البطل
«صحيحٌ أني فُوجِئت به، ولكني أقول الحقَّ فَرِحت، وأحسستُ أني افتقدتُه طويلًا؛ فهناك أناسٌ يفتقدهم المرء .. يفتقد القِيَم .. فالشرفُ في ذِهن الواحد منَّا مرتبط بإنسان، والإخلاص بإنسانٍ آخَر، والحنان والمحبَّة بثالث، وأحمد عمر هذا كان يرتبط في ذهني — ولست أدري لماذا — بشيءٍ يمسُّ من قريب أو بعيد روحَ شعبنا .. الشعب الضخم الخَجُول، الذي لا يُسعِده شيء مثلما يُسعِده أن يَسخر من نفسه وأخطائه.»
يضم هذا الكتاب مجموعة قصصية تعبِّر عن روحِ المقاوَمة التي كانت لدى جموع المصريين عام ١٩٥٦م؛ ففي «الوشم الأخير» يوثِّق «يوسف إدريس» انطباعاته عن جلاءِ آخِر فلولِ القوات البريطانية من بورسعيد، مستعيدًا ذكرياته في المدينة الباسلة. وفي قِصة «البطل»، التي تحمل المجموعةُ عنوانَها، يتصل «أحمد عمر» بجاره ليخبره، وسطَ سعادةٍ غامرة، عن إسقاطه طائرةً فرنسية. ولم تكن روح الوطنية قاصرةً آنذاك على الكبار فحسب، بل تشبَّع بها الأطفال أيضًا، وهو ما نَلمسه في قصة «صح» التي تمنح الانتصارَ بُعدًا آخَر في نفسِ طفلٍ مهلهَلِ الثياب يسير في شوارع جاردن سيتي مزهوًّا بذاته، مُمسِكًا حجرًا يخطُّ به على حائطٍ كلمات وطنية تردَّدت على الألسنة حينها: «أمَّمنا – الشعب – القنال»، راسمًا تحتها علامة «صح».