أين اختفت «بيللا»؟!
كانت المفاجأة مذهلة، فقد انقطع التيار الكهربائي وأُطفِئ النور في فيلا «مونت کاتیني» … والغريب أنه انقطع عن المنطقة بأكملها أيضًا، وأصبحَتِ الشوارع تغرق في الظلام، وعندما أضاءت الشموع مكان الاحتفال بعيد ميلاد «بیللا» ابنة «مونت کاتیني»، لم تكن «بيللا» موجودة، ولم يكن المدرسون أيضًا موجودِينَ.
كان «أحمد» و«عثمان» و«إلهام» و«زبيدة» قد خرجوا في مغامرة «سر المخطوفة»، بعد أن أخبرهم رقم «صفر» بحقيقة المغامرة.
إن عصابة «سادة العالم»، تريد الحصول على سر عسكري من «مونت كاتیني»، مدير المخابرات الإيطالية، لكن «مونت كاتيني» رفض أي تهديد، وكان يعرف أن العصابة سوف تلجأ إلى خطف ابنته الوحيدة «بيللا».
عرف عملاء رقم «صفر»، في إيطاليا، أن العصابة سوف تخطف «بيللا»، وسوف تقوم بنقلها إلى «جزر الساندويتش» … التي تقع في المنطقة الجنوبية من الكرة الأرضية، والتي عرف الشياطين مكانها في المغامرة السابقة.
ولهذا اضطُرَّ «مونت کاتیني» أن يمنع ابنته «بیللا»، من الخروج أو حتى الذهاب إلى المدرسة، واضطُرَّ أن يُحضِر لها مُدرِّسِينَ إلى الفيلا.
وهكذا كانت «بيللا» تعيش في الفيلا، وكأنها مسجونة، ولهذا خرج الشياطين إلى مغامرتهم الجديدة «سر المخطوفة». غير أن «بيللا» قد خُطِفَتْ فعلًا ليلة عيد ميلادها، كان الموجودون في تلك الليلة: «مونت كاتيني» و«بيللا»، والشياطين، ومدرِّسو «بیللا»، ولم يكن أحد آخَر قد دُعي إلى الحفل الصغير، الذي أقيم احتفالًا بعيد ميلادها، وكان شيئًا مذهلًا أن تختفي، فكيف يمكن أن تختفي، ولا يوجد أحد غريب في الحفل؟!
قال «أحمد» بسرعة: ينبغي الاتصال بكل المطارات الإيطالية، حتى لا تخرج «بیللا» من إيطاليا!
سأل «مونت كاتیني»، وكان يقف مذهولًا: لماذا؟!
ردَّ «أحمد»: إن العصابة سوف تنقلها من إيطاليا!
تجمَّد وجه «مونت»، وهو يسأل: إلى أين؟!
ردَّ «أحمد»: إلى جزر «الساندويتش»، إن المعلومات عندنا تؤكِّد ذلك!
وبسرعة كان «مونت» يُجري اتصالًا بإدارة المخابرات التي يرأسها؛ لتنطلق تعليمات لكل المطارات والمواني بنشرة سرية عن «بيللا».
كان الشياطين يقفون في حالة جمود، فما حدث كان شيئًا مذهلًا فعلًا. كان اللغز الذي يحير الشياطين هو: كيف خُطِفَت «بیللا» وهي بينهم؟
لكن إجابة السؤال، لم تتأخر كثيرًا، فقد عاد النور فجأةً، في نفس الوقت كان المدرسون يدخلون من باب الفيلا، نظر «أحمد» إليهم، وعرف بسرعة ماذا حدث، أسرع إليهم «مونت» يسألهم عن «بيللا» …
فقال «کاریني» مدرِّس اللغة الإنجليزية: لقد كان مقبوضًا علينا!
ظهرت الدهشة على وجه «مونت»، ونظر الشياطين إلى بعضهم، إلا أن «أحمد» قال: لقد تصوَّرْتُ ذلك من البداية، لكني لم أتصوره بهذه الطريقة … والآن لقد وضح كل شيء، إن العصابة خطفَتِ المدرِّسِين، وأجرَتْ عملية «ماكياج» لبعض أفرادها، فظهروا وكأنهم المدرِّسون الحقيقيون فعلًا.
قال «کاریني» بسرعة: هذا شيء مذهل، ويبدو أنه الحقيقة …
سأل «أحمد»: هل تقص علينا كيف تم القبض عليك؟
قال «کاریني»: نعم.
سكتَ لحظة، ثم أضاف: كنتُ خارجًا من البيت، ويبدو أنهم كانوا يعرفون موعد خروجي تمامًا، وقبل أن أخطو أول خطوة إلى الخارج … كان اثنان يقتحمان باب البيت، وفي يد كلٍّ منهما مسدس، دفعاني إلى الداخل، ولم تمضِ دقيقة حتى غبتُ عن الوعي، فقد شممتُ رائحة غاز غريبة، وعندما أفقتُ، وجدتني في غرفة نوم صغيرة … ووجدتُ نفسي ممدًّا على سرير صغير، ولم يكن في الغرفة شيء.
ظهرَتِ الدهشة على وجه المدرِّسِينَ الخمسة، وقال «مارشيللو» مدرِّس الحساب: إن هذا ما حدث لي تمامًا؛ فبعد أن ركبتُ سيارتي، واقتربتُ من هنا … أوقفني ضابط شرطة، وطلب أوراق السيارة ورخصة القيادة، وعندما كنت مشغولًا بالبحث عن الأوراق في تابلوه السيارة، كانت يدٌ قد امتدَّتْ إلى أنفي بمنديل، وغبتُ عن الوعي، وعندما استيقظت وجدتني في غرفة صغيرة، وفوق سرير صغير، ولم يكن في الغرفة أي شيء آخَر.
همس «أحمد» بعد لحظة: إذن، لقد تم كل شيء بطريقة واحدة.
سكت لحظةً، ثم أضاف: لقد فكرتُ فعلًا في أن هذا سوف يحدث، لكني تصوَّرتُ أنه سوف يكون لواحد من الأساتذة المدرِّسِينَ، وليس لهم كلهم.
كان «مونت كاتیني» قد تركهم وخرج، فجأةً رنَّ جرس التليفون، أسرع إليه «أحمد»، وعندما رفع السماعة، كان «مونت» يتحدث … جاء صوت «مونت» يقول: أرجوكم، لا تغادروا الفيلا!
ثم انتهَتِ المكالمة … لم يغادر الشياطين الفيلا؛ فخروجهم منها الآن لا يساوي شيئًا، لقد نفَّذَتِ العصابة خطتها بإحكام تام، وبقي على الشياطين أن يحلوا لغز اختطاف «بيللا».
كانت «إلهام» و«زبيدة» تجلسان في صمت، بينما «عثمان»، و«قیس» يرقبان «أحمد»، كان «أحمد» يفكر: إن «بيللا»، لم تذهب بعيدًا، ومن المؤكد أنها لا تزال في روما، في أي مكان تابع للعصابة، بل إن العصابة قد لا تقوم بتهريبها إلى الخارج.
نظر لحظةً إلى السيد «مارشيللو»، ثم قال: أستاذ «مارشيللو»، هل تذكر الوجه الذي اقترب منك في ثياب رجل الشرطة؟ انتظرَ «مارشيللو» قليلًا، قبل أن يجيب: نعم أذكر تمامًا؛ فقد مرَّ بعض الوقت، قبل أن أفقد وعيي!
قال «أحمد»: هل يمكن أن تصفه لي!
استغرق «مارشيللو» في التفكير بعض الوقت، ثم قال: أذكر أن عينَيهِ سوداوان، وكانت تبرقان، كحجرة في الظلام، له حاجبان كثيفان بدرجة لافتة للنظر، أنفه مستقيم حاد، شفتاه غليظتان، ويبدو أنه تعرَّض لإصابة في وجهه، فقد كانت هناك آثار عملية جراحية.
كان «قیس» يُمسك في يده ورقةً وقلمًا، ورسم بعض الخطوط، في نفس الوقت الذي كان يسمع ما يقوله «مارشيللو»، رسم «قیس» خطوطًا أخيرة، ثم نظر إلى «مارشيللو» قائلًا: انظر إلى هذه الصورة!
نظر «مارشيللو» في الصورة، ولمعَتْ عيناه من الدهشة وهتف: ياه! صورة طبق الأصل، إنه هو!
أسرع «أحمد» يُلقي نظرة على الصورة، ثم قال: هل أنت متأكد؟
رد «مارشيللو» مؤكدًا: طبعًا، كأنه هو فعلًا، وكأنها صورة فوتوغرافية له.
هزَّ «أحمد» رأسه، وقال: هذا شيء طيب.
ثم نظر إلى السيد «کاریني» وقال: هل …
لكن «کاریني» قاطَعَهُ بسرعة: مع الأسف، لم أستطع رؤيتهما جيدًا؛ فلم يعطياني فرصة لذلك!
غير أن السيد «بوالو»، مدرِّس التاريخ، أسرع يقول: لقد شاهدتُ أحدهما بسرعة، وإن كنتُ لم أتحقَّق من ملامحه جيدًا!
قال «أحمد»: إذن، حدِّد لنا ما تذكره!
استغرق «بوالو» في التفكير، كان الجميع يراقبونه، فكَّر «أحمد»: لماذا لم يتحركوا عندما اختفَتْ «بيللا؟»
لكنه لم يُجب عن السؤال الذي فكَّر فيه؛ فقد بدأ «بوالو» في الكلام. قال «بوالو»: كانت إشارة الشارع حمراء، فاضطُرِرتُ للوقوف، كنت أنتظر أن تتحول إلى اللون الأخضر لأبدأ في السير، فجأةً، ظهر وجهٌ أمامي يقول: هل أنت في الطريق إلى شارع ۳۰.
قلت بسرعة: نعم.
قال: إذن، خُذني معك، إنني لا أملك نقودًا أركب بها تاكسي.
قلت: تفضل.
وأكمل «باوالو»: وفتحتُ له الباب، فركب، وقال لي: إنني أشكر لك صنيعك هذا … فلدي موعد هام، كان من الممكن أن أفقده إذا وصلت متأخرًا، فأنا أبحث عن عمل.
سكت «بوالو» لحظةً ثم قال: لم أكن أنظر اليه، فقد تحولَتِ الإشارة إلى اللون الأخضر … وبدأتُ أنظر إلى الشارع، لكنني أتذكر وجهه من تلك اللحظة التي ظهر فيها أمامي.
مرةً أخرى سكتَ وكأنه يستجمع تفاصيل وجه الرجل، ثم قال: كان أحمر الوجه بدرجة لافتة للنظر، وكأنه قد صبغ وجهه باللون الأحمر، وكان يلبس نظارة قديمة شفافة، يبدو أنها نظارة نظر، عيناه فيهما معنى الانكسار، وكأنه يستجدي.
صمت لحظةً ثم أضاف: لكنَّ عينَيهِ أصبحتا حادتَينِ تمامًا، عندما أخرج مسدسه، وصوَّبَه إليَّ … كان يبدو في عينَيهِ معنى غريب، وكأنه الرغبة في الانتقام.
كان «أحمد» يتابعه باهتمام، فسأل: أين كنتما في هذه اللحظة؟
رد «بوالو»: كنا قريبَينِ من فيلا «مونت کاتیني»!
سأل «أحمد»: وماذا حدث بعدها؟
تنفَّس «بوالو» بعمق، ثم قال: أمَرَني أن أدخل في شارع جانبي مظلِم، فكَّرتُ لحظتها أنه يريد أن يسطو على ما معي من مال، ما دام لا يملك نقودًا، نفذتُ الأمر، ودخلت في الشارع الجانبي، أمَرَني مرةً أخرى أن أتوقف على يمين الشارع، أطعتُ الأمر، وما كدت أوقف السيارة، حتى ظهر رجل آخَر، امتدَّتْ يده بسرعةٍ إلى أنفي بمنديل صغير، ثم فقدتُ الوعي.
سأل «أحمد»: هل رأيتَ الآخَر؟
قال «بوالو»: الحقيقة أنني كنتُ قد فقدت سيطرتي على نفسي تمامًا!
صمت لحظة ثم أضاف: لكن يبدو أن المخدِّر الذي كان في المنديل، لم يكن قويًّا؛ فقد كنتُ أشعر بأشياء كثيرة تحدث!
اهتم «أحمد» لكلام «بوالو» وسأله: بماذا شعرتَ؟
قال «بوالو»: شعرتُ بهما يضعاني في المقعد الخلفي للسيارة، شعرت أيضًا، باهتزاز السيارة. ويبدو أنهما كادا يرتكبان حادثة تصادم؛ فقد اهتزت بشدة، وسمعتُ صوت فرملة السيارة!
سكت «بوالو»، فقال «أحمد»: ثم ماذا!
قال «بوالو»: يبدو أننا لم نذهب بعيدًا، فبعد ربع ساعة تقريبًا توقفَتِ السيارة … وشعرتُ بهما يحملاني، ويبدو أنني أصدرتُ صوتًا، فشعرتُ بالمنديل مرةً أخرى فوق أنفي، ثم فقدتُ وعيي تمامًا مرة أخرى …
دخل «مونت كاتیني» في هذه اللحظة، ومعه ثلاثة رجال، عرف الشياطين من «مونت» أنهم من رجال المخابرات، أشار «أحمد» إلى «مونت» وخرجا معًا من الغرفة … قال «أحمد»: أرجو ألا تثير مسألة خطف «بيللا»، ويجب أن تكون المسألة سرية تمامًا.
سكت لحظة ثم أضاف: سوف تعود «بیللا» وبسرعة!
ظهرَتِ الدهشة على وجه «مونت» وقال: كيف؟
قال «أحمد» مبتسمًا: هذا عملنا.