حوادث النوم
والأغرب من كل هالمسائل تخليني نايم بعز نومتي وتجي تصير تبشبش وتصلي فوق مخي، وتصير تحك لي براسي، وتمسِّد لي صدري وضهري، وتفتِّل لي شواربي، فتِّح عيني أنا هيك وقول: يخزيك يا ابليس عنَّا! وَرك فكِّي عني، ترُكيني بدِّي نام، دَخْل مار عبدا المشمَّر عيفيني وروحي نامي، بعدنا بنص الليل. ما صدَّقِتْ أيا ساعة سمعَتْ كلمة مار عبدا المشمر من تمي إلا وقالت: السلام على اسمه! من بكرة بدنا نروح نوفي الندر ونقدم الشمعة اللي جبناها من بيروت. قلت لها: الصباح رباح.
وللمحروسة عمتي أمور وأحوال بمسألة النوم بتنذكر بالخير: ليلة بتنام حد الباب، وليلة باليُوك، وليلة حد العامود، وليلة حد مني، بتتنقَّل متل البسينات المخلَّفين جديد، وبسبب تنقلها هذا أكلت خبطة مني على وجها عمرها ما بتنسى طعمتها. عِيرني سمعك شوية يا ابو الاجران، معلومك إن البيوت ما بتخلى من الفيران وَيْن ما كان، وعندنا بالبيت كم جردون (العياذ بالله) متل الغوال، طول الليل يقرقطوا بالخشب والأواعي حتى اتصلوا للثياب. خطرة كنت حاطط بجيبتي قضامة، إجوا بالليل خرقوا جياب البالطو وأكلوا القضامة، ومن وقتها صرت محروق تا أقتل لي شي جردون. وفي ليلة من الليالي الباردة المعتمة وعيت تقريبًا عند نص الليل، شوية سمعت تقرقط بالقرب مني، قلت: مأكد هذا فار عم بيقرقط التياب، كيف بدِّي أعمل؟ شاورت عقلي تا قوم جيب شي صرماية وأخبطُه. لا يا صبي، لا تعمل حركة، بيهرب. شو بدِّي أعمل؟ ما شو بدِّي سوي؟ فوق راسي معلق فوطة كبيرة للتنشيف، مدَّيْت إيدي عالسكت واستناولتها وصرت أبرمها وأجدلها وعملتها مقرعة، واندرت على مهلي لجهة صوت القرقطة، ورفعت إيدي بالمقرعة بعياقة ونزلت فيها بقلب محروق. طَعْق! ما سمعت إلا صوت متل صوت الجان، ساعتها عرفت إن الخبطة كانت على مُخ عمتي، حالًا أنا متل لمح البصر رجعت عالفرشة وتغطَّيْت وصِرت شنخر، قامت حضرتها متل المجنونة وتصلَّب إيدها عا وجها وتقول: بالبيت شياطين! وعلقت الصريخ: يا فنيانوس، قوم ضوِّي القنديل، الشياطين ضربوني. قمت أنا متل المهوج وضوَّيْت القنديل وصِرت فرفِك بعيني متل اللي بعدُه ما وِعي منيح: ورِك شو بك؟ شو اللي جرى لك؟ قالت: الشياطين قتلوني! قلت الَّها: حاجة بقى! بلا شياطين ولا مياطين! غسِّلي وصلبي إيدك عا وجِّك هدا، مدري شو كنتِ بصرانة بنومك! قالت: كنت واعية وعمَّال قرقش حمُّص. قلت الَّها: ما بيسايل، هدا اللي صابك كان من تقرقط الحمُّص. ساعتها أنا ما عُدت فيني ضبْط من الضحك، ولمَّا شافتني عمَّال أضحك عرفت الزبونة إني أنا اللي ضاربها، وقبل ما تحكي شي حكيت لها الحكاية متل ما هي، صارت هي تضحك من هالفصل وتبكي من الوجع. الجهد لها، هي ضربي بوعي، منيح اللي ما ماتت. أخيرًا قلت إلها: حدا بيعمل عملتك وكعمتي؟ كل ليلة بتنامي بمطرح؟ بعلمي نايمة حد العمود، شو جابك لحد مني؟ وكمان شفتي بزمانك حدا بيقرقش حمص وهو نايم؟ تقبري طحيشِك.