معركة رهيبة مع الأشباح!
كان الإنذار الذي وصل ﻟ «فهد» و«قيس» مهمًّا جدًّا؛ فقد أسرع «فهد»، وأخرج بطارية إلكترونية وضغط زرًّا فيها، فانبعث ضوء قوي، وكانت المفاجأة: ظهر وسطَ الضوء أربعةٌ من الرجال يحمل كلٌّ منهم مسدسًا. وتحت أقدامهم كان يرقد «أحمد» و«باسم»؛ ولأن الضوء كان مفاجئًا، فقد رفع الرجال أيديَهم إلى عيونهم يحجبون عنها الضوء، في نفس اللحظة كان «قيس» قد طار في الهواء، وضرب الأربعة معًا، فاصطدموا ببعض، وأسرع «فهد» باستخدام الإبر المخدرة، أطلق واحدة وراء أخرى، ولم تمضِ دقائق حتى كان الرجال يتمدَّدون على الأرض.
قال «قيس»: أعتقد أن الضوء سوف يكون إنذارًا للمدينة!
ردَّ «فهد»: المهم إسعاف «أحمد» و«باسم».
وبسرعة، كان الاثنان يعالجان «أحمد» و«باسم». أفاق «أحمد» ونظر إلى «فهد» قائلًا: ماذا حدث؟
ردَّ «فهد»: يبدو أننا أمام عصابة خطيرة؛ فهي تستخدم أسلحة بلا صوت وبلا ضوء، ويبدو أنها تستخدم الأشعة في أسلحتها.
أفاق «باسم» هو الآخر، وقال في إجهاد: إنني متعب جدًّا.
ردَّ «أحمد»: إنه تأثير الأشعة.
ثم أضاف: ينبغي لبْس الخوذات؛ فقد أُصِبتُ في رأسي، وكذلك أنت.
ثم سأل: ماذا فعلتما؟
شرح له «فهد» ما حدث، فقال بعد لحظة: إذن، نحن أمام معركة رهيبة!
ثم أضاف: ينبغي أن نتقدم أسرع، حتى نكون هناك قبل الموعد.
أسرع الشياطين، وكان «باسم» لا يزال يشعر بالإرهاق … قال «فهد»: أقترح أن تُجريَ بعض التمرينات الرياضية، وأنت تمشي؛ إن ذلك ينشِّط دورتك الدموية، ويجعلك تعود لحالتك الطبيعية.
أخذ «باسم» يُجري بعضَ التمرينات وهو يتقدَّم الشياطين، انقضَت نصف ساعة، تحسَّس «أحمد» ساعتَه، ثم قال: إننا نتقدَّم بصورة جيدة، أمامنا عشر دقائق لنكون هناك.
كانت كلمات «أحمد» بدايةً لمعركة رهيبة. فما كاد ينطق بها، حتى كانت ضربةٌ عنيفة تأخذ طريقَها إليه، فهمس: هناك هجوم جديد!
برغم عنفِ الضربة التي فاجأَته، إلا أنه احتملها، وقدَّر المسافة ثم دار حول نفسه دورتَين، وهو يضرب. كانت الضربات تصطدم بالهواء، لكنها في نهايتها اصطدمَت بجسم بشري، سَمِع صوته وهو يصرخ، فعرف مكانه بالضبط. وفي لمح البصر، مدَّ يدَه وأمسك بالشبح الذي استطاع أن يلمحَه وسط الظلام، ثم طوَّح به بشدة، فاندفع في طريقه إلى حيث كان «باسم» الذي انقضَّ على آخر، وضربَه ضربةً عنيفة أطاحَت به إلى الأرض.
أمسك «باسم» الرجل الذي قذف «أحمد» ثم ضربَه بقوةٍ ضربةً جعلَت الرجلَ يدور حول نفسه ثم يسقط. في نفس اللحظة، كان «فهد» يُرسل عددًا من الضربات السريعة المتتالية، فلم يعطِ للرجل الذي أمامه فرصةً للتصرف … ظل الرجل يتراجع أمامه حتى استند بظهره على صخور الجبل. في هذه اللحظة، كانت ضربةٌ خطافية قد خرجَت من ذراع «فهد» إلى الرجل فاصطدم رأسُه بالصخور، وهوَى على الأرض. أما «قيس» فكان أمامه عملاقٌ أسود يتابعه بضربات سريعة، دفعَت «قيس» إلى الجبل، وظل الرجل يتابعه حتى جعله يلتصق بالصخور. أمسك الرجلُ رأسَ «قيس»، ثم ضربه ضربةً قوية. كان «أحمد» يُتابع معركة «قيس» والعملاق، لكنه لم يشترك فيها؛ لأنه كان يعرف ما سيفعله «قيس»؛ فعندما تقدَّمَ رأسُ العملاق في عنف إلى وجه «قيس»، كان «قيس» أسرعَ حركة؛ فقد انزلَق من بين ذراعَي العملاق، فاصطدم رأسُ العملاق بصخور الجبل حتى ظنَّ الشياطين — لشدة الضربة — أن صخورَ الجبل قد اهتزَّت؛ وسقط العملاق على الأرض.
استغرقَت المعركة عشر دقائق، وعندما كان «أحمد» يتحسَّس ساعته، فُتحت البوابة. كانت الساعة تُشير إلى منتصف الليل تمامًا … وفجأةً أيضًا، كانت أضواء سيارة تقترب في سرعة رهيبة، وقد أضاءَت أنوارُها الطريق. همس «أحمد» بسرعة: سوف نختبئ في الجوانب، وندخل مع السيارة مباشرة، وقبل أن تُغلق البوابة أبوابها.
وفي رشاقة اختبأ الشياطين، كلُّ اثنين عند باب البوابة، كانت السيارة تقترب، وظهرَت واضحة تمامًا. كانت سيارة نقل ضخمة، وعندما تجاوز نصفُها الأمامي مدخلَ البوابة، كان الشياطين قد استعدوا، وعندما ظهرَت مُؤخرة السيارة، أسرعوا بالقفز عليها، وتعلَّقوا بها، فدخلَت المدينة ثم أُغلقت البوابة. وقبل أن تَصِل إلى المكان الذي ستقف فيه قفز الشياطين منها، وتوزَّعوا في جوانب الساحة الواسعة.
ألقى «أحمد» نظرةً سريعة على المكان، فعرف أنه منحوتٌ في الصخر؛ ولذلك فإن الاختفاء فيه لم يكن يمثِّل للشياطين مشكلةً كبيرة، كان «أحمد» و«فهد» يقفان في جانب، و«قيس» و«باسم» يقفان في جانب آخر. كانوا يراقبون ما يحدث؛ فعندما توقَّفَت السيارة ظهَر فوقها صندوقٌ ضخم. لحظة، ثم نزل من أعلى «ونش» عملاق، ثَبَّت بعضُ العمال أذرعَه في جوانب الصندوق الذي أخذ يرتفع ثم ظهرَت فُتحةٌ لمَع فيها الضوء. واختفى الصندوق داخلها، التقَت أعين الشياطين ولمعَت على وجوههم ابتسامة، همس «فهد» ﻟ «أحمد»: هل رأيت؟!
ردَّ «أحمد»: نعم، هذا هو الهدف.
همس «فهد» مرة أخرى: هل قرأتَ «إكس»؟
قال «أحمد»: نعم، يبدو أنه مكثف متطور عن «إكس ٨»!
ابتسم «فهد»: لقد جئنا في الوقت المناسب، وسوف نُحقِّق مغامرتَين في ضربة واحدة.
فجأة، لمعَت أضواء، ظلَّت تتردَّد لفترة، كانت أضواء متنوعة الألوان أبيض وأصفر وأزرق …
همس «فهد»: كأنها حالة طوارئ!
قال «أحمد»: نعم. وأعتقد أنها طوارئ بسببنا نحن!
فجأة، تردَّد صوتٌ في المكان، كان يقول كلماتٍ عنيفةً حادة، لكن الشياطين لم يفهموا منها شيئًا.
همس «فهد»: يبدو أنها لغة خاصة!
ردَّ «أحمد»: أعتقد ذلك!
كان الصوت لا يزال يتردد. أسرع «أحمد» وفتح جهاز الإرسال، سأل «فهد»: هل تُرسل هذه الكلمات إلى المقر السري؟
ردَّ «أحمد»: نعم، إنها تُسجل الآن هناك.
غير أنَّ «فهد» استطاع أن يفهمَ كلمة واحدة، هي: أشعة. قال: إنهم يستخدمون كلمة أشعة كما هي …
ثم أضاف بعد لحظة: ربما يكون المقصود هو جهاز «إكس».
قال «أحمد»: ربما … غير أننا سوف نعرف كلَّ شيء في رسالة رقم «صفر»، بعد أن يكتشف مركزُ الأبحاث في المقر السري طبيعةَ هذه اللغة الغريبة.
فجأةً، وكأن الأرض قد أنبتَت الرجال؛ فقد امتلأَت الساحة بمجموعة كبيرة من الرجال الأشداء، فقال «أحمد»: يبدو أن ما حدث كان خاصًّا بنا، إن البحث سوف يدور الآن.
فجأة، سجَّل جهاز الاستقبال رسالةً شفرية، استقبلها «أحمد»، وكان يحلُّ رموزَها أولًا بأول. كانت الرسالة الشفرية تقول: ««٢٤ – ٥٨ – ٤٤»، نقطة «٣٠ – ٤ – ١٦ – ٢»، نقطة «٢ – ٥٠ – ٢٢ – ٨»، نقطة «٤٠ – ٥٤ – ٤٨ – ٥٢»، نقطة «٥٨ – ٥٢ – ٥٦ – ٢ – ١٠ – ٥٢ – ٦ – ٤٨ – ٥٢»، نقطة «٥٠ – ٥٠ – ٤٦ – ٣٤ – ٢ – ٢»، نقطة «٤٠ – ٥٠ – ٣٠ – ٤٨ – ٥٢»، نقطة «٥٢ – ٤٤ – ٢٠ – ١٦ – ٢ – ٦»، نقطة «٢ – ٥٠ – ٥٠ – ٤٢ – ٥٦»، نقطة «٢ – ٥٠ – ٤٢ – ٢٠ – ٣٠ – ٤ – ٥٦»، نقطة «٤٤ – ٣٠»، نقطة «٢ – ٥٠ – ٢٠ – ٢٤ – ٢ – ٥٠ – ٥٦» انتهى.»
سأل «فهد»: ماذا يقول الزعيم؟
همس «أحمد»: إنه يُحذِّرنا، فسوف يبدأ البحث عنَّا — كما ترى — للقضاء علينا.
سأل «فهد»: هل استطاع المقر السري معرفةَ هذه اللغة الغريبة؟!
قال «أحمد»: نعم، وأرسلوا لنا مفردات لغتهم.
صمت لحظة ثم أضاف: ينبغي أن يعرف «قيس» و«باسم» مفردات لغتهم حتى يفهموا ما يقولون.
وبسرعة، أرسل رسالة إلى «قيس» يشرح فيها ما حدث، ويشرح له أيضًا مفردات اللغة الغريبة، وبسرعة جاءه ردُّ «قيس» يقول: هذا شيء رائع، ولكن ألَا ترى أنهم يُعِدُّون عملًا كبيرًا للقبض علينا؟! … وردَّ عليه «أحمد» يقول: إن هذا في حدِّ ذاته عملٌ عظيم!
كانت أعينُ الشياطين تُراقب ما يحدث، وكان من حُسنِ حظِّهم أن الضوء في الساحة ضعيف …
همس «فهد»: أعتقد أننا ينبغي أن ننضمَّ ﻟ «قيس» و«باسم»، فوجودنا هكذا سوف يقسم قوتنا.
ردَّ «أحمد»: نعم، هذا حقيقي.
ثم أضاف بعد قليل: لكنني أفكِّر في تصرُّفٍ آخر.
نظر له «فهد»، فقال «أحمد»: إن اشتباكنا معهم الآن لن يكون في صالحنا. إننا لا نريد أن نصطدم بهم؛ فمغامرتنا هي تفجير الجهاز، أو إفساده نهائيًّا حتى لا يعملَ؛ فإذا حققنا هذا بدون الاصطدام بهم؛ فإننا نكون قد حققنا ما نريد.
انتظر «فهد» قليلًا، ثم قال: هذا صحيح؛ فإنني أرى عددًا كبيرًا من العمالقة.
ثم ابتسم، وقال: إذا وزَّعناهم علينا؛ فإن نصيبَ الواحد منَّا سوف يَصِل إلى عشرة، وأظن أنه عدد كبير.
قال «أحمد»: هذا ما أفكِّر فيه.
فجأةً، جاء الصوت يُلقي تعليماتِه، كان الشياطين قد بدءوا يعرفون لغة المدينة الغريبة …
قال «أحمد»: إنهم سوف يبدءون حركتَهم الآن؛ ولهذا ينبغي أن نتصرف بسرعة!
قال «فهد» فجأةً: لماذا لا نستخدم كرات الدخان؟
ردَّ «أحمد»: إن هذا سوف يكشف وجودنا، ونحن لا نريد أن نُعطيَهم الفرصة، فهم الآن لا يعرفون أين نحن بالضبط.
لكن ما حدث فجأة، جعل الشياطين ينظرون إلى بعضهم في دهشة؛ فقد انسحب الرجال وأصبحَت الساحة خالية … تساءَل «فهد»: إنه تصرُّفٌ غريب.
ثم أضاف: هل يُفجِّرون الساحة؟
فكَّر «أحمد» قليلًا ثم قال: إنهم يستخدمون أسلحة علمية متقدمة تمامًا، ولا بد أنهم سوف يستخدمون طريقة حديثة غير صراع الأيدي.
وانتظر الشياطين. ماذا هم فاعلون.