شَيْطَانُ الشَّاعِرِ!
سافو
:
أطلْنَا الأحاديثَ عن عالَمٍ
مُلَثَّمةٍ أرضُهُ بالخفاءْ
جَعَلْنَاهُ مَطْمَحَ أحلامِنَا
كأنَّا شَقِينا بِسُكْنَى السَّماءْ
طوانا على حُبِّهِ شاعرٌ
كثيرُ المجانةِ نَزْرُ الحياءْ
أثارَ الملائكَ في قُدْسِهَا
وأوْقَعَ في سحرِهِ الأبرياءْ
بليتيس
:
عَجِبْتُ له كيف جاز السماءَ
وغَرَّرَ بالملأ الطاهِرِ
أيمرحُ في الكونِ شيطانُهُ
بلا وازعٍ وبلا زاجرِ؟
دَعِي الوَهْمَ «سافو» ولا تَحْقِرِي
«بليتيسُ» معجزةَ الشَّاعرِ
فما نَتَّقِيهِ بحيَّاتِنا
إذا هُوَ أَلْقَى عصَا الساحر
(وكانت تسمع ضجة كلما ارتفعت روح الشاعر في معارك السماء.)
تاييس
:
«بليتيسُ» هَلْ هوَ ذاكَ الخيالُ
المُجَنَّحُ بين حواشي الغيومْ؟
عَشِيَّةَ صاحَ بأترابِنَا
وقد أخطأتْهُ قِسِيُّ الرُّجومْ؟
وقيلَ: لنا مَلَكٌ عاشِقٌ
يُسَرِّي الهمومَ ببنتِ الكرومْ،
يجوبُ السماءَ إذا ما انتشَى
يُعَرْبِدُ بين خُدورِ النجومْ؟
بليتيس
:
أعاجيبُ شَتَّى لهذا الفتى
وأعجبُ منها الذي تذكرينْ
كأنَّ أحاديثَهُ بيننا
أساطيرُ آلهةٍ غابرينْ
إذا كان للفنِّ هذا الصِّيالُ
فوا رحمتَا للجمال الغبينْ
وَدِدْتُ لو انِّيَ في إثْرِهِ
درجتُ على الأرض في الدارجينْ
تاييس
:
أتُغوين بالشعر شيطانَهُ؟
خياليةٌ أنتِ، أم شاعرةْ؟
بليتيس
:
بل الشعرُ آسرُهُ المستبدُّ
فيا ليتَ لي روحَه الآسرَةْ
ويا ليتَ لي وثباتِ الخيالِ
وقوةَ أربابِهِ القاهِرَةْ
لصيَّرْتُهُ مُثْلَةً في الحياةِ
وسُخريَةَ البعثِ في الآخرَةْ!