قافية الواو
وَسَأَلَهُ بَعْضُ أَصْدِقَائِهِ أَنْ يُوَازِنَ قَصِيدَةَ الْبُحْتُرِي التِي أَوَّلُهَا: (من الطويل)
لَنَا أَبَدًا بَثٌّ نُعَانِيهِ فِي «أَرْوَى»
وَ«حُزْوَى» وَكَمْ أَدْنَتْكَ مِن لَوْعَةٍ «حُزْوَى»
فقال: (من الطويل)
أَقِلَّا مَلامِي فِي هَوَى الشَّادِنِ الأَحْوَى
فَقَلْبِي عَلَى حَمْلِ الْمَلامَةِ لا يَقْوَى
كَفَى بِالْهَوَى شُغْلًا عَنِ اللَّوْمِ بِامْرِئٍ
بَرَاهُ الضَّنَى وَاسْتَمْطَرَتْ عَيْنَهُ الْبَلْوَى
فَلَيْسَ الْهَوَى سَهْلًا فَأَلْوِي عِنَانَهُ
وَإِنْ كُنْتُ يَوْمَ الرَّوْعِ ذَا مِرَّةٍ أَلْوَى
هُوَ الْحُبُّ يَعْتَامُ الْكِرَامَ وَلَنْ تَرَى
لَئِيمًا يَنَالُ السَّبْقَ فِي الْفَضْلِ أَوْ يَهْوَى
وَمَنْ ذَا الَّذِي يَقْوَى عَلَى دَفْعِ مَا أَتَى
بِهِ الْحُبُّ مِنْ جَوْرٍ وَسُلْطَانُهُ أَقْوَى
سَبُوقٌ إِذَا جَارَى لَحُوقٌ إِذَا هَوَى
غَلُوبٌ إِذَا بَادَى فَتُولٌ إِذَا أَهْوَى
لَهُ سورَةٌ لَوْ صَادَمَتْ رُكْنَ يَذْبُلٍ
وَرَضْوَى لَهَدَّتْ يَذْبُلًا وَمَحَتْ رَضْوَى
فَحَتَّامَ يَلْحَانِي الْعَذُولُ عَلَى الْهَوَى
أَلَيْسَ يَرَى مَا بِي فَيَجْتَنِبَ الشَّكْوَى
لَقَدْ سَامَنِي طَيَّ الْغَرَامِ وَمَا دَرَى
بِأَنَّ الْهَوَى الْعُذْرِيَّ يَكْبُرُ أَنْ يُطْوَى
وَبِي بَلْ بِقَوْمِي الأَكْرَمِينَ خَرِيدَةٌ
إِذَا سَفَرَتْ كَادَتْ لَهَا الشَّمْسُ أَنْ تَضْوَى
مِنَ الْغِيدِ كَحْلاءُ الْمَحَاجِرِ لَوْ رَنَتْ
إِلَى القَسِّ فِي نَامُوسِهِ أَخْطَأَ النَّجْوَى
تُمِيتُ وَتُحْيِي مَنْ تَشَاءُ بِلَحْظِهَا
فَمِنْ عَاشِقٍ يَحْيَا وَمِنْ عَاشِقٍ يَثْوَى
بَعَثْتُ لَهَا قَلْبِي عَلَى إِثْرِ لَحْظَةٍ
فَمَا عَادَ إِلا وَهْوَ بِالْحُسْنِ مُسْتَهْوَى
وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي رِضَاهَا فَلَمْ أَنَلْ
سِوَى رَاحَةٍ تَرْتَدُّ أَوْ عِدَةٍ تُلْوَى
وَأَصْبَحْتُ مَغْلُوبَ الرَّشَادِ وَقَلَّمَا
يَعُودُ رَشِيدًا صَالِحَ الْعَقْلِ مَنْ يَغْوَى
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الْهَوَى وَلَطَالَمَا
أَبَيْتُ فَلَمْ أَخْضَعْ لِمَنْ يَهَبُ الْجَدْوَى
وَإِنِّي امْرُؤٌ لَوْلا الْهَوَى مَا وَجَدْتَنِي
أَدِينُ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ أَرْهَبُ الْعَدْوَى
بَعِيدُ مَنَاطِ الْهَمِّ تُرْهَبُ صَوْلَتِي
إِذَا مَا دَجَا خَطْبٌ وَبَادِرَتِي تُرْوَى
لِسَانِي خَلُوبٌ فِي الْجِدَالِ وَصَارِمِي
رَسُوبٌ وَرَأْيِي مِنْ سَمَاءِ الضُّحَى أَضْوَى
وَعِنْدِي إِذَا مَا الْحَرْبُ أَلْقَتْ قِنَاعَهَا
عَزِيمَةُ لَيْثٍ مَا تَهِرُّ وَمَا تُعْوَى
وَحِلْمُ كَرِيمٍ يَمْلأُ الْغَيْظُ قَلْبَهُ
فَيَكْظِمُهُ وَالْحِلْمُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَعِفَّةُ نَفْسٍ لا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ
وَجُودٌ بِهِ ظَلَّتْ عُفَاةُ النَّدَى تَرْوَى
وَلِي هِمَّةٌ لَوْلا الْعَوَائِقُ مَهَّدَتْ
يَدُ الْمَجْدِ فِي أُفْقِ السَّمَاءِ لَهَا مَثْوَى
بَلَغْتُ بِهَا بَعْضَ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي
جَدِيرٌ بِأَنْ أَحْوِي بِهَا كُلَّ مَا أَهْوَى
فَإِنْ سَادَ غَيْرِي بِالْجُدُودِ فَإِنَّنِي
بِهِمْ وَبِفَضْلِي رِشْتُ سَهْمِي فَمَا أَشْوَى
وَلَيْسَ عُلُوُّ النَّفْسِ بِالْجَدِّ وَحْدَهُ
وَلَيْسَ كَمَالُ الْمَرْءِ فِي شَرَفِ الْمَأْوَى
إِذَا حَرَّكَتْنِي نَحْوَ أَرْضٍ وَتِيرَةٌ
رَكِبْتُ لَهَا عَزْمِي وَإِنْ بَعُدَ الْمَهْوَى
فَإِنْ كَانَ سَوَّى الدَّهْرُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ
أَرَى مِنْ بَنِيهِ فِي الْحُظُوظِ فَمَا سَوَّى
بَرِئْتُ مِنَ الْغِلِّ الَّذِي أَصْبَحَتْ بِهِ
قُلُوبُهُمُ مِنْ شَرِّ مَا حَمَلَتْ تَدْوَى
نَصَحْتُ وَغَشُّوا وَاسْتَقَمْتُ وَرَاوَغُوا
وَهَلْ مَنْ هَدَى بَيْنَ الأَنَامِ كَمَنْ أَغْوَى
وَإِنِّي إِذَا مَا الْخَطْبُ أَمْقَرَ طَعْمُهُ
نَبَذْتُ بِهِ رَأْيًا أَلَذَّ مِنَ السَّلْوَى
أَصَبْتُ كُلَى الأَحْدَاثِ حَتَّى تَرَكْتُهَا
عَلَى جَمَرَاتِ الْغَيْظِ تَأْمُورُهَا يُشْوَى
وَصُغْتُ مِنَ السِّحْرِ الْحَلالِ قَصَائِدًا
تَظَلُّ بِهَا نَفْسُ الْمُعِيدِ لَهَا نَشْوَى
فَمَا قَيَّدَتْنِي لَفْظَةٌ دُونَ حِكْمةٍ
وَلا غَرَّنِي قَوْلٌ فَمِلْتُ إِلَى الدَّعْوَى
وَيَا طَالَمَا رُمْتُ الْقَوَافِي فَأَقْبَلَتْ
سِرَاعًا فَلا أَرْوَى ذَكَرْتُ وَلا حُزْوَى
فَلا يَحْذُوَنَّ النَّاسُ حَذْوَ بَلاغَتِي
فَأَقْرَبُ مَا فِي شَأْوِهَا الْغَايَةُ الْقُصْوَى
وَقَالَ فِي الغَزَلِ: (من مجزوء الرجز)
وَيْلاهُ مِنْ نَارِ الْهَوَى
وَآهِ مِنْ طُولِ الْجَوَى
أَرْسَلْتُ طَرْفِي رَائِدًا
فَمَا عَلا حَتَّى هَوَى
وَسَارَ قَلْبِي خَلْفَهُ
فَلَمْ يَعُدْ حَتَّى اكْتَوَى
قَدْ طَالَمَا زَجَرْتُهُ
يا لَيْتَهُ كَانَ ارْعَوَى
لِكُلَّ شَيءٍ آفَةٌ
وَآفَةُ الْقَلْبِ الْهَوَى
أَمَا كَفَى هَذَا الْجَفَا
حَتَّى أَعَانَتْهُ النَّوَى
أَيْنَ اللِّوَى وَعَهْدُهُ
أَيْهَاتَ عَهْدٌ بِاللِّوَى
وَظَبْيٍ أُنْسٍ سُمْتُهُ
إِنْجَازَ وَعْدِي فلَوَى
طَلَبْتُ مِنْهُ قُبْلَةً
فَازْوَرَّ عَنِّي وَالْتَوَى
وَسُمْتُهُ وَعْدَ الْمُنَى
فَانْحَازَ عَنِّي وَانْزَوَى
يَا سَائِلِي عَنْ حَالَتِي
دَعْنِي فَصَبْرِي قَدْ ذَوَى
وَكَانَ قَلْبِي رَاشِدًا
لَكِنَّهُ الْيَوْمَ غَوَى
أُوقِعَ فِي أَشْرَاكِهِ
لِكُلِّ حَيٍّ مَا نَوَى
فَكَيْفَ أَمْضِي فِي الْهَوَى
وَالْجِسْمُ مَحْلُولُ الْقُوَى
وَأَيْنَ أَبْغِي نَاصِرًا
هَيْهَاتَ وَالْخَيرُ انْطَوَى
أَصْبَحْتُ فِي تَيْهُورَةٍ
يَسْأَمُ فِيهَا مَنْ ثَوى
لا صَاحِبٌ وَافَى وَلا
خِلٌّ إِلَى حَالِي أَوَى
فَيَا إِلَهِي رَاعِنِي
وَادْفَعْ عَنِ النَّفْسِ التَّوَى
وَلا تَكِلْنِي لِلَّتِي
لَوْ صَادَفَتْ نَجْمًا خَوَى
وَقَالَ يَفْتَخِرُ وَيُعَرِّضُ: (من الطويل)
تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْمِ وَاعْتَادَنِي شَجْوِي
وَأَصْبَحْتُ قَدْ بَدَّلْتُ نُسْكِيَ بِاللَّهْوِ
فَقُمْ عَاطِنِيها قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ النُّهَى
عَلَيَّ وَيَسْتَهْوِي الزَّمَانُ عَلَى زَهْوِي
فَمَا الدَّهْرُ إِلَّا نَابِلٌ ذُو مكِيدَةٍ
إِذَا نَزَعَتْ كَفَّاهُ فِي الْقَوْسِ لَمْ يُشْوِ
فَخُذْ مَا صَفَا مِنْ وُدِّهِ قَبْلَ فَوْتِهِ
فَلَيْسَ بِبَاقٍ فِي الْوِدَادِ عَلَى الصَّفْوِ
أَلَا إِنَّمَا الأَيَّامُ دُولابُ خُدْعَةٍ
تَدُورُ عَلَى أَنْ لَيْسَ مِنْ ظَمإٍ تُرْوِي
فَبَيْنَا تُرَى تَعْلُو عَلَى النَّجْمِ رِفْعَةً
بِمَنْ كَانَ يَهْوَاهَا إِذِ انْقَلَبَتْ تَهْوِي
فَرَاقِبْ بِجِدٍّ سَهْوَةَ الدَّهْرِ وَالْتَمِسْ
مُنَاكَ فَمَا يُعْطِيكَ إِلَّا عَلَى السَّهْو
وَلا يَزَعَنْكَ الصَّبْرُ عَنْ نَيْلِ لَذَّةٍ
فَعَمَّا قَلِيلٍ يَسْلُبُ الشَّيْبُ مَا تَحْوِي
أَلا رُبَّ لَيْلٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَهُ
بِهَيْفَاءَ مِثْلِ الْغُصْنِ بَيِّنَةِ السَّرْوِ
فَتَاةٌ تُرِيكَ الْبَدْرَ تَحْتَ قِنَاعِهَا
إِذَا سَفَرَتْ وَالْغُصْنَ فِي مَلْعَبِ الْحَقْوِ
إِذَا انْفَتَلَتْ بالْكَأْسِ خِلْتَ بَنَانَهَا
يُصَرِّفُ نَجْمًا زَلَّ عَنْ دَارَة الْجَوِّ
وَإِنْ خَطَرَتْ بَيْنَ النَّدَامَى تَأَوَّدَتْ
كَأنْ لَيْسَ عُضْوٌ فِي الْقَوَامِ عَلَى عُضْوِ
وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ إِذَا انْتَوَوْا
مَهُولًا مِنَ الأَخْطَارِ بَاءُوا عَلَى بَأْوِ
أُنَاسٌ إِذَا مَا أَجْمَعُوا الأَمْرَ أَصْبَحُوا
وَمَا هُمْ بِنَظَّارِينَ لِلْغَيْمِ وَالصَّحْوِ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا الأُمُورَ لأَصْلِهَا
كَمَا بَدَأَتْ وَاسْتَفْتَحُوا الأَرْضَ بِالْغَزْوِ
وَإِنْ حَارَتِ الأَبْصَارُ فِي مُدْلَهِمَّةِ
مِنَ الأَمْرِ جَاءُوا بِالإِنَارَةِ وَالضَّحْوِ
شَدَدْتُ بِهِمْ أَزْرِي وَحَكَّمْتُ شِرَّتِي
وَأَطْلَقْتُ مِنْ حَبْلِي وَأَبْعَدْتُ فِي شَأْوِي
وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ اللِّسانِ كَأَنَّنِي
سَعَرْتُ لَظًى بَيْنَ الْحَضَارَةِ وَالْبَدْوِ
فَيَا عَجَبًا لِلْقَوْمِ يَبْغُونَ خُطَّتِي
وَمَا شأْوُهُمْ شَأْوِي وَلا عَدْوُهُمْ عَدْوِي
إِذَا مَا رَأَوْنِي مُقْبِلًا أَوْحَدُوا لَهُمْ
شَكَاةً فَلا زَالُوا عَلَى ذَلِكَ الشَّكْوِ
يَرُومُونَ مَسْعَاتِي وَدُونَ مَنَالِهَا
مَرَاقٍ تَظَلُّ الطَّيْرُ مِنْ بُعْدِهَا تَهْوِي
وَلا وَأَبِي مَا النَّصْلُ فِي الْفِعْلِ كَالْعَصَا
وَلا الْقَوْسُ مَلآنَ الْحَقِيبَةِ كَالْخِلْوِ
لَقُلْتُ وَقَالُوا فَاعْتَلَوْتُ وَخَفَّضُوا
وَلَيْسَ أَخُو صِدْقٍ كَمَنْ جَاءَ بِاللَّغْوِ
وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّنِي بِتُّ سَاهِرًا
وَنَامُوا وَمَا عُقْبَى التَّيَقُّظِ كَالْغَفْوِ
فَأَصْبَحْتُ مَشْبُوبَ الزَّئِيرِ وَأَصْبَحَتْ
لَوَاطِئَ فِيمَا بَيْنَ دَارَاتِهَا تَعْوِي
وَقَالَ: (من الطويل)
تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْم وَاعْتَادَنِي زَهْوِي
وَأَبْدَلْتُ مَأْثُورَ النَّزَاهَةِ بِاللَّهْوِ
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَعُودَ غَوَايَتِي
إِلَيَّ وَلَكِنْ نَظْرَةٌ حَرَّكَتْ شَجْوِي
عَلَى أَنَّنِي غَالَبْتُ شَوْقِي فَعَزَّنِي
وَنَادَيْتُ حِلْمِي أَنْ يَعُودَ فَلَمْ يَلْوِ
وَمَاذَا عَلَى مَنْ خَامَرَ الْحُبُّ قَلْبَهُ
إِذَا مَالَ مَعْهُ لِلْخَلاعَةِ وَالصَّبْوِ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يُعْطِ الْحَيَاةَ نَصِيبَهَا
مِنَ اللَّهْوِ قَادَتْهُ الْهُمُومُ إِلَى الشَّكْو
وَهَلْ فِي الصِّبَا وَاللَّهْوِ عَارٌ عَلَى الْفَتَى
إِذَا الْعِرْضُ لَمْ يَدْنَسْ بِإِثْمٍ وَلا بَعْوِ
لَعَمْرُكَ مَا قَارَفْتُ في الْحُبِّ زَلَّةً
وَلا قَادَنِي مَعَهَا إِلَى سَوْءَةٍ خَطْوِي
وَلَكِنَّنِي أَهْوَى الْخَلاعَةَ وَالصِّبَا
وَأَتْبَعُ آثَارَ الْفَضِيلَةِ وَالسَّرْوِ
سَجِيَّةُ نَفْسٍ أَدْرَكَتْ مَا تُرِيدُهُ
مِنَ الدَّهْرِ فَاعْتَاضَتْ عَنِ السُّكْرِ بِالصَّحْوِ
وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ إِذَا انْتَوَوا
مَهُولًا مِنَ الأَخْطَارِ بَاءُوا عَلَى بَأْوِ
أُنَاسٌ إِذَا مَا أَجْمَعُوا الأَمْرَ أَصْبَحُوا
وَمَا هُمْ بِنَظَّارِينَ لِلْغَيْمِ وَالصَّحْوِ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا الأُمُورَ لأَصْلِهَا
كَمَا بَدَأَتْ واسْتَفْتَحُوا الأَرْضَ بالْغَزْوِ
وَإِنْ حَارَتِ الأَبْصَارُ فِي مُدْلَهِمَّةٍ
مِنَ الأَمْرِ جَاءُوا بِالإِنَارَةِ وَالضَّحْوِ
شَدَدْتُ بِهِمْ أَزْرِي وَأَحْكَمْتُ مِرَّتِي
وَأَطْلَقْتُ مِنْ حَبْلِي وَأَبْعَدْتُ فِي شَأْوِي
وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ اللِّسَانِ كَأَنَّنِي
سَعَرْتُ لَظًى بَيْنَ الْحَضَارَةِ وَالْبَدْوِ
فَيَا عَجَبَا لِلْقَوْمِ يَبْغُونَ خُطَّتِي
وَمَا خَطْوُهُمْ خَطْوِي وَلَا عَدْوُهُمْ عَدْوِي
يَرُومُونَ مَسْعَاتِي وَدُونَ مَنَالِهَا
مَرَاقٍ تَظَلُّ الطَّيْرُ مِنْ بُعْدِهَا تَهْوِي
فَإِنْ تَكُ سِنِّي مَا تَطَاوَلَ بَاعُهَا
فَإِنِّي جَدِيرٌ بِالإِصَابَةِ فِي الأَتْوِ
وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ امْرِئِ الْقَوْمِ الَّذي
إِذَا رَامَ أَمْرًا لَمْ يَجُزْ سَاحَةَ الْبَهْوِ
لَقُلْتُ وَقَالُوا فَاعْتَلَوْتُ وَخَفَّضُوا
وَلَيْسَ أَخُو صِدْقٍ كَمَنْ جَاءَ بِاللَّغْوِ
وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّنِي بِتُّ سَاهِرًا
وَنَامُوا وَمَا عُقْبَى التَّيَقُّظِ كَالْعَفْوِ
فَأَصْبَحْتُ مَشْبُوبَ الزَّئِيرِ وَأَصْبَحَتْ
كَأَكْلُبِ حَيٍّ بَيْنَ دَارَاتِهِ تَلْوِي