الفصل الأول

دفنات الثيران والأبقار

نبذة عن عبادة الثيران والأبقار في مصر القديمة

لعِبت عبادة الحيوانات دورًا هامًّا في الديانة المصرية القديمة، وجاء أول الأدلة على هذا الدور منذ عصرِ ما قبل وبداية الأسرات، ووضح ذلك في العقيدة المرتبطة بالثور أبيس والمعبودة حتحور؛ إذ وُجِد صداهما طوال المراحل التاريخية.١
فقد كان الثور في العصور التاريخية حيوانًا مقدسًا، يرمز إلى قوة الخصوبة، واعتُبر حيوانًا سماويًّا، ارتبط بأوزيريس، وعُرف باسم أبيس، وارتبط أيضًا بالإله بتاح،٢ وكان الثور أحدَ الحيوانات التي رمزت إلى الملك؛ فقد كان الملك هو الثور القوي.٣
أما البقرة فقد كانت رمزًا للإلهة الأم العظيمة، وللقوة المنتجة على الأرض، ورمزًا للوفرة والرخاء، وكثيرًا ما صُوِّرت البقرة وقرص الشمس بين قرنيها، كمعبودة سماوية، وعُرفت البقرة في عصرِ ما قبل وبداية الأسرات باسم «بات»، وعُرفت في العصور التاريخية باسم المعبودة حتحور «الأم العظيمة في مصر»، وعُرفت باسم «نوت» معبودة السماء، وعُرفت أيضًا باسم «إيزيس»؛ فكلٌّ من حتحور، ونوت وإيزيس كن قد ارتبطن بالبقرة، وارتبطن بالخصوبة والوفرة والكثرة.٤

كانت هذه هي الصورة التي عُرفت بها البقرة «كمعبودة سماوية»، والثور «كرمز للقوة» في مصر القديمة، ولا شك أنَّ في العثور على دفنات حيوانية لهما بدءًا من عصورِ ما قبل التاريخ، لَيُعد دليلًا أمثلَ على بدايات تلك العبادة التي ارتبطت بهذين الحيوانين في مصر القديمة.

دفنات الثيران والأبقار

عرف المصري القديم استئناسَ الماشية Bosindicus منذ حوالي ٥٠٠٠ق.م،٥ ولربما تمَّ رعي الماشية في واحات الصحراء الغربية حوالي ٧٠٠٠ق.م.؛ إذ عُثر هناك على بقايا عظمية لثيرانٍ برية Aurochs تُؤرَّخ بالعصر الحجري القديم الأعلى.٦
ولو أنَّنا تتبَّعنا دفنات الأبقار والثيران منذ العصر الحجري القديم الأعلى وحتى عصر بداية الأسرات لوجدنا أنها تنوَّعت ما بين:
  • (١)

    دفنات فردية.

  • (٢)

    دفنات جماعية.

  • (٣)

    دفنات حيوانية وآدمية معًا.

  • (٤)

    دفنات حيوانية ملحَقة بمقابرَ آدمية.

  • (٥)

    دفنات جزئية.

أولًا: الدفنات الفردية

عُثر في منطقة النبتة على العديد من دفنات الأبقار التي تُؤرَّخ بالعصر الحجري الحديث، والتي بلغ حدُّ الاعتناء بها أن شُيدت لها مقابرُ ذات سِمات خاصة، عُرفت باسم التومولو٧Tumulus، وكان من أهم وأوضح تلك الدفنات، الدفنةُ رقم E-94 In الشكل رقم ٧-٢، ٧-٣، التي كانت تشتمل على هيكل عظمي كامل لبقرة، كانت قد دُفنت على ما يبدو عند مرحلةٍ عمرية غير متقدِّمة، في منتصف العمر تقريبًا. هذا، وقد عُثر على عصًا خشبية أعلى الدفنة الحيوانية، قد تكون جزءًا من سقفٍ كان يغطي الدفنة تَحلَّل ولم يبقَ منه سوى تلك العصا، أو قد تكون العصا وُضعت عن قصد أعلى الدفنة لغرضٍ معيَّن، وعُثر كذلك على ختمٍ غيرِ سميك من الفخار، لونه بنيٌّ فاتح، كان قد وُضع إلى جوار العصا أيضًا. ولم يتمَّ بعدُ تفسيرُ الغرض من وجود الختم والعصا في هذه الدفنة الحيوانية، فربَّما كان لهما ارتباطٌ سحري أو طقسي مرتبِط بالصيد،٨ ولعلَّ ذلك هو الغرض الأرجح.

ربما كان الختم هنا يشير إلى كونِ هذه المقبرة أو البقرة خاصةً بشخص معيَّن هو صاحب الختم، وأنَّ ذلك دليلٌ على امتلاكه لها، وبالتالي دليلٌ على ثرائه الاجتماعي، وربما كان مجرد تميمة في شكل ختم، وهذا هو الأصح.

ولقد عُثر على دفنةٍ أخرى لبقرةٍ صغيرة، كانت قد دُفنت في حفرةٍ تشبه المقصورةَ الصغيرة، كانت مسقَّفة ومبطَّنة بالطين، وذلك أسفل واحدةٍ من اﻟ Tumulus التي عُثر عليها بالموقع، هذا بخلاف العديد من الدفنات الحيوانية الأخرى، التي تنوَّعت ما بين دفناتِ ماشيةٍ واضحةِ المعالم، أو أجزاءٍ عظمية جُمعت في حفرةٍ كانت أشبه بالودائع الجنائزية.٩ وفي منطقة الجندل عُثر في الجبَّانة رقم ١٧ على اثنتين من دفنات الأبقار، كل دفنة على حدةٍ، تُؤرَّخان أيضًا بالعصر الحجري الحديث، كان الاهتمام بدفنهما قد بدا، سواء في اتجاه الدفن، حيث اتجهتا نحو الغرب، أو في طريقة التكفين، وتزويد الدفنتين بالمتاع الجنائزي.١٠
وبمجيء العصر الحجري النحاسي، تتضح الصورة أكثرَ، وإن كانت تنقصنا أيضًا المصادر الأثرية الصادقة في هذا الوقت، إلا أنه إذا كانت الأمور تُقاس بأشباهها فإنَّ ما عُثر عليه في مقابر هذا العصر مقارنةً بما عُرف في العصور التاريخية، يدُل على أنَّ أُناسَ ذلك العصر كانت لهم معتقداتهم الدينية الراسخة. ففي البداري كانت الأبقار والثيران من بين أهم الحيوانات التي عُثر لها على دفناتٍ تُؤرَّخ بالعصر الحجري النحاسي؛ ففي المقبرة رقم ٥٤٢٢ بالجبَّانة رقم ٥١٠٠ عُثر على دفنة لثورٍ — أو بقرة — راقدٍ على جانبه الأيسر بالجانب الشرقي من المقبرة، وكان رأسه يتَّجه إلى الجنوب، وكان مكفنًا بالحصير. وكذلك في المقبرة رقم ٥٤٣٤، الشكل رقم ٧-٤، عُثر على دفنةٍ أخرى لثورٍ — أو بقرة — جاءت الدفنة بنفس تقاليد الدفن التي اتُّبعت في الدفنة السابقة،١١ ويُلاحظ في كلتا الدفنتين أنهما كانتا قد اتَّبعتا نفس طريقة الدفن الآدمية من حيث الوضع والتكفين؛ إذ كُفِّنت الحيوانات بالحصير، واتَّجهت أجسامها من الجنوب إلى الشمال الشرقي، وكان الرأس قد اتجه إلى الجنوب، ولا شكَّ أنَّ ذلك دليلٌ على نوعٍ من التقديس للأبقار.١٢ هذا، وقد عُثر على حافة جبَّانة البداري على أربعٍ من دفنات الأبقار — كلُّ دفنة على حدة — وذلك بين مجموعة من المقابر الآدمية بالجبَّانة.١٣
وكان من بين دفنات الأبقار التي عُثر عليها بالبداري، واحدة من الدفنات البقرية فسَّرها Watson على أنها دفنةٌ لجاموسةٍ أو بقرةٍ كبيرة الحجم؛ إذ تميَّزت بوجودِ قرونٍ كبيرةٍ ضخمةٍ جاءت واضحةَ المعالم.١٤
وفي عصورِ ما قبل وقبيل الأسرات، عُثر على دلائل تقديس الثيران والأبقار من خلالِ ما تم العثور عليه من دفنات لهما في جبَّانات عدة؛ ففي جبَّانة هيراكونبوليس/نخن HK6 الشكل رقم ٧-٤، عُثر على دفنة لبقرة، وذلك في المقبرة رقم ٧ التي تقع بالقرب من المقبرة المزدوجة رقم ١٣ و٢٣، كانت البقرة قد دُفنت على غِرار طُرق الدفن الآدمية؛ إذ كُفِّنت بالحصير، وزُوِّدت بالأواني الفخارية، وتبيَّن من دراسة هيكلها العظمي، أنها كانت بقرةً برية ضخمة. تُؤرَّخ هذه الدفنة بحوالي ٣٧٠٠ق.م،١٥ الشكل رقم ٧-٦ - ٧-٧.

وفي العصر العتيق، رسخت المعتقَدات المصرية القديمة، وتأكَّد دور الحيوان في الديانة المصرية آنذاك، ووضح ذلك من خلالِ ما تم العثور عليه من دفناتٍ حيوانية، لا سيما للثيران والأبقار.

ففي جبَّانة تل حسن داود،١٦ عُثر على دفنة لبقرة جاءت في وضعِ القرفصاء — أي تقاربت ساقاها الأماميتان مع الخلفيتين، وكان هيكلها العظمي كاملًا، وبحالة جيدة من الحفظ، وتُؤرَّخ الدفنة بعصر بداية الأسرات.١٧ الشكل رقم ٧-٩.
وفي جبَّانة نجع الدير عُثر في المقبرة رقم ١٦٠٥ على دفنة لعجل صغير، جاء هيكله العظمي كاملًا، كان الحيوان مرقَّدًا أسفل قدرٍ ضخمة دائرية الشكل من الألباستر، ربما كانت نوعًا من الأثاث الجنائزي. تُؤرَّخ الدفنة بعصر الأسرة الثانية.١٨
وفي الكوبانية،١٩ عُثر على دفنةٍ لثور كانت جمجمته مفقودة، أما هيكله العظمي فقد جاء كاملًا، تُؤرَّخ هذه الدفنة تقريبًا بعصر بداية الأسرات. ٢٠
وقد عُثر في النوبة على العديد من دفنات الثيران، وذلك في الجبَّانة رقم ١٧- أ؛ ففي المقبرة رقم ٣٣ عُثر على هيكل عظمي لثور صغير، راقدٍ على جانبه الأيسر، رأسه إلى الجنوب الغربي، بلا قرابين. وكذلك في الدفنة رقم ٧١، عُثر على ثورٍ آخرَ صغيرٍ، راقدًا على جانبه الأيمن، رأسه إلى الجنوب الغربي، ولم يكن أيضًا مزودًا بقرابين.٢١
وقد عُثر في الجبَّانة رقم ٤١ من منطقة مريس بالنوبة، على الدفنة رقم ١٠١ التي اشتملت على دفنةٍ لبقرة كانت راقدةً على جانبها الأيمن، ورأسها إلى الشمال الغربي. وكذلك في الدفنة رقم ١٠٢ عُثر على بقرةٍ أخرى مشابهة، أُرِّخت الدفنتان بعصر بداية الأسرات. وفي المقبرة رقم ٢٠١ بنفس الجبَّانة، عُثر على دفنةٍ لثور أو بقرة، كان رأسها إلى الشمال الشرقي تقريبًا. وفي المقبرة رقم ٢٤١ عُثر على دفنة لبقرة، راقدة على جانبها الأيمن، ورأسها إلى الجنوب الغربي.٢٢
وفي الجبَّانة L بقسطل عُثر على العديد من الدفنات لحيواناتٍ من فصيلة الثيران، تُؤرَّخ بعصر بداية الأسرات؛٢٣ إذ عُثر على دفنة لثورٍ في المقبرة رقم L20، كان الثور راقدًا في وضعٍ مقرفص — قدماه الأماميتان متقاربتان مع الخلفيتين — بلا جمجمة، وكان يتجه نحو الغرب. وقد عُثر على دفناتٍ لثيران في المقابر رقم L25-L26-L27، اتَّخذت الثيران في تلك الدفنات أوضاعًا واتجاهاتٍ مختلفة. وكذلك الأمر في المقابر رقم L7-L6-L3؛ إذ عُثر على دفناتٍ لثيران زُوِّدت بالقرابين.٢٤ وتُؤرَّخ هذه الدفنات بعصر بداية الأسرات.

ثانيًا: الدفنات الجماعية

عُثر في منطقة النبتة على تراكماتٍ ضخمةٍ من العظام الحيوانية لماشية كثيرة، بلغ ارتفاع تلك التراكمات حوالي مترين أو يزيد من العظام الحيوانية، ويبدو أنها كانت نتاجَ تراكمات سنوات عديدة، ولربما كانت تلك العظام لثيران وأبقار، كانت تُنحر وتُقدَّم كقرابين في توقيت معيَّن من كل عام، مما يشير إلى وجود صلات عقائدية معينة ربطت ما بين تلك الحيوانات وبين الآلهة التي تجلب الخير والأمطار لسكان هذا المكان. وتُؤرَّخ تلك التراكمات بالعصر الحجري الحديث.٢٥

نلاحظ هنا مدى الارتباط الفكري والعقائدي بالثيران والأبقار في مصر، بدءًا من العصر الحجري الحديث — في نبتة — وحتى عصر ما قبل الأسرات — بالهمامية — ذلك الاهتمام الذي تبلور في اتباع نفس التقاليد الخاصة بالتضحية بالثيران والأبقار، وتكويمها في أكوام عظمية بالجبَّانة.

وفي جبَّانة شمال الهمامية،٢٦ عُثر على عدد من الأكوام العظمية — حوالي ١٣ كومًا — الشكلان رقم ٧-٩ - ٧-١٠ كانت لتراكماتٍ عظمية لحيوانات من الفصيلة البقرية، تشبه ما جاء في جبَّانة النبتة — قد تكون تراكماتٍ عظمية لصغار الثيران والأبقار، ولقد لوحظ أنَّ جماجم تلك الحيوانات كانت تحتفظ بالاتجاه الشرقي، فيما عدا خمس جماجم كانت قد اتجهت إلى الشمال، ويصعُب تفسير الغرض من وراء تكويم تلك العظام بهذه الطريقة. هذا وتُؤرَّخ تلك الأكوام العظمية بعصرِ ما قبل وقبيل الأسرات، كانت جماجم الحيوانات هي أعلى شيء في تلك الدفنات، وغير معروف حتى الآن مدى صلة هذه الأكوام العظمية بالدفنات الآدمية التي كانت بالجبَّانة، إلا أنه يمكن اعتبارها «تضحياتٍ حيوانية».٢٧
ويتضح من خلالِ ما عُثر عليه بجبَّانة البداري مدى الاهتمام بتزويد المقبرة بالمتاع الجنائزي وتغطيتها بالحصير، وذلك كما جاء في الشكل رقم ٧-١١.
وفي هيراكونبوليس، الشكل رقم ٧-١٢ عُثر على العديد من دفنات الأبقار، لا سيما بالجبَّانة HK6؛ ففي المقبرة رقم ٢ عُثر على خمسٍ من دفنات الماشية التي اشتملت على اثنين من الثيران، واثنتين من الأبقار وعجلٍ صغير، كانت الحيوانات قد رقدت على حصيرٍ من الخوص، وعُثر على آثارٍ لمادة عضوية سوداء، ربما كان لها علاقة بحفظ جسم الحيوان كما في الشكل رقم ٧-١٢.٢٨ وفي المقبرة رقم ٣٦ بهيراكونبوليس عُثر على دفنةٍ لبقرة وعجل صغير ٧-١٤، هذا وإلى الجنوب الغربي من المقبرة رقم ٢ عُثر على العديد من التراكمات العظمية للأنواع الحيوانية الثلاثة، وذلك في المقبرة رقم ٧ التي تُؤرَّخ تقريبًا بنقادة III، وثبَت من دراسة تلك البقايا العظمية أنها كانت لاثنين من الثيران البالغة واثنتين من الأبقار وعجل صغير، جاءت تلك البقايا العظمية في ثلاثة مستويات. وفي المقبرة رقم ٨ عُثر على بقايا عظمية لثلاثة حيوانات من الفصيلة البقرية واثنين لحيوانات بالغة، والثالث صغير السن.٢٩
وفي حلوان، عُثر في المقبرة رقم ٣٨٥ح٤ بالجبَّانة الملكية، على دفنة حيوانية اشتملت على بقايا عظمية لأكثر من ثور، وُضعت تلك البقايا العظمية في طبقاتٍ بعضها فوق بعض.٣٠

وترى الدارسة في تفسير الغرض من العثور على مثل هذه الدفنات الجماعية للثيران والأبقار أنها إشارة إلى أهميتها الاقتصادية على وجه الخصوص؛ إذ كان المصريون القدماء يتفاخرون بامتلاكِ الثيران والأبقار، وكان أصحاب الضِّياع في عصر الدولة القديمة يُعنون بتربية أعداد لا حصر لها من الثيران، بل وكانوا يصوِّرون على جدران مقابرهم قطعانَ الماشية موضَّحة بالأرقام الدالة على عددِ ما يملكه صاحب المقبرة لينعمَ بها في آخرته.

ثالثًا: دفنات حيوانية وآدمية معًا

عُثر في المقبرة رقم ١٩ بجبَّانة هيراكونبوليس HK6 على دفنةٍ لبقرة جاءت بالقرب من هيكلٍ عظمي آدمي، كانت الدفنة قد فُسِّرت في البداية على أنها لثور، وذلك لكِبَر وضخامة حجم الجمجمة والهيكل العظمي إلا أنَّ الدراسات الحديثة أثبتت أنَّ الدفنة لبقرة. هذا، ولا توجد بالهيكل العظمي، أيُّ آثار لذبح أو حرق أو تقطيع تساعد على تفسير الدفنة، وإنما جاء الهيكل العظمي خاليًا من أي معالمَ غريبة، والجميل هنا أنه قد لوحظ وجودُ نوع من المحافظة على جسم الحيوان. وتُؤرَّخ هذه المقبرة بفترة نقادة IC.IIA؛ أي ما بين ٣٧٠٠-٣٦٠٠ق.م. ويلاحظ أنه قد عُثر على شبيهِ تلك الدفنة بالمقبرة رقم ٣ بنفس الجبَّانة.٣١ الشكلان رقم ٧-١٥ - ٧-١٦.
وفي سقارة،٣٢ التي تُعدُّ جبَّانتها واحدةً من أغنى الجبَّانات التي تضم قائمةً متنوِّعة من الدفنات الحيوانية على مرِّ مختلف المراحل الحضارية، وكان من بينها العديدُ من دفنات الثيران والأبقار.٣٣ ففي المقبرة رقم ٣٠٣٨، وهي من المقابر التي تُؤرَّخ بعصر الملك عنج إيب — من ملوك الأسرة الأولى — عُثر على دفنة آدمية وحيوانية معًا، وذلك في الركن الجنوبي الشرقي من المقبرة؛ إذ عُثر على هيكل عظمي لثور وُجدت عظامه متناثرةً بالمقبرة، بينما وُجدت عظام هيكل حيواني آخر، من دراسته تبيَّن أنه لثورٍ آخر، وقد عُثر معه على مجموعة من الأواني الحجرية ورءوس سهام عاجية.٣٤ الشكل رقم ٧-٢٠.
وفي منطقة تل حسن داود، عُثر على واحدةٍ من أروع دفنات الأبقار، وذلك من بين ثلاث دفنات بَقَرية كان قد عُثر عليها في المنطقة الشمالية من الجبَّانة، حيث جاءت الدفنة أشبهَ بالعمل الفني، راجع الشكل رقم ٧-٩؛ إذ كانت البقرة راقدةً على جانبها الأيسر بينما يرضع منها طفلٌ آدمي صغير، يتراوح عمره ما بين خمس إلى ستِّ سنوات، فكانت طريقة الدفن أشبهَ بالواقعية، والطفل جاء بين سيقان البقرة وكأنه رضيعها. هذا، وتُؤرَّخ تلك الدفنة بعصر بداية الأسرات،٣٥ ويُعتقد بشأن هذه الدفنة أنها تجسيدٌ للبقرة حتحور والابن حورس.
أما الدفنة الثانية التي عُثر عليها بالجبَّانة، فقد ظهر بها المتوفَّى ممددًا إلى الأرجل الأمامية للبقرة، الشكل رقم ٧-٩، وجاء هيكل البقرة شبه كامل،٣٦ ولعل في العثور على تلك الدفنات دليلًا على أنَّ البقرة كانت مقدَّسة لدى أهالي منطقة كفر حسن داود. انظر أيضًا الشكل رقم ٧-٩.

رابعًا: دفنات حيوانية ملحقة بمقابر آدمية

عُثر في الكوبانية على دفنةٍ لبقرةٍ تتوسط اثنتين من الدفنات الآدمية، كانت البقرة تتجه من الجنوب إلى الشمال.٣٧ تُؤرَّخ الدفنة بالعصر الحجري الحديث.
وفي نقادة، عُثر في المقبرة رقم 41.T.14 على دفنة لبقرة كانت راقدة إلى جوار دفنة آدمية — أي إنَّ الدفنتين متجاورتان — ورغم العثور على هيكل البقرة مفككًا، إلا أنَّ أسلوب وطريقة الدفن يشيران إلى أنها دفنةٌ كاملة لبقرة، وليس مجرَّد عظام حيوانية مفكَّكة ملحقة بالمقبرة. هذا، وقد دُفنت البقرة في وضعٍ موازٍ للدفنة الآدمية. وزُوِّدت الدفنةُ بتسعٍ من القدور الفخارية؛ كانت تحيط بجمجمة البقرة، ومقدِّمة جسمها،٣٨ تُؤرَّخ الدفنة بعصرِ ما قبل الأسرات.
وفي منطقة منشأة أبو عمر٣٩عُثر على دفنة حيوانية لبقرة، عُثر على هيكلها العظمي كاملًا عدا الرأس، وكان هيكلها العظمي كبيرَ الحجم. هذا، وقد دُفنت البقرة وعليها مجموعة من الأواني الفخارية السليمة، وذلك بأحد مخازن المقبرة التي عُثر فيها على تلك الدفنة بالجبَّانة Group. 4، مما يدُل على أنَّ تلك البقرة كانت في دفنة فرعية بالمقبرة الأصلية أو الرئيسية، لا سيما وأنه قد عُثر في حجرة الدفن الرئيسية على بقايا تابوتٍ خشبي وعلى بقايا دفنة آدمية.٤٠ تُؤرَّخ الدفنة بعصر بداية الأسرات.
وفي النوبة، عُثر على دفناتٍ بقرية أُلحقت بمقابر آدمية؛ ففي الجبَّانة رقم ١٧أ في «خوربهان» عُثر على دفنة لبقرة في الجزء B من المقبرة رقم ٦٦أ، بينما كان الجزء A من المقبرة قد خُصِّص لدفنة آدمية. وتكرَّر الأمر نفسُه في المقبرة رقم ٢٠١؛ إذ عُثر أيضًا على دفنة لبقرة شبيهة بالسابقة.٤١ هذا، وتُؤرَّخ تلك الدفنات بعصر بداية الأسرات.

خامسًا: دفنات جزئية

عُثر في الموقع رقم ١١٧ بجبل الصحابة،٤٢ الذي يُؤرَّخ بالعصر الحجري القديم الأعلى، على دفنةٍ آدمية جماعية، زُوِّدت بقرون ثيران كثيرة، ومن دراستها تبيَّن أنها إنما دُفنت بالجبَّانة لأغراضٍ عقائدية، وأنه قد استُعيض بقرون الثيران عن الثيرانِ نفسِها، وتعكس الدفنة شيئًا من الثراء، مما يجعل مثلَ هذه المقبرة واحدةً من المقابر الخاصة من عِلية القوم.٤٣
وفي توشكا٤٤ عُثر أيضًا على قرونِ أبقار أو ثيران، وُجِدت بجوار رءوس أصحاب الدفنات رقم ١٢، ١٣، ١٨ بالموقع رقم ٨٩٠٥. ولربما كانت هذه الظاهرة هي البداية الأولى لثبوت العلاقة التي ربطت الإنسان بالأبقار والثيران منذ أقدم عصور الحضارة المصرية.٤٥
هذا، ولقد عُثر على أدلةٍ تشير إلى تقديس الثيران والأبقار في دفنات جزئية تُؤرَّخ بالعصر الحجري الحديث، في مقابر عدة بجبَّانة ديرتاسا، تمثَّلت فيما جاء من أجزاءٍ حيوانية لهما بالعديد من مقابر الجبَّانة، التي اعتُبرت بمثابة نوع من القرابين.٤٦
وتكرَّر العثور على جماجم الثيران في العديد من جبَّانات النوبة، في دفناتٍ تُؤرَّخ بالعصر الحجري الحديث، كانت جماجم الثيران، موضوعةً أسفل حفرة الدفن الخاصة بالمقابر الآدمية، وهي ظاهرةٌ ولا شك ترتبط بالعالم الجنائزي. وكانت عادةً ما تُقسَّم المقبرة إلى جزأين؛ جزء لمستودع جماجم الثيران في الشمال، وجزء للأواني الفخارية في الجنوب،٤٧ ولربما كان دفنُ جماجم الثيران بهذا الشكل فيه استمرارٌ لبقائها وضمانٌ لبقاء نوعها، لا سيما وأنَّ الشواهد الأثرية التي عُثر عليها منذ العصر الحجري القديم، تدُل على أنَّ الحفاظ على رأس الحيوان، أمرٌ كافٍ وضروري؛ إذ تحلُّ روحه في حيوان آخر، وبذلك لن يفنى الحيوان،٤٨ ففي الجبَّانة رقم ٢ بكدادة — فيما بين الشلَّالين الخامس والسادس — عُثر على العديد من رءوس الثيران، التي كانت قد دُفنت بحيث تربط ما بين مكان الدفن (المقبرة الآدمية)، وبين مكان تقديم القرابين، وربما عبَّر تواجدها بهذه الدفنات عن كونها نوعًا من الأُضحيات الحيوانية، وما لها من دور جنائزي.٤٩
هذا، وإذا كان لقرون الأبقار٥٠ دلالتُها في العصر الحجري القديم الأعلى — كما جاء سالفًا — فإنَّه قد كان لها أيضًا أهميتُها في العصر الحجري الحديث؛ ففي النوبة عُثر في العديد من دفنات جبَّانة كدروكة في إقليم دنقلة الشمالي، على قرونٍ للأبقار كانت قد وُضِعت خلف رءوس الموتى، ربما كنوعٍ من التعاويذ السحرية، أو قد يكون نوعًا من القربان الجنائزي ذا رمزية دينية، وربما كان بمثابة نوعٍ من الزينة الشخصية للمتوفَّى وتُؤرَّخ تلك الدفنات بالعصر الحجري الحديث.٥١
وفي العصر الحجري النحاسي، كان لقرون وجماجم الثيران والأبقار أهميتُها ومكانتها استمرارًا لما كانت عليه من قبل؛ فقد عُثر على جماجم وقرون الثيران والأبقار في العديد من الدفنات الآدمية في مختلف الجبَّانات؛ ففي جبَّانة مطمر عُثر في المقبرة رقم ٢١٣ على جمجمة عجل، تُؤرَّخ بفترة نقادة الثالثة.٥٢
واستمرَّ ذلك الاهتمام بدفن جماجم الثيران والأبقار في العصر العتيق؛ ففي جبَّانة أبو صير الملق، عُثر في المقبرة 10e2؛ على جمجمة عجل صغير، وكذلك الأمر في المقبرة رقم 25d7 بالجبَّانة، وربما دلَّ ذلك على غرضٍ شعائري ارتبط بتلك الحيوانات، وخاصة جماجمها، فلربما هي دفنات جزئية للأبقار.٥٣ ولا شكَّ أنَّ ذلك التكرار إنما هو تأكيدٌ على كونها دفنات مقصورة لتلك الجماجم الحيوانية، ولم تأتِ مصادفةً، بل هي فُصلت عن قصدٍ من الهياكل الحيوانية، وكان لها رمزيتها في تلك الدفنات.٥٤ فلقد كان لقرون الثور وجمجمته أهميةٌ كبيرة في مصر؛ إذ كانت من أكثرِ التمائم شيوعًا في عصورِ ما قبل التاريخ، واعتقدت باومجرتل أنها بمثابة رموز مبكِّرة لإلهة الخصوبة.٥٥

التكفين

دأب المصري القديم منذ عصورِ ما قبل التاريخ، على الحفاظ على أجساد الحيوانات، وخاصة الأبقار والثيران،٥٦ فجاءت الحيوانات في العديد من الدفنات، وقد كُفِّنت بالحصير، وفي المقبرة رقم ١٧ بالشلال،٥٧ وكل من المقبرة رقم ٥٤٢٢، و٥٤٣٤ بجبَّانة رقم ٥١٠٠ بالبداري٥٨ والمقبرة رقم ٣ بجبَّانة هيراكونبوليس HK6 الشكل رقم ٧-١٧ - ٧-١٦، التي تبيَّن بها وجودُ البدايات الأولى للمحافظة على جسم الحيوان متمثلةً فيما عُثر عليه بها من آثار لمادة عضوية سوداء تحيط بالهيكل العظمي للحيوان، وكذلك الأمر في المقبرة المزدوجة رقم ١٣-٢٣ بنفس الجبَّانة التي كُفِّن فيها الحيوان أيضًا بالحصير.٥٩
وكانت الحيوانات في كلِّ ذلك، قد اتَّبعت طرقَ الدفن الآدمية، وكان الحصير — غالبًا — هو المادةَ المستخدَمة في تكفين الثيران والأبقار، وقد وضح ذلك في العديد من الدفنات الحيوانية.٦٠

المتاع الجنائزي

جاءت العديد من دفنات الثيران والأبقار وقد زُوِّدت بالمتاع الجنائزي الذي تنوَّع ما بين:

  • (١)
    قدور وأوانٍ فخارية: كما في المقبرة رقم ١٧ بالشلال،٦١ والمقبرة رقم 41.T.14 بنقادة التي زُوِّدت بتسعٍ من القدور الفخارية،٦٢ والدفنة المزدوجة رقم ١٣-٢٣ بجبَّانة هيراكونبوليس،٦٣ والدفنة البقرية التي جاءت بالجبَّانة Group-4 بمنشأة أبو عمر.٦٤
  • (٢)
    أوانٍ حجرية: وذلك كما في المقبرة رقم ٣٠٣٨ بسقارة، التي زُوِّدت بمجموعة من الأواني الحجرية،٦٥ والمقبرة رقم ٣٨٥ج٤ بحلوان، التي زُوِّد فيها الحيوان بإناءين من الألباستر،٦٦ والدفنة رقم ١٦٠٥ بنجع الدير التي دُفن فيها الحيوان أسفلَ قِدرٍ ضخمةٍ دائرية الشكل من الألباستر.٦٧
  • (٣)
    رءوس سهام عاجية: وذلك كما في المقبرة ٣٠٣٨ الآنفة الذِّكر بسقارة،٦٨ التي ربما دُفنت مع الحيوان؛ لغرضٍ سحري يتعلَّق بالصيد، كطقسة رمزية.
  • (٤)
    سكين من الصوان: وذلك كما في المقبرة ٣٨٥ج٤ بحلوان،٦٩ التي ربما كانت تشير إلى اعتبارها سكينَ أضاحٍ، وهي سكين كانت تُستخدم في أغراض ذبح الأُضحيات الحيوانية.

    هذا، ولقد جاء الأثاث الجنائزي في بعض الدفنات الحيوانية دون غيرها، ولا شكَّ أنَّ تزويد تلك الدفنات بهذه الأنواع من المتاع الجنائزي، يؤكِّد ما كان لها من دور رمزي وأسطوري لعِبته هذه الحيوانات في حياة المصري القديم.

وجهة الحيوانات

كان يتم تكفينُ الحيوانات وتزويدُها بالمتاع الجنائزي مثل بني البشر؛ فقد كانوا يوسَّدون أيضًا في أوضاعٍ واتجاهاتٍ مختلفة مثلهم.٧٠ فهناك من الحيوانات ما اتجه إلى الغرب كما في الجبَّانة رقم ١٧ بالشلال،٧١ والدفنة رقم L20 بالجبَّانة L بقسطل.٧٢ وربما كان المقصود من ذلك، جعْلَ الحيواناتِ تتجه نحو عالم الغرب، الذي يشير إلى عالم الموتى. وهناك ما اتَّجه إلى الشرق أو جاء بالركن الشرقي — وأحيانًا الجنوبي الشرقي — من المقبرة، كما في الدفنة ٣٠٣٨ بسقارة،٧٣ وكما في حالة دفنات الثيران والأبقار التي عُثر عليها بجبَّانة شمال الهمامية، والتي اتَّجهت فيها الحيوانات — عدا خمسة — إلى الشرق.٧٤ وربما كان الغرض من ذلك الإشارةَ إلى ارتباط هذه الحيوانات بالعقيدة الشمسية، وفي ضوء ذلك يمكن أن نشير إلى البقرة ودورها كإلهة سماوية تلد إلهَ الشمس كلَّ يوم، حيث تتجه إلى الغرب، بينما يكون خَصرها ناحيةَ الشرق، وعندما ينزل إله الشمس إلى الغرب فإنها تقوم باستقبال رع ثم تبتلعه داخل جسدها، حيث تكون دورة الحياة من جديد، فهذه هي عملية البعث مرةً أخرى.٧٥ أما الغالبية العظمى من دفنات الثيران والأبقار، فنجدها قد اتَّجهت إلى الجنوب، وذلك كما في حالة الدفنة رقم E-94 IN بالنبتة،٧٦ ودفنة الكوبانية التي تُؤرَّخ بالعصر الحجري الحديث،٧٧ وكذلك الوضع في دفنات جبَّانة البداري، لا سيما الدفنات رقم ٥٤٢٢، و٥٤٣٤ بالجبَّانة رقم ٥١٠٠،٧٨ وهي في هذه الحالة جاءت على غِرار الدفنات الآدمية.
وأخيرًا … فهناك من الحيوانات ما اتَّجه إلى الجنوب الغربي، أو عُثر عليها في الركن الجنوبي الغربي من المقبرة، كما في المقبرة رقم ٣٣، ورقم ٧١ بالجبَّانة رقم ١٧أ بالنوبة،٧٩ والمقبرة رقم ٢٤١ بجبَّانة مريس بالنوبة أيضًا.٨٠

الغرض من دفنات الثيران والأبقار

ارتبط المصري القديم بالثيران والأبقار منذ عصورِ ما قبل التاريخ، وإن غابت عنا بفعل الزمن معلوماتٌ كثيرة عن تفاصيل تلك العلاقة، إلا أنَّ المكتشفات الأثرية ساهمت في إعادة تركيب صورتها وتحديد تاريخ ظهورها عبْر الزمان والمكان.٨١

ولعلَّ من أوضحِ الأغراض التي دُفِنت من أجلها الثيران والأبقار هي:

أولًا: تقديسها

ولقد وضَح هذا التقديس منذ العصر الحجري القديم الأعلى، فيما عُثر عليه من قرونٍ لأبقار وثيران، دُفِنت في مقابرَ آدمية (جبل الصحابة، وتوشكا)، رأى Hoffman في العثور عليها أنها إرهاصاتٌ أولية لِما ظهر في العقائد المصرية في العصور التاريخية من أهميةٍ رمزيةٍ لتلك الحيوانات، التي كان لها ارتباطاتها العقائدية الهامة في مصر القديمة.٨٢ بينما ربطت Gimbutas بين القرن، وبين الإلهة الأم. وأشار Giedion إلى ارتباط القرن بالخصوبة عند بعض القبائل الأفريقية التي تملؤه بالدم، بينما ربطت Levy القرنَ بطَور الصيد؛ أي إنه كان للقرون أهميةٌ طقسية لارتباطها بالقوة الذكرية لدى البعض، ولارتباطها بالأمومة لدى البعض الآخر.٨٣ وترى الدارسة أنَّ تفسير Giedion أقربُ من الصحة؛ إذ إنَّ الدم يرمز إلى استمرار الحياة والبعث، وأن يُملأ القرن بالدم لهو دليلٌ على بعث الحيوان من جديد.
وهكذا جاءت أغلب إشارات بداية وجود دفنات الثيران والأبقار ولو بصورة جزئية — متمثلة في القرون — دليلًا على الرمزية العقائدية لتلك الحيوانات، وعلى نشأة علاقة من نوعٍ ما ربطتها بالإنسان،٨٤ منذ العصر الحجري القديم الأعلى تقريبًا، ممَّا دعا Frankfort إلى القول بأنَّ مصر كانت هي المهد الأول الذي انطلقت منه العقيدة الدينية المرتبطة بعبادة وتقديس الثيران والأبقار،٨٥ وإن كانت الدارسة ترى عكس ذلك؛ إذ عُرفت عبادة الثيران والأبقار في بلاد الشام منذ الألف الثامن ق.م. تقريبًا.
ولقد فسَّر Kessler الغرضَ من دفنات الثيران والأبقار التي عُثر عليها بجبَّانة البداري بأنَّ هذه الحيوانات كانت تتمتَّع بصفات القوة والخصوبة، ومن ثَم اهتمَّ بدفنها والاعتناء بها ضمانًا لاستمرار تلك القوة والخصوبة معه دائمًا، كي ينتفعَ بها، سواء في حياته أو بعد مماته.٨٦
ولا شكَّ أنَّ هذه الدفنات إنما تشير إلى ذلك التقديس الذي أحاط بتلك الحيوانات، وتُعد أيضًا بمثابة وثيقة حفظَت لنا الكيفية التي كانت عليها تلك الدفنات، ومكَّنتنا من فهْم ومعرفة تلك العقيدة المرتبِطة بالأبقار والثيران.٨٧ وتُعد دفنة البقرة والطفل الرضيع التي عُثر عليها بجبَّانة تل حسن داود، تلك الدفنةُ التي تُعد تأصيلًا لأسطورة إيزيس والابن حورس، الذي أرضعته ورَعَته البقرة حتحور في أحراج الدلتا؛ فالمعبودة حتحور هي البقرة المقدسة، وهي الأم التي تمنح الخلود لأبنائها، وهي الربة الحامية لإله الشمس التي تساعده على مواجهة أخطار العالم السفلي، وهي التي تعطي الميلاد من جديد للشمس.٨٨
ومن هنا تولَّدت فكرةُ الآلهة الحيوانية، أو الحيوانات المؤلَّهة، التي ربطت ما بين الإنسان والحيوان، سواء بصلاتِ رهبة وخوف أو منفعة، فأصبح الحيوان رمزًا مقدَّسًا يربط ما بين الإنسان والإله.٨٩

ثانيًا: كأُضحية

كثيرًا ما كانت تُقدَّم الثيران والأبقار كأُضحيات حيوانية، تقرُّبًا للإله، ورغبةً في زيادة الخير، وذلك كما في حالة الدفنة رقم E.94 In بالنبتة، التي عُثر فيها على بقرة، كانت قد ذُبِحت قبل إتمام عملية الدفن، مما يوحي بأنها أُضحية.٩٠
وكما في حالة التراكمات العظمية التي عُثر عليها في النبتة أيضًا، والتي كانت نتاج تراكمات سنوات عديدة كانت تُنحَر فيها الحيوانات وتُقدَّم كأضحياتٍ في توقيتٍ معيَّن من كل عام.٩١
وكما في حالة المقبرة رقم ٣٨٥ج٤ بالجبَّانة الملَكية بحلوان، التي اشتملت على بقايا عظميةٍ لأكثر من ثور، وذلك في ثلاث طبقات، وأسفل تلك الطبقات الثلاث عُثر على سكين من الصوان، ربما كانت سكينَ أُضحية، وربما دلَّ وجودها بالمقبرة، على أنَّ هذه المقبرة كانت مقبرةً خاصة بأحد أصحاب النفوذ، وأنَّ السكين كانت لها غرض طقسي مرتبطٌ بالثور.٩٢

ثالثًا: غرض اقتصادي

يُعتقد أنَّ عبادة الثيران والأبقار تكمُن في ارتباطها بالزراعة، وقد أفاد بذلك المؤرخون الكلاسيكيون أمثال كليمنس السكندري الذي ذكر أنَّ البقر كان يُعتبر رمزًا للأرض والزراعة والغذاء، هذا بالإضافة إلى ارتباط الثيران والأبقار بالخصوبة الجنسية.٩٣
ويرى البعض أنَّ هذه الحيوانات بعد استئناسها في العصر الحجري الحديث زادت وتوالدت حيث الاستقرار وضمان الحصول على القوت، وذلك بعد حياة التَّرحال والخضوع لقسوة البيئة وضيق مصادر الرزق الذي كان يعاني منه أهلُ هذه العصور، فما كان من هؤلاء القوم الذين استأنسوا هذه الحيوانات إلا أن قدَّسوها نظرًا لأنها هي التي غيَّرت حالهم إلى أحسن حال.٩٤
فكانت هذه الحيوانات هي المقياس الرئيسي للثروة والاقتصاد الزراعي، وذلك منذ العصر الحجري الحديث كما ذُكر آنفًا، لا سيما في مجتمعات الصحراء الغربية؛ إذ كان اقتناء أعداد كبيرة من الأبقار والماشية دليلًا على القوة والثروة والمكانة الاجتماعية لأصحابها، ولعلَّ في الاهتمام بدفنها ما يعكس الرغبة في الاحتفاظ بها.٩٥
١  Ben-Tot, D., Sacred Animals of Ancient Egypt, Jerusalem, 2000, pp. 4-5; Teeter, E., Animals in Egyptian Religion in: Collins, B. J., (edit.,) A History of the Animal World in the Ancient Near East, Leiden, 2002, p. 355.
٢  Cooper, J. C., An Illustrated Encyclopedia of Traditional Symbols, London, 1978, p. 26.
٣  Teeter, E., Op. Cit., p. 341.
٤  Cooper, J. C., Op. Cit., p. 43.
وعن المعبودة حتحور والثور أبيس وأماكنِ عبادتهم وما ارتبط بهم من مسمياتٍ ومعبوداتٍ أخرى في عصرِ ما قبل وبداية الأسرات، انظر: Saied, A. M., Op. Cit., pp. 115–117, 121–125.
٥  يسر صديق أمين، «قرابين الأضاحي في نصوص ومناظر الدولة الحديثة والعصور المتأخرة في مصر القديمة»، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة، ١٩٨٧م، ص١٠-١١. وليم نظير، «الثروة الحيوانية في مصر القديمة»، القاهرة (د.ت)، ص٤٥.
Brewer, D., “Hunting, Animal, Husbandry and Diet in Ancient Egypt” in: Collins, B. J., (edit.,) A History of the Animal World in the Ancient Near East, Leiden, 2002, p. 434.
٦  Hassan, F., “The Predynastic of Egypt” in: JWP, vol. 2, 1988, p. 144 تم اكتشاف الكثير من البقايا العظمية لماشيةٍ مستأنَسة في منطقة النبتة، أُرِّخت ٩٥٠٠ق.م.، ويُعتقد أنَّ هذه البقايا العظمية هي أقدمُ ما عُرف من عظام الماشية المستأنَسة في العالم، ومن ثَم فهذا يشير إلى أنَّ شمال أفريقيا ربما كان مركز انتشار الماشية المستأنَسة. Wendorf, F., and Schild, R., “Introduction to Archaeology Manual, Second Edition” in: C. P. E, 2001, p. 3.
٧  التومولو: هو مصطلح أُطلق على ما عُثر عليه بمنطقة النبتة من تكوينات صخرية، شُيدت من كتلٍ حجرية غير مشذَّبة، كوِّمت بعضها فوق بعضٍ قصدًا، لتشير إلى دفناتٍ خاصة؛ إذ كانت المقبرة تُنقَر في الأرض الحصوية، ويُهال عليها بقايا الحصى وكسر الدبش والرمال، والرائع هنا هو أنه عُثر على دفناتٍ حيوانية أسفل هذه التكوينات والتراكمات الرملية، وتدُل هذه الدفنات على ما كان لهذا الموقع من أهمية جنزية واجتماعية متميزة في نهاية العصر الحجري الحديث.
Wendorf, F., and Schild, R., and Zedenon, N., “A late Neolithic Megalith Complex in the Eastern Sahara, Prehistory Report” in: Interregional Contacts in the Late Prehistory of Northern Africa, Poznan, 1996, p. 125; Wendorf, F., and Schild, R., “Implications of Incipient Social Complexity in the Gifts of the Desert, Hong Kong, 2002, pp. 15, 17.
٨  Applegate, A., and Gautier, A., “The North Tumuli of the Nabata Late Neolithic Ceremonial complex” in: Wendorf, F., and Schild, R. (edit.), Holocene Settlement of Egyptian Sahara, vol. 1, New York, 2001, pp. 468-469, 473, 488; Wendorf, F., and Schild, R., “Implications of Incipient Social Complexity in the late Neolithic in the Egyptian Sahara” in: Friedman, R. (edit.), Egypt and Nubia, Gifts of the Desert, Hong Kong, 2002, fig. 29.
٩  Applegate, A., and Gautier, A., Op. Cit., p. 469.
١٠  Ibid., p. 473.
١١  Brunton, G., and Caton-Thompson, C., The Badarian Civilization and Predynastic Remains Near Badari, London, 1928, pp. 12, 38.
١٢  Saied, A. M., Götter glaube und gotthieten in der vorgeschichte und frühzeit Ägyptens, der Archäolgischen fakultāt der Kairo Universitāt, 1997, p. III.
١٣  Behrens, H., Op. Cit., p. 75.
١٤  Baumgartel, E. J., The Culture of Prehistoric Egypt, vol. 2, Oxford, 1959, p. 127.
١٥  Adams, B., “Discovery of Predynastic Elephant Burial,” in: Archaeology, vol. 2, 1998/9, pp. 46–50; Adams, B., “Locality 6 in 2000: Amazing Revelation” in: NN, vol. 13, 2001, p. 7; Friedman, R., “The Elite Cemetery”; internet article in: Archaeology Magazine, A. M 2003.
١٦  يقع تلُّ حسن داود على بُعد حوالي ١٠كم شرق التل الكبير، على بُعد حوالي ٤٠كم غرب مدينة الإسماعيلية، وعُرف هذا التل بهذا الاسم لوقوعه إلى الجنوب من كفر حسن داود، بقرية القصاصين بمركز التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية، وفي هذا الموقع عُثر على جبَّانة قديمة تغطي مساحة ١٣٠٠م٢ على الحافة الجنوبية للسهل الفيضي المزروع لوادي الطميلات، وقد عُثر في هذه الجبَّانة على مقابرَ ترجع لعصرِ ما قبل وبداية الأسرات، وحتى العصر المتأخر والبطلمي (فكري حسن، «نشرة علمية لموقع كفر حسن داود شرق الدلتا لوصف نتائج البعثة المشتركة بالموقع»، المجلس الأعلى للآثار المصرية وكلية لندن الجامعية، ١٩٩٩)؛ Bakr, M. I., and Abdelmoneim, M., “proto dynastic excavations at Tell Hassan Dawud-eastern Delta” in: interregional contactsin later prehistory of north eastern Africa, Poznan, 1996, p. 277; Lovell, N. C., “the 1995 excavations of the cemetery at Kafr Hassan Daoud, Wadi Tumilat” in: JSSEA, vol. 27, 1997, p. 35; Mohamed A. Hamdan, “quaternary geology of Kafr Hassan Dawood, east Nile Delta, Egypt” in: Egyptology at the dawn of the twenty-first century, vol. 1, Cairo, 2000, pp. 221–228; Tassie, G. J., “early cemeteries of the east Delta: Kafr Hassan Dawood, Minshat Abu Omar and Tell Ibrahim Awad” in: Egyptology; Op. Cit., pp. 221–288; Hassan, F. A., “the computerized database and potential for ageographic information system at Kafr Hassan Dawood in: Egyptology, vol. I, pp. 416–422.
١٧  خالد محمد الطلي، «الإقليم الثامن من مصر السفلى»، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الآداب، جامعة الزقازيق، 2001م، ص364.
١٨  Reisner, G. A., the early dynastic cemeteries of Naga-ed-Der, Leipzig, 1908, p. 55.
١٩  تقع جبَّانة الكوبانية على بُعد ١٠كم شمال الشلال الأول، على الضفة الغربية للنيل.
٢٠  Junker, H., Bricht über die grabungen der akadimie der wissen schuften in wien auf friedhofen von El-Kubanieh süd, winter 1910-1911, wein, 1919, pp. 4, 151.
«تمتد فترةُ ما قبل التاريخ في منطقة النوبة من حوالي ٦٠٠٠-٣٠٠٠ق.م. ففي الجنوب وجدت حضارة الخرطوم في العصر الحجري الوسيط والعصر الحجري الحديث، بينما في الشمال وجدت حضارة المجموعة أ، وهي تمتد من ٣١٠٠-٢٨٠٠ق.م (لمياء علي شوقي الحديدي، «دراسة مقارنة بين النقوش الصخرية في مصر والنوبة السفلى في المرحلة النقادية»، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة، ٢٠٠٠م)».
٢١  Reisner, G. A., the archaeological survey of Nubia, report for 1907-1908, vol. 1, Cairo, 1910, p. 138.
٢٢  Flores, D. V., the funerary sacrifice of animals during the predynastic period, PhD dissertation, department of near eastern civilizations, Uni. of Toronto, 1999, p. 75.
٢٣  Adams, W., “Doubts about the Last Pharaohs” in: JNES, vol. 44, 1985, pp. 185, 192.
٢٤  Flores, D. V., Op. Cit., p. 78.
٢٥  Davies, V., and Friedman, R., Egypt, London, 1998, p. 18; Hoffman, M. A., Op. Cit., pp. 218-219.
من الجدير بالذكر أنه كان قد عُثر في النبتة أيضًا على تكويناتٍ صخرية من الميجاليث والتومولو، عُثر أسفلها على دفناتٍ لماشية، لا سيما في الموقع رقم E-75-8 الذي أشار بوضوح إلى اعتبار النبتة مركزًا دينيًّا وجنزيًّا هامًّا.
Wendorf, F., and Schild, R., 1998, p. 116.
٢٦  تقع تلك الجبَّانة شمال منطقة الهمامية، بنحو ١٤كم جنوب أخميم، محافظة سوهاج.
٢٧  Brunton, G., and Caton-Thompson, C., 1928, p. 91.
«نلاحظ هنا مدى الارتباط الفكري والعقائدي بالثيران والأبقار في مصر بدءًا من العصر الحجري الحديث — في نبتة — وحتى عصر ما قبل الأسرات — بالهمامية — ذلك الاهتمام الذي تبلور في اتباع نفس التقاليد الخاصة بالتضحية بالثيران والأبقار، وتكويمها في أكوامٍ عظيمة بالجبَّانة».
٢٨  Adams, B., Ancient Nekhen, London, 1995, p. 53; Van Neer, W., and Linseele, V., and Friedman, R. F., “Animal Burials and Food Offerings at the Elite Cemetery HK6 of Hierakonpolis,” in Hendrickx, S., edit, Egypt at its origins studies in memory of Barbara Adams, Paris, 2004, p. 72 .
٢٩  Adams, B., excavation in the locality 6 cemetery at Hierakonpolis, Oxford, 2000, pp. 33-34; Van Neer, W., and Linseele, V., and Friedman , R. F., Op. Cit., p. 72 .
٣٠  زكي يوسف سعد، «الحفائر الملكية بحلوان، الفن والحضارة في الأسرتين الأولى والثانية»، القاهرة ١٩٥٢م، ص٣٦-٣٧.
٣١  Warman, S., “How now, large cow” in: N. N, vol. 12, 2000, pp. 8-9 .
٣٢  تُعدُّ الجبَّانة الحيوانية المقدَّسة بسقارة واحدةً من الجبَّانات الضخمة الكاملة، التي اتخذت شكلَ سلسلة من المقابر المنحوتة تحت الأرض، اشتملت على كمياتٍ كبيرة من المومياوات الحيوانية ليس فقط للثيران والأبقار، بل لأنواع عدة. هذا، ولقد كانت عبادة أو تقديس الثور واحدةً من أهم العبادات الحيوانية السائدة بالجبَّانة، التي ترجع بجذورها الأولى إلى عصر بداية الأسرات؛ إذ عُثر في سقارة على الكثير من رءوس الثيران المصنوعة من الفخار، والمزوَّدة بقرون حقيقية، كانت قد وُزِّعت على بعض المصاطب الملَكية كما في المقبرة رقم ٣٥٠٤ التي أُحيط بناؤها العلوي بحوالي ٣٠٠ رأس ثور. وتكرَّر نفس الأمر في جبَّانة أبو صير. ويرى د. علي رضوان نقلًا عن Regulski أنَّ هذه الرءوس أو نماذج رءوس الثيران، إنما هي إشارة رمزية لاستمرار ودوام القرابين التي تُقدَّم إلى الملِك المتوفَّى، وهي أيضًا واحدة من الضروريات المعبِّرة عن قوة الحياة، أو إعطاء الحياة والروح — الكا — للمتوفَّى في العالم الآخر. بينما يرى Regulski أنَّ هذه الرءوس إنما تشير إلى القوة الملكية، وهي تمنحهم أيضًا قوةَ الحياة التي فقدوها، ولقد استمرَّت أهميةُ الثور في العقيدة المصرية القديمة على مرِّ مختلف مراحل العصور التاريخية بسقارة، Smith, H. S., a visit to ancient Egypt, England, 1974, pp. 21–27; Davies, V., and Friedman., R., Op. Cit., pp. 187, 190; Davies, S., “uncharted saqqara: A postscript,” in: JEA, vol. 84, 1998, pp. 45–47, Regulski, I., “Engraved Bovine heads in the El-Kab area,” in: C. D. E., vol. 77, 2002, p. 19; Teeter, E., “Animals in Egyptian Religion,” in: Collins, B. J. (edit.), 2002, p. 359.
٣٣  Petrie, W., Tarkhan II, London, 1914, p. 6.
٣٤  Emery, W. B., great tombs of the 1st dynasty, vol. 1, Cairo, 1949, pp. 82, 98 .
وعن العاج والسهام العاجية انظر: رضا محمد سيد أحمد، «العاج والمصنوعات العاجية في مصر القديمة حتى نهاية العصر العتيق»، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة، ١٩٨٩م.
٣٥  El-Merghani, S., “how studies of Botanical remains and animal Bones contribute to the rewriting of the history of the Delta overtime,” in: Egyptology, Op. Cit., p. 341 .
وربما كانت صلاية جرزة التي عُثر عليها في المقبرة رقم ٩٥ بجرزة، والتي تُؤرَّخ بحوالي ٣٥٠٠-٣١٠٠ق.م. والموجودة بالمتحف المصري من أول دلائل ظهور المعبودة حتحور، كمعبودة سماوية، اتخذت هيئةَ الرأس البَقَرية، بقرنيها وقد اعتلتها النجوم. هذا، ولقد وُجِد نظيرٌ لما جسَّدته تلك الدفنة، في منظر الملك أمنحوتب الثاني — الموجود بالمتحف المصري — وهو في وضع الرضاعة من المعبودة حتحور، وأيضًا تمثال تحتمس الثالث الموجود بالمتحف المصري.
Vandier, J., Manuel d’archeologie Egyptienne vol. 1, Paris, 1952, p. 197; Cooper, J. C., an illustrated encyclopedia of traditional symbols, London, 1978, pp. 43-44; El-Merghani, S., Op. Cit., p. 342; Marina, L. M., “Two Minoan goddess figures” in: J. P. R, vol. 16/17, 2003, p. 36.
٣٦  خالد محمد الطلي، مرجع سابق، ص٤٦٣.
٣٧  Behrens, H., Op. Cit., p. 77 .
٣٨  Petri, W., and Quibell, J. E., Naqada and Ballas, London, 1896, p. 20; Behrens, H., Op. Cit., p. 76 .
٣٩  تقع جبَّانة منشأة أبو عمر شمال شرق الدلتا، على بُعد ١٥٠كم شمال شرق القاهرة، وعلى بُعد حوالي٥٥٠كم جنوب قرية منشأة أبو عمر أو تل السَّبع بنات.
٤٠  Kroeper, K., “The excavation of Munich east Delta expedition in Minshat Abou Omar,” in: Van den Brink (edit.) The archaeology of the Nile Delta, Cairo, 1986, pp. 11, 17; Kroeper, K., “Minshat Abu Omar-Burials with palettes” in: Spencer, A. J. (edit.) Aspects of early Egypt, London, 1996, p. 70 .
٤١  Smith, G. E., and Jones, F. W., The archaeological survey of Nubia, vol. 2, Cairo, 1910, pp. 119, 154 .
٤٢  تقع الجبَّانة رقم ١١٧ على بُعد ٣كم شمال وادي حلفا، وتتوسَّط الطريقَ ما بين جبل الصحابة والحافة الشمالية من المنطقة الحضرية، وتُعَد هذه الجبَّانة واحدةً من أقدمِ جبَّانات وادي النيل.
٤٣  Wendorf, F., The prehistory of Nubia, vol. 1, Dallas, 1968, p. 33; Wendorf, F., “The site 117: A Nubian final Paleolithic graveyard near Gebel Sahaba, Sudan,” in: the prehistory of Nubia, vol. 2, pp. 944–995; Hoffman, M. A., Op. Cit., pp. 67, 267, 288 .
٤٤  تقع توشكا على بُعد حوالي ٢٥٠كم جنوب أسوان، على البرِّ الغربي للنيل، وفي الموقع رقم ٨٩٠٥، بها عُثر على إحدى وعشرين دفنة آدمية معاصرة لمرحلة جبل الصحابة، كان قد أُلحِق بها قرون حيوانية لأبقار.
٤٥  بياتريكس ميدان-رينيس، «عصور ما قبل التاريخ في مصر»، مترجَم، القاهرة ٢٠٠١م، ص٩٩. «كان للقرون دلالتها الرمزية الهامة التي وضحت من خلال الرسوم الصخرية التي عُثر عليها بمواقع عدة شرق أفريقيا، أكَّدت على ما كان لها من دورٍ طقسي مرتبط بالصيد والخصوبة، سواء بمفردها منفصلة عن الجمجمة أم غير منفصلة عنها، ولا يزال لقرون الماشية دورُها الطقسي والسحري في حياة المجتمعات البدائية حتى الآن». وعن المزيد انظر: رضا محمد سيد أحمد، «العاج والمصنوعات العاجية»؛ Louis, C., “les bouefs africains á cornes déformées: quelques éléments de réflexion”: Anthropozoologica, vol. 39/1, 2004, p. 335.
٤٦  Brunton, G., Mostagedda and Tasian culture, London, 1937, pp. 6-7, 30-31.
٤٧  بياتريكس ميدان-رينيس، مرجع سابق، ص١٨٦-١٨٧.
٤٨  أشرف زكريا، «التماثيل والتشكيلات الحيوانية والحيوانية الطابع في مصر وبلاد الشرق الأدنى القديمة في عصورِ ما قبل التاريخ»، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة، ٢٠٠٠م، ص٣٤.
٤٩  Regulski, I., Op. Cit., p. 18 .
٥٠  هناك صلةٌ رمزية بين العلامة wpt التي تمثِّل القرنين وبين العلامة التي تمثِّل الوادي، وبين علامة Aht التي تمثِّل الأفق أو السماء، ويؤكد كلٌّ من Newberry, P., Gaerte, W. على ذلك. ولعل صلاية جرزة التي تمثِّل رأس البقرة حتحور، المعبودة السماوية بقرنيها، والمؤرَّخة بالفترة ٣٥٠٠-٣١٠٠ق.م. من أبرز النماذج التي تؤكِّد على وجود رمزية القرنين في مصر القديمة منذ مرحلة مبكرة.
Newberry, P. E., “Two cults of the old kingdom” in: LAAA, vol. 1, 1959, pp. 24–31; Gaerte, W., “die Horns of consecration” in: ARWS, vol. 21, 1922, pp. 72–75; Moss, M. L., “two Minoan goddess figures” in: JPR, vol. 16-17, 2003, p. 36.
٥١  جاك رينولد، «كدروكة والعصر الحجري الحديث في إقليم دنقلا الشمالي»، مجلة إركاماني، العدد الثالث، ٢٠٠٢م، ص٣.
٥٢  Petrie, W. M. F., Diospolis parva; the cemeteries of abdiyeh and Hu 1898-1899, London, 1901, p. 34 .
٥٣  Scharff, A., Die Archäolgischen Ergebnisse des vorgeschichtlichen gräber feldesvon Abusir El-Meleq, Osnabrück, 1926, pp. 108-109, 112-113, 126 .
تكرَّر العثور على دفناتٍ لجماجم الثيران والعجول بأبو صير الملق في الدفنات رقم:
59A1-37bI-37C4-45C6-52A3-52H8-55K3-1094-1092-1072-1068-1070-1067-1059-1058-1019-60A9-1098-1100-1116-1128-1139-1144.
٥٤  Scharff, A., Op. Cit., pp. 134–163 .
٥٥  رضا محمد سيد أحمد، مرجع سابق، ص١٩.
٥٦  David, R., The ancient Egyptian, London, 1980, p. 24 .
٥٧  Behrens, H., Op. Cit., p. 77 .
٥٨  Brunton, G., and Caton-Thompson, C., 1928, pP. 12, 38 .
٥٩  Adams, B., 2000, pp. 33-34 .
٦٠  Adams, 2001, p. 7 .
٦١  Behrens, H., Op. Cit., p. 77.
٦٢  Petri, W., and Quibell, T. E., 1896, p. 20; Behrens, H., Op. Cit., p. 76.
٦٣  Adams, B., 2001, p. 7; Friedman, R., 2003.
٦٤  Kroeper, K., 1986, pp. 11, 17; Kroeper, K., 1996, p. 70.
٦٥  Emery, W. B., 1949, pp. 82, 98.
٦٦  زكي سعد، مرجع سابق، ص٣٦، ٣٧.
٦٧  Reisner, G. A., Op. Cit., p. 55.
للمزيد عن العاج والمصنوعات العاجية انظر: رضا محمد سيد أحمد، العاج والمصنوعات العاجية.
٦٨  Emery, W. B., Op. Cit., p. 98 .
٦٩  زكي سعد، مرجع سابق، ص٣٧.
٧٠  مصطفى عطا الله، «دفنات الحيوانات في مصر مقارنةً بالعراق وبلاد الشام في عصورِ ما قبل التاريخ»، دراسات في آثار الوطن العربي، الملتقى الثالث لجمعية الأثريين العرب، القاهرة ٢٠٠٠م، ص٥٤٨.
٧١  Behrens, H., Op. Cit., p. 77 .
٧٢  Flores, D. V., Op. Cit., p. 78 .
٧٣  Emery, W. B., 1949, pp. 82, 98 .
٧٤  Brunton, G., and Caton-Thompson, C., 1928, p. 91 .
٧٥  خالد أنور عبد ربه عبد الغني، «إله الشمس وعلاقته بآلهة ومخلوقات العالم الآخر أثناء رحلته الليلية»، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة، ٢٠٠٥م، ص٩٧.
٧٦  Applegate, A., and Gautier, A., Op. Cit., pp. 468, 488 .
٧٧  Saied, A. M., Op. Cit., p. 111 .
٧٨  Reisner, G. A., 1910, p. 138.
٧٩  Reisner, G. A, 1910, p. 138 .
٨٠  Flores, D. V., Op. Cit., p. 75 .
٨١  David, R., Op. Cit., p. 24 .
٨٢  Hoffman, M. A., Op. Cit., p. 91 .
٨٣  أشرف زكريا، «تماثيل ورموز الأمومة في مصر وبلاد الشرق الأدنى القديم في عصور ما قبل التاريخ»، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآثار، جامعة القاهرة ١٩٩٥م، ص٢٣.
٨٤  بياتريكس ميدان-رينيس، مرجع سابق، ص١٢٨.
٨٥  Wendorf, F., and Schild, R., 1998, p. 115 .
٨٦  Kessler, D., “tier kult,” in: LÄ, vol. 6, col. 574; Kees, H., untersuchungen zur Geschichte und alter tumsakunde Aegyptens, Drei zehnter Band Hildesheim, 1964, p. 1 .
٨٧  Egulski, I., Op. Cit., p. 17.
٨٨  Vandier, J., Op. Cit., p. 197; Clark, G., myth and symbols in ancient Egypt, London, 1959, p. 89; cooper, J. C., an illustrated encyclopedia of traditional symbols, London, 1978, pp. 43-44 .
٨٩  Ikram, S., death and burial in ancient Egypt, Great Britain, 2003, p. 83 .
٩٠  Applegate, A., and Gautier, A., Op. Cit., pp. 468, 488; Wendorf, F., and Schild, R., 2002, p. 17 .
٩١  Wendorf, F., and Schild, R., 1998, p. 108 .
٩٢  زكي يوسف سعد، مرجع سابق، ص٣٦-٣٧.
٩٣  مصطفى عطا الله، مرجع سابق، ص٥٥٠-٥٥١.
Otto, E., Beitraege Zur geschichte der tierkult und Altertumskunde in Aegypten ,XIII, Hildesheim, 1964, pp. 1-2.
٩٤  مصطفى عطا الله، مرجع سابق، ص٥٥١. عبد العزيز صالح، «حضارة مصر القديمة وآثارها»، ج١، القاهرة ١٩٩٢م، ص١٢٠.
٩٥  Wendorf, F., and Schild, R. 1998, pp. 115-116 .

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤