داخل مقر العصابة!
التقت أعين الشياطين للمرة الأخيرة … وعندما رفع «أحمد» يده، كان الثلاثة يطيرون في الهواء، وكلٌّ منهم قد حدَّد هدفه … ضرب «أحمد» رجل العصابة الذي يقف أمامه مباشرةً … ضربة قوية … فاندفع الرجل في قوة، في نفس اللحظة كان يسرع خلفه حتى لا يعطيه الفرصة، ثم ضربه ضربة قوية أخرى جعلَتْه ينطرح أرضًا … وبسرعة، وعندما نظر خلفه، رأى عثمان، وهو يوجِّه ضربات سريعة ومتلاحقة للرجل الآخَر، ولم يستطع الآخَر أن يفعل شيئًا … فقد كانت الضربات شديدة السرعة، في حين كان «قيس»، قد انتهى من الثالث … ووقف ينتظر نتيجة الصراع بين الاثنين … ولم يستمر طويلًا … لقد أنهاه عثمان بضربة خطافية أطاحت بالرجل إلى الأرض، وبسرعة سحب الشياطين الرجال الثلاثة إلى مكان بين الأشجار، ثم أوثقوهم جيدًا … وربطوهم بأقرب شجرة إليهم.
لقد كانت المفاجأة هي العنصر الهام في هذه المعركة السريعة، ولذلك فإن رجال العصابة لم يتمكنوا من عمل أي شيء … ألقى الشياطين نظرات فاحصة على المكان، كانت هناك ساحة واسعة يتوسطها مبنى لا تظهر نهايته، ولم يكن الضوء قويًّا … كان المبنى بلا نوافذ، ولم يكن يظهر بابٌ في واجهته.
قال «عثمان» هامسًا: لعل الباب في جانب آخَر!
رد «قيس»: ربما!
غير أن «أحمد» لم يقُلْ رأيه بسرعة … كان يتطلَّع إلى المبنى، وهو مستغرِق في التفكير، ثم قال بعد قليل: أعتقد أن المبنى بلا باب … وربما يكون الباب سحريًّا.
سكتَ لحظة ثم أضاف: إن هذه هي واجهة المبني … وإذا كان هناك باب عادي، فمن المؤكد أنه يكون أمامنا.
كان «قيس» و«عثمان» يستمعان إليه، فقال «قيس»: قد تكون فكرتك جيدة، ومُسلِّية، إن المبنى يرتفع بعد ذلك فوق سطح الأرض … وربما يكون الباب والنوافذ كلها في الارتفاع الموجود فوق سطح الأرض، ومنه يكون الباب والنوافذ!
سكت «قيس»، فقال «عثمان»: من الضروري أن يكون للمبنى باب في هذا الاتجاه … وأنا أرجِّح أنه باب سحري كما قال «أحمد».
فجأةً، فُتح باب سحري، خرج من الجدار … فنظر الشياطين إلى بعضهم، كان بالباب رجلان قال أحدهما: «جلاسو» … أين أنت؟
انتظر لحظةً، ثم نادى مرةً أخرى: «جلاسو» … هاتِ السيارة إلى هنا!
ثم نظر إلى زميله وقال: إن خطة الزعيم جيدة تمامًا … أليس كذلك؟!
رد الآخَر: نعم، غير أنها تحتاج لبعض الوقت!
نادى الأول: «جلاسو» … ألم تسمع؟!
قال الثاني: ربما يكون بداخل السيارة … ولا يسمعنا … تعال نذهب إليه!
عندما تحركا، كان الباب لا يزال مفتوحًا … وكانت فرصة هائلة أمام الشياطين … تحفزوا بينما كان الرجلان يقتربان … همس «أحمد»: وينبغي أن نستغل فرصة فتح الباب.
سكتَ لحظةً ثم أضاف: عليكما بهما، وسوف أتعامل مع الباب!
كان الرجلان يقتربان أكثر … تحفَّز «قيس» و«عثمان»، بينما كان «أحمد» ينتظر بداية الاشتباك، فجأةً قفز «قيس» و«عثمان» وحقَّقا المفاجأة الثانية … ضرب «قيس» أولهما ضربة عنيفة جعلَتْه ينحني، وبسرعة ضربَهُ ضربةً أخرى، وعندما اعتدل، عاجلَهُ بضربة خطافية طرحَتْه أرضًا.
في نفس الوقت كان «أحمد» قد قفز في اتجاه الباب … واختفى داخله …
أما «عثمان» فكان قد انتهى من الآخَر … وبسرعة … سحباهما إلى حيث الثلاثة الآخَرِينَ، وربطوهما معهم، وفي لمح البصر كانا يقفزان إلى الباب، حيث كان «أحمد» يقف مراقبًا المكان، لكن قبل أن يصلا إلى الباب، أُقفل فجأةً. غير أن «أحمد» وقف بين ضلفتَيِ الباب، كان ضغطهما قويًّا عليه … وبسرعة أمسك «عثمان» بضلفة، و«قيس» بالضلفة الأخرى، ثم جذبا كل منهما ضلفته بقوة، فأوقفا ضغط الباب على «أحمد»، الذي خرج من بين الضلفتَينِ وبسرعة … أخرج من جيبه جهازًا كهربائيًّا دقيقًا ضغط عليه، فتوقف الباب عن الحركة.
أسرع الثلاثة إلى الصالة الصغيرة التي تقع خلفه … غير أن الباب لم ينغلق.
قال «عثمان»: إن ذلك سوف يكشف وجودنا، فلا بد أن هناك جهاز إنذار.
ولم يكد «عثمان» ينتهي من جملته، حتى سطع ضوء قوي فوقهم.
لقد كان ما توقعه «عثمان» حقيقيًّا.
وبسرعة، كان الشياطين يستعدون، أخرجَ كلٌّ منهم عدة كرات صغيرة من كرات الدخان … ثم ألقوا بها في أركان الصالة التي لم يكن يظهر فيها مكان للخروج … في نفس الوقت … وضعوا فوق أنوفهم أجهزة الحماية من الدخان … كان الدخان ينتشر في أركان الصالة بسرعة، حتى غطى المكان.
فجأةً، سمعوا صوت سعال، فعرفوا أن أحد الأفراد قد دخل إلى الصالة.
وضع «أحمد» يده على الجدار، وكان من حُسن حظِّه أن يده جاءت في فراغ الباب الذي فتح … دق على الجدار دقات فهمها الشياطين، فاتجهوا إلى الفتحة بسرعة، وخرجوا منها.
في نفس الوقت أسرع «عثمان» بإلقاء مزيد من القنابل … الدخانية … ولم تمر دقيقة، حتى كانت مجموعة من الرجال في الطريق.
أسرع «قيس» وثبَّتَ إبرة مخدِّرة في مسدسه … ثم أطلقها، فسقط أحدهم بسرعة، كانت المواجهة واضحة … أسرع «أحمد» وفجَّر قنبلة ضوئية في المكان، جعلَتْ أفراد العصابة يمارسون فنون الكاراتيه بينهم … ولم تمضِ ربع ساعة، حتى كان أفراد العصابة قد تساقطوا جميعًا على الأرض.
أسرع «أحمد» بإخراج جهاز الكشف الصغير من جيبه، ثم ضغط زرًّا فيه، ووجَّهه إلى جدران المكان فجأةً، اكتشف وجود باب في الجدار، ضغط زرًّا آخَر، فانفتح الباب، كانت هناك غرفة مكتب.
أسرع الشياطين وسحبوا أفراد العصابة إلى داخل الغرفة.
همس «قيس»: إن وجودنا في هذا المكتب سوف يجعلنا نقع في أيديهم تمامًا.
أسرع «أحمد» بتوجيه جهاز الكشف إلى حائط غرفة المكتب، فظهر باب سري، ضغط زرًّا آخَر، فانفتح الباب، أسرعوا إلى خارج غرفة المكتب، كانت هناك طُرقة صغيرة، ثم باب مصعد.
همس «قيس»: نحن لا نعرف خريطة المكان، ويمكن أن نقع دون أن ندري في أيديهم.
رد «أحمد»: ليس أمامنا حل آخَر، إننا نعتمد على أنفسنا، وعلى الظروف!
ضغط «أحمد» زر المصعد، فانفتح الباب، دخلوا بسرعة، كانت أرقام الطوابق ثلاثةً، منهم الطابق الذي يقفون فيه.
همس «عثمان»: ينبغي أن نصل إلى الطابق العلوي، فمنه نستطيع أن نتصرف.
ضغط زر الطابق الثالث، فأسرع المصعد إلى أعلى، وفي أقل من نصف دقيقة، كان المصعد يقف عند الطابق الثالث، فتح الباب … فقفزوا بسرعة … وكان خروجهم السريع، بداية معركة جديدة، لكنهم كانوا يخشون وجودهم داخل غرفة المصعد؛ لأنهم بذلك، يكونون تحت سيطرة العصابة إذا اكتشفَتْ وجودهم.
كانت المعركة مع خمسة رجال، كانوا يتجهون إلى المصعد، وتبدو عليهم اللهفة الشديدة.
فُوجئ الخمسة بالشياطين الذين كانوا أسرع في التصرُّف.
فما إن وقعَتْ أعينهم على رجال العصابة حتى قفز «أحمد» في رشاقة، وضرب رجلَينِ فاصطدما بالآخَرِينَ … في نفس اللحظة، كان «قيس»، و«عثمان»، يتابعان حركة «أحمد»، فأسرعَ كلٌّ منهما إلى اثنين … أمسك «قيس» بواحد، ثم دارَ به دورةً كاملة بسرعة، مصطدمًا بالرجل الآخَر؛ فأوقع بهما على الأرض، في نفس الوقت كان «أحمد» قد أمسك بالأخير، ولوى ذراعه، فاستدار الرجل، وبسرعةٍ كان قد تركه، ليقابله بقبضتَيهِ معًا، فاندفع مصطدمًا بالحائط، ثم سقط على الأرض، ولم تستغرق المعركة طويلًا، فقد استطاع الشياطين أن ينتهوا منها بسرعة.
قال «عثمان»: هل نخفيهم في أي مكان؟
رد «أحمد»: لا داعيَ، لقد اكتشفوا وجودنا، وعلينا أن نتصرف!
تركوا المكان بسرعة، لمع ضوء أمامهم … أسرع «قيس» في اتجاهه، لكن «أحمد» جذبه بشدة قائلًا: انتظر، إن هذه خدعة!
نظر له «قيس» في دهشة قائلًا: خدعة؟!
قال «أحمد»: نعم، إنهم هكذا يحدِّدون اتجاهنا؛ لنقع في أيديهم!
تساءل «عثمان»: ماذا سنفعل إذن؟
رد «أحمد»: قنابل الدخان!
تساءل «عثمان» مرةً أخرى: ماذا تقصد؟
أخرج «أحمد» عدة كرات دخانية، ثم قال: إن الدخان، سوف يكشفهم أمامنا!
بسرعة، أخرج «قیس» و«عثمان» عدة كرات من الدخان، وفي حركة واحدة، دحرجوا الكرات بقوة في اتجاه مصدر الضوء … مرَّت دقائق، ثم فجأةً، ظهر عدة رجال وسط الضوء، حيث كان الدخان قد بدأ ينتشر.
فقال «قيس»: لقد كانت خدعة حقيقية!
دوَّت في المكان طلقة رصاص، إلا أن «أحمد» كان يقظًا تمامًا … كانت الطلقة موجهة إلى «عثمان» فدفعه «أحمد» بسرعة، واصطدمت الطلقة بالحائط.
كان مجموعة من الرجال قد ظهروا في الجانب الآخَر، وأصبح الشياطين بين المجموعتَينِ، لكن المجموعة الأولى … كانت قد وقعَتْ في مصيدة الدخان، وكانت تسعل باستمرار، أما المجموعة الثانية، فقد كانت تقترب في بطء!
قال «أحمد»: الدخان مرة أخرى!
وبسرعة، كانت مجموعة من كرات الدخان تأخذ طريقها إلى المجموعة الثانية من رجال العصابة، وفي دقائق، كان المكان قد اختفى وسط دخان كثيف، وارتفعت أصوات رجال العصابة وهم يسعلون … وكان على الشياطين أن يتصرفوا بسرعة … للبحث عن مكان «بيللا».