میلاد «بيللا» مرة أخرى!
همس «أحمد»: ينبغي أن نواصل الطريق!
بسرعة، قفزوا إلى الأمام حيث كانت كرات الدخان، لا تزال تنفث دخانها في المكان، وعندما وصلوا إلى مصدر الضوء القوي، انفتح بابٌ … غير أنهم لم يتقدموا … أسرع «أحمد»، وهو يلتصق بالجدار، متقدِّمًا في اتجاه الباب المفتوح … ودون أن يُلقي نظرة، أسرعَ برمي عدة كرات دخان.
فجأةً، سمع صوتًا يقول: يجب أن نغادر المقر فورًا أيها الزعيم.
أشار إلى «قيس» و«عثمان» ليقتربا … في نفس الوقت سمع صوت الزعيم لأول مرة يقول: والفتاة!
رد الصوت الآخَر: إنها في الزنزانة السوداء، ولا يعرف مكانها غيري، فقد سجنتها بنفسي!
نظر الشياطين إلى بعضهم، الآن، قد عرفوا أين توجد «بیللا»، لكن أين الزنزانة السوداء؟
كان هذا هو السؤال الذي فكروا فيه جميعًا … وعن طريق الإشارات قال «أحمد»: ينبغي ألا نترك الزعيم … فالمغامرة ليسَتْ فقط أن ننقذ «بيللا» وإنما تقضي على الزعيم الجديد لعصابة «سادة العالَم».
مرةً أخرى، أسرع «أحمد» بإلقاء مزيد من قنابل الدخان الشفافة التي لا يراها أحد … انتظر الشياطين لحظةً، وكان «قيس» و«عثمان» قد انضما ﻟ «أحمد» … لم يكن يصدر أي صوت من الداخل.
فكَّر «أحمد» بسرعة: هل خرج الزعيم من باب آخَر … أو أنه يملك أجهزة ضد الدخان؟ أشار «قيس» وقال: ينبغي أن نهاجم الغرفة فجأة!
انتظر الشياطين قليلًا، ثم فجأةً قفز «أحمد» قفزةً مفاجئة إلى داخل الغرفة … لكنه لم يجد أحدًا.
همس يدعو «قيس» و«عثمان» … وبسرعة أخرج جهاز الكشف، وبدأ يبحث عن باب في جدران الغرفة إلا أنه لم يظهر أي شيء.
وجَّه الجهاز إلى أرضية الغرفة، فاهتز المؤشر … ظل يقترب من المكان الذي يتحرك عنده المؤشر …
فجأةً انفتحت طاقة صغيرة في أرضية الغرفة … نظر منها، فرأى سلمًا صغيرًا، أشار ﻟ «قيس» و«عثمان»، وسبقهما في النزول.
كان السلم ينتهي عند صالة صغيرة، وفيها ظهر باب صغير … عرف أنه باب مصعد، عندما اقترب منه، انفتح، قفز داخله … لكنه عاد مرةً أخرى.
في تلك اللحظة كان «قيس» و«عثمان» يقفان عند باب المصعد، همس لهما: عليكما بمراقبة خارج المبنى … وسوف أبحث عن الزنزانة السوداء … فمن المؤكد أن الزعيم سوف يحاول الهروب من المقر!
قفز مرةً أخرى إلى داخل المصعد، ثم نزل، كان المصعد سريعًا جدًّا … وكأنه سوف يسقط، فجأةً توقف المصعد وانفتح بابٌ مباشرة … ما كاد «أحمد» ينزل حتى فاجأته ضربة قوية جعلته يصطدم بالحائط، إلا أنه تمالك نفسه، مع أنه كان يشعر بالألم؛ فقد كانت الضربة قوية … وفي لمح البصر كانت يدٌ ثانية تأخذ طريقها إليه، كان لا يزال ملتصقًا بالحائط، تفادى الضربة الشديدة، فاصطدمت يد الرجل بالحائط، وكان «أحمد» أسرع في التصرُّف، فقد ضرب الرجل ضربة قوية … إلا أنها لم تؤثر فيه … وقبل أن يلتفت اليه، كان «أحمد» قد طار في الهواء، وبكلتا قدمَيهِ ضرب الرجل ضربةً عنيفة، جعلته يصطدم بالحائط، وقبل أن يستعيد توازُنه، كان قد وجَّه إليه ضربة قوية، جعلته ينحني، ثم عاجلَهُ بضربة حادة، جعلته يسقط على الأرض، نظر «أحمد» حوله بسرعة، يستكشف المكان، لكنه لم يرَ أحدًا، كان الرجل يحاول أن يفيق، أسرع «أحمد» ولوى ذراعه بعنف، وبكل قوته … تألَّم الرجل، همس «أحمد»: أين الزنزانة السوداء!
إلا أن الرجل لم يرد … ضغط «أحمد» بقوة، فصرخ الرجل أكثر، وهو يشير بيده إلى فمه، وبيده الأخرى إلى اتجاه، فهمَ «أحمد» أنه أخرس … وأنه لا يستطيع الكلام … أسرع بربط يدَيهِ خلف ظهره، ثم ربطهما لقدمَيهِ، حتى لا يتحرك … قفز إلى الاتجاه الذي حدَّدَه الرجل … كانت هناك طُرقة طويلة. وفي نهايتها يظهر باب صغير، ضغط عليه فانفتح … رأى سُلمًا حديديًّا يؤدي إلى غرفة ضئيلة الضوء … لفت نظره أن سور السلم لونه أسود … فقال في نفسه: هل تكون هذه هي الزنزانة السوداء؟
فكَّر؛ هل ينزل؟ تردَّدَ لحظةً، كان يخشى إن نزل … أن تغلق عليه الزنزانة … همس بصوت واضح: «بیللا».
فجأةً، شعر بدفء جهاز الاستقبال، عرف أن هناك رسالة من الشياطين، بدأ يتلقى الرسالة، وكانت رسالة شفرية … كانت الرسالة تقول: ««۲ – ۳۹ – ۷۰ – ۳۸» وقفة «۲ – ۳۷ – ٤٤» وقفة «۲ – ۳۷ – ۳۹ – ۳٥ – ٨٠ – ٤٢» وقفة، «٤» وقفة «۲ – ۳۷ – ٤٠ – ۳۲ – ٤٤ – ۳۸» وقفة «٤٥» وقفة «٤ – ٤٤ – ۳۷ – ٤٣» وقفة «٤۲ – ۳۹ – ۲ – ٣٦» انتهى.»
عندما ترجم الرسالة، ظهرت على وجهه الدهشة، لكنه لم يُضِع وقتًا؛ فقد قفز من مكانه في اتجاه النقطة «ب» التي حدَّدها «قيس» و«عثمان»، كان لا بد أن يصعد إلى الدور العلوي أولًا، ثم يهبط مرةً أخرى إلى حيث باب المبنى، أسرع وقطع الطرقة الطويلة بقفزات رشيقة إلى أول مصعد، ركب إلى الطابق العلوي، ثم أسرع إلى مصعد آخَر.
كان الدخان لا يزال يملأ المكان، والرجال ملقون على الأرض، تجاوزهم إلى المصعد.
وما كاد الباب يفتح حتى دوَّت طلقة أخطأته … كانت الطلقة تأتي في الاتجاه الخلفي … لكنه لم يتوقف ليرد على صاحبها، فركب المصعد بسرعة، وهبط فجأةً، توقف المصعد، انتظر أن يفتح الباب، لكنه لم يفتح، فكَّر: هل تعطل المصعد؟ أو إن العصابة قد حبسَتْه داخله؟ انتظر لكن الدقائق كانت تَمُرُّ … دون أن يفتح الباب، أخرج جهاز الكشف … ووجهه إلى باب المصعد فانفتح … لكن خلف الباب مباشرة، لم يكن يوجد سوى حائط، مسدود.
فكَّر: ماذا يمكن أن يفعل الآن … إن الحائط المسدود يعني أن المصعد لم يصل إلى أي فتحة.
فكَّر في إرسال رسالة إلى الشياطين، انتظر لحظة، ولم يجد حلًّا آخَر … أسرع يرسل رسالة شفرية إليهما.
كانت الرسالة: ««۳۸ – ٥۰ – ۱۰ – ٤٥ – ۳۹» وقفة «٣٤ – ٤٤» وقفة «۲ – ۳۷ – ٦۰ – ۳۲ – ١٦» وقفة «۲ – ۳۷ – ۱۸ – ٤٤» وقفة «٦ – ٤٥ – ۳٥ – ۳٤» وقفة «٤٢ – ۳۷» وقفة «٣٢ – ۳۹ – ۱٦ – ۳٦ – ۳۸» وقفة «۱۲ – ۳۷» تنتهي.»
أخذ يفحص جوانب المصعد في انتظار رد الشياطين.
فجأةً، اكتشف زر الطوارئ … داس عليه، فتحرك المصعد، في نفس اللحظة التي جاءته فيها رسالة الشياطين تحمل الرد.
ترجم الرد بسرعة، كان رد الشياطين: سوف نحاول الوصول إلى غرفة التحكم.
وصل المصعد إلى نهايته … خرج بسرعة …
لكن مجموعة من الرجال كانت في انتظاره … تراجع بسرعة إلى داخل المصعد، في نفس الوقت الذي كان يرمي فيه كرات الدخان أمامهم، كان يغلق الباب بكتفه، وهم يضغطون من الخارج، فقد كان يريد أن يُعطي وقتًا لكرات الدخان، حتى يبدأ مفعولها … واطمأن عندما سمع سعال أولهم، فقد عرف أن الدخان، قد بدأ يسري مفعوله … فتح الباب دفعة واحدة، فسقطوا جميعًا عند قدميه … وبنفس السرعة، كان يلقي كرات الدخان، داخل المصعد، ثم قفز منه، اتجه مباشرة إلى النقطة «ب»، التي كانت تقع بين مجموعة من الأشجار التي تكاد تُخفي مقر العصابة.
فجأةً، سمع صوت طائرة، فكَّر: هل هي طائرة تابعة للعصابة؟ وهل يمكن أن تنقل «بيللا» إلى جزر «الساندويتش»؟!
أسرع من جديد، وفجأةً، وقعَتْ عيناه على «بيللا» لأول مرة منذ اختطافها ليلة عيد ميلادها، ولأول مرة أيضًا … ابتسم … في نفس الوقت جاءته إشارة من «قيس» و«عثمان» يحدِّدان مكانهما، فقد كانا بالقرب من المكان، حيث توجد «بیللا»، ومعها رجلان.
قال في نفسه: لا بد أنهما الزعيم ومساعده!
وبرشاقة كان يغادر مكانه في طريقه إلى حيث «قيس» و«عثمان» حتى انضم إليهما …
همس: ينبغي أن نسرع بالاشتباك معهما …
رد «قيس»: نحن لا نستطيع الآن، وهم داخل السيارة … سوف ننتظر لحظة نزولهما، ثم نهاجمهما.
قال «أحمد»: أظن أن اللحظة سوف تكون صعبة تمامًا … فمَن يدري، قد يكون رجال من العصابة في الطائرة، فاذا اشتبكنا معهم، سوف تضيع «بيللا».
انتظر لحظةً ثم قال: يجب أن ينتهي كل شيء، قبل نزول الطائرة!
تحرك الشياطين بسرعة، في اتجاه سيارة العصابة التي كانت تقف بين الأشجار، في انتظار نزول الطائرة، حيث كانت مساحة مستديرة، تصلح لنزول طائرة هليكوبتر.
سأل «عثمان»: هل نهجم مباشرة؟
رد «أحمد» نعم، وعندما نأخذ «بیللا» يمكن لكرات الدخان أن تؤدي دورها.
سكت لحظةً ثم أضاف: سوف أرسل رسالة للسيد «مونت كاتیني»، ليتولى عملية العصابة أما نحن فتكفينا «بيللا».
أرسل رسالة سريعة إلى «مونت» الذي رد بسرعة يقول: «نحن في الطريق».
كان صوت الطائرة يقترب، أسرع الشياطين إلى السيارة، وعندما أصبحوا خلفهما تمامًا.
همس «أحمد»: سوف ننقض مرةً واحدة، حتى لا نعطيهم فرصة التصرُّف!
أشار بيده إشارة: فانقضوا جميعًا على السيارة … كانت الأبواب مغلقة … إلا أن «قيس» كان يحمل مفتاحًا يفتح أبواب أي سيارة، وبسرعة كان يفتح الأبواب … غير أن السائق … أدار المحرك في نفس اللحظة، لكن «عثمان»، كان يقظًا تمامًا، فوجَّه له ضربة قوية قبل أن يتحرك بالسيارة، في الوقت الذي جذب «قيس» «بیللا» واشتبك «أحمد» مع الزعيم، سدَّد له ضربة قوية، ثم جذبه بحدة إلى خارج السيارة … وفي دقائق … كانت المعركة قد انتهَتْ … وتردَّد في الفضاء صوتُ عدد من الطائرات. أعطَتْ إشارةً فهمَ منها الشياطين أنها طائرات تابعة للسلاح الجوي الإيطالي، ولم تمضِ دقائق أخرى، حتى كانت طائرة هليكوبتر تهبط أمامهم … وظهر منها السيد «مونت كاتيني» الذي أسرع إليهم واحتضن ابنته «بیللا» في حب.
كان الشياطين يشعرون بالسعادة، وقد حققوا مغامرتهم بنجاح، وعادت «بيللا» إلى أبيها.
شكرهم «مونت»، بينما كانت قوات الصاعقة الإيطالية تهبط فوق المبني … أصدر إليها «مونت» أوامره … بنسف المكان، ثم ركب الشياطين الطائرة مع «مونت»، في طريقهم إلى العودة.
قال «مونت» بسعادةٍ بالغة: كيف أشكركم على هذا الجهد العظيم.
رد «أحمد» مبتسمًا: ونحن نشكرك على موقفك العظيم كرجل شريف أمين، أنقذتَ أحد الأسرار العسكرية التي تهم بلادنا.
وعندما هبطَتِ الطائرة في حديقة فيلا «مونت» كانت «إلهام» و«زبيدة»، في الانتظار.
وفجأةً شعر «أحمد» بدفء جهاز الاستقبال، وكانت رسالة من رقم «صفر» يقول فيها: «أهنئكم … وأتمنى لكم إجازة طيبة في روما».
وفي اليوم التالي، احتفل الجميع بعودة «بيللا» وبعيد ميلادها مرةً أخرى.
وقال «أحمد» ضاحكًا وهو يقدِّم ساندويتشات إلى «بيللا»: أقدم لك هذا الساندويتش بدلًا من الجزيرة التي كنت ستذهبين إليها!
وضحك الجميع، وفهم الشياطين أن «أحمد» يعني «جزر الساندويتش» التي كانت ستُنقَل إليها «بيللا»، وأطلقوا على حفلة عيد الميلاد: «ليلة الساندويتش».