الروحة إلى مار عبدا المشمَّر
ومن ساعتها ما عادت فكَّت عني، قال بدِّها تروح توفي الندر لمار عبدا المشمَّر وتقدِّم الشمعة اللي متل الركازة، وحزور قدِّيش يبعد عنا ما عبدا؟ حزر لك حِزر.
– ساعتين؟
– شو بتقول؟ ساعتين؟ بزوق من تمَّك، يوم كامل. قال كمان بدِّنا نروح حافيين، هَي المصيبة، وغلبت وأنا أقول لها: يا عمتي — عمى القراق إنشالله — سمعي، قشعي، بلا هالمشوار، عندنا هون مار عبدا اللي من غير تشمير، خلينا نقضيها بلاش هالعذاب. أبدًا، ما بيقطع عقلها إلا المشمَّر، ووقعْت بحيرة، لا بقدر بكْسر بخاطرها من جهة، ومن جهة ثانية رح تركبني وتشيل ديني، وحِرت بأمري يا شيخ، غلُبت قدِّم وأخِّر معها، ما كانت تريد إلا إصرار، وحياتك غصبتْني عالروحة على مار عبدا المشمَّر (السلام لاسمه) حافي الأقدام، ونتعت الشمعة يا ربي بلا كذب بيطلع خمسة أرطال، وأخذنا زوَّادة ومشينا، هون نوقع وهون نقوم، وبالآخر شكَّتها شوكة برجلها وقصرت، ما عاد فيها تمشي. كيف بدِّنا نعمل؟ ما كيف بدِّنا نعمل؟ قُمت حملتها عا ضهري ومشيت، وكل فشختين تقشُط عن ضهري وعود حصِّلها وأكبس بالدين، أنا حصِّلها وهي تقشط، بلآخر ركَّبتها بين كتافي وتمسَّكَتْ هي بمخي، ولقى إن كان فيك تلقى يا فنيانوس.
وما لحَّقنا وصلنا عالدير إلا وكانت روحي صارت بمناخيري، نزَّلتها قبل ما نوصل بشوي حتى لا يشوفونا الناس ويضحكوا علينا. قول لما وصلنا لحد الدير لقينا عياط وضجَّة ومبتديين من هالأُخوخ العُتورة عمَّالين يتقاتلوا، لكن قال بيموِّت من الضحك، يقول الواحد للتاني: آه يا دقن الخبز. وهداك يقول له: آه يا لحية المخلوطة. يعني ما خرجوا بقتالهن عن موضوع المطبخ، مخلوطة، وخبز، ومجدَّرة. أخيرًا صالحوهم ودخلنا عالكنيسة، وركعت عمتي قدام صورة مار عبدا وبلشت تلبد عاصدرها، ما لحقت وصلِّت كلمتين إلا وقامت عالقنديل اللي قدام صورة مار عبدا وغطَّتْ إيدها بالزيت ومرَّغت لي وجِّي وشواربي وراسي، وزرزب الزيت عاتيابي، ولمَّن شفت لك حالي ممرمغ بالزيت وحالتي بالويل والناس بالكنيسة بيتطلَّعوا فينا ويضحكوا كلخت لها بالدين، وما عدت قشعت بعيني من كتر الزعل، عملتني يا شيخ متل الحمار، بعيد ما بوجُي: حا، حا، هِش، هِش. وشو ما قالت بده يصير.
النهاية زُرنا مار عبدا وتمرمغنا بالزيت وحطَّيت اللي فيه النصيب، وتاني يوم حملنا حالنا ورجعنا، وطول الطريق لاحقتني: خي خي، وَفَّيْنا الندر واستجاب طلبي مار عبدا (السلام لاسمه). قلت الَّها: معلوم خي! الله يوجِّه لك الخير يا عمي بو مرعي، نُبوتك تمت، وهي الخطرة اللي قُلت بدِّي اتعذَّب فيها. صدَّقت وآمنت فيك.