الشياطين … يضعون خطتهم
لم يستطع «مونت كاتيني» أن يعقب على كلام «أحمد» بسرعة؛ فقد كان الحزن يملأ قلبه، لكنه قال بعد لحظة: أرجو أن تشرح لي المسألة!
انتظر «أحمد» قليلًا ثم قال: إن الشرح لا يفيد الآن، إن كل ما نريده ألا تخرج «بيللا» من البلد، إن الطريق إلى جزر «الساندويتش»، صعب، والجو هناك بارد جدًّا كما تعرف ولا تتحمله «بیللا». إن في رأسي خطة، سوف ننفذها حالًا، وأرجو ألا تسألني عنها، فقد أخبرنا السيد «بوالو» بمعلوماتٍ أعتقد أنها سوف تساعدنا في الوصول إلى العزيزة «بيللا».
صمت «أحمد» لحظةً، كان يراقب وجه «مونت كاتیني» الحزين، ثم أضاف: إن «بیللا» ليست بعيدة عنا الآن.
هتف «مونت»: أين؟
قال «أحمد»: هذا ما سوف نحققه.
ثم أضاف: أرجو أن تظل المسألة سرية، وكأن شيئًا لم يحدث، حتى نستطيع أن نحقق خطتنا.
سكت مرةً أخرى، ثم قال: هل يحتاجنا المحققون في شيء؟
همس «مونت» بعد لحظة: لا يا عزيزي «جليم»!
عاد الاثنان إلى حيث يوجد الشياطين، وقال «أحمد»: أرجو أن تبقى «للي» و«نينا» هنا حتى نحتاجهما.
كانت «إلهام»، واسمها الحركي «للي» و«زبيدة»، واسمها الحركي «نينا» تنظران إلى «أحمد» في دهشة، فابتسم قائلًا: سوف نحتاجكما في وقت آخَر!
استأذن الشياطين، وانصرفوا …
في الشارع، كانت الإضاءة لا تزال خافته كالعادة، أخذ كلٌّ من الشياطين طريقًا مختلِفًا، حتى لا يلفتوا نظر أحد؛ فقد كان «أحمد» يعرف أن «الفيلا»، لا تزال مراقبة، وأن العصابة سوف تظل تراقب كل شيء، حتى تحقق هدفها، وتحصل على السر العسكري.
كان كل واحد من الشياطين يتخفى في هيئة مختلفة، فهم منذ أن وصلوا إلى روما … في مغامرة «سر المخطوفة»، لم يظهروا بملامحهم العادية، وعندما جمعتهم الشقة التي يقيمون بها، قال «أحمد»: الآن علينا أن نظهر في شكلنا العادي، فالعصابة تعرف شكلنا بالماكياج فقط، وهذا سوف يعطينا فرصة الحركة جيدًا!
قال «قیس»: إن المعلومات التي لدينا الآن، سواء الصورة التي شرحها السيد «مارشيللو» أو السيد «بوالو»، يمكن أن تعطينا بدايةً طيبة لعملنا.
أكمل «عثمان»: أعتقد أنه ينبغي أن نقيس المسافة التي حددها «بوالو» بربع ساعة.
قال «أحمد»: هذه حقيقة، لكننا نريد سيارة السيد «بوالو» نفسها، فهي التي يمكن أن تحدِّد لنا المسافة التقريبية، فإذا كانت السيارة قديمة، فسوف تكون لها سرعة مختلفة عن غيرها.
صمت الشياطين قليلًا، غير أن «أحمد» قطع الصمت قائلًا: هذه ليست مسألة هامة. فسوف نستطيع تحقيق ذلك عن طريق السيد «مونت».
استغرق كلٌّ منهم في التفكير، لكن «قیس» قال بعد دقائق: نحن في حاجة إلى استعراض ما حدث، واستنتاج ما تم، حتى نستطيع أن نتحرك بنظام.
رد «أحمد»: عندك حق، وحتى لا تفوتنا خطوة!
أخذ الثلاثة ينظرون إلى بعضهم … ابتسم «أحمد» وقال: سوف أشرح المسألة أو أستعرضها منذ ليلة عيد ميلاد «بيللا»، وعليكما أن تراجعاني فيما أقول.
سكت لحظةً ثم أضاف: نحن طبعًا لا تهمنا خطواتنا الأولى، وإن كان يمكن أن نحدِّد بعض النقط فيها.
انتظرَ نصف دقيقة ثم أضاف: من النقط الهامة، ما حدث حول الفيلا، وصراعنا مع أفراد العصابة هذه أهم نقطة، تؤكد أن العصابة حول الفيلا، وأنها تراقبها باستمرار، يأتي بعد ذلك ما حدث ليلة عيد الميلاد.
تنفس بعمق ثم قال: كنا في الغرفة، «بيللا» و«إلهام» و«زبيدة»، والسيد «مونت»، بينما المدرِّسون، لم يكونوا قد وصلوا بعد.
قاطع «قیس» کلام «أحمد» قائلًا: هذه نقطة تحتاج إلى تفكير، أولًا: لماذا تأخَّر المدرِّسون … وهل هذه مسألة عادية، أو أنها مسألة مقصودة، وهل يمكن أن نشك في أحد المدرِّسِينَ؟ فقد تكون العصابة قد استطاعت أن تجنِّد أحدهم، أو تجنِّدهم جميعًا!
فجأةً، كان جهاز الاستقبال، يستقبل رسالة شفرية، عرفوا أنها من رقم «صفر»، كانت الرسالة تقول: «الأنباء التي وصلَتْني ليست طيبة. إلى أين وصلتم؟»
نظر الشياطين إلى بعضهم، قال «أحمد» بعد لحظة: ما رأيكم في الرد؟
قال «قيس»: إنها مسألة شائكة؛ فهذه أول مرة نتعرض فيها لمثل هذا الموقف!
وأضاف «عثمان»: أعتقد أنها مسألة عادية، فالصراع بيننا وبين العصابة لا ينتهي … والمهم هو النتيجة!
قال «أحمد»: إنني مع رأي «عثمان» وسوف يكون ردنا على رقم «صفر» هو: أمامنا ثلاثة أيام فقط، الشياطين قادرون على تنفيذ وَعْدِهم دائمًا.
انتظرَ لحظةً ثم قال: ما رأيكما؟
قال «قیس»: لا بأس!
وقال «عثمان»: رد جيد!
أرسل «أحمد» الرد إلى رقم «صفر»، ثم عادوا لمناقشتهم من جديد، إلا أن رسالة أخرى من رقم «صفر» جاءت تقول: «إنني في الانتظار، أتمنى لكم التوفيق!»
كان رد رقم «صفر» قد أعاد لأنفسهم شيئًا من الهدوء، قال «أحمد»: نحن توقفنا عند سؤال «قيس» عن سبب تأخُّر المدرِّسِينَ، رأيي أن تأخُّر المدرِّسِينَ كان مقصودًا من العصابة، وقد فكَّرتُ فعلًا في خطتهم، لقد خطفَتِ العصابة المدرِّسِينَ، الواحد بعد الآخَر، على فترات متباعدة، وكان المخطوف يظهر بدلًا منه أحد أفراد العصابة، وقد أُجرِيَتْ له عملية ماكياج جيدة ودقيقة حتى يبدو وكأنه المدرس فعلًا.
سكت لحظةً ثم أضاف: وأنا أستبعد أن تكون العصابة قد جنَّدَتْ أحد المدرِّسِينَ، فهم يخضعون لاختبارات قاسية، ومراقبة دائمة، ولا تنسوا أن السيد «مونت» مدير للمخابرات … أي إنه رجل يعرف ماذا يعمل جيدًا!
قال «عثمان»: أوافقك في شرحك لما حدث!
أكمل «أحمد»: أعتقد أن تأخُّر المدرِّسِينَ كان مقصودًا، حتى لا يمكثوا كثيرًا، ويمكن أن ينكشف أحدهم؛ فهم سوف يكونون بين آخَرِينَ، وليسوا مع «بيللا» وحدها، بجوار أن الليلة سوف يكون فيها مرح، وحديث، وطعام.
قال «قیس»: هذه وجهة نظر صائبة.
أكمل «أحمد»: هذه كانت المجموعة، إذن يبقى ما حدث بعدها، عندما جاء وقت إطفاء النور استطاعَتِ العصابة قطع التيار الكهربائي من المنطقة كلها في هذه الأثناء، كما أتصور أن أحد المدرِّسِينَ أسرع بتخدير «بیللا»، ثم تم نقلها بسرعة.
سأل «قیس»: كيف تم نقلها إذن؟
رد «أحمد»: من المؤكد أن العصابة كانت جاهزة، و«بيللا» لم تخرج من باب الفيلا الرئيسي، المؤكد أنها خرجت من مكان ما في الحديقة.
قال «عثمان»: هذه كلها احتمالات جيدة، لكن مَن الذي أطفأ الشموع التي كانت في «التورتة»، وهي يمكن أن تضيء الغرفة؟
ردَّ «قيس»: هذه ليست مسألة هامة؛ ففي نفس اللحظة التي ذهب فيها «مونت» لإطفاء النور، أُطفِئَت الشموع أيضًا، وتم كل شيء!
سأل «عثمان»: وحراسة الفيلا؟
قال «قیس»: أظن أن الباب الرئيسي فقط هو الذي كان يتمتع بحراسة جيدة. لكن حول الفيلا، لم يكن كذلك!
سكت لحظة ثم أضاف: بجانب أنه يمكن خطف أحد الحراس في أي منطقة حول الفيلا، ولا بد أنه المكان الذي سوف تخرج منه «بيللا».
سأل «عثمان»: والخدم … أين كانوا؟
رد «قيس»: كانوا مشغولِينَ في الظلام الذي حدث فجأةً، وهذه أيضًا ليست مسألة هامة!
ظل الشياطين يستعرضون أحداث الليلة كلها، منذ البداية، وحتى اختفاء «بيللا». في النهاية قال «أحمد»: الآن نرسم خطتنا للتحرُّك!
قال «قیس»: أولًا: سيارة «بوالو» ليس من الضروري أن نستخدمها، ولكن أن نراها، وبعد ذلك من الممكن أن نحدد المسافة.
أضاف «عثمان»: ثانيًا: إن حركتنا سوف تكون في نطاق الفيلا، ودائرة حولها!
– أتوقع أن ترسل العصابة إلى «مونت کاتیني»؛ لتساومه مرة أخرى!
قال «أحمد»: هذا توقُّع ممتاز، وهذا سوف يساعدنا تمامًا في حركتنا.
سكت قليلًا ثم أضاف: أقترح أن نرتاح الليلة، وفي الصباح نبدأ عملنا، وربما يكون لدى «مونت» تفاصيل جديدة.
كانت الساعة تدق الثالثة صباحًا في هذه اللحظة، وكان الشياطين يشعرون بالتعب … فما حدث كان مُتعِبًا، نفسيًّا على الأقل.
وفي الصباح، استيقظ «أحمد» على رنين صوت التليفون؛ فرفع السماعة بسرعة، في نفس الوقت الذي استيقظ فيه «عثمان» و«قيس»، ملأَتِ الدهشة وجه «أحمد»، عندما سمع صوت «مونت» يقول: يجب أن أراك حالًا؛ حدث شيء جديد!
وردَّ «أحمد»: إنني في الطريق إليك!
قال «مونت»: في الساعة العاشرة عند ناصية شارع «٤٥»، سوف تصلك سيارة بنية اللون ورقمها «٩٥٢»، ثم وضعَ السماعة.
همس «أحمد»؛ تُرى، ما هذا الشيء الجديد؟