فنيانوس وعمته أم سكحا
– شو بدِّي أعمل؟ المسألة منحوسة، فيها عمار بيوت ومصاريف مانيش قدها، وبالآخر قُلت: فتِّش يا صبي على شي بنت تكون آدمية، بركي بتسلِّي القرقورة وبتستغني عن عمار البيت. وبلَّشت يا أفندم إلفي على بنات، شي بالضيعة، شي برَّاة الضيعة، والبنات بها الأيام بحر، لكن خيَّك فنيانوس ما بيضرب إلا بحجر كبير. الخلاصة قضيت مدة طويلة وأنا على هالحال، ولا يخفاك المصاريف اللي بيتكبَّدها العازب متل حكايتي، ساعة فُوَط حرير، وساعة مناديل أُويا، وساعة ملبَّس، ونقولات وفواكه ومواكه وغيره وغيراته. وأخيرُه بعد كل هالمسائل نتج إن البنت اللي بتعجبني أنا ما بعجبها، واللي أنا بعجبها هي ما بتعجبني، ومن كتر ما طالت المدة سئمت روحي وزهقت نفسي وكرهت العيشة. لمَّا بفتكر هيك شاب متل الرمح وموش قادر يشوف له شي بنت حلال ينستر هو وايَّاها بجي تا أطُق.
وفوق هيك عندي هالعَمَّة بالبيت شايلة ديني بالمقلوب وعاملتني لعُّوبة؛ تخليني نايم بعز نومتي وتجيني قبل ما يوعى واوي العتيق بكير وتصرخ لي: كفنيانوس! قول لها أنا: شو بَدِّك؟ تقول لي: اوعى، صار الضهر! قوم أنا أفتح عيني تاشوف هالضهر اللي صار، ما لاقي لا في ضو ولا من يحزنون، صير أنا كرْفت لها بالدين، قول لها: يا عمتي تركيني، خليني نام! مبارح كنت سهران. تتركني شوية وترجع: ولدي فنيانوس. قول لها أنا: نعم يا تقبريني، شو بتريدي؟ تقول لي: مصلحة يكون طالع عابالك شي أكلة محشي بتنجان؟ أتطلع فيها هيك وقول لها: يا صبر القرد على هالعبكرة هو المحشي بتنجان؟ فنجان شاي مع الحليب جايبة لي. فكِّي عني بجاه مار طاميش، بتعرفيني هالقد بحب المحشي؟ يقبر اللي هو محشيُّون إنشالله. ما في فكة، يوم تجيني تعرض عليَّ محشي يبرق، ويوم كروش، ويوم ببا غنُّوج، ويوم مجدَّرة، ويوم رشتة، وعُد معي من هالأكلات اللي رَبُّوا عاقلبنا علَّة. وخطرات بتجيني ومتلَّاية جيابها زبيب وقضامة وتين مطبَّع، قال إيش ما إيش؟ قال بينفع عالريق! ويوم تجيب لي شقفة كماج ورغيف مرقوق وتقول لي: وقوم كول خبز بطُلم.
– عَمَى! شو هدا؟ كمان الخبز بطُلم!
– هدا يا افندم لمَّا نزلت حضرتها عايروت تا تلاقيني أخدت معها خبز مرقوق، ولمَّا كنا نقعد تا ناكل تقوم تشيل شقفة من خبز الكماج وتحطها فوق لقمة من خبز المرقوق وتاكل، قول لها أنا: شو عمَّال تاكلي كاعمتي؟ تقول: خبز بطُلم. أتطلَّع فيها أنا وهز براسي وقول لها: شو الخبز وشو الطُّلم؟ الله سبحانه يطلم لي إياكي. هو الطُّلم جبن قَشْقَوان! ومن وقت اللي طلعنا من بيروت وهي كل يوم تتروَّق خبز بطُلم، والأنكى أنها بتعزمني، كأنه خروف محشي!