ذكر ما صنعه أمير الجيوش في جريان النيل
إنه من بعد دخول الفرنساوية إلى القاهرة بمدة قليلة جبر النيل السعيد، فأحضر أمير الجيوش علماء الديوان وسألهم عن العوايد في جريان النيل والقوانين، وحررها عنده، ثم أمر بإخراج العساكر من المدينة إلى خارج البلد، وأن يصطفوا صفوفًا في مراتبها، وأحضر لديه أعيان المدينة وعلماءها والحكام والتجار من النصارى والإسلام، وركب من منزله الكاين على البركة اليزبكية، وركبوا جميعهم معه، وخرجت أهالي مدينة القاهرة من ساير المِلَل، وكان موكبًا عظيمًا ومحفلًا جسيمًا يُذكر جيلًا فجيلًا، وفرَّق مالًا غزيرًا، وضُربت في ذلك النهار مدافع كثيرة من ساير الأماكن ومن القلعة الكبيرة، وصنعت الفرنساوية في تلك الليلة حراقات عظيمة، لم تكن صارت في المدن القديمة، وكان أمان شاملًا لكل الناس وتخرج النساء والرجال من دون باس، وصنع أمير الجيوش وليمةً عظيمةً لساير الأعيان والعلماء وأهل الديوان والجنرالية والفيسالية وحكام الخطوط المصرية، وقد أعجبت أهل القاهرة تلك الأحوال الباهرة والأمور الصايرة.