الفراشة … تقودهم إلى المقر!
كانت السيارة المرسيدس السوداء … تتجه خارج المدينة … قال «أحمد»: إننا نستطيع أن نتأكد أكثر، لقد نسينا استخدام الفراشة الإلكترونية!
أخرج من حقيبته السحرية فراشة صغيرة، ثم فتح نافذة السيارة، وأطلق الفراشة … في نفس الوقت كان يتابع اتجاهها بواسطة جهاز التوجيه الذي يمسكه … وعلى شاشة جهاز التوجيه كانت تظهر نقطة صغيرة تتحرك … هي نفسها الفراشة … مرَّت دقائق، توقفَتِ النقطة على الشاشة.
فهمس «أحمد»: لقد التصقَتِ الفراشة بباب السيارة الأمامي!
ضغط زرًّا في الجهاز … فبدأَتِ الأصوات تصل إليه … كان أحد الرجال يقول: ينبغي أن تكون الفتاة خارج البلاد الآن!
ردَّ الآخر: يا عزيزي «بول»: إن الزعيم يعرف أن «مونت كاتیني» سوف يحاصرنا في جميع مواني البلاد … وفي هذه الحالة سوف نسقط في أيديهم … لكن عندما تظل داخل البلاد فإن أحدًا لن يستطيع العثور عليها!
ظهرت على وجه الشياطين علامات الارتياح … لقد تأكدوا الآن أنهم قد أمسكوا ببداية الخيط، وأنهم فعلًا في الطريق إلى «بيللا».
همس «أحمد»: لقد كانت خطتكما جيدة … عندما حدَّدْتُما الدائرة التي يمكن أن يقع فيها المنزل.
مرَّت لحظة صمت، ولم تكن الفراشة تنقل إليهم شيئًا … قال «عثمان»: هل نُطمئن السيد «مونت»؟ إننا نقترب فعلًا من «بيللا»!
إن ذلك سوف يريحه بالتأكيد … فهذه ابنته الوحيدة!
لم يرد أحدٌ مباشرة … فجأةً، جاءهم صوت من السيارة يقول: انظر، إن هناك مَن يتبعنا!
ردَّ الآخر بعد لحظة: لا أظن، إنها مجرد سيارة في الطريق إلى مكان ما!
قال الأول بسرعة: لا … إنني أتتبعها في مرآة السيارة منذ مدة.
ردَّ الآخَر: ربما تكون مصادفة!
نظر الشياطين إلى بعضهم، في نفس اللحظة التي قال فيها الأول: إنها ليست مصادفة، ولا بد أن بداخلها بعض رجال «مونت کاتیني». أخذت السيارة يمين الطريق، وقال الأول: سوف نرى!
ثم أبطات السيارة من سرعتها، قال «قيس»: أظن أننا يجب أن نستمر في طريقنا!
– نعم، وبنفس السرعة، حتى لا يشكوا، فنحن حتى الآن لم نعرف أين «بيللا» بالتحديد!
تساءل «عثمان»: ثم ماذا؟!
رد «أحمد»: يمكن أن ننحرف مع أول تقاطع يقابلنا!
قال «عثمان»: هذا يعني أننا سوف نفقد أثرهم!
مرَّت لحظة صمت، كانوا يقتربون من سيارة العصابة التي كانت لا تزال تسير ببطء … فجأةً رفع «أحمد» سماعة التليفون في السيارة، وتحدث إلى عميل رقم «صفر» يطلب منه سيارة عند النقطة «ق»، ثم وضع السماعة، ابتسم «عثمان» وقال: هذه فكرة جيدة!
قال «أحمد»: يجب أن نمر بسرعة … حتى لا يستطيع أحدهم التعرُّف علينا … في نفس الوقت … حتى نلحق بالسيارة الجديدة … ونكون في انتظارهما!
ضغط «قيس» قدم البنزين … فاندفعت سيارة الشياطين في قوة، ولم تمضِ ثلاث دقائق … حتى كانت تمر كالبرق بجوار سيارة العصابة، التي لم يكن يصدر منها صوت.
فجأةً، جاءهم صوت «بول» يقول: هل رأيت؟ إنها مجرد سيارة عادية يا عزيزي «روبرتو»!
رد «روبرتو» وكان صوته حادًّا: مَن يدري؟
عند أول تقاطع … انحرفت سيارة الشياطين يمينًا، وجاءهم صوت «بول» ضاحكًا: هل رأيت … إنها تتجه اتجاهًا مختلفًا عن اتجاهنا!
ولم يسمع الشياطين صوت «روبرتو» الذي يبدو أنه اقتنع بوجهة نظر «بول»، غير أن الشياطين كانوا يرصدون سيارة العصابة … حتى لا تهرب منهم … وعند النقطة «ق»، كانت سيارة جديدة تقف. اقترب «قيس» منها بسرعة حتى وقف بجوارها، قفز الشياطين في رشاقة، في نفس الوقت الذي غادرها فيه السائق.
وفي لمح البصر، كان الشياطين بسيارتهم الجديدة، يأخذون نفس الطريق الذي سلكته سيارة العصابة.
فجأةً، جاءهم صوت «روبرتو» يقول: نعم أيها الزعيم، لقد وَصَلَتْه الرسالة اليوم.
صمت قليلًا … فعرف الشياطين أنه يسمع … بعد قليل قال: من الضروري أن يرد … نعم … نحن في الطريق!
ثم جاء صوت وضع السماعة، نظر الشياطين إلى بعضهم … وابتسموا، قال «عثمان»: إذن، نحن في الطريق إليهم.
كانت سيارة العصابة، تبدو كنقطة تتحرك بعيدًا، فقال «عثمان»: إنها يمكن أن تهرب منا، فهي بعيدة عنا تمامًا!
رد «أحمد»: لا تنسَ أن الفراشة تُعطينا اتجاه سيارتهم، فصوت الموتور يبدو واضحًا … فإذا توقف، فسوف نعرف أن السيارة قد توقَّفَتْ، لأي سبب، أو تكون قد وصلَتْ لهدفها فعلًا!
ظلَّ «قيس» يحافظ على المسافة بينه وبين سيارة العصابة، حتى لا ينكشف وجودهم.
فجأةً، اختفَتْ سيارة العصابة، وقال «عثمان»: لا بد أنها نزلت في مكان ما!
ابتسم «أحمد» ورد: إن الفراشة الإلكترونية سوف تدلنا على مكانها، وهذا يكفي.
ظلَّتْ سيارة الشياطين في تقدُّمها، وإن كان «قيس» قد جعل السرعة أبطأ كثيرًا … فجأةً جاءهم صوت إغلاق باب السيارة، فقال «أحمد»: إن السيارة الآن تقف عند هدفها.
سكت لحظةً، ثم أضاف مبتسمًا: وهدفنا أيضًا.
توقفَتْ سيارة الشياطين، وقال «قيس»: ينبغي أن نتحرك بدون السيارة … إننا الآن في منطقتهم!
نزل الشياطين، وبدءوا يرصدون المكان … كانت المنطقة تُغطِّيها الأشجار العالية، حتى لا يبدو شيئًا خارجها، وربما يظن مَن يراها من بعيد، أنها مجرَّد غابة!
همس «عثمان»: ألا يجب استعادة الفراشة الآن؟
رد «أحمد» هامسًا: إن وجودها على باب السيارة يرشدنا إليها … فهي تصدر ذبذبات تظهر على الجهاز!
بدأ الشياطين يتحركون في اتجاه الذبذبات التي تُصدرها الفراشة … فجأةً، وجدوا أنفسهم ينزلقون فوق طريق أسفلتي منحدِر، همس «قيس»: إنه الطريق الذي اختفَتْ فيه السيارة … ولا بد أنه مقر العصابة!
فجأةً — مرةً أخرى — بدأ يظهر نفق في باطن الأرض، كانت ذبذبات الفراشة، لا تزال تصل إليهم وتدلهم على الطريق … أظلمَتِ الدنيا، وأصبح من الصعب رؤية شيء … لكنهم مع ذلك، لم يستخدموا أي إضاءة … واستمروا في سيرهم، وكانوا يلتصقون بجدار النفق، ويهبطون في حذر وهدوء؛ حتى لا تصدر منهم حركة يُمكِن أن تكشفهم …
فجأةً، جاءهم صوت يقول: خُذ السيارة إلى مكانها!
ورد الآخَر: ألن يعودا مرة أخرى!
رد ثالث: لا أظن … ولو كانا سيعودان، لقالا لنا.
نقل «أحمد» ما سمعه إلى «عثمان» و«قيس» … فهمس «عثمان»: إذن … نحن في الطريق الصحيح.
جاء صوت أحدهم يقول: ألم تصدر أوامر بغلق البوابة!
رد آخَر: لا … حتى الآن!
سأل الأول: ولماذا تظل مفتوحة … وهل هناك قادم في الطريق؟
أجاب الثاني: لا أظن.
مرَّت لحظة صمت، ثم تساءل صوت مختلِف: لماذا لا نسأل مسئول الأمن؟
رد الأول: هذا صحيح.
سكت لحظةً ثم أضاف: سوف أتصل به!
لم يكن الشياطين قد شاهدوا بوابةً ما … ولذلك همس «عثمان»: أين هي تلك البوابة … وهل نحن عَبَرناها … أو أنها لا تزال أمامنا.
رد «أحمد» هامسًا: لاحِظ أننا في مقر العصابة، ولابد أنها بوابة سرية … وأظن أننا تجاوزناها من مدة.
أضاف «قيس» يؤكد كلام «أحمد»: إنني أظن ذلك أيضًا!
فجأةً، جاء صوت أحدهم يقول: لقد صدرَ الأمر بإغلاق البوابة الآن، فالمركز لن يستقبل أحدًا.
فهمَ الشياطين أنهم قد تجاوزوا البوابة، فقد سمعوا خلفهم صوت البوابة تُغلَق، ذكَّرتهم بالبوابات الصخرية في المقر السري … استمروا في تقدُّمهم … فجأةً، ظهر ضوء خافت، يتحرك فيه ثلاثة أشباح من الرجال.
نظر الشياطين إلى بعضهم … فهم الآن يقومون بالخطوة الأولى في تخليص «بیللا»، والخطوة الأخيرة في مغامرتهم … شاهدوا أحدهم يركب سيارة تقف في منتصف الساحة، وهي ذات السيارة التي تابعوها.
في نفس الوقت كان الآخَران يشيران إليه دون حديث، التقَتْ أعين الشياطين مرةً أخرى، وكانوا يتفقون على قرار.
همس «أحمد»: ينبغي أن يكون هجومنا عندما يصل الثالث، حتى لا يكون مصدرًا لكشف موقفنا!
انتظر في هدوء … وكانوا يقفون خلف شجرة ضخمة تُخفيهم تمامًا … في نفس الوقت، كان رَجُلَا العصابة يقفان قريبًا من الشجرة، حيث ظلا في مكانهما.
مرَّت دقائق، ثم ظهر الثالث، وانضم إلى الآخَرَينِ.
كانوا يبدون أشداء أقوياء … لكن ذلك لم يجعل الشياطين يترددون … فالمفاجأة سوف تحول العمالقة إلى أقزام.