فلسفة وخيال
نُهْزَةٌ أَهْدَتِ الخيالَ إلينا
ودعَتْنا لموعدٍ فالتقينا
ها هنا تحت ظُلَّة الغابة الشجـ
ـراء سرْنا، والفجرُ يحنو علينا
وقطفنا من زهرها، وانثنيْنا
فجنيْنا تُفَّاحَها بيدينا
وَمَرِحْنا بها سحابةَ يومٍ
وبأشجارها نقشْنا اسمينا
•••
ها هنا يا ابنةَ البحيراتِ والأو
ديةِ الخضْرِ والرُّبَى والجبالِ
صدح الحبُّ بالنشيد فلبَّيـ
ـنا نداَء الهوى وصوتَ الخيالِ
وَتَبِعْنا على خُطى الفجر موسيـ
ـقى من العُشْب والندى والظلالِ
وسمعنا حفيفَ أجنحة تهـ
ـفو بها الريحُ من كهوف الليالي
•••
قُلْتِ لي والحياءُ يَصْبُغُ خدَّيكِ:
أنارٌ تمشي بها أم دماءُ؟
مِلْءُ عينيكَ يا فتى الشرق أحلا
مٌ سكارى وصبوةٌ واشتهاءُ
وعلى ثغركِ المشوق ابتسامٌ
ضَرَّجَتْهُ الأشواقُ والأهواءُ
أوَحقًّا دنياك زهرٌ وخمرٌ
وغوانٍ فواتنٌ وغناءُ؟
•••
قُلْتُ: يا فتنة الصِّبا حَفِلَتْ دنـ
ـياكِ بالحبِّ والمُنَى والأغاني
ما أثارت حرارةَ الجَسَد المشـ
ـتاقِ إلَّا مرارةُ الحرمانِ
إنَّ أجسادنا معابرُ أروا
حٍ إلى كلِّ رائع فتَّانِ
أنا أهوى روحيَّةَ العالم المنـ
ـظورِ لكنْ بالجسم والوجدانِ
•••
ما تكون الحياةُ لو أنكر الأحـ
ـياءُ فيها طبائعَ الأشياءِ!
أنا أهواكِ كالفراشةِ صاغتـ
ـها زهورُ الثرى وكفُّ الضياءِ
أنا أهواكِ فِتْنَةً صاغها المـ
ـثَّـال من طينةٍ ومن إغراءِ
أنا أهواكِ بِدْعةَ الخلد صِيغَتْ
من هَوَى آدمٍ ومن حوَّاءِ
•••
أنا أهواكِ من آثامٍ وَطُهْرٍ
حُلْمَ إغفاءَتي وَصَحْوَ غرامي
أنا أهواكِ تُبْدعين يقيني
من نسيج الظنون والأوهامِ
أنا أهواكِ دِفْءَ قلبي ويَنْبُوعَ اشـ
ـتهائي، وشِرَّتي، وعُرامِي
وحنانا مُجسَّدًا إنْ طواني الـ
ـليلُ وسَّدتُ صَدْرَهُ آلامي
•••
عَجَبًا! ما حقائقُ الكون إلَّا
لمحاتُ الخيال والتفكير
قَبْلَ أنْ تشرقَ النجومُ على الأر
ضِ أضاءَتْ بِذِهْنِ ربٍّ قدير
وَتَجَلَّتْ في حُلْمِهِ بنظامٍ
من بديعِ التكوين والتصوير
•••
أطْلِقِي نفسَك السجينةَ ملء الـ
ـغابِ، ملء الفضاءِ، ملء العُبابِ
واحْلُمِي بالحياة من نَغَمِ الخلـ
ـد وخَمْر الهوى وزهرِ الشبابِ
ها هنا عُشُّنا على الشاطئِ المسـ
ـحور نَبْنِيهِ من غصون الغابِ
ونخطُّ البستانَ أحْلامَ طِفلٍ
صَقَلَتْهُ مواهبُ الأربابِ
•••
خطرةٌ، ثم أطرقتْ في حياءٍ
وأدارتْ في جانب الغاب عينا
وانثنتْ بابتسامةٍ فدعتني
ثم قامتْ تمشي هناك الهوينا
وتلاقتْ عيونُنا فتدانتْ لي،
وَجُنَّ الحنانُ في شفتينا
فاعتنقنا في قُبْلةٍ قد أذابتْ
جَسَدَيْنا، ومازجتْ روحينا