الإصلاح الاجتماعي الشامل
هناك فريقٌ من المُفكرِين لهم آراءٌ طريفةٌ جريئة نُسمِّيهم — أو يُسمُّون أنفسهم — «المُجدِّدِين» يرى هؤلاء المفكرون أن الغايات التي نصبو إليها جميعًا يمكن أن تتحقق بمعالجة بناء المجتمع. إنهم لا يُبشِّرون «بتغيير نفوس» الأفراد، وإنما ينادون بإنجاز إصلاحٍ شاملٍ مُعيَّن، في السياسة وفي الاقتصاد بنوعٍ خاص.
إن الإصلاح السياسي والاجتماعي فرعٌ مما نستطيع أن نُسمِّيه «الأخلاق الواقية». والغرض من وضع قواعد هذه الأخلاق هو أن نخلق ظروفًا اجتماعيةً معينة من طبيعتها أن تُهيئ للفرد فرصةً تُمكِّنه من أن يسلك سلوكًا طيبًا، وتُحرِّره من كل القيود. وكلنا يعلم أن الرجل المسيحي كثيرًا ما يدعو الله ألَّا يدفع به في سبيل الإغراء. والمُصلح السياسي والاقتصادي يرمي بإصلاحه إلى إجابة هذا الدعاء، إنه يعتقد أن البيئة التي يعيش فيها الفرد يمكن أن تُنظَّم بحيث تمتنع جميع ضروب الإغراء، فيعيش الفرد في المجتمع حرًّا طاهر الذيل لا عن إرادة وقصد، بل لأن الفرص التي تُهيئ له الخضوع لشهواته لم تسنح ولم تتيسر له. وليس من شك في أن نظرية المُصلحِين السياسيِّين والاقتصاديِّين هذه فيها من الحق الشيء الكثير. ففي إنجلترا اليوم قلَّت جرائم القتل كثيرًا بالنسبة لعددها في الزمان القديم. وهذه القلة ترجع إلى عددٍ من الإصلاحات الاجتماعية الشاملة؛ ترجع إلى تشريعٍ يُقيِّد بيع السلاح ويمنع حمله، كما ترجع إلى نظام القضاء الذي يحكم على القاتل المُذنب بالقتل وينتقم للضحايا الأبرياء. ثُمَّ إنَّا — فوق ذلك — ينبغي ألَّا ننسى التغيُّر الذي طرأ على آداب المعاشرة؛ ذلك التغير الذي يجعلنا اليوم نستخف بالمُبارزة التي كانت فيما مضى سببًا في موت الكثيرِين من المُبارِزِين؛ فنحن اليوم لا ندافع عن الشرف الشخصي بالقتال كما كنا نفعل في العصور الوسطى. ويكفي هذا القدر من الأمثلة لكي نُبيِّن للقارئ أننا نستطيع عن طريق الإصلاح الاجتماعي أن نُغيِّر سلوك الفرد، وأن نُخفِّف من دواعي الإجرام (وفي موضعٍ آخر من الكتاب سأتكلم على بواعث الإجرام الحديثة التي تنشأ عن الإصلاح). وإذا ما اختفت من المجتمع بواعث الإجرام مدةً طويلة من الزمن تَعوَّد الناس عاداتٍ جديدة وتخلَّقوا بخُلقٍ جديد. ومن طبيعة المرء أن ينظر إلى الجريمة التي لا ينساق إليها انسياقًا نظرةَ نفورٍ وتقزُّز، فلا يُفكِّر البتَّة في ارتكابها، وهو حينئذٍ ينسب إلى نفسه فضْل النزاهة الخُلُقية وهي في الواقع من خَلْق الظروف. خذ مثالًا لذلك ميل الإنسان إلى القسوة: كانت كثرة الناس في إنجلترا لا تَتورَّع عن القسوة على الحيوان وعلى الأطفال، فقامت — في وجه معارضةٍ قوية — أقليةٌ صغيرةٌ من المُصلحِين ذوي القلوب الكبيرة تُنادِي بضرورة الرأفة بالإنسان والحيوان، وانتهى الأمر بوضع تشريع يعاقب كل من يخالف ذلك. وأزيلت البواعث التي كانت تدفع الناس إلى غِلظة القلب فألِف الناس الرحمة، وتطرَّقَت الرأفة إلى قلوبهم وأحسَّت النفوس بالعطف المُتبادَل. ومن ثَمَّ ترى أن التشريع قد أجدى في خَلق عادةٍ إنسانيةٍ جديدة. والإنجليز اليوم ينفرون أشد النفور من مَشاهِد القسوة، وقلَّ أنْ ترى فيهم رجلًا فظًّا غليظ القلب. وقد يظن بعض الناس أنهم بطبعهم رقاق القلوب يُحبُّون غيرهم من الناس وليسوا بحاجة إلى تشريعٍ يُحرِّم عليهم القسوة، ولكنهم في ظنهم مخطئون. فإنهم حين تتغير الظروف وتسنح لهم الفرص تغلُظ قلوبهم وتقسو نفوسهم، وبخاصةٍ حينما تكون القسوة وسيلة لغرضٍ نبيل. ومن ثَمَّ كان من الضروري أن نُبقي على عادات التأدُّب والاحتشام القديمة بغير مساس. ومِن ثَمَّ كذلك كان من الضروري أن نتجنب الحرب — سواء كانت دوليةً أو أهلية — لأن الحرب حين تشتعل في نطاقٍ واسعٍ لا يقتصر ضررها على إزهاق الأرواح، إنما هي كذلك تهز كِيان العادات المألوفة والقانون القائم والثقة المتبادلة بين الناس وآداب اللياقة التي تَصدُر عن المرء من تِلقاء نفسها، والعطف المُتبادَل بين الأفراد، وحينئذٍ تصبح الحياة الاجتماعية شديدةً لا تُحتمَل. والإنجليز على الجملة، شعبٌ شفيق طيب المزاج. ولا يرجع هذا إلى أن جذور الفضيلة تمتد في نفوسهم أعمق مما تمتد في نفوس غيرهم من الشعوب، وإنما يرجع إلى أن آخر الغزوات الناجحة التي وُجهَت إلى جزيرتهم كانت في عام ١٠٦٦ وإلى أن آخر حروبهم الأهلية حَدثَت في عام ١٦٨٨، وقد كانت حربًا هينة رُوعيَت فيها أصول اللياقة والأدب إلى حدٍّ كبير. وكان من نتيجة ذلك أن فتَرَت في نفوس الإنجليز الرغبة في القسوة من عهدٍ بعيد؛ وذلك لانعدام الظروف التي تبعثها. وينبغي أن نلاحظ فوق ذلك أن الإنجليزي شفيق في بلده فحسب، وهو كذلك شفيق في تلك الأجزاء من الإمبراطورية التي انعَدمَت فيها الحروب أو أشباح الحروب فترةً طويلة من الزمن. ولكنه في الهند على غير ذلك، والهنود لا يرَوْن في حكامهم شفقةً ولا رحمة. والواقع أن المقاييس الخُلقية عند الإنجليز تتحول تحولًا شديدًا عندما ينتقلون من جو الهدوء والسلام الذي يُخيِّم على بلادهم إلى جو الهند، وهي تلك البلاد التي فتحوها واحتلوها احتلالًا حربيًّا. فهم يفعلون في الهند ما لا يحلمون بفعله في بلادهم، وقد كانت مذبحة آمر تسار من أشنع ما يُسجِّله التاريخ.
إن انتفاء الحروب الخارجية والأهلية يبعث في القلوب رحمةً ورأفةً لا تبعثها فيها النصائح الخُلقية والدروس الدينية، إن الحرب تبعث على الحرب، والعنف يُولِّد العنف. فإسبانيا مثلًا التي ألِفَت ألَّا يَفتُر فيها النضال الداخلي أكثر تعرُّضًا للنزاع الداخلي من بلدٍ تأصَّلَت فيه عادة التعاون السلمي من زمنٍ بعيد.
ومما تَقدَّم نرى أن معالجة النظام الاجتماعي علاجًا شاملًا قد يُباعد كثيرًا بين الفرد وأسباب الإجرام، تلك الأسباب التي كان من المستحيل على الفرد أن يُقاومها لولا هذا الإصلاح الاجتماعي. ولكن الإصلاح الاجتماعي ليس خيرًا كله، وينبغي ألَّا ننسى أنه قد يُنقِذ الناس من مجموعةٍ من الشرور ليسوقهم إلى شرٍّ جديد. وكثيرًا ما يُحوِّل الإصلاح الاجتماعي الميول الشرِّيرة عند الفرد من اتجاهٍ قديمٍ إلى اتجاهٍ آخرَ جديد. إننا كثيرًا ما نسُد ثغرةً قائمةً لنفتح غيرها، والشر كثيرًا ما يبقى في النفوس، إن عارَضتَه من ناحيةٍ وجد له مخرجًا من ناحيةٍ أخرى، وتستطيع أن تتبع هذا الميل الآثِم عند الإنسان في كل مدنيةٍ من مدنيات العالم، وتستطيع أن تلمح وراء كل ثقافة من الثقافات عيبًا من العيوب، وتستطيع أن تلمس ميل الإنسان نحو الشر في صورةٍ من الصور في كل موقفٍ من مواقف السياسة الدولية. خذ على سبيل المثال التاريخ الحديث لسببٍ أساسي من أسباب الشر عند الإنسان، وأقصد به شهوة السلطان، والرغبة الشديدة في النجاح الشخصي والسيطرة. نستطيع هنا أن نصف الانتقال من ظروف العصور الوسطى إلى ظروف العصر الحديث كأنه انتقال من العنف إلى الدهاء، ومن النظر إلى السلطان على أنه الشجاعة الحربية وحق الأرستقراطية المُقدَّس إلى النظر إليه على أنه التفوُّق المالي، الداء واحد ولكنه يظهر في صورٍ مختلفة. في العصر السابق كان السيف وامتياز الطبقة التي ينتمي إليها الفرد دليل السيطرة وأداتها في آنٍ واحد، وقد حل المال في العصر الحديث محل السيف وامتياز الطبقات. ومنذ عهدٍ قريبٍ جدًّا أخَذَت رغبة السيطرة من جديد صورتها في العصور الوسطى؛ فقد عادت الدول الفاشستية إلى الحكم بالسيف وبالحق المقدس، ولا نُنكر أن «الحق» هنا هو حق الزعماء الذين رفعوا أنفسهم إلى مكانة الزعامة، وليس حق الأرستقراطية الموروث، ولكنه حقٌّ مُقدَّس على كل حال؛ فموسوليني لا يخطئ، وهتلر رسولٌ من عند الله، وفي روسيا الجديدة المُوحَّدة قام نظام رأسمالية الدولة، واختفت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، واستحال على الأفراد أن يستخدموا المال وسيلةً للسيطرة على زملائهم، وليس معنى هذا أن شهوة السلطان قد أُقمعت، بل لقد تحوَّلَت من اتجاهٍ إلى آخر؛ ففي نظام روسيا الجديد أصبح المركز السياسي هو دليل السلطان وأداته، لا يصبو الرجال إلى الثراء، ولكنهم يتطلعون إلى المناصب، وما أشَدَّ اقتتالَهم وتناحُرهم على هذه المناصب. وقد ظهر التنافس الشديد على السلطان أثناء محاكمات الخيانة عامَي ١٩٣٦ و١٩٣٧، في الروسيا — وكذلك إلى حدٍّ ما في البلدان الدكتاتورية الأخرى — يُشبِه الموقف كل الشبه نظام رجال الدين؛ حيث يكون المركز أكثر من المال أهمية. إن الاشتراكيِّين لم يتخلصوا من رغبة الطموح ولكنه ليس الطموح إلى جمع المال والثراء. إن شهوة السلطان لديهم مُنزَّهةً عن المادة فهي شهوةٌ خالصة.
من هذا نفهم معنى هذه العبارة: «إنك لا تستطيع أن تغِّير الطبيعة البشرية»، غير أن علماء الإنسان يُنبِّهوننا إلى أن طبيعة الإنسانية — برغم أنها لا تتغير — تتخذ صورًا جديدةً غاية في الغرابة والطرافة. ومن الممكن أن نُنظِّم مجتمعًا لا تجد فيه شهوة السلطان مخرجًا سهلًا؛ فأفراد قبائل زوني في الهند مثلًا لا يأبهون بالشهرة أو جمع الثروة أو بالنفوذ أو المركز الاجتماعي كما نفعل نحن أبناءَ المدنية الحاضرة. النجاح في الحياة عندنا مُقدَّس معبود، ولكن هذه القبائل الهندية لا تكترث له أو تُعيره التفاتًا، وقلَّ بين أعضائها من يُفكِّر في الارتفاع على أقرانه، فإن حاول أحدهم أن يفعل نكَّلوا به وأوقعوا به أشد العقاب، ليس بين أبناء هذه القبائل من هو شبيهٌ بهتلر أو كرجرز أو نابليون أو كالفن، ولا تُتاح الفرصة لأحدهم لكي يتسلط على غيره. في هذه المجتمعات الهندية الهادئة المتزنة لا تجد المطامع الشخصية سبيلًا إلى الظهور، إنهم لا يطمعون في النفوذ السياسي أو في جمع المال أو في السلطة الدينية أو الحربية مثلما نفعل نحن الذين نعُد أنفسنا حمَلة لواء المدنية الحديثة.
غير أنا يجب أن نذكر أن أبناء المجتمع الصناعي الحديث في بلاد الغرب لا يستطيعون بأية حال أن يَحذوا حَذو قبائل الزوني أو ما شابهها من قبائل الهند؛ وذلك لأن ثقافة هذه القبائل تختلف عن ثقافتنا كل الاختلاف، بل إنَّا — إن استطعنا أن نحاكي هذه القبائل — لا نحب أن نسير سِيرتها أو نتخذها لنا نموذجًا ومثالًا؛ وذلك لأن هذه القبائل الهندية قد دَفعَت في سبيل التغلُّب على شهوة السلطان ثمنًا باهظًا. أجل إنهم لا يتسابقون في سبيل الثراء أو التفوُّق الاجتماعي كما نفعل، ولكنهم يتكلَّفون من جرَّاء ذلك ما لا نُطيق، فهم يرزحون تحت عبءٍ ثقيل من التقاليد الدينية، كما أنهم يرتبطون بكل ما هو قديم ويفزعون من كل جديدٍ غير مألوف. إنهم يُنفقون وقتًا طويلًا ونشاطًا وافرًا في أداء الشعائر السحرية، وفي تَكرار صيغٍ خاصةٍ لا تكاد تنتهي يحفظونها عن ظهر قلب. وإذا كنا نحن نتصف بالكِبر والشَّرَه والحِقد فهم يتصفون بالتراخي، وخاصةً بالتراخي العقلي، أو الغباء، وهو ما يُحذِّر علماء الأخلاق البوذيون تلاميذهم منه تحذيرًا شديدًا. والمسألة التي نُواجهها الآن هي هذه: هل نستطيع أن نجمع بين مزايا ثقافتنا الغربية ومزايا ثقافة هذه القبائل الهندية؟ هل نستطيع أن نُخلِّف نوعًا جديدًا من الحياة تنتفي فيه عيوب هذَين اللونَين المختلفَين من الثقافة؛ الثقافة الهندية والثقافة الغربية الصناعية؟ هل في مقدورنا أن نكتسب عادات هؤلاء الهنود ونتحرر من حب الثراء ومن الرغبة المُلحِفة في النجاح الشخصي، مع احتفاظنا في الوقت نفسه بِتنبُّهنا الذهني واهتمامنا بالعلم وقدرتنا على إحداث التقدُّم الفني السريع وتطوُّر الجماعة؟
وهناك ألوانٌ أخرى من الفكر والشعور كانت في وقتٍ من الأوقات طبيعيةً لا مفر منها، ولكنها في أوقاتٍ أخرى أو في أمكنةٍ أُخرى لم تكن معروفة ولم يكن لها وجود. من ذلك أن الفن كان أحيانًا يرتبط بالدين (كما كان في أوروبا في العصور الوسطى) ولكنه في أحيانٍ أخرى كثيرة لم تكن له البتَّة صلة بالدين (كما هي الحال بين قبائلَ مُعينةٍ من الأمريكان الهنود وبين الأوربيِّين في القرون الثلاثة الأخيرة). وكذلك الشئون الجنسية وأمور التجارة والزراعة والمأكل والمشرب، نراها ترتبط بالدين أحيانًا وأحيانًا لا ترتبط. ومن المجتمعات ما يستصوب الريبة والغَيرة والحِقد، ومنها ما تراها آثامًا خُلقية.
وقد يكون ارتباط التقدُّم الإنساني بروح العدوان اتفاقيًّا وعرضيًّا كالعادات العقلية والعادات العملية التي ذكرناها آنفًا. وقد يكون لهذا الارتباط من ناحيةٍ أُخرى جذورٌ متأصلة في أعماق النفس البشرية. وسيتبين لنا فيما بعدُ أنه من العسير جِدًّا، بل من المستحيل، أن نفصل بين التقدُّم والعدوان، وهذه المشكلة على كل حال ليست من المشاكل التي يمكن الجزم فيها يقينًا. وكل ما نستطيع أن نقوله في هذا الصدد — ونحن على شيءٍ من الثقة — أن الارتباط بينهما لا يلزم أن يكون كاملًا كل الكمال كما هو في الوقت الحاضر.
- أولًا: رأينا أن «الطبيعة الإنسانية التي لا تتغيَّر» قد تتغيَّر فهي ليست مُتحجِّرة كما يظن بعض علماء الإنسان، وكثيرًا ما تغيَّرَت تغيرًا ملموسًا.
- ثانيًا: أن أنواع الارتباط المختلفة التي نشاهدها بين ألوان السلوك المتنوعة في المجتمعات البشرية يمكن فصمها ثُمَّ إعادة ربط عناصرها بطرقٍ أخرى.
- ثالثًا: أن علاج بناء المجتمع على نطاقٍ واسعٍ قد ينجم عنه تغيُّر مُعيَّن في الطبيعة الإنسانية. بيد أن هذا التغيُّر قلَّما يكون أساسيًّا؛ فهو لا يستأصل الشر من جذوره، وإنما يحوله من مَسلكٍ إلى آخر.
- رابعًا: إن شئنا أن نُحقِّق الغايات التي نحبها جميعًا فالأمر يقتضي أكثر من مجرد تحويل الروح الشريرة عند الإنسان من مَجرى إلى مَجرى. بل لا بُد لنا من القضاء على الشر من مَنبته، ولا بد لنا من كبح الإرادة الفردية وهي في نشأتها.
ومن ثَمَّ نرى أن الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل لا يُحقِّق لنا أغراضنا. ولا مندوحة لنا عن الهجوم على هدفنا المثالي الأعلى، لا من هاتين الناحيتين وحدهما، ولكن كذلك وفي نفس الوقت من جميع النواحي الأخرى. وقبل أن نتكلم فيما ينبغي عمله من هذه النواحي لا بد لي أن أصف في شيءٍ من التفصيل طريقة الهجوم من الناحية الأولى؛ ناحية الإصلاح الاجتماعي الشامل.