فِي مُعَصْفَرَةٍ
بِالزَّهْرِ لِلأَبْصَارِ تَخْتَطِفُ
عُنِيَ الرَّبِيعُ بِنَسْجِ بُرْدَتِهَا
إِنَّ الرَّبِيعَ لَصَانِعٌ ثَقِفُ
لا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ بُلَهْنِيَةٍ
فِي الْعَيْشِ قَلَّدَ جِيدَهَا الشَّغَفُ
وَعِصَابَةٍ غَلَبَ الْكَمَالُ عَلَى
أَخْلاقِهِمْ وَغَذَاهُمُ التَّرَفُ
نَازَعَتْهُمْ طَرَفَ الْحَدِيثِ وَقَدْ
جَرَتِ الْكُئُوسُ بِنَا فَمَا اخْتَلَفُوا
قَلْبِي بِهِمْ كَلِفٌ وَنَاظِرَتِي
عَنْ حُسْنِهِمْ تَاللهِ تَنْحَرِفُ
فَمَحَبَّتِي لَهُمُ كَمَا عَرَفُوا
صِدْقٌ وَوَجْدِي فَوْقَ مَا أَصِفُ
للهِ أيَّامٌ بِهِمْ سَلَفَتْ
لَوْ أَنَّهَا بِالْوَصْلِ تُؤْتَنَفُ
إِذْ لِمَّتِي فَيْنَانَةٌ وَيَدِي
فَوْقَ الأَكُفِّ وَقَامَتِي ألِفُ
أَجْرِي عَلَى إِثْرِ الشَّبَابِ وَلَا
يَمْشِي إِلَى سَاحَاتِيَ الْجَنَفُ
ضَافِي الْغَدِيرَةِ عَارِمٌ شَرِسٌ
صَعْبُ الْمَرِيرَةِ سَادِرٌ أَنِفُ
إِنْ سِرْتُ سَارَ النَّاسُ لِي تَبَعًا
وَإِذَا وَقَفْتُ لِحَاجَةٍ وَقَفُوا
فَالآنَ أُصْبِحُ طَائِرِي وَقِعٌ
بَعْدَ السُّمُوِّ وَصَبْوَتِي أَسَفُ
وَغَدَوْتُ بَعْدَ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى
كُلِّ الْوَرَى بِالْعَجْزِ أَعْتَرِفُ
وَكَذَلِكَ الأَيَّامُ آخِرُهَا
بَعْدَ الشَّبَابِ الضَّعْفُ وَالخَرَفُ
وَالْمَرْءُ مَهْمَا طَالَ طَائِلُهُ
يَوْمًا لِصَائِبَةِ الرَّدَى هَدَفُ
فَلَبِئْسَ مَا قَدِمَ الْمَشِيبُ بِهِ
وَلَنِعْمَ مَا وَلَّى بِهِ السَّلَفُ
وَذِي نَعَرَاتٍ يَقْطَعُ الأَرْضَ سَاريًا
عَلَى غَيْرِ سَاقٍ وَهْوَ بِالأَرْضِ أَعْرَفُ
لَهُ فَوْقَ أَعْنَاقِ الرِّيَاحِ سَبَائِبُ
مُحَبَّرَةٌ مِنْهَا قَصِيرٌ وَمُسْدَفُ
كَأَنَّ «سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ» فَوْقَهُ
عَلَى عَرْشِهِ وَالْجِنُّ بِالْجِنِّ تَعْزِفُ
يَجِدُّ بِنَا فِي أَمْرِهِ وَهْوَ لاعِبٌ
وَيَضْحَكُ أَحْيَانًا وَعَيْنَاهُ تذْرِفُ
تَلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ وَالْمَاءُ سَافِحٌ
فَلا الْمَاءُ يُطْفِيهَا وَلا النَّارُ تَضْعُفُ
إِذَا سَارَ عَنْ أَرْضِ غَدَتْ وَهْيَ جَنَّةٌ
وَإِنْ حَلَّ عَمَّهَا مِنْهُ زُخْرُفُ
يَكُونُ حَيَاةً لِلنُّفُوسِ وَرُبَّمَا
ضَبَتْ مِنْهُ نَارٌ أَوْ سَطَا مِنْهُ مُرْهَفُ
لَهُ زَفْرَةٌ تَتْرَى وَعَيْنٌ سَخِيَّةٌ
وَقَلْبٌ كَزَهْرَاءِ الْمَصَابِيحِ يَرْجُفُ
يَسِيرُ عَلَى مَتْنِ الْهَوَاءِ وَتَارَةً
يُخَضْخِضُ سَجْلًا فِي الْبِحَارِ فَيَغْرِفُ
أَضَرَّ بِأَعْنَاقِ النَّعَائِمِ حَمْلُهُ
فَأَلْقَتْ بِهِ عَنْ ظَهْرِهَا فَهْوَ يَرْسُفُ
لَهُ هَيْدَبٌ مِلْءُ الفَضَاءِ كَأَنَّهُ
مَنَاكِبُ أَطْوَادٍ عَلَى الأَرْضِ تَزْحَفُ
فَزِعْنَا إِلَيْهِ نَحْسَبُ الْجَوْنَ عَسْكَرًا
يَسِيرُ فَشِمْنَا بِرْقَهُ وَهْوَ يَخْطَفُ
فَقُلْنَا سَحَابٌ يَا سَقَى اللَّهُ أَرْضَنَا
بِهِ وَرَوَانَا فَهْوَ بِالنَّاسِ أَرْأَفُ
فَمَا تَمَّ أنْ سَارَتْ بِهِ الرِّيحُ سَيْرَةً
إِلَيْنَا وَوَافَى رَائِدُ الحَيِّ يَحْلِفُ
فَقُمْنَا إِلَيْهِ وَاثِقِينَ بِجُودِهِ
نَسِيرُ وَيَعْرُونَا السُّرُورُ فَنَهْتِفُ
دَنَا فَتَنَاوَلْنَا خَيَاشِيمَ مُزْنِهِ
قُعُودًا فَظَلَّتْ وَهْيَ بِالْمَاءِ تَرْعُفُ
وَطَافَتْ بِهِ الوِلْدَانُ يَخْلِجْنَ مَاءَهُ
بِأَكْوَابِهَا وَالْهِمُّ يَدْنُو فَيَغْرِفُ
فَلَأْيًا بِلَأْيٍ مَا تَوَلَّتْ حُدَاءَهُ
مُزَمْجِرَةٌ هَوْجَاءُ بِالْقَاعِ تَعْصِفُ
فَأَبْقَى لَنَا أَثْرًا حَمِيدًا وَنِعْمَةً
لَهَا مَسْحَبٌ نَضْرٌ وَجَيْبٌ مُفَوَّفُ
كَذَلِكَ مَا كُنَّا لِنَكْفُرَ صُنْعَهُ
عَلَى أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ بِالشَّرِّ أَكْلَفُ
وقَالَ — وَهُو مُتَرْجَمٌ مِنَ الْفَارِسيَّةِ: (من مجزوء الخفيف)
حَيَاتِي فِي الْهَوَى تَلَفُ
وَأَمْرِي فِيهِ مُخْتَلِفُ
أَبِيتُ اللَّيْلَ مُكْتَئِبًا
وَقَلْبِي فِي الْحَشَا يَجِفُ
فَنَوْمِي كُلُّهُ سَهَرٌ
وعَيشِي كلُّهُ أَسَفُ
وَمَا أُخْفِيهِ مِنْ وَجْدِي
وحُزنِي فَوْقَ مَا أَصِفُ
فَهَلْ مِنْ صَاحِبٍ يَرْثِي
لِمَا ألْقَى فَيَنْعَطِفُ
أَيَقْتُلُنِي الْهَوَى ظُلْمًا
وَمَا فِي النَّاسِ لِي خَلَفُ
وَهَبْنِي فَارِسَ الهَيْجَا
ءِ أَغْشَاهَا فَتَنْكَشِفُ
أَلَيْسَ الْعِشْقُ سُلْطَانًا
لَهُ الأَكْوَانُ تَرْتَجِفُ
إِذَا كَانَ الْهَوَى خَصْمِي
فَقُلْ لِي كَيْفَ أَنْتَصِفُ
والبيتُ الثانِي مِنْ قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ: (من الطويل)
وَقَالَ يَحُثُّ عَلَى السَّعْي: (من الطويل)