قافية التاء
وقال: (من الخفيف)
أَدِرِ الْكَأْسَ يَا نَدِيمُ وَهَاتِ
وَاسْقِنِيهَا عَلَى جَبِينِ الْغَدَاةِ
شَاقَ سَمْعِي الْغِنَاءُ فِي رَوْنَقِ الْفَجـ
ـرِ، وَسَجْعُ الطُّيُورِ فِي الْعَذَبَاتِ
أَيُّ شَيْءٍ أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ كَأْ
سٍ مُدَارٍ عَلَى بِسَاطِ نبَاتِ؟
هُوَ يَوْمٌ تَعَطَّرَتْ طَرَفَاهُ
بِشَمالٍ مَسْكِيَّةِ النَّفَحَاتِ
باسِمُ الزَّهْرِ، عَاطِرُ النَّشْرِ، هَامِي الـ
ـقَطْرِ، وَانِي الصَّبَا، عَلِيلُ الْمَهَاةِ
مَسْرَحٌ لِلعُيُونِ يَمْتَدُّ فِيهِ
نَفَسُ الرِّيحِ بَيْنَ مَاضٍ وَآتِ
فَامْتَثِلْ دَعْوَةَ الصَّبُوحِ، وَبَادِرْ
فُرْصَةَ الدَّهْرِ قَبْلَ وَشْكِ الْفَواتِ
وَتَدَرَّجْ مَعِي إِلَى رَوْضَةِ الْمَنـ
ـيَلِ ذاتِ النَّخِيلِ وَالثَّمَراتِ
فَهْيَ مَرْعَى الْهَوَى، وَمَغْنَى التَّصابِي
وَمَراحُ الْمُنَى، وَمَسْرَى الْحَياةِ
أَلِفَتْهَا النُّفُوسُ، فَهْيَ إِلَيْهَا
مِنْ أَلِيمِ الأَشْوَاقِ فِي حَسَراتِ
تَبْعَثُ اللَّهْوَ وَالسُّرُورَ، وَتَمْحُو
مِنْ فُؤَادِ الْحَزِينِ كُلَّ شَكاةِ
بَيْنَ نَدْمَانَ كَالْكَواكِبِ حُسْنًا
ورَعابِيبَ كَالدُّمَى خَفِرَاتِ
يَتَساقَوْنَ بِالكُئُوسِ مُدَامًا
هِيَ كَالشَّمْسِ فِي قَمِيصِ إِيَاةِ
فِي أَبَارِيقَ كَالطُّيُورِ اشْرَأَبَّتْ
حَذَرَ الْفَتْكِ مِن صِيَاحِ الْبُزَاةِ
حَانِيَاتٍ عَلَى الْكُئُوسِ مِنَ الرَّأْ
فَةِ، يُرْضِعْنَهُنَّ كَالأُمَّهَاتِ
لا تَرَى الْعَيْنُ بَيْنَهُمْ غَيْرَ صَبٍّ
بِسَماعٍ، أَوْ هَائِمٍ بِفَتاةِ
وَمُغَنٍّ إِذَا شَدَا خِلْتَ أَنَّ الـ
أَرْضَ ظَلَّتْ تَدُورُ بِالْفَلوَاتِ
مَلَكَ السَّمْعَ والْفُؤادَ بِلَحْنٍ
يَفْتِنُ الغِيدَ داخِلَ الْحُجُرَاتِ
يَبْعَثُ الصَّوتَ مُرْسَلا فَإِذَا مَا
غَضَّ مِنْهُ اسْتَدَارَ بَيْنَ اللَّهَاةِ
غَرِدٍ يُبْطِلُ الْحَدِيثَ وَيُنْسِي
رَبَّةَ الْحُزْنِ لَوْعَةَ الذُّكُرَاتِ
تِلكَ والله لَذَّةُ الْعَيشِ، لا سَوْ
مُ الأَمَانِي فِي عَالَمِ الْخَطَرَاتِ
وقال: (من مجزوء الرمل)
زَمْزِمِي الْكَأْسَ وَهَاتِي
وَاسْقِينِهَا يَا مَهَاتِي
وَامْزُجِيهَا بِرُضَابٍ
مِنْكِ مَعْسُولِ اللَّهَاةِ
إِنَّمَا الرَّاحُ مَدارُ الـ
أُنْسِ فِي كُلِّ الْجِهَاتِ
طالَما عَاصَيْتُ فيهَا
أَهْلَ وَدِّي وَنُهَاتِي
لا أُبالِي فِي هَواهَا
بِسَمَاعِ التُّرَّهَاتِ
كيف أَخْشَى قَوْلَ دَاهٍ؟
أَنا مِنْ قَومٍ دُهاةِ
وقال في الغَزَل: (من الكامل)
سَمِعَ الْخَلِيُّ تَأَوُّهِي فَتَلَفَّتَا
وَأَصَابَهُ عَجَبٌ، فَقَالَ مَنِ الْفَتَى؟
فَأَجَبْتُهُ إِنِّي امْرُؤٌ لَعِبَ الأَسَى
بِفُؤادِهِ يَوْمَ النَّوَى فَتَشَتَّتَا
انْظُرْ إِلَيَّ تَجِدْ خَيَالًا بَالِيًا
تَحْتَ الثِّيَابِ، يَكادُ أَلَّا يُنْعَتَا
قَدْ كَانَ لِي قَلْبٌ أَصَابَ سَوادَهُ
سَهْمٌ لِطَرْفٍ فَاتِرٍ فَتَفَتَّتَا
تَبِع الْهَوَى قَلْبِي فَهَامَ وَلَيْتَهُ
قَبْلَ التَّوَغُّلِ في الْبَلاءِ تَثَبَّتَا
أَلْقَتْهُ فِي شَرَكِ الْمَحَبَّةِ غَادَةٌ
هَيْهَاتَ، لَيْسَ بِصَاحِبِي إِنْ أَفْلَتَا
كَالْوَرْوِد خَدًّا، وَالْبَنَفْسَجِ طُرَّةً
وَالْغُصْنِ قَدًّا، وَالْغَزَالَةِ مَلْفَتَا
نَظَرَتْ بِكَحْلَاوَيْنِ أَوْدَعَتَا الْهَوَى
بِالْقَلْبِ حَتَّى هَامَ، ثُمَّ تَخَلَّتَا
تَاللهِ لَو عَلِمَ الْعَذُولُ بما جَنَى
طَرْفِي عَلَيَّ لَسَاءَهُ أَنْ يَشْمَتَا
طَرْفٌ أَطَلْتُ عِنَانَهُ لِيُصِيبَ لِي
بَعْضَ الْمُنَى فَأَصَابَنِي لَمَّا أَتَى
يا قَلْبُ حَسْبُكَ قَدْ أَفَاقَ مَعَاشِرٌ
وَأَرَاكَ تَدْأَبُ فِي الْهَوَى فَإِلَى مَتَى؟
وقال في الأحمق: (من الطويل)
لا تُعَاشِرْ ما عِشْتَ أَحْمَقَ واعْلَمْ
أَنَّهُ فِي الْوُجُودِ حَيُّ كَمَيْتِ
لَيْسَ بَيْنَ الْجُنُونِ وَالْحُمْقِ إِلَّا
مِثْلُ مَا بَيْنَ أَدْهَمٍ وَكُمَيْتِ
وقَالَ وقد ذهب إلى «المقابر» فرأى نسوة ينحن عَلَى ميت: (من الطويل)
رَأَيْتُ بِصَحْراءِ الْقَرافَةِ نِسْوَةً
نَوازِعَ لا يَأْوِينَ حُزْنًا إِلى بَيْتِ
يَنُحْنَ عَلَى مَيْتٍ سَيَتْبَعْنَ إِثْرَهُ
وَمِنْ عَجَبٍ مَيْتٌ يَنُوحُ عَلَى مَيْتِ
وقال في الزُّهدِ: (من مجزوء الرمل)
كُلُّ حَيٍّ سَيَمُوتُ
لَيْسَ فِي الدُّنْيَا ثُبُوتُ
حَرَكاتٌ سَوْفَ تَفْنَى
ثُمَّ يَتْلُوهَا خُفُوتُ
وَكَلامٌ لَيْسَ يَحْلُو
بَعْدَهُ إِلَّا السُّكُوتُ
أَيُّها السَّادِرُ قُلْ لِي
أَيْنَ ذَاكَ الْجَبَرُوتُ
كُنْتَ مَطْبُوعًا عَلَى النُّطـْ
ـقِ، فَمَا هَذَا الصُّمُوتُ؟
لَيتَ شِعْرِي، أَهُمُودٌ
مَا أَراهُ، أَمْ قُنُوتُ؟
أَيْنَ أَمْلاكٌ لَهُمْ في
كُلِّ أُفْقٍ مَلَكُوتُ؟
زَالَتْ التِّيجَانُ عَنْهُمْ
وَخَلَتْ تِلكَ التُّخُوتُ
أَصْبَحَتْ أَوطَانُهُمْ مِنْ
بَعْدِهِمْ وَهْيَ خُبُوتُ
لا سَمِيعٌ يَفْقَهُ الْقَوْ
لَ، ولا حَيٌّ يَصُوتُ
عَمَرَتْ مِنْهُمْ قُبُورٌ
وَخَلَتْ مِنْهُمْ بُيُوتُ
لِمَ تَذُدْ عَنْهُمْ نُحُوسَ الدْ
دَهر إِذْ حَانَتْ بُخُوتُ
خَمَدَتْ تِلكَ الْمَسَاعِي
وانْقَضَتْ تِلكَ النُّعُوتُ
إِنَّمَا الدُّنْيَا خَيَالٌ
بَاطِلٌ سَوْفَ يَفُوتُ
لَيْسَ لِلإِنْسَانِ فِيهَا
غَيْرَ تَقْوَى اللهِ قُوتُ