ابْنُ السَّمَاءِ
هرميس
:
هُوَ ابنُ السماءِ ولكنَّهُ
من النقصِ تركيبُهُ والتمامْ
صَنَاعُ الطبيعةِ، بلْ صُنْعُهَا،
فمِنْهَا دَمَامَتُهُ والوَسامْ
يُسِفُّ إلى حيث لا ينتهي
ويسمو إلى قمةٍ لا تُرَامْ
ويُسْقَى بكأْسٍ إلهيَّةٍ
مُرَنَّقةٍ بالهوى والأثَامْ
•••
نقيضانِ شتَّى فما يستقرُّ
على غَضَبٍ منهما أو رضاءْ
تحدَّى الحياةَ وآلامَهَا
ببأسِ الجبابرةِ الأعلياء
يزيدُ عُتُوًّا على نارِهَا
ويلمعُ جوهرُهُ مِنْ صَفَاء
وينشقُّ عن نَضْرَةٍ قَلْبُهُ
وإنْ طَمَرَتْهُ ثلوجُ الشتاءْ
هو المرحُ الشاردُ المستهامُ
شُرودَ الفراشةِ عند المساءْ
حَبَتْهُ الأُلُوهَةُ روحًا يَرَى
وينطِقُ عنها بوحيِ السماءْ
يُحسُّ الخيالَ إذا ما سَرَى
ويلمسُ ما في ضمِيرِ الخفاءْ
ويبتدِرُ النجمَ في أفقِهِ
فيرشُفُهُ قطرةً من ضِياءْ
•••
أرَتْهُ السماءُ أعاجيبَهَا
وَرَوَّتْهُ من كلِّ فَنٍّ بديعْ
فضنَّ بلألاءِ هذا الجمالِ
وخافَ على كنزِهِ أن يضيعْ
أَبَى أن يُبَدِّدَهُ ناظراهُ
فأطبقَ جفنيهِ ما يستطيعْ
فإن شارفَ الأرض نادتْ بِهِ
فَفَتَّحَ عينًا كعينِ الرَّبيعْ