من الأعمَاق
حَيَّتْكَ في الشرق آمالٌ وأحلامُ
وقبَّلتْكَ جراحاتٌ وآلامُ
واستقبلتك على الوادي وضِفَّتهِ
عروبةٌ وَثَبَتْ فَرْحَى وإسلامُ
وحِقْبةٌ من جهادٍ أشرقتْ وهَفَتْ
بها ليالٍ من الذكرى وأيامُ
تعانق العائدَ المنفيَّ في بلدٍ
حِماهُ للحرِّ إعزازٌ وإكرامُ
ديارُ «فاروقَ» من يلجأْ لساحتها
فقد حَمَتْهُ من الأحداث آجامُ
يطيب للعربيِّ المستجيرِ بها
معاشُهُ ويرقُّ الماءُ والجامُ
ويحطم القلمُ العاني بحومتها
أصفادَهُ، ويفكُّ القيدَ ضرغامُ
•••
يا أيها البطل الصنديدُ جِئْتَ بما
تحدثتْ عنه أدهارٌ وأقوامُ
هَزَّتْ «فلسطينَ» أنباءٌ يطير بها
برقٌ على جنباتِ الليل بسَّامُ
عادتْ لها ذكرياتُ الأمس وانبعثتْ
بها صحائفُ من نور وأقلامُ
وأنْفُسٌ قرشيَّاتٌ يُطرِّبُها
صوتٌ يرنٌّ به رمحٌ وصمصامُ
نَصَّتْ على الليل آذانًا تُغازلها
من صوتك الجهورِيِّ العذب أنغامُ
قد أقسمتْ لا ينال الدارَ مغتصبٌ
حَتَّى وإنْ شَرِقَتْ بالنار أعلامُ
في الله، في الحقِّ، في الإسلام كلُّ دمٍ
يسيل فيها، وجُرْحٍ ليس يلتامُ
ظنُّوكَ أُقْصِيتَ عنها فهي نائمةٌ
وكيف! هل في ربوع القدس نُوَّامُ!
وتلك أطماعهم في كلِّ ناحية
السيفُ منهنَّ فوق الخلق قَوَّامُ
قالوا: غدرتَ ولم أفهمْ لمنطقهم
حُكمًا، ولكنما للقوم أحكامُ
أفي دفاعكَ عن أهلٍ وعن وطنٍ
غدرٌ؟ إذنْ فجهادُ الظلم إجرامُ!
قالوا: هو الحقُّ ما نسعى لنُصْرتِه
يا بُؤْسَهُ كم هوانٍ أهْلَهُ ساموا
يا شرقُ يا شرقُ لا تخدعْكَ دعوتُهم
واقبض يدًا، فحديثُ الحقِّ أوهامُ
أكان غيرَ عيونِ الزَّيتِ دافقةً
من قلبكَ الغضِّ يُجريهن سجَّامُ
وكان غير أنابيبٍ يحوط بها
ضلوعَ صدركَ قهَّارٌ وظلَّامُ
قد قسَّموكَ مطاراتٍ وما عملوا
إلَّا لحربٍ لها في الكون إضرامُ
أكُنْتَ غيرَ الفِدا في غير تضحيةٍ
إن همْ عليكَ بسربٍ للرَّدى حاموا
يا شرقُ سَلْ «بالحسينيِّ» الذي صنعوا
واسمعْ لحقِّكَ، لا يَخْدَعْكَ هدَّامُ
سلْهمْ عن الشَّرف الموعود كم غدروا
به؟ كم اجْتُرِحَتْ في السلم آثامُ
وأنت يا أيُّها الفادي عُرُوبَتهُ
اِسلَمْ فديتكَ، لا غَبنٌ ولا ذامُ
جهادك الحقُّ مظلومًا ومغتربًا
وَحْيٌ لكلِّ فتًى حُرٍّ وإلهامُ