التصوف البوذي والتحليل النفسي
«ومقارَبة زن هي أن تدخل في الموضوع ذاتِه وتراه، كما هو، من الداخل، فأن تعرف الزهرةَ يَعني أن تصبح الزهرة، أن تكون الزهرة، وأن تتفتَّح مثل الزهرة، وأن تبتهج لنور الشمس، وهَطْل المطر، وحين يتمُّ ذلك فإن الزهرة تكلِّمني، وأعرف كل أسرارها، وكل مَباهجها، وكل آلامها؛ أيْ كل حياتها النابضة في داخلها.»
ظهرت البوذية في الهند، وهاجَرت إلى الصين، ومنها عبَرَت كوريا إلى اليابان، وقد تلوَّنت بثقافة الشعوب التي اعتنقَتها، ومن الطبيعي أن تنشأ لها طوائفُ واتجاهاتٌ في سياق التاريخ، ومن أبرزها طائفة «زن»، وهي الطائفة الصوفية الأهم والأكثر شُهرةً في ميدان التصوُّف البوذي، ويسعى فيها المعلِّم إلى توجيهِ اهتمام المريد إلى ذاته، وتحديدًا إلى حَدْسه الداخلي، واضعًا المعرفة الحَدْسية في المقام الأول دونَ إلغاءِ المعرفة العقلية، وهو ما يجعلها وثيقةَ الصِّلة بالتحليل النفسي؛ ومن ثَم فمن الطبيعي أن تجد أحدَ أقطاب الباحثين في الطائفة بصفة خاصة، والبوذية بصفة عامة، وهو الدكتور «د. ت. سوزوكي»؛ يربط بين التصوُّف البوذي الزنِّي وبين التحليل النفسي، متطرِّقًا في هذا الكتاب إلى المشاكل السيكولوجية مثل اللاوعي والذات، ومتبحِّرًا في صوفية «زن»، ومُجليًا أوجُهَ التلاقي بينها وبين التحليل النفسي.