فِي السَّمَاءِ
يمر روح جميل، هو فنان آذنته الكلمة بالبعث في عالم الأرض، وقد صحبه هرميس ملك الوحي، حتى يجوز به أقطار السماء، فيمران في طريقهما بحوريات انطلقن في سمرهن، في انتظار بعثهن، فيدور حديثهن الآتي:
سافو
:
عَجبتُ! مَنِ المَلَكُ العابِرُ؟
ومنْ ذلك الشَّبَحُ الطَّائِرُ؟
أَهَلَّا علينا فما سَلَّمَا
ولا صافَحَ الناظرَ الناظرُ
وللرِّيحِ حولهما زَفَّةٌ
كما صَدَحَ المِزْهَرُ الساحرُ
أفي عالمِ الأرضِ بعثٌ جديدٌ؟
أمِ الوهْمُ مَثَّلَهُ الخاطرُ؟
تاييس
:
نعم هو روحٌ جميلُ الإهابِ
يُنِيلُ الرِّياحَ جَنَاحَيْ مَلَكْ
وذلك هرميسُ يَسْرِي بِهِ
سُرَى النُّورِ في سُبُحَاتِ الفَلَكْ
عرفناهُ … لا شَكَّ … هذا فتًى
سَيَسْلُكُهُ الفنُّ فيمن سَلَكْ
غدًا تملأُ الأرضَ ألحانَهُ
ويَبْقَى صداها إذا ما هَلَكْ!
بليتيس
:
إلى الأرضِ؟ فليمضِ هذا الشقيُّ
أَلا وَلْتَفِضْ كأسُهُ بالشجونْ
جزاءً لِمَا غضَّ من أَمرِنا
ومرَّ كأنْ لمْ تَلاقَ العيونْ
أراهُ، ولمَّا يَزَلْ بينَنَا
أصابَتْهُ لُوثَةُ أهلِ الفنونْ
لئنْ صحَّ ما كان من أمرِهِ
فيا شِقْوَةَ الأرضِ ممَّا يكونْ
تاييس
:
حنانكِ، يا أختِ، لا تَغْضَبِي
فما اختالَ زَهْوًا ولا استَكْبَرَا
لقد كفَّ عينيهِ بَرْقُ الحياةِ
فمرَّ بنا دون أن يُبصِرا
لنا مِثْلُهُ في غدٍ غشيةٌ
إذا ما حللنا رحابَ الثَّرَى
إذا كان في الأرضِ هذا الشقاءُ
فلا كانَ بَعْثٌ ولا قُدِّرَا
بليتيس
:
أرى في حديثِكِ معنَى الرِّضَا
وأسمعُ فيهِ هُتَافَ الحنانْ
فهلَّا ذكرتِ لهُ إخوةً
حديثهمُ مِلْءُ سَمْعِ الزَّمانْ
أصاروا الفنونَ رُمُوزَ الأثامِ
واستلهموا الشرَّ سِحْرَ البيانْ
وأغرَوْا بحواءَ ما لُقِّنُوا
وما حَذَقُوا من طَريدِ الجِنانْ
•••
ألمْ تسمعِي بفتًى شاعرٍ
يُحَمِّلُهَا عِبْءَ أوزارِهِ
تَرشَّفَهَا خمرةً فانتشَى
فألقمها مُرَّ أثمارِهِ؟
أنَالَتْهُ أجملَ أزهارِهَا
فأهدى لها شَرَّ أزهارِهِ؟
إذا كنتِ يا أختِ لم تسمَعِي
خُذِي فاقرأي بعضَ أشعارِهِ..