الفصل الأول

الدفنات الحيوانية في العراق

مقدِّمة عن أصول الفكر الديني في العراق القديم

إنَّ أول ظاهرة جديرة بالملاحظة في تاريخ الإنسان في بلاد الرافدين، هي التأثير المباشر للعوامل البيئية على الفكر الإنساني بوجهٍ عامٍّ، والفكر الديني بصفةٍ خاصةٍ.

فبيئة بلاد الرافدين في العصور القديمة، كانت بيئةً غير مستقرةٍ في كافة المجالات الجوية والمائية والأرضية، وقد نشأت عن ذلك حالةٌ من عدم الاطمئنان والقلق، ولذلك لجأ الإنسان العراقي القديم إلى البحث عن القوى التي تكفل له الاطمئنان والاستقرار في حياته، ومستقبله١ وهكذا أثَّرت طبيعة أرض العراق الجغرافية تأثيرًا كبيرًا في نشأة وتطوُّر أول المعتقدات الدينية، وأول أنظمة الحكم والتقاليد الاجتماعية والاقتصادية. وعلى الرغم من أنَّ دور الإنسان العراقي القديم كان كبيرًا وفعالًا في نشوء وتطوُّر تلك النظم والمعتقدات، إلا أنه كان للبيئة التي عاشها أثرٌ واضحٌ في توجيهه وإرغامه أحيانًا لاتباعِ سلوكٍ معيَّن أو نظامٍ معيَّن دون غيره.
وكان خوف الإنسان من الطبيعة وعنفها وقسوتها، وحذره من بطشها وتفاعله معها ذا أثرٍ كبيرٍ على نفسية الفرد، فكان متوقِّعًا للمفاجآت، حادَّ الطبع، مهتمًّا بحياته الدنيا دون الآخرة، وامتدَّ ذلك التأثير إلى معتقداته الدينية، فصوَّر وجسَّد القوى التي اعتقد بأنها كانت تسيطر على حياته وجعلها آلهةً تجب عبادتها والتقرُّب إليها.٢
ولو أننا تتبَّعنا أصولَ الفكر الديني في العراق القديم بدءًا من عصورِ ما قبل التاريخ، لوجدنا أنها كانت قد وضحت فيما خلَّفه لنا إنسان النياندرتال من مقابرَ آدميةٍ بلغ حدُّ الاعتناء بها أن زُوِّدت في كثيرٍ من الأحيان بشيءٍ من متاع الدنيا، أو الأجزاء الحيوانية، وإن دلَّ ذلك على شيءٍ فإنما يدُل على ظهور أولى بذور الدِّين وممارسة السِّحر الذي ظهر في طُرق دفن الموتى، وفيما خلَّفه إنسان النياندرتال من رسومٍ بدائيةٍ بسيطةٍ، وعليه فيمكن اعتبار السِّحر أولَ محاولةٍ من قِبل الإنسان للسيطرة على الطبيعة.٣
ولقد وصلت هذه المظاهر الدينية الأولى، إلى مداها العقائدي ابتداءً من العصر الحجري الحديث٤ الذي يُعتبر بمثابة نقلة خطيرة في حياة الإنسان وبداية مرحلة مستقلة في تطوُّر فكره الديني. فلقد آمن الإنسان ابتداءً من مرحلة العصر الحجري الحديث إيمانًا قاطعًا بوجود القوى المتحكِّمة في الظواهر الطبيعية والمؤثِّرة تأثيرًا مباشرًا على إنتاجه الزراعي، وكانت أول ظاهرة تلفت الانتباه في هذا المجال ظاهرةَ إعطاءِ صفةٍ مقدسةٍ من وجهة نظر الإنسان القديم إلى تلك القوة الخفية، سواء أكانت إنسانيةً أو حيوانيةً أو نباتيةً أو غير ذلك.
وعلى ذلك يمكن القول إنَّ الفكر الديني في العصر الحجري الحديث كان بمثابةِ خطوةٍ حاسمةٍ في التطور نحو عقائدَ أكثرَ استقرارًا وتكاملًا في المراحل الحضارية التالية.٥
أما عن الفكر الديني في العصر الشبيه بالكتابي أو عصر فجر التاريخ٦ فكان ذا نمطٍ معيَّن يختلف اختلافًا كليًّا عن مفهوم الفكر الديني المصري القديم؛ فقد اعتمد الفكر العراقي القديم على المقوِّمات البيئية والبشرية الخاصة والمميزة له، والتي اختلفت عن المقوِّمات البيئية والبشرية المصرية اختلافًا ملحوظًا. وقد أثَّر كلُّ ذلك على نوعيةِ الفكر الديني العراقي القديم؛ فبينما اتَّجه الإنسان المصري القديم إلى عقيدة الخلود للإنسان والآلهة، نجد أنَّ الإنسان العراقي القديم قد كرَّس تلك الصفةَ للآلهةِ فقط؛ لأنه لم يكن من اليسير على الإنسان العراقي القديم غير المطمئن على حاضره ومستقبله بسبب عدم انتظام البيئة المحيطة به أن يؤمن بالخلود والأبدية، بل ترك ذلك للآلهةِ فقط.٧
ولذلك … فمن الناحية الأثرية، نلمس عدمَ إعطاء الإنسان العراقي القديم الأهميةَ الأولى للمنازل الأبدية — أي المقابر — بل ركَّز اهتمامه على منازل الآلهة — المعابد — التي اعتقد أنها تستطيع أن توفِّر الأمن والطمأنينة له.٨ ولم يمنعه ذلك من الاهتمام بالمقابر؛ فالموتُ هو الحقيقة الحتمية التي لا بد أن يواجهها أيُّ كائنٍ حيٍّ، سواء إنسانًا أو حيوانًا أو نباتًا، بل كانت له هيمنته وسيطرته ويده العليا على كلِّ ما هو على سطح الأرض.٩ إلا أنَّ الموت لم يكن بذلك يشكِّل حدًّا فاصلًا وقاطعًا بين عالم الموتى وعالم الأحياء، بل كان هناك صلة، ظلَّت واستمرَّت حتى بعد الموت، تأكَّدت من خلالِ ما كان يقدَّم للموتى من قرابين وأضحياتٍ من قِبل الأحياء.١٠
وهكذا لم يَنعم الإنسان بالخلود، بل كان تفكيره في هذا الصدد غامضًا، فقد آمن بوجودِ عالمٍ سفليٍّ وجهَّز مقابرَ للأفراد والملوك، ولكن ظلَّ الخلود مقتصرًا على الآلهة.١١ وتشكَّلت بذلك العلاقةُ ما بين عالَم البشر وعالَم الآلهة، وتحدَّدت ووضحت من خلالِ ما كان يُقدَّم من قرابين وأضاحٍ حيوانيةٍ كانت تقدَّم أحيانًا للمتوفَّى، كي يقدِّمها للآلهة في العالَم السفلي؛ ليضمن حُسن معاملتهم له، ومن هنا برز الدور الحيواني في الفكرِ الدينيِّ لإنسان العراق القديم.١٢

الدفنات الحيوانية في العراق

رأينا كيف شُغل إنسان بلاد الرافدين بمشاكل الحياة الدنيا، وكيفية السيطرة على البيئة الطبيعية، فلم تنشأ لديه فكرةٌ واضحةٌ عن وجودِ دارٍ للعقاب ودارٍ للثواب، بل كان العقاب والثواب في الحياة الدنيا.١٣ وكان في ذلك عكْس المصري القديم الذي تميَّزت حضارته بطابع الاعتدال والشعور بالطمأنينة والسيطرة على البيئة الطبيعية؛ ولذا كان الفرد في حضارة وادي النيل، قد شُغل بأمر الحياة الأخرى، ونَيلِ الخلود فيها، ومن ثَم نجده قد اعتنى عنايةً كبرى بالمقابر، على عكس إنسان بلاد الرافدين،١٤ الذي شُغل بالحياة وبكيفية إطاعة وتنفيذ رغبات الآلهة.١٥

ولذا … لم يكن العثور على الدفنات الحيوانية في بلاد الرافدين، بمثل الكثرة التي جاءت عليها في مصر؛ لاختلاف طبيعة المكان من ناحيةٍ، واختلاف العقائد الدينية من ناحيةٍ أخرى. انظر خريطة ٤-٦.

أولًا: دفنات الثيران والأبقار

إذا كانت دفنات الثيران والأبقار قد عُثر عليها في مصر بدءًا من العصر الحجري القديم، وفي بلاد الشام بدءًا من المرحلة النطوفية، فإنها في بلاد الرافدين لم تكن على غِرار ما كان عليه الوضع في مصر وبلاد الشام؛ فمنذ العصرِ الحجريِّ النحاسيِّ بدأ ظهور العديد من الحضارات التي كان منها حلف والعبيد والوركاء. وفي هذا العصر احتلَّت الحيوانات مكانةً هامةً، ونشأت في تلك الفترة عبادة الخصب المميزة للمزارعين، المتصلة بعبادة الثور والمرتبطة بتقديس الأمومة، وهي من البوادر الفكرية الهامة للمجتمعات الزراعية، التي بقيت ملازمةً لمواقع هذا العصر.١٦
ففي العرباجية١٧ اعتُبرت جماجم الثيران من الرموز الدينية الهامة التي كانت شائعة، والتي كانت لها قدسيتها آنذاك،١٨ فقد عُثر على جمجمةٍ حيوانيةٍ وأجزاءٍ من عظام فقرات الظهر في واحدةٍ من الدفنات الآدمية التي تُؤرَّخ بعصرِ حضارةِ العبيد، كانت الجمجمة الحيوانية قد وُضِعت أسفل رأس المتوفَّى.١٩
وفي المقبرة رقم G.47 بجبَّانة الأرباخية أيضًا، عُثر على فكٍّ لحيوانٍ من فصيلة الماشية، كان قد وُضِع أعلى عظامِ فكِّ دفنةٍ آدميةٍ كان قد عُثر عليها بالمقبرة، ويُحتمل أن يكون هذا الفك نوعًا من القربان الحيواني،٢٠ هذا، ولقد كانت أغلب الدفنات الآدمية التي عُثر عليها بالجبَّانة مزودةً بأجزاءٍ حيوانيةٍ.٢١
وعُثر على الكثير من البقايا العظمية لحيواناتٍ من فصيلة الماشية، كانت قد أُلحِقت بالعديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها أسفل أرضيات منازل هذا الموقع، ومن دراستها تبيَّن أنها كانت بمثابةِ نوعٍ من القربانِ الحيوانيِّ كطعامٍ للمتوفَّى.٢٢
ولقد كان للثور لا سيما في حضارة حلف٢٣ دورٌ هامٌّ في معتقدات أهل هذا العصر؛ إذ كثيرًا ما عُثر على جماجمِ ثيرانٍ كانت قد دُفنت في بعض المناطق، ليس فقط في المقاﺑر، بل وبالمعابد أيضًا، هذا بخلاف كثرةِ ما عُثر عليه من بقايا عظميةٍ للثيران في مواقعَ عدةٍ عكست قيمته الاقتصادية.٢٤ ففي الوركاء،٢٥ عُثر على الكثير من بقاياه العظمية التي جاءت مختلطةً ببقايا عظميةٍ لحيوانات أخرى.٢٦
ولقد ظهر ما يُعرف بالقربان النذري في العديد من المقابر التي تُؤرَّخ بعصر حضارة العبيد بجبَّانة أريدو؛ إذ عُثر على هيئاتٍ حيوانيةٍ من الفخار، لا سيما لأبقارٍ، وذلك في دفنات عدة وكان في وجودها دليلٌ على ثراء تلك المقابر؛٢٧ ففي تبَّة ياريم٢٨ عُثر على الكثير من البقايا العظمية الحيوانية، لماشيةٍ ومَعْزٍ وقرونِ ثيرانٍ، كانت قد أُلحِقت بالعديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها بالموقع، هذا بخلافِ ما عُثر عليه بين تلك الدفنات الآدمية، من حُفرٍ صغيرةٍ بها عظامٌ حيوانيةٌ وآثارُ احتراقٍ، وبعض الكِسَر الفخارية، ولم يُستطع بعدُ تفسيرُ الغرضِ منها.٢٩
ولربما كان للقرون الحيوانية مغزاها الطقسيُّ؛ إذ إنه كما عُثر على قرونٍ حيوانيةٍ في بعض دفنات تبَّة ياريم، فقد عُثر في أساس المعبد الأبيض٣٠ على قرنِ حيوانٍ يحمل آثارًا لبعض الألوان، وكأنه عملٌ فنيٌّ نُفِّذ من هذا القرن الحيواني.٣١
وفي عصرِ ما قبل وبدايةِ الأسرات،٣٢ كانت الحيوانات قد اتَّخذت مكانةً وأهميةً كبرى؛ إذ زادت الرمزية واتسعت التخيُّلات والأساطير المرتبطة بالحيوانات، فأصبح للحيوان دوره الدينيُّ الذي انقسم إلى دورٍ سلبيٍّ وآخرَ إيجابيٍّ؛ ففيه الشرُّ وفيه الخير، وأصبح الحيوان في ذلك العصر بمثابة حلقة الوصل التي ربطت ما بين عالم الإنسان وعالم الآلهة.٣٣
وتوقَّفت صلةُ الإنسان بالحيوان وبعالم الآلهة من خلالِ ما كان يقدَّم من أضاحٍ حيوانيةٍ، قصدوا بها أحيانًا القضاءَ على الشر، وأحيانًا أخرى إرضاءَ أرواح الموتى وأرواح الآلهة.٣٤
وقد ظهرت في المقابر الملكية إحدى عادات الدفن الغريبة، التي تمثَّلت في دفن الخَدَم والأتباع، بل والحيوانات، مع الملوك، باعتبارهم متاعًا جنائزيًّا، الشكل رقم ٧-٧٥.
ففي أور٣٥ عُثر على العديد من المقابر الملكية التي دُفن فيها الخَدَم، والعربات الحربية التي تجرُّها الثيران، مع الملوك؛٣٦ ففي المقبرة الملكية رقم PG/580 بأور، عُثر على هيكلٍ عظميٍّ لثورٍ، كان في حالةٍ سيئةٍ من الحفظ، وعُثر إلى جواره على بقايا خشبيةٍ لعربةٍ، وبالقرب من هذه المقبرة، عُثر على ما يُعرف بحُفَر الموت.٣٧
وفي واحدةٍ من تلك الحُفَر عُثر على ثلاثٍ من جماجم الثيران. ويرى Woolley أنَّ هذه الحفرة بجماجم، إنما هي حفرةٌ خاصةٌ بتقديم الأضاحي الحيوانية.٣٨
هذا، وإلى الجنوب الغربي من تلك الحفرة، عُثر على دفنةٍ اشتملت على بقايا اثنين من الثيران كانا يرقدان بطريقةٍ توحي بأنهما كانا قد دُفنا مع عربةٍ حربيةٍ، وأنهما كانا يجرانها، إلا أنه لم يعثر على كامل هياكلهما العظمية، ولم يُعثر على كامل أجزاء العربة، ولقد عُثر على جمجمةٍ ثالثةٍ لثورٍ إلى الشمال الغربي من تلك الحفرة، كانت قد زُوِّدت باثنتين من القدور الفضية.٣٩
وقد عُثر بجوار المقبرة PG/800 على دفنةٍ فرعيةٍ لرجلٍ، وإلى جواره عُثر على جمجمةٍ وعظامٍ حيوانيةٍ لماشيةٍ «ربما كانت ثيرانًا أو أبقارًا».٤٠
وفي المقبرة الملكية رقم ٧٨٩ ﺑ «أور»، عُثر على ستة من هياكل الثيران، كانت تجرُّ اثنتين من العربات الحربية، كانت هياكل الثيران قد وُجِدت ممددةً أمام العربتين، ومتجهةً إلى مدخل المقبرة، ويُفهم من ذلك أنَّ الحيوانات قد دُفعت إلى داخل المقبرة دفعًا، ودُفنت وهي في وضعِ الاستعداد للتحرُّك، أو لجرِّ العربات؛ ومن غير المعروف كيفيةُ قتلها. تُؤرَّخ هذه المقبرة بعصر بداية الأسرات،٤١ الشكل رقم ٧-٧٦.
ولقد اكتسبت مدينة أور السومرية شهرةً واسعةً بفضلِ ما اكتُشف في جبَّانتها الملكية٤٢ في العصور التاريخية من قبورٍ أثارت الدهشة، كما أنها تمثِّل أصدقَ تمثيل مظاهرَ حضارة وادي الرافدين في أوج ازدهارها وعظمتها في حوالي ٢٦٠٠ق.م.،٤٣ فقد عُثر في مقبرة الملِكة شبعاد على اثنتين من العربات الحربية، كان يجرُّهما ثيران، وكان كلٌّ من العربتين والثيران قد دُفن في وضع التأهُّب للحركة، ويعتقد Woolley أنَّ كلًّا من الأشخاص المدفونين والحيوانات، كان قد أُنزل إلى حفرة الدفن وهو على قيد الحياة. ولقد عبَّرت تلك المقبرة عن نوعٍ من الأضحيات الآدمية والحيوانية.٤٤ بينما يرى Moortgat أنَّ هذه المقابر يُفترض أنها تعبِّر عن طقسةِ الخصوبة أو الزواج المقدَّس الذي سيضفي الخصوبة على الأرض.٤٥ (وهذا أمرٌ في غاية الغرابة ويصعُب قبوله).
هذا، ولقد تشابهت عاداتُ الدفن في مختلف المواقع العراقية، ففي الجبَّانة الملَكية بكيش —٤٦ الجبَّانة Y — عُثر على قبورٍ عدةٍ اشتملت على دفناتٍ مختلطةٍ بشريةٍ وحيوانيةٍ، تنوَّعت فيها الدفنات الحيوانية ما بين حميرٍ وثيرانٍ عُثر عليها مدفونةً مع العربات الحربية كحيواناتِ جرٍّ.٤٧
هذا، وبخلافِ ما عُثر عليه من دفناتٍ للثيران في الجبَّانات الملكية، فقد عُثر على بقايا عظميةٍ للعديد من للثيران في الكثيرِ من الدفنات الآدمية؛ ففي تل أبو سلابيخ٤٨ عُثر على بقايا أجزاءٍ عظميةٍ لثورٍ كبيرٍ بالغٍ، وذلك في واحدة من الدفنات الآدمية، ربما عبَّر بتواجده عن نوع من الأضحيات الحيوانية.٤٩

وترى الدارسة خروجًا من كل ذلك أنَّ دفنات الثيران التي عُثر عليها والتي كانت غالبًا ملحقةً بالعربات الحربية ما هي إلا وسيلةُ نقلٍ يستخدمها المتوفَّى في عالمه الآخر كما كان يستخدمها في الحياة الدنيا.

الغرض من دفنات الثيران

كان الثور يرمز إلى القوة والخصوبة، واعتُبر بمثابة «حيوانٍ سماويٍّ» عُرف باسم «الثور السماوي» وارتبط بالإلهين مردوخ، وإنكي، وهو الثور الوحشي للأرض والسماء.٥٠ هذا ما توضحه لنا أسطورة جلجامش.
ويرى Mallowan عكس ذلك؛ إذ إنَّ الثور اعتُبر رمزًا للجفاف والقحط، وبالتالي فإنَّ في قتله رمزًا للقضاء على الجفاف وعلى الشر.٥١ «هذا في حالة العثور عليه كأضحيةٍ حيوانيةٍ في دفنةٍ ما» (وهذا رأيٌ يصعُب الأخذ به).
أمَّا Scurlock فيرى أنَّ الثيران كانت أحدَ رموز القوة المحرِّكة لعربة الآلة، التي لا تتحرك بدونها، فبدون الثور لن يتمكن الإله من الخروج للاحتفال بأهم أعياده واحتفالاته، ومن ثَم كان يُراعَى دفن الثيران ملحقةً بالعربات التي ستقوم بجرِّها؛٥٢ إذ يبدو أنَّ جزءًا من رحلة الأرواح من القبر إلى العالم السفلي، كان يتم عن طريق البَر، وتُستخدم فيه العربات التي تجرها الحيوانات، وهذا ما يشير إليه وضعُ العربات مع حيواناتها وسائقيها في القبور الملكية في أور وكيش.٥٣

وهكذا اختلفت تفسيراتُ وجود مثل تلك الدفنات الحيوانية، تبعًا لاختلاف تناولها من وجهات النظر المختلفة، والمتعددة، فما بين التفسير الديني والدنيوي اختلفت الآراء، وتباينت وجهات النظر.

ثانيًا: دفناتُ المَعْزِ

كانت المَعْز من أول الحيوانات التي استُغلت بغرض الحصول على طعامٍ كغذاءٍ للإنسان،٥٤ بل ومن أول الحيوانات التي استأنسها الإنسان، ويؤكد Reed ذلك بقوله: «إنَّ هناك أدلةً ثابتةً تشير إلى أنَّ استئناس المَعْز حصل على أقل تقديرٍ في الزمن الذي تم فيه استئناس الكلب.»٥٥

دفنة المَعْز والنسور

كان الاهتمام بدفن المَعْز قد وضَح في بلاد الرافدين منذ العصرِ الحجريِّ الحديثِ؛ ففي كهف زاوي شيمي شانيدار٥٦ عُثر على دفنةٍ هامةٍ ولافتةٍ للنظر، اشتملت على عظامٍ حيوانيةٍ وجماجم لحوالي خمس عشرة من المَعْز، بخلاف عظامٍ وريشٍ لنسورٍ وصقورٍ بلغت حوالي سبعة عشر طائرًا، فُصلت تلك العظام بعنايةٍ شديدةٍ ورُتِّبت بطريقةٍ مقصودةٍ.٥٧
ولا شكَّ أنَّ في الاهتمام بدفن النسور والصقور مع جماجم المَعْز، ما يدعو إلى التساؤل، فكيف استطاع سكان هذا الموقع أن يتمكنوا من الاحتفاظ بمثل هذا العدد من الطيور الضخمة الجارحة، وبمثل هذا العدد من الحيوانات معًا في نفس الوقت؟ وما الغرض من وراء تكلُّفِ مثل هذا العناء لإتمام تلك الدفنة؟ فلا شك أنَّ لذلك الأمر مغزاه الطقسيَّ الجنائزيَّ،٥٨ الذي حاول بعض الباحثين تفسيره، فربطوا بين تلك الدفنة، وبين الارتباط بطور الموت والعالم الآخر.٥٩ ويتَّفق في ذلك كلٌّ من كوفان، وميلارت وشتريكا؛ إذ ربطوا ما بين النسر وطَور الموت والعالم الآخر، كأحد أطوار الإلهة الأم.٦٠
ولقد كانت المَعْز من أكثرِ الحيوانات المستخدَمة كأضحياتٍ حيوانيةٍ في العراق — طوال مراحل العصور التاريخية — وكانت تُقدَّم في العديد من المناسبات، تقرُّبًا للآلهة، كقربانٍ مقدَّسٍ.٦١ وهي في ذلك تشترك مع مصر وبلاد الشام.
ويرى Perkins أنَّ أناس زاوي شيمي شانيدار، كانوا أولَ مَن حرص على تقديم المَعْز كأضاحٍ حيوانيةٍ، وأنَّه كان لديهم نوعٌ من الطقوس الخاصة، المرتبطة بقتل الجزء الأعظم من صغار المَعْز كلَّ عامٍ، من أجل التقدُّم بها كأضاحٍ حيوانيةٍ، ضمانًا لاستمرار ووفرة الطعام.٦٢
هذا، ولقد كان لذلك الفكر الديني انتشاره الذي امتد خارج حدود بلاد الرافدين، وما كانت دفنةُ زاوي شيمي شانيدار إلا الدليل المبكِّر على تلك الطقوس الجنائزية.٦٣
هذا عن دور المَعْز في تلك الدفنة — أما عن النسور — فلقد جاء آنفًا كيف أنها ارتبطت بطور الموت، والعالم الآخر، والإلهة الأم،٦٤ ولقد تكرَّر العثورُ على أجنة وريش الطيور — لا سيما النسور — في مواقعَ عدة تُؤرَّخ بالعصر الحجري القديم الأعلى، من مثل ما جاء في كهف أم قطفة، وكسار عقيل، والحجار؛ إذ عُثر في هذه الكهوف على دفناتٍ اشتملت على ريشٍ وعظامٍ لطيورٍ، تبيَّن من دراستها أنها لطيورٍ لم تُقتل بغرض الحصول على طعام، وإنما لأغراضٍ أخرى ربما سحرية،٦٥ خاصةً وأنَّ الطيور كانت تُعَد أحدَ الرموز المتعلِّقة بالإلهة الأم، وبالأرواح، وكان لها قدسيتها التي وضحت منذ بداية العصر الحجري القديم، واستمرَّت طوال المراحل التاريخية الأخرى، ولكن بشيءٍ من التعقيد؛ إذ أصبحت من الرموز الدالة على آلهة الخصب وكذلك الدالة على خلود أرواح الموتى.٦٦
وربما كان لوجود ريش النسور مع دفناتِ زاوي شيمي، رغبةٌ في أن يُبعث المتوفَّى بسرعة بمساعدة طائر النسر الذي وُجِد ريشه مع المتوفَّى في تلك المرحلة المبكرة، التي كانت قد تكرَّرت قبل ذلك في شاتال هويوك، ولكنها كانت أكثرَ ثراءً.٦٧
هذا، ولقد عُثر على الكثير من أكوام العظام الحيوانية، لصغار المَعْز، والأغنام في موقع كهف زاوي شيمي شانيدار، بخلاف الدفنة الآنفة الذكر، مما يعكس معه طبيعةَ حياة ساكني هذا الموقع؛ إذ كانوا من الصيادين، وكان لديهم من العادات ما يدعو للانتباه، فلربما كانت تلك الأكوام العظمية تمثِّل نوعًا من الأضاحي الحيوانية، أو أنَّ هذا الموقع كان بمثابةِ مكانٍ لتربية تلك الحيوانات، وكان يتم ذبح صغارها في توقيتٍ معيَّنٍ وبطريقةٍ خاصةٍ.٦٨
ولقد عُثر في كهف شانيدار٦٩ على دفناتٍ آدميةٍ بها بقايا لكثيرٍ من العظام الحيوانية، لحيواناتٍ بريةٍ — لا سيما الغزال والثور البري —٧٠ وأغنامٍ ومَعْزٍ بريةٍ، وأيضًا العديد من البقايا العظمية لحيواناتٍ أخرى.٧١ استمرَّ العثور على بقايا عظام المَعْز المستأنَسة في العديد من المواقع، لا سيما موقع جرمو وحسونة والوركاء الباكرة لتصبح الماعز بذلك واحدةً من أقدمِ الحيوانات التي استُؤنست في منطقة الشرق الأدنى القديم بوجهٍ عامٍّ، وبلاد الرافدين بوجهٍ خاصٍّ.٧٢ ولقد كانت المَعْز في مرحلة جمدة نصر من أهم الحيوانات ذات القيمة الاقتصادية، التي لعِبت دورًا هامًّا في اقتصاد مجتمعات هذه المرحلة الحضارية، ويدُل على ذلك كثرةُ ما عُثر عليه من بقايا عظميةٍ لها آنذاك.٧٣
وفي الجبَّانة الملكية بأور، عُثر عند مدخل المقبرة رقم PG/800 على هيكلٍ كاملٍ لواحدةٍ من المَعْز، كانت ترقد إلى الجنوب الشرقي من مدخل الدفنة، وإلى جوارها عُثر على صفٍّ من الأواني الفخارية.٧٤
وفي المقبرة رقم PG/1648 التي تُعَد أصغرَ مقابر الجبَّانة الملكية بأور عُثر على العديد من عظام المَعْز، التي كانت بحالةٍ سيئةٍ من الحفظ، لم يُستطع تفسير تواجدها.٧٥
أما في المقبرة رقم ١٠٥٤ بجبَّانةِ أور أيضًا، فقد عُثر على دفنةٍ حيوانيةٍ لثلاثةٍ من الخراف، وذلك أمام مدخل المقبرة، بينما عُثر على عظامٍ حيوانيةٍ مختلفةٍ، وأوانٍ فخاريةٍ ورمادٍ بجوار المقبرة.٧٦
وفي نيبور عُثر في القطاع WF على دفنةٍ اشتملت على بقايا عظامٍ حيوانيةٍ لثلاثٍ من المَعْز، كانت تعلو جمجمة أحد الهياكل الآدمية بإحدى الدفنات التي تُؤرَّخ بعصر بداية الأسرات.٧٧
وفي تل أبو سلابيخ عُثر على الكثير من الهياكل العظمية لحيواناتٍ صغيرةٍ، كانت قد دُفنت كأضحيات حيوانية بالقرب من دفناتٍ آدميةٍ، وكان أغلبها لمَعْزٍ وحُملان صغيرة، وفي واحدةٍ من تلك الدفنات عُثر على هيكلٍ عظميٍّ كاملٍ لحَمَلٍ صغيرٍ، كان عمره عند دفنه لا يتعدى الشهرين.٧٨

الغرضُ من دفناتِ المَعْزِ

يرى نائل حنون في تفسيرِ وجودِ مثل تلك الدفنات الحيوانية، أنها عبَّرت عن نوع من الشعائر الجنائزية التي كانت متَّبعةً، والتي كانت تهدُف إلى إرضاءِ الآلهةِ عمومًا، حيث كانت تلك الشعائر تتضمَّن تقديمَ الهدايا والقرابين إليهم؛ إذ إنَّ إرضاء الآلهة يؤدي بالتالي إلى ضمان حسن معاملتهم لروح المتوفَّى الذي يأخذ الهدايا معه إلى العالم السفلي ليقدِّمها إلى الآلهة الموجودة فيه، وكان ذبح الأغنام — لا سيما المَعْز — وتقديمها هو إحدى هذه الهدايا٧٩ بل وكانت إحدى أهم الأضاحي الحيوانية التي كانت تقدَّم في شتى المناسبات تقربًا للآلهة العراقية القديمة.٨٠
ومن ثمَّ تكوَّنت بذلك علاقةٌ خاصةٌ بين عالم البشر وعالم الآلهة، من خلال تلك الأضاحي المقدَّسة، فكانت المَعْز بمثابة الوسيط ما بين العالمين؛٨١ إذ كانت النذور والأضاحي الحيوانية، أحدَ الواجبات والشعائر التي تمَّت ممارستها منذ عصر العبيد، لا سيما في المعابد كأحد عناصر العبادة الدينية السومرية المكمِّلة لأداء الطقوس الجنائزية، وكانت الأضاحي يتم إعدادها على مذابحَ خاصةٍ أو فوق سقف المعبد، وكان سكبُ الدم المتدفِّق من الأضاحي يُعَد طقسةً خاصةً ذاتَ مدلولٍ رمزيٍّ، باعتبار الدم رمزَ الحياة.٨٢

ثالثًا: دفنات الكلاب

يُعتبر الكلب (والماعز كما ذُكر آنفًا) من أول الحيوانات التي ثبَت استئناسها في بلاد الشرق الأدنى القديم بوجهٍ عامٍّ، وبلاد الرافدين بوجهٍ خاصٍّ.٨٣ ولقد جاءت أولُ وأقدَمُ أدلةِ استئناسِ الكلاب، في شمال شرق العراق بكهف بالجاورا الذي يُؤرَّخ بالعصر الحجري القديم؛ إذ به عُثر على بقايا عظميةٍ لكلابٍ مستأنسةٍ، اشتملت تلك البقايا العظمية على جمجمةٍ واحدةٍ وحوالي سبعة عشر فكًّا لكلابٍ مستأنسةٍ تبيَّن أنها ترجع لحوالي ١٢٠٠٠،٨٤ كما عُثر على بقايا عظميةٍ لكلابٍ في العديد من المواقع التي تُؤرَّخ بالعصر الحجري الوسيط، بل وعُثر على هياكلَ عظميةٍ للكثير من الكلاب جاءت أحيانًا شبه كاملةٍ، وأحيانًا أخرى عُثر على أجزاءٍ منها بالعديد من الدفنات الآدمية في جبَّانة العبيد،٨٥ الشكل رقم ٧-٧٧.
ففي كلٍّ من المقبرة رقم ١٨٥ و٨٩ و١١٤ بجبَّانة العبيد،٨٦ عُثر على دفناتٍ لكلابٍ، كانت قد دُفنت مع أصاحبها، وكانت قد جاءت راقدةً بشكلٍ متقاطعٍ أعلى الهياكل الآدمية — مكوِّنًا شكل الصليب — زُوِّدت الدفنات ببعض الأواني الفخارية كنوعٍ من المتاع الجنائزي،٨٧ الشكل رقم ٧-٨٠٧-٨١.
ولقد عُثر في دفنةٍ أخرى بالجبَّانة على اثنين من الهياكل العظمية لكلابٍ كانت قد دُفنت مع أصحابها، ولكنها لم تكن بحالةٍ جيدةٍ من الحفظ تسمح بدراستها. هذا، ولقد عُثر على أجزاءٍ وبقايا عظميةٍ لكلابٍ، ولحيوانات أخرى لم تُحدَّد أنواعها بعدُ، وذلك في العديد من الدفنات الآدمية.٨٨
أما في جبَّانة خفاجة٨٩ فقد عُثر على عددٍ من دفنات الكلاب كانت قد جاءت بالعديد من الدفنات الآدمية، وكانت هياكلها العظمية شبهَ كاملةٍ.٩٠
هذا، وتوضِّح تلك الدفنات مدى العناية والاهتمام اللذين قد حظيَ بهما الكلب، باعتباره حيوانًا مقربًا، ورفيقًا لصاحبه، ومن ثمَّ عمِل على دفنه معه في مقبرته آنذاك.٩١
ولم تكن مكانة وأهمية الكلاب في العصر الحجري النحاسي مكانةً اقتصاديةً، بل على العكس، لم يكن الكلب عنصرًا من عناصر اقتصاديات الإنسان، ولم يعتمد عليه في غذائه، إلا أنه كان من أقدمِ الحيوانات التي استأنسها الإنسان، والتي ألِفَت الإنسانَ بسهولةٍ.٩٢
ولقد كان للكلاب أهميتها الدينية والطقسية التي وضحت من خلالِ ما عُثر عليه من أجزاءٍ عظميةٍ لها في المعبد البيضاوي بخفاجة، كان أكثرها لسيقان ومخالب كلاب صغيرة، ربما قُدِّمت كنوعٍ من الأضاحي الحيوانية.٩٣
أما في أريدو،٩٤ فقد عُثر على دفنةٍ لكلبٍ كان هيكله العظمي قد جاء كاملًا، وتبيَّن بالدراسة أنه لكلبٍ سلوقيٍّ كان قد دُفن بمقبرةِ طفلٍ صغيرٍ بالجبَّانة، تُؤرَّخ بالألف الرابع ق.م. والجميل هنا أنه كان قد عُثر بالقرب من فم الكلب على قطعة صغيرة من اللحم، كأنها قُدِّمت كغذاءٍ له — كقربان — ينتفع به في العالم الآخر.٩٥
ولقد عُثر في جبَّانة أريدو أيضًا على العديد من دفنات الكلاب التي كان من بينها اثنتان من الدفنات بهما هيكلان عظميان لكلبين من الكلاب كانا قد دُفنا مع أصحابهما،٩٦ هذا بخلاف دفنةٍ أخرى لكلبٍ عُثر عليه مدفونًا مع صاحبه في وضعٍ متقاطع — يشبه ما جاء في دفنات جبَّانة العبيد مكوِّنًا شكل الصليب — وتُؤرَّخ الدفنة بالنصف الأول من الألف الرابع ق.م.٩٧
هذا، ولقد عُثر في الجبَّانة أيضًا على العديد من الهياكل العظمية لكلابٍ، كانت قد لوِّنت بلون أحمر من حجر الدم — تمامًا كما هو الحال مع جثث الآدميين — ولربما كان هذا التلوين، تلوينًا طقسيًّا بالمُغْرة الحمراء قُصد منة التعبير عن الاستمرارية.٩٨
ولقد كانت عادة نثر بعض الصبغات — لا سيما الأحمر — على الأجسام الآدمية والحيوانية من العادات المتَّبعة في بلاد الرافدين، مما يرجِّح أنه ربما كان للون الأحمر في الفكر العراقي القديم بعضُ التأثير على الروح.٩٩
ومن الجدير بالذكر أنَّ دفنات الكلاب التي عُثر عليها بجبَّانة أريدوا، كان بعضها قد دُفن منفصلًا عن صاحبه، وبعضها الآخر كان قد دُفن بنفس مقبرة صاحبه.١٠٠
وفي منطقة تبَّة جاورا١٠١ عُثر على جمجمةِ كلبٍ سلوقيٍّ، في دفنةٍ تُؤرَّخ بحوالي ٤٤٠٠- ٣٨٠٠ق.م.١٠٢
بينما عُثر في المقبرة رقم ٥٧ بجبَّانة خفاجة على دفنةٍ بسيطةٍ لشخصٍ بالغٍ، لُفَّ في الحصير، وأمام وجهه عُثر على هيكلٍ عظميٍّ لكلبٍ، زُوِّدت الدفنة ببعض الأواني الفخارية وتُؤرَّخ الدفنة بعصر بداية الأسرات.١٠٣
وفي منطقة تل براك،١٠٤ عُثر على دفنةٍ لكلبٍ جاء هيكله العظمي كاملًا، وكان قد عُثر عليه في دفنةٍ مستقلةٍ، تُؤرَّخ بحوالي ٢٥٠٠ق.م.،١٠٥ وبنفس الموقع عُثر على دفنةٍ حيوانيةٍ مزدوجةٍ لكلبٍ وحمارٍ، تُؤرَّخ بعصر بداية الأسرات، كان الكلب راقدًا على جانبه الأيسر، أقدامه ممدَّدة إلى الأمام كأنه في وضعِ الجري،١٠٦ الشكل رقم ٧-٨١. ومن دراسة الهيكل العظمي للكلب تبيَّن أنَّه لكلبٍ بالغٍ، ذكرٍ من كلاب الصيد، ولا يُستبعَد أن يكون لتلك الدفنة أغراضها الطقسية المرتبطة بالصيد، لا سيما وأنَّ الكلب بالفعل كان من أهم الحيوانات التي ساعدت الإنسان في رحلات صيده، وأنَّ الكلب الذي عُثر عليه بتلك الدفنة، كان من نوعية كلاب الصيد. هذا من ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى فإنَّ الحمار كان بالفعل من الحيوانات التي لها ارتباطُها الطقسيُّ المتعلقُ بالصيد، ولا أدلَّ على ذلك مما جاء في تل الديباجية الذي سيرِدُ ذكرُه في دفنات الحمير.١٠٧ ولقد استمرَّت قدسية الكلب حتى العصرِ البرونزيِّ المبكِّر؛ إذ عُثر له على دفناتٍ عدةٍ، كان منها ما جاء في الشكل رقم ٧-٨٣-٧-٨٢.

تفسير الغرض من دفنات الكلاب

يرى البعض ارتباط الكلب في بلاد الرافدين برموزٍ عدةٍ؛ إذ كان يرمز للشرِّ وللروح الشريرة.١٠٨ (وترى الدارسة أنَّ هذا رأي يصعُب قبوله؛ لأن الكلب أقربُ الحيوانات إلى الإنسان، سواء في العراق أو غيره من بلاد الشرق الأدنى، فكيف يكون ممثلًا للشر؟) وكذلك ارتبط بالشمس، وارتبط بالإلهة الأم.١٠٩
ولقد كانت الكلاب من بين الحيوانات التي قُدِّمت في معابد عصر بداية الأسرات، على موائد تقديم القرابين؛ إذ عُثر في معبد عشتار، بماري على بقايا عظميةٍ لكلابٍ، وذلك على واحدة من موائد تقديم القرابين بفناء المعبد، ولا شك أنها كانت تُقدَّم لإله المعبد، طلبًا لرضائه.١١٠

ومن الصعوبة وضعُ تفسيرٍ محددٍ للغرض من دفنات الكلاب التي عُثر عليها ببلاد الرافدين، وذلك لاختلاف وضع وطبيعة الدفنات ما بين منفصلةٍ ومصاحبةٍ لدفناتٍ آدميةٍ، ومزدوجةٍ تجمع بين نوعين من الحيوانات — هذا من ناحيةٍ — ومن ناحيةٍ أخرى فلم تكن دفنات الكلاب ببلاد الرافدين بمثل الكثرة والتعددية التي كانت عليها بمصر، ومن ثَم فنهاك العديد من الحلقات المفقودة التي يصعُب تتبُّع مدى أهمية الكلب عقائديًّا ودينيًّا لدى أهل بلاد الرافدين بدونها.

رابعًا: دفناتُ الحميرِ

كان الحمار من أكثرِ الحيوانات التي استُعملت في أعمال الجر والنقل في بلاد الرافدين، لا سيما خلال الألف الثالث ق.م.١١١ ولا ينفي ذلك معرفةَ الحمير قبل هذا الوقت؛ فقد عُثر على بقايا عظميةٍ لحمير بريةٍ بمنطقة كردستان وبالعديد من المواقع الأخرى، وتبيَّن بالدراسة أنَّ الحمار كان من أكثرِ الحيوانات التي تم صيدها.١١٢
ولقد كان موقع أم الدباغية١١٣ من أهم مواقع العصر الحجري الحديث الذي وضحت به أهمية الحمار؛ إذ كان من أكثرِ المواقع التي اعتمدت على صيد الحمار — لا سيما الحمار الوحشي — حيث بلغت نسبة العثور على بقاياه العظمية حوالي ٧٠٪ من طبيعة البقايا العظمية الحيوانية التي عُثر عليها بالموقع. ولربما كان الاهتمام بدفن الحمير في هذا الموقع، مرجِعه إلى أهميتها الاقتصادية لدى سكان هذا الموقع،١١٤ إذ عُثر فيه على دفناتٍ لحميرٍ، جاءت بقاياها العظمية في أكثرَ من دفنة، وكان من بينها دفنةٌ تُؤرَّخ بالألف السادس ق.م.، عُثر فيها على هيكلٍ عظميٍّ كاملٍ لحمارٍ بريٍّ.١١٥
وكان من الدفنات اللافتة للنظر، دفناتُ حمير تل براك، فقد عُثر في القطاع TC من الموقع، على دفنةٍ تُؤرَّخ بالنصف الثاني من الألف الثالث ق.م.، اشتملت على سبعٍ من الجثث الآدمية، واثنتين أو أكثر من الهياكل العظمية لحميرٍ كانت قد رقدت على حصيرٍ مجدولٍ في حفرة بالمقبرة، زُوِّدت الدفنة بأوانٍ فخاريةٍ غيرِ مكتملةٍ، ويبدو أنَّها كانت قد وُضِعت عمدًا بهذا الوضع؛ إذ كان مقدارُ ما عُثر عليه من كِسَر فخارية بالدفنة يدعو للدهشة.١١٦
ولقد لوحظ عدم وجود بعض الأرجل الخلفية للحمير في هذه الدفنة، وكانت الجماجم قد فُصلت عن الأجسام عمدًا على ما يبدو، وعُثر على واحدةٍ من هذه الجماجم كانت قد وُضِعت أسفل العمودِ الفقريِّ لأحد الحمير، بينما عُثر على جمجمةٍ أخرى كانت قد وجِّهت نحو العمودِ الفقريِّ للحمارِ الآخر.١١٧
هذا، ولقد عُثر بالقرب من أحدِ الأبنية بالموقع، على هيكلٍ عظميٍّ كاملٍ لحمارٍ، وُجِد إلى الجنوب من إحدى حجرات هذا البناء في منطقةٍ مفتوحةٍ، ولقد زُوِّدت الدفنة بالعديد من القدور الفخارية، وكانت في هذه المرة كاملةً أو شبه كاملةٍ.١١٨
وعُثر أيضًا بتل براك على دفنةٍ حيوانيةٍ أخرى، ولكن الغريب هنا أنها كانت دفنةً مزدوجةً اشتملت على حمارٍ كان قد دُفن معه كلبٌ، جاء الحمار بكامل هيكله العظمي الذي يُظهِر مدى ضخامته، وبالقرب منه عُثر على عددٍ صغيرٍ من العظام الحيوانية لحيواناتٍ أخرى «خنازير، مَعْز مستأنسة، طيور». هذا ولقد تبيَّن بالدراسة أنَّ هذه الدفنة إنما هي لحمارٍ يصل عمره إلى حوالي عشر سنوات، وأنه قد تُوفي في عنفوانه، وهو من الحميرِ المستأنسةِ، القويةِ البنيةِ.١١٩
تُؤرَّخ الدفنة بنهاية الألف الرابع، وبداية الألف الثالث ق.م.، وعن تفسير الغرض من هذه الدفنة فلا يُستبعد أن يكون لتلك الدفنة أغراضها الطقسية المرتبِطة بالصيد، لا سيما وأنَّ الحمار كان بالفعل له ارتباطه الطقسيُّ المتعلقُ بالصيد، ولا أدلَّ على ذلك مما جاء في تل الديباجية.١٢٠
هذا، ولقد عُثر في نفس الموقع على دفنةٍ أخرى لخمسة من الحمير جاءت هياكلها العظمية في أوضاعٍ متشابهة، الشكل رقم ٧-٨٤ - ٧-٨٦، وقد دُفنت تلك الحمير الخمسة في دفنةٍ واحدةٍ بالقرب من معبدٍ١٢١ صغيرٍ بالموقع، وكانت جماجم الحمير محطَّمةً للغاية، كان الحمار الأول راقدًا على جانبه الأيسر، رأسه إلى الجنوب الشرقي، وبالدراسة تبيَّن أنَّ عمره كان عند موته يبلغ حوالي عشرين عامًا، وأنَّه كان لأنثى حمارٍ. أمَّا الحمار الثاني فربما كان ابنًا للحمار الأول؛ إذ كان أصغر حجمًا، وعمره كان يتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنواتٍ، جاء أيضًا راقدًا على جانبه الأيسر، وأطرافه أسفل الجسم. أما الحمار الثالث فكان عمره حوالي خمس سنواتٍ، وكان راقدًا أيضًا على جانبه الأيسر في مواجهة الحمار الأول، رأسه إلى الشمال. هذا، ولقد تداخلت أطراف الحمير الثلاثة واختلطت معًا إلى حدٍّ ما.١٢٢ أمَّا الحمار الرابع فكان عمره عند موته حوالي عشرين عامًا — مثل الحمار الأول — ولكنه كان ذكرًا لا أنثى مثلَ الحمار الأول، وكان هذا الحمار راقدًا في منتصف مدخل الدفنة متجهًا نحو الشمال. أمَّا الحمار الخامس فهو الوحيد الذي وصلَنا بحالةٍ جيدةٍ من الحفظ، وكان راقدًا على جانبه الأيسر، أطرافه أسفل جسمه، العنق والرأس مرفوعان لأعلى، ومتجهًا إلى الشرق.١٢٣ هذا، ولم يُستطَع بعدُ معرفةُ كيفية قتل هذه الحمير، أو أسباب موتها، إلا أنه من الواضح أنَّ الحمير كانت من حيوانات الأضحية في ذلك الوقت، وأنه كان يُعتنى بدفنها، ولربما أنَّ تلك الدفنة كانت قد دُفنت فيها الحمير، وأُعِّدت وقُيِّدت باعتبارها حيوانات الركوب، التي سوف تُستخدم لجرِّ العربات المزدوجة العجلات التي جاءت منها نماذجُ صغيرة في مستويات هذا الموقع.١٢٤
ولقد عُثر في جبَّانة تل براك على مقبرة جمعت بين دفنات آدمية لبالغين اختلطت مع بقايا عظامٍ حيوانيةٍ، الشكل رقم ٧-٨٧.
وأمَّا عن تأريخ الدفنة، فقلد اختلفت الآراء بشأن ذلك؛ فهي تُؤرَّخ إما بنفس توقيت تأريخ الدفنة السابقة «للحمار والكلب» أو هي تُؤرَّخ بحدود ٢٢٠٠ق.م.، أي في فترةٍ لاحقةٍ لعصر بداية الأسرات، وإن كان الأرجح تأريخها بعصر بداية الأسرات.١٢٥
هذا، ولقد عُثر في تل مدهور١٢٦ على دفنةٍ اشتملت على حمارين، كانت الدفنة قد وصلتنا بحالةٍ جيدةٍ من الحفظ، زُوِّدت ببعض الأدوات والحِراب البرونزية. وتُعَد هذه الدفنة واحدةً من الدفنات الفرعية التي كانت ملحقة بمبنًى مغلقٍ بيضاويِّ الشكلِ، الذي ربما كانت له وظيفةٌ دينيةٌ.١٢٧
وفي تبَّة ياريم عُثر على دفنةٍ لحمارٍ، جاء هيكله العظميُّ محترقًا، وموضوعًا في حفرةٍ من الرماد، وربما كانت تلك الحفرة واحدةً مما عُرف باسم حُفَر النار١٢٨ التي عُثر عليها في العديد من المقابر.١٢٩ ولقد تبيَّن بالدراسة أنَّ عمر هذا الحمار كان عند موته يبلغ حوالي ٨-١٠ سنوات تقريبًا.
ولقد عُثر في منطقة أبو سلابيخ١٣٠ على دفنةٍ لحمارٍ، جاء هيكله العظمي كاملًا وواضحَ التفاصيل، إلا أنَّ الجمجمة كان قد وضح بها آثار التحطيم، وبدت إشارات التفحُّم والاحتراق على الهيكل العظمي، ويفترض الباحثون أنَّ هذا الاحتراق كان نتيجةً لتأثير حرارة الرماد الذي أُلقي على سطح الهيكل العظمي بعد الدفن، إلا أنَّ تكرار العثور على مثل تلك الدفنة المحترقة، قد يشير إلى طقسةٍ أو شعيرةٍ معينةٍ تتعلَّق بهذه الظاهرة؛ هذا بخلاف البقايا العظمية الحيوانية التي عُثر عليها في العديد من الحُفَر التي وُجِدت بالقرب من الكثير من مقابر ذلك الموقع، لا سيما في المنطقة E من الموقع،١٣١ الشكل رقم ٧-٩٠ - ٧-٩١.
وكان من أهم دفنات الحمير بالموقع، ما جاء في المقبرة رقم ١٦٢؛ إذ عُثر فيها على دفنة لحمارين، جاءت هياكلهما العظمية كاملةً، وكانا راقدَين إلى جوار بعضهما البعض بطول الجدار الشرقي من حجرة الدفن، وقد اتَّجهت رأساهما إلى الشمال. هذا، وقد عُثر على هيكلٍ عظميٍّ ثالثٍ لحمارٍ، كان راقدًا بطول الحائط الجنوبي لحجرة الدفن أيضًا، ولكنه كان على مستوًى أعلى وأكثرَ اقترابًا من السطح، ومن ثَم كانت حالة هيكله العظمي سيئةً للغاية.١٣٢
وفي الفناء الداخلي للمقبرة، عُثر على حفرة ضخمة منتظمة الشكل، تقع إلى الشرق من حجرة الدفن، عُثر فيها على دفنةٍ حيوانيةٍ، اشتملت على خمسة حميرٍ، اثنين منها كانا إلى الشمال، وآخرين كانا إلى الشرق، بينما عُثر على الخامس إلى الجنوب. بينما عُثر في منتصف المقبرة على دفنةٍ آدميةٍ زُوِّدت بالعديد من المتاع الجنائزي.١٣٣
هذا، وتُؤرَّخ تلك المقبرة ببداية عصر الأسرات، وذلك بناءً على ما جاءت به الأختام الدائرية التي عُثر عليها بالمقبرة والتي مكَّنتنا من تأريخ تلك المقبرة بالفترة EDIII «بداية عصر الأسرات الثالث».١٣٤
ويعتقد الباحثون أنَّ الدفنة المزدوجة التي عُثر عليها بالمقبرة رقم ١٦٢ والتي اشتملت على حمارين، كانت هي الدفنة الأساسية بالموقع، نظرًا للاعتناء بأسلوب وطريقة الدفن فيها، وللعثور على بقايا حصيرٍ مجدولٍ يغطي حفرةَ الدفن، ويغطي هيكلَي الحمارين.١٣٥
وفي منطقة نيبور عُثر على دفنةٍ لحمار، وذلك بالقطاع WF، جاء الحمار في وضعٍ يقترب من القرفصاء، وكان قد دُفن بالقرب من هيكلٍ عظميٍّ لآدميٍّ، ويُعتقد أنَّ تلك الدفنة تُؤرَّخ بعصر بداية الأسرات، إلا أنَّ هذا التأريخ لا يزال يحوطه بعض الشكِّ، لتعدُّد مقابر ذلك الموقع واختلاف تأريخها،١٣٦ فهل هي دفنةٌ لحمارٍ وصاحبه، أم هي دفنةٌ آدميةٌ قُدِّم فيها الحمار كأضحيةٍ حيوانيةٍ؟ إلا أنَّه أيًّا كان التفسير، فالمهم هنا هو الاهتمام الذي أُحيط به هذا الحيوان، والذي دعا إلى دفنه كما هو الحال مع الإنسان.
وفي المقبرة رقم PG/800 بجبَّانة أور، عُثر على بقايا عربةٍ كان يجرُّها حماران وُجِدت هياكلهما العظمية في حالةٍ سيئةٍ من الحفظ، وتبيَّن بدراستها وجودُ انحناءة إلى أعلى جهة اليمين، وأنه قد حدَث فصلٌ لاثنتين من السيقان، وكَسْر بمنتصف الساقين الأخريين، ولربما حدَث ذلك نتيجةً لالتواء الأجسام لأعلى وصعوبةِ المحافظة على استقامة السيقان مع هذا الالتواء.١٣٧
هذا، ولقد عُثر على كومةٍ من الرماد وبقايا الحصير والكِسَر الفخارية وبقايا عظامٍ حيوانيةٍ على سطح تلك الدفنة، ربما كنوعٍ من المتاع الجنائزي.١٣٨
وفي المقبرة رقم PG/1232 من نفس الجبَّانة، عُثر على اثنين من هياكل الحمير كانا يجرَّان عربةً أيضًا، كما في الشكل رقم ٧-٩٢، إلا أنَّ هياكلهما العظمية جاءت بحالةٍ سيئةٍ من الحفظ، وكانت إحدى الجماجم ترقد في مواجهة الأخرى بارتفاعٍ يزيد على مترٍ، مما يشير إلى أنَّ مستويات الدفن كانت مختلفة. ولقد عُثر في الركن الغربي من تلك الدفنة، على بقايا هياكلَ حيوانيةٍ أخرى متناثرةٍ، لثيرانٍ وماشيةٍ، وعُثر معها على بقايا حصيرٍ.١٣٩
وما كانت تلك الأضحيات الحيوانية إلا جزءًا من المتاع الجنائزي الخاص بالمقبرة الملكية، تمامًا كما كان عليه الحال في مصر في عصر الأسرة الأولى.١٤٠

تفسير الغرض من دفنات الحمير

لا ينفي استخدام الحمار في الحياة اليومية في بلاد الرافدين، أن يكون له دوره الطقسي والديني، بل على العكس؛ فالحمار باعتباره واحدًا من الحيوانات التي كان يُعتمد عليها في حمل الأوزان الثقيلة، والتخفيف على الإنسان في ذلك، كان له بمرور الوقت مكانته ورمزيته العقائدية لدى أهل بلاد الرافدين، وثبَت ذلك من خلالِ ما عُثر عليه من دفناتٍ خاصةٍ بالحمير.١٤١
هذا، ولقد كانت الحمير من حيوانات الأضحية التي كان لها رمزيتها الدينية، فهي رمزٌ للصلابة والتحمُّل والخصوبة، وهي من حيوانات الجرِّ التي لا بدَّ وأن تُزوَّد بها الدفنة — لا سيما الملكية — إذ ستقوم بجرِّ العربات الحربية.١٤٢ ومن ثَم كان الاعتناء بها ودفنها برفقة صاحب المقبرة، كنوعٍ من المتاع الجنائزي،١٤٣ كما في الشكل رقم ٧-٨٦.

خامسًا: دفنات لحيوانات أخرى

كان للحيوان — بوجهٍ عامٍّ– دوره العقائدي لدى أهل بلاد الرافدين منذ العصر الحجري القديم، إذ عُثر من بين ما عُثر عليه بكهف شانيدار، على دفنةٍ آدميةٍ لرجلٍ أُحيط هيكله العظمي بأكوامٍ حجريةٍ، وبقايا عظامٍ حيوانيةٍ، ربما كقربان، ولا شكَّ أنَّ هذا نوعٌ من الطقوس الدالة على الشعور الديني لإنسان ذلك العصر.١٤٤
وفي العصر الحجري الوسيط، تطوَّرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية، برسوخِ معرفة الزراعة واستؤنس الحيوان، فظهرت العديد من الأفكار والمعتقَدات المتعلِّقة بالخصب والنَّماء، وتوجَّه الإنسان إلى العناية بالحيوان أكثرَ وأكثر.١٤٥ ولقد وضح ذلك الاهتمام بالحيوان في موقع كريم شاهير،١٤٦ إذ عُثر على الكثير من البقايا العظمية لحيواناتٍ مختلفة، بخلاف العثور على دفناتٍ مختلطةٍ، اشتملت على جماجمَ بشريةٍ وعظامٍ حيوانيةٍ لحيواناتٍ ضخمةٍ وقلائدَ حجريةٍ، وذلك في أحد منازل ذلك العصر بالموقع، مما يشير إلى ارتباط هذا المنزل بوظيفةٍ دينيةٍ، وربما كان سكان هذا الموقع قد استخدموه لإتمام بعض الطقوس الدينية المرتبطة بعالمِ ما بعد الحياة.١٤٧
وفي منطقة تل جاورا عُثر على مقبرةٍ آدميةٍ، زُوِّدت بالقدور الفخارية، وعُثر فيها على الكثير من الأسنان الحيوانية،١٤٨ ربما كانت رموزًا مقدَّسة.
ولقد عُثر في أساس المعبد الأبيض، على عظام الأطراف الأمامية لفهدٍ واثنين من الأسود الصغيرة، ولربما كانت تلك البقايا العظمية بمثابة جزءٍ يعبِّر عن كلٍّ؛ أي إنَّ الاكتفاء بتلك الأجزاء الحيوانية، يعبِّر عن الحيوان بالكامل، ولربما قُدِّمت تلك الأجزاء الحيوانية كقربانٍ للإلهة إنانا التي ارتبطت في طورها المدمِّر بالحيوانات المفترِسة.١٤٩
هذا بخلاف ارتباط الحيوانات المفترِسة، ومنها الأسد والفهد، بالإله «شاكان»، إلهِ العالم الآخر.١٥٠
وعُثر في تل أبو سلابيخ على الكثير من البقايا العظمية الحيوانية، التي جاءت في مجموعاتٍ ضخمةٍ، مختلطةً مع الكثير من العظام الآدمية، وتبيَّن بدراسة تلك البقايا العظمية الحيوانية، أنها كانت لحيواناتٍ عدةٍ، منها الكلب، والحمار، والخنزير، والغزال، والوعل، والماشية، والأسد، بخلاف بقايا من عظام الأسماك والطيور.١٥١
واللافت للنظر هنا هو العثور على عظام الخنزير بجميع مستويات هذا التل الأثري، وتبيَّن بدراستها أنها بقايا عظميةٌ لخنازيرَ قُتلت دون سنِّ الثلاث سنوات.١٥٢ وربما كانت قد قُتلت لتُقدَّم كأضاحٍ حيوانيةٍ، لا سيما وأنَّ الخنزير لم يكن محرَّمًا لدى أهل بلاد الرافدين لأسبابٍ دينيةٍ كما هو الآن مثلًا.١٥٣

الأسماك

عُثر على الكثير من بقايا الأسماك في دفنات منطقة خفاجة، التي ربما أشارت إلى نوعٍ من القربان الجنائزي.١٥٤ ولقد كانت تقدمةُ الأسماك معروفةً في بلاد النهرين في الفترات المبكرة، واستمرَّت في مختلف الفترات، وساعد على كثرة تواجدها هناك نهرا دجلة والفرات، وأخذت الأسماك دورها، سواء في النواحي الجنائزية كتقدمةٍ، أو في النواحي الفنية المختلفة.١٥٥
وعُثر على بقايا عظام الأسماك بكمياتٍ كبيرة في العديد من المعابد السومرية، وجاءت أحيانًا مختلطةً ببقايا عظميةٍ لحيواناتٍ صغيرةٍ.١٥٦
ففي أحدِ المعابد التي تُؤرَّخ بفترة العبيد بأريدو، عُثر على حجرةٍ بالقرب من المدخل، اشتملت على أكوامٍ من عظام الأسماك، وعلى بقايا رمادٍ، وربما يشير ذلك إلى نوعٍ من تقدمةِ الأسماك المعروفة بالعراق؛ فلقد تكرَّر العثور على مثل ذلك في أوروك؛ إذ عُثر على كمياتٍ كبيرةٍ من عظام الأسماك، جاءت مكدَّسةً ومُحاطة بسياجٍ أو سورٍ.١٥٧
ونظرًا لقرب أريدو وأوروك من أماكن المياه فقد كانت الأسماك تُقدَّم دائمًا للآلهة كقربانٍ جنائزيٍّ.١٥٨ وهو تقليدٌ دينيٌّ مبكرٌ عُرف في العديد من معابد تلك الفترة،١٥٩ واستمرَّ طَوال المراحل التاريخية الأخرى، وارتبط بعبادة المعبود إنكي، إله الماء العذب، والمعبود الخاص بمدينة أريدو في العصر التاريخي.١٦٠
١  رشيد الناضوري، «المدخل في التحليل الموضوعي المقارن للتاريخ الحضاري والسياسي في جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا»، بيروت ١٩٦٩م، ص١٠٤.
٢  فاضل عبد الواحد، عامر سليمان؛ «عادات وتقاليد الشعوب القديمة»، بغداد، ١٩٧٩م، ص٨-٩. طه باقر، «تاريخ العراق القديم»، ج١، بغداد، ١٩٨٠م، ص٢٣. عيد مرعي، «تاريخ بلاد الرافدين منذ أقدم العصور حتى عام ٥٣٩ق.م»، دمشق ١٩٩٠م، ص١٣.
٣  طه باقر، «مقدِّمة في تاريخ الحضارات القديمة»، القسم الأول – تاريخ العراق، بغداد ١٩٥٥م، ص٣٦. عبد الجليل جواد، «متى وكيف ظهر الإنسان العاقل»، سومر، المجلد ٢٨، ج١-٢، ١٩٦٩م، ص٢٦١. أحمد سعيد، «نشأة الديانة ما بين التَّرحال والاستقرار»، ص١٢٨.
٤  اهتدى الإنسان في هذا العصر إلى الزراعة واستئناس الحيوان، وتبلورت فيه الاستقلالية الحضارية لكل المجتمعات الزراعية العراقية، وكما قضت العادة فإننا نسمي حضارات هذا العصر نسبةً إلى المواقع النموذجية التي مثَّلتها والتي ازدهرت على امتداد الألفين السادس والخامس ق.م.؛ إذ بدأ في مطلع الألف الخامس ما يُعرف بالعصر الحجري النحاسي الذي استمرَّ حتى منتصف الألف الرابع ق.م: فاضل عبد الواحد، مرجع سابق، ص١١. سلطان محيسن، «المزارعون الأوائل»، ص٩٣، ١٠٢–١٠٣.
٥  رشيد الناضوري، مرجع سابق، ص٣٢-٣٣، ٤٢.
٦  امتدَّت تلك المرحلة الزمنية من ٣٦٠٠: ٣١٠٠ق.م.، وعُرفت باسم فجر التاريخ في بلاد الرافدين، ومع الألف الرابع ق.م. كان ظهور الكتابة وبدء العصور التاريخية، فيما يُعرف بالعصر الشبيه بالكتابي، وقد حُدِّدت تلك الفترة ما بين ٣٥٠٠: ٢٨٠٠ق.م. ثم يأتي عصر فجر السلالات (٣٠٠٠: ٢٣٧٠ق.م) ± (٣٢٠٠-٢٢٧٠ق.م.) الذي يُعرف أيضًا ببداية عصر الأسرات أو السلالات في بلاد الرافدين.
٧  طه باقر، مرجع سابق، ص٨٨. محمد عبد القادر محمد، «العلاقات المصرية العربية في العصور القديمة»، مصادر ودراسات – مستخرج من دورية كلية الآداب، العدد الأول، مايو ١٩٧٩م، ص١٥. فاضل عبد الواحد، مرجع سابق، ص١٣–١٤. أحمد سوسة، «تاريخ حضارة وادي الرافدين في ضوء مشاريع الري الزراعية والمكتشفات الآثارية والمصادر التاريخية»، ج١، بغداد، ١٩٨٣م، ص١٦٧، ١٨٣. أحمد اراحيم هبو، «تاريخ الشرق القديم (١)، سوريا»، صنعاء ١٩٩٣م، ص٨٠، ٤١.
«كانت بلاد الرافدين تتعرَّض بصفة خاصة في الجنوب إلى زوابعَ تثير عدم الاستقرار البيئي، هذا بخلاف تقدُّم مياه الخليج العربي نحو الشمال، مما يهدِّد أمنَ وحياةَ الإنسان القاطن في القرى الأولى الناشئة على ضفاف المجاري المائية، وقد أثَّر كلُّ ذلك في نوعية الفكر الديني العراقي القديم».
٨  رشيد الناضوري، مرجع سابق، ص٤٦–٤٧.
٩  Lambert, W. G., “The theology of death” in: Alster, B., (edit.) Mesopotamia 8, Copenhagen, 1980, p. 53 .
١٠  Skaist, A., “The ancestor cult and succession in Mesopotamia” in: Alster, B, Op. Cit., p. 123, Horwitz, V. A., The Mesopotamian god image, from womb to tomb” in: JAOS, vol. 123, 2003, pp. 147–157 .
١١  Jacobsen, T., “Death in the Mesopotamia, abstract” in: Alster, B., Op. Cit., p. 19 .
١٢  Scurlock, J., “Animal sacrifice in ancient Mesopotamian religion” in: A history of the animal world in the ancient near east, ed. B. K. Collins, Leiden 2002, p. 389 .
شغَلت بلاد الرافدين منطقةً هامة كانت بمثابة الجسر الأرضي الذي يربط ما بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، ولا شكَّ أنَّ هذا جعل نوعًا من التأثير والتأثُّر بينها وبين جيرانها، فكانت بذلك مسرحًا هامًّا لأحداث التاريخ القديم: Postage, J. N., Early Mesopotamia, New York, 1994, p .3; Shaw, I., Dictionary of archaeology, p. 395; Rice, M., Egypt’s making, p. 37.
١٣  «شغَلت بلاد الرافدين منطقة هامة كانت بمثابة الجسر الأرضي الذي يربط ما بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، ولا شكَّ أنَّ هذا جعل هناك نوعًا من التأثير والتأثُّر بينها وبين جيرانها، فكانت بذلك مسرحًا هامًّا لأحداث التاريخ القديم»: Postage, J. N., Early Mesopotamia, New York, 1994, p. 3; Shaw, I., Dictionary of archaeology, p. 395; Rice, M., Egypt’s making, p. 37.
طه باقر، «تاريخ العراق القديم»، ص٢٣. عيد مرعي، مرجع سابق، ص١٣.
١٤  Chadwick, R., First civilizations, ancient Mesopotamia and ancient Egypt, Canada, 1996, p. 1 .
١٥  Greaves, R. L., Civilizations of world, New York, 1990, p. 15 .
١٦  سلطان محيسن، «عصور ما قبل التاريخ»، ص٣١٠، ٣١٣. تغريد جعفر الهاشمي، حسن حسين عكلا، «الإنسان تجليات الأزمنة»، ص١١٠-١١٣.
١٧  تل العرباجية: يقع هذا التل شمال العراق، على مساحة أقل من أربعة أميال، يطل على نهر دجلة ومدينة نينوى، وبه عُثر على جبَّانة تُؤرَّخ بفترة العبيد.
١٨  Curtis, T., “Arpachiyahin fifty years of Mesopotamian Discovery,” London, 1982, p. 34 .
١٩  Mallowan, M. E. L., “Rediscovered skullsfrom Arpachiyah” in: Iraq, vol. 31, 1969, p. 56 .
«وعن الماشية واستخداماتها في الحياة اليومية في بلاد الرافدين» انظر: سليم طه التكريتي، «الحياة اليومية في بلاد بابل وأشور»، بغداد، ١٩٨٦م، ص١٠٧.
٢٠  Mallowan, M. E. L., “Excavations at Tell Arpachiyah in: Iraq, vol. 2, 1933, pp. 35, 41 .
٢١  Ibid., p. 41 .
٢٢  Perkins, A. L., The comparative archaeology of early Mesopotamia, Chicago, 1977, pp. 41, 72 .
٢٣  كانت حضارة حلف أول حضارة متجانسة عاشت حوالي ألف سنة، من منتصف الألف السادس ق.م. إلى منتصف الألف الخامس ق.م.، وغطَّت شمال شرق بلاد الرافدين، وامتدَّت تأثيراتها حتى البحر المتوسط: Shaw, I., Op. Cit., p. 222.
«وضَح الدور الطقسي للثيران أيضًا فيما جاء من تماثيل صغيرة لها، عُثر عليها في العديد من المعابد، مما يشير إلى نوعٍ من التقديس لقوةٍ ما تجسَّدت في هيئة الثور في تلك الفترة المبكِّرة، فقُدِّمت لها تماثيل في هيئة الحيوان المقدَّس، وتكرَّر العثور على مثل تلك التماثيل في معابد أور، وأريدو، والوركاء. ولقد عُرفت في بلاد الرافدين في العصور التاريخية آلهةٌ ارتبطت بالثور، وهي آلهة عُرفت بفحولتها وقوَّتها، مثل «إنكي» إله الماء، و«داموزي» إله الخصوبة، و«آداد» إله الريح، و«آن» إله السماء، و«سين» إله القمر».
Schmandt-Bessarat, D., “Animals symbols atc Aainghazal” in: Expedition, vol. 39, 1997, p. 213, Demarest, A. A., “Archaeology of religion” in: Enc., of Rel., vol. 1 1987, p. 376.
٢٤  Borowski, 5., Every living thing, daily use of animals, p. 76 .
٢٥  الوركاء: هي تلٌّ أثري يتوسط ما بين بغداد والبصرة في جنوب العراق: Shaw, I., Op. Cit., p. 36.
٢٦  Mallowan, M. E. L., Early Mesopotamia and Iran, London, 1965, pp. 64, 48 .
٢٧  Lloyd, S., The archaeology of Mesopotamia, New York, 1984, p. 81 .
٢٨  تبَّة ياريم: من مواقع شمال العراق التي وضحت بها سِمات الحضارة الحلفية.
٢٩  Merpert, N., and Munchaev, R. M., “The earliest levels at Yarim Tepe I and YarimTepe II in northern Iraq” in: Iraq, vol. 49, 1987, pp. 8-9, 27 .
«يثبت الدور العقائدي للماشية — لا سيما قرون الأبقار وجماجمها — من خلال انتشار استخدامها كرموز عقائدية في زخرفة الفخار الحلفي، كما يتأكد الدور الجنائزي لتلك الحيوانات من خلالِ ما عُثر عليه من تمائم حيوانية صغيرة، لحيوانات مختلفة برية ومستأنسة، كانت قد أُلحِقت بتلك الدفنات الآدمية».
Campbell, S., “The Halef period in Iraq; old sites and new” in: B. A., vol. 55, 1992, pp. 184, 182.
٣٠  المعبد الأبيض: هو معبدٌ كُرِّس للإلهة إنانا في أوروك.
٣١  Perkins, A. L., Op. Cit., p. 144 .
٣٢  يُعرف عصرُ ما قبل وبداية الأسرات في بلاد الرافدين، بالفترة المبكِّرة من التاريخ السومري، ويقسِّمه الباحثون إلى ثلاث مراحل، كل مرحلة تقريبًا تقدَّر بحوالي مائتي عام، من حوالي ٢٨٠٠-٢٥٥٠ق.م. تقريبًا، وفي هذا العصر ظهرت على مسرح الأحداث أسرة أو سلالة أور الأولى: Chadwick, R., Op. Cit., p. 45; Shaw, I., Op. Cit., p. 209; Robert W. Ehrich, chronologies in old world archaeology London, 1965, p. 14; Black, T., and green, A., Gods, demons and symbols of ancient Mesopotamia, London, 1992, p. 21.
طه باقر، «تاريخ العراق القديم»، ص١٠٣–١٠٨.
٣٣  Scurlock, T., “Animals in ancient Mesopotamian religion” in: Collins, B. J., (edit.) A history of animal world in ancient near east, Leiden, 2002, pp. 361, 366 .
٣٤  Scurlock, J. “Animal sacrifice in ancient Mesopotamian religion” in: Collins, B. J., Op. Cit., p. 389 .
٣٥  تقع أور في منتصف الطريق الذي يربط ما بين بغداد ورأس الخليج العربي، على بُعد حوالي ١٠ أميال غرب نهر الفرات، وحوالي ١٦كم جنوب الناصرية، واسمها الحالي تل المقير: محمد كمال صدقي، «معجم المصطلحات الأثرية»، جامعة الملك سعود، كلية الآداب ١٩٨٨م، ص٢٨٤.
٣٦  Woolly, l., UR of the Chaldees, London, 1954, p. 11 .
٣٧  حُفَر الموت: هي ترجمةٌ حرفية لمصطلح death-pit وهي حُفَر وُجِدت بكثرة في أور، حول المقابر الملكية، كانت قد خُصِّصت لدفن أجزاءٍ حيوانية لا سيما جماجم الثيران أو الأبقار، كنوع من النذور أو الأضاحي الحيوانية.
٣٨  Woodley, C. L., UR excavations, vol. 2, London, 1934, pp. 46, 48 .
٣٩  Ibid., p. 49 .
«يلاحظ من خلال تلك الدفنات، استمرار الاهتمام بدفن جماجم الثيران، في بلاد الرافدين، كما كان عليه الحال في مصر، وفي بلاد الشام، مما يشير إلى وجود عقيدة واحدة، أبرزت فكرةَ تقديس الثيران».
٤٠  Woodley, C. L., UR excavations, vol. 2, p. 104 .
٤١  Lloyd, S., The archaeology of Mesopotamia, London, 1978, p. 101; Child, V. G., New light on the most near east, London, 1952, p. 152 .
٤٢  تُؤرَّخ جبَّانة أور الملكية بالنصف الثاني من عصر بداية الأسرات، وعُرفت باسم الجبَّانة الملكية، وهي تحتوي على ما يزيد عن ٢٥٠٠ مقبرة، وكانت أهم دفنات الجبَّانة، تلك الدفنات التي تُؤرَّخ ببداية عصر أسرة أور الثالثة، ولقد استُخدمت هذه الجبَّانة لفترة طويلة مما جعل هناك صعوبةً في تحديد تأريخ العديد من المقابر بتلك الجبَّانة.
٤٣  أحمد سوسة، مرجع سابق، ص٤٠٠.
٤٤  Mallowan, M. E. L., “The early dynastic period in Mesopotamia” in: C. A. H., vol. 1, part. 2, 1971, p. 284; Redman, C. L., Op. Cit., p. 296 .
٤٥  Redman, C. L., Op. Cit., p. 296 .
«يهمل رأي Moortgat حقيقةً واضحةً جدًّا، وهي أنَّ الأضرحة الملكية كانت في معظمها أضرحةً منفردة، تضمُّ في داخلها إمَّا ملكًا أو ملكة دون وجود علاقة بينهما».
٤٦  تتوسَّط كيش في موقعها ما بين نهري دجلة والفرات، وهي تقع إلى الجنوب الغربي من جمدة نصر، وكانت من أهم المدن السومرية، وكانت تُعرف بتل الأحيمر (عبد العزيز صالح، «الشرق الأدنى القديم»، ج١ – العراق، القاهرة ١٩٨٤م، ص٤٠١، ص٥٦٧).
٤٧  Child, V. G., Op. Cit., p. 146 ؛ نائل حنون، «عقائد ما بعد الموت في حضارة بلاد الرافدين القديمة»، بغداد، ١٩٨٦م، ص١١٤.
٤٨  تل أبو سلابيخ: يُنسب لمدينة أبو سلابيخ التي تُؤرَّخ بالألف الثالث ق.م.، تقع بالقرب من نيبور، إلى الشمال الغربي منها بنحو ٢٠كم.
٤٩  Clutton-Brock, J., and Burleigh, R., “The animal remains from Abu Salabikh: preliminary report” in: Iraq: vol. 40, 1978, p. 97 .
٥٠  Cooper, J. C., 1978, p. 26 .
٥١  Mallowan, M. E. L., Twenty-five years of Mesopotamia discovery, the British school of Archaeology in Iraq, 1956, p. 5 .
٥٢  Scurlock, T., “Animals in ancient Mesopotamian religion,” p. 387 .
٥٣  نائل حنون، مرجع سابق، ص١١٤.
«عُثر في معبد خفاجة على دلائل تقديس البقرة، ربما كإشارة إلى المعبودة عشتار، وذلك من خلالِ ما عُثر عليه هناك من تمثال من الذهب لها، ولربما كان هناك علاقةٌ تربط ما بين هذا المعبد، وبين الجبَّانة الملكية بأور.»
Mallowan, M. E. L., The early dynastic period in Mesopotamia, p. 252.
٥٤  Clutton-Brock, J., “The early history of domesticated animals in Western Asia” in: Summer, vol. 36, 1980, p. 39 .
٥٥  سالم الألوسي، «نظرة أخرى عن أقدم أصدقاء الإنسان من الحيوانات»، سومر، الجزء ١، ٢، المجلد السادس عشر، ١٩٦٠م، ص١١٢.
Reed, C. A., “Astrological evidences for prehistoric domestication in southern Asia” in Z. S. T. Z. Z. B., Band 76, heft. 1, New Haven, 1961, pp. 34-35.
٥٦  يقع كهف زاوي شيمي شانيدار على نهر الزاب العظيم شمال العراق، يبعُد حوالي ٤كم أسفل كهف شانيدار على المدرجات النهرية، ويُؤرَّخ هذا الكهف بحوالي ٨٩٢٠ ± ٣٠٠ق.م. عند البعض، وبحوالي ١٠٨٧٠ ± ٣٠٠ق.م. عند البعض الآخر: Mellaart, J., “The earliest settlements in western Asia” in C. A. H, vol, 1-2, p. 4; Redman, C. L., Op. Cit., p. 133.
٥٧  Solecki, R. L., “Predatory bird rituals at Zawi Chemi Shanidar” in: Summer, vol. 33, 1977, pp. 42, 44; Charvàt, P., Mesopotamia before history, London 2002, pp. 4–6 .
٥٨  Solecki, R. L., Op. Cit., p. 44 .
٥٩  Black, G. B., and Green, A., Gods, demons and symbols of Ancient Mesopotamia, London, 1992, p. 23 .
٦٠  جاك كوفان، «ديانات العصر الحجري الحديث في بلاد الشام»، ص٧٦.
٦١  Scurlock, J., “Animal sacrifice in Ancient Mesopotamian religion,” p. 397 .
٦٢  Reed, C. A., and New Haven, Op. Cit., p. 35 .
«تذكِّرنا هذه الدفنة بما كان قد عُثر عليه في تليلات الغسول ببلاد الشام، من عادة ذبح صغار المَعْز، وتقديمها كأضحيات حيوانية، وذلك رغم اختلاف التأريخ الزمني لكلا الموقعين، وتذكِّرنا أيضًا بما عُثر عليه بهيراكونبوليس؛ إذ كان يُفضَّل ذبحُ صغار المَعْز وتقديمها كأضحيات حيوانية تقربًا للإلهة الصقر حورس، إله المدينة».
٦٣  Rahmani, Y., “Ancient Jerusalem’s funerary customs and tombs”: in: B. A., vol. 44, 1981, pp. 172-173; Strika, F. I., “Prehistoric roots: continuity in the images and rituals of the great goddess cult in the Near east” in: RSO, vol. 52, 1983, pp. 4, 8 .
٦٤  يؤكِّد ما قيل بشأن ارتباط النسر بالإلهة الأم، ما عُثر عليه في شاتال هويوك، من تصوير جداري يصوِّر نسورًا تهاجم جثثًا آدمية بدون رءوس، وأسفل المنظر عُثر على جماجم بشرية وسلال، وجماجم ثيران، ودفع ذلك للاعتقاد في طورِ الموت، أحدِ أطوار الإلهة الأم.
٦٥  Solecki, R. L., Predatory bird rituals, pp. 44-45 .
٦٦  Waida, M., “Birds” in: Enc., of Rel., vol. 2, New York, 1987, p. 224; Cooper, J. C., An illustrated encyclopedia of the traditional symbols, London, 1978, p. 20 .
٦٧  Strika, F. I., Op. Cit., p. 8 .
٦٨  Maisels, S. K., The Emergence of civilization from hunting and gathering to agriculture cities, London, 1990, p. 94; Ronnie, J., “Zawi Chemi Shanidar” in: Iraq, 1996; Charvàt, P., Mesopotamia before history, London, 2002, pp. 6-7 .
٦٩  يقع كهف شانيدار شمال العراق، ويبعُد عن جبال زاجروس بنحو ٨٢٢م، وهو من أكبرِ الكهوف التي اكتُشفت شمال العراق.
٧٠  Trinkous, E., “An Inventory of the Neanderthal remains from Shanidar cave norther Iraq: in: Summer, vol. 33, 1977, pp. 9–32; Verner, J. L.,” les fragments ligneux wurmiens de la grette de Shanidar (Iraq) in: paléorient vol. 7/1, 1981, p. 141 .
٧١  Charvàt, P., Op. Cit., pp. 4–6 .
٧٢  Hole. F., “A reassment of the Neolithic revolution” in: paléorient, 10/2, 1984, p. 54 .
سالم الآلوسي، مرجع سابق، ص١١٢-١١٣.
٧٣  Frankfort, H., and Davies, L., “The last predynastic period Babylonia” in: C. A. H., vol. 1, part 2, 1971, p. 91 .
٧٤  Woolley, C. L., UR excavations, vol. 2, p. 104 .
٧٥  Ibid., p. 133 .
٧٦  Woolley, C. L., UR of the Chaldees, Great Britain, 1982, p. 256 .
٧٧  Roaf, M., “Doubts about the two-lobed Burial and the survival of early dynasticto Akkadian transitional building levels in Area WF at Nipper” in: Iraq, vol. 63, 2001, pp. 55-56 .
٧٨  Clutton-Brock, T., and Bleigh, R., Op. Cit., p. 96 .
٧٩  نائل حنون، «عقائد ما بعد الموت في حضارة بلاد الرافدين القديمة»، بغداد ١٩٨٦م، ص٢٧٥.
٨٠  Scurlock, J., Animal sacrifice, p. 397 .
٨١  Ibid., p. 403 .
٨٢  سيتون لويد، «آثار بلاد الرافدين من العصر الحجري القديم حتى الاحتلال الفارسي»، ترجمة سعيد الأحمد، بيروت ١٩٨٠م، ص٤٧-٤٨.
٨٣  Bokonyi., S., History of domestic mammals in central and eastern Europe, Budapest, 1988, pp. 316-317 .
٨٤  Clutton-Brock, J., Domesticated: from early times, London, 1981, p. 42; Bokonyi, S., Op. Cit., p. 317; Clark, T., “The dogs of the ancient near east”: in: Brewer, D., and Clark, T., Dogs in Antiquity, p. 49 .
٨٥  Bray, W., The penguin dictionary of archaeology, Great Britain, 1970, pp. 74-75 .
٨٦  تقع جبَّانة العبيد بقرية العبيد، التي تقع على بُعد ٨٫٥كم غرب أور، جنوب بلاد الرافدين: Lloyd, S., The archaeology of Mesopotamia, London, 1978, p. 37.
٨٧  Safar, F., Eridu, Baghdad, 1981, p. 121 .
٨٨  Ibid., p. 121 .
٨٩  تقع خفاجة بإقليم ديالا شرق بغداد: Lloyd, S., Op. Cit., p. 40.
٩٠  Delougaz, P., Private houses and graves in the Diyala region, Chicago, 1967, pp. 86, 114 .
٩١  ليوا وينهايم، «بلاد ما بين النهرين»، مترجِم، بغداد، ١٩٨١م، ص٥٨–٥٩.
٩٢  Reed, C. A., The pattern of animals domestication in the prehistoric near, London, 1970, p. 9; The concise encyclopedia of archaeology, London, 1960, p. 159 .
٩٣  Charvàt, P., Op. Cit., p. 179 .
٩٤  تقع أريدو على بُعد حوالي ١٩كم جنوب غرب أور، وعلى مسافة حوالي ٢٤٠كم من الخليج العربي، وتُعرف حاليًّا باسم «أبو شهرين» ولقد كانت أريدو مركزًا دينيًّا عظيمًا ومدينة هامة ببلاد الرافدين.
٩٥  Lloyd, S., making, p. 291; Op. Cit p. 39 Clark, T., The dogs of the ancient near, p. 53; Rice; Egypts Making, p. 291; Lloyed, Op. Cit., p. 39 .
٩٦  Mallowan, M. E. L., “The development of cities from Al-cUBaid to the end of Uruk 5” in: C. A. H., vol. 1, part 1, 1970, p. 347 .
٩٧  Lloyd, S., Op. Cit., p. 46 .
٩٨  سيتون لويد، «آثار بلاد الرافدين من العصر الحجري القديم حتى الاحتلال الفارسي»، ترجمة سامي سعيد الأحمر، بيروت، ١٩٨٠م، ص٥١.
٩٩  سيتون لويد، مرجع سابق، ص٤٩.
١٠٠  Lloyd, S., Op. Cit., p. 47 .
١٠١  تقع تبَّة جاورا على بُعد حوالي ١٥ ميلًا شمال شرق الموصل.
١٠٢  Clark, T., Op. Cit., p. 53 .
١٠٣  Delougaz, P., Op. Cit., p. 79 .
١٠٤  تل براك: من المواقع التي تتوسَّط الحدود ما بين سوريا وبلاد الرافدين، ويُعَد من أكبر المواقع القديمة بين البلدين: Mallowan, M. E. L., The development of cities, p. 408.
١٠٥  Clark, T., Op. Cit., p. 52 .
١٠٦  Clutton-Brock, J., “A dog and a donkey excavated at Tell Brak” in: Iraq, vol. 51, 1989, p. 217 .
١٠٧  Strika, P., Prehistoric roots, p. 13 .
١٠٨  Cooper, J. C., An illustrated encyclopedia of traditional symbols, p. 53 .
«كانت الكلاب من بين الحيوانات التي قُدِّمت في معابد عصر بداية الأسرات، على موائد تقديم القرابين؛ إذ عُثر في معبد عشتار، بماري على بقايا عظميةٍ لكلاب، وذلك على واحدة من موائد تقديم القرابين بفناء المعبد، ولا شكَّ أنها كانت تُقدَّم لإله المعبد، طلبًا لرضائه».
١٠٩  Cooper, J. C., Op. Cit., p. 53 .
١١٠  Mallowan, M. E. L., The early dynastic period in Mesopotamia, p. 293 .
١١١  سليم طه التكريتي، «الحياة اليومية في بلاد بابل وأشور»، بغداد، ١٩٨٦م، ص١٠٢-١٠٣.
١١٢  Lloyd, S., Op. Cit., p 24 .
١١٣  تقع أم الدباغية بمنتصف نهر الفرات في التخوم الصحراوية لسفوح جبل سنجار، ولا تبعُد كثيرًا عن نهر الخابور شمال العراق، وهي من أهم قرى العصر الحجري الحديث بالعراق، وتُعَد أيضًا مركزًا دينيًّا هامًّا. ولقد وضحت أهميةُ الحمير في هذا الموقع من خلال ما جاء بالعديد من الرسوم الجدارية التي عُثر عليها بالموقع، والتي توضح الدورَ الطقسي للحمير، وارتباطاتها الشعائرية المتعلقة بالصيد، لا سيما وأنه قد ثبَت بالفعل أنَّ سكان الدباغية كانوا بالفعل قد عاشوا على صيد الحيوانات البرية، وكان على رأسها الحمار الوحشي: Strika, P., Op. Cit., pp. 4, 11, 13; Huot, T., “The first farmers at Oueli” in: B. A, vol. 55, 1992, p. 189; Kirkbride, D., “Preliminary reports on Umm-Dabaghiyah” in: Iraq, vol. 34, 1972, pp. 3–15.
١١٤  Kirkbride, D., “Umm-Dabaghiyah” in: Lloyd, S., Fifty years Mesopotamian, London, 1982, pp. 14–19, 21 .
١١٥  Clutton-Brock, J. and Burleigh, R., The animal remains from Abu Salbikh, p. 92 .
١١٦  McDonald, H., and Emberling, G., “Excavation at Tell Brak 2001-2002: preliminary report” in: Iraq, vol. 65, 2003, pp. 48-49 .
١١٧  McDonald, H., and Emberling, G., Op. Cit., p. 49 .
«اعتُبرت الحمير من حيوانات الركوب الهامة التي ساعدت على تضييق فجوة اتساع المجال الأرضي بين الأماكن الأرضية المفتوحة، وذلك منذ عصر بداية الأسرات، لا سيما الألف الثالث ق.م.، ولقد عُثر في تل أسمر على كثيرٍ من البقايا العظمية لحمير، وعلى بعض الآثار الأخرى التي تبيَّن من خلالها أنَّ الحمير كانت تُستخدم لجرِّ العربات الحربية آنذاك».
Frankfort, H., and Davis, L., Op. Cit., p. 91.
١١٨  McDonald, H., Op. Cit., p. 51 .
١١٩  Clutton-Brock, J., A dog and a donkey, p. 217 .
١٢٠  Strika, P., Op. Cit., p. 13 .
سلطان محيسن، «عصور ما قبل التاريخ»، ص٢٩٩.
«ثبَت وجودُ الحمير واستئناسها ليس فقط من خلالِ ما عُثر عليه من بقاياها العظمية أو دفناتها، وإنما أيضًا من خلال نماذج من الفخَّار لعجلاتٍ تجرُّها حمير، عُثر عليها في أوروك جنوب العراق تُؤرَّخ ﺑ ٣٢٠٠-٣١٠٠ق.م».
Anthony, D., Man and animals, Living, working and changing together, 1984, p. 20; Bray, W., The penguin dictionary of archaeology, p. 24.
١٢١  كان هذا المعبد قد كُرِّس لعبادة الإله شاكال، الذي كان له ارتباطه ورمزيته أو صِلته بالحمار، وقد ذُكر اسمه على إحدى اللقى الأثرية التي عُثر عليها بالمعبد.
١٢٢  Clutton-Brock, J., “More donkeys from Tell Brak” in: Iraq, vol. 55, 1993, p. 212 .
١٢٣  Ibid., p. 214 .
١٢٤  Ibid., p. 215 .
١٢٥  Clutton-Brock, J., Op. Cit., p. 209 .
١٢٦  تل مدهور: يبعُد هذا التل حوالي ١٤٠كم شمال شرق بغداد.
١٢٧  Charvàt, P., Op. Cit., p. 55 .
١٢٨  حُفَر النار: وُجِدت حفَر النار بكثرة في جبَّانات عصرِ ما قبل وبداية الأسرات في العراق، لا سيما جبَّانة أور، وأريدو، وهي تظهر دور النار في العقيدة والفكر الديني لإنسان بلاد الرافدين؛ إذ كانت النار وسيلةً هامة، تلعب دورًا طقسيًّا باعتبارها الرباطَ الذي يصل ما بين الحياة والموت، وما بين الإنسان والحيوان، وهي وسيلةٌ للتطهير وتنقية الإحساس من الفظاظة والأخطاء، ولقد تعدَّدت التفسيرات بشأن حُفَر النار، فربطَها البعض برمزية معينة باعتبارها وسيلةً جيدة للتعبير عن نوعٍ من الاحتفالية الجنائزية الخاصة بالمتوفَّى، والتي تزوِّده بقوة الحياة، فكما كانت تزوِّده في الحياة بالطاقة اللازمة لإنجاز أعماله، جُعلت معه في المقبرة، ربما كوسيلة لإعادة ميلاده وتجديد حياته: Wright, G. R. H., “The fire of life and the fire of death” in: J. P. R., vol. 16/17, 2003, pp. 53–56; Charvàt, P., Op. Cit., pp. 90-91.
١٢٩  Ibid., p. 90 .
١٣٠  أبو سلابيخ: هي مدينةٌ ترجع إلى الألف الثالث ق.م.، تقع بالقرب من نيبور، إلى الشمال الغربي منها بنحو ٢٠كم.
١٣١  Postage, J. N., and Moorey, P. R. S., “excavations at Abu Salabikh, 1975” in: Iraq, vol. 38, 1976, pp. 156, 134; Crawford, H., “Some first insullations from Abu Salabikh, Iraq” in: paléorient, vol. 7/21981, p. 105 .
١٣٢  Postage, J. N., “Excavations at Abu Salabikh, 1983” in: Iraq, vol. 46, 1984, p. 95 .
١٣٣  Postage, J. N., 1984, pp. 95–97 .
١٣٤  Postage, T. N. and Moorey, P. R. S, “Excavations at Abu Salabikh, 1975,” p. 133 .
١٣٥  Postage, T. N. and Moorey, P. R. S., “Excavations at Abu Salabikh, 1983,” p. 97 .
١٣٦  Roaf, M., “Doubts about the two-lobed Burial and the survival of early dynastic to Akkadian transitional building in area EF at Nippur” in: Iraq, vol. 63, 2001, pp. 55–58 .
١٣٧  Woodley, C. L., UR excavations, vol. 2, p. 78 .
١٣٨  Woodley, C. L., op cit., p. 104 .
١٣٩  Ibid., pp. 107-108 .
١٤٠  كوتريل، «الموسوعة الأثرية العالمية»، ص١٨٦.
اعتُني بدفن الخَدَم والأتباع والحيوانات في دفناتٍ ملحقة بالمقابر الملكية كنوع من المتاع الجنائزي الخاص بالملك، وكانت جبَّانة أور من أهم الجبَّانات التي وضح بها كلُّ ذلك، وعن تأريخ دفنات جبَّانة أور، فهي تُؤرَّخ بحوالي ٣٥٠٠ ± ٢٧٠٠ق.م: Woodley, L., UR the Chaldees, London, 1954, p. 11; Brennan, L. A., The buried treasure of archaeology, New York, 1959, p. 8; Op. Cit., p. 597; Moorey, P. R. S., “What do we know about the people buried in the royal cemetery?” in: Expedition, vol. 20, 1977, p. 24;
طه باقر، «تاريخ العراق القديم»، ج١، ص١١١.
١٤١  Bokonyi, S., “An early representation of Domesticated Hors in north Mesopotamia” in: summer, vol. 1972, p. 38; Zarins, J., “The domesticated equide of third Millennium B. C., Mesopotamia” in: J. C. S., vol. 30, 1978, p. 17; Walens, S., “Animals” in: Enc., of Rel., vol, 1, 1987, p. 292 .
١٤٢  Cooper, J. C., 1978, p. 16; Scurlock, J., “Animal sacrifice in ancientMesopotamian religion,” p. 392 .
١٤٣  Childe, V. G., 1952, p. 146 .
١٤٤  عبد الجليل جواد، «النياندرتاليون وتراثهم الثقافي، مع إشارة إلى مخلَّفات النياندرتال في كهف شانيدار شمال العراق»، مجلة سومر، المجلد ٢٧، ج١–٢، بغداد ١٩٧١م، ص٣٠-٣١.
١٤٥  سعدي الرويشدي، «نظرة في عملية تدجين النبات والحيوان»، مجلة سومر، المجلد ٢٩، ج١-٢، ١٩٧٣م، ص٣-٤.
١٤٦  كريم شاهير: يقع على بُعد ١٣كم شرق شمشال بالعراق، ويُؤرَّخ هذا الموقع بنهاية الألف التاسع وبداية الألف الثامن ق.م.
١٤٧  Charvàt, p., Op. Cit., pp. 7, 11 .
طه باقر، «تاريخ العراق القديم»، ص٧٩.
«ربما كان هذا المنزل بمثابةِ مزارٍ خاص بهذا الموقع، وكان يُقدَّم فيه أنواعٌ من الأضاحي الحيوانية (سلطان محيسن، «عصور ما قبل التاريخ»، ص٢٦٣، ٢٩٤. أنطون مورتكات، تموز، «عقيدة الخلود والتقمُّص في فن الشرق القديم»، مترجَم، دمشق، ١٩٨٥م، ص٢٠)».
١٤٨  Jawad, A. J., The advent of the area of townships in northern Mesopotamia, Leiden, 1965, p. 38 .
١٤٩  Strika, P., Op. Cit., p. 36 .
١٥٠  Black, J., and Green, A., Op. Cit., p. 118 .
١٥١  Clutton-Brock, J., and Bleigh, P., Op. Cit., p. 89 .
١٥٢  Ibid., p. 93 .
١٥٣  سليم طه التكريتي، مرجع سابق، ص١١٠. لم يكن الخنزير من الحيوانات التي اهتُم بتربيتها؛ فهي استُؤنست، ولكن على نطاق ضيق، عكس ما كان عليه الحال مع المَعْز والأغنام مثلًا. ولعل في العثور على أضاحي الخنازير، ما يلفت الانتباه، لا سيما وأنَّها لم تكن من الحيوانات الواسعة الانتشار والتواجد في بلاد الرافدين كما سبق وأن ذكرتُ، فهل كان لهذا التل ثِقَله الديني، الذي دعا إلى تقديم مثل هذه الأضاحي الحيوانية بغرض التقرُّب إلى معبودٍ ما — أو إله معيَّن — في ذلك الموقع، تمامًا كما كان الحال في العديد من مواقع الشرق الأدنى القديم — بغضِّ النظر عن الحيوان المقدَّم أو المضحَّى به — ولعل ذلك يذكِّرنا أيضًا بدفنات الخنزير التي عُثر عليها بجبَّانة حلوان والتي تُؤرَّخ بعصر الأسرة الأولى.
١٥٤  Delougaz, P., 1967, p. 114 .
١٥٥  Black, J., and Green, A., Op. Cit., p. 82 .
١٥٦  Safar, F., 1981, p. 107 .
١٥٧  Ibid., p. 48, 107; Black, J., and Green, Op. Cit., pp. 158-159 .
١٥٨  Black, J., and Green, A., Op. Cit., p. 77; Bray, W., and Trump, D., 1970, p. 81 .
١٥٩  بورهارد برنيتس، «نشوء الحضارات القديمة من شانيدار إلى أكاد»، مترجَم، دمشق، ١٩٨٩م، ص٨٢، ١١٢.
١٦٠  Shaw, I., 1999, p. 222 .

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤